____________
=
قبل التدوين ص 97 | 98 و 91 و 103 و 113 و 92 و 104 وتذكرة الحفاظ ج 1 ص 5 و 7 و 6 و 8 و 3 | 4 وشرف أصحاب الحديث ص 88 و 89 و 91 و 92 و 87 و 93 وتاريخ الطبري ج 3 ص 273 وكنز العمال ج 5 ص 406 عن التيهقي و ج 10 ص 179 و 174 و 180 ومجمع الزوائد ج 1 ص 149 وتأويل مختلف الحديث ص 48 والتراتيب الإدارية ج 2 ص 248 و 427 حتى 432 وطبقات ابن سعد ج 6 ص 2 و ج 4 قسم 1 ص 13 ـ 14 و ج 3 قسم 1 ص 306 و ج 5 ص 140 و 70 و 173 ، و ج 2 قسم 2 ص 274 ومكاتيب الرسول ج 1 ص 61 وأضواء على السنة المحمدية ص 47 و54 و 55 ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 4 ص 64 و 61 وكشف الأستار عن مسند البزار ج 2 ص 196 وحياة الصحابة ج 2 ص 82 و 569 و 570 و ج 3 ص 257 و 258 و 259 و 272 و 273 و 252 و 630 عن مصادر عديدة ، والبداية والنهاية ج 8 ص 106 و 107 وتقييد العلم ص 50 و 51 و 52 و 53 ومستدرك الحاكم ج 1 ص 102 و 110 وتاريخ الخلفاء ص 138 عن السلفي في الطيورات بسند صحيح ، ومسكل الآثار ج 1 ص 499 حتى 501 ومسند أحمد ص 157 و ج 4 ص 370 و 99 و ج 3 ص 19 والدر المنثور ج 4 ص 159 ووفاء الوفاء ج 1 ص 488 و 483 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج 6 ص 114 وحلية الأولياء ج 1 ص 160 ومآثر الإناقة . وراجع أيضاً : تاريخ الخلفاء ص 138 والمجروحون ج 1 ص 35 | 36 .
ونقل أيضاً في الغدير ج 6 ص 294 حتى 302 و 265 و 263 و 158 و ج 10 ص 351 و 352 عن المصادر التالية : الكامل لابن الاثير ج 2 ص 227 وابن الشحنة بهامشه ج 7 ص 176 وفتوح البلدان ص 53 وصحيح البخاري ط الهند ج 3 ص 837 وسنن أبي داود ج 2 ص 340 وصحيح مسلم ج 2 ص 234 كتاب الأدب .. انتهى .
ونقله في النص والاجتهاد ص 151 عن المصادر التالية : كنز العمال ج 5 ص 239 رقم 4845 و 4860 و 4865 و 4861 و 4862 والأم للشافعي ، وشرح النهج للمعتزلي ج 3 ص 120 والمعتصر من المختصر ج 1 ص 459 وابن كثير في مسند الصديق وصفين ص 248 والتاج المكلل ص 265 وشرح صحيح مسلم للنووي ج 7 ص 127 .
ونقل أيضاً عن المصادر التالية : قبول الأخبار للبلخي ص 29 ، والمحدث الفاصل ص 133 والبخاري بحاشية السندي ج 4 ص 88 وصحيح مسلم ج 3 ص 1311 و 1694 والموطأ ج 2 ص 964 ورسالة الشافعي ص 435 ومختصر جامع بيان العلم

(92)

ي ـ تشجيع القصاصين ورواية الإسرائيليات :

مع تشجيعهم للقصاصين ، ولرواية الإسرائيليات .
وقد وضعوا الأحاديث المؤيدة لذلك (1) .
ثم السماح بالرواية لأشخاص معينين ، دون من عداهم (2) حتى إن أبا
____________
=
ص 32 و 33 . وثمة مصادر أخرى لامجال لتتبعها ..
1 ـ راجع فيما تقدم حول رواية الاسرائيليات وتشجيع القصاصين ، المصادر التالية : التراتيب الإدارية ج 2 ص 224 حتى 227 و 238 و 338 و 345 و 325 و 326 و 327 وأضواء على السنة المحمدية ص 124 . حتى 126 و 145 حتى 192 وشرف أصحاب الحديث ص 14 و 15 و 16 و 17 وفجر الإسلام ص 158 حتى 162 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص 34 حتى 37 والزهد والرقائق ص 17 و 508 وتقييد العلم ص 34 وفي هامشه عن حسن التنبيه ص 192 وعن مسند أحمد ج 3 ص 12 و 13 و 56 . وراجع أيضاً : جامع بيان العلم ج 2 ص 50 و 53 ، ومجمع الزوائد ج 1 ص 150 و151 و 191 و 192 و 189 والمصنف لعبد الرزاق ج 6 ص 109 و 110 وهوامشه ومشكل الآثار ج 1 ص 40 و 41 والبداية والنهاية ج 1 ص 6 و ج 2 ص 132 و 134 وكشف الأستار ج 1 ص 120 و 122 و 108 و 109 وحياة الصحابة ج 3 ص 286 .
2 ـ راجع : الصحيح من سيرة النبي ج 1 ص 26 .
بل لم يسمحوا بالفتوى إلا للأمراء ، راجع : جامع بيان العلم ج 2 ص 175 203 وراجع ص 194 و 174 ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 4 ص 62 وسنن الدرامي ج 1 ص 61 والتراتيب اللإدارية ج 2 ص 367 و 368 وطبقات ابن سعد ج 6 ص 179 ط ليدن و 258 ط صادر وكنز العمال ج 10 ص 185 عن غير واحد وعن الدينوري في المجالسة ، وعن ابن عساكر . والمصنف لعبد الرزاق ج 8 ص 301 وفي هامشه عن أخبار القضاة لوكيع ج 1 ص 83 .
بل إن عثمان يتوعد رجلاً بالقتل ، إن كان قد استفتى أحداً غيره ، راجع تهذيب تاريخ دمشق ج 1 ص 54 وحياة الصحابة ج 2 ص 390 | 391 عنه ..

