كتاب ملامح المنهج التربوي عند أهل البيت عليهم السلام ::: 91 ـ 100
(91)
الفصل الرابع
مميّزات المنهج التربوي عند أهل البيت عليهم السلام
     اختصّ منهج أهل البيت عليهم السلام بخصائص امتاز بها عن غيره من المناهج ، وهي تعتبر الحجر الأساس في بناء الشخصية لمن يلتزم بها ، ومن أهمها :

1 ـ ربانيّة المنهج التربوي
     أهل البيت عليهم السلام عنوان مضيء في حياة الإنسانية ، وعنوان شامخ في حركة التاريخ والمسيرة الإنسانية ، وهم أعلام الهدى وقدوة المتقين ، عُرفوا بالعلم والحكمة والإخلاص والوفاء والصدق والحلم وسائر صفات الكمال في الشخصية الإسلامية ، فكانوا قدوة المسلمين ورواد الحركة الاصلاحية والتغييرية في المسيرة الإسلامية ، وكان لهم مقامهم الكريم ودورهم السامي عند الفقهاء والمفسرين والرواة والمؤرخين والأدباء والشعراء ، وعند العابدين والزاهدين والأولياء.
     وأهل البيت عليهم السلام عدل القرآن وهم القرآن الناطق المتحرك وقد تظافرت وتواترت الروايات على اثبات هذا المقام ، ففي رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انّه قال : « ياأيّها الناس إنّي قد تركت فيكم ما إن اخذتم به لن تضلّوا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي » (1).
1 ـ سنن الترمذي : 5 / 622.

(92)
    وفي رواية اُخرى أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : « إنّي تارك فيكم خليفتين ، كتاب الله ... وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض » (1).
     ومثّل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهل البيت عليهم السلام بسفينة نوح فقال : « ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ... من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق » (2).
     وقال عليه السلام : « النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس » (3).
     ووصفهم أمير المؤمنين عليه السلام قائلاً : « هم عيش العلم وموت الجهل ، يخبركم حلمهم عن علمهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، وصمتهم عن حكم منطقهم ، لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه ، وهم دعائم الإسلام وولائج الاعتصام ، بهم عاد الحقّ إلى نصابه ... عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية لا عقل سماعٍ ورواية » (4).
     وقال عليه السلام : « نحن النمرقة الوسطى ، بها يلحق التالي ، وإليها يرجع الغالي » (5).
1 ـ مسند أحمد بن حنبل : 6 / 232 ، مجمع الزوائد / الهيثمي : 9 / 163.
2 ـ المستدرك على الصحيحين / الحاكم : 3 / 151 ، مجمع الزوائد / الهيثمي : 9/168 ، الجامع الصغير / السيوطي : 2 / 533.
3 ـ المستدرك على الصحيحين / الحاكم : 3 / 149 ، الصواعق المحرقة / ابن حجر : ص 234.
4 ـ نهج البلاغة : ص 357 ، 358.
5 ـ نهج البلاغة : ص 488.


(93)
    وهذه الأحاديث تدل دلالة واضحة على عصمة أهل البيت عليهم السلام بمعنى اندكاكهم الكامل بالقرآن فلا افتراق ولا اختلاف عنه ، فما يصدر منهم صادر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الله تعالى ، وبعبارة اُخرى انّ منهجهم هو منهج الله تعالى ، ولهذا يصح القول بأنّ منهجهم ربانيّ ، كما تدلّ أحاديثهم الشريفة على ذلك أيضاً.
     قال أمير المؤمنين عليه السلام : « انّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أدّبه الله وهو أدّبني ، وأنا أؤدّب المؤمنين ، وأورث الآداب المكرمين » (1).
     وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : « والله ما نقول بأهوائنا ، ولا نقول برأينا ، ولا نقول إلاّ ما قال ربّنا » (2).
     وقال عليه السلام : « لو كنّا نحدث الناس أو حدّثناهم برأينا لكنّا من الهالكين ، ولكنّا نحدّثهم بآثار عندنا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم » (3).
     وسأله رجل عن مسألة فأجابه فيها ، فقال الرجل : أرأيت إن كان كذا وكذا ما يكون القول فيها ؟ قال له : « مه ، ما أجبتك فيه من شيء فهو عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لسنا من (أرأيت) في شيء » (4).
     ووضّح عليه السلام سلسلة الحديث ومصادرها فأرجعها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى الله تعالى فقال : « حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدّي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ، وحديث أمير المؤمنين حديث
1 ـ تحف العقول / الحرّاني : ص 114.
2 ـ و3 ـ بحار الأنوار / المجلسي : 2 / 173.
4 ـ الكافي : 1 / 58.


