غيبة الإمام المهدي ::: 196 ـ 210
(196)
تخفى على الناس ولادته (1) ، وتمتحن بذلك شيعته (2) ، ومن الناس من ينكر ولادته (3) ، ومنهم من يقول : مات أو هلك ، في أي واد سلك ! (4) ، وإنه لمن أهل بيتي (5) ، وهوالسابع من ولدي (6) ، نحن الأئمة الأوصياء (7) ، كعدّة نقباء بني إسرائيل اثني عشر أوصياء ، تسعة من ولد الحسين عليه السّلام ، تاسعهم قائمهم (8) ، مع تفصيل اسمائهم عليهم السّلام (9) ، ولعن أول من ظلم حقهم وآخر تابع له على ذلك (10) ، وإنه لابدّ من غيبته (11) ، في سنة مئتين
1 ـ أصول الكافي 1 : 342 / 16 باب في الغيبة ، من كتاب الحجة ، وإثبات الوصية : 222 ـ 223 وإكمال الدين 1 : 325 / 2 باب 32 ، وكتاب الغيبة / النعماني : 167 / 7 باب 10 ، و : 169 / 10 باب 10 ، و : 228 / 3 و 9 باب 13.
2 ـ أصول الكافي 1 : 370 / 5 باب التمحيص والامتحان ، من كتاب الحجة ، وكتاب الغيبة/ النعماني : 208 ـ 209 / 16 باب 12 ، و : 250 / 8 باب 12 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 260.
3 ـ إكمال الدين 1 : 327 / 7 باب 32.
4 ـ إكمال الدين 1 : 326 / 5 باب 32 ، وكتاب الغيبة / النعماني : 154 / 12 باب 10.
5 ـ تفسير العياشي 1 : 103 / 302 ، وكتاب الغيبة / النعماني : 308 / 3 باب 19.
6 ـ كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر عليهم السّلام / الخزاز القمي : 250.
7 ـ إكمال الدين 1 : 328 / 8 باب 32 ، والإرشاد 2 : 345.
8 ـ كفاية الأثر : 250 ، والإرشاد 2 : 345 ، و 346 ، و 347.
9 ـ مهج الدعوات في منهج العبادات / السيد رضي الدين بن طاوس : 334 ـ 336 ، وجمال الإسبوع / السيد رضي الدين بن طاوس : 454 ـ 464.
10 ـ كامل الزيارات : 196 / 7 باب 71.
11 ـ أصول الكافي 1 : 338 / 8 باب في الغيبة ، من كتاب الحجة ، وإكمال الدين


(197)
وستين (1) استبقاءً على مهجته (2).
    لهفي عليه من شريد طريد ، وفريد وحيد ، موتور بأبيه (3) ، ومطلوب تراثه (4).
    له غيبتان : تطول الثانية منهما (5) ، طوبى للمنتظرين له في غيبته (6) ، والمتأهبين لنصرته (7) ، الذين وثقوا بأنه لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد ، لطوّله الله تعالى ، حتى ترى ـ في آخر الزمان ـ طلعته (8). بعد فتن
1 : 329 ـ 330 / 13 و 15 باب 22 ، و 2 : 451 / 8 باب 44 ، وعلل الشرائع 1 : 246 / 9 باب 179 ، وكتاب الغيبة / النعماني : 145 / 12 ، و : 156 / 17 ، و : 173 / 8 ، و : 176 ـ 177 / 18 ، و 20 ، و : 192 / 4 ( كلها في الباب / 10 ).
1 ـ أصول الكافي 1 : 341 / 22 و 23 باب في الغيبة ، من كتاب الحجة.
2 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 176 / 18 ، و 19 باب 10.
3 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 178 / 22 باب 10.
4 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 177 / 20 باب 10.
5 ـ كتاب المشيخة / الحسن بن محبوب ، كما في أعلام الورى للطبرسي : 416 باب 3 ، فصل 1 ، وكتاب الغيبة / النعماني : 171 ـ 173 / 3 و 7 و 8 باب 10.
6 ـ الأصول الستة عشر : 71 ، وأصول الكافي 1 : 372 / 6 باب أنه من عرف إمامه لم يضرّه تقدم هذا الأمر أو تأخّر ، من كتاب الحجة ، و 2 : 21 ـ 23 / 10 و 13 باب دعائم الإسلام ، من كتاب الإيمان والكفر ، إكمال الدين 2 : 346 / 32 باب 33 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 203 ، وأمالي الشيخ الطوسي 1 : 236 ـ 237.
7 ـ المحاسن / البرقي : 173 / 148 باب 38 ، وروضة الكافي 8 : 67 ـ 68 / 37 ، وإكمال الدين2 : 644 / 2 باب 55.
8 ـ السنن الواردة في الفتن / أبو عمرو الداني : 161 ـ 162 ، وعقد الدرر / المقدسي


