الفصل الثامن والعشرون والمائة
في عيادة المريض
(1305|1) قال النبي (صلّى الله عليه وآله) : « من عاد مريضاً ، فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله سبعون ألف ألف حسنة ، ومحي عنه سبعون ألف ألف سيئة ، ويرفع له سبعون ألف ألف درجة ، ويوكل به سبعون ألف ألف مَلَك يقعدون في قبره ، ويستغفرون له إلى يوم القيامة .
ومن غسّل ميتاً فادى فيه الأمانة كان له بعدد كل شعرة منه عتق رقبة ، ورفعت له بها مائة درجة » .
فقال عمر : يا رسول الله ، كيف يؤدي فيه الأمانة ؟ قال : « يستر عورته ، ويكتم شينه ، فإن لم يفعل ذلك حبط عمله ، وكشفت عورته في الدنيا والأخرة » .
(1306|2) عن أبي هريرة ، عن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال : « إن الله تعالى قال لأدم (عليه السِّلام) : مرضت فلم تعدني ، قال : يا رب كيف أعودك وانت رب العالمين ؟ ! قال : مرض فلان عبدي ، فلو عدته لوجدتني عنده.
واستسقيتك فلم تسقني ، قال : وكيف ذلك وأنت رب العالمين ؟ ! قال : استسقاك عبدي فلان ، ولو سقيته لوجدت ذلك عندي .
____________
1 - ثواب الأعمال : 344 و345 ، روضة الواعظين 2 : 372 (صدر الحديث) .
2 - أمالي الطوسي 2 : 242 ، صحيح مسلم 4 : 199|2569 ، الأدب المفرد : 180|517 ، فردوس الأخبار5 : 344|8114، الترغيب والترهيب 317|3.

( 464 )
واستطعمتك فلم تطعمني قال : وكيف وأنت رب العالمين !! قال : استطعمك عبدي ولم تطعمه ، ولوأطعمته لوجدت ذلك عندي » .
(1307|3) عن موسى بن جعفر ، عن آبائه ، عن رسول الله (صلّى الله عليه واله) قال : « يعيرالله عزَ وجلّ عبداً من عباده يوم القيامة ، فيقول : عبدي ما منعك إذا مرضتُ أن تعودني ؟ فيقول : يا رب سبحانك سبحانك ، أنت رب العباد ، لا تألم ولا تمرض ! فيقول : مرض أخوك المؤمن فلم تعده ، وعزتي وجلالي لوعدته لوجدتني عنده ، ثم لتكفلت بحوائجك فقضيتها لك ، وذلك من كرامة عبدي المؤمن ، وانا أرحم الراحمين » .
____________
3 - المؤمن : 61|156 ، أمالي الطوسي 2 : 242 ، مكارم الأخلاق : 360 .

( 465 )
الفصل التاسع والعشرون والمائة
فى الحمّى ليلة
(1308|1) عن أبي عبد الله (عليه السّلام) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : « الحمى رائد الموت ، وسجن الله في أرضه ، وفورها من جهنم ، وهي حظ كل مؤمن من النار» .
(1309|2) عن علي بن الحسين (عليهما السّلام) قال : « نعم الوجع الحمّى ، يصيب ويعطي كل عضوقسطاً من البلاء، ولا خيرفيمن لا يبتلى به » .
(1310|3) ويروى بإسناده أنّه قال : « إن المؤمن إِذا حمّ حمّى واحدة تناثرت الذنوب منه كورق الشجر ، فإِن صار على فراشه فأنينه تسبيح ، وصياحه تهليل ، وتقلبه على فراشه كمن يضرب بسيفه في سبيل الله ، فإِن اقبل يعبد الله بين إِخوانه وأصحابه كان مغفوراً له ، فطوبى له إِن مات ، وويل له إِن عاد ، والعافية احب إلينا ».
(1311|4) عن علي بن الحسين (عليهما السّلام) قال : « حمّى ليلة كفارة سنة ، وذلك لأن ألمها يبقى في الجسد سنة » .
____________
1 - الكافي 3 : 111|3 ، ثواب الأعمال : 228|1 ، التمحيص : 43|49 ، دعوات الراوندي : 171|477 ، مكارم الأخلاق : 357 .
2 - ثواب الأعمال : 228|3 ، مكارم الأخلاق : 357 .
3 - ثواب الأعمال : 228|3 ، مكارم الأخلاق : 357 .
4 - ثواب الأعمال : 229|1 ، علل الشرائع : 297|1 ، مكارم الأخلاق : 358 .

