وهو مصرع الرضا عليه السلام ![]() ![]() فكيف وقد شطّ المزار وروّعت * فريــق التداني فرقة ورحيل إذا غبتم عن ربع حلـة بابـل * فلا سحبـت للسحب فيه ذيول ____________ (1) ظعن ظعنا وظُعونا : سار وارتحل . ( المعجم الوسيط ) ولا هبّ معتل النسيم ولا سـرت * بليــل علـى تلك الربوع بليل ولا صدرت عنها السوام ولا غدا * بها راتعــا بين الفصيل فصيل ولا برزت في حلــة سندسيّـة * لذات هديـر في الغصون هديل وما النفع فيها وهي غير أواهـل * ومعهدهـا ممـا عهـدت محيل تنكّر منهـا عرفهــا فـأهيلهـا * غريب وفيهــا الأجنبـيّ أهيل ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ____________ (1) في المشارق : « روحك روحي » . (2) رواه البرسي في مشارق أنوار اليقين : ص 45 بإسناده عن ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله . وروى نظيره الصدوق في أماليه : م 4 ح 8 ، وبإسناده عنه العماد الطبري في بشارة المصطفى : ج 1 ص 42 ح 31 . وأورده الفتّال في روضة الواعظين : ص 296 مجلس 37 . ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ____________ (1) الطِمر ـ بالكسر ـ : الثوب الخلق . (2) ذَبلت بشرته : قلّ ماء جلدته وذهب نظارته ، وهنا كناية عن كثرة صيامهم . الإنجيل ، فإنهم يعظّمون إليا وشيعته . ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ____________ (1) المثبت من الأمالي والمشارق ، وفي النسخة : « واستذل » . (2) رواه الصدوق في أماليه : م 83 ح 2 وفيه : « يا علي ، إن الله عزوجل وهب لك حبّ المساكين والمستضعفين في الأرض ، فرضيت بهم إخوانا ورضوا بك إماما ، فطوبى لمن أحبك وصدّق عليك ، وويل لمن أبغضك وكذّب عليك . يا عليّ ، أنت العلم لهذه الأمة ، من أحبّك فاز ، ومن أبغضك هلك . يا عليّ ، أنا مدينة العلم وأنت بابها ، وهل تؤتى المدينة إلا من بابها . يا عليّ ، أهل مودتك كل أوّاب حفيظ وكل ذي طِمر لو أقسم على الله لأبر قسمه . ____________ = يا عليّ ، إخوانك كل طاهر زاك مجتهد ، يحبّ فيك ، ويبغض فيك ، محتقر عند الخلق ، عظيم المنزلة عند الله عزوجل . يا عليّ ، محبّوك جيران الله في دار الفِردوس ، لا يأسفون على ما خلّفوا من الدنيا . يا عليّ ، أنا وليّ لمن واليت ، وأنا عدوّ لمن عاديت . يا عليّ ، مَن أحبك فقد أحبني ، ومن أبغضك فقد أبغضني . يا عليّ ، إخوانك ذبل الشفاه ، تُعرف الرهبانية في وجوههم . يا علي ، إخوانك يفرحون في ثلاثة مواطن : عند خروج أنفسهم وأنا شاهدهم وأنت ، وعند المساءلة في قبورهم ، وعند العرض الأكبر ، وعند الصراط إذا سئل الخلق عن إيمانهم فلم يجيبوا . يا عليّ ، حربك حربي وسلمك سلمي ، وحربي حرب الله ، ومن سالمك فقد سالمني ، ومن سالمني فقد سالم الله عزوجل . يا عليّ ، بشّر إخوانك ، فإن الله عزوجل قد رضي عنهم إذ رضيك لهم قائدا ورضوا بك وليا . يا عليّ ، أنت أميرالمؤمنين ، وقائد الغرّ المحجّلين . يا عليّ ، شيعتك المنتجبون ، ولولا أنت وشيعتك