(198)
وعلامات كثيرة ، ككسوف الشمس وخسوف القمر (1) ، وخسف بالبيداء (2) ، والصيحة في شهر رمضان (3) وفتنة السفياني (4) ، وقتل النفس الزكيّة (5) ، وخروج الدجال (6) ، ومدد المشرق المُوَطِئ لدولته (7) ، وهتاف السماء : أن الحق مع آل محمد صلّى الله عليه وآله (8) ، وندائها باسم المهدي واسم أبيه (9) ، وحتى يسمعه أهل المشرق والمغرب (10).
الشافعي : 61 باب 4 فصل 1 ، والحاوي للفتاوى / السيوطي 2 : 81 ، والبرهان في علامات مهدي آخر الزمان / المتقي الهندي : 104 / 7 باب 4 فصل 1.
1 ـ روضة الكافي 8 : 179 ـ 180 / 258 ، وإكمال الدين 2 : 655 / 25 باب 75 ، وكتاب الغيبة / النعماني : 271 / 45 و 46 باب 14 ، والإرشاد 2 : 374.
2 ـ كتاب الفتن / نعيم بن حماد : 90 و 95 ، وعقد الدرر : 84 باب 4 فصل 2 ، والإرشاد 2 : 372.
3 ـ كتاب الغبية / النعماني : 253 / 13 باب 14.
4 ـ الإرشاد 2 : 371 و 373 و 374.
5 ـ اكمال الدين 2 : 652 / 14 باب 57 ، والإرشاد 2 : 371 و 374 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 266 ـ 267 ، وكشف الغمّة 3 : 249 ، والخرائج الجرائح : 286 ، وإعلام الورى : 126 باب 4 فصل 1.
6 ـ بصائر الدرجات : 141 / 7 باب 11.
7 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 253 / 13 باب 14.
8 ـ كتاب الفتن / ابن حماد 92 ، والحاوي للفتاوى 2 : 75 ، والإرشاد 2 : 371 ، و 372.
9 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 246 / 27 باب 14 ، و : 279 / 65 باب 14 ، والخرائج والجرائح 3 : 1160 باب 20 ، وكتاب الغيبة للسيد على بن عبد الحميد على ما في بحار الأنوار / العلامة المجلسي 52 : 305 / 78 باب 56.
10 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 257 / 14 باب 14.


