موسوعة الدراسات القرآنية
(4)




مَجازُ القُرآنِ

خصَائصهُ الفَنيَّة وبَلاغَته العَربيَّة


الدكتور محمد حسين علي الصغير

اُستاذ الدّراسات القرآنية في جامعة الكوفة


( 5 )

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

هذه دراسة منهجية لمعلم بارز من معالم البلاغة القرآنية ، تحتضن « مجاز القرآن » في خصائصه الفنية وبلاغته العربية ، وتمتد لجذوره الأولى بالبحث والكشف ، وتستوعب أصنافه البيانية بالإيضاح والإبانة ، أخذت من القديم أصالته وروعته ، واستلهمت من الحديث تطوره ومرونته ، فانتظم هذا وذاك في مناخ تصويري متكامل ، يعنى من مجاز القرآن بالعبارة حينا ، وبالأسلوب حينا آخر ، وبألفاظ فيما بينهما ، ويخلص في مهمته الى رصد القدرة الإبداعية الناصعة ، ولمس الأداء التعبيري المتطور في لغة القرآن العظيم .
ويعود السبب في اختيارنا « مجاز القرآن » مادة لهذا البحث ، جدة موضوعة ، ودقة أبعاده ، ووفرة خصائصه ، مما يوصلنا الى المغلق في هذا الفن ، ويوقفنا على المجهول من هذا المنظور . لقد بحث مجاز القرآن على صعيد لغوي خالص عند القدامى ، ولم تمتد يد الباحثين الى قيمته البلاغية عملا مستقلا ، ولم نجد من حقق القول في حدّه الاصطلاحي أو بعده الموضوعي ، أو أصالته البيانية ، بل كان موضوعه في البحث باعتباره أصلا لغويا في المفردات ، ومعبرا تفسيريا للكلمات تلك مظنة كتب معاني القرآن ، ومعاجم غريب القرآن .
وكان لا بد لهذه القاعدة أن تشذ ، ولهذا الإطراد أن يتزلزل ، فجاء « تلخيص البيان » للشريف الرضي ( ت : 406 هـ ) متخصصا في مجازات القرآن ، ولكنه المجاز بالمعنى العام الذي يشمل الأستعارة والتمثيل والتشبيه والكناية والتورية في جملة ما ورد عرضه فيه مؤكدا الأستعارة ان لم يكن


( 6 )

قاصدا اليها بالذات باسطلاح المجاز . وباستثناء هذه البادرة التي أفردت المجاز القرآني بالمعنى الموما إليه في كتاب خاص ، فقد وجدنا « مجاز القرآن » في مصنفات الرواد الأوائل ، قد ورد عرضا في الاستطراد ، أو جاء فصلا من باب ، أو استغرق بابا في كتاب .
ومن هنا كانت القيمة الفنية لم تتوافر مظاهرها على الأقل في جهد متميز في « مجاز القرآن » فلم تتضح أجزاؤه البلاغية في كتب المفسرين والبيانيين معا ، لأنه يبحث جزءا من كلي إعجاز القرآن ، وحسن نظمه ، وجودة تأليفه ، واشتماله على مفردات بلاغة العرب في أفضل الوجوه ، وذلك عند علماء التفسير وإعجاز القرآن ، وقد يفرد في فصل عائم في الخضم البلاغي المتلاطم باعتباره أحد أمثلة البيان ، والبيان والمعاني والبديع أركان البلاغة عند البالغيين القدامى .
أما الدراسات الحديثة فمع اهتمامها بالقرآن ، الا أنها فيما يبدو لي أهملت مجازه إهمالا ملحوظا يحسّ به الباحث لدى الأستقراء ، وقد لا يكون هذا الإهمال مقصودا اليه ، وإنما جاء نتيجة طبيعية لدراسته ضمن فصول البيان العربي وهي : المجاز والتشبيه والأستعارة والكناية ، فكان فرعا من أصل ، ومفردة من علم ، ولم يحظ بدراسة مستقلة تهدف الى سبر حسّه النقدي ، وإيحائه اللفظي ، وثروته اللغوية ، وعمقه البياني ، وتنميته الجمالية ، وهو ما تحاوله هذه الدراسة .
وكانت منهجية هذه الدراسة تتمثل في خمسة فصول :
الفصل الأول : وهو بعنوان : مجاز القرآن في الدراسات المنهجية ، وهو فصل تاريخي بلاغي بآن واحد ، تتبع مجاز القرآن عند الروّاد الأوائل ، وتمحض له بإطاره البلاغي العام ، ووقف عند ثمراته في مرحلة التأصيل ، وتحدث عنه في جهود المحدثين .
الفصل الثاني : وهو بعنوان : مجاز القرآن وأبعاده الموضوعية ، وهو فصل تحليلي في ضوء النقد الموضوعي ، بحث : حقيقة المجاز بين اللغة والاصطلاح ، ووقوع المجاز في القرآن الكريم ، وتقسيم المجاز القرآني وتعدد القول فيه ، والخلوص الى ان مجاز القرآن : عقلي ولغوي فحسب ،


( 7 )

وحدد بذلك هويته ، وأرسى أسس منهجيته .
الفصل الثالث : وهو بعنوان : مجاز القرآن والخصائص الفنية ، وكان هذا الفصل غنيا بالأصول النقدية ، وحافلا بالاستنباط البياني ، فبحث بعمق وتنظير : خصائص المجاز الفنية ، وكانت تلك الخصائص في مجاز القرآن : أسلبية ونفسية وعقلية .
الفصل الرابع : وهو بعنوان : المجاز العقلي في القرآن ، وكان هذا الفصل ثريا ببيان وبلاغة المجاز القرآني في ضوء : تشخيص المجاز العقلي في القرآن وعند العرب ، ورصد المجاز العقلي في القرآن بين الإثبات والإسناد ومعانيه قرينة المجاز العقلي في القرآن ، وتوجيه علاقات المجاز العقلي في القرآن .
الفصل الخامس : وهو بعنوان : المجاز اللغوي في القرآن ، وكان هذا الفصل ميزانا لقيمة الثروة الإضافية التي سيّرها مجاز القرآن ، ومعيارا لسيرورة البلاغة العربية التي حفل بها مجاز القرآن ، وذلك من خلال مباحثه التطبيقية : المجاز اللغوي بين الأستعارة والإرسال ، انتشار المجاز اللغوي المرسل في القرآن ، ملامح عن علاقة المجاز اللغوي المرسل في القرآن .
هذه الفصول الخمسة بما اعتمدته من منهج عربي تراثي ، اختص الأول منها بمسيرة المجاز القرآني منذ نشوء الحديث عنه حتى العصر الحاضر ، واستلهم الفصل الثاني منها حدود المجاز الاصطلاحية ، وتقسيماته البيانية ، وأبعاده الموضوعية ، ووقف الفصل الثالث منها عند الخصائص الفنية الكلية في مجاز القرآن ، وتمحض الرابع والخامس لشؤون البلاغة العربية في مجاز القرآن ، فطرح ما هو طارىء عليها ، وأكد على الموروث القرآني بخاصة .
وكانت مصادر هذا البحث ومراجعه ، تهتم بالأصيل عند القدامى والجديد عند المحدثين ، فكانت كتب البلاغة والتفسير واللغة واليقد والأدب وعلوم القرآن ، رافدا يستمد منه البحث ريادته في استقراء الحقائق ، واستكناه المجهول ، وإضاءة المنهج .


( 8 )

ولا أدعي لهذا البحث الكمال ، فالكمال لله وحده ، ولكنه ألق من شعاع القرآن ، ونفح من عبير أياته ، وقبس من رصين عباراته ، أخلصت فيه القصد لله عزّ وجلّ ، عسى أن ينتفع به الناس وأنتفع :
( يَوْمَ لا ينفع مَالٌ وَلا بَنُونَ * إلاّ مَنْ أتى الله بِقَلّبِ سَلِيمِ* ) .
وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم عليه توكلت وإليه أنيب ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
النجف الأشرف .

الدكتور
محمد حسين علي الصغير
أستاذ في جامعة الكوفة





( 9 )

الفصل الأول

مجاز القرآن في الدراسات المنهجية

1 ـ مجاز القرآن عند الروّاد الأوائل
2 ـ مجاز القرآن بإطاره البلاغي العام
3 ـ مجاز القرآن في مرحلة التأصيل
4 ـ مجاز القرآن في دراسات المحدثين


( 10 )



( 11 )

1 ـ مجاز القرآن عند الروّاد الأوائل :

