هداية الطالب إلى أسرار المكاسب ـ الجزء الثاني‏ ::: 401 ـ 403
(401)
يجوز تأمّل بل منع يعلم وجهه بالمراجعة إلى أهل السّوق ولو سلّم ففي كون جهة المنع أخذ الأجرة منع بل قضيّة قوله (ص) دعو النّاس يرزق اللَّه بعضهم من بعض الّذي هو في مقام التّعليل للنّهي أنّ جهة المنع فوات ارتزاق أهل البلد من البادي إذا كان المتصدّي لبيع متاع أهل البادية والمباشر له من أهل البلد حيث أنّه من جهة كونه من أهل البلد يتمكّن من حفظ المتاع عنده ورجوع صاحبه إلى محلّه ومعه لا يبيع الا بسعر البلد أو بقليل منه يسيرا فلا ينتفع المشتري هذا بخلاف ما إذا كان المتصدّي له نفس البادي صاحب المتاع فإنّه نوعا لا يتمكّن من البقاء في البلد إلى أن يبيعه بقيمته السّوقيّة فيبيعه بأقلّ منها فينتفع المشتري‏
    قوله وفي رواية أخرى لا تلق إلى آخره‏
    (1) أقول سند الرّواية على ما عن الكافي عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد جميعا عن ابن محبوب عن مثنى الحنّاط عن منهال القصّاب عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال قال لا تلق ولا تشتر ما تلقى ولا تأكل منه ورواه الصّدوق الأكل كونه لفساد المعاملة أقول يعني فساد معاملة المتلقّي مع المتلقّى له ولعلّ وجه ظهور كون النّهي عن أكل ما تلقى لذلك هو استبعاد حرمة أكل الإنسان لو لا ذلك وفيه تأمّل لإمكان طروّ الحرمة عليه من جهة تعنونه بالتّلقّي نظير حرمة أكل المال الحلال إذا كان في آنية الذّهب والفضّة أو فيما إذا كان بحكم قاضي الجور على الأظهر في كلتا المسألتين وأمّا الإسكافي فلعلّه يقول بفساد الشّراء من المتلقّي بالكسر الا الشّراء من المتلقّى بالفتح وعليه يمكن أن يكون نظره إلى قوله لا تشتر ممّا تلقى لا إلى قوله لا تأكل منه فلا بدّ من مراجعة كلامه‏
    قوله فيقصر عن إفادة الحرمة والفساد
    (2) أقول الأوّل لضعفها والثّاني لمخالفة الأصحاب‏
    قوله لو وجد القول بكراهة الأكل‏
    (3) أقول لا وجه لهذا التّقييد على الظّاهر وذلك لأنّ حملها على الكراهة مع ضعفها إن كان من جهة قاعدة التّسامح في أدلّة الكراهة ففيه أنّ الرّواية كافية في القول بها فلا حاجة إلى وجود القول بها وإن كان مع قطع النّظر عنها ففيه أنّ مجرّد القول بها لا يخرجها عن الضّعف فلا يجدي‏
    قوله ولا بأس به‏
    (4) أقول فيه إنّ حسم مادّة التّلقّي أمر اعتباريّ لا يصلح الاستناد إليه وعلى فرض الصّلاحيّة لا فرق بين الكراهة والحرمة بل الثّاني أولى لكونه في تحصيل الغرض أقوى‏
    قوله وممّا ذكرنا يعلم أنّ النّهي إلى آخره‏
