الفصل الثاني

في النذور

مسألة 703 : النذر هو ان يجعل الشخص لله على ذمته فعل شيء أو تركه.
مسألة 704 : لا ينعقد النذر بمجرد النية بل لا بُدّ فيه من الصيغة، ويعتبر في صيغة النذر اشتمالها على لفظ (لله) أو ما يشابهه ما مرّ في اليمين كأن يقول الناذر: (للهِ عليَّ أن آتي بنافلةَ الليلِ) أو (للرحمن عليَّ ان أدعَ التعرضَ للمؤمنينَ بسوء)، وله ان يؤدي هذا المعنى بأية لغة اُخرى غير العربية حتى لمن يحسنها على الاظهر، ولو اقتصر على قوله (عليّ كذا) لم ينعقد وان نوى في ضميره معنى (لله)، ولو قال: (نذرت لله ان اصوم) مثلاً أو (لله عليّ نذر صوم) مثلاً ففي انعقاده اشكال فلا تترك مراعاة الاحتياط فيه.
مسألة 705 : يعتبر في الناذر البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم الحجر عن التصرف في متعلق النذر. فيلغو نذر الصبي وان كان مميزاً، وكذلك نذر المجنون ـ ولو كان ادوارياً ـ حال جنونه، والمكره والسكران ومن اشتد به الغضب إلى ان سلبه القصد أو الاختيار، والمفلس إذا تعلق نذره بما تعلق به حق الغرماء من امواله، والسفيه سواء تعلق نذره بعين خارجية أم بما في ذمته.
مسألة 706 : لا يصح نذر الزوجة بدون اذن زوجها أو اجازته فيما ينافي حقه في الاستمتاع منها، وفي صحة نذرها في مالها من دون اذنه
( 230 )
واجازته ـ في غير الحج والزكاة والصدقة وبّر والديها وصلة رحمها ـ اشكال، هذا فيما إذا كان النذر في حال زوجيتها له، واما إذا كان قبلها فهل هو كذلك أم لا يعتبر اذنه في مثله فيلزمها العمل به وان كره الزوج؟ وجهان اقربهما الاَوّل.
مسألة 707 : اذا اذن لها الزوج في النذر ـ فيما يعتبر اذنه ـ فنذرت عن اذنه انعقد، ولم يكن له حلّه بعد ذلك ولا المنع عن الوفاء به.
مسألة 708 : يصح نذر الولد سواء أذن له الوالد فيه أم لا، ولكن اذا نهاه احد ابويه عما تعلق به النذر فلم يعد بسببه راجحاً في حقه انحل نذره ولم يلزمه الوفاء به، كما لا ينعقد مع سبق توجيه النهي اليه على هذا النحو.
مسألة 709 : النذر على قسمين: مطلق ومعلَّق، والمطلق ما لم يكن معلقاً على شيء، ويسمى بـ (نذر التبرع) كقوله: (لله عليّ ان اصوم غداً)، والاظهر انعقاده ولزوم الوفاء به، والمعلَّق ـ ولا اشكال في انعقاده ـ على قسمين:
القسم الاَوّل: نذر بر، وهو فيما اذا كان المعلق عليه امراً وجودياً أو عدمياً مرغوباً فيه للناذر، سواء أكان من فعله ام من فعل غيره، ويعتبر ان يكون مما يحسن به تمنيه ويسوغ له طلبه من الله تعالى.
فلا يصح النذر براً فيما لو علقه على فعل حرام أو مكروه، أو ترك واجب أو مستحب منه أو من غيره، كأن يقول: (ان تجاهر الناس بالمعاصي أو شاع بينهم المنكرات فللّه عليّ ان اصوم غداً)، والظاهر انه لا يعتبر فيما اذا كان المعلَّق عليه فعل نفسه ان يكون طاعة لله ـ من فعل واجب أو مستحب أو ترك حرام أو مكروه، أو انقياداً له: بفعل ما يحتمل
( 231 )
محبوبيته، أو ترك ما يحتمل مبغوضيته ـ بل يجوز ان يكون مباحاً، له فيه منفعة دنيوية كأن يقول: (ان تركت التدخين سنة فللّه عليّ ان اتصدق بمائة دينار).