سحر العرب بجمال القرآن وجلالته ، وبهروا بروعته وحسن بيانه ، ووقفوا عند جزئياته البلاغية ، واستعذبوا نوادر استعمالاته في فن القول ، ذلك ما شكل عندهم ذائقة لغوية متأصلة ، وأمدّهم بحاسة نقدية متمكنة تتجه بالبيان العربي الى موكب الزحف الدلالي المتطور ، وتدفع بالمنهج البلاغي الى المناخ الموضوعي المطمئن ، فحدب علماؤهم على هذا العطاء ، الجديد يقتطفون ثماره ، وعمدوا الى هذا السبيل يجددون آثاره ، فكان نتيجة لهذا الجهد المتواصل البنّاء .. رصد المخزون الحضاري في تراث القرآن البلاغي واللغوي ، وبدأ التصنيف في هذا المخزون يتجدد ، والتأليف بين متفرقاته يأخذ صيغة الموضوعية ، فنشأ عن هذا وذاك حشد بياني من المصطلحات ، وتبلور فضل تدقيق في شتى المعارف الإنسانية ، وتوارث الخلف عن السلف محور الأصالة في التحقيق ، كانت عائديته الأبتعاد بالتراث اللغوي عن التعقيد والغرابة والأسفاف ، والصيانة له عن الانحطاط والتدهور والضياع ، والأزدلاف به عن الوحشي والتنافر والدخيل .
وكان القرآن الحكيم أساس هذا الإصلاح ، ومادة هذا التطور في مثله اللغوية وأسراره العربية ؛ وما دام الأمر هكذا فالعرب والمسلمون بإزاء الكشف عن خبايا هذا الكتاب وكنوزه ، ودراسة مختلف قضاياه الفنية .
وقد كان الأمر كذلك ، وكان التوجه للقرآن الكريم بهذه النظرة الفاحصة منذ عهد مبكر ، فعكف المسلمون على جمعه وتدوينه وتوحيد قراءاته ، وكان أن ضمّت جميع آياته الى سوره ، وجمعت كل سوره في المصحف وبدأ تدارسه في نزوله وأسبابه وتشكيله ، وحفظه في الصدور وعلى السطور ، فكان ما فيه متواترا دون ريب ، وسليما دون منازع ، تحقيقا


( 12 )

لقوله تعالى ( إنا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون * )(1) .
وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا .
كان هذا الجهد المتميز قد بدأه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالذات ، فكان الأثر مصانا ، والتنزيل ، كما هو ـ لا زيادة فيه ولا نقصان , والكتاب في سلامة بكل تفصيلاته التدوينية والجمعية والشكلية (2) .
وبدأت مدارس التفسير الأولى في كل من مكة والمدينة والكوفة والبصرة ، ترفد العالم الإسلامي بسيل من المعارف لا ينضب ، وتنير أمام الدارسين الدرب بمصابيح من الهداية لا تخبو .
وكان الأئمة والصحابة والتابعون ومن اتبعهم بإحسان ، يعبّدون الطريق بين يدي المتعلمين والباحثين والمصنفين ، حتى اتسع مجال التفسير ، وتعدد منهج التأويل ، وكثر طلاب العلم ، وأخذ كل بمبادرة التّحصيل ، فوضح السبيل ، وانتشرت الثقافات(3) .
وكان وراء هؤلاء جهابذة اللغة ، وفحول العربية يحققون ويتتبّعون ، غير عابئين بثقل الأمانة وفداحة الأمر ، مشمرين السواعد لا يعرفون لينا ولا هوادة ، متناثرين حلقات وجماعات وأفرادا ، يسددون الخطى ، ويباركون السعي ، فبين مستشهد بالموروث المثلي عند العرب ، وبين منظّر بالشعر الجاهلي ، وبين مقتنص للشوارد والأوابد من كلمات القوم وحكمهم ، وبين متنقل في الحواضر والبوادي والقصبات ومساقط المياه ، يسأل ويدون ، ويصنف ويستجمع ، ويقارن ويقعّد ، كل ذلك بهدف واحد هو الاعتداد بالقرآن وتراثيته ، فضلا عن قدسيته وعظمته : كونه كتاب هداية وتشريع ، ودستور السماء في الأرض الى يوم يبعثون .
كان ما أسلفنا موروثا حضاريا في القرنين الأول والثاني من الهجرة النبوية المباركة ، حتى إذا أطل القرن الثالث وجدنا التوجه منصبا حول لغة
____________
(1) الحجر : 9 .
(2) ظ : المؤلف ، تاريخ القرآن ، الفصول : جمع القرآن ، نزول القرآن ، سلامة القرآن . الدار العالمية ، بيروت ، 1983 .
(3) ظ : المؤلف ، المبادئ العامة لتفسير القرآن الكريم ، مراحل التفسير : 131 ـ 141 .

( 13 )