    (5) أقول يعني بالموصول خصوص الضّعف لا هو مع مخالفة الأصحاب لأنّ المراد من النّهي في سائر الأخبار النّهي عن التّلقي وحرمته ليست مخالفة للأصحاب لذهاب جملة من الأساطين إلى الحرمة على ما تقدّم نقله في صدر المسألة بل مخالفة للمشهور كما صرّح به في الذّيل الا أن يراد من الأصحاب ما ينطبق على المشهور فيصحّ حينئذ أن يراد من الموصول كلا الأمرين الضّعف ومخالفة الأصحاب وعلى أيّ حال لا وجه لتعليل الحمل على الكراهة بموافقته للأصل لأنّ الكراهة مخالفة للأصل بمعنى الاستصحاب والموافق للأصل عدم الحرمة وهو أعمّ من الكراهة
    قوله وقد تبعوا بذلك مرسلة الفقيه إلى آخره‏
    (6) أقول الظّاهر أنّه في مقام العلّة لاستظهار زوال المرجوحيّة في أربعة فراسخ وقوله فإنّ الجمع إلى آخره بيان لوجه العليّة والأولى أن يقول والظّاهر أنّ مرادهم خروج الحدّ عن المحدود وزوال المرجوحيّة إذا كان أربعة فراسخ لأنّه قضيّة الجمع بين رواية منهال المحدود بما دون الرّوحة وروايته الأخرى المحدود بالرّوحة وذلك لأنّ الجمع بين صدر مرسلة الصّدوق وذيلها وهي ما ذكره بقوله وروي أنّ حدّ التّلقي روحة إنّما يكون شاهدا عليه لو كان الذّيل جزء الرّواية وهو غير معلوم لاحتمال أن يكون من كلام الصّدوق ولو سلّم فلا ينحصر الجمع بما ذكر كي يكون دليلا على خروج الحدّ لإمكان الجمع بينهما بإرادة التّجاوز عن الحدّ من البلوغ إلى الأربعة بأن يكون الغاية داخلة في المغيّا والتّحقيق أن يقال إنّ رأس أربعة فراسخ ليس أمرا خارجيّا وإنّما هو خطّ موهوم أحد طرفيه دون الأربعة والآخر فوقها وحينئذ نقول إنّ المراد من الحدّ الّذي وقع في الجواب عنه روحة كما في رواية هو ذاك الخطّ الفاصل بين الطّرفين الّذي كما هو نهاية للأربعة كذلك هو بداية لما فوقها كان السّائل قال ما الحدّ الّذي به يمتاز موضوع الكراهة وهو التّلقي عن موضوع عدم الكراهة وهو التّجارة ويكون أحد طرفي ذاك الحدّ موضوع هذا والطّرف الآخر موضوع ذاك فأجاب بأنّه روحة وأربعة فراسخ والمراد من الحدّ الّذي وقع في الجواب عن السّؤال عنه قوله دون غدوة أو روحة هو الحدّ الّذي يتحقّق فيه موضوع الكراهة فكان السّائل قال قلت ما الحدّ الّذي يكون تلقّيا فأجاب عليه السلام بأنّه ما دون غدوة وروحة ويفهم من ذلك كما فهم ابن أبي عمير أنّ الحدّ الّذي لا يكون تلقيا بل يكون تجارة ما فوق الغدوة والرّوحة بناء على أن يكون المشار إليه بذلك في كلامه هو الغدوة والرّوحة لا ما دون ولعلّه الظّاهر ومن هنا يظهر الحال في مرسلة الصّدوق وأنّ معناها أنّ آخر حدّ التلقّي الّذي هو فاصل بين هذا الموضوع وبين موضوع التّجارة الغير المكروه هو الجزء الأخير من الرّوحة فإذا انتهت الأربعة ولم يبق منها جزء الا وقد عمّه بلوغ المتلقّي في سيره الّذي لا يتحقّق الا بالتّجاوز عنه فهو جلب فالمحلّ الّذي به ينتهي الرّوحة حدّ فاصل بين التّلقّي والجلب أحد طرفيه وهو ما دونها تلقّ والآخر وهو ما فوقها جلب وما ذكره العلّامة في ( ـ المنتهى ـ ) موافق لما ذكرناه حيث أنّ مراده أنّ العلماء جعلوا الأربعة حدّا به يمتاز التّلقّي المكروه عن التّجارة ولازم حدّية الجزء الأخير مع كونه نهاية للأربعة باعتبار وبداية لما زاد باعتبار آخر أنّه إن نقص عن ذلك يكون تلقيا وإن زاد عليه يكون تجارة ولا ينافي ذلك بتحقّق السّفر الحقيقي بذهاب‏


(402)
هذا المقدار وإيابه بتوهّم أنّه لا يعتبر في تحقّق السّفر بالذّهاب والإياب الزّيادة على الأربعة وذلك لأنّ سير تمام فراسخ بتمام أجزائه حتّى الجزء الأخير لا يتمّ الا بمرور أجزاء بدنه عليه وهو لا يكون الا بتجاوز قدمه عن هذا الجزء
    قوله لكن قال في المنتهى حدّ علمائنا إلى آخره‏
    (1) أقول لما كان قول العلّامة فإن زاد على ذلك كان تجارة وجلبا ظاهرا من حيث المفهوم ظاهرا في كون نفس أربعة فراسخ بلا زيادة تلقّيا فيكون مخالفا لما ذكره من عدم كونه تلقّيا استدركه بأنّ المراد منه البلوغ إلى أربعة فراسخ والتّعبير بالزّيادة مسامحة والدّليل عليه تعليل كونه تجارة مع الزّيادة لا تلقيا بحصول السّفر الحقيقي وجه الدّلالة أنّه يكفي في تحقّقه نفس الأربعة روحة ورجعة ولا يعتبر فيه الزّيادة
    قوله ولعلّ الوجه في التّحديد بالأربعة أنّ الوصول على الأربعة
    (2) أقول الّذي أظنّه أنّ الغرض من ذلك بيان إمكان عدم مسامحة في التّعبير لإمكان التّصرّف في أوّل كلامه بأن يقال إنّ المراد من الأربعة المحدود بها الكراهة ما فوق الأربعة والتّعبير بها مع إرادة الزّائد مبنيّ على الغالب في مقام إحرازها لأنّ العلم بالوصول إلى الأربعة بلا زيادة ونقيصة نادر جدّا فلا يصلح أن يكون ضابطا لرفع الكراهة إذ لا يعلم غالبا أنّه وصل إلى الأربعة الا إذا تجاوز عنها ولو يسيرا فلا بدّ أن يراد الغالب من حيث العلم بالوقوع وهو صورة الزّيادة فكأنّه قال حدّ علمائنا التّلقي بالزّائد عن الأربعة فحينئذ يكون قوله فإذا أراد على ذلك أي الأربعة على ظاهره خاليا عن المسامحة وقد عرفت في الحاشية السّابقة أنّ عبارة العلامة على ظاهرها صدرا وذيلا موافق للتّحقيق ولا مسامحة فيها ولا تأويل وكيف كان فقد علم ممّا ذكرنا في شرح قوله المعنون به الحاشية أنّ حقّ العبارة أن يقول إذ لا يعلم بدل إذ لا يقال لأنّه مناقض لفرض تحقّق الوصول على الأربعة بلا زيادة ونقيصة ولو نادرا كما هو ظاهر فراجع‏
    قوله إذ بدونه لا يصدق التّلقي‏
    (3) أقول إذ القصد أخذ في معنى هيئة التّفعّل‏
    قوله وكذا في اعتبار قصد المعاملة
    (4) أقول إذ الظّاهر من مساق الأخبار كون التّلقي لأجل المعاملة بل يمكن استفادة ذلك من رواية عروة بناء على أنّ تجارة مفعول له لكنّه غير معلوم لاحتمال أن يكون مفعولا به كما يؤيّده أنّ في الفقيه طعاما بدل تجارة
    قوله ظاهر التّعليل في رواية عروة المتقدّمة اعتبار الجهل الرّكب بسعر البلد
