قتلته ، أو الراضون بقتله هم جمهرة الصحابة الأخيار ، ولا يعقل أن يقف الحسنان في وجه هؤلاء وضدهم » (1) .
ونقول :
1 ـ أما ما ذكره هؤلاء من أن الصحابة الأخيار كانوا هم قتلة عثمان ، أو الراضون بقتله ، فهو صحيح ، ولكن مما لا شك فيه ، هو أنه قد كان من بينهم أيضاً بعض من ثار على عثمان ، من أمثال الزبير ، وطلحة وغيرهما ولكن لا لأجل الانتصار للحق ، وللمظلومين ، وإنما من أجل الحصول على بعض المكاسب الدنيوية .
2 ـ وأما ماذكرته الرواية : من أن طلحة والزبير قد أرسلا بإبنيهما للدفاع عن عثمان ، فهو مما لا ريب في بطلانه ، فإن المصادر الموثوقة قد أطبقت : على أن طلحة ، والزبير ، وعائشة ، وغيرهم ، كانوا من أشد الناس على عثمان .. ( ولا نرى حاجة لذكر مصادر ذلك ، فإنه من بديهيات التاريخ .. ) .
3 ـ وأما أنه عليه السلام قد ضرب الحسن عليه السلام ، ودفع في صدر الحسين ، فهو غير صحيح أيضاً ، فإن علياً عليه السلام قد كرر غير مرة : أن قتل عثمان لم يسره ولم يسؤه (2) .. كما أنه لم يكن ليتهم الحسنين عليهما السلام بالتواني في تنفيذ الأوامر التي يصدرها إليهما ، وهما من الذين نصَّ الله سبحانه على تطهيرهم ، وأكد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على عظيم فضلهم ، وسامق مجدهم ، وعلى محبته العظيمة لهم .
وأما بالنسبة للدفاع عن عثمان . فإنَّ ثمة وجهة نظر أخرى جديرة بالتقدير ، وقمينة بأن تقدم تفسيراً صحيحاً ، ومنطلقاً موضوعياً ومنطقياً لموقف أمير المؤمنين عليه السلام في هذه القضية . لا مجرد عدم توجيه أصابع الاتهام إليه عليه السلام ، في موضوع قتل عثمان .
وملخص ما يمكن اعتباره كافياً لتبرير دفاع أمير المؤمنين عليه السلام عن
____________
1 ـ الإمام الحسن بن علي عليه السلام لآل يس ص 50 | 51 .
2 ـ راجع : الغدير ج 9 ص 69 ـ 77 عن مصادر كثيرة .

(165)

عثمان ، هو :
أن أمير المؤمنين عليه السلام ، وإن كان لا يرى خلافة عثمان شرعية من الأساس ، وكان كذلك على اطلاع تام على جميع المخالفات والتجاوزات ، التي كانت تصدر من الهيئة الحاكمة باستمرار . ويرى رأي العين : أن فسادها قد استشرى ، وتفاقم خطره ، حتى لم يعد من السهل تحمله ، أو الإغضاء عنه ..
إنه .. وإن كان يرى ذلك ـ إلا أنه لم يكن يرى : أن علاج الأمر بهذا الأسلوب الانعالي العنيف هو الطريقة المثلى والفضلى .. وقد نقل عنه عليه السلام قوله عن عثمان : إنه استأثر فأساء الأثرة ، وجزعوا فأساؤوا الجزع (1) .
وما ذلك .. إلا أن هذا الأسلوب بالذات ، وقتل عثمان في تلك الظروف ، وعلى النحو الذي كان ، لم يكن بالذي يخدم القضية ، قضية الإسلام ، بل كان من شأنه أن يلحق بها ضرراً فادحاً ، وجسيماً .. إذ أنه سوف يعطي الفرصة لأولئك المترصدين من أصحاب المطامع والأهواء لركوب الموجة ، واستغلال جهل الناس ، وضعفهم ، وظروف حياتهم ، بملاحظة ما تركت عليهم السياسية من آثار في مفاهيمهم ، وفي عقليتهم ، ونظرتهم ، وفي عقائدهم ، وغير ذلك .. ـ لسوف يعطي هؤلاء الفرصة ، لاستغلال كهذا . ورفع شعار الأخذ بثارات عثمان ، واتخاذ ذلك ذريعة للوقوف في وجه الشرعية المتمثلة بأمير المؤمنين عليه السلام ، وإلقاء الشبهات والتشكيكات حول علي ، وأصحاب علي عليه السلام .. الأمر .. الذي نشأ عنه حروب الجمل ، وصفين ، والنهروان ، على النحو الذي سجله التاريخ ..
وقد كان أمير المؤمنين عليه السلام مدركاً ذلك كله ، ومطلعاً عليه بصورة تامة ، حتى انه حينما جاءه اليمنيون لتهنئته بالخلافة ، قال لهم : « إنكم صناديد اليمن وساداتها ، فليت شعري ، إن دهمنا أمر من الأمور كيف صبركم على ضرب الطلا ، وطعن الكلا » (2) .. الأمر الذي يعني : أنه كان يتوقع منذئذٍ حروباً ، لا بد
____________
1 ـ نهج البلاغة ج 1 ص 72 بشرح عبده ، الخطبة رقم 29 .
2 ـ الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 255 .