ويقع نذر البر على نحوين:
1 ـ نذر شكر لله تعالى على ايجاده للمعلَّق عليه، أو توفيقه الغير على ايجاده، ومن الاَوّل قوله: (ان شفى الله مريضي أو ان أعاد مسافري سالماً فللّه عليّ ان اصوم شهراً) ومن الثاني قوله: (ان وفّقت لزيارة الحسين عليه السلام يوم عرفة، أو ان وفّق ولدي في الامتحان، فللّه عليّ كذا).

2 ـ نذر بعث للغير نحو المعلَّق عليه، كأن يقول لولده: (ان حفظت القرآن الكريم فللّه عليّ ان ابذل لك نفقة حجك) أو يقول: (من ردّ عليّ مالي فللّه عليّ ان اهبه نصفه).
القسم الثانى: نذر زجر، وهو فيما اذا كان المعلق عليه ـ فعلاً كان أو تركاًـ امراً مرغوباً عنه للناذر، سواء أكان من فعله أم من فعل غيره، ويعتبر ان يكون مما يحسن به تمني عدمه ويسوغ له طلب عدم تحققه من الله تعالى، واذا كان النذر لزجر نفس الناذر اعتبر ان يكون متعلقه أمراً شاقاً عليه، واذا كان لزجر غيره اعتبر ان يكون امراً مبغوضاً لذلك الغير، ومثال الاَوّل ان يقول: (ان تعمدت الكذب أو ان تعمدت الضحك في المقابر فللّه عليّ ان اصوم شهراً)، ومثال الثاني ان يقول لوارثه: (ان تركت الصلاة فللّه عليّ ان اتصدق بجميع مالي، أو اُوصي بثلث تركتي للفقراء).
مسألة 710 : اذا كان المعلَّق عليه فعلاً اختيارياً للناذر فالنذر قابل لان يكون نذر شكر وان يكون نذر زجر، والمايز هو القصد، مثلاً اذا قال: (ان
( 232 )
شربت الخمر فللّه عليّ كذا) ان كان في مقام زجر النفس وصرفها عن الشرب فأوجب على نفسه شيئاً على تقدير شربه ليكون زاجراً لها عنه فهو نذر زجر فينعقد، وان كان في مقام تنشيط النفس وترغيبها فجعل المنذور جزاءً لصدوره منه وتهيؤ اسبابه له كان نذر شكر فلا ينعقد.
مسألة 711 : يعتبر في متعلَّق النذر من الفعل أو الترك ان يكون مقدوراً للناذر في ظرفه، فلو كان عاجزاً عنه في وقته ان كان موقتاً ومطلقاً ان كان مطلقاً لم ينعقد نذره، وإذا طرأ العجز عنه في الاثناء انحلّ ولا شيء عليه، نعم لو نذر صوم يوم أو ايام فعجز عن الصوم فالاحوط وجوباً ان يتصدق عن كل يوم بمدّ على مسكين أو يدفع له مدين ليصوم عنه.
مسألة 712 : يعتبر في متعلَّق النذر ان يكون راجحاً شرعاً حين العمل، بان يكون طاعة لله تعالى من صلاة أو صوم أو حج أو صدقة أو نحوها مما يعتبر في صحتها قصد القربة، أو أمراً ندب اليه الشرع ويصّح التقرب به إلى الله تعالى كزيارة المؤمنين وتشييع جنائزهم وعيادة المرضى وغيرها، فينعقد النذر في كل واجب أو مندوب ـ ولو كان كفائياً ـ اذا تعلق بفعله، وفي كل حرام أو مكروه اذا تعلق بتركه.
