الفصل الثالث
فضائل أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسُنّة
المتتبع للنصوص الاِسلامية قرآناً وسُنةً يجد وبوضوح أنّه لم يرد في القرآن الكريم والسُنّة النبوية المطهّرة في أحدٍ مثلما ورد في أهل البيت عليهم السلام من تعداد فضائلهم المتميزة ومناقبهم التي اختصوا بها من بين أفراد الاُمّة وحازوها من دونهم .
ومما لا شكّ فيه أنّ وصول هذا الكم الهائل من الروايات في فضل أهل البيت عليهم السلام وبيان منزلتهم رغم محاولات الطمس والتحريف والتغيير التي تعرضت لها تلك الروايات ، يشير بوضوح إلى موقعهم الريادي في قيادة مسيرة الاُمّة وكونهم يحملون مؤهلات واستعدادات لتلك القيادة .
ونحن أمام هذه الكثافة الكبيرة من نصوص المناقب والفضائل الخاصة بأهل البيت عليهم السلام لا يسعنا إلاّ أن نقدّم نماذج منها لتكون مؤشرات صريحة على الخصوصية التي تميز بها أهل البيت عليهم السلام دون سائر الاُمّة ، وذلك من خلال مبحثين .
( 92 )
المبحث الاَول
فضائل أهل البيت عليهم السلام في القرآن الكريم
عرض الكتاب الكريم جوانب مهمة من فضائل أهل البيت عليهم السلام وموقعهم المتميز في حياة الاُمّة ، فأكّد على حالة الاقتران بين الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته المعصومين عليهم السلام ، ومن الشواهد المتفق عليها آية المباهلة وآية التطهير ، وأكّد على أهمية الولاء والحبّ لاَهل البيت عليهم السلام وأوجبه على المسلمين ، كما جاء في آية المودّة ، وثمة مظاهر متعددة من فضائلهم ومناقبهم التي اختصوا بها تدل عليها الآيات الكثيرة النازلة في حقهم ، والتي سنذكر بعضها في هذا المبحث :
1 ـ قوله تعالى : ( فَمن حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعدِ ما جَاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُلْ تَعَالوا نَدعُ أبناءَنَا وأبناءَكُم ونِساءَنا ونِسَاءَكُم وأنفُسَنَا وأنفُسَكَم ثُم نَبتَهِلْ فَنَجعَلْ لَّعنةَ اللهِ عَلى الكَاذِبينَ ) (1).
جاء هذا الخطاب الالهي على أثر المحاجّة بين الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم ووفد نصارى نجران الذين ادعوا الحق لاَنفسهم والظهور على الدين ، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المباهلة بناءً على هذه الآية المباركة ، وكان نتيجة ذلك أن ردّ ادعاءهم إلى نحورهم ، وأفحمهم بالحجة وغلبهم بالبرهان ، فاختاروا الموادعة ودفع الجزية على أن يباهلوا الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام بعد أن تيقنوا العذاب الاَليم واللعنة الدائمة ،
____________
1) سورة آل عمران : 3 | 61 .

( 93 )
والقصة أشهر من أن تذكر تفاصيلها وجزئياتها ، فقد تكفلت كتب التاريخ والحديث والسيرة والتفسير ببيانها على وجه التفصيل .
والذي يهمنا هنا هو بيان مصاديق هذه الآية المباركة الذين اصطفاهم الله تعالى لتلك المنازل العظمى ، وبيان مدلولات هذا الاختيار الالهي الهادف .
أجمعت كتب التفسير والحديث والسيرة على أن الذين انتخبهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بناء على الاَمر الالهي كمصاديق للآية الكريمة هم علي وفاطمة والحسن والحسين ولا أحد سواهم (1).
فعن سعد بن أبي وقاص ، قال : لما نزلت هذه الآية ( فَقُلْ تَعَالوا نَدعُ أبناءَنَا وأبناءَكُم ) دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً عليهم السلام فقال : « اللهمَّ هؤلاء أهل بيتي » (2).
وعن جابر بن عبدالله ، قال : ( أنفُسَنَا وأنفُسَكُم ) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي ، و ( وأبنَاءَنا ) الحسن والحسين ، و ( نِسَاءَنا ) فاطمة (3)، وروي
____________
1) راجع : صحيح مسلم 4 : 1871 . وسنن الترمذي 5 : 225 | 2999 . ومصابيح السُنّة 4 : 183 | 4795 . والكامل في التاريخ 2 : 293 . وأسباب النزول للواحدي : 60 . وتفسير الرازي 8 : 81 . وتفسير الزمخشري 1 : 368 . وتفسير القرطبي 4 : 104 . وتفسير الآلوسي 3 : 188 ـ 189 . وتفسير النسفي 1 : 221 . وفتح القدير | الشوكاني 1 : 347 . ومعالم التنزيل | البغوي 1 : 480 . وجامع الاُصول 9 : 470 | 6479 وغيرها كثير .
2) مسند أحمد 1 : 185 . والمستدرك على الصحيحين 3 : 150 . وقال : صحيح على شرط الشيخين، وصححه الذهبي أيضاً . وفتح الباري 7 : 60 . وأُسد الغابة 4 : 105 . والاستيعاب | ابن عبدالبر 3 : 37 ، وراجع المصادر المتقدمة .
3) الدر المنثور 2 : 38 ـ 39 .

( 94 )
نحوه عن الشعبي (1)، بل وروى ذلك نحو 24 بين صحابي وتابعي ، وأكثر من (52) من رواة الحديث وعلماء التفسير (2).
وقال الزمخشري منبهاً إلى سبب تقديم الاَبناء والنساء على الاَنفس في الآية المباركة : وقدّمهم في الذكر على الاَنفس لينبّه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم ، بأنهم مقدمون على الاَنفس مُندكون بها ، وفيه دليل لاشيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء ، وفيه برهان واضح على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم (3).
أما الدلالات التي يحملها هذا النص القرآني ، فهي :
الدلالة الاُولى :
إنّ تعيين شخصيات المباهلة ليس حالة عفوية مرتجلة، وإنّما هو اختيار إلهي هادف ، وقد أجاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حينما سُئل عن هذا الاختيار بقوله : « لو علم الله تعالى أن في الاَرض عباداً أكرم من علي وفاطمة والحسن والحسين ، لاَمرني أن أباهل بهم ، ولكن أمرني بالمباهلة مع هؤلاء ، فغلبت بهم النصارى » .
الدلالة الثانية :
إنّ ظاهرة الاقتران الدائم بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام تعبر عن مضمون رسالي كبير يحمل دلالات فكرية وروحية وسياسية خطيرة ،
____________
1) أسباب النزول | الواحدي : 59 .
2) راجع تشييد المراجعات 1 : 344 ـ 348 .
3) تفسير الكشاف 1 : 369 ـ 370 .

( 95 )
فالمسألة ليست تكريساً للمفهوم القبلي الذي ألفته الذهنية العربية ، بل هو الاِعداد الرباني الهادف لصياغة الوجود الامتدادي في حركة الرسالة ، هذا الوجود الذي يمثله أهل البيت عليهم السلام بما يملكونه من إمكانات تؤهلهم لذلك .
الدلالة الثالثة :
لو حاولنا أن نستوعب مضمون المفردة القرآنية التي جاءت في هذا النص وهي قوله تعالى : ( أنفسنا ) لاستطعنا أن ندرك قيمة هذا النص في الاَدلة المعتمدة لاثبات الاِمامة .
إنّ هذه المفردة القرآنية تعتبر علياً عليه السلام الحالة التجسيدية الكاملة لشخصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، نستثني النبوة التي تمنح لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خصوصية لا يشاركه فيها أحد مهما كان موقعه ، فعلي عليه السلام بما يملكه من هذه المصداقية الكاملة هو المؤهل الوحيد لتمثيل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حياته وبعد مماته (1).
2 ـ قوله تعالى : ( فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ اليومِ وَلَقَّاهُم نَضَرةً وَسُرُوراً * وَجَزاهُم بِما صَبَرُوا جَنَّةً وحَرِيراً ) (2).
فقد توافق المفسرون والمحدثون على أنّ هذه الآيات نزلت في أهل البيت عليهم السلام خاصة ، في قصة تصدّق علي وفاطمة والحسنين عليهم السلام على المسكين واليتيم والاَسير ، وظاهر من اللفظ القرآني أن الله تعالى بشّرهم
____________
1) التشيع | عبدالله الغريفي : 224 .
2) سورة الاِنسان : 76 | 11 ـ 12 .

( 96 )
بالجنّة والرضوان (1).
3 ـ قوله تعالى : ( إنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ على النَّبيِّ يَا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَليهِ وسَلِّمُوا تَسلِيماً ) (2)، ففي هذه الآية المباركة أوجب الله تعالى الصلاة على الآل كما أوجبها على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وذلك يحكي عن حالة الاقتران بين النبي وآله كما شهدناه في آية التطهير والمودة .
وجاء في الصحيح المتفق عليه أنّه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا رسول الله ، أما السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك ؟
فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « قولوا : اللهمَّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد » (3).
وقد عبّر الشافعي عن فرض الصلاة على الآل بقوله :
يا أهل بيت رسول الله حبكم * فرضٌ من الله في القرآن أنزلهُ

____________
1) راجع : تفسير الرازي 30 : 243 . وروح المعاني 29 : 157 ـ 158 . وتفسير الكشّاف 4 : 670 . وفتح القدير | الشوكاني 5 : 349 . ومعالم التنزيل | البغوي 5 : 498 . وتفسير أبي السعود 9 : 73 . وتفسير البيضاوي 2 : 525 ـ 526 . وتفسير النسفي 3 : 628 . وأسباب النزول| الواحدي : 251 . ونور الاَبصار : 102 . والرياض النضرة 2 : 227 . وروح البيان| الشيخ اسماعيل حقي 10: 268 .
2) سورة الاحزاب : 33 | 56 .
3) صحيح البخاري 6 : 217 | 291 . وصحيح مسلم 1 : 305 | 405 و406 . وسنن الترمذي 5 : 359 | 3220 . وسنن ابن ماجة 1 : 293 | 904 . ومسند أحمد 5 : 353 . وتفسير الرازي 25 : 227 . والمعجم الصغير | الطبراني 1 : 180 . والمعجم الاوسط | الطبراني 3 : 88 | 2389 وغيرها كثير .

( 97 )
كفاكم من عظيم الشأن أنكم * من لم يصلِّ عليكم لا صلاة لهُ(1)
4 ـ قوله تعالى : ( واعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعاً ) (2).
فقد جاء عن الاِمام الرضا عليه السلام ، عن أبيه عن آبائه عن الاِمام علي عليه السلام قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من أحب أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليوالِ علياً وليأتم بالهداة من ولده »(3).
كما ورد عن الاِمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام في قوله تعالى : (واعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا ) قال : « نحن حبل الله » (4).
5 ـ قوله تعالى: ( ياأيُّها الَّذينَ آمنُوا اتَّقُوا اللهَ وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (5).
جاء عن الاِمام الباقر عليه السلام في هذه الآية قوله : « مع آل محمد عليهم السلام»(6).
وورد عن عبدالله بن عمر قوله في الآية : ( اتَّقُوا اللهَ ) قال : أمر الله أصحاب محمد بأجمعهم أن يخافوا الله ثم قال لهم : ( كُونُوا مَعَ الصَّادِقينَ) يعني محمداً وأهل بيته (7).
____________
1) الصواعق المحرقة : 148 .
2) سورة آل عمران : 3 | 103 .
3) شواهد التنزيل 1 : 168 | 177 .
4) خصائص الوحي المبين : 183 الفصل 15 . وأمالي الطوسي 1 : 278 | 51 .
5) سورة التوبة : 9 | 119 .
6) ترجمة الاِمام علي عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق 2 : 421 | 930 .
7) مناقب آل أبي طالب | ابن شهر آشوب 3 : 111 ، دار الاضواء ـ بيروت ط2 . وتفسير البرهان 2 : 865 | 9 .

=


( 98 )
6 ـ قوله تعالى : ( فأسألُوا أهلَ الذِّكرِ إن كُنتُم لا تَعلَمُونَ ) (1).
عن الاِمام الباقر عليه السلام قال : « لما نزلت هذه الآية... قال علي عليه السلام : نحن أهل الذكر الذي عنانا الله جلَّ وعلا في كتابه » (2).
7 ـ قوله تعالى : ( إنّما أنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَومٍ هادٍ ) (3).
جاء عن الاِمام أبي جعفر عليه السلام قوله في الآية : « رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنذر ، ولكلِّ زمان منّا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم الهداة من بعده علي ثم الاَوصياء واحد بعد واحد» (4).
8 ـ قوله تعالى : ( وما يَعلَمُ تأويلَهُ إلاّ اللهُ والرَّاسِخُونَ في العِلمِ ) (5).
عن الاِمام الصادق عليه السلام قال : « الراسخون في العلم أمير المؤمنين والاَئمة من بعده » (6).
عليٌ عليه السلام في القرآن :
ويضاف إلى الآيات المفسّرة في أهل البيت عليهم السلام ما اختصّ به أمير المؤمنين علي عليه السلام من الآيات الكثيرة التي بيّنت فضله ومنزلته وخصائصه ومكارم أخلاقه ووجوب إطاعته ، وهي كثيرة عبّر عنها حبر الاُمّة عبدالله
____________

=

1) سورة النحل : 16 | 43 . وسورة الاَنبياء : 21 | 7 .
2) تفسير الطبري 14 : 108 . وخصائص الوحي المبين : 229 فصل 22 .
3) سورة الرعد : 13 | 7 .
4) اصول الكافي 1 : 191 ـ 192 | 2 باب ان الاَئمة عليهم السلام هم الهداة .
5) سورة آل عمران : 3 | 7 .
6) اصول الكافي 1 : 213 | 3 باب ان الاَئمة عليهم السلام هم الراسخون في العلم .

( 99 )
ابن عباس بقوله : ما نزل في أحدٍ من كتاب الله تعالى ما نزل في عليّ (1).
وبقوله : ليست آية في كتاب الله ( يا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا ) إلاّ وعلي أولها وأميرها وشريفها ، ولقد عاتب الله أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولم يذكر علياً إلاّ بخير . أخرجه الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس (2).
وبالنظر لكثرة الآيات النازلة فيه عليه السلام فقد اهتمّ قدامى المحدثين والمفسرين بإفراد موضوع ما نزل من القرآن في علي عليه السلام بالتصنيف والتأليف ، كالجلودي والطبراني وأبي نعيم ومحمد بن مؤمن الشيرازي والحسكاني وأبي الفرج الاصفهاني والحبري والمرزباني وأبي إسحاق الثقفي وأبي جعفر القمي والمجاشعي وأبي عبدالله الخراساني وغيرهم(3) .
وفيما يلي نذكر نخبة من آي القرآن الكريم النازلة في ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام خاصة :
1 ـ قوله تعالى : ( اليَومَ أكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وأتمَمتُ عَليكُم نِعمَتي
____________
1) تاريخ الخلفاء | السيوطي : 189 ، دار التعاون ـ مكة المكرمة . ونور الاَبصار : 90 .
2) نور الاَبصار : 87 و 90 . وكفاية الطالب : 139 . والرياض النضرة 2 : 274 . وذخائر العقبى : 389 . ومجمع الزوائد 1 : 317 و9 : 112 . وترجمة الاِمام علي عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق 2 : 428 ـ 430| 935 ـ 939 . وشواهد التنزيل 1 : 48 ـ 54 | 67 ـ 85 . ومناقب الخوارزمي : 188 .
3) أهل البيت عليهم السلام في المكتبة العربية | عبدالعزيز الطباطبائي : 444 ـ 455 ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاِحياء التراث ـ قم ط1 . والذريعة إلى تصانيف الشيعة | اقا بزرگ الطهراني 19 : 28 ـ 29 ، منشورات اسماعيليان ـ قم . والنور المشتعل من كتاب ما نزل من القرآن في الاِمام علي عليه السلام | أبو نعيم الاَصبهاني : 14 ـ 19 ، وزارة الارشاد الاِسلامي ـ قم ط1 .

( 100 )
وَرَضِيتُ لَكُمُ الاِسلامَ دِيناً ) (1)هذه الآية نزلت في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام (فقد تعاضدت الروايات الصحيحة الاَسانيد التي تصرّح بنزول هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد المسير من حجة الوداع، وفي أثناء خطبة الغدير، وقد ثبت هذا من عدة طرق رجالها ثقات ، عن عدد كبير من الصحابة ، منهم علي بن أبي طالب عليه السلام ، وعبدالله بن عباس ، وأبو سعيد الخدري ، والبراء بن عازب ، وزيد بن أرقم ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، والمقداد بن الاَسود ، وأبو هريرة) (2).
وجاء فيها : ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم دعا الناس إلى غدير خم ، وذلك يوم الخميس ، ثم دعا الناس إلى علي بن أبي طالب ، فأخذ بضبعه فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض ابطيه، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهمَّ والِ من والاه وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله » ثم لم يتفرقا حتى نزلت هذه الآية : ( اليَومَ أكمَلتُ لَكُم دينَكُم... ) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « الله أكبر على اكمال الدين ، واتمام النعمة ، ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي » (3).
وسجّل شاعر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حسان بن ثابت الاَنصاري هذا الحدث التاريخي بكلمات من نور بعد أن استأذن الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم فأذن له ،
____________
1) سورة المائدة : 5 | 3 .
2) راجع منهج في الانتماء المذهبي | الاُستاذ صائب عبدالحميد : 148 ، مركز الغدير ـ قم ط5 .
3) راجع مناقب الخوارزمي: 80 . ومقتل الاِمام الحسين عليه السلام له أيضاً : 47 . وترجمة الاِمام علي عليه السلام | ابن عساكر 2 : 75 | 577 ـ 580 . وتاريخ بغداد 8 : 290 . وتاريخ اليعقوبي 2 : 43 . وشواهد التنزيل : 157 | 210 ـ 215 . ومناقب ابن المغازلي : 19 . وتذكرة الخواص | ابن الجوزي : 29 . وفرائد السمطين 1 : 315 . والدر المنثور | السيوطي 2 : 259 . والاتقان له أيضاً 1 : 75 .

( 101 )
فقال حسان :
يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخمٍّ وأسمع بالرسول مناديا
يقول فمن مولاكم ووليكم * فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا
إنّك مولانا وأنت ولينا * ولن تجدن منّا لك اليوم عاصيا
فقال له قم يا علي فانني * رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه * فكونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا اللهمَّ والِ وليّه * وكن للذي عادى عليّاً معاديا (1)
ومن قصيدة لاَمير المؤمنين علي عليه السلام مطلعها :
محمد النبي أخي وصنوي * وحمزة سيد الشهداء عمّي
إلى أن يقول عليه السلام :
فأوجب لي الولاء معاً عليكم * رسول الله يوم غدير خمِّ
فويلٌ ثم ويل ثم ويلٌ * لمن يلقى الاِله غداً بظلمي (2)

____________
1) الارشاد | الشيخ المفيد 1 : 177 ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام ـ قم ط1 . والفصول المختارة | الشيخ المفيد : 209 و 235 ، مكتبة الداوري ـ قم ط4 . والامالي | الصدوق : 460 | 3 المجلس 84 . والمناقب | الخوارزمي : 80 . ومقتل الاِمام الحسين عليه السلام له أيضاً : 47 . وتذكرة الخواص | ابن الجوزي : 33 . والمناقب | ابن شهر آشوب 3 : 27 . وكنز الفوائد | الكراجكي 1 : 268 ، دار الاَضواء ـ بيروت . وكشف الغمة | الاربلي 1 : 319 . واعلام الورى | الطبرسي 1 : 262. والطرائف | ابن طاووس : 146 . وكفاية الطالب : 64 . وفرائد السمطين 1 : 73 ـ 74 . وأخرجها العلاّمة الاَميني في الغدير 2 : 34 من 38 طريقاً .
2) كنز الفوائد | الكراجكي 1 : 266 . وتذكرة الخواص | ابن الجوزي : 102 . والاحتجاج |

=


( 102 )
2 ـ قوله تعالى : ( يَا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغ مَا أُنزِلَ إليكَ مِن رَّبِّكَ وإن لم تَفعَل فَما بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ واللهُ يَعصِمُكَ مِن النَّاسِ ) (1)وهذه الآية ، نزلت في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وبنفس المناسبة التي نزلت فيها الآية الاُولى ، فقد روى الواحدي بالاسناد عن أبي سعيد الخدري ، قال : نزلت هذه الآية يوم غدير خم في علي بن أبي طالب رضي الله عنه (2).
وروى السيوطي والشوكاني عن ابن مسعود أنّه قال : كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( يَا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغ ما أُنزِلَ إليكَ مِن رَّبِّكَ ) أنّ علياً مولى المؤمنين ( وإن لم تَفعل فما بَلغتَ رِسَالَتَهُ ) (3).
3 ـ قوله تعالى : ( إنّما وَليُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤتُونَ الزَّكاةَ وَهُم رَاكِعُونَ ) (4)، هذه الآية نزلت في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً ، فقد أكدت أكثر كتب التفسير على نزول هذه الآية في الاِمام علي بن أبي طالب عليه السلام حين تصدق بخاتمه وهو راكع في صلاته (5) ، ومعنى الولي في هذه الآية لايكاد ينصرف عن المعنى المتبادر وهو مالك
____________

=

الطبرسي : 180 . والفصول المهمة | ابن الصباغ : 32 . وروضة الواعظين : 87 . وكنز العمال 13 : 112 . ومختصر تاريخ دمشق | ابن منظور 18 : 77 . وأخرجها العلاّمة الاَميني في الغدير 2 : 25 من 37 طريقاً .
1) سورة المائدة : 5 | 67 .
2) أسباب النزول : 115 .
3) الدر المنثور 2 : 298 . وفتح القدير | الشوكاني 2 : 60 .
4) سورة المائدة : 5 | 55 .
5) أسباب النزول | الواحدي 3 : 114 . ولباب النقول في أسباب النزول | السيوطي : 81 . وتفسير أبي السعود 3 : 52 . والكشاف | الزمخشري 1 : 649 . ومعالم التنزيل | البغوي 2 : 272 . وجامع الاصول | الجزري 8 : 664 | 6515 وسائر مصنفات المناقب والتفاسير .

( 103 )
الاَمر والاَولى بالتصرف ، أي من له صلاحية الولاية على أمور الناس والاَولى بها منهم ، وهو الاِمام ، وهي نصّ صريح على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنشأ حسّان بن ثابت في هذا المعنى قائلاً :
أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي * وكل بطيء في الهدى ومسارعِ
أيذهب مدحي والمحبين ضائعاً * وما المدح في جنب الاله بضائعِ
فأنت الذي أعطيت إذ أنت راكعٌ * فدتك نفوس القوم يا خير راكعِ
فأنزل فيك الله خير ولاية * وبيَّنها في محكمات الشرائعِ (1)
4 ـ قوله تعالى : ( وَأنذِر عَشِيرَتَكَ الاَقرَبِينَ ) (2).
جاء في كتب التفسير والسيرة في سبب نزول هذه الآية : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا بني عبد المطلب وأولم لهم ، ثم توجه اليهم قائلاً : « يا بني عبد المطلب ، والله ماأعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به ، إني جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على هذا الامر ، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ » فأحجم القوم عنها جميعاً ، فقال علي عليه السلام أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ صلى الله عليه وآله وسلم برقبته ، ثم قال : « إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فأسمعوا له وأطيعوا » (3).
____________
1) الغدير | العلاّمة الاَميني 2 : 52 . كما ذُكرت الاَبيات في فرائد السمطين 1 : 189 ـ 190 . والمناقب | الخوارزمي 186 . وتذكرة الخواص | ابن الجوزي : 15 . وكفاية الطالب : 228 وبألفاظ اُخرى .
2) سورة الشعراء : 26 | 214 .
3) تاريخ الطبري 2 : 217 . والسيرة الحلبية | علي بن ابراهيم الحلبي الشافعي 1 : 286 ، دار إحياء

( 104 )
والآيات النازلة في شأن أمير المؤمنين علي عليه السلام كثيرة ، لايسعنا الاحاطة بها في هذا المختصر ، ومن أراد المزيد فليرجع الى الكتب المصنّفة في هذا الموضوع (1).

المبحث الثاني
فضائل أهل البيت عليهم السلام في السُنّة المطهّرة
لم يرد في السنة المباركة في فضل أحدٍ مثلما ورد في أهل البيت عليهم السلام من الاَحاديث الصحيحة والمتواترة التي تصرّح بخصائص تفردوا بها وفضائل لا يشاركهم فيها أحد ، فهم سفن النجاة وأزمّة الحق وألسنة الصدق وأمان الاُمّة والعروة الوثقى ودعائم الدين وأبواب العلم .. الى آخر الصفات التي تصرّح بها الاَحاديث النبوية .
ولم يكن تأكيد الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم على تلك الخصائص والصفات منطلقاً من بواعث ذاتية أو عاطفية ، بل انه يعبّر عن تأصيل المبدأ القيادي للاُمّة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وذلك يتضح من جملة الظواهر المستمدّة من النصوص الحديثية ، كالتأكيد على حالة الاقتران بين الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم وبين أهل البيت عليهم السلام ، والاقتران بين الكتاب الكريم وأهل البيت عليهم السلام ، ولزوم التمسك بهم والاقتداء بنهجهم ، وتأكيد الحبّ والموالاة لهم ، وبيان
____________

