كتاب ملامح المنهج التربوي عند أهل البيت عليهم السلام ::: 101 ـ 110
(101)
بالسعادة في الدنيا التي يؤمن بزوالها وفنائها.
     والمنهج شامل في اختيار المربين والمصلحين من حيث خصائصهم الذاتية وخصائصهم العملية لكي تكون التربية ناجحة ومنسجمة مع المنهج الإلهي العام.
     والمنهج شامل في اختيار الأساليب الناجحة والتي تؤثر على العقول والقلوب بعد أن تستجيب إليها لانسجامها مع ظروف وأحوال الناس.

3 ـ واقعية المنهج التربوي
     راعى المنهج التربوي لأهل البيت عليهم السلام واقع الانسان من جميع جوانبه ، فهو كائن ذو شطرين ذكر واُنثى ، ولكلّ منهما خصائصه الفسيولوجية والسلوكية ، وهو كائن ضعيف محدود القدرة بالقياس إلى خالقه ، وهو كائن ذو قدرات بالقياس لغيره من المخلوقات ، وهو كائن ذو نجدين يحمل في جوانحه نوازع الخير والشر معاً ، وهو كائن يؤثر ويتأثر بالمحيط الذي يعيشه سلباً أو ايجاباً.
     وراعى المنهج التربوي لأهل البيت عليهم السلام واقع الانسان ناظراً إلى جميع جوانبه داعياً إلى اشباعها بتوازن بحيث لا يطغى جانب على جانب ، ولا ناحية على ناحية ، وقد وضع لكل جانب مقوماته وحدوده الواقعية فلا تقييد مطبق ولا اطلاق العنان دون تناهٍ.
     وهو منهج تتقبله العقول والنفوس بلا حرج ولا مشقة ، والانسان حينما يلتزم بقواعده يشعر بمناغاتها له وانسجامها مع كيانه المزدوج ، وهي سهلة التطبيق لمن استعدّ لها وتهيأت له الأرضية المناسبة عن طريق الوراثة والمحيط الاجتماعي في جميع مراحله.
     ومن واقعيته انّه راعى دور الوراثة ودور المحيط التربوي في البناء التربوي


(102)
للاِنسان ، وراعى دور التقييم الذاتي والتقييم الاجتماعي في التربية ، وراعى دور القدوة في التربية وجميعها أمور واقعية.
     ومن واقعية المنهج التربوي تركيزه على دور القيم المعنوية في التربية ومنها الايمان بالله تعالى وبالعقاب والثواب ، فهذا الايمان حاجة فطرية قبل كل شيء يمليها الواقع الانساني ، وفي ذلك قال الفيلسوف الأمريكي ويليام جيمس : (أينما يقم حديث حول اختيار الاله وعلمه الأبدي أو حول الخير والشر ، تجد كل شخص قد أصاخ بسمعه له) (1).
     وقال الفيلسوف اليوناني ابيكتيت : (العقيدة بالله يجب أن تكون مستمرة كاستمرار النفس).
     وقال برودون : (الله هو الكائن الذي لا يدرك ولا يوصف ، ومع هذا فهو ضروري).
     وقال أيضاً : (إنّ ضمائرنا قد شهدت لنا بوجود الله قبل أن تكشفه لنا عقولنا).
     وقال المسيو بوشيت : إن اعتقاد الأفراد والنوع الإنساني بأسره في الخالق كان اعتقاداً اضطرارياً قد نشأ قبل حدوث البراهين الدالة على وجوده ، ومهما صعد الإنسان بذاكرته في تاريخ طفوليته ، فلا يستطيع أن يجد الساعة التي حدثت فيها عقيدته بالخالق ، تلك العقيدة التي نشأت صامتة ، وصار لها أكبر الآثار في حياته) (2).
1 ـ علم النفس / جميل صليبا : 11 ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ، 1404هـ.
2 ـ دائرة معارف القرن العشرين لمحمد فريد وجدي : 48201 ، 483 ، دار المعرفة ، بيروت ، 1971.


