عقد النكاح على قسمين دائم ومنقطع، والعقد الدائم هو: (عقد لا
تُعيّن فيه مدة الزواج) وتسمى الزوجة فيه بـ(الدائمة). والعقد غير الدائم
هو: (عقد تعيّن فيه المدة) كساعة أو يوم أو سنة أو أكثر أو أقل وتسمى
الزوجة فيه بـ(المتعة) و(المتمتع بها) و(المنقطعة).
مسألة 30 : يشترط في النكاح ـ دواماً ومتعة ـ الايجاب والقبول
اللفظيان، فلا يكفي مجرد التراضي القلبي ولا الكتابة ولا الاِشارة المفهمة
من غير الاخرس، والاحوط لزوماً كونهما بالعربية مع التمكن منها، ويكفي
غيرها من اللغات المفهمة لمعنى النكاح والتزويج لغير المتمكن منها وان
تمكن من التوكيل.
مسألة 31 : الاحوط تقديم الايجاب على القبول، وان كان الاظهر
جواز عكسه ايضاً إذا لم يكن القبول بلفظ (قبلت) أو نحوه مجرداً عن ذكر
المتعلق، فيصح ان يقول الرجل: (أتزوجُكِ على الصداق المعلوم) فتقول
المرأة: (نعم)، أو يقول الرجل: (قبلت التزويج بكِ على الصداق المعلوم)
فتقول المرأة: (زوجتُكَ نفسي).
والاحوط ايضاً ان يكون الايجاب من جانب المرأة والقبول من
جانب الرجل، وان كان الاقوى جواز العكس، فيصح ان يقول الرجل:
(زوجتُكِ نفسي على الصداق المعلوم) فتقول المرأة: (قبلت).
مسألة 32 : الاحوط ان يكون الايجاب في النكاح الدائم بلفظ النكاح
( 17 )
أو التزويج، وان كان لا يبعد جواز انشائه بلفظ المتعة ايضاً إذا اقترن بما
يدل على إرادة الدوام، كما ان الاحوط ان يكون الايجاب والقبول بصيغة
الماضي، وان كان الاظهر عدم اعتبارها.
مسألة 33 : يجوز الاقتصار في القبول على لفظ (قبلت) أو (رضيت)
بعد الايجاب من دون ذكر المتعلقات التي ذكرت فيه، فلو قال الموجب
ـ الوكيل عن الزوجة ـ للزوج: (انكحتُكَ موكلتي فلانة على المهر المعلوم)
فقال الزوج: (قبلتُ) من دون ان يقول: (قبلتُ النكاح لنفسي على المهر
المعلوم) صحّ.
مسألة 34 : إذا باشر الزوجان العقد الدائم وبعد تعيين المهر قالت
المرأة مخاطبة للرجل: (انكحتُكَ نفسي، أو انكحتُ نفسي منك، أو لك،
على الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلتُ النكاح) صح العقد، وكذا إذا
قالت المرأة: (زوجتُكَ نفسي، أو زوجتُ نفسي منكَ، أو بكَ، على
الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلتُ التزويج).
ولو وكّلا غيرهما وكان إسم الرجل أحمد وإسم المرأة فاطمة مثلاً
فقال وكيل المرأة: (انكحتُ موكِّلَكَ أحمد موكِّلَتي فاطمة، أو انكحتُ
موكِّلَتي فاطمة موكِّلَكَ، أو من موكِّلِكَ، أو لموكِّلِكَ أحمد، على الصداق
المعلوم) فقال وكيل الزوج: (قبلتُ النكاح لموكِّلِي أحمد على الصداق
المعلوم) صح العقد، وكذا لو قال وكيلها: (زوجتُ موكِّلَكَ أحمد موكِّلَتي
فاطمة، أو زوجتُ موكِّلَتي فاطمة موكِّلَكَ، أو من موكِّلِكَ، أو بموكِّلِكَ
أحمد، على الصداق المعلوم) فقال وكيله: (قبلتُ التزويج لموكِّلِي أحمد
على الصداق المعلوم).
( 18 )
ولو كان المباشر للعقد وليّهما فقال وليّ المرأة: (انكحتُ ابنَكَ أو
حفيدَكَ أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة، أو انكحتُ ابنتي أو حفيدتي فاطمة
ابنَكَ أو حفيدَكَ، أو من ابنِكَ أو حفيدِكَ، أو لابنِكَ أو حفيدِكَ أحمد) أو
قال وليّ المرأة: (زوجتُ ابنَكَ أو حفيدَكَ أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة،
أو زوجتُ ابنتي أو حفيدَتي فاطمة ابنَكَ أو حفيدَكَ، أو من ابنِكَ أو حفيدِكَ
أو بابنِكَ أو حفيدِكَ أحمد على الصداق المعلوم) فقال ولّي الزوج: (قبلت
النكاحَ أو التزويجَ لابني أو لحفيدي أحمد على الصداق المعلوم) صحّ العقد،
وتعرف كيفية ايقاع العقد لو كان المباشر له في أحد الطرفين اصيلاً وفي
الطرف الآخر وكيلاً أو ولياً، أو في أحد الطرفين ولياً وفي الآخر وكيلاً مما
تقدم فلا حاجة الى التفصيل.
مسألة 35 : لا يشترط في لفظ القبول مطابقته لعبارة الايجاب، بل
يصح الايجاب بلفظ والقبول بلفظ آخر، فلو قال: (زوجتُكَ) فقال: (قبلت
النكاح) أو قال: (انكحتُكَ) فقال: (قبلت التزويج)، صحّ وان كان الاحوط
المطابقة.
مسألة 36 : إذا لحن في الصيغة بحيث لم تكن معه ظاهرة في المعنى
المقصود لم يكف وإلاّ كفى وان كان اللحن في المادة، فيكفي (جوزتك)
في اللغة الدارجة بدل (زوجتك) إذا كان المباشر للعقد من أهل تلك اللغة.
مسألة 37 : يعتبر في العقد القصد الى ايجاد مضمونه، وهو متوقف
على فهم معنى لفظ (زوجت) أو ما يقوم مقامه ولو بنحو الاجمال، ولا
يعتبر العلم بخصوصياته ولا تمييز الفعل والفاعل والمفعول مثلاً، فإذا كان
الموجب بقوله (زوجت) قاصداً ايجاد العُلْقة الخاصة المعروفة التي يطلق
( 19 )
عليها الزواج في اللغة العربية وكان الطرف الاخر قابلاً لذلك المعنى كفى.
مسألة 38 : تشترط الموالاة بين الايجاب والقبول على المشهور،
وتكفي العرفية منها فلا يضر الفصل في الجملة بحيث يصدق معه ان هذا
قبول لذلك الايجاب، كما لا يضر الفصل بمتعلقات العقد من القيود
والشروط وغيرهما وان كثرت.
مسألة 39 : يشترط في صحة النكاح التنجيز، فلو علّقه على امر
مستقبل معلوم الحصول أو متوقع الحصول بطل، وهكذا اذا علّقه على امر
حالي محتمل الحصول اذا كان لا تتوقف عليه صحة العقد، واما اذا علّقه
على امر حالي معلوم الحصول أو على امر مجهول الحصول ولكنه كان مما
تتوقف عليه صحة العقد لم يضر، كما إذا قالت المرأة في يوم الجمعة وهي
تعلم انه يوم الجمعة: (انكحتُكَ نفسي إن كان اليوم يوم الجمعة) أو قالت:
(انكحتك نفسي إذا لم اكن اختَكَ).
مسألة 40 : يشترط في العاقد المجري للصيغة ان يكون قاصداً
للمعنى حقيقة، فلا عبرة بعقد الهازل والساهي والغالط والنائم ونحوهم، ولا
بعقد السكران وشبهه ممن لا قصد له معتداً به. كما يشترط فيه العقل فلا
عبرة بعقد المجنون وان كان جنونه أدوارياً إذا أجرى العقد في دور جنونه.
وكذلك يشترط فيه البلوغ فلا يصح عقد الصبي المميز لنفسه ـ وان كان
قاصداً للمعنى ـ إذا لم يكن باذن الولي، بل وان كان باذنه إذا كان الصبي
مستقلاً في التصرف، وأمّا إذا كان العقد من الولي وكان الصبي وكيلاً عنه في
انشاء الصيغة، أو كان العقد لغيره وكالة عنه أو فضولاً فاجازه، أو كان لنفسه
فاجازه الولي، أو اجازه هو بعد البلوغ ففي صحته اشكال، فلا يترك مراعاة
( 20 )
مقتضى الاحتياط في مثله.
مسألة 41 : يشترط في صحة العقد رضا الزوجين واقعاً، فلو أذنت
الزوجة متظاهرة بالكراهة مع العلم برضاها القلبي صح العقد، كما انه إذا
عُلمت كراهتها واقعاً وان تظاهرت بالرضا بطل العقد.
مسألة 42 : لو اُكره الزوجان على العقد ثم رضيا بعد ذلك واجازا
العقد صح، وكذلك الحال في اكراه احدهما، والاولى إعادة العقد في كلتا
الصورتين.
مسألة 43 : يشترط في صحة العقد تعيين الزوجين على وجه يمتاز
كل منهما عن غيره بالاِسم أو الوصف أو الاِشارة، فلو قال: (زوجتُكَ
إحدى بناتي) بطل، وكذا لو قال: (زوجتُ بنتي أحدَ إبنيكَ أو أحد هذين).
نعم لو كانا معينين بحسب قصد المتعاقدين، متميزين في ذهنهما وان
لم يعيناهما عند اجراء الصيغة بالاِسم أو الوصف أو الاِشارة الخارجية، كما
لو تقاولا على تزويج بنته الكبرى من ابنه الكبير ولكن في مقام إجراء الصيغة
قال: (زوجتُ بنتي من ابنك) وقبل الآخر، فالظاهر الصحة.