واما المباح ـ كما اذا نذر اكل طعام او تركه ـ فان قصد به معنى راجحاً كما لو قصد بأكله التقوّي على العبادة أو بتركه منع النفس عن الشهوة انعقد نذره وإلاّ لم ينعقد على الاظهر.
مسألة 713 : اذا كان متعلق النذر راجحاً في ظرف الاتيان به ولم يكن يعلم به الناذر حين النذر، أو نذر الاتيان بمباح من دون ان يقصد به معنى راجحاً ثم طرأ عليه الرجحان حين العمل فهل ينعقد نذره ويلزمه الوفاء به؟
( 233 )
فيه اشكال ولا يبعد عدم انعقاده.
مسألة 714 : كما لا ينعقد النذر فيما اذا لم يكن متعلقه راجحاً شرعاً كذلك لا ينعقد فيما اذا زال رجحانه لبعض الطوارىَ، فلو نذر صيام شهر معين ثم ضرّه الصوم فيه بعد حين، أو نذر ترك التدخين لتتحسن صحته ويقوى على خدمة الدين ثم ضرّه تركه انحل النذر ولا شيء عليه.
مسألة 715 : لو نذر الاتيان بالصلاة أو الصوم أو الصدقة أو أيّ عمل راجح آخر مقيداً بخصوصية معينة زمانية أو مكانية أو غيرهما، فان كانت راجحة بصورة أولية كما لو نذر الصلاة في مسجد الكوفة أو الصوم في يوم الجمعة، أو بصورة ثانوية طارئة مع كونها ملحوظة حين النذر، كما إذا نذر الصلاة في مكان هو افرغ للعبادة وابعد عن الرياء بالنسبة اليه، فلا اشكال في انعقاد نذره وتعيّن الاتيان بالمنذور بالخصوصية المعيّنة، فلو أتى به فاقداً لها لم يكن موفياً بنذره.
واما اذا كانت الخصوصية خالية عن الرجحان ففي انعقاد نذره وجهان اقواهما الانعقاد، نعم اذا كان منذوره تعيين تلك الخصوصية لاداء ذلك العمل الراجح لا نفس ذلك العمل مقيداً بها لم ينعقد النذر؛ لعدم الرجحان في متعلقه.
مسألة 716 : لو نذر صوماً ولم يعين العدد كفى صوم يوم، ولو نذر صلاة ولم يعيّن الكيفية والكمية تجزىَ ركعتان، بل تجزىَ مفردة الوتر على الاقوى، ولو نذر صدقة ولم يعين جنسها ومقدارها كفى كل ما يطلق عليه اسم الصدقة، ولو نذر فعل طاعة أتى بعمل قربي ويكفي صيام يوم أو التصدق بشيء أو صلاة ولو ركعة الوتر من صلاة الليل وغير ذلك.

( 234 )
مسألة 717 : لو نذر صوم عشرة أيام مثلاً فان قيد بالتتابع أو التفريق تعين وإلاّ تخيّر بينهما، وكذا لو نذر صيام سنة فانه يكفيه ـ مع الاطلاق ـ صيام اثني عشر شهراً ولو متفرقاً، وهكذا الحال لو نذر صيام شهر فانه يجزئه ـ مع الاطلاق ـ صوم ثلاثين يوماً ولو متفرقاً، ولا يلزمه التتابع بينها إلاّ اذا كان مقصوداً له حين النذر على وجه التقييد.
مسألة 718 : لو نذر صوم شهر اجزأه صوم ما بين الهلالين من شهر ولو كان ناقصاً، ولو شرع فيه في اثناء الشهر فنقص فهل يجزئه اتباعه من الشهر اللاحق بمقدار ما مضى من الشهر الاَوّل ام يلزمه اكماله ثلاثين يوماً؟ وجهان، احوطهما الثاني بل لا يخلو من قوة.