(103)
    والإيمان باليوم الآخر ينسجم مع تطلعات الانسان لما وراء الحياة ، وهذا الايمان بالمطلق وبالثواب والنعيم ، يمنح الانسان طاقة روحية متسامية ، يحافظ من خلالها على سلامته النفسية واستقامته السلوكية ، فلو أصابه الحرمان وحال الواقع دون اشباع حاجاته فانّ الايمان سيخفف من معاناة الحرمان.
     والإيمان باليوم الآخر أمر واقعي ، كما هو واضح في آراء العلماء والمفكرين ، وفي ذلك يقول نورمان فنسنت بيل : (والواقع انّ الشعور الغريزي بوجود عالم آخر بعد الموت هو من أقوى الأدلة على هذا الوجود ... وانّ الشوق إلى خلود الحياة ـ ولو في عالم آخرـ احساس شائع في نفوس البشر بحيث لا يمكن النظر إليه باستخفاف عام) (1).
     والاستدلال على وجود الله تعالى لا يحتاج إلى عناية استثنائية مثالية ، بل يعتمد على الواقع ، وكما ورد في حديث أمير المؤمنين عليه السلام : « بصنع الله يُستدل عليه ، وبالعقول تعتقد معرفته ، وبالفكرة تثبت حجته ، وبآياته احتج على خلقه .. وابتداؤه إيّاهم دليل على الابتداء له ، لعجز كل مبتدء عن إبداء غيره » (2).
     وقد دلّت التجارب والدراسات العلمية الحديثة على دور الايمان بالله وباليوم الآخر في اصلاح الفساد الأخلاقي والاجتماعي ، وقام بعض علماء النفس باستخدام العلاج الديني في علاج الأمراض النفسية والخلقية والاجتماعية.
     ومن واقعية المنهج التربوي مراعاته لواقع الانسان من حيث استسلامه
1 ـ روح الدين الإسلامي : ص 115.
2 ـ تحف العقول / الحرّاني : ص 43.


(104)
لنزواته ورغبته في الاستقامة في آن واحد ، لذا جعل الاستغفار والتوبة طريقاً للعودة للاستقامة ، والتي تنسجم مع الرغبة في اصلاح النفس والندم على الأعمال القبيحة.
     ومن واقعية منهج أهل البيت عليهم السلام التربوي انّه ثابت في أصوله واسسه متطور في أساليبه ووسائله كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله : « لا تقسروا أولادكم على آدابكم ، فانّهم مخلوقون لزمان غير زمانكم » (1).
     والمنهج التربوي منهج واقعي في أهدافه وغاياته ومنها :
     1 ـ تعريف الانسان بنفسه وعالمه.
     2 ـ تعريف الانسان بخالقه وبثوابه وعقابه.
     3 ـ تعريف الانسان بالأنبياء والأئمة والأوصياء.
     4 ـ تعريف الانسان بأخيه الانسان وعلاقاته الاجتماعية.
     5 ـ اعداد الشخصية المتوازنة فكرياً وعاطفياً وسلوكياً.
     6 ـ توظيف الطاقات في اتجاه الخير والصلاح ، والسمو والتكامل.
     7 ـ تنمية روح الاخلاص.
     8 ـ مراعاة العواطف الانسانية.
     9 ـ تحكيم المفاهيم والقيم الصالحة في الواقع.
     10 ـ توعية الانسان.
     ومن واقعيته انّه لا كلفة فيه ولا تكلّف وان اُسسه وقواعده منسجمة مع طاقات الانسان في جميع مراحل حياته ، ولهذا راعى واقع الإنسان في تكاليفه وفي ارشاداته وفي أوامره ونواهيه ، فلم يطلب منه الانقطاع للعبادة مثلاً ، فقد
1 ـ شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد : 20 / 267.

(105)
جعل العبادات محدودة توصله بربّه ولا تقطعه عن مجتمعه ، وراعى الظروف الطارئة للاِنسان فنوّع العبادة ، في الحضر والسفر والمرض ، وجعل العبادات المندوبة منسجمة مع اختيار ورغبة الإنسان ، فراعى طاقته المحدودة وتبدل الاقبال في نفسه وفي واقعه الخارجي ، وفي ذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام : « إنّ للقلوب شهوة واقبالأ وادباراً ، فاتوها من قبل شهواتها واقبالها ، فانّ القلب إذا اُكره عمي » (1).
     وراعى المنهج التربوي واقع الإنسان النفسي والروحي والمعنوي وحاجاته المتنوعة ، فقد راعى فطرة الإنسان في ميلها إلى الترويح عن النفس ، فسنّ لها الألعاب المنسجمة مع إنسانية الإنسان كالفروسية والسباحة والرمي وما شابه ذلك ، وأباح له الملكية الفردية في حدودها المشروعة ، ووضع له قواعد موضوعية في العلاقات والمعاملات والممارسات ، فقد جعل الضرورات تبيح المحظورات ، وجعل نظام العقوبات منسجماً مع فطرة الإنسان وواقعه مع مراعاة ظروف الانحراف والجريمة وأسبابها وعواملها.
     وقد دلّت الدراسات النفسية والاجتماعية على حاجة الإنسان للعقاب من أجل اصلاح وتغيير وراحة نفسه ، فالمصاب بعقدة ذنب (لا يستطيع أن يُخفّف مما يعانيه من شعور خفي موصول بالذنب إلاّ إذا ورّط نفسه ـ عن غير قصد ظاهر منه ـ في متاعب ومشاكل .. لا يناله منها إلاّ العنت والتعب والمشقة والعذاب ، بل قد يستفز عدوان الغير عليه أو عدوان المجتمع ، فإذا حلّ به العقاب هدأت نفسه وزال عنه ما يغشاه من توتّر ، فكأن هذا الفرد في حاجة موصولة إلى عقاب نفسه سواء كان هذا العقاب مادياً أو معنوياً ... والواقع أنّ
1 ـ نهج البلاغة : ص 503.

(106)
الحاجة إلى عقاب النفس صورة خاصة من الحاجة إلى الغفران ، فالفرد يرحّب بعقاب نفسه طمعاً في التخفيف من مشاعر الذنب التي تفوق هذا العقاب إيلاماً ، أي أنه يختار أهون الشرّين) (1).
     ومكارم الأخلاق التي حثّ عليها المنهج التربوي واقعية في حدودها وألوانها وطبيعتها ، فهي منسجمة مع النفس الإنسانية ومحبّبة لديها تتقبّلها وتركن إليها وتستهدي بها ، كإقامة العدل وردّ العدوان والتعاون والإحسان والإيثار والكرم والعفو والصبر وما شابه ذلك.
     وفي جميع الظروف والأحوال فإنّ المنهج التربوي راعى طبيعة الإنسان من حيث ضعفه ومحدوديته ، فهو تركيب من لحم ودم وأعصاب ، ومن عقل ونفس وروح ، ومن غرائز وشهوات ، وله رغبات وأوضاع نفسية كالحب والبغض ، والرجاء والخوف ، والأنا والتنافس وما شابه ذلك ، ولهذا راعى الضعف البشري والدوافع البشرية والحاجات البشرية ، فجاء منسجماً مع الإنسان مقبولاً لديه لا كلفة فيه ولا عناء.

4 ـ التوازن والاعتدال
     يمتاز المنهج التربوي عند أهل البيت عليهم السلام بالتوازن والاعتدال في جميع جوانبه المرتبطة بالإنسان ، فيضع لكل شيء حدوده وقيوده ، فلا يطغى جانب على آخر ولا ناحية على اُخرى ، فهو يراعي حاجات الجسد وحاجات الروح في آن واحد ، ويراعي حاجات الإنسان بشطريه : الذكر والأنثى ، ويراعي حاجات الفرد والمجتمع فلا تطغى حاجة على اُخرى ولا جانب على آخر ولا
1 ـ أصول علم النفس : ص 146.