(94)
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وحديث رسول الله قول الله عزّوجلّ » (1).
     وعن سماعة عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : قلت له : أكلُّ شيء في كتاب الله وسنة نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم ؟ أو تقولون فيه ؟ قال : « بل كلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيّه » (2).
     وعلى ضوء ما تقدّم يمكن القول : ان منهج أهل البيت عليهم السلام التربوي هو منهج رباني بمعنى انه موضوع من قبل ربّ الانسان وخالقه وليس من وضع الانسان ، فقد وضعه من له احاطة تامة بالعالم كلّه وبالأرض كلّها وبالناس كلّهم ، يعلم سكنات النفس وما تخفي الصدور ، وهو سبحانه وتعالى أودع الغرائز والرغبات في الإنسان ، ولذلك فهو أعلم بكيفية اشباعها وبكيفية التوازن بينها ، فيكون المنهج التربوي الموضوع من قبله تعالى كاملاً لا نقص فيه ولا ضعف ، فيستجيب له الانسان مطمئناً بأنّه المنهج الأمثل في التربية ، أمّا المناهج الوضعية فهي صادرة من البشر الذي يتصف بالضعف وعدم الاحاطة التامة بالحياة ، ويتصف بمحدودية فكره وكثرة أخطائه اضافة إلى تحكم الأهواء به ، فتكون ناقصة وقابلة للتبدّل والتغيّر لتغيّر آراء وتصورات واضعيها.
     والإنسان بانتسابه إلى العقيدة الربانية يرى نفسه مرتبطاً بالمطلق العليم الحكيم المهيمن ، وهذه الرؤية تجعله مرتبطاً بغاية وهدف ، فلا عبث ولا لهو ، بل تكون جميع أفكاره وعواطفه وإرادته متجهة نحو المطلق ، ويستتبعها سلوكه في نفس الاتجاه ، فيبتعد الإنسان عن التخبّط والتغيّر السلبي والمزاجية والتمزّق والصراع النفسي ، ويستقيم على منهج واحد في عقيدته وعواطفه وسلوكه.
1 ـ الكافي : 1 / 53.
2 ـ المصدر السابق نفسه : 1 / 62.


(95)
    والربانية تزرع في نفس الانسان حالة التقديس للمنهج التربوي ، لأنّه يشعر بأنّه موضوع من قبل المطلق العليم ، أو من قبل شخصيات شهد القرآن ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعصمتها ، وهذا التقديس يشجع الانسان ويدفعه إلى العمل الدؤوب لتطبيق قواعد المنهج في نفسه واُسرته ومجتمعه. ثم ان الارتباط بالله تعالى يدفع الانسان للارتباط بكل ما يريده ربّه ، فيرتبط بالقرآن وما فيه من مقومات تربوية ، وبالعبادات وما فيها من قيم روحية والالتقاء بالصالحين ، والارتباط بالعلماء. وارتباط العبد بخالقه يحقّق الاستقامة في السلوك بعد شفاء الانسان من الوسوسة والقلق والاضطراب ، فيطمئن ويستشعر الحماية والأمن ، ويكون شفاءً من الأمراض السلوكية والاجتماعية.
     وقد أثبت منهج أهل البيت عليهم السلام التربوي قدرته على بناء الانسان بناءً متكاملاً ، فقد تخرج على هذا المنهج مئات الشخصيات التي كانت قمة في السمو الروحي والتكامل النفسي والسلوكي ، وقدوة لجميع بني الانسان لاستشعارها بأن المنهج ربانيّ النشأة وربانيّ المصدر ، وبعد أن واكبت تعاليمه وارشاداته وقواعده منذ بداية الحياة الزوجية باختيار شريك الحياة المتديّن الصالح ، ومروراً بمرحلة الحمل والطفولة بجميع مراحلها ، وكانت تلك الشخصيات قدوة لجميع بني الإنسان.
     وعلى الرغم من ابتعاد أغلب المسلمين عن المنهج التربوي لأهل البيت في تصوراتهم وممارساتهم إلاّ أنّ آثاره بقيت حاكمة على كثيرٍ من المواقف والممارسات ، وكان المسلمون وخصوصاً أتباع أهل البيت عليهم السلام أقل انحرافاً وانحطاطاً من غيرهم من أصحاب الديانات الإلهية المحرّفة أو الوضعية ، ولا تزال كثير من العلاقات الاجتماعية قائمة على أسس صحيحة تحت تأثير ذلك


(96)
المنهج ولو قدر للاِسلام أن يبقى في دوره الريادي دون اقصائه من قبل المحتلّين والغزاة لانتهى الانحراف وانحسر في دائرة ضيقة.
     وفي مقابل ذلك نرى أنّ المناهج الوضعية في التربية لم تحقّق إلاّ مزيداً من الانحراف النفسي والسلوكي ، حيث القلق والاضطراب في النفس والانحراف في السلوك الفردي والاجتماعي ، وكان من آثاره كثرة الجرائم وكثرة الفساد وبالتالي فقدان الأمن والاطمئنان ، وفيما يلي نذكر بعض الاحصائيات في ذلك.
     في نيويورك وحدها يوجد أكثر من 300 ألف مدمن على المخدرات ، وهؤلاء يحتاجون يومياً إلى (50 ـ 100) دولار لكل شخص لتأمين الهيروئين لأنفسهم ، وإن إحصاءات الجرائم في نيويورك تدل على انها بلغت 368 ألف جريمة خلال العشرة أشهر الأولى من عام 1972 من أمثال القتل ، والاغتصاب ، والهجوم المسلح (1).
     وفي عام 1991 بلغ عدد جرائم القتل إلى 240020 جريمة ، وقد ازداد العدد في عام 1992 (2).
     وتشير الاحصائيات إلى 963 حالة اغتصاب في الولايات المتحدة في أوائل التسعينات ، علماً أنّ الاباحية الجنسية منتشرة والسلوك الجنسي سهل الاشباع.
     وفي مجال جرائم القتل العائلية أفادت دراسة لوزارة العدل الأمريكية في 10 تموز 1994 أنّ 80% من ضحايا القتل قتلوا بأيدي أفراد من عائلاتهم.
1 ـ الأفكار والرغبات بين الشيوخ والشباب / محمد تقي فلسفي : 1 / 186 ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ، ط 1 ، 1415هـ.
2 ـ مجلة نور الإسلام : 43 / 96.


(97)
    وفي عام 1995 أعلنت وزارة الداخلية البريطانية أن نسبة الجريمة في انجلترا وويلز ارتفعت للمرة الأولى في عامين ، وكانت أكبر زيادة في جرائم العنف والاعتداء والاغتصاب (1).
     وأظهرت دراسة نشرها مركز مراقبة الأمراض والوقاية منها انّ نسبة جرائم قتل الأطفال الأمريكيين في عام 1995 بلغت 257 طفلاً بين كل مائة ألف ، وبلغت نسبة الانتحار بين الأطفال دون الخامسة عشرة 55 بين كل مائة ألف (2).
     وأكدت منظمة الصحة العالمية أنّ حوالي مائة مليون من أطفال الشوارع حديثي السن يتعاطون الخمر والمخدرات وأنّ وضعهم يدعو إلى القلق.
     ودلّت الاحصائيات على أنّ عدداً كبيراً من فتيات تحت سن الخامسة عشرة تظهر عليهنّ آثار الحمل كل شهر ، وبما أنّ الأطباء يخشون القيام باسقاط الجنين لصغر سنهن فانهنّ يصبحن أمهات ، ويزداد طلب اجراء عملية الاجهاض يوماً بعد يوم من المستوصفات الأمريكية (3).
     وفي احصائية اقيمت سنة 1985 دلّت على انّ طفلاً واحداً من بين كل ستّة أطفال يولدون بصورة غير شرعية في بريطانيا ، وقد ارتفع عدد حالات الاغتصاب بنسبة 27% خلال الستة شهور من سنة 1985 (4).
     ودلّت الاحصائيات الأخيرة على قبول الناس لفكرة الانجاب غير الشرعي
1 ـ العنف والجريمة / د. جليل وديع مشكور : ص 13 و 18 ، الدار العربية للعلوم ، بيروت ، 1418هـ.
2 ـ صحيفة كيهان ، العدد 3876.
3 ـ الأفكار والرغبات : 1 / 180.
4 ـ الإسلام دين البشرية : ص 62.


(98)
للأطفال ، وأكدت على أنّ %34 من الأطفال الذين ولدوا أحياء في انگلترا وويلز عام 1995 ولدوا سفاحاً دون زواج (1).
     وأشارت التقارير إلى وجود نصف مليون شابة يمارسن الدعارة في مدينة ساوباولو البرازيلية في عام 1996 ، وأنّ أطفالأ بين سن السابعة والثامنة يعيشون من ممارسة الدعارة ، وأنّ موسكو تعاني من وجود أكثر من ألف طفل يتاجرون ببيع أجسادهم ، ودلّت أيضاً على وجود ثماني مئة ألف من البغايا الأطفال في تايلند ، وأربعمئة ألف في الهند وستون ألف في الفيليبين ، كما ظهرت مراكز دولية جديدة لبغاء الأطفال في فيتنام وكمبوديا ولاوس والصين ، وفي تقرير آخر أشار إلى أنّ أكثر من 50% من البغايا الأطفال في تايلند مصابات بفيروس الآيدز (2).
     وفي تموز عام 1997 تظاهر نحو 60 ألفاً من الشواذ جنسياً في شوارع لندن على غرار ما يفعلون سنوياً للمطالبة بحقوقهم ، وجرى لأول مرة في سويسرا حفل زواج لشابين شاذين جنسياً في كنيسة بروتستانتية بمنطقة برن.
     وفي شباط 1995 دعا البرلمان الأوروبي في قرار الدول الأعضاء إلى منح الشاذين جنسياً الحقوق والواجبات نفسها التي يتمتع بها الأزواج العاديون (3).

2 ـ شمولية المنهج التربوي
     يمتاز منهج أهل البيت عليهم السلام التربوي بالشمول ، فهو يراعي الانسان في جميع
1 ـ مجلة نور الإسلام : 65 / 96.
2 ـ الطفولة المنحرفة : ص 106 و 108.
3 ـ مجلة نور الإسلام : 59 / 86.


(99)
مقوماته ، وينظر إليه من جميع جوانبه ، فهو مخلوق مزدوج الطبيعة روح وعقل وغرائز ، وجسد متعدد الجوارح ، وهو موضوع للانسان ككل فلا انفصال بين حاجات الجسد وحاجات الروح ، فهو يدعو إلى اشباع حاجات الانسان لكي يتقبل ما يلقى إليه من قواعد وأسس تربوية وتوجيهية وارشادية.
     والمنهج التربوي لأهل البيت عليهم السلام يواكب حركة الانسان في جميع مراحلها ابتداءً باختيار شريك الحياة المناسب مروراً بمرحلة الاقتران وانعقاد الجنين ومراحل الطفولة الأخرى ، ويضع لكل مرحلة تعاليم وتوجيهات منسجمة مع عمر الطفل الزمني والعقلي ، ومع حاجاته المادية والروحية ، ثم تأتي التكاليف حينما يصل الطفل إلى مرحلة من النضج الجسدي والعقلي ، لتكون هي الموجهة له في حركته الواقعية في الحياة.
     والمنهج لا يقتصر على تعاليم وارشادات خاصة في مجال معين بل انها شاملة لجميع المجالات ، وكل ما يسهم في تربية الانسان بشكل أو بآخر ، حيث يبدأ المنهج بربط الانسان وخصوصاً في مرحلة الطفولة بالمفاهيم والتصورات الإسلامية الأساسية ، كالايمان بالله تعالى ، وبالثواب والعقاب ، وذكر الله عن طريق قراءة القرآن والدعاء والعبادة ، وذكر الموت ، والرضا بالقضاء.
     والمنهج يتدخل في جميع المؤثرات التربوية ، فيدعو إلى اصلاح المحيط التربوي المتمثل بالأسرة والأصدقاء وحلقات الذكر والمسجد والعلماء وأجهزة الدولة.
     ولا يقتصر المنهج على القاء التعاليم والارشادات ، بل يدعو إلى خلق الأجواء السليمة التي تسهم في تطبيق تفاصيل المنهج ، وهي تعميق المودة داخل الأسرة ، ومراعاة الحقوق والواجبات ، وتجنّب المشاكل والخلافات ،


(100)
واشباع حاجات الطفل إلى الحب والحنان والتكريم واشعاره بذاته ، واشباع حاجاته إلى الرفاهية وإلى اللعب وإلى الحرية وإلى السلطة الضاغطة الموجهة.
     والمنهج التربوي شامل في استخدام أساليب اللين والشدة ومراعاة الحقوق والواجبات ، وهو شامل لمعرفة الأفكار وتنميتها ، وتنمية العواطف ، وتنمية الارادة ، وتربية السلوك ، ويتصاعد المنهج التربوي بتكثيف التربية والتمرين على الطاعات المختلفة حسب القدرة ودرجة التلقي وتفاوت الأعمار.
     وحينما تصطدم حاجات الانسان بالواقع ويحرم من تحقيق بعضها بسبب الظروف النفسية أو الاجتماعية ، يضع المنهج التربوي برنامجاً لمقاومة حالات التصدع النفسي في شخصية الإنسان ، ومعالجة الأمراض النفسية والروحية وهي في مهدها ، ومن مصاديق هذا البرنامج الدعوة إلى الصبر لأنه سلاح المؤمن في مقاومة العقبات والهموم والآلام ، وبه يتغلب على جميع أثقال الحياة من جوع ومرض وفقر وحرمان ومن اضطهاد وظلم ، والصبر له تأثيرات ايجابية على الصحة النفسية ، والإنسان الذي يقابل الحرمان والهموم والآلام بالصبر والثبات سيكون مطمئناً مستقراً ، لاِيمانه بأنّ الله معه يحرسه ويرعاه ويتلطّف عليه ، ويفرّج عنه الضيق والشدّة.
     والصابر يكون في أعلى قمم الصحة النفسية حينما يشعر بأنّ الله يعوضه عن صبره بالحب واللطف ، فلا شقاء مع حبّ الله له ، ولا قيمة لشيء أمامه وهو داخل في دائرة الحب الإلهي ، ومن مصاديقه أيضاً التفكير بالجزاء والثواب الخالد ، فإنّ لهذا التفكير تأثيراً إيجابياً على من يعيش الحرمان والمصائب والآلام ، لأنّ التفكير بالجزاء والعوض الإلهي عمّا فقده في الدنيا يجعله يعيش الأمل في نيل ذلك الجزاء ، وهذا الأمل يخفّف من معاناته ، ويجعله موصولاً
ملامح المنهج التربوي عند أهل البيت عليهم السلام ::: فهرس