(166)

له من خوضها ، ضد أصحاب المطامع والمنحرفين .
وقد كان ذلك بطبيعة الحال وَبَالاً على الإسلام ، وعلى المسلمين ، وسبباً للكثير من المصائب والبلايا ، التي لا يزال يعاني الإسلام والمسلمون من آثارها ..
وإذا كان علي أمير المؤمنين عليه السلام لا يرغب في قتل عثمان يهذه الصورة التي حدثت ، وإذا كان قد أرسل الحسنين عليهما السلام للدفع والذب عنه ، وإذا كان قد بلغ في دفاعه عنه حداً جعل مروان يعترف بذلك ويقول :
« ما كان أحد أدفع عن عثمان من علي ، فقيل له : ما لكم تسبونه على المنابر ؟ قال : إنه لا يستقيم لنا الأمر إلا بذلك » (1) .
ويقول علي عليه السلام : « واللهِ ، لقد دفعت عنه ، حتى خشيت أن أكون آثماً » (2) .
إنه إذا كان كذلك .. فإنه لم يكن يريد أن يكون ذلك الدفع عن عثمان ، موجباً لفهم خاطيء لحقيقة رأيه في عثمان ، وفي مخالفته .. فكان يذكر تلك المخالفات تصريحاً تارة ، وتلويحاً أخرى ، كما أنه كان يجيب سائليه عن أمر عثمان بأجوبة صريحة أحياناً ، ومبهمة أحياناً أخرى ، أو على الأقل لا تسمح بالتشبث بها واستغلالها ، من قبل المغرضين والمستغلين (3) ..
كما أن دفاعه عليه السلام عن عثمان ، ومحاولته دفع القتل عنه ، لا يعني : أنه كان يسكت عن تلك المخالفات الشنيعة ، التي كانت تصدر منه ، ومن أعوانه .. ولا أنه لا يرى بها خطراً داهماً ومدمراً .. بل ما فتىء عليه السلام
____________
1 ـ الصواعق المحرقة ص 53 والنصائح الكافية ص 88 عن الدارقطني .
2 ـ نهج البلاغة ، بشرح عبده ج 2 ص 261 ، ومصادر نهج البلاغة ج 3 ص 189 عن العديد من المصادر ، وبهج الصباغة ج 6 ص 79 عن الطبري ، وفيه : والله ، ما زلت أذب عنه حتى إني لأستحي الخ ..
3 ـ راجع هذه الأجوبة في : كتاب الغدير ج 9 ص 70 ـ بل راجع من ص 69 حتى ص 77 .

(167)

يجهر بالحقيقة مرة بعد أخرى ، وقد حاول إسداء النصيحة لعثمان في العديد من المناسبات ، حتى ضاق عثمان به ذرعاً ، فأمره أن يخرج إلى أرضه بينبع (1) .
كما أنه ـ أي عثمان ـ قد واجه الإمام الحسن عليه السلام بأنه لا يرغب بنصائح أبيه ، وذلك لأنه :
« كان علي كلما اشتكى الناس إليه أمر عثمان ، أرسل إبنه الحسن عليه السلام إليه ، فلما أكثر عليه ، قال : أن أباك يرى : أن أحداً لا يعلم ما يعلم ؟ ونحن أعلم بما نفعل ، فكف عنا ، فلم يبعث علي ابنه في شيء بعد ذلك .. » (2) .
وهكذا .. يتضح : أن نصرة الحسنين عليهما السلام لعثمان ، بأمر من أبيهما أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه ، قد كانت منسجمة كل الانسجام مع خطهم عليهم السلام ، الذي هو خط الإسلام الصافي ، والصحيح . وهو يدخل في عداد تضحياتهما الجسام ـ وما أكثرها ـ في سبيل هذا الدين ، ومن أجل إعلاء كلمة الحق .. كما أنه دليل واضح على بعد نظرهم ، وعلى دقة وعمق تفكيرهم ..

معاوية هو قاتل عثمان :

ولا نذهب بعيداً إذا قلنا : إن معاوية قد أدرك منذ البداية : أن قتل عثمان يخدم مصالحه وأهدافه ، وأنه كان يرغب في أن يتم على عثمان ما تم .. وقد استنجده عثمان ، فتلكأ عنه ، وتربص به ، ثم أرسل جيشاً ، وأمره بالمقام بذي خشب ، ولا يتجاوزها . وحذر قائده من أن يقول :
____________
1 ـ نهج البلاغة ، بشرح عبده ج 2 ص 261 وبهج الصباغة ج 6 ص 79 عن الطبري ، ومصادر نهج البلاغة ج 3 ص 189 عن العديد من المصادر ، والغدير ج 9 ص 60 ـ 62 و 69 عن مصادر أخرى أيضاً .
2 ـ الغدير ج 9 ص 71 عن العقد ج 2 ص 274 وعن الإمامة والسياسة ج 1 ص 30 .