    (5) أقول يعني بالتّعليل قوله والمسلمون يرزق اللَّه بعضهم من بعض لأنّه في مقام العلّة الغائية للنّهي والمراد من البعض الأوّل أهل البلد ومن الثّاني الرّكب وحينئذ وجه ظهوره فيما ذكره واضح إذ مع العلم بالسّعر لا يترتّب على ترك التّلقي ما ذكر من ارتزاق أهل البلد من الرّكب فيكون تعليل النّهي به لغوا
    قوله ولكنّه مبنيّ على عدم اختصاص القيد بالحكم الأخير
    (6) أقول يعني ولكنّه يحتمل اختصاص التّعليل المذكور بالنّهي عن بيع الحاضر للبادي فعلى هذا التّقدير يحتمل أن يكون العلّة في كراهة التّلقي إلى آخره‏
    قوله نعم لا بأس باستيهابهم‏
    (7) أقول لخروجه عن مساق الأخبار فيرجع إلى أصالة الإباحة المقتضية للجواز
    قوله لمعاملات أخر غير شراء متاعهم‏
    (8) أقول مثل بيع شي‏ء منهم وإجارة الخانات لهم‏
    قوله ولعلّه لإطلاق النّبويّ‏
    (9) أقول يشكل ذلك بأنّ الحلّي لا يعمل بخبر الواحد المسند الصّحيح فكيف بالنّبويّ العاميّ المرسل‏
    قوله المحمول على صورة تبيّن الغبن‏
    (10) أقول لا شاهد لهذا الحمل كي يكون ردّا على الحلّي فالعمدة في ردّه ما ذكرناه‏
    [ مسألة يحرم النجش على المشهور ]
    قوله يحرم النّجش إلى آخره‏

    (11) أقول هذا تكرار لما مرّ في المكاسب المحرّمة
    قوله والتّدابر الهجران‏
    (12) أقول يعني الإعراض عن متاع البائع بقصد إسقاطه عن أعين المشترين مقدّمة للشّراء بالقيمة النّازلة
    [ مسألة إذا دفع إنسان إلى غيره مالا ليصرفه في قبيل‏ ]
    قوله قدّس سرّه كمال الإمام (ع‏)

    (13) أقول مثال للمنفيّ وهو حصول الولاية للمدفوع إليه على المال المدفوع بدون إذن الدّافع على المعروف من ولاية الحاكم على ماله عليه السلام وكذا المظالم لو دفعهما إليه دافع فله التّصرّف فيه ولو بصرفه على نفسه وفي معيشته وإن لم يرض به الدّافع وفيه كلام ليس هنا محلّ ذكره‏
    قوله والتّحقيق هنا مراعاة معتقد المدفوع إليه إن كان إلى آخره‏
    (14) أقول لأنّ إحراز الموضوع على عهدة المخاطب المدفوع إليه وعمدة طرقه اعتقاده‏
    قوله ثمّ إنّ التّعبّد في حكم المسألة لا يخلو من بعد
    (15) أقول يعني القول بأنّ حرمة الأخذ لنفسه ليست من جهة كونه تصرّفا في مال الغير بدون إذنه وكذا جوازه ليس لأجل أنّه مأذون فيه بل كلّ منهما على تقدير القول به تعبّد محض ثبت بدليل خاصّ على خلاف القاعدة في موضوع المسألة لا يخلو من وجه‏
    قوله فالأولى حمل الأخبار المجوّزة إلى آخره‏
    (16) أقول هذا الجمع عار عن الشّاهد فالأولى تقييد إطلاق دليل المنع بحمله على صورة تعيين المصارف وتسميتها وتقييد إطلاق دليل الجواز بحمله على صورة عدم التّعيين بشهادة صحيحة ابن الحجّاج المفصّلة بين صورة الإطلاق والتّسمية بالجواز في الأولى وعدمه في الثّانية
    قوله ثمّ على تقدير المعارضة فالواجب الرّجوع إلى آخره‏