(199)
    وهكذا الى أن يَمُنَّ الله تعالى بظهوره ، وتكون في البيت العتيق ـ بين الركن والمقام ـ بيعته (1) ، وسيخطب في كعبته (2). معه عدّة أهل بدر من أصحابه (3) ما اجلّ صفاتهم (4) ، وأعظم شجاعتهم (5).
    عنده عصا موسى لتلقف ما يأفكون (6) ، وحجره المبارك الميمون (7) ، وخاتم سليمان (8) ، وسلاح النبي صلّى الله عليه وآله ورايته (9) ، وعهده (10) ، ومواريثه (11) ، وكتب سيد الأوصياء أمير المؤمنين عليه السّلام (12).
1 ـ الاصول الستة عشر : 79 ، وكتاب الغيبة / النعماني : 262 / 22 باب 14 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 284.
2 ـ كتاب الفتن /ابن حماد : 95 ، وعقد الدرر : 145 باب 7.
3 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 315 / 8 و 9 باب 20.
4 ـ إكمال الدين 2 : 673 / 25 باب 58.
5 ـ حلية الأولياء / أبو نعيم الاصبهاني 3 : 184 ، وينابيع المودّة / القندوزي : 448 باب 79.
6 ـ بصائر الدرجات : 183 ـ 184 / 36 باب 4 ، وأصول الكافي 1 : 231 / 1 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء عليهم السّلام من كتاب الحجة ، وإكمال الدين 2 : 673 ـ 674 / 27 باب 58 ، والاختصاص : 269.
7 ـ بصائرالدرجات : 188 / 54 باب 4 ، و أصول الكافي 1 : 231 / 3 من الباب السابق وإكمال الدين 2 : 670 / 17 باب 58.
8 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 238 / 28 باب 13.
9 ـ الأصول الستة عشر : 79.
10 ـ كتاب الغيبة للسيد علي بن عبد الحميد على ما في البحار 52 : 305 / 78 باب 26.
11 ـ الأصول الستة عشر : 79.
12 ـ بصائر الدرجات : 162/ 2 باب 1.


(200)
    تنصره ملائكة بدر الكبرى في حروبه (1) ، وينزل عيسى بن مريم فيصلي خلفه (2) ، ويفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها ، فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً (3).
    لا يرحم في سيرته أعداءَه (4) ، ولكن ما أجمل عدله (5) ، وقضائه (6) ، وما أكثر عطائه (7) ، لا تخشى رعيّته فقراً والرخاء العميم في دولته (8) ، ولا كفراً ؛ إذ سيجدد الاسلام بعد غربته (9) ، وينشره حتى لا يرى ـ على وجه الأرض ـ دين غيره (10) ، وسيدعو الخلق الى كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وآله ،
1 ـ تفسير العياشي 1 : 197 / 138 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 284.
2 ـ تفسير فرات الكوفي : 44 ، وإكمال الدين 1 : 331 ـ 332 / 17 باب 32.
3 ـ من لا يحضره الفقيه / الشيخ الصدوق 1 : 234 / 706 ، والإرشاد 2 : 385 ، وكتاب الغيبة للسيد علي بن عبد الحميد على ما في البحار الأنوار 52 : 390 / 212 باب 27.
4 ـ كتاب الغيبة : النعماني : 231 / 14 باب 13 ، و : 233 / 18 باب 13 والإرشاد 2 : 384.
5 ـ من لايحضره الفقيه 1 : 334/706 ، والإرشاد 2 : 385.
6 ـ كتاب الغيبة للسيد على بن عبد الحميد على ما في بحار الأنوار 52 : 389 / 207 باب 27.
7 ـ علل الشرائع : 161 / 3 باب 129 ، وكتاب الغيبة / النعماني : 237 / 26 باب 13.
8 ـ كتاب الغيبة/ النعماني : 238 ـ 239 / 30 باب 13 ، كتاب الغيبة للسيد على ابن عبد الحميد على ما في بحار الأنوار 52 : 390 / 212 باب 27.
9 ـ كتاب الغيبة للسيد علي بن عبد الحميد على ما في بحار الأنوار 52 : 390 / 212 باب 27.
10 ـ دلائل الإمامة : 241 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 283.