(168)

« الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، فإنني أنا الشاهد وأنت الغائب . قال : فأقام بذي خشب ، حتى قتل عثمان ، فاستقدمه حينئذٍ معاوية ، فعاد إلى الشام بالجيش الذي كان أرسل معه . وإنما صنع ذلك معاوية ليقتل عثمان ، فيدعو إلى نفسه » (1) .
وكتب علي أمير المؤمنين عليه السلام إليه : « ولعمري ، ما قتله غيرك ، ولا خَذَلَهُ سواك ، ولقد تربصت به الدوائر ، وتمنيت له الأماني » (2) .
وعنه عليه السلام فيما كتبه له : « إنك إنما نصرت عثمان حينما كان النصر لك ، وخذلته حينما كان النصر له » (3) .
وكتب أبو أيوب الأنصاري لمعاوية : « فما نحن وقتلة عثمان ؟ إن الذي تربص بعثمان ، وثبط أهل الشام عن نصرته لأنت الخ » (4) .
وكتب إليه شبث بن ربعي : « إنك لا تجد شيئاً تستغوي به الناس ، وتستميل له أهواءهم ، وتستخلص به طاعتهم ، إلا أن قلت لهم : قتل إمامكم مظلوماً ، فهلموا نطلب بدمه ، فاستجاب لك سفهاء طغام رذال ، وقد علمنا أنك قد أبطأت عنه بالنصر ، وأحببت له القتل بهذه المنزلة التي تطلب » (5) .
____________
1 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 154 والنصائح الكافية ص 20 عن البلاذري ، والإمام علي بن أبي طالب سيرة وتاريخ ص 166.
2 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 3 ص 411 ط قديم ، والغدير ج 9 ص 150 والنصائح الكافية ص 20 عن الكامل ، والبيهقي في المحاسن والمساوي ، والإمام علي بن أبي طالب عليه السلام سيرة وتاريخ ص 167 عن الأول .
3 ـ راجع : نهج البلاغة ج 3 ص 70 ط عبده والنصائح الكافية ص 20 وشرح النهج للبحراني ج 5 ص 81 وعن شرح المعتزلي ج 4 ص 57 .
4 ـ الإمامة والسياسة ج 1 ص 109 | 110 والغدير ج 9 ص 151 عنه ، وعن شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 260 .
5 ـ وقعة صفين ص 187 | 188 ، وتاريخ الطبري ج 3 ص 570 ، والغدير ج9 ص 151 ، عنهما وعن الكامل لابن الأثير ج 3 ص 123 وعن شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 342 .

(169)

وقال الطبري : فلما جاء معاوية الكتاب تريض به ، وكره إظهار مخالفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله . وقد علم اجتماعهم . فلما أبطأ أمره على عثمان الخ (1) .
وكتب إليه ابن عباس : « .. فأقسم بالله ، لأنت المتربص بقتله ، والمحب لهلاكه ، والحابس الناس قِبَلك عنه .. ولقد أتاك كتابه وصريخه يستغيث بك ويستصرخ فما حفلت به .. فقتل كما كنت أردت .. فإن يك قتل مظلوماً فأنت أظلم الظالمين » (2) .
ولابن عباس كتاب آخر يذكر له فيه ذلك أيضاً (3) .
كما أن المنقري يقول : إنه لما نُعِيَ عثمان إلى معاوية : « ضاق معاوية صدراً بما أتاه ، وندم على خذلانه عثمان ، وقال في جملة أبيات له :

ندمـت علـى ما كان من تبعي الهوى * وقصـري فيـه حسـرة وعـويـل (4)

الأبيات .
وحينما سأل معاوية أبا الطفيل الكناني عن سبب عدم نصره عثمان ، قال له : « منعني ما منعك ، إذ تربَّص به ريب المنون ، وأنت بالشام . قال : أو ما ترى طلبي بدمه نصرة له ؟ فضحك أبو الطفيل ، ثم قال : أنت وعثمان كما قال الشاعر الجعدي :
____________
1 ـ تاريخ الطبري ج 3 ص 402 .
2 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 155 ، والإمام علي بن أبي طالب سيرة وتاريخ ص 167 عنه .
3 ـ الفتوح لابن أعثم ج 3 ص 256 والمناقب للخوارزمي ص 181 والإمامة والسياسة ج 1 ص 113 وشرح النهج للمعتزلي ج 8 ص 66 والغدير ج 10 ص 325 .
4 ـ وقعة صفين ص 79 والإمام علي بن أبي طالب سيرة وتاريخ ص 166 | 167 عنه والغدير ج 9 ص 151 والفتوح لابن أعثم ج 2 ص 266 .