(93)

موسى ليمسك عن الحديث ، حتى يعلم ما أحدثه عمر (1) .
أضف إلى ذلك كله : حبسهم لكبار الصحابة بالمدينة ، وعدم توليتهم الأعمال الجليلة ، خوفاً من نشر الحديث ، ومن استقلالهم بالأمر (2) : وذلك بعد أن قرروا عدم السماح بالفتوى إلا للأمراء كما أوضحناه في كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله .

ك : لا خير في الإمارة لمؤمن :

وإذا كان الأمراء هم الذين ينفذون هذه السياسات ، وقد يتردد المؤمنون منهم في تنفيذها على النحو الأفضل والأكمل ، فقد اتجه العلم نحو الفجار ليكونوا هم أعوانه وأركانه .
وقد رووا عن النبي صلى الله عليه وآله ، أنه قال : لا خير في الإمارة لرجل مؤمن (3) .
____________
1 ـ مسند أحمد ج 4 ص 393 وفي ص 372 يمتنع أنس عن الحديث .
2 ـ راجع : تاريخ الطبري حوادث سنة 35 ج 3 ص 426 ومروج الذهب ج 2 ص 321 و 322 وراجع مستدرك الحاكم ج 3 ص 120 و ج 1 ص 110 وكنز العمال ج 10 ص 180 وتذكرة الحفاظ ج 1 ص 7 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 20 ص 20 وسيرة الأئمة الإثني عشر ج 1 ص 317 و 334 و 365 وراجع : التاريخ الإسلامي والمذهب المادي في التفسير ص 208 و 209 والفتنة الكبرى ص 17 و 46 و 77 وشرف أصحاب الحديث ص 87 ومجمع الزوائد ج 1 ص 149 وطبقات ابن سعد ج 4 ص 135 و ج 2 قسم 2 ص 100 و 112 وحياة الصحابة ج 2 ص 40 و 41 و ج 3 ص 272 و 273 عن الطبري ج 5 ص 134 وعن كنز العمال ج 7 ص 139 و ج 5 ص 239 .
وفي هذا الأخير عن ابن عساكر : أن عمر بن الخطاب جمع الصحابة من الآفاق ووبخهم على إفشائهم الحديث .
3 ـ البداية والنهاية ج 5 ص 83 ومجمع الزوائد ج 5 ص 204 عن الطبراني . وحياة الصحابة ج 1 ص 198 | 199 عنهما وعن كنز العمال ج 7 ص 38 وعن البغوي وابن =

(94)

وقد قال حذيفة لعمر : إنك تستعين بالرجل الفاجر . فقال : إني أستعمله لأستعين بقوته ، ثم أكون على قفائه .
وذكر أيضاً : أن عمر قال غلبني أهل الكوفة ، استعمل عليهم المؤمن فيضعف ، واستعمل الفاجر ، فيفجر (1) .

ل : أينعت الثمار واخضرّ الجناب :

وبعد ذلك كله فقد تهيأت الفرصة لمن سمح لهم بالرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن بني إسرائيل ، لأن يمدّوا الأمة بما يريدون ، ويتوافق مع أهدافهم ومراميهم ، من أفكار ومعارف ، وأقوال ومواقف ، حقيقية ، أو مزيفة ..
ثم تحريف ، بل وطمس الكثير من الحقائق التي رأوا أنها لا تتناسب مع أهدافهم ، ولا تخدم مصالحهم .
بل لقد طمست معظم معالم الدين ، ومحقت أحكام الشريعة ، كما أكدته نصوص كثيرة (2) .
بل يذكرون : أنه لم يصل إلى الأمة سوى خمس مئة حديث في أصول
____________
= عساكر وغيرهما .
1 ـ الفائق للزمخشري ج 3 ص 215 و ج 2 ص 445 والنصائح الكافية ص 175 ولسان العرب ج 13 ص 346 و ج 11 ص 452 . والاشتقاق ص 179 .
2 ـ راجع الصحيح من سيرة النبي صلى الله عليه وآله ج 1 ص 27 ـ 30 بالإضافة إلى : المصنف ج 2 ص 63و مسند أبي عوانة ج 2 ص 105 والبحر الزخار ج 2 ص 254 وكشف الأستار عن مسند البزار ج 1 ص 260 ومسند أحمد ج 4 ص 428 و 429 و 432 و 441 و 444 والغدير ج 8 ص 166 ، وراجع أيضاً مروج الذهب 3 ص 85 ومكاتيب الرسول ج 1 ص 62 .