( 466 )
(1312|5) عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : « حمّى ليلة كفارة لما قبلها وما بعدها » .
(1313|6) عن الرّضا (عليه السّلام) قال : « المرض للمؤمن تطهير ورحمة ، وللكافر تعذيب ولعنة ، وإن المرض لا يزال بالمؤمن حتى ما يكون عليه ذنب».
(1314|7) عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : « صداع ليلة يحط كل خطيئة إلاّ الكبائر » .
(1315|8) عن أبي إبراهيم (عليه السّلام) قال : « قال رسول اللهّ (صلّى الله عليه وآله) : للمريض اربع خصال : يُرفع عنه القلم ، ويأمر الله المَلَك فيكتب له كل فضل كان يعمل في صحته ، ويتبع مرضه كل عضومن جسده فيستخرج ذنوبه منه ، فإِن مات مات مغفوراً له ، وإِن عاش عاش مغفوراً له » .
(1316|9) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : « إذا مرض المسلم كتب الله له كأحسن ما كان يعمل في صحته ، وتساقطت ذنوبه كما يتساقط ورق الشجر » .
(1317|10) عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : « من عاد مريضاً لله، لم يسأل المريض للعائد شيئاً إلا استجاب الله له » .
(1318|11) عن علي (عليه السّلام) قال في مرض الصبي : « كفارة لوالديه » .
(1319|12) عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال : « كان فيما ناجى به
____________
5 - ثواب الأعمال : 229|2 ، مكارم الأخلاق : 358 .
6 - ثواب الأعمال : 229|1 ، مكارم الأخلاق : 358 .
7 - ثواب الأعمال : 230|1 ، مكارم الأخلاق : 358 .
8 - ثواب الأعمال : 230|1 ، دعوات الراوندي : 163|450 ، مكارم الأخلاق : 358 .
9 - ثواب الأعمال : 230|2 ، مكارم الأخلاق : 358 .
10 - ثواب الأعمال : 230|3 .
11 - الكافي 6 : 52|1 ، الفقيه 3 : 310|1497 ، ثواب الأعمال : 230|1 .
12 - ثواب الأعمال : 231|1 .

( 467 )
موسى (عليه السلام) ربه أن قال : يا رب علمني ما بلغ من عيادة المريض من الأجر ؟ قال الله تعالى : أوكّل به ملكاً يعوده في قبره إلى محشره .
قال : يا ربِّ ، ما لمن غسل الموتى ؟ قال : اغسله من ذنوبه كما ولدته أمه .
قال : يا ربِّ ، فما لمن شيع الجنازة ؟ قال : أوكّل به ملائكة من ملائكتي معهم رايات يشيعونهم من قبورهم إلى محشرهم.
قال : يا ربِّ ، فما لمن عزى الثكلى ؟ قال : أظله في ظلي يوم لا ظل إلاّ ظلي».
( 468 )