(170)

لا ألفـيـنك بعـد المـوت تـنـدبـني * وفـي حياتـي مـا زودتـنـي زادا (1)

بل لقد ذكر اليعقوبي : أن معاوية أمر الجيش بالمقام في أوائل الشام ، وأن يكونوا مكانهم ، حتى يأتي عثمان ليعرف صحة الأمر ، فأتى عثمان وسأله عن المدة ، فقال : قد قدمت لأعرف رأيك وأعود إليهم ، فأجيئك بهم . قال : « لا والله ، ولكنك أردت أن أقتل فتقول : أنا ولي الثار . إرجع فجئني بالناس ، فرجع ولم يعد إليه حتى قتل .. » (2) .
وقد اعترف معاوية نفسه للحجاج بن خزيمة بأنه قد قعد عن عثمان ، وقد استغاث به فلم يجبه ، وأنه قال في ذلك أبياتاً (3) ، وهي الأبيات اللامية التي أشرنا إليها آنفاً .
وصرح الشهرستاني بأن جميع عمال عثمان وأمراءه قد « خذلوه ، ورفضوه حتى أتى قدره عليه » ، وهم : معاوية ، وسعد بن أبي وقاص ، والوليد بن عقبة ، وعبد الله بن عامر ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح (4) .
وقال له ابن عباس في المدينة ، حينما اتهم بني هاشم بقتل عثمان : « أنت قتلت عثمان ، ثم قمت تغمص على الناس أنك تطلب بدمه ، فانكسر معاوية » (5) .
وكتب محمد بن مسلمة لمعاوية : « .. ولعمري يا معاوية ، ما طلبت إلا الدنيا ، ولا اتبعت إلا الهوى ، ولئن كنت نصرت عثمان ميتاً ،
____________
1 ـ مروج الذهب ج 3 والنصائح الكافية ص 21 والعقد الفريد ج 4 ص 30 عن تاريخ الخلفاء ، والإمام علي بن أبي طالب سيرة وتاريخ ص 168 والغدير ج 9 ص 139 | 140 عن تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 33 وعن تاريخ ابن عساكر ج 7 ص 201 وعن الاستيعاب ، في الكنى ، والإمامة والسياسة ج 1 ص 151 والمسعودي .
2 ـ تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 175 .
3 ـ الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 265 .
4 ـ الملل والنحل للشهرستاني ج 1 ص 26 وراجع هامش : الشيعة في التاريخ ص 142 .
5 ـ تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 223 .

(171)

خذلته حياً » (1) .
ومن كتاب لأمير المؤمنين عليه السلام إليه : « أما بعد ، فوالله ما قتل ابن عمك غيرك ، وإني لأرجو أن ألحقك به على مثل ذنبه ، وأعظم من خطيئته » (2) .
كما أن الاصبغ بن نباته قد واجهه بمثل ما تقدم عن غير واحد (3) .
وكذلك .. فإن الإمام الحسن عليه السلام قال له : « ثم ولاك عثمان فتربصت عليه » (4) . وقال معاوية لعمرو بن العاص : « صدقت ، ولكننا نقاتله على ما في أيدينا ، ونلزمه قتل عثمان . قال عمرو : واسوأتاه ، ان أحق الناس ألا يذكر عثمان لا أنا ولا أنت . قال : ولم ؟ ويحك . قال : أما أنت فخذلته ومعك أهل الشام ، حتى استغاث بيزيد بن أسد البجلي ، فسار إليه : وأما أنا فتركته عياناً ، وهربت إلى فلسطين . فقال معاوية : دعني من هذا الخ .. » (5) .
ولما وصلت رسالة عثمان الاستنجادية إلى معاوية ، قال له المسور بن مخرمة : « يا معاوية، إن عثمان مقتول ، فانظر فيما كتبت به إليه ، فقال معاوية : يا مسور ، إني مصرح : إن عثمان بدأ فعمل بما يحب الله ويرضاه ، ثم غير وبدل ، فغير الله عليه ، أفيتهيأ لي أن أرد ما غير الله عز وجل ؟ » (6) .
فهو يستدل بالجبر من أجل تبرير تخاذله عن نصر عثمان !! .

هل جرح الإمام الحسن عليه السلام في الدفاع عن عثمان :

ويبقى أن نشير : إلى أننا نشك في صحة ما ذكرته الرواية من أن الإمام
____________
1 ـ الإمامة والسياسة ج 1 ص 101 والغدير ج 10 ص 333 .
2 ـ الغدير ج 9 ص 76 والعقد الفريد ج 4 ص 334 .
3 ـ تذكرة الخواص ص 85 ومناقب الخوارزمي ص 134 | 135 .
4 ـ تذكرة الخواص ص 201 .
5 ـ تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 186 والإمامة والسياسة ج 1 ص 98 .
6 ـ الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 228 .

(172)

الحسن عليه السلام قد جرح في الدفاع عن عثمان ، وذلك لان الامام عليا عليه السلام ، وإن كان يمكن أن يكون قد أرسل ابنيه ـ أو الإمام الحسن وحده ـ للدفاع عن عثمان .. وقد جاءا إليه ، وعرضا له المهمة التي أوكلها إليهما أبوهما .. إلا أن الظاهر : هو أن عثمان قد ردهما ، ولم يقبل منهما ذلك .. ويوضح ذلك النصوص التالية :
1 ـ « قال : ثم دعا علي بابنه الحسن ، فقال : انطلق يا ابني إلى عثمان ، فقل له : يقول لك أبي : أفتحب أن أنصرك ؟ فأقبل الحسن إلى عثمان برسالة أبيه ، فقال عثمان : لا ، ما أريد ذلك ، لأني قد رأيت رسول الله .. إلى أن قال : فسكت الحسن ، وانصرف إلى أبيه فأخبره بذلك » (1) .
2 ـ « ثم اقتحم الناس الدار على عثمان وهو صائم .. إلى أن قال : والتفت عثمان إلى الحسن بن علي ، وهو جالس عنده ، فقال : سألتك بالله يا ابن الأخ إلا ما خرجت ؟ فإني أعلم ما في قلب أبيك من الشفقة عليك ، فخرج الحسن رضي الله عنه ، وخرج معه عبد الله بن عمر » (2) .
3 ـ « كان علي كلما اشتكى الناس إليه أمر عثمان أرسل ابنه الحسن إليه ، فلما أكثر عليه قال : إن أباك يرى : أن أحداً لا يعلم ما يعلم ؟ ونحن أعلم بما نفعل ، فكف عنا . فلم يبعث علي ابنه في شيء بعد ذلك .. » (3) .
وقال ابن قتيبة : « ثم دخل عليه الحسن بن علي ، فقال : مرني بما شئت ، فإني طوع يديك . فقال له عثمان ارجع يا ابن أخي ، اجلس في بيتك حتى يأتي الله بأمره » (4) .
____________
1 ـ الفتوح لابن اعثم ج 2 ص 228 .
2 ـ الفتوح لابن اعثم ج 2 ص 231 .
3 ـ تقدمت المصادر لذلك .
4 ـ الإمامة والسياسة ج 1 ص 39 وحياة الصحابة ج 2 ص 134 عن الرياض النضرة ج 2 ص 269 .

(173)

4 ـ « وشمَّر أناس من الناس ، فاستقتلوا ، منهم سعد بن مالك ، وأبوهريرة ، وزيد بن ثابت ، والحسن بن علي ، فبعث إليهم عثمان بعزمه لما انصرفوا ، فأنصرفوا » (1) .
5 ـ « بعث عثمان إلى علي بن أبي طالب : أن ائتني ، فبعث حسيناً ابنه ، فلما جاءه ، قال له عثمان : يا ابن أخي اتقدر على أن تمنعني من الناس ؟ قال : لا . قال : فأنت في حلٍ من بيعتي ، فقل لأبيك يأتني ، فجاء الحسين إلى عليَّ فأخبره بقول عثمان ، فقام علي ليأتيه . فقام إليه ابي الحنفية فأخذ بضبعيه ، يمنعه من ذلك .. » . وفي هذه الأثناء جاء الصريخ : أن قد قتل عثمان (2) .
6 ـ « قال أبو مخنف في روايته : نظر مروان بن الحكم إلى الحسين بن علي فقال : ما جاء بك ؟ قال : الوفاء ببيعتي . قال : اخرج عنا ، أبوك يؤلب الناس علينا ، وأنت هاهنا معنا ؟ . وقال له عثمان : انصرف ، فست أريد قتالاً ولا آمر به » (3) .
وما تقدم يشير إلى أن عثمان قد رفض مساعدة الإمام الحسن ، أو هو مع الحسين عليهما السلام ولم يشاركا عليهما السلام في الحرب ضد الثائرين . ـ ولعل العرض والرفض قد تعدد عدة مرات ـ . وذلك يوجب الريب في تلك الرواية القائلة بأن الإمام الحسن عليه السلام قد جرح في هذه القضية ، ثم كان من علي عليه السلام بالنسبة إليه ولأخيه ما كان ، مما تقدمت الإشارة إلى عدم صحته أيضاً .
نعم ربما يكون الإمام الحسن عليه السلام قد ساعد على نجاة البعض ، من دون اشتراك في القتال ، وإنما بما له من أحترام خاص في النفوس ، ففي محاورة جرت بينه وبين مروان بن الحكم ، قال عليه السلام لمروان : « أفلا أرقت دم من
____________
1 ـ تاريخ الطبري ج 3 ص 389 .
2 ـ أنساب الأشراف ج 5 ص 94 .
3 ـ أنسب الأشراف ج 5 ص 78 .