    (17) أقول يعني على تقدير المعارضة وعدم قبول الجمع بالنّحو المذكور فالواجب بعد التّكافؤ من حيث السّند أيضا رفع اليد عن طرفي المعارضة والرّجوع إلى ظاهر اللّفظ الصّادر عن الدّافع لأنّ الشّكّ بعد تكافؤ الأخبار إنّما هو في وجود الصّارف الشّرعي عن الظّهور العرفي فيكون من قبيل مصاديق الشّكّ في إرادة الظّاهر مع الشّكّ في وجود القرينة الصّارفة عنه والمرجع في ذلك أصالة الظّهور هذا بناء على التّساقط في المتعارضين وأمّا بناء على التّخيير بينهما الثّابت بالأخبار فالمرجع هو التّخيير في الأخذ بأحدهما في مقام الإفتاء فالحكم جوازا ومنعا يدور مدار اختيار خبر الجواز وعدمه اجتهادا أو تقليدا
    [ مسألة احتكار الطعام لا خلاف في مرجوحيته‏ ]
    قوله قدّس سرّه الا أنّ تقييدها بصورة عدم باذل غيره مع ما دلّ على كراهة الاحتكار مطلقا قرينة على إرادة التّحريم‏

    (18) أقول يعني إنّ التّقييد المذكور بضميمة حفظ إطلاق ما دلّ على كراهته الشّامل لصورة السّعة وعدم احتياج النّاس إليه‏


(403)
و لو بوجود الباذل مثل قوله في رواية السّكوني فيما زاد على أربعين يوما في الخصب فصاحبه ملعون حيث أنّ النّاس في الخصب يكون في سعة لا يكون لهم حاجة إلى ما عند المحتكر يكون قرينة على إرادة التّحريم وفيه أنّ إطلاق الدّليل المذكور لا بدّ أن يرفع اليد عنه على كلّ من تقديري إرادة الكراهة المصطلحة من قوله يكره في هذه الصّحيحة وإرادة التّحريم أمّا على الأوّل فبتقييده بصورة عدم السّعة بدونه وأمّا على الثّاني فبتقييده بصورة وجود السّعة إذ بناء على الإطلاق يكون الاحتكار مع عدم السّعة حراما لا مكروها وبعد هذا لا يبقى في البين الا التّقييد بصورة عدم وجود باذل غيره وهو بمجرّده لا يصلح أن يكون قرينة على التّحريم ولو سلّمنا بقاء الإطلاق المذكور على حاله على تقدير إرادة التّحريم نمنع صلاحيّة ما ذكره للقرينيّة على إرادة التّحريم لإمكان حفظ الإطلاق مع إرادة شدّة الكراهة المصطلحة فيدور الأمر بين أن يراد من البأس والكراهة الحرمة وبين أن يراد منهما شدّة الكراهة ولا ترجيح لأحدهما على الآخر بل الثّاني راجح لحفظ إطلاق ما دلّ على الكراهة مطلقا معه بخلافه مع الأوّل كما عرفت‏
    قوله وحمله على تأكّد الكراهة أيضا إلى آخره‏
    (1) أقول يعني وحمل يكره على تأكّد الكراهة وإن كان يوجّه به التّقييد بالصّورة المذكورة مثل الحمل على الحرمة الا أنّه أيضا مثله مخالف لظاهر يكره لأنّه ظاهر في نفس الكراهة لا في تأكّدها وقد علم ما فيه ممّا مرّ من أنّه نعم لكنّه راجح بالقياس على الحمل على التّحريم ولا أقلّ من المساواة وعلى التّقديرين تسقط الصّحيحة عن الدّلالة على التّحريم‏
    قوله ويؤيّد التّحريم ما عن المجالس إلى آخره‏