(201)
والولاية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام والبراءة من أعدائه (1) ، وأول ما يزور من العراق النجف (2) ، ثم يجعل الكوفة عاصمته ، ويختار فيها منزله (3) ، ومن أدركه فليسلم عليه بقوله : « السّلام عليكم يا أهل بيت النبوّة ، ومعدن العلم ، وموضع الرسالة » (4).
    وهذا غيض ، من فيض ، إغترفتاه على عجّل من بحر الإمام الباقر عليه السّلام وحده ، لخّصنا فيه مضامين بعض أحاديثه الشريفة في الإمام المهدي عليه السّلام وما تركناه أكثر وأكثر.
    وقد توزع ما ذكرناه على خمسين رجلاً من أصحابه عليه السّلام ، وهم :
    1 ـ أبو ايوب المخزومي ، 2 ـ أبو بصير ، 3 ـ أبو بكر الحضرمي ، 4 ـ أبو الجارود ، 5 ـ أبو حمزة الثمالى ، 6 ـ أبو خالد الكابلي ، 7 ـ أبو عبيدة الحذاء ، 8 ـ ابو مريم عبد الغفار بن القاسم ، 9 ـ أحمد بن عمر ،
1 ـ كتاب الغيبة للسيد على بن عبد الحميد على ما في بحار المنوار 52 : 308 / 83 باب 26.
2 ـ بصائر الدرجات : 188 / 54 باب 4 ، وأصول الكافي 1 : 231 / 3 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء عليهم السّلام ، من كتاب الحجة ، وتفسير العياشي 1 : 103 / 302 ، وإكمال الدين 2 : 670 / 17 باب 58 ، وكتاب الغيبة / النعماني : 238 / 28 باب 13 ، و : 308 / 3 باب 19 ، والإرشاد 2 : 379 ـ 380.
3 ـ كامل الزيارات : 30 / 11 باب 8 ، والإرشاد 2 : 379 ـ 380 ، وتهذيب الاخبار / الشيخ الطوسي 6 : 31 / 1 باب 10 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 275 و 280.
4 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 282 ، ونحوه في إكمال الدين 2 : 653 / 18 باب 57.


(202)
10 ـ إسماعيل الجعفي ، 11 ـ بدر بن الخليل الازدي ، 12 ـ بريد العجلي ، 13 ـ بشير بن أبي أراكه النبال ، 14 ـ بكير بن أعين ، 15 ـ ثابت بن عمرو ، 16 ـ جابر الجعفي ، 17 ـ حصين الثعلبي ، 18 ـ حمران بن أعين ، 19 ـ زرارة بن أعين ، 20 ـ زيد الكناسي ، 21 ـ سالم الأشل ، 22 ـ سلام ابن أبي عميرة ، 23 ـ سلام بن المستنير ، 24 ـ سليمان بن الحسن ، 25 ـ سليمان بن خالد ، 26 ـ سيف بن عميرة ، 27 ـ شرحبيل ، 28 ـ صالح ابن ميثم 29 ـ ضريس ، بن عبد الملك الكناسي ، 30 ـ عبد الله بن أبي يعفور ، 31 ـ عبد الله بن حماد الأنصاري ، 32 ـ عبد الله بن عطاء ، 33 ـ عبد الحميد الواسطي ، 34 ـ عبدالرحيم القصير ، 35 ـ عبد الملك بن أعين ، 36 ـ علقمة بن محمد الحضرمي ، 37 ـ عمار الدهني ، 38 ـ عمرو ابن عبد الله بن هند الجملي ، 39 ـ مالك الجهني ، 40 ـ محمد بن علي السلمي ، 41 ـ محمد بن فضل ، 42 ـ محمد بن مسلم الثقفي ، 43 ـ معروف ابن خربوذ ، 44 ـ منصور الصيقل ، 45 ـ ميمون البان ، 46 ـ ناجية القطان ، 47 ـ هارون بن هلال ، 48 ـ يحيى بن أبي العلاء ، 49 ـ يحيى بن سابق ، 50 ـ يحيى بن سالم.
    وبهذا يتبين لك مذهب الإمام الباقر عليه السّلام في الإمام المهدي عليه السّلام ، وبه تتضح قيمة ما رواه ابن سعد في طبقاته أولاًً ، وما أخرجه ابن عساكر ثانياًً ، من إكذوبتين ما أنزل الله بهما من سلطان.
    على أن مسلمة بن أبي سعيد الذي روى عنه ابن سعد ، لا خير فيه عندهم ، وأهمله أكثرهم.


(203)
    ومولى هند بنت أسماء الذي أخرج له ابن عساكر ، لا عين له ولا أثر في مصادرهم ، فهو نكرة مهمل غارق في الاهمال.
    ونكتفي بهذا القدر في ابطال ما نسبوه إلى الإمام الباقر عليه السّلام لنرى الاقوال الواردة في تعزيز القول بمهدوية عمر بن عبد العزيز ، وقد نسبت إلى بعض التابعين وغيرهم ، ولم يثبت معظمها ، لضعف رواتها :

    رابعاً ـ الأقوال الواردة في مهدوية عمر بن عبد العزيز :
    ومن الأقوال الواردة في مهدوية عمر بن العزيز الأموي المرواني :
    1 ـ قول الحسن البصري : « ما أرى مهدياً فهو عمر بن عبد العزيز » (1).
    وقوله : « إن كان مهدي فعمر بن عبد العزيز ، وإلاّ فلا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم عليه السّلام » (2).
    2 ـ قول أبي قلابة : « عمر بن عبد العزيز هو المهدي حقاً » (3).
    3 ـ قول قتادة : « كان يُقال المهدي ابن أربعين سنة ، يعمل بأعمال بني إسرائيل ، فإن لم يكن عمر فلا أدري من هو ؟ » (4).
1 ـ الملاحم والفتن / ابن حماد : 264 / 1039.
2 ـ حلية الأولياء 5 : 257 / 331 ، وتاريخ دمشق 45 : 186 / 5242.
3 ـ الملاحم والفتن / ابن حماد : 264 / 1038.
4 ـ السنن الواردة في الفتن / أبو عمرو الداني 5 : 1074 / 588 ، وتاريخ دمشق 45 : 186 ـ 187 / 5242.


(204)
    4 ـ قول وهب بن منبّه : « إن كان في هذه الأمة مهدي فهو عمر بن عبد العزيز » (1).
    وقال ابن كثير في البداية والنهاية بعدما أورد قول وهب بن منبّه : « ونحو هذا قال قتادة وسعيد بن المسيب وغير واحد » (2).
    5 ـ قول سعيد بن المسيب لرجل سأله : من المهدي ؟ فقال : « عمر بن عبد العزيز هو المهدي » (3).

    خامساًً ـ من ردَّ هذه الأقوال ورفضها من العامة :
    رفض طاوس كل هذه الأقوال حين سأله إبراهيم بن ميسرة ، قال : « قلت لطاوس : عمر بن عبد العزيز المهدي ؟ قال : قد كان مهدياً وليس به ، إنّ المهدي إذا كان زيد المحسن في إحسانه وتيب عن المسيء من إساءته ، وهو يبذل المال ، ويشتدّ على العمال ، ويرحم المساكين » (4).
    ورواه ابن حماد من طريق آخر بلفظ : « قلت لطاوس : عمر بن عبد العزيز المهدي ؟ قال : لم ، إنه لا يستكمل العدل كله » (5)
1 ـ حلية الأولياء 5 : 254 / 331 ، وتاريخ دمشق 45 : 187 / 5242.
2 ـ البداية والنهاية / ابن كثير 9 : 225 في حوادث سنة 101 / هـ في ترجمة عمر بن عبد العزيز ، فصل ( وقد كان منتظراً فيما يؤثر من الأخبار ) !
3 ـ الطبقات الكبرى / ابن سعد 5 : 333 ، وتاريخ دمشق 45 : 188 / 5242.
4 ـ المصنّف / ابن أبي شيبة 8 : 679 / 198 ، والملاحم والفتن / ابن حماد : 253 / 989.
5 ـ الملاحم والفتن / ابن حماد : 252 / 987.


(205)
    وعلّق عليه السمهودي بقوله : « أي : بل هو مهدي من جملة المهديين غير الموعود به في آخر الزمان ، ... قال أحمد ـ في إحدى الروايتين عنه ـ وغيره : عمر بن عبد العزيز متّهم » (1).
    ومن الواضح إمكان إضافة العشرات من علماء العامة إلى قائمة تكذيب القول بمهدوية عمر بن عبد العزيز ، وهم من رووا أحاديث المهدي عليه السّلام في تلك الفترة ، وما أكثر هم ، بل لا يوجد من العامة ولا من غيرهم ـ اليوم ـ من يقول البتّةَ بتلك المهدوية الزائفة التي انتهت بموته.

    سادساً ـ المهدوية الأموية المروانية في الميزان :
    إنّا لا نحتاج ـ في الواقع ـ إلى ما قاله طاوس وغيره في الردّ على مهدوية عمر بن عبد العزيز ؛ إذ لم تكن الأمة الإسلامية ـ في عصر الإمام الصادق عليه السّلام ( 114 ـ 148 هـ ) ـ بحاجة إلى من يبيّن لها زيف تلك الأقوال ووهنها ؛ لِعلم الأمة ـ حينئذٍ ـ بأن عمر بن عبد العزيز الأموي قد تولّى السلطة سنة / 99 هـ ، ومات سنة / 101 هـ ، وإنه جاء إليها بعهد من سليمان بن عبدالملك الأموي ( 96 ـ 99 هـ ) ، وقد بايع الأمويون لمن في كتاب العهد الذي كتبه سليمان بيده ثم ختمه ، ولم يفضّه أحد إلى من هلك هذا الطاغية سنة / 99 هـ باتفاق المؤرخين.
    ومع أن الأُمويين ليسوا من أهل الحل والعقد ، فهم لم يعرفوا لمن بايعوا إلاّ بعد هلاك سليمان !!
1 ـ جواهر العقدين / السمهودي : 311 ، القسم الثاني من الفصل الثالث.

(206)
    وقد كان ( المهدي الأموي ) يعتقد بأن سليمان بن عبدالملك إمام مفروض الطاعة (1) ! في الوقت الذي وصفه الحديث بأنه ثاني الجبارين (2) الأربعة من ولد عبد الملك بن مروان وأنَّ معاوية الوغد كان كذلك في عقيدته ، حتى أنه ما ضرب أحداً في سلطانه غير رجل واحد تناول من معاوية ، فضربه هذا ( المهدي ) ثلاثه اسواط !! (3).
    ومن ثم سلمها ( مهدي الامويين ) ـ عند احتضاره ـ إلى الجبّار الثالث يزيد بن عبد الملك ( 101 ـ 105 هـ ) ، وعلى وفق ما رسم له من قبل الجبّار الثاني سليمان ، وهكذا أبقاها عمر بن عبد العزيز في الشجرة الملعونة كعلامة فارقة من علامات ( عدله ) الذي اغترّ به الكثيرون.
    نعم ... لم تكمن الأمة بحاجة إلى من يدلّها على زيف التاريخ الاموي ، وانحراف صانعيه وعتوهم وكفرهم ونفاقهم ، واستسلامهم لا إسلامهم منذ أن بزغ نجمهم على يد باغيتهم ، وانتهاءً بقتل حمارهم وانقضاء دولتهم التي مزقت مثل الاسلام أي ممزق ، وعادت بالمجتمع الإسلامي إلى حضيض الجاهلية ، ونقضت الإسلام عروة فعروة. حتى صارت كلمة ( اموي )
1 ـ منع عمر بن عبد العزيز مروان بن عبدالملك من الردّ على اخيه سليمان بن عبدالملك في كلام وقع بينهما ، قائلاً له : إنّه إمامك !! راجع : تاريخ الخلفاء / السيوطي : 181.
2 ـ سليمان هذا أحد الجبابرة الأربعة من ولد عبد الملك بن مروان ، وهم : الوليد ، وسليمان ، ويزيد ، وهشام. وقد وصفهم الحديث بالجبابرة الأربعة. اخرجه الطبراني في المعجم الكبير 19 : 382 / 897 ، فراجع.
3 ـ تاريخ الخلفاء / السيوطي : 190.