القرآن ، ومعاني مفرداته ، وسيرورة ألفاظه ، وكانت دائرة هذا الجهد اللغوي ، متشعبة في بدايات مسيرتها التصنيفية ، وإن كانت متحدة في مظاهرها الدلالية ، فالأسماء مختلفة والإنجازات متقاربة ، حتى كأن العطاء واحد في جوهره ، وإن تعددت عناوينه التي استقطبت الصيغ الآتية : « معاني القرآن » و « ومجاز القرآن » و « غريب القرآن » .
وهذه الكتب على وفرتها تتحدث عن مسار اللفظ القرآني ، ودلالته لغة ، وتبادره مفهوما عربيا خالصا ، فكان ذلك معنى : مجاز القرآن وغريبه ومعانيه في سيرورة مؤدي الألفاظ في حنايا الذهن العربي ، دون إرادة الاستعمال البلاغي ، ودون التأكيد على « المجاز » أو « المعاني » في الصيغة الاصطلاحية ، أو الحدود المرسومة لدى علماء المعاني والبيان . لقد امتازت هذه الحقبة بالتدوين المنظّم لغريب القرآن وشوارده ، وأثرت فيما بعد بالحركة التأليفية المتفتحة في اللغة والمجاز القرآني بمئات المصنفات القيمة ، ولكن بالمعنى المشار اليه آنفا ، دون المعنى البياني .
هناك جمهرة لامعة من كتب المعاني لأعلام العرب ، وأئمة اللغة ، وفطاحل النحو ، تتوجه تلك الحقبة الذهبية ، ويمكن ترتيبها على النحو الآتي :
1 ـ معاني القرآن . . . لأبي جعفر الرؤاسي
2 ـ معاني القرآن . . . لعلي بن حمزة الكسائي
3 ـ معاني القرآن . . . ليونس بن حبيب النحوي
4 ـ معاني القرآن . . . ليحيى بن زياد الفراء
5 ـ معاني القرآن . . . لمحمد بن يزيد المبرد
6 ـ معاني القرآن . . . لأبي فيد مؤرج السدوسي
7 ـ معاني القرآن . . . لثعلب ، أحمد بن يحيى
8 ـ معاني القرآن . . . للأخفش ، سعيد بن مسعدة
9 ـ معاني القرآن . . . للمفضل بن سلمة الكوفي
10 ـ معاني القرآن . . . لأبن كيسان


( 14 )

11 ـ معاني القرآن . . . لابن الأنباري
12 ـ معاني القرآن . . . لأبي إسحاق الزجاج
13 ـ معاني القرآن . . . لخلف النحوي
14 ـ معاني القرآن . . . لأبي معاذ بن خلف النحوي
15 ـ معاني القرآن . . . لعلي بن عيسى الجراح
16 ـ معاني القرآن . . . لأبي عيينة بن المنهال(1) .
وكل هذه الكتب لا علاقة لها بعلم المعاني ، وإنما تبحث عن المعنى اللغوي .
وقد احتفظ لنا ابن النديم بطائفة من أسماء من ألفوا بغريب القرآن ، وعلى نهج معاني القرآن بالضبط ، وقد نجد من بين هذه المصنّفات من يسمي كتابه معاني القرآن ويسمى غريب القرآن أيضا ، وذلك لعدم الفرق بين الإسمين عندهم :
1 ـ غريب القرآن . . . لابن قتيبة ، عبد الله بن مسلم
2 ـ غريب القرآن . . . لأبي فيد مؤرج السدوسي
3 ـ غريب القرآن . . . لمحمد بن سلام الجمحي
4 ـ غريب القرآن . . . لأبي عبد الرحمن اليزيدي
5 ـ غريب القرآن . . . لأبي زيد البلخي
6 ـ غريب القرآن . . . لأبي جعفر بن رستم الطبري
7 ـ غريب القرآن . . . لأبي عبيد ، القاسم بن سلام
8 ـ غريب القرآن . . . لمحمد بن عزيز السجستاني
9 ـ غريب القرآن . . . لأبي الحسن العروضي
10 ـ غريب القرآن . . . لمحمد بن دينار الأحول(2) .
____________
(1) ظ : ابن النديم ، الفهرست : 51 ـ 52 .
(2) ظ : المصدر نفسه : 52 .

( 15 )

وقبل هؤلاء كان أبان بن تغلب الكوفي ( ت : 141 هـ ) قد ألف كتاب « الغريب في القرآن » وذكر شواهده من الشعر(1) .
وبعد هذه الجريدة في معاني القرآن وغريب القرآن ، يبقى « مجاز القرآن » ، ويبدو أن التسمية بهذا العنوان كانت من سبق أبي عبيدة ، معمّر بن المثنى الليثي ( ت: 210 هـ ) فكان من أوائل من كتبوا في هذا الأسم بالذات بالمؤشر الذي أوضحناه ، فوضع كتابه « مجاز القرآن » على هذا النحو ، وهو كتاب لغة وتفسير مفردات ، لا كتاب بلاغة وبيان ، والدليل على ذلك أنه قد يسمى « غريب القرآن » باعتباره ترادف الغريب والمجاز عندهم ، كترادف الغريب والمعاني ، وقد نص على تسميته بهذا الإسم « غريب القرآن » ابن النديم(2) .
وقال إبن خير الأشبيلي :
« وأول كتاب جمع في غريب القرآن ومعانيه : كتاب أبي عبيدة : معمر بن المثنى ، وهو كتاب المجاز »(3) .
وقد أيّد الزبيدي هذا الاتجاه فقال :
« سألت أبا حاتم عن غريب القرآن لأبي عبيدة الذي يقال له المجاز »(4) . وهذان النصان يؤيدان ما نذهب اليه أن لا علاقة لمجاز أبي عبيدة بالمجاز الصطلاحي ، حتى قال محققه الدكتور سزكين : « ومهما كان من أمر فإن ابا عبيدة يستعمل في تفسيره للآيات هذه الكلمات : « مجاز » كذا » و « تفسير كذا » و « معناه كذا » و « وغريبه » و« تقديره » و « تأوليه » على أن معانيها واحدة أو تكاد .
ومعنى هذا أن كلمة « المجاز عنده عبارة عن الطريق التي يسلكها
____________
(1) ظ : الخوئي ، معجم رجال الحديث : 1/ 32 .
(2) ظ : ابن النديم ، الفهرست : 52 .
(3) ابن خير ، الفهرست : 134 .
(4) الزبيدي ، طبقات النحويين :125 .