ما قام لله عزوجل دين ، ولولا مَن في الأرض منكم لما أنزلت السماء قطرها . يا عليّ ، لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها ، وشيعتك تُعرف بحزب الله عزوجل . يا عليّ ، أنت وشيعتك القائمون بالقسط ، وخيرة الله من خلقه . يا عليّ ، أنا أول من ينفض التراب عن رأسه وأنت معي ، ثم سائر الخلق . يا عليّ ، أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم ، وأنت الأمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش ، يفزع الناس ولا تفزعون ، ويحزن الناس ولا تحزنون ، فيكم نزلت هذه الآية : ( إن الذين سبقت منّا الحسنى أولئك عنها مُبعدون ) ، وفيكم نزلت : ( لا يحزُنُهم الفزع الأكبر وتتلقّاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ) . يا علي ، أنت وشيعتك تُطلبون في الموقف ، وأنتم في الجنان تنعّمون . يا عليّ ، إن الملائكة والخزّان يشتاقون إليكم ، وإن حملة العرش والملائكة المقربين ليخصّونكم بالدعاء ، ويسألون الله لمحبيكم ، ويفرحون بمن قدم عليهم منكم كما يفرح الأهل بالغائب القادم بعد طول الغيبة . ____________ = يا عليّ ، شيعتك الذين يخافون الله في السرّ ، وينصحونه في العلانية . يا عليّ ، شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات لأنهم يلقون الله عزوجل وما عليهم من ذنب . يا عليّ ، أعمال شيعتك ستعرض عليّ في كل جمعة ، فأفرح بصالح ما يبلغني من أعمالهم ، وأستغفر لسيئاتهم . يا عليّ ، ذكرك في التوراة وذكر شيعتك قبل أن يُخلقوا بكل خير ، وكذلك في الإنجيل ، فسل أهل الإنجيل وأهل الكتاب عن إليا يخبروك ، مع علمك بالتوراة والإنجيل وما أعطاك الله عزوجل من علم الكتاب ، وإن أهل الإنجيل ليتعاظمون إليا وما يعرفونه ، وما يعرفون شيعته ، وإنما يعرفونهم بما يجدونهم في كتبهم . يا عليّ ، إن أصحابك ذِكرهم في السماء أكبر وأعظم من ذِكر أهل الأرض لهم بالخير ، فليفرحوا بذلك ، وليزدادوا اجتهادا . يا عليّ ، إن أرواح شيعتك لتصعد إلى السماء في رقادهم ووفاتهم ، فتنظر الملائكة إليها كما ينظر الناس إلى الهلال ، شوقا إليهم ولما يرون من منزلتهم عند الله عزوجل . يا عليّ ، قل لأصحابك العارفين بك : يتنزهون عن الأعمال التي يقارفها عدوهم ، فما من يوم ولا ليلة إلا ورحمة من الله تبارك وتعالى تغشاهم ، فليجتنبوا الدّنس . يا عليّ ، اشتدّ غضب الله عزوجل على من قلاهم وبرئ منك ومنهم ، واستبدل بك وبهم ، ومال الى عدوّك وتركك وشيعتك واختار الضلال ، ونصب الحرب لك ولشيعتك ، وأبغضنا أهل البيت وابغض من والاك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا . يا عليّ ، أقرئهم مني السلام من لم أر منهم ولم يرني ، وأعلمهم أنهم إخواني الذين أشتاق إليهم ، فليلقوا عِلمي إلى من يبلغ القرون من بعدي ، وليتمسّكوا بحبل الله وليعتصموا به ، وليجتهدوا في العمل ، فإنّا لا نخرجهم من هدى إلى ضلالة ، وأخبِرهم أن الله عزوجل عنهم راض ، وأنه يباهي بهم ملائكته