مسألة 719 : اذا نذر صيام سنة معينة استثني منها العيدان، فيفطر فيهما ولا قضاء عليه، وكذا يفطر في الايام التي يعرض فيها ما لا يجوز معه الصيام من مرض أو حيض أو نفاس أو سفر لكن يجب القضاء على الاقوى.
مسألة 720 : لو نذر صوم كل خميس مثلاً فصادف بعضها احد العيدين أو احد العوارض المبيحة للافطار من مرض أو حيض أو نفاس أو سفر افطر، ويجب عليه القضاء حتى في الاَوّل على الاقوى.
مسألة 721 : لو نذر صوم يوم معين فافطر عمداً يجب قضاؤه مع الكفارة.
مسألة 722 : اذا نذر صوم يوم معين جاز له السفر وان كان غير ضروري ويفطر ثم يقضيه ولا كفارة عليه، وكذلك اذا جاء اليوم وهو مسافر لا يجب عليه الاقامة بل يجوز له الافطار والقضاء.

( 235 )
مسألة 723 : لو نذر زيارة احد الاَئمة عليهم السلام أو بعض الصالحين لزم،، ويكفي الحضور والسلام على المزور، والظاهر عدم وجوب غسل الزيارة وصلاتها مع الاطلاق وعدم ذكرهما في النذر، وان عيّن اماماً لم يُجزِ زيارة غيره وان كان زيارته افضل، كما انه اذا عجز عن زيارة من عيّنه لم يجب زيارة غيره بدلاً عنه، وان عيّن للزيارة زماناً تعين فلو تركها في وقتها عامداً حنث وتجب الكفارة، وهل يجب معها القضاء أم لا؟ وجهان اقواهما العدم.
مسألة 724 : لو نذر ان يحج أو يزور الحسين عليه السلام ماشياً انعقد مع القدرة وعدم الضرر، فلو حج أو زار راكباً مع القدرة على المشي فان كان النذر مطلقاً ولم يعين الوقت اعاده ماشياً، وان عين وقتاً وفات الوقت حنث بلا اشكال ولزمته الكفارة، وهل يجب مع ذلك القضاء ماشياً أم لا؟ وجهان اقواهما العدم، وكذلك الحال لو ركب في بعض الطريق ومشى في البعض.
مسألة 725 : ليس لمن نذر الحج أو الزيارة ماشياً ان يركب البحر أو يسلك طريقاً يحتاج الى ركوب السفينة ونحوها ولو لاجل العبور من النهر ونحوه إلاّ اذا كان الطريق المتعارف برّاً منحصراً فيما يتوقف على ذلك، ولو انحصر الطريق في البحر فان كان النذر موقتاً لم ينعقد من الاَوّل وان كان مطلقاً وتوقع فتح الطريق البري فيما بعد انتظر وإلاّ فلا شيء عليه، نعم اذا كان المشي ملحوظاً في نذره على نحو تعدد المطلوب لزمه ـ في الصورتين ـ الاتيان بالحج أو الزيارة راكباً بعد تعذر المشي.
مسألة 726 : لو طرأ لناذر المشي العجز عنه في بعض الطريق دون البعض فالاحوط وجوباً ان يمشي مقدار ما يستطيع ويركب في البعض
( 236 )
الاخر ولا شيء عليه على الاقوى، ولو اضطر الى ركوب السفينة فالاحوط الاولى ان يقوم فيها بقدر الامكان.
مسألة 727 : اذا نذر التصدق بعين شخصية تعيّنت ولا يجوز له اتلافها ولا تبديلها بعين اُخرى، ولو تلفت انحّل النذر ولا شيء عليه، نعم اذا كان ذلك باتلافه مع الالتفات الى نذره عُدّ حانثاً فتلزمه الكفارة ولا يضمن العين على الاقوى، هذا اذا كان النذر مطلقاً ومثله ما اذا كان معلقاً وتحقق المعلَّق عليه، واما قبل تحققه فيجوز له التصرف في العين المنذورة التصدق بالاتلاف والنقل الى الغير ما لم يعلم بتحقق المعلَّق عليه لاحقاً ولم يكن نذره مشتملاً على الالتزام بابقاء العين الى أن يتبين له عدم تحققه، واما في هاتين الصورتين فلا يجوز له التصرف فيها ايضاً.