( 16 )

القرآن في تعبيراته ، وهذا المعنى أعم بطبيعة الحال من المعنى الذي حدده علماء البلاغة لكلمة المجاز »(1) .
ولا أدلّ على هذا المذهب من قول أبي عبيدة نفسه وهو بإزاء تحرير مجاز القرأن « وفي القرآن ما في الكلام العربي من وجوه الأعراب ، ومن الغريب والمعاني »(2) .
فهو بصدد هذا الملحظ الذي ذكره ، وإن اشتمل مجموع ما أفاضه « مجاز القرآن » على جملة من أنواع المجاز الاصطلاحي ، ولكنه إنما يقصد بالمجاز معناه اللغوي ، وقد يقصد به أحيانا : الميزان الصرفي ، وقد يعني به نحو العرب وطريقتهم في التفسير والتعبير ، وهو الأعم الأغلب في مراده .
وبعد هذا « نستطيع ـ مطمئنين ـ ان نقرر أن كلمة « مجاز » إنما هي تسمية لغوية تعني التفسير ، فالمعرفة بأساليب العرب ، ودلالات ألفاظها ، ومعاني أشعارها ، وأوزان ألفاظها ، ووجوه إعرابها ، وطريق قراءاتها ، كل ذلك سبيل موصلة الى المعنى ، فمجاز القرآن يقصد أبو عبيدة به « المعبر » الى فهمه ، فالتسمية لغوية وليست إصطلاحية »(3) .
ومهما يكن من أمر فقد عالج ابو عبيدة في « مجاز القرآن » كيفية التوصل الى فهم المعاني القرآنية باحتذاء أساليب العرب في كلامهم وسننهم في وسائل الإبانة عن المعاني ، ولم يعن بالمجاز ما هو قسيم للحقيقة ، وإنما عني بمجاز الآية : ما يعبر به عن الآية (4) .
وكان سبيل أبي عبيدة في مجاز القرآن نفسه سبيل معاصره أبي زكريا الفرّاء ( ت : 207 هـ ) في « معاني القرآن » وجزءا من سبيل إبن قتيبة في « تأويل مشكل القرآن » في حدود معينة ، لأن كتاب ابن قتيبة ( ت : 276 هـ ) قد اشتمل على مباحث مجازية مهمة ، كما سنشاهد هذا في مرحلة التأصيل ، اذ عقد للمجاز ـ بمعناه العام حينا وبمعناه الاصطلاحي الدقيق
____________
(1) فؤاد سزكين ، مجاز القرآن ، المقدمة : 1 / 18 .
(2) أبو عبيدة ، مجاز القرآن : 1 / 8 .
(3) مصطفى الصاوي الجويني ، مناهج في التفسير : 77 .
(4) ظ : أحمد مطلوب ، فنون بلاغية : 92 .

( 17 )