(207)
وحدها ، كافية على انحراف من تطلق عليه واستهتاره بكل القيم ، إلاّ من خرج بدليل منهم ، وقليل ما هم. فلا غرو إذن في أن تشمئز من ذكرها النفوس وتقشعر الابدان.
    والنبي الأكرم صلّى الله عليه وآله الذي بشّر بمهدي أهل البيت عليهم السّلام حذّر أُمته من الامويين ، بأنهم ليسوا من خلفاء هذه الأمة ، وإنما هم من الملوك ، وأن ملكهم عضوض كسروي (1).
    وقد رآهم النبي صلّى الله عليه وآله في منامه ، وهم ينزون على منبره الشريف نزو القردة فساءه ذلك ، فما استجمع ضاحكاً حتى فارق الحياة صلّى الله عليه وآله ، وأنزل الله تعالى في ذلك ( وما جعلنا الرّويا الّتي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ) (2) أي : بنو أميه (3).
1 ـ كما في حديث سفينة عن النبي صلّى الله عليه وآله في مسند أحمد 6 : 289 ـ 290 / 21412 و 21416 و 21421 ، والطبعة القديمة 5 : 220 ـ 221 ، وسنن أبي داود 4 : 210 / 4646 ـ 4647 ، باب الخلفاء من كتاب السنة ، ومستدرك الحاكم 3 : 156 / 4697 والطبعة القديمة 3 : 145 ، وحديث أبي هريرة في المستدرك 3 : 75 / 4440 ، والطبعة القديمة3 : 72.
2 ـ سورة الإسراء : 17 / 60.
3 ـ راجع : الكشف والبيان ( تفسير الثعلبي ) 6 : 111 ، والتفسير الكبير / الفخر الرازي مج 10 ج 20 ص 238 ، والدر المنثور / السيوطي 5 : 310 ، وكذلك : تفسير القمي 1 : 411 ـ 412 وتفسير العياشي 3 : 57 ـ 58 / 2537 و 2539 و 2543 ، ومجمع البيان / الطبرسي 6 : 548 ؛ كلهم في تفسير الآية ( 60 ) من سورة الإسراء. وقد روى ذلك الحاكم النيسابوري في مستدركه بسنده عن أبي هريرة


(208)
    وقال صلّى الله عليه وآله في بني أميه : إنهم « يرودّون الناس عن الإسلام القهقرى » ، أو : « يردّون الناس على أعقابهم القهقرى » (1).
    وقال صلّى الله عليه وآله : « إذا بلغت بنو أميه أربعين رجلاً اتّخذوا عبادالله خولاً ، ومال الله نحلاً ، وكتاب الله دغلاً » (2).
    وقال صلّى الله عليه وآله : « هلاك هذه الأمة على يدى أغيلمة من قريش » .
    أخرجه الحالم ثم قال : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ولهذا الحديث توابع وشواهد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وصحّابته الطاهرين ، والأئمة من التابعين لم يسعني إلاّ ذكرها ، فذكرت بعض ما حضرني ، منها : « (3).
    ثم ذكر جملة من تلك الأحاديث ، ولا بأس بالاشارة السريعة إليها وهي :
    1 ـ حديث عبدالرحمن بن عوف قال : « كان لا يولد لأحد مولود إلاّ أتي به الني صلّى الله عليه وآله ، فدعا له ، فأدخل عليه مروان بن الحكم [ جدّ عمر بن
مرفوعاً ، وقال : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » واعترف الذهبي في خلاصة المستدرك بأنه صحيح على شرط مسلم. راجع مستدرك الحاكم 4 : 527 / 8481 ، والطبعة القديمة ( وبذيلها خلاصة الذهبي ) 4 : 480.
1 ـ روضة الكافي 8 : 285 / 543 ، وتفسير العياشي 3 : 57 ـ 58 / 1540 و 1541 ، ونحوه في اصول الكافي 1 : 426 / 73 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ، من كتاب الحجة.
2 ـ مستدرك الحاكم 4 : 525 ـ 526 / 8475 ـ 8476 ، والطبعة القديمة 4 : 479.
3 ـ مستدرك الحاكم 4 : 526/ ذيل الحديث رقم 8576 ، والطبعة القديمة 4 : 479.