مسألة 728 : اذا نذر التصدق على شخص معين لزم ولا يملك المنذور له الابراء منه، فلا يسقط عن الناذر بابرائه، وهل يلزم المنذور القبـول؟ الظاهر لا، فيبطل النذر بعدم قبوله، ولو امتنع ثم رجع الى القبول وجب التصدق عليه اذا كان النذر مطلقاً أو موقتاً ولم يخرج وقته وكان لمتعلقه اطلاق يشمل صورة قبوله بعد الامتناع، واما لو كان مقيّداً ـ ولو ارتكازاً ـ بغير هذه الصورة فينحل النذر بامتناعه أوّلاً.
مسألة 729 : اذا نذر التصدق بمقدار معين من ماله ومات قبل الوفاء به فالظاهر انه لا يُخرج من اصل تركته، إلاّ ان الاحوط استحباباً لكبار الورثة اخراج ذلك المقدار من حصصهم والتصدق به من قبله.
واذا نذر التصدق على شخص معين فمات المنذور له قبل الوفاء بالنذر ففي قيام وارثه مقامه في وجوب التصدق عليه اشكال بل منع.

( 237 )
مسألة 730 : لا اشكال في صحة نذر التصدق على نحو نذر الفعل، واما صحته على نحو نذر النتيجة بان ينذر ان يكون ماله المعين صدقة على فلان فمحل اشكال بل لا يبعد بطلانه.
مسألة 731 : لو نذر مبلغاً من النقود لمشهد من المشاهد المشرفة صرفه في مصالحه كعمارته وفراشه وتهيئة وسائل تبريده وتدفئته وانارته واجور خدمه والقائمين على حفظه وصيانته وما الى ذلك من شؤونه، واذا لم يتيسر صرفه فيما ذكر واشباهه أو كان المشهد مستغنياً من جميع الوجوه صرفه في معونة زواره ممن قصرت نفقتهم أو قطع بهم الطريق أو تعرضوا لطارىَ آخر، وهكذا الحال لو نذر متاعاً للمشهد فكان مستغنياً عن عينه أو لم يمكن الاستفادة منه فيه فانه يبيعه ويصرف ثمنه في مصالحه ان امكن وإلاّ ففي معونة زوّاره على النحو الآنف الذكر.
مسألة 732 : لو نذر شيئاً للكعبة المعظمة فان امكن صرف عينه في مصالحها ـ كالطيب ـ فهو وإلاّ باعه وصرف قيمته فيها، وان لم يمكن ذلك ايضاً ـ ولو لاستغنائها من جميع الوجوه ـ صرفه عيناً أو قيمة في معونة زوارها على النهج المتقدم في المسألة السابقة.
مسألة 733 : لو نذر مالاً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو لبعض الائمة عليهم السلام أو لبعض اعاظم الماضين من العلماء والصالحين واضرابهم صرفه في جهة راجعة الى المنذور له كتأمين نفقة المحتاجين من زواره أو على مشهده الشريف أو على ما فيه احياء ذكره واعلاء شأنه كاقامة المجالس المعدّة لنشر علومه ومواعظه ومحاسن كلامه وذكر فضائله ونحو ذلك، هذا اذا لم يكن من قصد الناذر جهة خاصة ومصرف معيّن وإلاّ اقتصر عليها.

( 238 )
مسألة 734 : لو نذر شاة للصدقة أو لاَحد الاَئمة عليهم السلام أو لمشهد من المشاهد فنمت نمواً متصلاً كالسمن كان النماء تابعاً لها في اختصاصها بالجهة المنذور لها، واذا نمت نمواً منفصلاً كما اذا ولدت شاة اُخرى أو حصل فيها لبن فالنماء للناذر إلاّ اذا كان قاصداً للتعميم حين انشاء النذر.