حينا آخر ـ بابا خاصا تناول فيه فصولا من المأهول المجازي في الاستعارة والمجاز والتمثيل(1) .
والذي يبدو لي من تعقب هذه الحقبة أن الاتجاه المنظور اليه لدى العلماء في مصنفاتهم التي أوردناها كان البحث المنظّم والمفهرس في غريب القرآن ، ومعانيه اللغوية ، وشوارده العربية ، ولم يكن لمجاز القرآن ولا لمعاينه بالاصطلاح البلاغي فيها أي إرادة مسبقة ، وإن وردت بعض الإشارات البلاغية بإطارها العام مما لا بد منه في إيضاح المعنى اللغوي فالبلاغة جزء من علم اللغة .
2 ـ مجاز القرآن بإطاره البلاغي العام :
يبدو أن الجاحظ ( ت : 255 هـ ) هو أول من استعمل المجاز للدلالة على جميع الصور البيانية تارة ، أو على المعنى المقابل للحقيقة تارة أخرى ، بل على معالم الصورة الفنية المستخلصة من اقتران الألفاظ بالمعاني ، فهو كمعاصريه يعبر عن جمهرة الفنون البلاغية كالاستعارة والتشبيه والتمثيل والمجاز نفسه ، يعبر عنها جميعا بالمجاز ، ويتضح هذا جليا في أغلب استعمالات الجاحظ البلاغية التي يطلق عليها اسم المجاز ، وقد انسحب هذا على المجاز القرآني لديه (2) .
ويعلل هذا التواضع عند الجاحظ ومعاصريه بأمرين :
الأول : إرجاع صنوف البيان العربي وتفريعاته الى الأصل ، وهو عندهم : المجاز بمعناه الواسع .
الثاني : عدم وضوح استقلالية هذه المصطلحات بالمراد الدقيق منها في مفهومها ودلالتها كما هي الحال في جلائها بحدود معينة بعد عصر الجاحظ عند كل من ابن قتيبة ( ت : 276 هـ ) وعلي بن عبد العزيز المعروف بالقاضي الجرجاني ( ت : 366 هـ ) وعلي بن عيسى الرماني ( ت : 386 هـ ) وسليمان بن حمد الخطابي ( ت : 388 هـ ) وأبي هلال العسكري
____________
(1) ظ : ابن قتيبة ، تأويل مشكل القرآن : 76 وما بعدها .
(2) ظ : استعمالات الجاحظ لاطلاقات المجاز ، الحيوان : 5 / 23 ـ 34 .

( 18 )

( ت : 395 هـ ) مما قد يعتبر بدايات إصطلاحية في إطار ضيق ، ولكنه قد يحدد بعض معالم الرؤية .
فالجاحظ حينما يتحدث عن المجاز القرآني فإنه ينظر له بقوله تعالى : ( إنّ الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا * )(1) .
ويعد هذا من باب المجاز والتشبيه على شاكلة قوله تعالى : ( أكّالون للسّحت )(2) . وعنده أن هذا قد يقال لهم ، وإن شربوا بتلك الأموال الأنبدة ، ولبسوا الحلل ، وركبوا الدواب ، ولم ينفقوا منها درهما واحدا في سبيل الأكل ، وتمام الآية ( إنّما يأكلون في بطونهم نارا ) مجاز آخر . . . فهذا كله مختلف ، وهو كله مجاز(3) .
والجاحظ هنا ينظر الى المجاز باعتباره في قبال الحقيقة ، وهو قسيم لها ، في تنظيره له ، وتلك بداية لها قيمتها الفنية .
ويرى البعض أن إطلاق المجاز في معناه الدقيق إنما بدأ مع المعتزلة ،وهم مجوزون له لوروده في القرآن ، وقد أشار الى ذلك ابن تيمية ، واعتبر المجاز دون مبرر أمرا حادثا ، وفنا عارضا ، لم يتكلم به الأوائل من الأئمة والصحابة والتابعين ، فقال :
« وتقسيم الألفاظ الدالة على معانيها الى حقيقة ومجاز ، وتقسيم دلالتها أو المعاني المدلول عليها إن استعمل لفظا الحقيقة والمجاز في المدلول أو الدّلالة ، فإن هذا كله قد يقع في كلام المتأخرين ، ولكن المشهور أن الحقيقة والمجاز من عوارض الألفاظ ، وبكل حال فهذا التقسيم إصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثالثة الأولى . . وأول من عرف أنه تكلم بلفظ المجاز ، هو أبو عبيدة معمّر ابن المثنى في كتابه ،
____________
(1) النساء : 10 .
(2) المائدة : 42 .
(3) ظ : الجاحظ ، الحيوان : 5 / 25 وما بعدها .

( 19 )

ولكنه لم يعن بالمجاز ما هو قسيم الحقيقة ، وإنما عني بمجاز الآية ما يعبر عن الآية . . . وإنما هذا إصطلاح حادث ، والغالب أنه كان من جهة المعتزلة ونحوهم من المتكلمين(1) .
ولا نريد أن نناقش إبن تيمية في نفيه لمصطلح المجاز في القرون الثلاثة الأولى ، في حين استعمله بمعناه الاصطلاحي العام كل من الجاحظ ( ت : 255 هـ ) وابن قتيبة ( ت : 276 هـ ) وهما من أعلام القرن الثالث ، لا نجادله يهذا لوضوح وروده ، بقدر ما نؤيده في حدود أن المعتزلة كانوا مجدين في هذا المنحى ، وإن كان الفضل الحقيقي في إرساء اسسه ، واستكمال مناهجه يعود الى الشيخ عبد القاهر وهو ليس معتزليا .
وكان محمد بن يزيد المبرد ( ت : 285 هـ ) قد استعمل المجاز بالمؤدى نفسه الذي استعمله به أبو عبيدة من ذي قبل للدلالة على ما يعبر به عن تفسير لفظ الآية أو ألفاظها ، ولا دلالة إصطلاحية عنده فيه(2) .
على أن إبن جني ( ت : 392 هـ ) قد أشار الى حقيقة وقوع الكلام مجازا في عدة مواضع من « الخصائص » ونصّ عليه بل ذهب الى أولويته في الكلام ، ووافق إبن قتيبة في موارد منه ، وأخذ ذلك عنه ، كما سنرى . يقول إبن جني في هذا السياق : « إعلم أن أكثر اللغة مع تأمله مجاز لا حقيقة ، وذلك عامة الأفعال ، نحو : قام زيد ، وقعد عمر ، وانطلق بشر ، وجاء الصيف ، وانهزم الشتاء . ألا ترى أن الفعل يفاد منه معنى الجنسية . فقولك : قام زيد معناه : كان منه القيام ، وكيف يكون ذلك وهو جنس ، والجنس يطبق جميع الماضي وجميع الحاضر ، وجميع الآتي الكائنات من كل من وجد منه القيام . ومعلوم انه لا يجتمع لأنسان واحد في وقت ولا في مئة ألف سنة مضاعفة القيام كله الداخل تحت الوهم ، هذا محال عند كل ذي لبّ ، فإذا كان كذلك علمت أن ( قام زيد ) مجاز لا حقيقة ، وإنما هو وضع الكل موضع البعض للاتساع والمبالغة وتشبيه القليل بالكثير(3) .
____________
(1) ابن تيمية ، كتاب الأيمان : 34 .
(2) ظ : المبرد : المقتضب في أغلب استعمالاته لإطلاق المجاز .
(3) ابن جني ، الخصائص : 2 / 448 .

( 20 )

وهذا التعليل من ابن جني قائم على أساس نظرة الموحدين وأهل العدل في مقولتهم « لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين » . فالله سبحانه وتعالى موجد القوة في الإنسان على القيام ، والإنسان يؤدي ذلك القيام ، ولكن لا بحوله ولا قوته ، فليس هو قائما في الحقيقة ، بل الطاقة التي أوجدها الله تعالى عنده ، هي وما خوله إياه كانا عاملين أساسين في القيام ، فلا هو بمفرده قائم ،ولا القيام بمنفي عنه ، وإنما هو أمر بين أمرين ، فكان القيام بالنسبة اليه مجازا .
ولا يهمنا هذا بقدر ما يهمنا إشلرة إبن جني الى المجاز في عدة مواضع من الخصائص ، لعل أهمها من يجعل فيه المجاز بعامة قسيما للحقيقة ، متحدثا عنه وعن خصائصة بإطار بلاغي عام قد يريد به التشبيه والاستعارة والمجاز بوقت واحد ، وذلك قوله : « إن الكلام لا يقع في الكلام ويعدل عن الحقيقة إليه إلا لمعان ثلاثة هي : الاتساع والتوكيد والتشبيه ، فإن عدمت هذه الأوصاف الثلاثة كانت الحقيقة البتة »(1) .
ولا نريد ان ننقاقش إبن جني في هذا الاتساع وذلك التوكيد أو التشبيه كما فعل إبن الأثير ( ت : 637 هـ ) في متابعته هذه الوجوه ، فذلك مما يخرج البحث عن دائرته الى قضايا هامشية لا ضرورة اليها ، بل نقول أن المجاز في قيمته الفنية لا يختلف عن الحقيقة في قيمتها الفنية ، فكلاهما يهدف الى الفائدة المتوخاة من الكلام . قال الحسن بن بشير الآمدي ( ت : 370 هـ ) « الكلام إنما هو مبني على الفائدة في حقيقته ومجازه »(2) .
وكان علي بن عيسى الرماني ( ت : 386 هـ ) وهو ممن عاصر ابن جني ، ينظر الى الاستعارة باعتبارها استعمالا مجازيا ، وعدّها أحد أقسام البلاغة العشرة ، واكتفى بذكرها عن ذكر المجاز(3) ، مما يعني أنه يرى فيما هو قسيم للحقيقة مجازا وذلك صريح قوله : « وكل استعارة حسنة فهي توجب بيان ما لا تنوب منابه الحقيقة ، وذلك أنه لو كان تقوم مقامه
____________
(1) المصدر نفسه : 2 / 442 .
(2) الآمدي ، الموازنة بين الطائيين : 179 .
(3) ظ : الرماني ، النكت في إجاز القرآن : 76 .