مسألة 44 : لو اختلف الاِسم مع الوصف أو اختلفا أو احدهما مع
الاِشارة يتبع العقد ما هو المقصود ويلغى ما وقع غلطاً وخطأً، فاذا كان
المقصود تزويج البنت الكبرى وتخيل ان اسمها فاطمة وكانت المسماة
بفاطمة هي الصغرى وكانت الكبرى مسماة بخديجة وقال: (زوجتُكَ
الكبرى من بناتي فاطمة) وقع العقد على الكبرى التي اسمها خديجة ويلغى
تسميتها بفاطمة، وان كان المقصود تزويج فاطمة وتخيل انها كبرى فتبين
انها صغرى وقع العقد على المسماة بفاطمة والغي وصفها بانها الكبرى،
( 21 )
وكذا لو كان المقصود تزويج المرأة الحاضرة وتخيل انها الكبرى واسمها
فاطمة فقال: (زوجتُكَ هذه وهي فاطمة وهي الكبرى من بناتي) فتبين انها
الصغرى واسمها خديجة وقع العقد على المشار اليها ويلغى الاِسم
والوصف، ولو كان المقصود العقد على الكبرى فلما تخيل ان هذه المرأة
الحاضرة هي تلك الكبرى قال: (زوجتك الكبرى وهي هذه) وقع العقد
على تلك الكبرى وتلغى الاِشارة، وهكذا.
مسألة 45 : يصح التوكيل في النكاح من طرف واحد أو من الطرفين
بتوكيل الزوج أو الزوجة أو كليهما ان كانا كاملين، أو بتوكيل وليهما إذا كانا
قاصرين، ويجب على الوكيل ان لا يتعدى عمّا عيّنه الموكل من حيث
الشخص والمهر والخصوصيات الاخرى وان كانا على خلاف مصلحة
الموكل، فان تعدى كان فضولياً موقوفاً على اجازته، كما تجب عليه مراعاة
مصلحة الموكل فيما فوض أمره اليه من الخصوصيات، فان تعدى واتى بما
هو خلاف المصلحة كان فضولياً ايضاً.
مسألة 46 : إذا وكّلت المرأة رجلاً في تزويجها ليس له ان يزوّجها
من نفسه إلاّ إذا صرحت بالتعميم أو كان كلامها بحسب متفاهم العرف
ظاهراً في العموم بحيث يشمله نفسه.
مسألة 47 : يجوز ان يكون شخص واحد وكيلاً عن الطرفين، كما
يجوز ان يكون الرجل وكيلاً عن المرأة في ان يعقدها لنفسه دواماً أو متعة،
وان كان الاحوط استحباباً ان لا يتولى شخص واحد كلا طرفي العقد.
مسألة 48 : إذا وكّلا شخصاً في إجراء الصيغة لم تجز لهما
الاستمتاعات الزوجية حتى النظر الذي لا يحل لهما قبل الزواج ما لم يطمئنا
( 22 )
باجراء الوكيل عقد النكاح، ولا يكفي مجرد الظن، وفي كفاية اخبار الوكيل
ما لم يوجب الاطمئنان اشكال، نعم لو علم اجراؤه العقد ولم يعلم انه اتى
به على الوجه الصحيح أم لا فالظاهر البناء على صحته.
مسألة 49 : لا يجوز اشتراط الخيار في عقد النكاح دواماً أو انقطاعاً
لا للزوج ولا للزوجة ، فلو شرطاه بطل الشرط دون العقد على الاظهر،
ويجوز اشتراط الخيار في المهر مع تعيين المدة، فلو فسخ ذو الخيار سقط
المهر المسمى فيكون كالعقد بلا ذكر المهر فيرجع الى مهر المثل مع
الدخول، هذا في العقد الدائم الذي يصح من دون ذكر المهر، واما المتعة
التي لا تصح بدونه فالظاهر انه لا يصح فيها اشتراط الخيار في المهر ايضاً.
مسألة 50 : اذا ادعى رجل زوجية امرأة فصدقته أو ادّعت امرأة
زوجية رجل فصدّقها فلا يبعد ان يحكم لهما بذلك مع احتمال الصدق،
فليس لاَحد الاعتراض عليهما، من غير فرق بين كونهما بلديين معروفين أو
غريبين.
واما إذا ادّعى احدهما الزوجية وانكر الآخر فالبيّنة على المدعي
واليمين على من انكر، فان كان للمدعي بيّنة حكم له وإلاّ فله طلب توجيه
اليمين الى المنكر، فان حلف المنكر حكم له، وان نكل عن اليمين ولم
يردها على المدعي ـ وان كان ذلك عن غفلة أو جهالة ـ جاز للحاكم ان
يحكم عليه، كما ان له الولاية على رد اليمين على المدعي استظهاراً، وان
ردّ المنكر أو الحاكم اليمين على المدعي فحلف حكم له، وان نكل حكم
عليه، هذا بحسب موازين القضاء، واما بحسب الواقع فيجب على كل
منهما العمل على ما هو تكليفه بينه وبين الله تعالى.
( 23 )
مسألة 51 : إذا رجع المنكر عن انكاره الى الاقرار يسمع منه ويحكم
بالزوجية بينهما وان كان ذلك بعد الحلف على الاقوى.
مسألة 52 : إذا ادّعى رجل زوجية امرأة وأنكرت فهل لها ان تتزوج
من غيره، وللغير ان يتزوجها ما لم يحرز كذبها قبل فصل الدعوى والحكم
ببطلان دعوى المدعي أم لا؟ فيه اقوال، ولا يبعد التفصيل بين ما إذا كان
ذلك قبل طرح النزاع عند الحاكم الشرعي فيجوز لها وله ذلك، فان أقام
المدعي بعد العقد عليها بيّنة حكم له بها وبفساد العقد اللاحق، وإلاّ فلا
تسمع دعواه، وليس له طلب توجيه اليمين اليها ولا الى العاقد عليها.
واما إذا كان ذلك بعد طرح النزاع عند الحاكم فالاحوط لزوماً الانتظار
الى حين فصل النزاع بينهما على النهج المتقدم في المسألة(50).
مسألة 53 : يجوز الزواج من امرأة تدعي انها خلية من الزوج مع
إحتمال صدقها، من غير فحص حتى فيما إذا كانت ذات بعل سابقاً فادعت
طلاقها أو موته، نعم لو كانت متهمة في دعواها فالاحوط لزوماً الفحص عن
حالها.
مسألة 54 : إذا غاب الزوج غيبة منقطعة ـ بحيث لم يعلم موته ولا
حياته ـ فادّعت زوجته حصول العلم لها بموته، ففي جواز الاكتفاء بقولها
لمن أراد الزواج منها وكذا لمن يتوكل عنها في إيقاع العقد عليها اشكال،
والاحوط وجوباً أن لا يتزوج بها الا من لم يَطّلع على حالها ولم يدر انه كان
لها زوج قد فُقد ولم يكن في البين إلاّ دعواها انها خليّة من غير ان تكون
متهمة فيها فيقدم على التزوج بها مستنداً الى قولها، وكذلك الاحوط وجوباً
ان لا يتوكل عنها في تزويجها إلاّ من كان كذلك.
( 24 )
مسألة 55 : إذا تزوج امرأة تدعي خلوها عن الزوج ثم ادعى زوجيتها
رجل آخر لم تسمع دعواه إلاّ بالبيّنة، فان اقامها حكم له بها وإلاّ فليس له
طلب توجيه اليمين اليهما.
مسألة 56 : إذا ادّعت امرأة أنّها خلية فتزوجها رجل ثم ادعت بعد
ذلك انها كانت ذات بعل حين زواجها منه لم تسمع دعواها، نعم لو أقامت
البيّنة على ذلك فُرِّق بينهما، ويكفي في ذلك ان تشهد بأنها كانت ذات بعل
حين زواجها من الرجل الثاني، ولو من غير تعيين زوج معين.
مسألة 57 : الاَب والجد من طرف الاَب لهما الولاية على الطفل
الصغير والصغيرة والمجنون المتصل جنونه بالبلوغ، واما المنفصل عنه ففي
كون الولاية عليه لهما أو للحاكم الشرعي اشكال، فلا يترك الاحتياط
بتوافقهما مع الحاكم، ولا ولاية عليهم للاُم ولا للجد من طرف الاُم ولو من
قبل اُم الاَب بأن كان أباً لاُم الاَب مثلاً، ولا للاخ والعم والخال واولادهم.
مسألة 58 : لا يشترط في ولاية الجد حياة الاَب ولا موته، فعند
وجودهما معاً يستقل كل منهما بالولاية، وإذا مات احدهما اختصت الولاية
بالآخر، وايهما سبق في تزويج الصغيرة المولى عليها لم يبق محل لتزويج
الآخر، ولو زوجها كل منهما من شخص فان عُلم السابق منهما فهو المقدم
ولغى الآخر، وان عُلم التقارن قدم عقد الجد ولغى عقد الاَب، واما لو لم
يعلم الحال واحتمل السبق واللحوق والتقارن ـ سواء علم تاريخ أحد
العقدين وجهل تاريخ الآخر أم جهل التاريخان معاً ـ فيعلم اجمالاً بكون
الصغيرة زوجة لاَحد الشخصين أجنبية عن الآخر فلا يصح تزويجها
بغيرهما كما ليس للغير ان يتزوجها، وأما حالها بالنسبة الى الشخصين
وحالهما بالنسبة اليها فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيهما ولو بان يطلقها
احدهما ويجدد الآخر نكاحها.
مسألة 59 : يشترط في صحة تزويج الاَب والجد ونفوذه عدم
المفسدة، بل الاحوط الاولى مراعاة المصلحة فيه، وإلاّ يكون فضولياً
( 26 )
كالاجنبي يتوقف صحة عقده على الاجازة بعد البلوغ أو الافاقة، والمناط
في كون التزويج خالياً عن المفسدة كونه كذلك في نظر العقلاء لا بالنظر الى
واقع الاَمر، فلو زوجه باعتقاد عدم المفسدة فتبين انه ليس كذلك في نظر
العقلاء لم يصح، ولو تبين انه ليس كذلك بالنظر الى واقع الاَمر صح إذا كان
خالياً عن المفسدة في نظر العقلاء.
مسألة 60 : إذا زوج الاَب أو الجد للاَب الصغير أو الصغيرة مع مراعاة
ما تقدم فهو وان كان صحيحاً ولكن يحتمل معه ثبوت الخيار للمعقود عليه
بعد البلوغ والرشد، فلو فسخ فلا يترك الاحتياط بتجديد العقد أو الطلاق.
مسألة 61 : لو زوج الاَب أو الجد للاَب صغيراً، فان لم يكن له مال
حين العقد كان المهر على من زوجه، وان كان له مال فان ضمنه من زوّجه
كان عليه ايضاً، وان لم يضمنه كان في مال الطفل إذا لم يكن ازيد من مهر
المثل أو كانت مصلحة في تزويجه بأكثر منه، وإلاّ فالاظهر صحة العقد
وتوقف ثبوت المهر المسمى في مال الطفل على اجازته بعد البلوغ، فان لم
يُجز ثبت عليه مهر المثل.
مسألة 62 : إذا زوج الولي المولى عليه بمن له عيب، فان كان فيه
مفسدة بالنسبة اليه كان فضولياً فلا ينفذ إلاّ باجازته بعد كماله كما مر، وإلاّ
وقع صحيحاً، نعم إذا كان من العيوب المجوزة للفسخ ثبت الخيار للمولى
عليه بعد كماله كما يثبت للولي قبله إذا كان جاهلاً بالحال.
مسألة 63 : هل للوصي ـ أي القيم من قبل الاَب والجد على الصغير
والصغيرة ـ الولاية على تزويجهما مع نصّ الموصي عليه أو شمول الوصية
له بالاطلاق ام لا؟ فيه اشكال، فلا تترك مراعاة الاحتياط بتوافقه مع الحاكم
( 27 )
الشرعي إذا دعت الضرورة الى تزويجهما.
مسألة 64 : لا ولاية للحاكم الشرعي في تزويج الصغير ذكراً كان أو
انثى مع فقد الاَب والجد، نعم إذا دعت الضرورة الى تزويجه بحيث ترتبت
على تركه مفسدة يلزم التحرز عنها كانت له الولاية عليه من باب الحسبة
فيراعي حدودها، فلو اقتضت الضرورة تزويجه ولو بالعقد المنقطع لفترة
قصيرة لم يتجاوزها الى مدة اطول فضلاً عن العقد الدائم، وهكذا الحال في
سائر الخصوصيات، هذا مع فقد الوصي للاَب أو الجد وإلاّ فلا يترك
الاحتياط بتوافقه مع الحاكم كما تقدم.
مسألة 65 : إذا دعت الضرورة الى تزويج من بلغ مجنوناً ولم يكن له
أب ولا جد كانت الولاية في ذلك للحاكم الشرعي إذا لم يوجد الوصي
لاَحدهما المفوض اليه ذلك، وإلاّ فلا يترك الاحتياط بتوافق الحاكم والوصي
في ذلك. ولو دعت الضرورة الى تزويج من تجدد جنونه بعد بلوغه ولم
يكن له أب ولا جد فالولاية في ذلك للحاكم الشرعي ايضاً، نعم إذا كان
تجدد جنونه في حياة الاَب أو الجد ووجد الوصي لاَحدهما المفوض اليه
ذلك فلا يترك الاحتياط بتوافقه مع الحاكم الشرعي في ذلك.
مسألة 66 : الظاهر انه لا ولاية لاَحد على السفيه في امر زواجه على
وجه الاستقلال ولكن استقلاله فيه ايضاً محل اشكال، وان لم يكن سفيهاً
في الماليات بل في امر التزويج وخصوصياته من تعيين الزوجة وكيفية
الامهار ونحو ذلك، فالاحوط له الاستئذان من أبيه أو جده ومع فقدهما فمن
الحاكم، هذا فيمن اتصل سفهه بالبلوغ، واما المنفصل عنه فالاحوط له
الاستئذان من الحاكم مضافاً الى الاَب أو الجد على تقدير وجوده. هذا
( 28 )
حكم السفيه، واما السفيهة فلا يصح زواجها من دون اذن وليها على
الاظهر، وهل له ان يزوجها من دون رضاها؟ الظاهر العدم إذا كانت ثيباً،
واما إذا كانت بكراً ففيه اشكال فلا تترك مراعاة الاحتياط في ذلك.
مسألة 67 : لا ولاية للاَب ولا الجد للاَب على البالغ الرشيد، ولا على
البالغة الرشيدة إذا كانت ثيباً، واما إذا كانت بكراً فان كانت مالكة لاَمرها
ومستقلة في شؤون حياتها لم يكن لاَبيها ولا جدها لاَبيها ان يزوجها من
دون رضاها على الاقوى، وهل لها ان تتزوج من دون اذن احدهما؟ فيه
اشكال فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه. واما إذا كانت غير مستقلة في
شؤون حياتها فليس لها ان تتزوج من دون اذن أبيها أو جدها لاَبيها على
الاظهر، وهل لاَبيها أو جدها لابيها ان يزوّجها من دون رضاها؟ فيه اشكال
فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 68 : لا فرق فيما تقدم من اشتراط اذن الولي في زواج الباكرة
الرشيدة بين الزواج الدائم والمنقطع ولو مع اشتراط عدم الدخول في ضمن
العقد.
مسألة 69 : يسقط اعتبار اذن الاَب أو الجد للاَب في نكاح الباكرة
الرشيدة إذا منعاها من الزواج بكفؤها شرعاً وعرفاً، أو اعتزلا التدخل في
امر زواجها مطلقاً، أو سقطا عن اهلية الاذن لجنون أو نحوه، وكذا إذا لم
تتمكن من استئذان احدهما لغيابهما مثلاً فانه يجوز لها الزواج حينئذٍ مع
حاجتها الملحة اليه فعلاً من دون اذن احدهما.
مسألة 70 : المقصود بالبكر ـ هنا ـ من لم يدخل بها زوجها، فمن
تزوجت ومات عنها زوجها أو طلقها قبل ان يدخل بها فهي بكر، وكذا من
( 29 )
ذهبت بكارتها بغير الوطء من وثبة أو نحوها، واما ان ذهبت بالزنا أو
بالوطء شبهة فهي بمنزلة البكر على الاظهر، واما من دخل بها زوجها فهي
ثيبة وان لم يفتض بكارتها على الاصح.
مسألة 71 : ينبغي للمرأة المالكة أمرها ان تستأذن أباها أو جدها، وان
لم يكونا فأخاها، وان تعدد الاخ قدّمت الاكبر.
مسألة 72 : يشترط في ولاية الاولياء ـ مضافاً الى العقل ـ الاِسلام إذا
كان المولى عليه مسلماً فلا ولاية للاَب والجد إذا جُنّا، ولو جنّ احدهما
اختصت الولاية بالآخر. وكذا لا ولاية للاَب الكافر على ولده المسلم،
فتكون للجد إذا كان مسلماً، والظاهر ثبوت ولايته على ولده الكافر إذا لم
يكن له جدّ مسلم وإلاّ فتكون الولاية له دونه.
مسألة 73 : العقد الصادر من غير الوكيل والولي ـ المسّمى بالفضولي ـ
يصح مع الاجازة، سواء أكان فضولياً من الطرفين أم من احدهما، وسواء
أكان المعقود عليه صغيراً أم كبيراً، وسواء أكان العاقد قريباً للمعقود عليه
كالاخ والعم والخال أم اجنبياً. ومنه العقد الصادر من الولي أو الوكيل على
غير الوجه المأذون فيه، بان عقد الولي مع اشتماله على مفسدة للصغير، او
عقد الوكيل على خلاف ما عينه الموكل.
مسألة 74 : إذا كان المعقود له ممن يصح منه العقد لنفسه ـ بان كان
بالغاً عاقلاً ـ فانما يصح العقد الصادر من الفضولي باجازته، وان كان ممن
لا يصح منه العقد وكان مولّى عليه ـ بان كان صغيراً أو مجنوناً ـ فيصح
باجازة وليه في زمان قصوره، أو اجازته بنفسه بعد كماله، فلو اوقع الاجنبي
عقداً على الصغير أو الصغيرة وقفت صحة عقده على اجازتهما له بعد
( 30 )
بلوغهما ورشدهما، ان لم يجز ابوهما أو جدهما في حال صغرهما، فاي من
الاجازتين حصلت كفت، نعم يعتبر في صحة اجازة الولي ما اعتبر في
صحة عقده، فلو أجاز العقد الواقع مع اشتماله على مفسدة للصغير لغت
اجازته وانحصر الامر في اجازته بنفسه بعد بلوغه ورشده.
مسألة 75 : ليست الاجازة على الفور، فلو تأخرت عن العقد بزمن
طويل صحت، سواء أكان التأخير من جهة الجهل بوقوعه أو لاجل التروي
أو الاستشارة أو غير ذلك.
مسألة 76 : لا أثر للرد بعد الاجازة بلا اشكال فان العقد يلزم بها،
واما الاجازة بعد الردّ فالمشهور انه لا اثر لها ولكنه لا يخلو عن اشكال فلا
يترك مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 77 : إذا كان احد الزوجين كارهاً حال العقد لكن لم يصدر منه
ردّ له فالظاهر انه يصح لو اجاز بعد ذلك، وكذا لو استؤذن فنهى ولم يأذن
ومع ذلك اوقع الفضولي العقد فانه يصح بالاجازة اللاحقة على الاصحّ.
مسألة 78 : يكفي في الاجازة المصححة لعقد الفضولي كل قول دال
على الرضا بذلك العقد، بل يكفي الفعل الدال عليه.
مسألة 79 : لا يكفي الرضا القلبي في صحة العقد وخروجه عن
الفضولية وعدم الاحتياج الى الاجازة، فلو كان حاضراً حال العقد راضياً به
إلاّ انه لم يصدر منه قول أو فعل يدل على رضاه فالظاهر انه من الفضولي،
فله ان لا يجيزه ويرده، نعم في خصوص البكر إذا ظهر من حالها الرضا
وانما سكتت ولم تنطق بالاذن لحيائها كفى ذلك وكان سكوتها اذنها.
مسألة 80 : لا يعتبر في وقوع العقد فضولياً قصد الفضولية، ولا
( 31 )
الاِلتفات اليها، بل المناط في الفضولية كون العقد صادراً ممن لا يحق له
اجراؤه وان تخيل خلاف ذلك، فلو اعتقد كونه وليّاً أو وكيلاً واوقع العقد
فتبيّن خلافه كان من الفضولي ويصح بالاجازة، كما انه لو اعتقد انه ليس
بولي او نسي كونه وكيلاً فاوقع العقد بعنوان الفضولية فتبين خلافه صح
العقد ولزم بلا توقف على الاجازة.
مسألة 81 : إذا زُوِّجَ صغيران فضولاً فان اجاز وليهما قبل بلوغهما أو
أجازا بعد بلوغهما أو بالاختلاف ـ بان اجاز ولي احدهما قبل بلوغه واجاز
الآخر بعد بلوغه ـ ثبتت الزوجية وتترتب جميع احكامها، وان ردّ وليهما
قبل بلوغهما أو ردّ ولي احدهما قبل بلوغه أو ردّا بعد بلوغهما أو ردّ
احدهما بعد بلوغه بطل العقد من اصله على ما تقدم، فلا يترتب عليه اثر
اصلاً من توارث وغيره من سائر الاثار وكذا لو ماتا أو مات احدهما قبل
الاجازة، نعم لو بلغ احدهما واجاز ثم مات قبل بلوغ الآخر واجازته يعزل
من تركته مقدار ما يرث الآخر على تقدير الزوجية، فان بلغ واجاز يدفع اليه
لكن بعدما يحلف على انه لم تكن اجازته إلاّ عن الرضا بالزواج لا للطمع
في الارث، وان لم يجز أو أجاز ولم يحلف على ذلك لم يدفع اليه بل يرد
الى الورثة. والظاهر ان الحاجة الى الحلف انما هو فيما إذا كان متهماً بأن
اجازته لاجل الارث، واما مع عدمه ـ كما إذا اجاز مع الجهل بموت الآخر
أو كان الباقي هو الزوج وكان نصف المهر اللازم عليه على تقدير الزوجية
ازيد مما يرث ـ يدفع اليه بدون الحلف.
مسألة 82 : كما يترتب الارث على تقدير الاجازة والحلف تترتب
الآثار الاخر المترتبة على الزوجية ايضاً من المهر وحرمة الام وحرمتها على
( 32 )
أب الزوج ان كانت الزوجة هي الباقية وغير ذلك، بل يمكن ان يقال بترتب
تلك الآثار بمجرد الاجازة من غير حاجة الى الحلف وان كان متهماً، فيفرق
بين الارث وسائر الآثار على اشكال بالنسبة الى استحقاق المهر إذا كانت
الباقية هي الزوجة فلا يترك الاحتياط فيه.
مسألة 83 : الظاهر جريان هذا الحكم في كل مورد مات فيه من لزم
العقد من طرفه وبقي من تتوقف زوجيته على اجازته، كما إذا زوج احد
الصغيرين الولي وزوج الاخر الفضولي فمات الاول قبل بلوغ الثاني
واجازته، نعم قد يشكل جريان الحكم فيما لو كانا كبيرين فاجاز احدهما
ومات قبل اجازة الثاني، ولكن الاقرب جريانه فيه ايضاً، وان كان لزوم
الحلف على المجيز لو كان متهماً مبنياً فيه على الاحتياط.
مسألة 84 : إذا كان العقد فضولياً من احد الطرفين فهل يكون لازماً
من طرف الاصيل قبل اجازة الطرف الآخر وردّه، فلو كان زوجاً يحرم عليه
نكاح اُم المرأة واختها مثلاً، ولو كانت زوجة يحرم عليها الزواج بغيره، أم
لا؟ فيه اشكال، وان كان الاقرب عدم كونه لازماً من قبله فيجوز له الغاؤه
وينفذ جميع تصرفاته المنافية لمقتضاه إذا اتى بها بعنوان الرجوع عنه، فلا
يبقى محل لاجازة الطرف الآخر بعده.
مسألة 85 : إذا زوّج الفضولي امرأة برجل من دون اطلاعها وتزوجت
هي برجل آخر صح ولزم الثاني ولم يبق محل لاِجازة الاول، وكذا لو زوج
الفضولي رجلاً بامرأة من دون اطلاعه وتزوج هو ببنتها أو اختها ثم علم.
مسألة 86 : لو زوّج فضوليان امرأةً كلٌ منهما برجل، كانت بالخيار في
اجازة ايهما شاءت وان شاءت ردتهما، سواء أتقارن العقدان ام تقدم
( 33 )
احدهما على الآخر، وكذلك الحال فيما إذا زوج احد الفضوليين رجلاً
بامرأة والآخر بامها أو بنتها أو اختها فان له اجازة ايّهما شاء او ردهما.
مسألة 87 : لو وكلت المرأة رجلين في تزويجها فزوّجها كل منهما
برجل، فان سبق احدهما صح ولغى الاخر، وان تقارنا بطلا معاً، ولو لم يعلم
الحال واحتمل السبق والاقتران حكم ببطلانهما ايضاً سواء أعلم تاريخ
احدهما وجهل تاريخ الاخر أم جهل التاريخان معاً على الاظهر، واما لو علم
السبق واللحوق ولم يعلم السابق من اللاحق سواء اعلم تاريخ احدهما أم
جهل تاريخهما جميعاً فيعلم اجمالاً بصحة أحد العقدين وكون المرأة زوجة
لاَحد الرجلين اجنبية عن الاخر، فليس لها ان تتزوج بغيرهما ولا للغير ان
يتزوج بها لكونها ذات بعل قطعاً، واما حالها بالنسبة الى الشخصين
وحالهما بالنسبة اليها فلا تجوز لها المعاشرة الزوجية مع ايّ منهما كما ليس
لايّهما مطالبتها بذلك مادام الاشتباه، وحينئذٍ فان رضيت بالصبر على هذا الحال
فهو وإلاّ فحيث يكون ابقاؤها كذلك موجباً للاخلال بحق واجب للزوجة على
الزوج فالاحوط لزوماً ان يطلقاها أو يطلقها احدهما ويتزوجها الاخر برضاها.
مسألة 88 : إذا ادعى احد الرجلين المعقود لهما سبق عقده، فان
صدقته المرأة حكم بزوجيتها له سواء صدقه الآخر أو قال: لا ادري، واما
ان لم تصدقه المرأة وقالت: لا ادري، ففي الحكم بزوجيتها له اشكال ـ وان
صدقه الآخر ـ ما لم يقم البينة على دعواه، ولو ادعى احدهما السبق وصدقه
الآخر ولكن كذبته المرأة وادعت سبق عقد الثاني، كانت الدعوى بينها وبين
كلا الرجلين، فالرجل الاول يدّعي زوجيتها وصحة عقده، وهي تنكر
زوجيته وتدّعي فساد عقده، وتنعكس الدعوى بينها وبين الرجل الثاني
( 34 )
حيث انه يدعي فساد عقده وهي تدعي صحته، ففي الدعوى الاُولى تكون
هي المدعية والرجل هو المنكر، وفي الثانية بالعكس، فان اقامت البينة على
فساد عقد الاول المستلزم لصحة عقد الثاني حكم لها بزوجيتها للثاني دون
الاول، وان اقام الرجل الثاني بينة على فساد عقده يحكم بعدم زوجيتها له
وثبوتها للاول، وان لم تكن بينة يتوجه الحلف الى الرجل الاول في
الدعوى الاولى؛ والى المرأة في الدعوى الثانية، فان حلف الاول ونكلت
المرأة حكم بزوجيتها للاول، وان كان العكس بان حلفت هي دونه حكم
بزوجيتها للثاني، وان حلفا معاً فالمرجع هو القرعة.
وان ادّعى كل من الرجلين سبق عقده، فان قالت الزوجة: لا ادري،
تكون الدعوى بين الرجلين، فان اقام احدهما بينة دون الآخر حكم له
بزوجيتها، وان اقام كل منهما بينة تعارضت البينتان فمع ترجح احداهما
ـ بالعدد والعدالة بل بمطلق المزية في الشاهد ـ يتوجه الحلف الى صاحبها،
فان حلف حكم له بزوجية المرأة، ومع تساوي البينتين يقرع لتعيين من
يوجه الحلف اليه من الرجلين، فيوجّه الى من تخرج القرعة باسمه فان
حلف يحكم له بزوجيتها، ومع ردّه يوجّه الى الآخر، فان حلف حكم له
بها على الاظهر، وان لم تكن بينة يتوجه الحلف اليهما، فان حلف احدهما
حكم له، وان حلفا أو نكلا يرجع الى القرعة في تعيين زوجها منهما، وان
صدّقت المرأة احدهما كان أحد طرفي الدعوى من لم تصدقه المرأة
والطرف الآخر الرجل الآخر مع المرأة فمع اقامة البينة من احد الطرفين أو
من كليهما يكون الحكم كما مر، واما مع عدمها وانتهاء الامر الى الحلف
فان حلف من لم تصدقه المرأة يحكم له على كل من المرأة والرجل الآخر،
( 35 )
واما مع حلف من صدقته فلا يترتب على حلفه سقوط دعوى الرجل الآخر
على الزوجة بل لابد من حلفها ايضاً.
مسألة 89 : إذا زوّجه احد الوكيلين بامرأة فدخل بها وزوّجه الآخر
ببنتها، فان سبق عقد الام والدخول بها بطل عقد البنت، ولو سبق عقد
البنت وان لم يدخل بها بطل عقد الام، وان لم يعلم السابق من اللاحق فقد
علم اجمالاً بصحة أحد العقدين وبطلان الاخر فلا تجوز له الاستمتاعات
الزوجية من ايتهما مادام الاشتباه كما لا يجوز لهما التمكين له. نعم يجوز له
النظر اليهما بلا تلذذ شهوي، ولا يجب عليهما التستر عنه كما تتستران عن
الاجنبي فانه بالنسبة الى الام اما زوجها أو زوج بنتها وبالنسبة الى البنت أما
زوجها أو زوج اُمها المدخول بها.
وحينئذٍ فان طلقهما أو طلق الزوجة الواقعية منهما أو رضيتا بالصبر
على هذا الحال بلا حق المعاشرة الثابت للزوجة فلا إشكال، وإن لم يطلق
ولم ترضيا بالصبر أجبره الحاكم الشرعي على الطلاق. وانما فرضنا مورد
الكلام ما إذا كان عقد البنت ـ على تقدير تأخره عن عقد الام ـ واقعاً بعد
الدخول بالام؛ لاَن بطلان عقد البنت بعد العقد على اُمها من دون دخول
غير معلوم بل يحتمل العكس، وكذا الحال فيما لو تقارن العقدان فان
بطلانهما معاً غير ثابت بل يحتمل صحة عقد البنت. والمسألة محل
للاحتياط اللزومي في الصورتين، ويكفي في الاحتياط في الصورة الاولى ان
يطلق الام ويجدد العقد على البنت؛ وفي الصورة الثانية ان يجدد العقد على
البنت ولا حاجة الى طلاق الام لبطلان عقدها على كل تقدير. وفي
الصورتين ان لم يجدد العقد على البنت احتاط بترك نكاح الام ابداً.