(95)

لأحكام ومثلها من أصول السنن (1) .. الأمر ، الذي يلقي ضلالاً ثقيلة من الشك والريب في عشرات بل مئات الألوف ، بل في الملايين (2) من الأحاديث ، التي يذكرون : أنها كانت عند الحفاظ ، أو لاتزال محفوظة في بطون الكتب إلى الأن . ولأجل ذلك ، فإننا نجدهم يحكمون بالكذب والوضع على عشرات بل مئات الألوف منها (3) .
وقد بلغ الجهل بالناس : أننا نجد جيشاً بكامله ، لايدري : أن من لم يُحْدِث ، فلا وضوء عليه ، « فأمر ( أبو موسى ) مناديه : ألا ، لا وضوء إلا على من أحدث . قال : أوشك العلم أن يذهب ويظهر الجهل ، حتى يضرب الرجل أمه بالسيف من الجهل » (4) .
بل لقد رأينا : أنه : « قد أطبقت الصحابة إطباقاً واحداً على ترك كثير من النصوص ، لما رأوا المصلحة في ذلك » (5) .
ويقول المعتزلي الشافعي عن علي عليه السلام : « وإنما قال أعداؤه : لا رأي له ؛ لأنه كان متقيداً بالشريعة لا يرى خلافها ولا يعمل بما يقتضي الدين
____________
1 ـ مناقب الشافعي ج 1 ص 419 وعن الوحي المحمدي لمحمد رشيد رضا ص 243 .
2 ـ راجع على سبيل المثال : الكنى والألقاب ج 1 ص 414 ، ولسان الميزان ج 3 ص 405 وتذكرة الحفاظ ج 2 ص 641 و 430 و 434 و ج 1 ص 254 و 276 .
وهذا الكتاب مملوء بهذه الأرقام العالية ، فمن أراد فليراجعه .
والتراتيب الإدارية ج 2 ص 202 حتى ص 208 و 407 و 408 .
3 ـ راجع لسان الميزان ج 3 ص 405 و ج 5 ص 228 والفوائد المجموعة ص 246 و 427 وتاريخ الخلفاء ص 293 وأنساب الأشراف ( بتحقيق المحمودي ) ج 3 ص 96 وميزان الاعتدال ج 1 ص 572 و 406 و 509 و 316 و 321 و 12 و 17 و 108 و 148 والكفاية للخطيب ص 36 و سائر الكتب التي تتحدث عن الموضوعات في الأخبار . وراجع : المجرمون لابن حبان ج 1 ص 156 و 185 و 155 و 142 و 96 و 63 و 62 و ص 65 حول وضع الحديث للملوك وراجع أيضاً ج 2 ص 189 و 163 و 138 و ج 3 ص 39 و 63 .
4 ـ حياة الصحابة ج 1 ص 505 عن كنز العمال ج 5 ص 114 وعن معاني الآثار للطحاوي ج 1 ص 27 .
5 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 83 .

(96)

تحريمه . وقد قال عليه السلام لولا الدين والتقى لكنت أدهى العرب . وغيره من الخلفاء كان يعمل بمقتضى ما يستصلحه ويستوقفه ، سواء أكان مطابقاً للشرع أم لم يكن . ولا ريب أن من يعمل بما يؤدي إليه اجتهاده ولا يقف مع ضوابط وقيود يمنتع لأجلها مما يرى الصلاح فيه ، تكون أحواله الدنيوية إلى الانتثار أقرب » (1) انتهى .
ولعل ما تقدم من موقف عمر من المصريين المعترضين يشير إلى ذلك أيضاً .
كما أن الفقهاء ، قد « رجح كثير منهم القياس على النص ، حتى استحالت الشريعة ، وصار أصحاب القياس أصحاب شريعة جديدة » (2) .
كما أن أبا أيوب الأنصاري لا يجرؤ على العمل بسنة لرسول الله صلى الله عليه وآله في زمن عمر ، لأن عمر كان يضرب من عمل بها (3) .
ويصرح مالك بن أنس ، بالنسبة لغير أهل المدينة من المسلمين بـ : « أن غيرهم إنما العمل فيهم بأمر الملوك » (4) .
وسيأتي المزيد مما يدل على إصرار الخلفاء ، وغير الخلفاء منهم ، على مخالفة أحكام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى من أمثال مروان بن الحكم ، والحجاج بن يوسف .

ماذا بعد أن تمهد السبيل :

وبعد هذا .. فإن الحكام والأمراء الذين مُنِحُوا ـ دون غيرهم ـ حق
____________
1 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 28 .
2 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 84 .
3 ـ المصنف ج 2 ص 433 .
4 ـ جامع بيان العلم ج 2 ص 194 .