(107)
حق على آخر.
     والمنهج التربوي الموجه للاِنسان والمجتمع نحو الآخرة يوازن بين طلب الدنيا وطلب الآخرة ، فلا يمنع من التمتع بالطيبات الدنيوية كالمأكل والمشرب والملبس والمسكن والاشباع العاطفي والجنسي ، لأنّ الحرمان منها يولد القلق والاضطراب ، وإنما يضع القيود على تلك الطيبات ، ويوجه الإنسان في نفس الوقت إلى الاعداد للدار الآخرة بالالتزام بالأوامر والنواهي الإلهية ، فلا يطغى طلب الدنيا على طلب الآخرة بالانغماس بالطيبات والملذات دون قيود أو حدود ، ولايطغى طلب الآخرة على طلب الدنيا بحرمان الإنسان من متعها المشروعة.
     قال الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام : « اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات : ساعة لمناجاة الله ، وساعة لأمر المعاش ، وساعة لمعاشرة الاخوان والثقات الذين يعرّفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن ، وساعة تخلون فيها للذاتكم في غير محرّم ، وبهذه الساعة تقدرون على الثلاث ساعات » (1).
     وقال العلاء بن زياد لأمير المؤمنين عليه السلام : أشكو إليك أخي عاصم ، قال : وما له ؟ قال : لبس العباءة وتخلى عن الدنيا ، قال : عَلَيّ به ، فلما جاء قال عليه السلام : « ياعَدِيَّ نفسه ! لقد استهام بك الخبيث ! أما رحمت أهلك وولدك ! أترى الله أحل لك الطيبات ، وهو يكره أن تأخذها ! أنت أهون على الله من ذلك ».
     قال : ياأمير المؤمنين ، هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك !
     قال : « ويحك ، إنّي لست كأنت ، إنّ الله فرض على أئمة العدل أن يقدّروا
1 ـ تحف العقول : ص 307.

(108)
أنفسهم بضعفة الناس ، كيلا يتبيّغ بالفقير فقره » (1).
     والدعوة إلى التوازن والاعتدال شاملة لجميع المرافق والميادين ، ومنها الميدان النفسي ، فالتوازن مطلوب في مختلف الظروف والأحوال المحيطة بالإنسان.
     في وصية أمير المؤمنين عليه السلام للاِمام الحسين عليه السلام قال : « يابنيّ أوصيك بتقوى الله في الغنى والفقر ، وكلمة الحقّ في الرضى والغضب ، والقصد في الغنى والفقر ، وبالعدل على الصديق والعدو ، وبالعمل في النشاط والكسل ، والرضى عن الله في الشدّة والرخاء » (2).
     والمنهج التربوي متوازن في نظرته للعلاقة العملية بين الإنسان وخالقه ، فلا يدعو إلى ترك العمل توكلاً على الله ، ولا الانغماس بالعمل بلا توكّل ، والتوكل يمنح الإنسان طاقة وقوّة حيوية تجعله مطمئناً سواء تحقّق ما أراده من عمله أم لم يتحقّق ، ومعوقات انجاز العمل لا تسلبه الاطمئنان وهو متوكّل على الله.
     ويدعو المنهج التربوي إلى الإيمان المتوازن ابتداءً بأصل الإيمان ، حيث التوازن بين إيمان أصحاب الخرافة الذين يسرفون في الاعتقاد ويؤمنون بكل شيء ويصدقونه وإن كان خارجاً عن أسس الإيمان ، وبين الذين ينكرون كل ما وراء الحسّ وما وراء الطبيعة ، والتربية على الإيمان الواقعي قائمة على أساس العقل والبرهان ، وعلى النصوص المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن أهل البيت عليهم السلام ليستجيب لها الإنسان عن قناعة وقبول دون إكراه أو اجبار أو تزوير للحقائق ، وكذا الحال في الإيمان بالأنبياء ، فإنّ المنهج التربوي يدعو إلى التأسي
1 ـ نهج البلاغة : 324.
2 ـ تحف العقول : ص 58.