(174)

وثب على عثمان في الدار ، فذبحه كما يذبح الجمل ، وأنت تثغو ثغاء النعجة ، وتنادي بالويل والثبور ، كالأمة اللكعاء . ألا دفعت عنه بيد ؟ أو ناضلت عنه بسهم ؟ لقد ارتعدت فرائصك ، وغشي بصرك ، فاستغثت بي كما يستغيث العبد بربه ، فأنجيتك من القتل ، ومنعتك منه ، ثم تحث معاوية على قتلي ؟ ! ولو رام ذلك لذبح كما ذبح ابن عفان الخ .. » (1) .

قوة موقف الإمام الحسن عليه السلام :

هذا .. وإن النص المتقدم آنفاً ، ليدل دلالة واضحة على قوة لا يستهان بها في موقف الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام .
وقد تقدم قول ابن العاص لمعاوية عن الإمام الحسن (ع) : « خفقت النعال خلفه ، وأمر فأطيع ، وقال فصدق ، وهذان يرفعان إلى ما هو أعظم ، فلو بعثت إليه ، فقصرنا به وبأبيه ، وسببناه وأباه ، وصغرنا بقدره وقدر أبيه الخ .. » .
وقال سفيان بن أبي ليلى للإمام الحسن عليه السلام في ضمن كلام له : « .. فقد جمع الله عليك أمر الناس .. » (2) .
وروى أبو جعفر قال : قال ابن عباس : « أول ذل دخل على العرب موت الحسن عليه السلام » (3) .
وقال أبو الفرج : « قيل لأبي إسحاق السبيعي : متى ذل الناس ؟ فقال : حين مات الحسن ، وادعي زياد ، وقتل حجر بن عدي » (4) .
وقد اعترف معاوية نفسه : بأن الحسن عليه السلام ليس ممن يُرمي به
____________
1 ـ المحاسن والمساوي ج 1 ص 135 وفي هامشه عن المحاسن والأضداد ..
2 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 44 .
3 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 10 .
4 ـ مقاتل الطالبيين ص 76 وشرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 51 .

(175)

الرجوان (1) .. أي ليس ممن يستهان به ، والنصوص التي تدخل هذا المجال كثيرة ، لا مجال لتتبعها فعلاً .
ولعل ما تقدم من نصرة الإمام الحسن عليه السلام لعثمان ، بالإضافة إلى أنه لم يكن قد ساهم في قتل مشركي قريش وغيرها على عهد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، بسبب صغر سنه آنئذٍ . ثم ما سمعته الأمة ورأته من أقوال ومواقف النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم تجاهه عليه السلام .. ثم علم الجميع بنزول العديد من الآيات القرآنية ، التي تعرب عن فضله ، وتشيد بكريم خصاله ، وتؤكد على ما يؤهله الله له من دورٍ قيادي في مستقبل الأمة ..
ـ إن كل ذلك وسواه ـ قد جعل موقفه عليه السلام في قبال معاوية والأمويين ، أكثر قوة ، وأعظم أثراً ، حيث لم يكن ثمة شبهات يستطيع خصومه التشبث بها لتضعيف مركزه ، وزعزعة سلطانه ، كما أنه لم يواجه ما يشبه قضية التحكيم ، التي فُرِضَت على أمير المؤمنين عليه السلام من قبل ..
نعم .. هو ابن لذلك الذي وَتَرَ قريشاً ، وقتل صناديدها ، الذين أرادوا أن يطفئوا نور الله سبحانه ، بكل ما يملكون من حيلة ووسيلة .
ولعل مدى ضعف حجة معاوية في مقابل الإمام الحسن عليه السلام ، يتجلى أكثر ، بالمراجعة إلى أقوال معاوية نفسه ، وذلك حينما لا يجد حجة يحتج بها لتصديه لهذا الأمر ، سوى أنه أطول من الإمام الحسن عليه السلام ولاية ، وأقدم تجربة ، وأكثر سياسة ، وأكبر سناً (2) .
قال بعض الباحثين : « وهكذا .. صارت مقاييس الخلافة كمقاييس الأزياء ، أو الكمال الجسماني : أطول ، وأكبر ، وأقدم ، وأكثر » (3) .
إلا أن جيش الإمام الحسن عليه السلام ، وكذلك الظروف الخاصة التي
____________
1 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 19 و 195 .
2 ـ مقاتل الطالبيين ص 58 وشرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 36 ، وحياة الحسن بن علي ، للقرشي ج 2 ص 33 و 35 .
3 ـ حياة الإمام الحسن بن عليه السلام ، لآل يس ص 85 .

(176)

مرت بها الأمة ، والعراق خاصة ، والنواحي العقيدية والاجتماعية ، وغير ذلك ـ كل ذلك وسواه ـ هو الذي أضعف من موقف الإمام الحسن عليه السلام ، وقوى من شوكة معاوي ، وإن كان العامل الزمني قد كان ـ على ما يبدو ـ لصالح الإمام الحسن عليه السلام على المدى الطويل . ولا سيما بعد وجود بعض التحول في المجتمع العراقي تجاه أهل البيت ، بعد جهود أمير المؤمنين عليه السلام في هذا المجال ..
وقد شرحنا بعض ما يرتبط المجتمع العراقي في بحث لنا آخر حول الخوارج ، وفيما تقدم بعض ما يمكن أن يفيد في ذلك . وليس هذا موضع بحثنا الآن ، لأنه يرتبط بظروف صلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية .. كما هو معلوم ..

هل كان الإمام الحسن عليه السلام عثمانياً ؟ !

ويحاول البعض أن يدعي : أن الإمام الحسن عليه السلام « كان عثمانياً بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة » ، قال : « وربما غلا في عثمانيته ، حتى قال لأبيه ذات يوم ما لا يحب ، فقد روى الرواة : أن علياً مر بابنه الحسن ن وهو يتوضأ ، فقال له : أسبغ الوضوء يا حسن ، فأجابه الحسن بهذه الكلمة المرة : « لقد قتلتم بالأمس رجلاً كان يسبغ الوضوء » ، فلم يزد على أن قال : لقد أطال الله حزنك على عثمان » . وفي نص آخر للبلاذري : « لقد قتلت رجلاً كان يسبغ والوضوء » (1) .
وفي قصة أخرى يقولون : « إن الحسن بن علي ، قال لعلي : يا أمير المؤمنين ، إني لا أستطيع أن أكلمك ، وبكى ، فقال علي : تكلم ، ولا تحنَّ حنين
____________
1 ـ راجع : الفتنة الكبرى ، قسم : علي وبنوه ص 176 ، وأنساب الأشراف ج 3 ص 12 بتحقيق المحمودي و ج 5 ص 81 وراجع : الإمام الحسن بن علي لآل يس ص 50 وسيرة الأئمة الإثني عشر ج 1 ص 543 .
(177)

المرأة ، فقال : إن لناس حصروا عثمان ، فأمرتك أن تعتزلهم وتلحق بمكة ، حتى تؤوب إلى العرب عوازب أحلامها ، فأبيت . ثم قتله الناس ، فأمرتك أن تعتزل الناس فلو كنت في جحر ضب لضربت إليك العرب آباط الإبل حتى يستخرجوك ، فغلبتني . ثم أمرتك اليوم : أن لا تقدم العراق ، فإني أخاف عليك أن تقتل بمضيعة .. فقال علي الخ » (1) .
وثمة روايات أخرى تفيد هذا المعنى ، لا مجال لإيرادها وهي تدل على أنه عليه السلام كان يكره أن يذهب أبوه إلى العراق لحرب طلحة والزبير ، كما قاله البعض (2) .
ونقول : إن كل ذلك لا يمكن أن يصح ، فـ :
أولاً : كيف يمكن أن نجمع بين ما قيل هنا ، وبين قولهم الآنف الذكر : إن أمير المؤمنين عليه السلام قد أرسل الإمام الحسن وأخاه عليهم السلام للدفاع عن عثمان .. وأنه لما علم بمصيره جاء كالواله الحزين ، ولطم الحسن المخضب بالدماء ، ودفع في صدر الحسين عليهما السلام ، بتخيُّل : أنهما قد قصرا في أداء مهمتهما الخ ؟ ! .
ثانياً : غن المتتبع لعامة مواقف الإمام الحسن عليه السلام يجده ـ باستمرار وبمزيد من الإصرار ـ يشدُّ أزر أبيه ، ويدافع عن حقه ، ويهتم في دفع حجج خصومه ، بل .. ويخوض غمرات الحروب في الجمل ، وفي صفين ، ويعرِّض نفسه للأخطار الجسام ، في سبيل الدفاع عنه عليه السلام ، وعن قضيته ، حتى لقد قال الإمام عليه السلام : أملكوا عني هذا الغلام لا يهدني ـ حسبما تقدم ..
وبالنسبة لدفاعه عن قضية أهل البيت عليهم السلام ، وحقهم بالخلافة ، دون كل من عداهم ، فإننا لا نستطيع استقصا جميع مواقفه وأقواله فعلاً ، ولكننا
____________
1 ـ أنساب الأشراف بتحقيق المحمودي ج 2 ص 216 | 217 وتاريخ الطبري ج 3 ص 474 وليراجع : شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 226 | 227 و ج 19 ص 117 وسيرة الأئمة الاثني عشر ج 1 ص 543 عن طه حسين وغيره .
2 ـ راجع : سيرة الأئمة الاثني عشر علي بن أبي طالب 1 ص 542 ـ 544 وغير ذلك .

(178)

نذكر نموذجاً منها :
1 ـ عن الحسن عليه السلام : « إن أبا بكر وعمر عمدا إلى هذا الأمر ، وهو لنا كله ، فأخذاه دوننا ، وجعلا لنا فيه سهماً كَسَهم الجدة ، أما والله ، لتهمنهما أنفسهما ، يوم يطلب الناس فيه شفاعتنا » (1) .
قال التستري : « والظاهر : أن المراد بقوله عليه السلام : كسهم الجدة : أنهما جعلا لهم من الخلافة ، وباقي حقوقهم ، مجرد طعمة ، كالجدة مع الوالدين » (2) .
2 ـ وعنه عليه السلام في خطبة له : « ولولا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وأوصياؤه ، كنتم حيارى ، لا تعرفون فرضاً من الفرائض الخ .. » قال هذا بعد أن عدد الفرائض ، وكان منها الولاية لأهل البيت عليهم السلام (3) .
3 ـ وتقدم قوله عليه السلام في خطبة له بعد بيعة الناس له : « فإن طاعتنا مفروضة ، إذ كانت بطاعة الله عز وجل ورسوله مقرونة ، قال الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا ، أطيعوا الله ، وأطيعوا الرسول ، وأولي الأمر منكم ، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) الخ ... (4) .
4 ـ وقال الأربلي : عن معاوية : « وكان بينه وبين الحسن مكاتبات ، واحتج عليه الحسن ، في استحقاقه الأمر ، وتوثب من تقدم على أبيه ، وابتزازه سلطان ابن عمه رسول الله صلى الله عليه وآله ... » (5) .
وقد كتب عليه السلام لمعاوية ، بعد ذكره ، مجاهدة قريش لهم ، بعد وفاة
____________
1 ـ أمالي المفيد ص 49 وبهج الصباغة ج 4 ص 569 .
2 ـ بهج الصباغة ج 4 ص 569 .
3 ـ ينابيع المودة ص 480 وعن الأمالي للطوسي ص 56 .
4 ـ ينابيع المودة ص 21 وأمالي المفيد ص 349 ومروج الذهب ج 2 ص 432 وحياة الحسن بن علي للقرشي ج 1 ص 153 وأمالي الشيخ الطوسي ج 1 ص 121 ، وصلح الحسن لآل يس ، ص 59 وعن جمهرة الخطب ج 2 ص 17 عن المسعودي .
5 ـ كشف الغمة ج 2 ص 165 .

(179)

النبي صلى الله عليه وآله ، مايلي :
« وقد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا ، في حقنا ، وسلطان نبينا صلى الله عليه وآله .. إلى أن قال : فأمسكنا عن منازعتهم ، مخافة على الدين : أن يجد المنافقون والأحزاب بذلك مغمزاً يثلمونه به . إلى أن قال : وبعد ، فإن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، لما نزل به الموت ولاَّني الأمر بعده » (1) .
5 ـ وحسبنا أن نذكر هنا : أن أباه أرسله إلى الكوفة ، فعزل أبا موسى الأشعري ، الذي كان يثبط الناس عن أمير المؤمنين عليه السلام . وجاء إلى أبيه بعشرة آلاف مقاتل . وجرت في هذه القضية حوادث مثيرة وهامة ، عبر فيها الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام عن فنائه المطلق في قضية أبيه ، التي هي قضية الإسلام والإيمان ، والتي نذر نفسه للدفاع عنها ، مهما كلفه ذلك من تضحيات (2) .
6 ـ ثم هناك موقفه عليه السلام في تفنيد ما احتج به المعترضون على قضية التحكيم ، حيث أورد بهذه المناسبة احتجاجات هامة ، جديرة بالبحث والدراسة ، وهي تدل على بعد نظره ، وثاقب فكره ، وعمق وعيه لكل الأمور والقضايا .. فلتراجع في مصادرها (3) .
____________
1 ـ راجع : مروج الذهب ج 2 ص 432 وشرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 34 ومقاتل الطالبيين ص 55 | 56 والفتوح لابن اعثم ج 4 ص 151 والمناقب لابن شهر آشوب ج 4 ص 31 وحياة الحسن بن علي للقرشي ج 2 ص 29 والبحار ج 44 ص 54 وصلح الإمام الحسن لآل يس ص 82 والأحمدي عن ناسخ التواريخ ج 5 ص 84 وعن جمهرة رسائل العرب ج 2 ص 9 وعن مكاتيب الأئمة ص 3 و 4 و 7 .
وفي بعض تلك المصادر : « ولاني المسلمون الأمر بعده » وراجع : الغدير ج 10 ص 159 .
2 ـ راجع حياة الحسن بن علي للقرشي ، وسيرة الأئمة الاثني عشر ج 1 ص 546 | 548 .
3 ـ العقد الفريد ج 4 ص 350 والبحار ط قديم ج 8 ص 564 والإمامة والسياسة ج 1 ص 138 والمناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 193 وحياة الحسن بن علي للقرشي ج 1 ص 261 و 262 وعن جمهرة خطب العرب ج 1 ص 392 .