( 469 )
الفصل الثلاثون والمائة
فى التعزية
(1320|1) عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : « قال رسول الله : التعزية تورث الجنة » .
(1321|2) وقال : « من عزّى حزيناً كسي في الموقف حلة يحبر بها ».
(1322|3) عن أبي عبد الله (عليه السّلام) أنّه عزّى رجلاً بابن له فقال له : « الله خيرلابنك منك ، وثواب الله خير لك منه » فلما بلغه جزعه عاد إليه فقال له : « قد مات ابن رسول الله فما لك به اسوة » ؟ فقال : إنّه كان (مرهقاً)(1) قال : « إنّ أمامه ثلاثة خصال : شهادة أن لا إله إلاّ الله . وان محمدا رسول اللهّ (صلّى الله عليه وآله) وشفاعته ، فلن تفوته واحدة منهن إن شاء الله ».
(1223|4) عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) : أن رسول الله(صلّى الله عليه وآله) قال : « من عزّى مصاباً كان له مثل أجره ، من غير ان ينقص من أجر المصاب شيء » .
____________
1 - ثواب الأعمال : 235|1 .
2 - الكافي 3 : 205|1 ، ثواب الأعمال : 235|2 .
3 ـ ثواب الأعمال : 235|3 .
4 - الكافي 3 : 255|2 ، ثواب الأعمال : 236|4 .

( 470 )

( 471 )
الفصل الحادي والثلاثون والمائة
في الموت
(1324|1) قال الله تعالى في سورة آل عمران :
(وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلاً)
(1325|2) وقال الله تعالى :
(كل نفس ذائقة الموت)
(1326|3) وفي سورة الأنعام :
(ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده)
(1327|4) وفي سورة النحل :
(ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمىّ فإذا جاء أجلهم لا يستئخرون ساعة ولا يستقدمون *)
(1328|5) وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : « الموت كفارة لذنوب المؤمنين » .
____________
1 - آل عمران 3 : 145 .
2 - آل عمران 3 : 185 .
3 - الأنعا م 6 : 2 .
4 - النحل 16 : 61 .
5 - أمالي المفيد : 283|8 .

( 472 )
(1329|6) روى حابر ، عن الباقر (عليه السّلام) قال : « من مات يوم الجمعة عارفاً بحق أهل هذا البيت كتب له براءة من النار ، وبراءة من العذاب ، ومن مات ليلة الجمعة اعشْ من النار».
(1330|7) وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في حديث طويل فيِ فضل يوم الجمعة : « وما دعا فيه أحد من الناس وعرف حقه وحرمته إلاّ كان حقاَ على الله أن يجعله في عتقائِه وطلقائِه من النار . فإِن مات في يومه وليلته مات شهيداً وبعث آمناً » .
(1331|8) روي عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال : « من مات ما بين زوال الشمس من يوم الخميس إلى زوال الشمس من يوم الجمعة من المؤمنين أعاذه الله من ضغطة القبر ».
(1332|9) وقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : « من مات يوم الخميس بعد الزوال وكان مؤمناً ، أعاذه الله عزَّ وجلّ من ضغطة القبر ، وقبل شفاعته في مثل ربيعة ومضر .
ومن مات يوم السبت من المؤمنين ، لم يجمع الله عزَّوجلّ بينه وبين اليهود في النار أبداً.
ومن مات يوم الأحد من المؤمنين ، لم يجمع الله بينه وبين النصارى في النارأبداً .
ومن مات يوم الاثنين من المؤمنين ، لم يجمع الله بينه وبين أعدائنا من بني أمية في النار أبداً .
ومن مات يوم الثلاثاء من المؤمنين ، حشره الله عزَّوجلّ معنا في الرفيق الأعلى .
____________
6 - الكافي 3 : 415|8 .
7 - الكافي 3 : 414|5 ، جمال الأسبوع : 221 .
8 - الفقيه 1 : 83|375 ، أمالي الصدوق : 231|11 ، ثواب الأعمال : 231|1 ، دعوات الراوندي : 243|684 ، روضة الواعظين 2 : 331 .
9 - الفقيه 4 : 249|892 ، المواعظ : 113 .

( 473 )
ومن مات يوم الأربعاء من المؤمنين ، وقاه الله من عذاب الحشر يوم القيامة ، وأسعده بمجاورته ، وأحلّه دار المقامة من فضله لا يمسّه فيها نصب ولا يمسّه فيها لغوب » .
(1333|10) وقال (عليه السّلام) : « المؤمن على أي حال مات ، وفي أي يوم وساعة قبض فهوصدِّيق شهيد ، ولقد سمعت حبيبي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : لو أنّ المؤمن خرج من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الارض لكان الموت كفّارة لتلك الذنوب » .
ثم قال (صلّى الله عليه وآله) : « من قال : لا إله إلاّ الله بإخلاص فهو بريء من الشرك ، ومن خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ، ثم تلا هذه الآية : ( إنّ الله لا يَغفِرُ أن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ )(1) من شيعتك ومحبيك يا علي.
فقلت : يا رسول الله هذا لشيعتي ؟ قال : إي وربي لشيعتك ومحبيك خاصة ، وإِنهم ليخرجون من قبورهم وهم يقولون : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي حجة الله فيؤتون بحلل خضر من الجنة واكاليل من الجنة وتيجان فيلبس كل واحد منهم حلة خضراء وتاج الملك وإكليل الكرامة ، ثم يركبون النجائب فتطير بهم إلى الجنة : ( لا يَحزُنهمُ الفَزَعُ الأكبَر وَتَتَلقّيهُمُ المَلائِكةُ هَذا يَومُكُمُ الَذي كُنتُم تُوعَدُونَ ) (2) » .
(1334|11) وقال النبي (صلّى الله عليه وآله) : « أفضل الزهد في الدنيا ذكر الموت ، وأفضل العبادة ذكر الموت ، وأفضل التفكر ذكر الموت ، فمن أثقله ذكر الموت وجد قبره روضة من رياض الجنة » .
(1335|12) وقال النبي (صلّى الله عليه وآله) : « من مات على حب آل محمد مات شهيداً .
____________
10 - الفقيه 4 : 295|892 ، المواعظ : 114 .
(1) النساء 4 : 48 .
(2) الأنبياء 21 : 103 .
11 - عنه المجلسي في البحار 6 : 137|41 .
12 ـ فضائل الشيعة : 5 ، بشارة المصطفى : 197 ، مائة منقبة 93 : 37 ، تفسير الكشاف 3 :

=


( 474 )
ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له .
ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً .
ألا ومن مات على حب ال محمد مات مؤمناً مستكمل الإيمان.
ألا ومن مات على حب ال محمّد بشره مَلَك الموت بالجنة ، ثم منكر ونكير.
ألا ومن مات على حب آل محمّد فُتح له في قبره بابان إلى الجنة .
ألا ومن مات على حب آل محمّد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة .
ألا ومن مات على حب آل محمّد مات على السنة والجماعة .
ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه : آيس من رحمة الله .
ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافراً .
ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشم رائحة الجنة ».
____________

=

1467 ، في تفسير قوله تعالى : (قل لا أسألكم عليه أجرآَ إلاّ المودة في القربى ) ، وكذا التفسير الكبير 7 : 165 .

( 475 )
الفصل الثاني والثلاثون والمائة
في تشييع الجنازة
(1336|1) قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : « من شتع جنازة فله بكل قدم يرفعه مائة ألف حسنة ، وترفع له مائة ألف درجة ، وتمحى عنه مائة ألف سيئة ، وإن صلّى عليها صلّى عليه في جنازته مائة ألف ملك كلهم يستغفرون له حتى يدفن ، فإن شهد دفنها وُكل به أولئك الملائكة المائة ألف كلهم يستغفرون له حتى يبعث من قبره ، ومن صلّى على جنازة ، صلّى عليه جبرائيل في سبعين ألف ملك ، وغُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فإن قام عليها حتى تدفن وحثا عليها التراب ، انقلب من الجنازة وله بكل قدم من حيث تبعها حتى يرجع إلى منزله قيراط من الأجر » .
____________
1 - ثواب الأعمال : 344 - 345 ، أمالي الصدوق : 351 (وفيه ذيل الحديث) .