وينظر إليهم في كل جمعة برحمته ، ويأمر الملائكة أن تستغفر لهم . يا عليّ ، لا ترغب عن نصرة قوم يبلغهم أو يسمعون أني أحبك ، فأحبوك لحبي إياك , ودانوا لله عزوجل بذلك ، وأعطوك صَفو المودة في قلوبهم ، واختاروك على الاباء والإخوة والأولاد ، وسلكوا طريقتك ، وقد حملوا على المكاره فينا فأبوا إلا نصرنا وبذل المهج فينا مع الأذى وسوء القول وما يقاسونه من مضاضة ذلك ، فكن بهم رحيما واقنع بهم ، فإن الله ![]() وهو الذي للديـن بعـد خمولــه * حقــا أراك فهـذّبــت آراك لولاه ما عرف الهدى ونجوت من * متضائق الأشـراك والإشــراك هو فُلك نوح بين ممتسـك بــه * نـاج ومطّــرح مــع الهُلاك قد قلــت حين تقدّمته عصابـة * جهلـت حقــوق حقيقة الإدراك لا تفرحي فبكثر ما استعذبت في * أولاك قـد عذّبـت فــي اُخراك يا أمـّة نقضـت عهـود نبيها * أفمـن إلـى نقض العهود دعـاك وصّاك خيرا فـي الوصيّ كأنما * متعمّــدا فـي بغضـه وصّـاك أو لم يقل فيـه النبـي مبلّغــا * هـذا عليّــك فـي العُلا أعلاك وأمين وحـي الله بعدي وهو في * إدراك كــلّ قـضـيّــة أدراك ![]() ![]() ____________ = عزوجل اختارهم بعلمه لنا من بين الخلق ، وخلقهم من طينتنا ، واستودعهم سرّنا وألزم قلوبهم معرفة حقنا ، وشرح صدورهم وجعلهم مستمسكين بحبلنا ، لا يؤثرون علينا من خالفنا مع ما يزول من الدنيا عنهم ، أيّدهم الله وسلك بهم طريق الهدى ، فاعتصموا به ، فالناس في غمّة الضلال متحيّرون في الأهواء ، عموا عن الحجة وما جاء من عند الله عزّوجلّ ، فهم يصبحون ويمسون في سخط الله ، وشيعتك على منهاج الحق والاستقامة ، لا يستأنسون إلى من خالفهم ، وليست الدنيا منهم وليسوا منها ، أولئك مصابيح الدجى ، أولئك مصابيح الدجى ، أولئك مصابيح الدجى » . ورواه أيضا في صفات الشيعة : ص 55 ح 17 ، وفي فضائل الشيعة : ح 17 ، وعنه العماد الطبري في بشارة المصطفى : ص 180 وفي ط الحديث : ص 277 ح 93 في آخر الجزء الرابع . ورواه البرسي في مشارق أنوار اليقين : ص 46 . ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين مئة (1) . ![]() ![]() ![]() ![]() ____________ (1) ورواه الطبرسي في إعلام الورى : ص 302 ، والإربلي في كشف الغمة : 3 : 49 . (2) هذا هو الصحيح ، وفي النسخة : « وكان عليه السلام بشرا ملكي ... سماوي ... خفي » . بالجلوس إلى رجوعه ثم مضى ، فلم أزل حتى صليت المغرب وأنا صائم ، فضاق صدري وأردت أن أنصرف ، فإذا هو قد طلع عليّ وحوله الناس و[ قد قعد له ] السؤال وهو يتصدّق عليهم ، فمضى داخل الدار ثم خرج ودعاني ، فقمت إليه ودخلت معه ، فجلس وجلست فجعلت أحدّثه عن [ ابن ] المسيّب ، وكان كثيرا ما أحدّثه عنه ، فلما فرغت قال : « ما أظنك أفطرت بعد » ؟ قلت : لا . ![]() ![]() فتنــا ألقت البلايـا عليهـم * قبلها نسل هندهــا كالأساس جعلت فيئهم غنائــم حـرب * لم تخف من عذابهــا والبأس هدّمت من قواعد الدين ما كان * قويما وصيّــرت في انتكاس ____________ (1) رواه الإربلي في كشف الغمة : 3 : 63 وما بين المعقوفات منه . ورواه المفيد في الإرشاد : 2 : 255 ـ 257 ، والكليني في الكافي : 1 : 478 | 4 ، والفتّال في روضة الواعظين : ص 222 ، وابن شهر آشوب في المناقب : 4 : 366 نقلا عن الروضة وفي ص 374 . ![]() ![]() ![]() ____________ (1) دمدم : أي كلّمه مغضبا . (2) في المصدر بعده : « والمنن المتتابعة ، والآلاء المتوالية ، والأيادي الجميلة ، والمواهب الجزيلة ، يا من لا يوصف بتمثيل ، ولا يمثل بنظير ، ولا يغلب بظهير ، يا من خلق فرزق ، وألهم فأنطق ، وابتدع فشرع ، وعلا فارتفع ، وقدر فأحسن ، وصوّر فأتقن ، وأجنح فأبلغ ، وأنعم فأسبغ ، وأعطى فأجزل ، يا من سما في العزّ ففات خواطف الأبصار ، ودنا في اللطف فجاز هواجز الأفكار ، يا من تفرّد بالملك فلا ندّ له في ملكوت سلطانه ، وتوحّد بالكبرياء فلا ضدّ له في جبروت شأنه ، يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام ، وحسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام ، يا عالم خطرات قلوب العارفين وشواهد لحظات أبصار الناظرين ، يا من عنت الوجوه لهيبته ، وخضعت الرقاب لجلالته ، ووجلت القلوب من خيفته ، وارتعدت الفرائص من فرقه ، يا بديء يا بديع ، يا قويّ يا منيع ، يا عليّ يا رفيع ، صلّ على من شرفت الصلاة بالصلاة عليه » . حتى وقعت الرجفة في المدينة وارتفعت الزعقة والصيحة ، واستفحلت النعرة ، وثارت الغبرة ، وهاجت الغاغة ، فلم أزايل مكاني إلى أن سلّم مولاي عليه السلام فقال لي : « يا أبا الصلت ، اصعد السطح ، فإنك سترى امرأة بغية غثة رثة مهيجة الأشرار (1) متسخة الأطمار يسميها أهل هذه الكورة « سمانة » لعبادتها وتنسّكها قد (2) اسندت مكان الرمح إلى فخذها (3) قصبا وقد شدّت وقاية لها حمراء إلى طرفه مكان اللهادم تقود (4) مكان الجيوش الغاغة وتسوق عساكر الطغام إلى قصر المأمون في منازل (5) فؤاده » . ![]() ____________ (1) في النسخة : « بغية عند رية مهيجة الأسرار » . (2) في المصدر : « لغباوتها وتهتّكها ، وقد » . (3) في المصدر : « إلى نحرها » . (4) في المصدر : « مكان اللواء فهي تقود » . (5) في المصدر : « ومنازل » . (6) في المصدر : « تزعزع » . (7) في المصدر : « متوجها للهرب » . (8) في المصدر : « الحجّام » . (9) رواه الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام : 2 : 184 باب 42 مع اختلاف في بعض ![]() فوال (1) عليا والأئمــة بعــده * نجوم الهدى تنجو من الضيق والمحن وهم عتــرة قد فوض الله أمـره * إليهــم فلا ترتـاب في غيرهم ومن أئمــة حــقّ أوجب الله حبّهـم * فطاعتهــم فـرض به الخلق ممتحن فحبهــم ذخـر يخصّ وليهــم * يلاقيه عند المــوت والقبـر والكفن كذلك يـوم البعــث لم ينـج قادم * من النــار إلا من توالـى أبا الحسن ![]() ![]() ____________ = الألفاظ ، وما بين المعقوفات منه . (1) في النسخة : « توالي » . ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() المأمون : إلى أين ؟ ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ____________ (1) لم أعثر على كتاب معالم العترة النبوية للجنابذي . والحديث رواه الطبرسي في إعلام الورى : ص 326 مع اختلاف في بعض الألفاظ ، وزاد في آخره : ومضى الرضا عليه السلام فقال أبو جعفر : قُم يا أبا الصلت وائتني بالمغتسل والماء من الخزانة . فقلت : ما في الخزانة مغتسل ولا ماء ! فقال لي : « انتهِ إلى ما أمرتك به » . فدخلت إلى الخزانة فوجدت ذلك فأخرجته وشمّرت ثيابي لأغسّله معه ، ثم قال لي : « يا أبا الصلت ، إن معي من يعينني غيرك » . فغسّله ثم قال لي : « ادخل الخزانة فاخرج لي السفط الذي فيه كفنه وحنوطه » . فدخلت فإذا أنا بالسفط لم أره في تلك الخزانة قط ، فحملته إليه وكفّنه وصلى عليه . ____________ = ثم قال : « ائتني بالتابوت » . فقلت : أمضي إلى النجار حتى يصلح تابوتا ، قال : « قم فإنّ في الخزانة تابوتا » . فدخلت فوجدت تابوتا لم أره قطّ ، فأتيته به ، فأخذه فوضعه في التابوت بعد ما صلى عليه ، وصفّ قدميه وصلى ركعتين لم يفرغ منهما حتى علا التابوت ، وانشقّ السقف فخرج منه ومضى . فقلت : يا ابن رسول الله ، الساعة يجيئنا المأمون ويطالبنا بالرضا ، فما نصنع ؟ فقال لي : « اسكت سيعود ، يا أبا الصلت ، ما من نبيّ يموت في المشرق ويموت وصيّه في المغرب إلا جمع الله بين أرواحهما وأجسادهما » . فما استتمّ الحديث حتى انشقّ السقف ونزل التابوت ، فقام واستخرج الرضا عليه السلام من التابوت ووضعه على فراشه كأنه لم يغسّل ولم يكفّن ، ثم قال : « يا أبا الصلت ، قم فافتح الباب للمأمون » . ففتحت الباب فإذا المامون والغلمان بالباب ، فدخل باكيا حزينا قد شقّ جيبه ولطم رأسه وهو يقول : يا سيداه ، فجعتُ بك يا سيدي . ثم دخل وجلس عند رأسه وقال : خذوا في تجهيزه . وأمر بحفر القبر ، فحفرت الموضع فظهر كل شيء على وصفه الرضا عليه السلام ، فقام بعض جلسائه وقال : ألست تزعم أنه إمام ؟ قلت : بلى . قال : لا يكون الإمام إلا مقدّم الناس ، فأمر أن يحفر له في القبلة . فقلت : أمرني أن أحفر له سبع مراقي ، وأن أشقّ له ضريحة . فقال : انتهوا إلى ما يأمر به أبوالصلت سوى الضريح ، ولكن يحفر له ويلحد . فلما رأى ما يظهر به من النداوة والحيتان وغير ذلك قال المأمون : لم يزل الرضا عليه السلام يرينا العجائب في حياته حتى أراناها بعد وفاته أيضا . فقال وزير كان معه : أتدري ما أخبرك الرضا ؟ قال : لا . قال : أخبركم أنّ ملككم بني العباس مع كثرتكم وطول مدّتكم مثل هذه الحيتان ، حتى إذا فنيت آجالكم وانقطعت آثاركم وذهبت دولتكم ، سلط الله عليكم رجلا منّا فأفناكم عن آخركم . فقال له : صدقت ، ثم قال : يا أبا الصلت ، علمني الكلام الذي علّمك به . قلت : والله لقد نسيت الكلام من ساعتي ، وقد كنت صدقت . فأمر بحبسي ، فحبست سنة فضاق عليّ الحبس وسألت الله أن يفرّج عني بحقّ محمد وآله ، فلم استتمّ الدعاء حتى دخل ![]() ____________ = [ عليّ ] محمد بن عليّ فقال لي : « ضاق صدرك يا أبا الصلت » ؟ فقلت : اي والله . قال : « فقم فاخرج » . ثم مدّ بيده إلىالقيود التي كانت عليّ ، ففكّها وأخذ بيدي وأخرجني من الدار والحرسة والغِلمة يرونني ، فلم يستطيعوا أن يكلّموني ، وخرجت من باب الدار ، ثم قال لي : « امض في ودائع الله ، فإنك لن تصل إليه ولا يصل إليك أبدا » . قال أبو الصلت : فلم ألتق المأمون إلى هذا الوقت . ورواه عنه الإربلي في كشف الغمة : 3 : 120 . ورواه الصدوق في العيون : 2 : 271 باب 63 ح 1 وفي أماليه : م 94 ح 17 . وأورده الفتّال في روضة الواعظين : ص 230 ـ 232 ، وابن حمزة في الثاقب في المناقب : 489 | 417 ، وابن شهر آشوب في المناقب : 4 : 374 ، والقطب الراوندي في الخرائج : 1 : 352 | 8 . () إعلام الورى : 2 : 85 ـ 86 وفي ط 1 ص 328 ، كشف الغمة : 3 : 102 وفيهما : « بسبع بقين منه » . ورواه الصدوق في العيون : 2 : 274 باب 63 ح 2 ثم قال : وروى لي غيره : أن الرضا عليه السلام توفي وله تسع وأربعون سنة وستة أشهر ، والصحيح أنه عليه السلام توفي في شهر رمضان لتسع بقين منه يوم الجمعة سنة ثلاث ومئتين من هجرة النبي صلى الله عليه وآله . أقول : وفي تاريخ وفاته ومبلغ عمره أقوال أخر ، والمشهور أنّ وفاته عليه السلام في صفر ، قال الكليني في الكافي : 1 : 486 : وقبض عليه السلام في صفر سنة ثلاث ومئتين وهو ابن خمس وخمسين سنة ، وقد اختلف في تاريخه إلا أنّ هذا التاريخ أقصد إنشاء الله . قال المفيد في الإرشاد : 2 : 247 في أول ترجمته عليه السلام : وقبض بطوس من أرض خراسان في صفر من سنة ثلاث ومئتين ، وله يومئذ خمس وخمسون سنة . ورواه عنه في البحار : 49 : 292 ح 1 . وقريبا منه رواه الشهيد في الدروس كما في البحار : 49 : 293 ح 6 . وقال الطبرسي في إعلام الورى : ص 303 : وقبض بطوس من خراسان في قرية يقال لها « سناباذ » في آخر صفر . وقال الكفعمي : توفي الرضا عليه السلام في سابع عشر شهر صفر يوم الثلاثاء سنة ثلاث ومئتين ، ![]() طابت بقاعك في الدنيـا وطـاب بها * شخـص ثـوى بسنا آبـاذ مرموس شخص عزيز على الإسلام مصرعه * في رحمــة الله مغمـور ومطموس يا قبره أنت قبــر قـد تضمّنــه * حلـم وعلـم وتطهيــر وتقديـس فخـرا بأنــك مغبـوط بجثّتــه * وبالملائـكــة الأبـرار محـروس في كل عصر لنا منكم إمـام هـدى * فربعـه آهِــل منكــم ومأنـوس أمست نجـوم السماء ثكلا وآفلــة * وظـلّ أسـد الشرى قد ضمّها الخيس غابـت ثمانيـة منكــم وأربعـة * ترجــى مطـالعها ما حنّـت العيس حتى متى يظهر الحق المنيـر بكـم * فالحـقّ في غيركـم داح ومطموس ![]() ____________ = سمّه المأمون ، وكان له أحد وخمسون سنة ، كما عنه في البحار : 49 : 293 ح 4 . وقال علي بن يوسف بن المطهر الحلي في العدد القوية : ص 275 : وفي الثالث والعشرين من ذي القعدة كانت وفاة مولانا أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام . |