كِتابُ اللِعَان


( 212 )

( 213 )



مسألة 661 : اللعان مباهلة خاصة بين الزوجين أثرها دفع حدّ أو نفي ولد، ويثبت في موردين:
المورد الاَول: فيما اذا رمى الزوج زوجته بالزنى.
مسألة 662 : لا يجوز للرجل قذف زوجته بالزنى مع الريبة ولا مع غلبة الظن ببعض الاسباب المريبة، بل ولا بالشياع ولا باخبار شخص ثقة، نعم يجوز مع اليقين ولكن لا يُصدّق اذا لم تعترف به الزوجة ولم يكن له بينة، بل يحدّ حـدّ القذف مع مطالبتها إلاّ إذا أوقع اللعان الجامع للشروط الاتية فيدرأ عنه الحـدّ.
مسألة 663 : يشترط في ثبوت اللعان بالقذف ان يدعي المشاهدة، فلا لعان فيمن لم يدعها ومن لم يتمكن منها كالاعمى فيحدّان مع عدم البينّة، كما يشترط في ثبوته ان لا تكون له بينة على دعواه، فان كانت له بينة تعين اقامتها لنفي الحـدّ ولا لعان.
مسألة 664 : يشترط في ثبوت اللعان في القذف ان يكون القاذف بالغاً عاقلاً وان تكون المقذوفة بالغة عاقلة وأيضاً سالمة عن الصمم والخرس، كما يشترط فيها ان تكون زوجة دائمة فلا لعان في قذف الاجنبية بل يحـدّ القاذف مع عدم البينة وكذا في المتمتع بها على الاقوى، ويشترط فيها أيضاً ان تكون مدخولاً بها فلا لعان فيمن لم يدخل بها، وان تكون غير مشهورة بالزنى وإلاّ فلا لعان بل ولا حـدّ حتى يدفع باللعان، نعم عليه
( 214 )
التعزير في غير المتجاهرة بالزنى إذا لم يدفعه عن نفسه بالبينة.
المورد الثاني: فيما إذا نفى ولدّية من ولد على فراشه مع لحوقه به ظاهراً.
مسألة 665 : لا يجوز للزوج ان يُنكر ولدّية من تولد على فراشه مع لحوقه به ظاهراً بان دخل بامه وانزل في فرجها ولو احتمالاً، أو انزل على فرجها واحتمل دخول مائه فيه بجذب أو نحوه، وكان قد مضى على ذلك إلى زمان وضعه ستة أشهر فصاعداً ولم يتجاوز اقصى مدة الحمل، فانه لا يجوز له في هذه الحالة نفي الولد عن نفسه وان كان قد فجر احد بامه فضلاً عما إذا اتهمها بالفجور بل يجب عليه الاقرار بولدّيته.
نعم يجوز له ان ينفيه ـ ولو باللعان ـ مع علمه بعدم تكوّنه من مائه من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به، بل يجب عليه نفيه إذا كان يلحق به بحسب ظاهر الشرع لولا نفيه، مع كونه في معرض ترتب احكام الولد عليه من الميراث والنكاح والنظر إلى محارمه وغير ذلك.
مسألة 666 : إذا نفى ولدّية من ولد على فراشه فان علم انه قد أتى بما يوجب لحوقه به بسببه في ظاهر الشرع، أو اقرّ هو بذلك ومع ذلك نفاه لم يسمع منه هذا النفي ولا ينتفي منه لا باللعان ولا بغيره.
واما لو لم يعلم ذلك ولم يقرّ به وقد نفاه اما مجرداً عن ذكر السبب بان قال: (هذا ليس ولدي) واما مع ذكر السبب بان قال: (اني لم اباشر امه منذ ما يزيد على عام قبل ولادته) فحينئذٍ وان لم ينتف عنه بمجرد نفيه لكن ينتفي عنه باللعان.
مسألة 667 : انما يشرع اللعان لنفي الولد فيما اذا كان الزوج عاقلاً
( 215 )
والمرأة عاقلة، وفي اعتبار سلامتها من الصمم والخرس اشكال وان كان الاعتبار اظهر، ويعتبر أيضاً ان تكون منكوحة بالعقد الدائم، واما ولد المتمتع بها فينتفي بنفيه من دون لعان وان لم يجز له نفيه مع عدم علمه بالانتفاء، ولو عُلم انه اتى بما يوجب اللحوق به في ظاهر الشرع ـ كالدخول بامه مع احتمال الانزال ـ أو اقرّ بذلك ومع ذلك نفاه لم ينتف عنه بنفيه ولم يسمع منه ذلك كما هو كذلك في الدائمة.
مسألة 668 : يعتبر في اللعان لنفي الولد ان تكون المرأة مدخولاً بها، فلا لعان مع عدم الدخول، نعم إذا ادعت المرأة المطلقة الحمل منه فانكر الدخول فاقامت بينة على ارخاء الستر فالاقرب ثبوت اللعان.
مسألة 669 : لا فرق في مشروعية اللعان لنفي الولد بين كونه حملاً أو منفصلاً.
مسألة 670 : من المعلوم ان انتفاء الولد عن الزوج لا يلازم كونه ولد زنى لاحتمال كونه عن وطء شبهة أو غيره، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به وان جاز بل وجب عليه نفيه عن نفسه ـ على ما سبق ـ لكن لا يجوز له ان يرمي امه بالزنى وينسب ولدها الى الزنى ما لم يتيقن ذلك.
مسألة 671 : إذا أقر بالولد لم يسمع انكاره له بعد ذلك سواء أكان اقراره بالصريح أو بالكناية مثل ان يبشر به ويقال له: (بارك الله لك في مولودك) فيقول: (امين) أو (ان شاء الله تعالى) بل قيل: انه إذا كان الزوج حاضراً وقت الولادة ولم ينكر الولد مع انتفاء العذر لم يكن له انكاره بعد ذلك، ولكنه محل اشكال بل منع.
مسألة 672 : لا يقع اللعان إلاّ عند الحاكم الشرعي وفي وقوعه عند
( 216 )
المنصوب من قبله لذلك اشكال، وصورة اللعان ان يبدأ الرجل ويقول بعد قذفها أو نفي ولدها: (اشهد بالله اني لمن الصادقين فيما قلت من قذفها أو نفي ولدها) يقول ذلك اربع مرات، ثم يقول مرة واحدة: (لعنة الله عليّ أن كنت من الكاذبين) ثم تقول المرأة بعد ذلك أربع مرات: (اشهد بالله انه لمن الكاذبين في مقالته من الرمي بالزنا أو نفي الولد) ثم تقول مرة واحدة: (أن غضب الله عليّ ان كان من الصادقين).
مسألة 673 : يجب ان تكون الشهادة واللعن بالالفاظ المذكورة، فلو قال أو قالت: (أحلف) أو (أُقسم) أو (شهدت) أو (انا شاهد) أو أبدلا لفظ الجلالة بـ(الرحمن) أو بـ (خالق البشر) أو بـ (صانع الموجودات) أو قال الرجل: (اني صادق) أو (لصادق) أو (من الصادقين) من غير ذكر اللام، أو قالت المرأة: (إنه لكذاب) أو (كاذب) أو (من الكاذبين) لم يقع، وكذا لو ابدل الرجل اللعنة بالغضب والمرأة بالعكس.
مسألة 674 : يجب أن تكون المرأة معينة، وان يبدأ الرجل بشهادته، وأن تكون البدأة في الرجل بالشهادة ثم باللعن وفي المرأة بالشهادة ثم بالغضب.
مسألة 675 : يجب أن يكون اتيان كل منهما باللعان بعد طلب الحاكم منه ذلك، فلو بادر قبل ان يأمر الحاكم به لم يقع.
مسألة 676 : الاحوط ان يكون النطق بالعربية مع القدرة عليها، ويجوز بغيرها مع التعذر.
مسألة 677 : يجب ان يكونا قائمين عند التلفظ بالفاظهما الخمسة، وهل يعتبر أن يكونا قائمين معاً عند تلفظ كل منهما أو يكفي قيام كل منهما
( 217 )
عند تلفظه بما يخصه؟ وجهان ولا تترك مراعاة الاحتياط.
مسألة 678 : يستحب ان يجلس الحاكم مستدبر القبلة ويقف الرجل على يمينه وتقف المرأة على يساره، ويحضر من يستمع اللعان، ويعظهما الحاكم قبل اللعن والغضب.
مسألة 679 : إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتب عليه احكام اربعة:
1 ـ انفساخ عقد النكاح والفرقة بينهما
2 ـ الحرمة الابدية، فلا تحل له ابداً ولو بعقد جديد، وهذان الحكمان ثابتان في مطلق اللعان سواء أكان للقذف أم لنفي الولد.
3 ـ سقوط حدّ القذف عن الزوج بلعانه وسقوط حد الزناء عن الزوجة بلعانها، فلو قذفها ثم لاعن ونكلت هي عن اللعان تخلص الرجل عن حدّ القذف وتحدّ المرأة حد الزانية؛ لان لعان الزوج بمنزلة البينة على زناء الزوجة.
4 ـ انتفاء الولد عن الرجل دون المرأة ان تلاعنا لنفيه، بمعنى انه لو نفاه وادعت كونه له فتلاعنا لم يكن توارث بين الرجل والولد، فلا يرث احدهما الاخر، وكذا لا توارث بين الولد وكل من انتسب اليه بالابوة كالجد والجدة والاخ والاخت للاب وكذا الاعمام والعمات بخلاف الام ومن انتسب اليه بها حتى ان الاخوة للاب والام بحكم الاخوة للام.
مسألة 680 : إذا قذف امرأته بالزنى ولاعنها ثم كذب نفسه بعد اللعان لم يحدّ للقذف ولم يزل التحريم، ولو كذّب في اثنائه يحدّ ولا تثبت احكام اللعان، ولو اعترفت المرأة بعد اللعان بالزنى أربعاً ففي الحد تردد والاظهر العدم.

( 218 )
مسألة 681 : إذا كذب نفسه بعد ما لاعن لنفي الولد لحق به الولد فيما عليه من الاحكام لا فيما له منها، فيرثه الولد ولا يرثه الاب ولا من يتقرب به وسيأتي تفصيل ذلك في كتاب الميراث ان شاء الله تعالى.


( 219 )


كِتابُ الاَيمان وَالنُّذوُر والعُهُود




( 220 )


( 221 )


وفيه فصول:

الفصل الاَول
في الاَيمان
مسألة 682 : اليمين ـ ويطلق عليها الحلف والقسم أيضاً ـ على ثلاثة أنواع:
الاَول: ما يقع تأكيداً وتحقيقاً للاخبار عن تحقق امرٍأو عدم تحققه في الماضي أو الحال أو الاستقبال، كما يقال: (والله جاء زيد بالامس) أو (والله هذا مالي) أو (والله يأتي عمرو غداً).
الثاني: ما يقرن به الطلب والسؤال ويقصد به حث المسؤول على انجاح المقصود ويسمى: (يمين المناشدة) كقول السائل: (اسألك بالله ان تعطيني ديناراً).
ويقال للقائل: (الحالِف) و(المُقسِم) وللمسؤول: (المحلوف عليه) و(المُقسَم عليه).
الثالث: ما يقع تأكيداً وتحقيقاً لما بنى عليه والتزم به من ايقاع امر أو تركه في المستقبل، ويسمى: (يمين العقد) كقوله: (والله لاَصومنَّ غداً) أو (والله لاَتركنّ التدخين).
مسألة 683 : تنقسم اليمين من النوع الاَول المتقدم إلى قسمين:
( 222 )
صادقة وكاذبة، والايمان الصادقة كلها مكروهة بحد ذاتها سواء أكانت على الماضي أو الحال أو المستقبل، واما الايمان الكاذبة فهي محرمة ـ بل قد تعتبر من المعاصي الكبيرة كاليمين الغموس، وهي: اليمين الكاذبة في مقام فصل الدعوى ـ ويستثنى منها اليمين الكاذبة التي يقصد بها الشخص دفع الظلم عنه أو عن سائر المؤمنين، بل قد تجب فيما إذا كان الظالم يهدد نفسه أو عرضه أو نفس مؤمن آخر أو عرضه، ولكن إذا كان ملتفتاً إلى امكان التورية وكان عارفاً بها ومتيسرة له فالاحوط وجوباً ان يوري في كلامه بان يقصد بالكلام معنى غير معناه الظاهر بدون قرينة موضحة لقصده، فمثلاً إذا حاول الظالم الاعتداء على مؤمن فسأله عن مكانه واين هو؟ يقول (ما رايته) فيما اذا كان قد رآه قبل ساعة ويقصد به انه لم يره منذ دقائق.
مسألة 684 : اليمين من النوع الاَول المتقدم لا يترتب عليها أثر سوى الاثم فيما إذا كان الحالف كاذباً في اخباره عن تعمّد أو أخبر من دون علم، نعم ما تفصل بها الدعاوى والمرافعات لها احكام خاصة وتترتب عليها آثار معينة كعدم جواز المقاصة وقد مرت الاشارة إليه في المسألة (886 ج2).
مسألة 685 : الظاهر جوازاليمين بغير الله تعالى من الذوات المقدسة والاشياء المحترمة فيما إذا كان الحالف صادقاً فيما يخبر عنه، ولكن لا يترتب عليها أثر اصلاً ولا تكون قسماً فاصلاً في الدعاوى والمرافعات.
مسألة 686 : لا تنعقد اليمين من النوع الثاني المتقدم، ولا يترتب عليها شيء من اثم ولا كفارة لا على الحالف في احلافه ولا على المحلوف عليه في حنثه وعدم انجاح مسؤوله.
واما اليمين من النوع الثالث فهي التي تنعقد عند اجتماع الشروط
( 223 )
الاتية ويجب برّها والوفاء بها ويحرم حنثها وتترتب على حنثها الكفارة، وهي موضوع المسائل الآتية.
مسألة 687 : لا تنعقد اليمين إلاّ باللفظ أو ما هو بمثابته كالاشارة بالنسبة إلى الاخرس، والاظهر كفاية الكتابة للعاجز عن التكلم، بل لا يترك الاحتياط في غيره، ولا يعتبر فيها العربية لا سيما في متعلقاتها.
مسألة 688 : لا تنعقد اليمين إلاّ إذا كان المقسم به هو الله تعالى دون غيره مطلقاً، وذلك يحصل باحد أُمور:
1 ـ ذكر اسمه المختص به كلفظ الجلالة، ويلحق به ما لا يطلق على غيره كالرحمن.
2 ـ ذكره باوصافه وافعاله المختصة التي لا يشاركه فيها غيره كمقلب القلوب والابصار، والذي نفسي بيده، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، واشباه ذلك.
3 ـ ذكره بالاوصاف والافعال التي يغلب اطلاقها عليه بنحو ينصرف اليه تعالى وان شاركه فيها غيره، كالربّ والخالق والبارىَ والرازق وامثال ذلك، بل لا يبعد ذلك فيما لا ينصرف اليه في نفسه ولكن ينصرف اليه في مقام الحلف كالحي والسميع والبصير.
مسألة 689 : المعتبر في انعقاد اليمين ان يكون المحلوف به ذات الله تبارك وتعالى دون صفاته وما يلحق بها، فلو قال: (وحق الله، أو بجلال الله، أو وعظمة الله، أو بكبرياء الله، أو وقدرة الله، أو وعلم الله، أو لعمر الله) لم تنعقد إلاّ إذا قصد ذاته المقدسة.
مسألة 690 : لا يعتبر في انعقاد اليمين ان يكون انشاء القسم بحروفه
( 224 )
بان يقول: (والله أو تالله لافعلَّن كذا) بل لو انشأه بصيغتي القسم والحلف كقوله: (اقسمت بالله أو حلفت بالله) انعقدت أيضاً، نعم لا يكفي لفظا (اقسمتُ) و(حلفتُ) بدون لفظ الجلالة أو ما هو بمنزلته.
مسألة 691 : يجوز الحلف بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والائمة عليهم السلام وسائر النفوس المقدسة وبالقرآن الشريف والكعبة المعظمة وسائر الامكنة المحترمة ولكن لا تنعقد اليمين بالحلف بها ولا يترتب على مخالفتها اثم ولا كفارة.
مسألة 692 : لا تنعقد اليمين بالبراءة من الله تعالى أو من رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أو من دينه أو من الاَئمة عليهم السلام بان يقول مثلاً: (برئت من الله، أو من دين الاسلام ان فعلت كذا، أو ان لم افعل كذا) فلا تؤثر في ترتب الاثم على حنثها، نعم هذه اليمين بنفسها حرام ويأثم حالفها من غير فرق بين ان يحنثها وعدمه، والاظهر ثبوت الكفارة في حنثها وهي اطعام عشرة مساكين لكل مسكين مـدّ.
ومثل يمين البراءة في عدم الانعقاد أن يقول: (ان لم افعل كذا، أو ان لم اترك كذا فانا يهودي أو نصراني مثلاً) ولكن لا ينبغي صدورها من المسلم.
مسألة 693 : لو علَّق اليمين على مشيئة الله تعالى بان قال: (والله لافعلن كذا ان شاء الله) وكان مقصوده التعليق على مشيئته تعالى لا مجرد التبرك بهذه الكلمة لم تنعقد حتى فيما إذا كان المحلوف عليه فعل واجب أو ترك حرام إلاّ إذا قصد التعليق على مشيئته التشريعية، ولو علق يمينه على مشيئة غير الله عزّ وجلّ بان قال: (والله لافعلن كذا ان شاء زيد مثلاً) انعقدت على تقدير مشيئته، فان قال زيد: (انا شئت ان تفعل كذا) انعقدت
( 225 )
وتحقق الحنث بتركه، وان قال: (لم أشأ) لم تنعقد، ولو لم يعلم أنه شاء أو لم يشأ لم يترتب عليها أثر ايضاً، وهكذا الحال لو علق على شيء آخر غير المشيئة فانه تنعقد على تقدير حصول المعلق عليه فيحنث لو لم يأت بالمحلوف عليه على ذلك التقدير.
مسألة 694 : يعتبر في انعقاد اليمين ان يكون الحالف بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً غير محجور عن التصرف في متعلق اليمين، فلا تنعقد يمين الصغير والمجنون ولو ادوارياً إذا حلف حال جنونه، ولا يمين المكره والسكران ومن اشتد به الغضب حتى سلبه قصده أو اختياره، ولا يمين المفلّس إذا تعلقت بما تعلق به حق الغرماء من امواله، ولا يمين السفيه سواء تعلقت بعين خارجية ام بما في ذمته، ولا يعتبر في الحالف ان يكون مسلماً فتصح يمين الكافر على الاظهر.
مسألة 695 : لا تنعقد يمين الولد مع منع الوالد، ولا يمين الزوجة مع منع الزوج، حتى فيما إذا كان المحلوف عليه فعل واجب أو ترك حرام على الاقرب، فلا حنث ولا كفارة عليهما في صورة مخالفتها بترك الواجب أو فعل الحرام وان ترتبت عليهما آثارهما من الاثم وغيره. ولو حلف الولد من دون اذن الاب، أو حلفت الزوجة من دون اذن زوجها، كان للاب والزوج حلّ يمنيهما فلا حنث ولا كفارة عليهما، وهل يعتبر اذنهما ورضاهما في انعقاد يمينهما ـ حتى انه لو لم يطلّعا على حلفهما أو لم يحلا مع علمهما لم تنعقد من اصلها ـ أو لا، بل يكون منعهما مانعاً عن انعقادها وحلّهما رافعاً لاستمرارها، فتصح وتنعقد في الصورتين المذكورتين؟ قولان اقواهما الثاني.

( 226 )
مسألة 696 : تنعقد اليمين فيما إذا كان متعلقها واجباً أو مستحباً أو ترك حرام أو مكروه، ولا تنعقد فيما إذا كان متعلقها ترك واجب او مستحب أو فعل حرام أو مكروه، واما إذا كان متعلقها مباحاً متساوي الطرفين في نظر الشرع فان ترجح فعله على تركه أو العكس بحسب المنافع والاغراض العقلائية الدنيوية فلا اشكال في انعقادها فيما إذا تعلقت بطرفه الراجح وعدم انعقادها فيما إذا تعلقت بطرفه المرجوح، واما إذا تساوى طرفاه بحسب الاغراض الدنيوية للعقلاء أيضاً فهل تنعقد إذا تعلقت به فعلاً أو تركاً أم لا؟ قولان اقربهما الثاني إلاّ إذا كان متعلقها مشتملاً على مصلحة دنيوية شخصية فانه لا يبعد انعقادها حينئذٍ.
مسألة 697 : كما لا تنعقد اليمين فيما إذا كان متعلقها مرجوحاً شرعاً كذلك تنحل فيما إذا تعلقت براجح ثم صار مرجوحاً، كما لو حلف على ترك التدخين إلى آخر عمره فضرّه تركه بعد حين فانه تنحل يمينه حينئذٍ، ولو عاد إلى الرجحان لم تعد اليمين بعد انحلالها على الاقوى.
مسألة 698 : يعتبر في متعلق اليمين أن يكون مقدوراً للحالف في ظرفه وان لم يكن مقدوراً له حين انشائها، فلو حلف على أمر يعجز عن انجازه فعلاً ولكنه قادر عليه في الظرف المقرر له صح حلفه، ولو حلف على أمر مقدور له في ظرفه ولكنه أخر الوفاء به إلى ان تجدد له العجز عنه ـ لا عن تعجيز ـ مستمراً إلى انقضاء الوقت المحلوف عليه، أو إلى الابد ان لم يكن له وقت، فان كان معذوراً في تأخيره ـ كما لو اعتقد تمكنه منه لاحقاً أو قامت عنده حجة على ذلك ـ انحلت يمينه ولا اثم عليه ولا كفارة، وإلاّ لحقه الاثم وثبتت عليه الكفارة، ويلحق بالعجز فيما ذكر الحرج والعسر
( 227 )
الرافعان للتكليف.
مسألة 699 : إذا انعقدت اليمين وجب عليه الوفاء بها وحرمت عليه مخالفتها ووجبت الكفارة بحنثها، والحنث الموجب للكفارة هي المخالفة عمداً فلو كانت نسياناً أو اضطراراً أو اكراهاً أو عن جهل يعذر فيه فلا حنث ولا كفارة، ولا فرق في الجهل عن عذر بين ان يكون في الموضوع أو في الحكم كما لو اعتقد اجتهاداً أو تقليداً عدم انعقاد اليمين في بعض الموارد المختلف فيها ثمّ تبين له ـ بعد المخالفة ـ انعقادها.
مسألة 700 : إذا كان متعلق اليمين الفعل ـ كالصلاة والصوم ـ فان عيّن له وقتاً تعين، وكان الوفاء بها بالاتيان به في وقته، وحنثها بعدم الاتيان به في وقته وان أتى به في وقت آخر، ونظير ذلك ما إذا كانت الازمنة المتأخرة جداً خارجة عن محطّ نظره حين الحلف فانه لا يجوز له التأخير في الاتيان به إلى حينها وإلاّ كان حانثاً، وان اطلق كان الوفاء بها بايجاده في أيّ وقت كان ولو مرة وحنثها بتركه بالمرة، ولا يجب التكرار ولا الفور والبدار بل يجوز له التأخير ولو بالاختيار ولكن لا إلى حدّ يعدّ توانياً وتسامحاً في اداء الواجب، وان كان متعلق يمينه الترك ـ كما إذا حلف ان لا يأكل الثوم أو لا يدخن ـ فان قيّده بزمان كان حنثها بايجاده ولو مرة في ذلك الزمان، وان أطلق كان مقتضاه التأبيد مدة العمر، فلو اتى به في مدة عمره ولو مرة في أيّ زمان كان تحقق الحنث، ولو اتى به اكثر من مرة لم يحنث إلاّ بالمرة الاولى فلا تتكرر عليه الكفارة.
مسألة 701 : إذا كان المحلوف عليه صوم كل يوم من شهر رجب مثلاً أو ترك التدخين في كل نهار منه فان قصد تعدّد الالتزام والملتزم به
( 228 )
بعدد الايام تعدّد الوفاء والحنث بعددها وإلاّ ـ بان صدر منه التزام واحد متعلق بالمجموع ـ لم يكن له إلاّ وفاء أو حنث واحد، فلو ترك الصوم في بعض الايام أو استعمل الدخان فيه تحقق الحنث وثبتت الكفارة، ولا حنث ولا كفارة بعده وان ترك الصوم أو استعمل الدخان في سائر الايام، ولو تردد فيما قصده حين الحلف جرى عليه حكم الصورة الثانية على الاقوى، ومثله ما إذا حلف ان يصوم كل خميس أو حلف ان لا يأكل الثوم في كل جمعة.
مسألة 702 : كفارة حنث اليمين عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فان عجز فصيام ثلاثة أيام متواليات، وستأتي احكامها في كتاب الكفارات ان شاء الله تعالى.