وهو مصرع فاطمة الزهراء صلوات الله عليها ![]()
أبكي اشتياقــا كلما ذكـروا * وأخو الغــرام يهيجه الذكر ![]() ![]() ![]() ![]() ____________ (1) ورواه الشيخ الصدوق في الأمالي : المجلس 87 ح 1 ، والطبري الإمامي في دلائل الإمامة : ص 76 ح 17 مع اختلاف في بعض الألفاظ . ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
![]() ____________ (1) انظر دلائل الإمامة للطبري : ص 79 ح 18 وص 134 ح 43 ، وفي المناقب لابن شهر آشوب : 3 : 405 في عنوان : « فصل في حليتها وتواريخها عليها السلام » ، والبحار : ج 43 ص 9 ح 16 . (2) ورواه بنحو آخر الرواندي في الخرائج والجرائح : 2 : 538 في أعلام فاطمة البتول عليها السلام : ح 14 ، وعنه المجلسي في البحار : 43 : 30 ح 37 ، والبحراني في ترجمة فاطمة عليها السلام من العوالم : ص 219 باب 3 ح 2 . فجعلن بتبخترن في خطواتهن ينظرن لميال قاماتهن حتى وصلن النبي صلى الله عليه وآله وسلّمن عليه وقلن : يا محمد ، إنك وإن كنت فينا في الملّة غريبا فأنت منّا في النسب قريب ، فلا تقطع حبل النسب منّا ، ولا تختار البعد عنّا . ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ____________ (1) هذا هو الصحيح ، وفي النسخة : « السنتهم ... عقولهم ... بعضهم » بضمير المذكر . وتواثب ظلاّمها ، فقد غصبوها تراثها ، وحازوا ميراثها ، وأوجعوا جبينها ، وأغضبوا ربّها ، وتركوها حزينة عليلة ، ومكروبة ذليلة ، ولله درّ من قال من الرجال الأبدال (1) :
بأبي في قبضة الفجّار منهم كـلّ زاكــي ![]() ![]() ____________ (1) قطعات من هذه الأبيات توجد في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 16 : 235 . أيام لا يهدء لها أنين ، ولا يسكن منها الحنين ، وكلّ يوم جاء بكاؤها أكثر من اليوم الأول ، فلما كان في اليوم الثامن أبدت ما كتمت من الحزن الكامن ، فلم تطق صبرا إذ خرجت وصرخت فكأنها من فم رسول الله صلى الله عليه وآله نطقت ، فتبادرت النسوان ، وخرجت الولائد والولدان ، وضجّ الناس بالبكاء والنحيب ، وجاء الناس من كل مكان ، وأطفئت المصابيح لكيلا تتبيّن صفحات وجوه النساء ، وخيّل الى الناس أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد قام من قبره وصارت الناس في دهشة وحيرة لما قد رهقهم ، وهي تنادي وتندب أباها : « وا أبتاه ، وا ضيعتاه ، وا محمداه ، وا أبا القاسماه ، يا ربيع الأرامل واليتاما ، مَن للقبلة والمصلى ؟ ومن لابنتك الواهلة الثكلى » ؟ ![]() ![]() ![]() ![]() جلّ خطبي فبان عنّي عزائي * فبكائي في كــل وقت يزيد إن قلبا عليك يألـف صبـرا * أو عــزاء فـإنـه لجليـد ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ____________ (1) وأورده المجلسي في البحار : 43 : 174 باب ما وقع عليها عليها السلام من الظلم : ح 15 ، والبحراني في العوالم : في تاريخ فاطمة عليها السلام : 255 . قال المجلسي : وجدت في بعض الكتب خبرا في وفاتها عليها السلام فأحببت