(109)
والاقتداء بهم ، فينفي عنهم صفة الألوهية ، وينفي عنهم الانحراف الذي تدّعيه بعض الديانات ، ويوجه الإنسان إلى الإيمان الواقعي بهم.
     ويوازن المنهج التربوي بين التكليف والقدرة ، فلا يكلّف الإنسان فوق طاقته البدنية والروحية ، ويتدرج في أسس التربية حسب العمر الزمني والعقلي ، فلا يأمر باسلوب شاق ولا أمر شاق ، وهذا التدرج يولد في الإنسان أُنساً وشوقاً لأداء التكليف ، فيسعى لأدائه والسير على أساسه دون ضجر أو كلل أو ملل.
     ويوازن المنهج التربوي بين مجالات المسؤولية ، ويجعلها موزعة على الجميع ، فالفرد مسؤول عن نفسه وعن غيره ، والمجتمع مسؤول عن نفسه وعن أفراده ، فهنالك مسؤولية فردية ، وهنالك مسؤولية اجتماعية ، والمسؤولية موزعة فالأب مسؤول عن أسرته والأم كذلك ، والكبير مسؤول عن الصغير ، والمدرسة والتجمعات الاجتماعية والعلماء والدولة مسؤولة عن الأفراد وعن المجتمع ، وتكون المسؤولية قائمة على أساس تقسيم الحقوق والواجبات ، فللفرد حقوقه وواجباته ، وللأسرة حقوقها وواجباتها ، وللمجتمع حقوقه وواجباته ، فلا يطغى حق على حق ولا واجب على واجب ، ولا حق على واجب ، ولا واجب على حق.
     ويوازن المنهج التربوي بين الغاية والوسيلة ، فلا يبيح للاِنسان استخدام الوسيلة الضعيفة من أجل غاية سامية وشريفة ، فيحرم الكذب على الغير وإن كان إرضاءً لهم أو يحقّق له أو لهم بعض المصالح ، ويحرّم الخداع والتضليل وإن أدّى إلى علاج بعض الأزمات النفسية والروحية.
     ويوازن المنهج التربوي في أساليب ووسائل التربية ، حيث يبتدأ بالدعوة


(110)
لاتفاق الوالدين على تطبيق القواعد الكلية للمنهج التربوي على مصاديقها بأسلوب واحد لا اختلاف فيه ، سواء في العلاقات القائمة بينهما أو علاقاتهما مع الأطفال ، أو في مفردات الأسلوب ، ويوازن بين اللين والشدة في التعامل فلا افراط ولا تفريط ، فلا يحبّذ اللين الدائم ولا الشدة الدائمة ، ففي الوقت الذي يدعو إلى الاحسان إلى الطفل وتكريمه وإشعاره بذاته ، يدعو أيضاً إلى استخدام الشدّة في مواقعها لاشعار الطفل باحترام القوانين الموضوعة ، والتمييز بين حقوقه وحقوق الآخرين ، وفي الوقت الذي يدعو فيه إلى منح الطفل الحرية في اختيار طريقة اللعب مثلاً ، يدعو للتدخل في منعه من بعض الألعاب المضرّة به وبغيره ، كما يؤكد المنهج التربوي على التوازن في التعامل مع الأطفال ، والاعتدال في إظهار المحبة لهم ، والتوازن في النظرة العاطفية إلى البنين والبنات.

التداخل بين المنهج التربوي وبقية مناهج الحياة
     المنهج التربوي لأهل البيت عليهم السلام متداخل مع بقية المناهج التي تكوّن مجتمعة منهج الإسلام الشامل والكامل للكون والحياة والمجتمع والانسان ، فلا فصل بين المنهج التربوي وبقية المناهج ولا تصادم ولا تضاد ولا تناقض ، لأن الهدف الأساسي لأهل البيت عليهم السلام هو انجاح مسيرة التربية واشاعة الاخلاق الفاضلة وتقريرها في واقع الحياة ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق » (1).
     وبهذا يكون كل ما جاء به الاسلام في القرآن والسنة يراد به اتمام مكارم الأخلاق ، فالعقيدة بجميع ابعادها تخلق الاجواء الصالحة لتتحرك فيها خطوات
1 ـ كنز العمال / المتقي الهندي : 3 / 16.
ملامح المنهج التربوي عند أهل البيت عليهم السلام ::: فهرس