=

التراث العربي ـ المكتبة الاِسلامية ـ بيروت . ومعالم التنزيل | البغوي 4 : 278 . وشرح ابن أبي الحديد 13 : 210 . وكنز العمال 13 : 131 | 36469 .
1) راجع شواهد التنزيل | الحاكم الحسكاني ، وتفسير الحبري ، وخصائص الوحي المبين | ابن البطريق .

( 105 )
الموقع المتميز لهم دون سائر أفراد الامة ، كما هو واضح في حديث الثقلين وحديث السفينة وحديث الكساء والمنزلة وغيرها ..
وفيما يلي نورد طائفة من هذه الاَحاديث المتفق عليها عند الفريقين :
1 ـ قال صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابداً، أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ،فانظروا كيف تخلّفوني فيهما » (1).
2 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق » (2).
3 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «النجوم أمان لاَهل الارض من الغرق ، وأهل بيتي أمان
____________
1) اُخرج هذا الحديث بهذا اللفظ وبألفاظ اُخرى متواترة معنى في صحيح مسلم 4 : 1873 | 2408 و5 : 663 | 3786 و 3788 . والمستدرك | الحاكم 3 : 148 . ومسند أحمد 3 : 14 و17 و26 و59 ، 4 : 371 ، 5 : 182 و189 . وفي فضائل الصحابة | أحمد بن حنبل 2 : 603 | 1035 . والخصائص | النسائي : 21 . ومصابيح السُنّة 4 : 185 | 4800 و190 | 4816 . ومجمع الزوائد 9 : 163 ـ 164 . والجامع الصغير | السيوطي 1 : 244 | 1608 . والصواعق المحرقة| ابن حجر : 75 و89 . والخصائص الكبرى | السيوطي 2 : 266 . وتفسير الدر المنثور | السيوطي 2 : 60 . وتفسير الرازي 8 : 163 . وحلية الاَولياء 1 : 355 . وسنن البيهقي 2 : 148 و7 : 30 . وأُسد الغابة 2 : 13. وتاريخ بغداد 8 : 442. والمعجم الكبير | الطبراني 3 : 201 | 3052 وغيرها كثير.
2) المستدرك | الحاكم 2 : 343 وصححه على شرط مسلم و 3 : 151 . والخصائص الكبرى | السيوطي 2 : 266 . والجامع الصغير | السيوطي 2 : 533 | 8162 . وروح المعاني | الآلوسي 25 : 32 . وتفسير ابن كثير 4 : 123 . وتاريخ بغداد 12 : 91 . وحلية الاَولياء 4 : 306 . والصواعق المحرقة : 184 و234 . ومجمع الزوائد 9 : 168 . وذخائر العقبى : 120 . وكفاية الطالب: 378 . ونور الاَبصار : 104 وغيرها .

( 106 )
لاَمتي من الاختلاف ، فاذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا، فصاروا حزب إبليس » (1) .
4 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام : « أنا حرب لمن حاربتم ، وسلم لمن سالمتم » (2).
وفي لفظ آخر : «أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم» (3).
5 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم وقد جلس مع علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام : «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي ، اللهمّ عادِ من عاداهم ووالِ من والاهم » (4).
6 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني
____________
1) مستدرك الحاكم 3 : 149 وصححه . والخصائص الكبرى | السيوطي 2 : 266 . وفضائل الصحابة | أحمد بن حنبل 3 : 671 | 1145 . والصواعق المحرقة : 111 و 140 . وذخائر العقبى : 17 . وكنز العمال 12 : 96 | 34155 و 101 | 34188 و 102 | 34189 . والجامع الصغير | السيوطي 2 : 680 | 9313 . ومجمع الزوائد 9 : 174 . وفيض القدير 6 : 297 وغيرها .
2) سنن الترمذي 5 : 699 | 3870 . ومستدرك الحاكم 3 : 149 . وسنن ابن ماجة 1 : 52 | 145 . ومسند أحمد 2 : 442 . وأُسد الغابة 7 : 225 . ومجمع الزوائد 9 : 169 . ومصابيح السُنّة 4 : 190 . والصواعق المحرقة : 187 . والرياض النضرة 3 : 154 . وشواهد التنزيل 2 : 27 . ومناقب الخوارزمي : 91 . والمعجم الكبير | الطبراني 3 : 30 | 2619 . وكنز العمال 6 : 216 . وصحيح ابن حبان 7 : 102 وغيرها .
3) مسند أحمد 2 : 442 . ومستدرك الحاكم 3 : 161 . وتاريخ بغداد 7 : 137 . والمعجم الكبير | الطبراني 3 : 31 | 2621 . والبداية والنهاية 8 : 36 . وسير أعلام النبلاء 2 : 122 و 125 . وتأريخ الاِسلام 3 : 45 وغيرها .
4) التاريخ الكبير | البخاري 2 : 69 ـ 70 . ومسند أبي يعلى 12 : 383 | 6951 . ومجمع الزوائد 9 : 166 ـ 167 وقال : اسناده جيد .