(97)

الفتوى ! ، من قبل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب .. قد أصبح بإمكانهم أن يفتوا بغير علم . بل أن يفتوا بما يعلمون مخالفته لما ورد عن سيد الخلق أجمعين ، محمد رسول الله صلى عليه وآله وسلم ، ما داموا قد أمنوا غائلة اعتراض من يعلمون الحق ، ولم يعد يخشى من انكشاف ذلك للملأ من غيرهم .. الأمر الذي ربما يؤدي ـ لو انكشف ـ إلى التقليل من شأنهم ، وإضعاف مراكزهم ، ويقلل ويحد من فعالية القرارات والأحكام التي يصدرونها .
كما أن ذلك قد هيأ الفرصة لكل أحد : أن يدعي ما يريد ، وضع له الحديث الذي يناسبه ، بأييداً ، أو نفياً وتفنيداً .
كما أنهم قد أمنوا غائلة ظهور كثير من الأقوال ، والأفعال ، والمواقف النبوية ، والوقائع الثابتة ، التي تم مركز وشخصية من يهتمون بالتنويه باسمه ، وإعلاء قدره وشأنه ، أو ترفع من شأن ومكانة الفريق الآخر : أهل البيت عليهم السلام ، ولا سيما سيدهم وعظيمهم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، وكل من يمت إليه وإليهم بأية صلة أو رابطة ، أو له فيهم هوى ، أو نظرة إيجابية وواقعية ، انطلاقاً مما يملكه من فكر واع ، ووجدان حي .
أضف إلى ذلك كله : أن سياستهم هذه تجاه الحديث ، وسنة النبي صلى الله عليه وآله ، تنسجم مع رأي بعض الفرق اليهودية ، التي كان لأتباعها نفوذ كبير لدى الحكام آنئذ (1) .
ولسنا هنا في صدد شرح ذلك .

وعلي عليه السلام ماذا يقول :

هذا .. ولكننا نجد أمير المؤمنين عليه السلام ، وشيعته ، والواعين من رجال هذه الأمة ، قد تصدوا لهذه الخطة بصلابة وحزم ، حتى لقد رفض عليه السلام في الشورى عرض الخلافة في مقابل اشتراط العمل بسنة الشيخين . وقد
____________
1 ـ راجع كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ج 1 ص 26 | 27 متناً وهامشاً .
(98)

طرد عليه السلام القصاصين من المساجد ، ورفع الحظر المفروض على رواية الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله (1) .
وقد رووا عنه : أنه عليه السلام قال : « قيدوا العلم ، قيدوا العلم » مرتين . ونحوه غيره (2) .
كما أنه عليه السلام يقول :
« من يشتري منا علماً بدرهم ؟ .. قال الحارث الأعور : فذهبت فاشتريت صحفاً بدرهم ، ثم جئت بها » .
وفي بعض النصوص : « فاشترى الحارث صحفاً بدرهم ، ثم جاء بها علياً ، فكتب له علماً كثيراً » (3) .
وعن علي عليه السلام قال تزاوروا ، وتذاكروا الحديث ، ولا تتركوه يدرس (4) .
وعنه عليه السلام : « إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بإسناده ، فإن يك حقاً كنتم شركاء في الأجر ، وإن يك باطلاً كان وزره عليه » (5) . ومثل ذلك كثير
____________
1 ـ سرگذشت حديث ( فارسي ) هامش ص 28 وراجع كنز العمال ج 10 ص 171 و 172 و122 .
2 ـ تقييد العلم ص 89 و 90 وبهامشه قال : « وفي حض عليّ على الكتابة انظر : معادن الجوهر للأمين العاملي 1 : 3 » .
3 ـ التراتيب الإدارية ج 2 ص 259 وطبقات ابن سعد ج 6 ص 116 ط ليدن و ص 68 ط صادر وتاريخ بغداد ج 8 ص 357 وكنز العمال ج 10 ص 156 وتقييد العلم ص 90 وفي هامشه عمن تقدم وعن كتاب العلم لابن أبي خيثمة 10 والمحدث الفاصل ج 4 ص 3 .
4 ـ كنز العمال ج 10 ص 189 .
5 ـ كنز العمال ج 10 ص 129 ورمز له بـ ( ك ، وأبو نعيم ، وابن عساكر ) .

(99)

عنه عليه السلام (1) .

والإمام الحسن عليه السلام أيضاً :

وفي مجال العمل على إفشال هذه الخطة تجاه العلم والحديث ، وكتابته ، وكسر الطوق المفروض ، نجد النص التاريخي يقول : « دعا الحسن بن علي بنيه ، وبني أخيه ، فقال : « يا بني ، وبني أخي ، إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين ، فتعلموا العلم ، فمن لم يستطع منكم أن يرويه ، فليكتبه ، وليضعه في بيته » (2) .
ثم روى الخطيب ما يقرب من ذلك عن الحسين بن علي عليه السلام ، ثم قال : « كذا قال : جمع الحسين بن علي . والصواب : الحسن ، كما ذكرناه أولاً ، والله أعلم » (3) .
ولسنا هنا في صدد تفصيل ذلك ، ونسأل الله أن يوفقنا للتوفر على دراسة هذه الناحية في فرصة أخرى إن شاء الله تعالى .

مشرعون جدد ، أو أنبياء صغار :

وطبيعي بعد ذلك كله .. وبعد أن كانت السياسة تقضي بتقليص نسبة
____________
1 ـ راجع على سبيل المثال كنز العمال ج 10 كتاب العلم ..
2 ـ تقييد العلم ص 91 ونور الأبصار ص 122 وكنز العمال ج 10 ص 153 وسنن الدرامي ج 1 ص 130 وجامع بيان العلم ج1 ص 99 ، والعلل ومعرفة الرجال ج 1 ص 412 وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 227 وفي هامش تقييد العلم عن بعض من تقدم ، وعن تاريخ بغداد ج 6 ص 399 ، ولم أجده ، وعن ربيع الأبرار 12 عن علي عليه السلام .. وراجع أيضاً التراتيب الإدارية ج 2 ص 246 | 247 عن ابن عساكر ، وعن البيهقي في المدخل .
3 ـ تقييد العلم ص 91 .

(100)

الاحترام للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والعمل على علو نجم قوم ، ورفعة شأنهم ، وأقول نجم آخرين ، والحط منهم .. وبعد أن مست الحاجة إلى المزيد من الأحكام الإسلامية ، والتعاليم الدينية ـ كان من الطبيعي ـ أن تعتبر أقوال الصحابة ، ولا سيما الخليفتين الأول ، والثاني ـ سنة كسنة النبي ، بل وفوق سنة النبي صلى الله عليه وآله .. وقد ساعد الحكام أنفسهم ـ لمقاصد مختلفة ـ على هذا الامر . وكنموذج مما يدل على ذلك ، وعلى خطط الحكام في هذا المجال ، نشير إلى قول البعض : « أنا زميل محمد » بالإضافة إلى ما يلي :
1 ـ « قال الشهاب الهيثمي في شرح الهمزية على قول البوصيري عن الصحابة : « كلهم في أحكامه ذو اجتهاد : أي صواب .. » (1) .

2 ـ وقال الشافعي : « لا يكون لك أن تقول إلا عن أصل ، أو قياس على أصل . والأصل كتاب ، أو سنة ، أو قول بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، أو إجماع الناس » (2) .
3 ـ وقال البعض عن الشافعية : « والعجب ! منهم من يستجيز مخالفة الشافعي لنص له آخر في مسألة بخلافه ، ثم لا يرون مخالفته لأجل نص رسول الله صلى الله عليه وآله » (3) .
4 ـ ويقول أبو زهرة بالنسبة لفتاوى الصحابة : « .. وجدنا مالكاً يأخذ بفتواهم على أنها من السنة ، ويوازن بينها وبين الأخبار المروية ، إن تعارض الخبر مع فتوى صحابي . وهذا ينسحب على كل حديث عنه صلى الله عليه وآله ، حتى ولو كان صحيحاً » (4) .
ولا بأس بمراجعة كلمات الشوكاني في هذا المجال أيضاً (5) .
____________
1 ـ التراتيب الإدارية ج 2 ص 366 .
2 ـ مناقب الشافعي ج 1 ص 367 ، وراجع ص 450 .
3 ـ مجموعة المسائل المنيرية ص 32 .
4 ـ ابن حنبل لأبي زهرة ص 251 | 255 ومالك ، لأبي زهرة ص 290 .
5 ـ ابن حنبل لأبي زهرة ص 254 | 255 عن إرشاد الفحول للشوكاني ص 214 .

(101)

5 ـ بل إننا نجد بعض المؤلفين في الأصول ، قد عقد باباً في كتابه ، لكون قول الصحابي فيما يمكن فيه الرأي ملحق بالنسبة لغيره ، أي لغير الصحابي .. بالسنة . وقيل : إن ذلك خاص بقول الشيخين : أبي بكر ، وعمر (1) .
6 ـ وحينما أُخبِرَ عمر بقضاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المرأة التي قتلت أخرى بعمود : « كبّر . وأخذ عمر بذلك ، وقال : لو لم أسمع بهذا لقلت فيه » (2) .
7 ـ ثم هو يصر على رأيه فيمن تحيض بعد الأفاضة ، رغم إخبارهم إياه بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها (3) .
8 ـ وفي قصة التكنية بأبي عيسى ، نرى عمر لا يتزحزح عن موقفه ، رغم إخبارهم إياه : بأن النبي صلى الله عليه وآله قد أذن لهم بذلك ، وتصديق عمر لهم .. لكنه عده ذنباً مغفوراً له صلى الله عليه وآله (4) .
9 ـ وقال عمر بن عبد العزيز : « ألا إن ، ما سنه أبو بكر وعمر ، فهو دين نأخذ به ، وندعو إليه » . وزاد المتقي الهندي : « وما سن سواهما فإنا نرجيه » (5) .

____________
1 ـ فواتح الرحموت في شرح مسلم الثبوت المطبوع مع المستصفى ج 2 ص 186 وراجع التراتيب الإدارية ج 2 ص 366 | 367 .
2 ـ المصنف لعبد الرزاق ج 10 ص 57 .
3 ـ الغدير ج 6 ص 111 | 112 عن عدة مصادر .
4 ـ راجع : سنن أبي داود ج 4 ص 291 وسنن البيهقي ج 9 ص 310 وتيسير الوصول ط الهند ج 1 ص 25 والنهية لابن الأثير ج 1 ص 283 والإصابة ج 3 ص 388 والغدير ج 6 ص 319 | 310 عنهم وعن الأسماء والكنى للدولابي ج 1 ص 85 .
5 ـ كنز العمال ج 1 ص 332 عن ابن عساكر وكشف الغمة للشعراني ج 1 ص 6 والنص له .. .
وفي رسالة عمر بن عبد العزيز لأبي بكر ، ومحمد بن عمرو بن حزم : « اكتب إلي بما ثبت عندك من الحديث عن رسول الله ، وبحديث عمر ، فإني الخ » سنن الدارمي ج 1 ص 126 . لكن في تقييد العلم ص 105 و 106 وهوامش : « أو حديث عمرة بنت عبد الرحمن » وهي امرأة أنصارية أكثر ما تروى عن عائشة .
وراجع : السنة قبل التدوين ص 328 ـ 333 ، وتاريخ السنة المشرفة ص 226 =




(102)

وذكر في كنز العمال : أن فتوى عمر تصير سنة .
10 ـ وفي حادثة أخرى : نجد عمر لا يرتدع عن مخالفته للنبي صلى الله عليه وآله ، حتى يستدل عليه ذلك الرجل بقوله تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة ) (1) .
11 ـ وقد رووا : أن النبي صلى الله عليه وآله قال : « عليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين » (2) .
وبهذا استدل الشافعي على حجية قول أبي بكر وعمر .
مع أن المقصود بالخلفاء الراشدين هو الأئمة الإثنا عشر ، عليهم السلام لكن هذا اللقب سرق منهم (ع) .
12 ـ وعثمان بن عفان يقول : « إن السنة سنة رسول الله ، وسنة صاحبيه » (3) .
13 ـ كما أن عبد الرحمن بن عوف يعرض على أمير المؤمنين : أن يبايعه على العمل بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وسنة الشيخين أبي بكر وعمر ، فيأبى عليه السلام ذلك ، ويقبل عثمان ، فيفوز بالأمر (4) .
14 ـ وخطب عثمان حينما بويع ، فقال : « إن لكم عليّ بعد كتاب الله عز وجل ، وسنة نبيه صلى عليه وآله ثلاثاً : إتباع من كان قبلي فيما اجتمعتم
____________
=
و 227 وتاريخ الخلفاء ص 241 والجزء الأول من كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظم .
1 ـ المصنف لعبد الرزاق ج 2 ص 382 .
2 ـ راجع : الثقات لابن حبان ج 1 ص 4 وحياة الصحابة ج 1 ص 12 ، وعن كشف الغمة للشعراني ج 1 ص 6 .
3 ـ سنن البيهقي ج 3 ص 144 ، والغدير ج 8 ص 100 عنه .

ولتراجع رواية صالح بن كيسان والزهري في تقييد العلم ص 106 | 107 وفي هامشه عن العديد من المصادر وطبقات ابن سعد ج 2 ص 135 .
4 ـ راجع قصة الشورى في أي كتاب تاريخي شئت ..

(103)

عليه ، وسننتم ، وسنّ سنة أهل الخير فيما لم تسنّوا عن ملأ » (1) .
15 ـ وبعد .. فإن الأمويين يصرون على معاوية : أن يصلي بهم صلاة عثمان بن عفان في منى تماماً ، ويرفضون الاستمرار على صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، رغم اعترافهم بذلك ..
وعثمان نفسه يصر على رأيه في مقابل سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، رغم اعترافه بأن ذلك رأي رآه (2) .
وقد عرض عثمان على أمير المؤمنين عليه السلام أن يصلي بالناس في منى ، فلم يقبل عليه السلام إلا أن يصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فيأبى عثمان ذلك ، ويأبى هو القبول : « وقد استمر الأمراء على صلاة عثمان فيما بعد ذلك » (3)!.
16 ـ بل إننا لنجد ربيعة بن شداد لا يرضى بأن يبايع أمير المؤمنين عليه السلام . على كتاب الله وسنة رسوله ، وقال : على سنة أبي بكر وعمر . فقال له علي عليه السلام : « ويلك ، لو أن أبا بكر وعمر عملا بغير كتاب الله وسنة رسوله لم يكونا على شيء الخ .. » (4) .
17 ـ وحتى معاوية فإنه يصر على رأيه ، ويرفض الحكم النبوي بشكل
____________
1 ـ حياة الصحابة ج 3 ص 505 عن تاريخ الطبري ج 3 ص 446 .
2 ـ راجع البداية والنهاية ج 3 ص 154 وحياة الصحابة ج 3 ص 507 | 508 عن كنز العمال ج 4 ص 239 عن ابن عساكر والبيهقي ، والغدير ج 8 ص 101 | 102 عن المصادر التالية : أنساب الأشراف ج 5 ص 39 والطبري ج 5 ص 56 حوادث سنة 29 ، والكامل لابن الأثير ج 3 ص 42 والبداية والنهاية جح 7 ص 154 ، وتاريخ ابن خلدون ج 2 ص 386 .
3 ـ راجع : الكافي ج 4 ص 518 | 519 والوسائل ج 5 ص 500 | 501 وحاشية ابن التركماني ذيل سنن البيهقي ج 3 ص 144 | 145 والغدير ج 8 ص 100 عنه وعن المحلى ج 4 ص 270 وليراجع الغدير ج 8 ص 98 ـ 116 .
4 ـ بهج الصباغة ج 12 ص 203 .

(104)

صريح (1) .
18 ـ وحينما ينكر أبو الدرداء على معاوية بعض قبائحه ، ويذكر بنهي النبي صلى الله عليه وآله عنها ، نجده يقول : أما أنا فلا أرى به بأساً (2) .
19 ـ وقد كتب ابن الزبير إلى قاضيه يأمره بأن يعمل بفتوى أبي بكر في الجد ، فيجعله أباً لأن النبي صلى عليه وآله قال : لو كنت متخذاً خليلاً دون ربي لاتخذت أبا بكر إلى أن قال : « وأحق ما أخذناه قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه » (3) .
20 ـ كما أن عطاء قد استدل بقضاء النبي صلى الله عليه وآله في العُمْرَى ، فاعترض عليه رجل ـ وقد صرحت بعض النصوص بأنه : الزهري !! ـ بقوله : «لكن عبد الملك بن مروان لم يقض بهذا » أو قال : « إن الخلفاء لا يقضون بذلك » فقال : بل قضى بها عبد الملك في بني فلان (4) ..
21 ـ واعترض البعض على مروان : بانه أخرج المنبر ، ولم يكن يخرج ، وبدأ بالخطبة قبل الصلاة ، وجلس في الخطبة . فقال له مروان : « إن تلك السنة قد تركت » (5) .
22 ـ بل لقد بلغ بهم الأمر : أن ادعى البعض : أن من خالف الحجاج فقد
____________
1 ـ راجع : المصنف لعبد الرزاق ج 11 ص 201 .
2 ـ راجع : شرح النهج للمعتزلي ج 5 ص 130 والموطأ المطبوع مع تنوير الحوالك ج 2 ص 135 ، وسنن البيهقي ج 5 ص 280 وسنن النسائي ج 7 ص 277 ، واختلاف الحديث للشافعي بهامش الأم ج 7 ص 23 والغدير ج 10 ص 184 عن بعض من تقدم .
3 ـ مسند أحمد بن حنبل ج 4 ص 4 وراجع ص 5 .
4 ـ المصنف لعبد الرزاق ج 9 ص 188 وسنن البيهقي ج 6 ص 174 .
5 ـ لسان الميزان ج 6 ص 89 .

(105)

23 ـ وعن ابن عباس : السنة سنتان : من نبي ، أو من إمام عادل (1) .
24 ـ وقضية إمضاء عمر للطلاق ثلاثاً ، لأنهم استعجلوا ذلك تدل على أنه كان يرى أن لهم الحق في ذلك (2) .
إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه (3) .
هذا كله .. عدا عن ادعائهم :
نزول الوحي على الخلفاء ،
وأفضلية الخليفة على الرسول ،
ونزول الوحي على الحجاج ، والخلفاء وغير ذلك ..
ولقد صدق أمير المؤمنين عليه السلام حينما قال في كتابه للأشتر : « فإن هذا الدين قد كان أسيراً في أيدي الأشرار ، يعمل فيه بالهوى ، وتطلب به الدنيا » (4) .

الأئمة عليهم السلام في مواجهة الخطة :

إنما نتحدث هنا عن موضوع مواجهة هذه الخطة بمقدار ما يرتبط بمواقف الإمام الحسن عليه السلام منها .. وإن كانت الأساليب التي اتبعها الأئمة في هذا الصدد كثيرة ومتنوعة .
وقد تقدم بعض ما يرتبط بمواقف الأئمة عليهم السلام من قضية التمييز
____________
1 ـ كنز العمال ج 1 ص 160 .
2 ـ راجع : تفسير القرآن العظيم ( الخاتمة ) ، ج 4 ص 22 والغدير ج 6 ص 178 ـ 183 عن مصادر كثيرة .
3 ـ راجع أيضاً المصنف لعبد الرزاق ج 11 ص 258 | 259 و ج 88 و 475 | 476 وطبقات ابن سعد ج 2 قسم 2 ص 134 ـ 136 .
4 ـ راجع عهد الأشتر في نهج البلاغة ، بشرح عبده ج 3 ص 105 وعهد الاشتر موجود في كثير من المصادر .