( 476 )

( 477 )
الفصل الثالث والثلاثون والمائة
في القبر
(1337|1) قال الله تعالى في سورة التكاثر :
(ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر * كلا سوف تعلمون * ثم كلا سوف تعلمون * كلا لو تعلمون علم اليقين * لترون الجحيم * ثم لترونها عين اليقين * ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم *)
(1338|2) وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : « من احتفر لمسلم قبراً محتسباً حرّم الله تعالى على جسمه النار ، وبوأه بيتاً في الجنة » .
(1339|3) وروي بإسناد صحيح عن الصادق (عليه السّلام) أنَّه قال : « إذا مات المؤمن ، شيّعه سبعون ألف مَلَك إلى قبره ، فإذا أدخل قبره ، أتاه منكر ونكير فيقعدانه ويقولان له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : الله ربي ، ومحمد نبيي ، والإسلام ديني ، فيفسحان له في قبره مد بصره ، ويأتيانه بالطعام من الجنة ، ويدخلان عليه الروح والريحان ، وذلك قوله عزَّ وجلّ : (فأما إن كان من المقربين * فروح وريحان) يعني في قبره ،(وجنة نعِيمً *(1) يعني في الآخرة ».
____________
1 - التكاثر 102 : 1 - 8
2 - ثواب الأعمال : 344 .
3 - آمالي الصدوق : 239|12 ، تفسير القمي 1 : 370 ، روضة الواعظين 2 : 297 ، ورام 2 : 167 .
(1) الراقعة 6 5: 88 - 89 .

( 478 )
ثم قال (عليه السّلام) : « إذا مات الكافر ، شيّعه سبعون ألف ملك من الزبانية إلى قبره ، وأنه ليناشد حامليه بصوت يسمعه كل شيء إلآ الثقلان ، ويقول : لوأن لي كرة فاكون من المؤمنين ويقول : ارجعوني لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ، فتجيبه الزبانية : كلا ، إنها كلمة أنت قائلها ، ويناديهم ملك : لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه .
فإذا أدخل قبره ، وفارقه الناس ، أتاه منكر ونكير في أهول صورة ، فيقيمانه ثم يقولان له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيتلجلج لسانه فلا يقدر على الجواب ، فيضربانه ضربة من عذاب الله يذعر لها كل شيء ، ثم يقولان له : من ربك ؟ ومن نبيك ؟ وما دينك ؟ فيقوِل : لا أدري ، فيقولان له : لا دريت ولا هديت ولا أفلحت ، ثم يفتحان له بابِاً إِلى النار ، وينزلان إليه الحميم من جهنم ، وذلك قول الله تعالى : ( وَأمّا إِن كان مِنَ المُكَذِبينَ الضّالّينَ . فَنُزُلٌ من حَمِيمٍ ) يعني في القبر( وَتَصلِيَةُ جَحِيم )(2) يعني في الآخرة ) .
(1340|4) وقال رجل لأبي ذر (رحمه الله) : ما لنا نكره الموت ؟ قال : لأنَّكم عمّرتم الدنيا وخرّبتم الآخرة ، فتكرهون أن تنتقلوا من عمران إلى خراب .
قيل له : كيف ترى قدومنا على الله؟ قال : أمّا المحسن فكالغائب يقدم على أهله ، وأمّا المسيء فكالابق يقدم على مولاه .
.قال : فكيف ترى حالنا عند الله تعالى ؟ قال : اعرضوا أعمالكم على الكتاب ، إِنّ الله تبارك وتعالى يقول : ( إِنَّ الأبرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الفُجّارَ لَفِي جَحِيم )(1).
قال الرجل : فأين رحمة الله ؟ قال : ( إنً رَحمةَ اللهِ قَرِيب مِّنَ المُحسِنينَ )(2).
(1341|5) وقيل للصادق (عليه السّلام) : صف لنا الموت ؟ فقال :
____________

(2) الواقعة 56 : 92 - 94 .
4 - الكافي 2 : 33|201 .
(1) الانفطار 82 : 13 .
(2) الأعراف 7 : 56 .
5 - معاني الأخبار : 287|1 ، عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 1 : 274|9 .

( 479 )
« للمؤمن كأطيب ريح يشمه ، فينعس بطيبه ، وينقطع التعب والألم كله ، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب ، أو اشد » .
قيل : فإن قوماً يقولون : أنَّه أشدًّ من نشر بالمناشير ، وقرض بالمقاريض ، ورضخ بالاحجار ، وتدوير قطب الأرحية في الأحداق قال : « كذلك هو على بعض الكافرين والفاجرين ، ألا ترون منهم من يعافي تلك الشدائد ؟ فذلكم الذي هو أشد من هذا ، وهوأشد من عذاب الدنيا » .
قيل له : فما لنا نرى كافراً يسهل عليه النزع فينطفي وهويتحدث ويضحك ويتكلم ، وفي المؤمنين أيضاً من يكون كذلك ، وفي المؤمنين والكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد ؟ فقال : « ما كان من راحة المؤمنِ هناك فهو عاجل ثوابه ، وما كان من شدة فتمحيصه من ذنوبه ، ليرد الاخرة نقياَ نظيفاً مستحقاً لثواب الأبد لا مانع له دونه .
وما كان من سهولة على الكافر ، فليوفى أجر حسناته في الدنيا ، وليرد الآخرة - وليس له إلاّ ما يوجب عليه العذاب ، وما كان من شدة هناك على الكافر ، فهوابتداء عقاب الله له بعد نفاد حسناته ، ذلكم بأن الله عدل لا يجور » .
(1342|6) ودخل موسى بن جعفر (عليهما السّلام) على رجل قد غرق في سكرات الموت ، وهو لا يجيب داعياً ، فقالوا له : يا ابن رسول الله ، وددنا لو عرفنا كيف الموت ، وكيف حال صاحبنا ؟ فقال (عليه السلام) : « الموت هو المصفّاة يصفّي المؤمنين من ذنوبهم ، فيكون آخر الم يصيبهم كفّارة اخر وزر بقي عليهم ، ويصفّي الكافرين من حسناتهم ، فيكون اخر لذة أو نعمة أو راحة تلحقهم . وهوآخرثواب حسنة تكون لهم ، وأمّا صاحبكم هذا ، فقد نخل من الذنوب نخلاً ، وصفّي من الاثام تصفية ، وخلص حتى نقي كما ينقى الثوب من الوسخ ، وصلح لمعاشرتنا أهل البيت في دارنا دار الأبد » .
____________
6 - معاني الأخبار : 289|6.

( 480 )

( 481 )
الفصل الرابع والثلاثون والمائة
في زيارة قبور المؤمنين
(1343|1) روي عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال : « إِذا نظرت إلى المقابر فقل : السلام عليكم يا أهل المقابر من المؤمنين والمؤمنات ، انتم لنا سلف ونحن لكم تبع ، ونحن على آثاركم واردون ، نسأل الله الصلاة على محمّد وآله والمغفرة لنا ولكم » .
(1344|2) قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من مر على المقابر وقرأ (قل هو الله أحد) أحد عشر مرة ، ثم وهب أجره للأموات ، أعطي من الأجر بعدد الأموات » .
(1345|3) عن أحمد بن محمّد قال : كنت أنا وإبراهيم بن هاشم في بعض المقابر ، إذ جاء إلى قبر ، فجلس مستقبل القبلة ، ثم وضع بيده على القبر فقرأ سبع مرات (إِنّا أنزلناه) ثم قال : حدثني صاحب القبر- وهو محمد بن إسماعيل بن بزيع -أنّه قال : من زار قبرمؤمن فقرأ عنده سبع مرات (إِنّا أنزَلناهُ في لَيَلَةِ القَدرِ) غفر الله له ولصاحب القبر .
(1346|4) عن عبد الله بن مسعود : إذا العبد وضع يده على رؤوس القبور وقال : اللهم اغفر له ، فانه افتقر إليك ويقرأ (فاتحة الكتاب) ، واحدى
____________
1 - بتفاوت في كامل الزيارات : 321 ، وكذا الكافي 3 : 229|5.
2 - صحيفة الإمام الرضا (عليه السّلام) : 94|28 ، مصباح الزائر : 192 .
3 - بتفاوت في كامل الزيارات : 319 ، وفي الكافي 3 : 229|9.
4 - عنه النوري في مستدركه 2 : 483|2523 .

( 482 )
عشرة مرة ( قل هو الله أحد) نوّر الله قبرذلك الميت ، ووسّع عليه قبره مد بصره ، ورجع هذا الداعي من رأس القبر مغفوراً له الذنوب، فإن مات في يومه إلى مائة يوم مات شهيداً وله ثواب الشهداء ، فإن الله تعالى يحب العبد الناصح لأهل القبور ، فمن نصحهم بالدعاء أو الصدقة أوجب له الجنة بغيرحساب .
(1347|5) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله) : « اهدوا لموتاكم » فقلنا : يا رسول الله : وما هدية الأموات ؟ قال : « الصدقة و الدعاء » .
(1348|6) قال (صلّى الله عليه وآله) : « إن أرواح المؤمنين تأتي بكل جمعة إلى السماء الدنيا بحذاء دورهم وبيوتهم ، ينادي كل واحد منهم بصوت حزين باكين : يا أهلي ويا ولدي ، ويا أبي ويا أمي وأقربائي ، اعطفوا علينا - يرحمكم الله - بالذي كان في أيدينا والويل والحساب علينا ، والمنفعة لغيرنا ، وينادي كل واحد منهم إلى أقربائه : اعطفوا علينا بدرهم أو برغيف أو بكسوة يكسوكم الله من لباس الجنة ».
ثم بكى النبي (صلّى الله عليه وآله) وبكينا معه ، فلم يستطع النبي (صلّى الله عليه وآله) أن يتكلم من كثرة بكائه ، ثم قال : « أولئك اخوانكم في الدين فصاروا تراباً رميماً بعد السرور والنعيم ، فينادون بالويل والثبور على أنفسهم يقولون : يا ويلنا ، لو انفقنا ما كان في أيدينا في طاعة الله ورضائه ما كنّا نحتاج إليكم ، فيرجعون بحسرة وندامة وينادون : اسرعوا صدقة الأموات » .
(1349|7) قال النبي (صلّى الله عليه وآله) : « ما تصدّقت لميت ، فيأخذها ملك في طبق من نور ساطع ضوؤها يبلغ سبع سماوات ، ثم يقوم على شفير الخندق فينادي : السلام عليكم يا أهل القبور ، أهلكم اهدوا إليكم بهذه الهدية ، فيأخذها ويدخل بها في قبره ، فيوسع عليه مضاجعه » .
____________
5 - عنه النوري في مستدركه 2 : 484 |2524 .
6 - بتفاوت في إرشاد القلوب : 175 ، ونقله النوري في مستدركه 2 : 484|2525.
7 -

( 483 )
وقال (عليه السّلام) : « الا من أعطف لميت بصدقة ، فله عند الله من الآجرمثل أحد ، ويكون يوم القيامة في ظل عرش الله يوم لا ظل إلاّ ظل العرش ، وحي وميت نجى بهذه الصدقة » .

( 484 )

( 485 )
الفصل الخامس والثلاثون والمائة
في ذكر ملك الموت
(1350|1) « كم من غافل ينسج ثوباً ليلبسه وإنّما هوكفنه ، ويبني بيتاً ليسكنه وإِنَّما هو موضع قبره »(1) .
(1351|2) وقال النبي (صلّى الله عليه وآله) : « إِنَ القبر أول منازل الاخرة ، فإن نجى منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينج منه فما بعده ليس أقل منه ».
(1352|3) وقال إبراهيم الخليل (عليه السّلام) لملك الموت : « هل تستطيع أن تريني صورتك التي تقبض بها روح الفاجر » ؟ قال : « لا تطيق ذلك » ، قال : « بلى » ، قال : « فأعرض عني » ، فأعرض عنه ، ثم التفت ، فإذا هو برجل أسود ، قائم الشعر منتن الريح ، أسود الثياب ، يخرج من فمه ومناخره لهب النار والدخان ، فغشي على إبراهيم ، ثم أفاق فقال : « لو لم يلق الفاجر عند موته إلاّ صورة وجهك لكان حسبه » .
____________
1 - أمالي الصدوق : 97|8 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 : 297 ، ورام 2 : 158 .
(1) وكذا ، لكن روته المصادر عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) .
2 - دعوات الراوندي : 259|737 ، روضة الواعظين 2 : 494 ، شهاب الأخبار : 79|194 ، ربيع الأبرار 4 : 204 ، إحياء علوم الدين 2 : 210 ، فردوس الأخبار 3 : 283|4716 ، الترغيب
3 - والترهيب 4 : 361|6 .

( 486 )

( 487 )
الفصل السادس والثلاثون والمائة
في الروح
(1353|1) قال الله تعالى في سورة بني إسرائيل :
(ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً *)
(1354|2) قال الله تعالى في سورة البقرة :
(ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون *)
(1355|3) وفي سورة آل عمران :
(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بماء أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألاّ خوف عليهم ولا هم يحزنون)
(1356|4) وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : « فوالذي نفس محمد بيده ، لو يرون مكانه ، ويسمعون كلامه ، لذهلوا عن ميتهم ، ولبكوا على أنفسهم ، حتى إذا حمل الميت على نعشه ، ترفرف روحه فوق النعش ، وهو
____________
1 - الإسراء 17 :85 .
2 - البقرة 2 : 154 .
3 - آل عمران 3 : 69 1 - 170 .
4 - عنه المجلسي في البحار 6 : 161|28 .

( 488 )
ينادي : يا أهلي ويا ولدي ، لا تلعبنَّ بكم الدنيا كما لعبت بي ، جمعت المال من حلّه وغير حلّه ، ثم خلّفته لغيري ، فالمهنا لهم والتبعة عليّ ، فاحذروا مثل ما حل بي ».
(1375|5) وقيل : ما من ميت يموت حتى يتراءى له ملَكاه الكاتبان عمله ، فإن كان مطيعاً قالا له : جزاك الله عنّا خيراً ، فرب مجلس صدق اجلستنا ، وعمل صالح قد احضرتنا .
و إن كان فاجراً قالا : لا جزاك الله عنّا خيراً ، فربّ مجلس سوء قد اجلستنا ، وعمل غيرصالح قد احضرتنا ، وكلام قبيح قد اسمعتنا .
(1358|6) وقال النبي (صلّى الله عليه واله) : « إذا رضي الله عن عبد قال : يا ملك الموت اذهب إلى فلان فاتني بروحه ، حسبي من عمله ، قد بلوته فوجدته حيث أحب ، فينزل ملك الموت ومعه خمسمائه من الملائكة ، معهم قضبان الريحان وأصول الزعفران ، كل واحد منهم يبشره ببشارة سوى بشارة صاحبه ، وتقوم الملائكة صفين لخروج روحه ، معهم الريحان ، فإذا نظر إليهم ابليس وضع يده على رأسه ثم صرخ فيقول له جنوده : ما لك يا سيدنا ؟ فيقول : أما ترون ما اعطي هذا العبد من الكرامة ؟ أين كنتم من هذا ؟ قالوا : جهدنا به فلم يطعنا».
(1359|7) وقال (عليه السّلام) : « الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكرمنها اختلف » .
(1360|8) وسأل أبو بصير أبي عبد الله (عليه السّلام) : الرجل النائم
____________
5 - عنه المجلسي في البحار 6 : 161|28 .
6 - عنه المجلسي في البحار 6 : 161|29 .
7 - الأصول الستة عشر : 68 ، الفقيه 4 : 272|828 ، أمالي الصدوق : 125|16 ، الأدب المفرد : 300|309 ، صحيح مسلم 4 : 2031|2638 ، سنن أبي داود 4 : 260|4834 ، مسندأحمد 2 : 295 ، شهاب الأخبار : 89|214 ، فردوس الأخبار 1 : 159|421 ، أدب الدنيا والدين : 163 .
8 - عنه المجلسي في البحار 61 : 58|17 .