إيراده وإن لم آخذه من أصل يعوّل عليه . ![]() « اللهم رب الكعبة الحرام ، والحفظة الكرام ، وزمزم والمقام ، والمشاعر العظام ، ورب محمد خير الأنام صلى الله عليه وآله البررة الكرام ، [ أسألك ] أن تحشرني مع سادات الطاهرين وأبناءهم الغرّ المحجّلين الميامين . ألا فاشهدوا يا جماعة الحجاج والمعتمرين ، أن موالي خيرة الأخيار ، وصفوة الأبرار ، الذين علا قدرهم على الأقدار ، وارتفع ذكرهم في سائر الأمصار ، المرتدين بالفخار . قال ورقة بن عبدالله : فقلت : يا جارية ، إني لأظنك من موالي أهل البيت عليهم السلام ؟ فقالت : أجل . قلت : فمن أنت من مواليهم ؟ قالت : أنا فضة أمة فاطمة الزهراء ابنة محمد المصطفى صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها . فقلت لها : مرحبا بك وأهل وسهلا ، فلقد كنت مشتاقا إلى كلامك ومنطقك ، فأريد منك الساعة أن تجيبني عن مسألة أسألك ، فإذا أنت فرغت من الطواف قفي لي عند سوق الطعام حتى أتيك . وأنت مثابة مأجورة . فافترقنا [ في الطواف ] . فلما فرغت من الطواف وأردت الرجوع إلى منزلي جعلت طريق على سوق الطعام وإذا أنا بها جالسة في معزل عن الناس ، فأقبلت عليها واعتزلت بها وأهديت إليه هدية ولم أعتقد أنها صدقة ، ثم قلت لها : يا فضة أخبريني عن مولاتك فاطمة الزهرا وما الذي رأيت منها عند وفاتها بعد موت أبيها صلى الله عليه وآله . قال ورقة : فلما سمعت كلامي تغرغرت عيناها بالدموع ثم انتحبت نادبة وقالت : يا ورقة بن عبدالله هيّجت عليّ حزنا ساكنا وأشجانا في فؤادي كانت كامنة ، فاسمع الآن ما شاهدت منها عليها السلام . اعلم أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله افتجع له الصغير والكبير ، وكثر عليه البكاء وقلّ العزاء ، ____________ = وعظم رزؤه على الأقرباء والأصحاب والأولياء والأحباب والغرباء والأنساب ، ولم تلق إلا كل باك وباكية ، ونادب ونادبة ، ولم يكن في أهل الأرض والأصحاب والأقرباء والأحباب أشدّ حزنا وأعظم بكاء وانتهابا من مولاتي فاطمة الزهراء عليها السلام ، وكان حزنها يتجدد ويزيد ، وبكاؤها يشتدّ . فجلست سبعة أيام لا يهدأ لها أنين ، ولايسكن منها الحنين ، كل يوم جاء كان بكاؤها أكثر من اليوم الأول ، فلما كان في اليوم الثامن أبدت ما كتمت من الحزن ، فلم تطق صبرا إذ خرجت وصرخت ، فكأنها من فم رسول الله صلى الله عليه وآله تنطق . فتبادرت النسوان وخرجت الولائد والولدان ، وضجّ الناس بالبكاء والنحيب ، وجاء الناس من كل مكان ، وأطفئت المصابيح لكيلا تتبيّن صفحات النساء وخيّل إلى النسوان أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد قام من قبره ، وصارت الناس في دهشة وحيرة لما قد رهقهم ، وهي عليها السلام تنادي وتندب أباه : « وا أبتاه ، وا صفياه ، وا محمداه ، وا أبا القاسماه ، وا ربيع الأرامل واليتامى ، مَن للقبلة والمصلى ؟ ومَن لابنتك الوالهة الثكلى » ؟ ثم أقبلت تعثر في أذيالها وهي لا تبصر شيئا من عَبرتها ، ومن تواتر دمعتها ، حتى دنت من قبر أبيها محمد صلى الله عليه وآله ، فلما نظرت إلى الحجرة وقعت طرفها على المأذنة فقصرت خطاها ، ودام نحيبها وبكاها ، إلى أن أغمي عليها ، فتبادرت النسوان إليها ، فنضحن الماء عليها وعلى صدرها وجبينها حتى أفاقت ، فلما أفاقت من غشيتها قامت وهي تقول : « رفعت قوّتي ، وخانني جلدي ، وشمت بي عدوي ، والكمَد قاتلي ، يا أبتاه ، بقيت والهة وحيدة ، وحيرانة فريدة ، فقد انخمد صوتي ، وانقطع ظهري ، وتنغصّ عيشي ، وتكدّر دهري ، فما أجد يا أبتاه بعدك أنيسا لوحشتي ، ولا رادّا لدمعتي ، ولا معينا لضعفي ، فقد فني بعدك محكم التنزيل ومهبط جبرئيل ومحل ميكائيل ، انقلبت بعدك يا أبتاه الأسباب ، وتغلّقت دوني الأبواب ، فأنا للدنيا بعدك قالية ، وعليك ما تردّدت أنفاسي باكية ، لا ينفد شوقي إليك ، ولا حزني عليك » . ثم نادت : « يا أبتاه ، وا لبّاه » . ثم قالت : كلّ يوم يزيد فيـه شجونـي * واكتئابـي عليك ليـس يبيـد جلّ خطبي فبان عنّي عزائي * فبكائي في كل وقت جديــد إنّ قلبا عليك يألف صبــرا * أو عزاءً فإنّــه لجلـيــد ____________ = ثم نادت : « يا أبتاه ، انقطعت بك الدنيا بأنوارها ، وزوت زهرتها ببهجتك زاهرة ، فقد اسودّ نهارها ، فصار يحكي حنادسها ، رطبها ويابسها ، يا أبتاه لا زلت آسفة عليك إلى التلاق ، يا أبتاه زال غمضي منذ حقّ الفراق ، يا أبتاه مَن للأرامل والمساكين ؟ ومَن للأمّة إلى يوم الدين ؟ يا أبتاه أمسينا بعدك من المستضعفين ، يا أبتاه أصبحت الناس عنّا معرضين ، ولقد كنّا بك معظّمين في الناس غير مستضعفين ، فأيّ دمعة لفراقك لا تنهمل ، وأيّ حزن بعدك عليك لا يتّصل ؟ وأيّ جفن بعدك بالنوم يكتحل ؟ وأنت ربيعة الدين ، ونور النبيين ، فكيف للجبال لا تمور ، وللبحار بعدك لا تغور ، والأرض كيف لم تتزلزل ، رميت يا أبتاه بالخطب الجليل ، ولم تكن الرزيّة بالقليل ، وطرقت يا أبتاه بالمصاب العظيم وبالفادح المهول . بكتك يا أبتاه الأملاك ، ووقفت الأفلاك ، فمنبرك بعدك مستوحش ، ومحرابك خال من مناجاتك ، وقبرك فرح بمواراتك ، والجنة مشتاقة إليك وإلى دعائك وصلاتك . يا ابتاه ، ما أعظم ظلمة مجالسك ، فوا أسفاه عليك ، إلى أن أقدم عاجلا عليك ، وأثكل أبوالحسن المؤتمن ، أبو ولديك الحسن والحسين ، وأخوك ووليك وحبيبك ، ومن ربّيته صغيرا وواخيته كبيرا ، وأجلّ أحبابك وأصحابك إليك ، من كان منهم سابقا ومهاجرا وناصرا ، والثكل شاملنا ، والبكاء قاتلنا ، والأسى لازمنا » . ثم زفرت زفرة ، وأنّت أنّة ، كادت روحها أن تخرج ، ثم قالت : عين يا عين اسكب الدمـع سحّا * ويـك لا تبخلـي بفيض الدماء يا رسول الإلـه يا خيــرة الله * وكهـف الأيتـام والضعفــاء قد بكتك الجبال والوحش جمعـا * والطير والأرض بعد بكي السماء وبكاك الحجون والركن والمشـ * ـعر يا سيدي مـع البطحــاء وبكاك المحراب والدرس للقرآ * ن في الصبــح معلنا والمسـاء وبكاك الإسلام إذ صار في النا * س غريبا من سـائر الغربــاء لو ترى المنبر الذي كنت تعلو * ه علاه الظــلام بعد الضيــاء يا إلهي عجّل وفاتي سريعــا * فلقــد تنغّصت الحياة يا مولائي قالت : ثم رجعت إلى منزلها وأخذت بالبكاء والعويل ليلها ونهارها ، وهي لاترقأ دمعتها ، ولا تهدأ زفرتها . ____________ = واجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فقالوا له : يا أبا الحسن إنّ فاطمة عليها السلام تبكي الليل والنهار ، فلا أحد منا يتهنّأ بالنوم في الليل على فرشنا ، ولا بالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معائشنا ، وإنا نخبّرك أن تسألها إما أن تبكي ليلا أو نهارا . فقال عليه السلام : « حبّا وكرامة » . فأقبل أميرالمؤمنين عليه السلام حتى دخل على فاطمة عليها السلام وهي لاتفيق من البكاء ، ولاينفع فيها العزاء ، فلما رأته سكنت هنيئة له ، فقال لها : « يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ، إن شيوخ المدينة يسألوني أن أسألك إما أن تبكين أباك ليلا وإما نهارا » . فقالت : يا أبا الحسن ، ما أقلّ مكثي بينهم ، وما اقرب مغيبي من بين أظهرهم ، فوالله لا أسكت ليلا ولا نهارا ، أو ألحق بأبي رسول الله صلى الله عليه وآله » . فقال لها علي عليه السلام : « افعلي يا بنت رسول الله ما بدا لك » . ثم إنه بنى لها بيتا في البقيع نازحا عن المدينة يسمّى « بيت الأحزان » ، وكانت إذا أصبحت قدمت الحسن والحسين عليهما السلام أمامها وخرجت إلى البقيع باكية ، فلا تزال بين القبور باكية ، فإذا جاء الليل أقبل أميرالمؤمنين عليه السلام إليها وساقت من بين يديه إلى منزلها . ولم تزل على ذلك إلى أن مضى لها بعد موت أبيها سبعة وعشرون يوما ، واعتلّت العلة التي توفّيت فيها ، فبقيت إلى يوم الأربعين ، وقد صلى أميرالمؤمنين عليه السلام صلاة الظهر وأقبل يريد المنزل ، إذا استقبلته الجواري باكيات حزينات ، فقال لهن : « ما الخبر ، وما لي أراكنّ متغيّرات الوجوه والصور » ؟ فقلن : يا أميرالمؤمنين ، أدرك ابنة عمك الزهراء عليها السلام ، وما نظنّ تدركها . فأقبل أميرالمؤمنين عليه السلام مسرعا حتى دخل عليها ، فإذا هي ملقاة على فراشها ، وهو من قباطي مصر ، وهي تقبض يمينا وتمدّ شمالا ، فألقى الرداء عن عاتقه ، والعمامة عن رأسه ، وحلّ أزراره ، وأقبل حتى أخذ رأسها وتركه في حجره ، وناداها : « يا زهراء » ، فلم تكلّمه ، فناداه : « يا بنت محمد المصطفى » ، فلم تكلمه ، فنادها : « يا بنت من حمل الزكاة في طرف ردائه وبذلها على الفقراء » ، فلم تكلّمه ، فناداه : « يا ابنة من صلّى للملائكة في السماء مثنى مثنى » ، فلم تكلمه ، فناداها : « يا فاطمة كلّميني ، فأنا ابن عمك علي بن أبي طالب » . قالت : ففتحت عينيها في وجهه ونظرت إليه وبكت وبكى وقال : « ما الذي تجدينه ، فأنا ابن عمك علي بن أبي طالب » . فقالت : « يا ابن العمّ ، إني أجد الموت الذي لابدّ منه ولا محيص عنه ، وأنا أعلم أنّك بعدي لاتصبر على قلّة التزويج ، فإن أنت تزوّجت امرأة اجعل لها يوما وليلة واجعل