(106)

العنصري البغيض ، وتقدم كذلك بعض اللمحات عن موقف أمير المؤمنين وغيره من الأئمة ، ومنهم الإمام الحسن عليه السلام من قضية الحديث والرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله ..
وحيث إننا لا نستطيع الإلمام ـ في عجالة كهذه ـ بكل ما يرتبط بمواقف الأئمة الهادفة إلى إفشال تلك الخطة ، لأن ذلك يستدعي تأليف كتاب مستقل ، وقد لا يكفي له العديد من المجلدات .. وبما أن أهم عنصر تستهدفه تلك الخطة هو عنصر الإمامة والخلافة ، والأحقية بالأمر . وبمعالجتها ، واتخاذ الموقف الصحيح منها ، لا يبقى لمجمل تلك الخطة تأثير يذكر ، ولا خطر يخاف . ـ من أجل ذلك .. فإننا سوف نقتصر هنا على الإشارة إلى لمحات من مواقفهم عليهم السلام ـ وبالأخص موقف الإمام الحسن المجتبى عليه السلام ـ من هذه القضية بالذات .. فنقول :

قضية الإمامة هي الأساس :

ليس خافياً على أحد مدى خطورة النتائج التي سوف تتمخض عنها تلك السياسة ، التي تقدمت لمحات خاطفة وسريعة عن بعض خيوطها وفقراتها .. سواء على الإسلام ، أو على المسلمين ، في الحاضر ، أو في المستقبل . والأخطار المستقبلية هي الأعظم ، وهي الأدهى .. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله في حديث معروف : بأن في كل خلف عدول ينفون عنه ( أي عن الإسلام ) تحريف الغالين .
وقد عودنا الأئمة عليهم السلام : أنهم باستمرار يعيشون بالقرب من الأحداث ، ويتواجدون دائماً وأبداً في صميمها وفي العمق منها ، حتى إن المطالع للتاريخ ليجد ـ نتيجة لذلك التواجد ـ أن قضايا أهل البيت بصورة عامة ، وقضية أحقيتهم بالأمر ، وإمامتهم على الخصوص ، تبقى على الدوام محتفظة بحيويتها وعمقها في ضمير الأمة وفي وجدانها .
وأن كل صراع ، فإنما له ارتباط مباشر أحياناً ، أو غير مباشر أحياناً أخرى بهذه القضية بالذات ، حتى ليصرح الشهرستاني بقوله :


(107)

« وأعظم خلاف بين الأمَّة خلاف الإمامة ، إذ ما سُلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة في كل زمان .. » (1) .
وقد رأينا أن تلك الخطة الملعونة التي أسلفنا الإشارة إليها ، إنما كانت تستهدف بالدرجة الأولى قضية الإمامة بالذات ، الأمر الذي يعني : أن الخصوم قد أدركوا مدى خطورة هذه القضية ، على مجمل خطهم ، على المدى البعيد ..
كما أننا نجد في المقابل : أن تواجد أئمة أهل البيت عليهم السلام على الساحة ، ورصدهم الأحداث بدقة ووعي ، وإحساسهم العميق بالمسؤولية الإلهية والإنسانية الملقاة على عواتقهم تجاه هذه السياسة ، التي رأوا فيها خطراً داهماً ، يتهدد كيان الإسلام ومصيره على المدى البعيد .. إن كل ذلك لم يترك لهم أي خيار ، سوى خخيار المواجهة لهذه السياسة ، والعمل على إفشالها ، فإن ذلك واجب شرعي ، ومسؤولية إلهية ، لا يمكن التساهل ولا التواني فيها على الإطلاق : إذ على حد تعبير العبد الصالح حجر بن عدي الكندي : « إن هذا الأمر لا يصلح إلا في آل علي بن أبي طالب » (2) .
نعم .. وقد أدوا عليهم الصلاة والسلام ، وشيعتهم الأبرار وضوان الله تعالى عليهم واجباتهم على أكمل وجه في هذا المجال ، وفي كل مجال .. وبذلوا جهوداً جبارة ، وتعرضوا لمختلف أنواع القهر ، والاضطهاد والبلاء ، نتيجة لمواقفهم ومواجهاتهم تلك .. وبذلوا مهجهم الغالية في هذا السبيل ..
وذلك لأن قضية الإمامة بنظرهم هي قضية الإسلام الكبرى ، وعلى أساس الاعتقاد بها يتحدد اتجاه الإنسان ، وخطه الفكري ، ثم السياسي ، بل وحتى الاجتماعي في الحياة . فهي المنطلق والأساس لكل المفاهيم ، والاعتقادات ، والقضايا التي يؤمن بها ، والمواقف التي يتخذها ، والمصير الذي ينتهي إليه ـ .
وعلى هذا الأساس ، فإننا نجد الأئمة عليهم السلام على استعداد للاستفادة
____________
1 ـ الملل والنحل ج 1 ص 24 .
2 ـ البداية والنهاية ج 8 ص 51 .