( 107 )
اسرائيل ، من دخله غُفِر له » (1).
7 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « نحن أهل البيت لايقاس بنا أحد » (2).
8 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم موصياً : « أنشدكم الله في أهل بيتي » (3).
9 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « من حفظني في أهل بيتي فقد اتخذ عند الله عهدا»ً(4) .
10 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « من أحبّ أن يُبارك له في أجله وأن يمتّعه الله بما خوله ، فليخلفني في أهلي خلافة حسنة» (5).
11 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «اخلفوني في أهل بيتي » (6).
12 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « استوصوا بأهل بيتي خيراً ، فأنى اُخاصمكم عنهم غداً ، ومن أكن خصمه أخصمه ، ومن أخصمه دخل النار» (7).
____________
1) المعجم الاَوسط | الطبراني 6 : 147 | 5870 . والمعجم الصغير له أيضاً 2 : 22 . والصواعق المحرقة | ابن حجر : 152 . وكفاية الطالب : 378 . ومجمع الزوائد 9 : 168 وغيرها .
2) فردوس الديلمي 4 : 283 | 6838 . وذخائر العقبى : 17. وكنز العمال 6 : 218. وكنوز الحقائق| عبدالرؤوف المناوي : 153 ، دار الكتب العلمية ـ بيروت . وفرائد السمطين 1: 45 .
3) المعجم الكبير 5 : 183 | 5027 . وكنز العمال 13 : 640 | 37619 . وإحقاق الحق | نور الله الحسيني التستري 9 : 434 .
4) ذخائر العقبى : 18 . وينابيع المودة 2 : 114 | 323 . وإحقاق الحق 9 : 418 .
5) كنز العمال 12 : 99 | 34171 .
6) الصواعق المحرقة : 150 . والجامع الصغير 1 : 50| 302 . ومجمع الزوائد 9 : 163 . وينابيع المودة 1 : 126 | 62 .
7) الصواعق المحرقة : 150 ، ذخائر العقبى : 180 .

( 108 )
فضائل أمير المؤمنين عليه السلام :
اختصّ أمير المؤمنين علي عليه السلام بفضائل لا تدانى ومنزلة لا تضاهى ، فهو أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأول من آمن به وصدّقه ، وأحبّ الناس إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو وصيّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووارثه وصفيه ووزيره وباب مدينة العلم وولي كلّ مؤمن بعده .
وفضائله المبيّنة عن منزلته السامية عند الله تعالى كثيرة تفوق حدّ الاِحصاء ، أفردها كثير من العلماء والمحدثين بالتصنيف والتأليف (1).
روى الحاكم باسناده عن أحمد بن حنبل ، قال : ما جاء لاَحدٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الفضائل أكثر ما جاء لعلي بن أبي طالب عليه السلام (2) . ورواه ابن عساكر (3)، وابن حجر ، وقال الاَخير : وكذا قال النسائي وغير واحد (4).
وقال ابن أبي الحديد : اعلم أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لو فخر بنفسه ، وبالغ في تعديد مناقبه وفضائله بفصاحته التي آتاه الله تعالى إياها واختصّه بها ، وساعده على ذلك فصحاء العرب كافة ، لم يبلغوا إلى معشار ما نطق به الرسول الصادق صلوات الله عليه في أمره (5).
____________
1) كالسيد الرضي في الخصائص . وابن المغازلي في المناقب . والخوارزمي في المناقب وغيرهم .
2) المستدرك على الصحيحين 3 : 107 .
3) ترجمة الاِمام علي عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق 3 : 83 | 117 . وطبقات الحنابلة | أبو يعلى 1 : 319 ، دار المعرفة ـ بيروت . والاستيعاب 3 : 51 .
4) تهذيب التهذيب 7 : 339 .
5) شرح ابن أبي الحديد 9 : 166 .

( 109 )
وفيما يلي بعض تلك الفضائل التي اختص بها أمير المؤمنين عليه السلام من بين أفراد الاُمّة :
1 ـ إنّه أحبّ الخلق إلى الله تعالى ، وذلك في حديث الطائر المشهور المتواتر ، وقد أوردناه في المبحث الثاني من الفصل الثاني صفحة (62) مع مصادره ، فراجع .
2 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم مخاطباً أمير المؤمنين علي عليه السلام : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنه لا نبي بعدي » (1).
والظاهر من القرآن الكريم ان هارون كان وزير موسى عليه السلام وخليفته في قومه (2) ، وكذلك أمير المؤمنين عليه السلام ، فهو نصّ صريح في خلافته عليه السلام .
3 ـ ولعلّ حديث الراية في يوم خيبر ومجيئه بالفتح والظفر ، هو أربى فضائله عليه السلام ، وقد مرّ نصّه في المبحث الثاني من الفصل الثاني صفحة (63) مع جملة من مصادره ، فراجع .
4 ـ وفي تبليغ سورة براءة ، بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر إلى أهل مكة ، فسار بها ثلاثاً ، ثم قال لعلي عليه السلام : « الحقه ، فردّ علي أبا بكر ، وبلّغها أنت » ففعل وأخذها منه وسار إلى مكة ، ورجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً : يا رسول الله ، أحدث فيَّ شيء ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : « لا، ولكن أُمرت أن لا يبلّغها
____________
1) صحيح البخاري 5 : 89 | 202 . وصحيح مسلم 4 : 1870 | 2404 . وسنن الترمذي 5 : 640| 3730 . والمستدرك للحاكم 2 : 337 . ومسند أحمد 1 : 173 و 175 و 182 و 184 . ومصابيح السُنّة 4 : 170 | 4762 . وجامع الاُصول 8 : 649 | 6489 و 6490 و 6491 ولايكاد يخلو منه مصدر من مصادر الحديث .
2) راجع : سورة طه : 20 | 29 ـ 32 . وسورة الفرقان : 25 | 35 . وسورة الاَعراف : 7 | 142 .

( 110 )
إلاّ أنا أو رجل مني » وفي رواية : « لا يبلّغ عني إلاّ أنا ، أو رجل منّي » (1).
5 ـ ودعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علياً عليه السلام يوم الطائف فانتجاه ، فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ما أنا انتجيته ، ولكنّ الله انتجاه » (2)» .
6 ـ وفي حديث سدّ الاَبواب الشارعة في مسجد النبي ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : «سدّوا الاَبواب إلاّ باب علي» فتكلم الناس بذلك ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « أما بعد ، فإني اُمرت بسدّ هذه الاَبواب إلاّ باب علي ، وقال فيه قائلكم ، والله ماسددّته ولا فتحته ، ولكن اُمرت فاتّبعته » (3).
7 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأت الباب » (4) ، وفي لفظ آخر « أنا دار الحكمة وعلي بابها » (5).
____________
1) مسند أحمد 1 : 3 و331 ، 3 : 212 و283 ، 4 : 164 و165 . وسنن الترمذي 5 : 636 | 3719 . وجامع الاُصول 8 : 660 | 6508 . ومجمع الزوائد 9 : 119 . والصواعق المحرقة : 122 . والجامع الصغير 2 : 177 | 5595 . والبداية والنهاية 7 : 370 . وتفسير الطبري 10 : 46 وغيرها .
2) سنن الترمذي 5 : 639 | 3726 . ومصابيح السُنّة 4 : 175 | 4773 . وجامع الاصول 9 : 6493 . والرياض النضرة 3 : 170 . والبداية والنهاية 7 : 369 وغيرها كثير .
3) سنن الترمذي 5 : 641 | 2732 . ومسند أحمد 1 : 331 . وفتح الباري 7 : 13 . والمستدرك 3 : 125 . ومجمع الزوائد 9 : 114 . والرياض النضرة 3 : 158 . وجامع الاصول 8 : 659 | 6506 . والبداية والنهاية 7 : 355 ، وجميع كتب المناقب .
4) مستدرك الحاكم 3 :126 و127 وصحّحه . وجامع الاصول 8 : 657 | 6501 . والبداية والنهاية 7 : 372 . وتاريخ بغداد 11 : 49 ـ 50 وأثبت صحته . والصواعق المحرقة : 122 وغيرها.
5) سنن الترمذي 5 : 637 | 3723 . ومصابيح السُنّة 4 : 174 | 4772 . والجامع الصغير 1 : 415 | 2704 . والبداية والنهاية 7 : 372 . وحلية الاَولياء 1 : 64 وغيرها .

( 111 )
8 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّ علياً مني وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » (1).
9 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « لكل نبي وصيّ ووارث ، وإن علياً وصيي ووارثي»(2) .
10 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « من آذى علياً فقد آذاني » (3).
فهذه النصوص النبوية وغيرها الكثير ، دلائل بيّنة تحكي عن فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على جميع أفراد الاُمّة ، وكونه المؤهل لتسنّم الدور القيادي في حياة الاَمة وتحمّل أعباء الرسالة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
____________
1) مسند أحمد 4 : 439 ، وسنن الترمذي 5 : 632 | 3712 ، وخصائص النسائي : 63 و 75 والمصنف | ابن أي شيبة 7 : 504 | 58 ، دار الفكر ـ بيروت ط 1 . والمعجم الكبير | الطبراني 18 : 128 | 265 . وجامع الاصول 8 : 652 | 6493 .
2) ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ ابن عساكر 3 : 5 | 1030 و 1031 . والرياض النضرة 3 : 138 . وذخائر العقبى : 71 . ومناقب الخوارزمي : 42 . والفردوس | الديلمي 3 : 336 | 5009 . ومناقب ابن المغازلي : 201 | 238 . وكفاية الطالب : 260 .
3) مسند أحمد 3 : 483 . ومستدرك الحاكم 3 : 122 وصحّحه . ودلائل النبوة | البيهقي 5 : 395 . والجامع الصغير 2 : 547 | 8266 . ومجمع الزوائد 9 : 129 . والبداية والنهاية 7 : 359 . والرياض النضرة 3 : 121 . والصواعق المحرقة : 123 وغيرها .