( 21 )

الحقيقة ، كانت أولى به ، ولم تجز ، وكل استعارة فلا بد لها من حقيقة ، وهي أصل الدلالة على المعنى . . . ونحن نذكر ما جاء في القرآن من الأستعارة على جهة البلاغة »(1) .
ومن هذا يبدوا أن الرماني قد لحظ المجاز بإطاره البلاغي العام ، فكل ما كان غير حقيقي سواء أكان إستعارة أم مجازا فهو استعمال مجازي ، وينظر لهذا بعشرات الآيات القرآنية ، ويعطي المعنى الحقيقي ، والمجازي بهذا المنظور الذي أوضحناه ، شأنه بهذا شأن من سبقه الى النظرة نفسها . ففي قوله تعالى ( ولمّا سكت عن موسى الغضب )(2) . قال الرماني « وحقيقته إنتفاء الغضب ، والأستعارة أبلغ لأنه انتفى انتفاء مراصد بالعودة ، فهو كالسكوت على مراصدة الكلام بما توجبه الحكمة في الحال ، فانتفى الغضب بالسكوت عما يكره ، والمعنى الجامع بينهما الإمساك عما يكره »(3) .
وفي قوله تعالى ( لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم ) ، (4) ينظر الرماني إلى المجاز في « ريبة » إلى أنه استعارة ، مما يعني عدم وضوح التمييز بين المجاز والاستعارة عنده ، وكلاهما مجاز بالمعنى العام عنده ، إذ عبر الله عن البنيان بأنه ريبة ، وإنما هو ذو ريبة كما يرى ذلك الرماني ، وإذا صير هذا الاطلاق عليه فهو مجاز ، والتعبير عنه بالاستعارة عند الرماني يعني أن النظرة للاستعارة والمجاز على حد سواء .
يقول الرماني في تعقيبه على الآية الكريمة « وأصل البنيان إنما هو للحيطان وما أشبهها ، وحقيقيته إعتقادهم الذي عملوا عليه ، والاستعارة أبلغ لما فيهامن البينان بما يحس ويتصور ، وجعل البنيان ريبة وإنما هو ذو ريبة ، كما تقول : هو خبث كله ، وذلك أبلغ من أن يجعله ممتزجا ، لأن قوة الذم للريبة ، فجاء على البلاغة لا على الحذف الذي إنما يراد به الإيجاز في العبارة فقط »(5) .
____________
(1) المصدر نفسه : 86 .
(2) الأعراف : 154 .
(3) الرماني : النكت في إعجاز القرآن : 87 .
(4) التوبة : 110 .
(5) الرماني ، النكت في إعجاز القرآن : 91 .

( 22 )

فالرماني الذي يعبر عن المجاز بالاستعارة ، ويضع الاستعارة في التطبيق موضع البحث ، إنما ينظر اليها باعتبارها عملا مجازيا يستدل به على وقوع المجاز في القرآن من وجه ، وعلى دلائل الإعجاز القرآني من وجه آخر .
ويبدو ان نظرة البلاغيين في القرن الرابع من الهجرة كانت متحدة في هذا المقياس بأطاره العام ، فهذا أبو هلال العسكري ( ت : 395 هـ ) قد أشار الى المجاز بمعناه الواسع ونظر له من القرآن الكريم في صنوف الاستعارات القرآنية ، وقد أوضح رأيه في التنصيص على ذلك بقوله : « ولا بد لكل استعارة ومجاز من حقيقة ، وهي أصل الدلالة علة المعنى في اللغة »(1) .
ويهمنا من هذا القول أنه جعل المجاز قسيما للحقيقة ، واعتبر الاستعارة كذلك لا فرق بينهما وبين المجاز ، وكانت تطبيقاته في هذا المنهج إستعارات القرآن .
والحق أن أبا هلال كان ذا حدس إستعاري ، وحس بياني ، وذائقة بلاغية ناضجة فيما أورده من شواهد قرآنية في هذا المقام ، ففي قوله تعالى : ( وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا * )(2) . يقول أبو هلال : « حقيقته عمدنا ، وقدمنا أبلغ ، لأنه دلّ فيه على ماكان من إمهاله لهم ، حتى كأنه كان غائبا عنهم ، ثم قدم فأطلع على غير ما ينبغي فجازاهم بحسبه ، والمعنى الجامع بينهما العدل في شدة النكير ، لأن العمد الى إبطال الفاسد عدل ، وأما قوله ( هباءً منثورا ) فحقيقته أبطلناه ، حتى لم يحصل منه شيء ، والاستعارة أبلغ ، لأنه إخراج ما لا يرى الى ما يرى »(3) .
وكان السيد الشريف الرضي ( ت : 406 هـ ) قد ألف كتابين في المجاز : لهما أهمية نقدية وبلاغية في البحث البياني في القرآن وعند العرب وهما : « تلخيص البيان في مجازات القرآن » و « والمجازات النبوية » ، وكان
____________
(1) العسكري ، كتاب الصناعتين : 276 .
(2) الفرقان : 23 .
(3) العسكري ، كتاب الصناعتين : 277 .