    (2) أقول يمكن الخدشة فيه بأنّ مدلوله ليس الا أنّ الاحتكار يوجب بعدا محوجا إلى التّدارك وهذا لا يدلّ على حرمته الا بعد ضمّ الملازمة بين الكفّارة والحرمة ولا دليل عليها لا عقلا ولا شرعا ولا عرفا فتأمّل وعلى تقدير تسليم دلالته على التّحريم قد يورد على المصنف قدّس سرّه بأنّ النّسبة بينه وبين مدّعاه عموم من وجه لعمومه من حيث وجود الباذل وعدمه أي الحاجة وعدمها وخصوصه من حيث مدّة الحبس والمدّعي بالعكس ولا يصحّ الاستناد إلى أحد العامين للآخر وفيه أنّه يرد عليه لو كان التّحديد بالمدّة تعبّدا صرفا وسيأتي في الأمر الثّاني منع ذلك وأنّه تحديد بوقت الحاجة في الخصب لأجل تقييده برواية السّكوني الآتية وعليه يرتفع الإيراد ولكن يأتي أنّه خلاف الظّاهر بلا دليل عليه فالإيراد في محلّه فبناء على دلالته على الحرمة كان اللّازم تقييد موضوعها بتلك المدّة في الخصب بالثّلاثة في غيره كما هو قضيّة الجمع بينه وبين رواية السّكوني الآتية الا أنّ الشّأن في دلالته وكذا في دلالة رواية السّكوني أمّا في الأوّل فلما مرّ وأمّا في الثّاني فلأنّ اللّعن هو البعد عن ساحة قرب المولى ولا ينحصر سببه في الحرام بل يتحقّق بالمكروه أيضا
    قوله إذ الإلزام على ترك المكروه خلاف الظّاهر
    (3) أقول الظّاهر خلاف القاعدة بدل خلاف الظّاهر وذلك مضافا إلى شهادة ما يأتي في ذيل الأمر الخامس عليه لأنّه ليس هنا لفظ يكون ظاهرا في عدم الإلزام بترك المكروه حتّى يقال إنّ الإلزام بتركه خلاف الظّاهر الا أن يقال إنّ مراده من الظّاهر أدلّة النّهي عن المنكر حيث أنّ دليل الإلزام على ترك الاحتكار هو هذه الأدلّة والمنكر فيها ظاهر في الحرام ولا يعمّ المكروه لكن فيه أنّ دليله الإجماع لا هذه الأدلّة
    قوله بقرينة تفريع قوله فإن كان في المصر طعام‏
    (4) أقول لم أفهم الوجه في كونه قرينة على التّعميم‏
    قوله الا أن يراد جمعه في ملكه‏
    (5) أقول يعني الا أن يراد من جمع الطّعام في كلام أهل اللّغة جمعه في ملكه أي جمعه عنده بإدخاله في ملكه وإحداث كونه ملكا له فيختصّ الجمع بالاشتراء نوعا ولا يعمّ الجمع من مزارعه‏
    قوله جمعا بين النّهي عن التّسعير والجبر بنفي الإضرار
    (6) أقول يعني من الجبر جبر المحتكر على عدم الإضرار على المشترين بزيادة الثّمن فتأمّل هذا آخر الجزء الثّاني من هداية الطّالب في شرح المكاسب ويتلوه الجزء الثّالث في الخيارات والحمد للّه تعالى أوّلا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلّى اللَّه على سيّد الأنبياء محمّد وآله الطّاهرين ووفّقنا لما يحبّ ويرضى وعاملنا وعامل جميع من مات على الإيمان سيّما والدينا بلطفه الخفيّ وقد فرغت منه ليلة الخامس من شهر جمادى الأولى من شهور سنة ثلاثمائة وستّة وخمسين بعد الألف من الهجرة النّبويّة على هاجرها آلاف صلاة وتحيّة قد وقع الفراغ من تحرير هذه الأوراق الشّريفة بيد أقلّ الحاجّ طاهر بن المرحوم الحاجّ عبد الرّحمن غفر اللَّه تعالى ذنوبهما في شهر ربيع الثّاني من شهور سنة 1374
هداية الطالب إلى أسرار المكاسب ـ الجزء الثاني