(209)
عبد العزيز ] فقال صلّى الله عليه وآله : « هو الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون » .
    قال الحاكم : « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه » (1).
    2 ـ وحديث أبيذر ، قال : « سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً ، اتّخذوا مال الله دولاً ، وعبادالله خولا ، ودين الله دغلاً » .
    قال الحاكم : « هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه » (2) ، وقد أخرج له الحاكم شاهداً من رواية أبي سعيد (3).
    3 ـ وحديث أبي برزة ، قال : « كان أبغض الأحياء إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله : بنو أُميه ، وبنو حنيفة ، وثقيف » .
    قال الحاكم : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » (4).
    4 ـ وحديث محمد بن زياد ، قال : « لما بايع معاوية لابنه يزيد ، قال مروان : سُنَّة أبي بكر وعمر ، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر : سنة هر قل وقيصر ، فقال مروان : أنزل ألله فيك : ( والّذي قال لوالديه أفٍّ لَكُمَا ) (5).
1 ـ مستدرك الحاكم 4 : 526 / 8577 ، والطبعة القديمة 4 : 479.
2 ـ مستدرك الحاكم 4 : 526 ـ 527 / 8478 ، والطبعة القديمة 4 : 479 ـ 480 ، وقد اعترف الذهبي بصحّته على شرط مسلم.
3 ـ مستدرك الحاكم 4 : 527 / 8479 و 8480 ، والطبعة القديمة 4 : 480.
4 ـ مستدرك الحاكم 4 : 528 / 8482 ، والطبعة القديمة 4 : 480 ـ 481 ، وقد اعترف الذهبي بصحته على شرط البخاري ومسلم معاً.
5 ـ سورة الأحقاف : 46 / 17.


(210)
قال فبلغ عائشة ، فقالت : كذب والله ما هو به ، ولكن رسول الله صلّى الله عليه وآله لعن أبا مروان ومروان في صلبه ، فمروان قصص من لعنة الله عزّوجلّ » .
    قال الحاكم : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » (1).
    وقد أخرج الطبراني عن الإمام الحسن السبط عليه السّلام قوله لمروان : « فوالله لقد لعنك الله على لسان نبيه صلّى الله عليه وآله وأنت في صلب أبيك » (2).
    5 ـ وحديث عمرو بن مرّة الجهني قال : « إن الحكم بن أبي العاص استأذن على النبي صلّى الله عليه وآله ، فعرف النبي صلّى الله عليه وآله صوته وكلامه ، فقال : إئذنوا له عليه لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه إلاّ المؤمن منهم وقليل ما هم ، يشرفون في الدنيا ويضعون في الآخرة ، ذوو مكر وخديعة ، يعطون في الدنيا ، وما لهم في الآخرة من خَلاق » .
    قال الحاكم : « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وشاهده حديث عبد الله بن الزبير » ، ثم أورد حديث ابن الزبير وفيه : « إن رسول الله صلّى الله عليه وآله لعن الحكم وولده » وقال : « هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. » (3).
    ومن مقارنة هذا الشاهد بحديث عمرو بن مرّة الجهني ، يتقوّى احتمال
1 ـ مستدرك الحاكم 4 : 528 / 8483 ، والطبعة القديمة 4 : 481.
2 ـ المعجم الكبير / الطبراني 3 : 85 / 2740.
3 ـ مستدرك الحاكم 4 : 528 ـ 529 / 8485 ، والطبعة القديمة 4 : 481 ـ 482 ، وقال الحاكم في ذيل الحديث : « ليعلم طالب العلم إن هذا باب لم أذكر فيه ثلث ما روي ، وإن أول الفتن في هذه الأمة فتنتهم ، ولم يسعني فيما بيني وبين الله أن أخلى الكتاب من ذكرهم » .
غيبة الإمام المهدي ::: فهرس