لأولادي ____________ = يوما وليلة ، يا أبا الحسن ولا تصح في وجوههما فيصبحان يتيمين غريبين منكسرين ، فإنهما بالأمس فقد اجدهما واليوم يفقدان أمهما ، فالويل لأمة تقتلهما وتبغضهما » . ثمّ أنشأت تقول : يا قرين البتول أوصيك بالنسل * فقد أصبحــا حليـف اشتياق ابكني وابك لليتامى ولا تنـس * قتيل العدى بطــفّ العـراق فارقوا فاصبحوا يتامى حيارى * يحلف الله فهو يــوم الفـراق ![]() فإذا أنت قرأت يس فاعلم أنّي قد قضيت نحبي ، فغسّلني ولا تكشف عنّي ، فإني طاهرة مطهرة ، وليصلّ عليّ معك من أهلي الأدنى فالأدنى ، ومن رزق أجري ، وادفنّي ليلا في قبري ، بهذا أخبرني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله » . فقال علي : « والله لقد أخذت في أمرها ، وغسّلتها في قميصها ولم اكشفه عنها ، فوالله لقد كانت ميمونة طاهرة مطهّرة ، ثم حنّطتها من فضل حنوط رسول الله صلى الله عليه وآله ، وكفّنتها وأدرجتها في أكفانها ، فلما هممت أن أعقد الرداء ناديت : « يا أم كلثوم ، يا زينب ، يا سكينة ! يا فضّة ، يا حسن ، يا حسين ، هلمّوا تزوّدوا من أمّكم ، فهذا الفراق واللقاء في الجنة » . فأقبل الحسن والحسين عليهما السلام وهما يناديان : « وا حسرتا ، لا تنطفئ أبدا من فقد جدّنا محمد المصطفى وأمّنا فاطمة الزهراء ، يا أم الحسن يا أم الحسين إذا لقيت جدنا محمد المصطفى فاقرئيه منا السلام وقولي له : إنا قد بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا » . فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : « إني أشهد الله أنها قد حنّت وأنّت ومدّت يديها وضمّتهما إلى صدرها مليّا ، وإذا هاتف من السماء ينادي : يا أبا الحسن ارفعهما عنها ، فلقد أبكيا والله ملائكة السماوات ، فقد اشتاق الحبيب إلى المحبوب » . قال : فرفعتهما عن صدرها وجعلت أعقد الرداء وأنا أنشد بهذه الأبيات : سأبكي حسرة وأنوح شجوا * على خلّ مضى أسنى سبيل ![]() ![]() ____________ = ثم حملها على يده وأقبل بها إلى قبر أبيها ونادى : « السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا حبيب الله ، السلام عليك يا نور الله ، السلام عليك يا صفوة الله ، منّي السلام عليك ، والتحية واصلة مني إليك ولديك ، ومن ابنتك النازلة عليك بفنائك ، وإنّ الوديعة قد استردّت ، والرهينة قد أخذت ، فوا حزناه على الرسول ، ثم من بعده على البتول ، ولقد اسودّت عليّ الغبراء ، وبعدت عنّي الخضراء ، فوا حزناه ثم وا أسفاه » . ثمّ عدل بها على الروضة فصلى عليه في أهله وأصحابه ومواليه وأحبّائه وطائفة من المهاجرين والأنصار ، فلما واراها وألحدها في لحدها أنشأ بهذا الأبيات يقول : لكلّ اجتماع من خليلين فرقة * وإنّ بقــائي عندكـم لقليل وإنّ افتقادي فاطما بعد أحمد * دليل على أن لا يـدوم خليل (1) الظنين : المتهم ، أي : اختفيت عن الناس كالجنين ، وقعدت عن طلب الحق ، ونزلت منزلة الخائف المتهم . (2) الأجدل : الصقر ، وقادمة الأجدل : مقاديم ريشه . قال الجوهري في صحاح اللغة : 1 : 248 : خات البازي واختات : أي انقضّ على الصيد ليأخذه . على هذا فالأظهر أنه كان في الأصل « خاتك » بالتاء المثناة الفوقانية كما في مناقب ابن شهر آشوب ، فصحّف . (3) بزّ ثيابه : سلبه ، والبلغة ـ بالضم ـ : الكفاية ، وهو ما يكتفى به في العيش . ( مجمع البحرين ) . في خصامي ، وألفيته ألدّ في كلامي ، حتى حبستني قيلة (1) نصرها ، والمهاجرة وصلها ، وغضّت الجماعة دوني طرفها ، فلا دافع ولا مانع ، خرجت كاظمة ، وعدت راغمة ، أضرعت خدّك ، يومَ أضعت جدّك ، افترست الذئاب ، وافترشت التراب ، ما كففت قائلا ، ولا أغنيتَ عائلا ، لا خيار لي ، ليتني متّ قبل هنيئتي ودون ذلّتي ، عذيري الله منك عاديا ، وفيك (2) حاميا ، ويلاي في كلّ شارق ، ويلاي في كلّ غارب ، مات العمد ووهى (3) العضد ، شكواي الى أبي ، وعَدواي إلى ربي ، اللهم إنك أشدّ بأسا وأشدّ تنكيلا » . ![]() ![]() اليوم قام بأعلى الطـف نادبهــم * يقـول مَن ليتيــم أو لمسكيــن اليوم خرّت نجوم الفخر من مضر * على معاطــس تذليــل وتوهين ____________ (1) قليلة ـ بالفتح ـ بنت كاهل ، أمّ قبيلة الأوس من الأنصار . وفي النسخة : « القبيلة » . (2) في المصدر : « ومنك » . (3) في المصدر : « ووهن » . (4) رواه الشيخ الطوسي في أماليه : المجلس 38 الحديث 8 ، وعنه المجلسي في البحار : 29 : 323 ح 9 . وأورده ابن شهر آشوب في المناقب : 2 : 237 في ظلامة أهل البيت عليهم السلام مع اختلاف في بعض الألفاظ ، وعنه المجلسي في البحار : 43 : 148 . ورواه الطبرسي في الاحتجاج : 1 : 280 مع اختلاف في بعض الألفاظ . اليوم تهتك أسرار الهدى مزقـا * وبرقعت غـرة الإسلام بالهون اليوم زعزع قدس من جوانبـه * وهاج بالخيـل سادات الميامين اليوم شق على الزهـرا كِلّتهـا * وسـاوروهـا بتنكيـب وتوهين اليوم نالت بنو حـرب طلائبهم * مما صلــوه ببـدر ثم صفّيـن اليوم جدّل سبط المصطفى شرقا * من نفسه بنجيع غيــر مسنون نالوا أزمّة دنياهــم ببغيهــم * فليتهم سمحوا منهــا بماعـون يا عين لا تدّعـي شيئا لغاديـة * تهمى ولا تدعـي دمعا لمحزون ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ____________ (1) دكن دكنا ودكنة : مال إلى الصواب ، والثوب اتّسح واغبرّ لونه . ( المعجم الوسيط ) . فاستقبلته الجوار[ي] وهنّ باكيات ، فقال عليه السلام لهنّ : « ما الخبر » ؟ فقلن : سيدنا ، أدرك ابنة عمك . فأقبل مسرعا حتى دخل عليها فإذا هي ملقاة على فراشها وهي تقبض يمينا وتمدّ شمالا ، فألقى عن عاتقه الرداء ، ونزع العمامة عن رأسه وحل إزاره ، وأخذ رأسها في حجره وناداها : « يا زهرا » . فلم تكلّمه فنادى ثانية : « يا بنت محمد المصطفى ، يا ابنة من حمل الزكاة بأطراف الرداء » . فلم تكلّمه ، فنادتها : « يا فاطمة ، أنا ابن عمك » . ففتحت عينها في وجهه وبكت وبكى ، ثم قال لها : « ما الذي تجدين » ؟ قالت : « هو الموت الذي لابدّ منه ولا محيص عنه » . ![]() ![]() ![]() |