مسألة 735 : اذا نذر التصدق بجميع ما يملكه عيناً أو قيمة عندما يقضي الله له حاجة معينة فقضاها الله تبارك وتعالى ولكنه وجد مشقة شديدة في التصدق بجميع ماله فالاحوط وجوباً ان يتصدق بما يمكنه ويقوم الباقي بقيمة عادلة في ذمته قبل ان يتصرف فيه ثم يتصدق عما في ذمته شيئاً فشيئاً ويحسب منه ما يعطي الى الفقراء والمساكين وارحامه المحتاجين ويقيد ذلك في سجل الى ان يوفي التمام فان بقي منه شيء أوصى بان يؤدى من تركته .
مسألة 736 : اذا نذر صوم يوم اذا برىَ مريضه أو قدم مسافره مثلاً فبان برء المريض وقدوم المسافر قبل نذره لم يكن عليه شيء.
مسألة 737 : اذا تعلق نذره بايجاد عمل من صوم أو صلاة أو صدقة أو غيرها، فان عيّن له وقتاً تعيّن ويتحقق الحنث وتجب الكفارة بتركه فيه، فان كان صوماً وجب قضاؤه وكذا ان كان صلاة على الاحوط دون غيرها، وهكذا الحال فيما اذا كانت الازمنة المتأخرة جداً خارجة عن محطّ نظره حين النذر فانه لا يجوز له التأخير في الاتيان بالمنذور الى حينها والا كان حانثاً، واما ان كان النذر مطلقاً كان وقته العمر وجاز له التأخير الى حدّ لا يعدّ معه متوانياً ومتهاوناً في اداء الواجب ويتحقق الحنث بتركه مدة عمره.
هذا اذا كان المنذور فعل شيء، وان كان ترك شيء فان عيّن له وقتاً
( 239 )
كان حنثه بايجاده فيه، وان كان مطلقاً كان حنثه بايجاده في مدة عمره ولو مرة، فلو اتى به اكثر من مرة لم يحنث إلاّ بالمرة الاولى فلا تتكرر عليه الكفارة، كما مرّ نظيره في اليمين.
مسألة 738 : اذا نذر الاب أو الام تزويج بنتهما من هاشمي أو من غيره في أوان زواجها لم يكن لذاك النذر أثر بالنسبة اليها وعدّ كأن لم يكن.
مسألة 739 : انما يتحقق الحنث الموجب للكفارة بمخالفة النذر اختياراً، فلو اتى بشيء تعلق النذر بتركه نسياناً أو خطأً أو غفلة أو اكراهاً أو اضطراراً أو عن جهل يعذر فيه لم يترتب عليه شيء، بل الظاهر عدم انحلال النذر به فيجب الترك بعد ارتفاع العذر لو كان النذر مطلقاً أو موقتاً وقد بقي الوقت.
مسألة 740 : كفارة حنث النذر ككفارة اليمين على الاقوى، وهي عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فان عجز صام ثلاثة ايام متواليات.

( 240 )

الفصل الثالث
في العهـود
مسألة 741 : لا ينعقد العهد بمجرد النية بل يحتاج الى الصيغة على الاقوى فلا يجب العمل بالعهد القلبي وان كان ذلك احوط، وصيغة العهد ان يقول: (عاهدتُ الله، أو عليّ عهدُ اللهِ أنْ أفعل كذا، أو أتركَ كذا) اما مطلقاً أو معلقاً على أمر.
مسألة 742 : يعتبر في مُنشىَ العهد ان يكون بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً غير محجور عن التصرف في متعلق العهد على حذو ما تقدم اعتباره في النذر واليمين.
مسألة 743 : العهد المعلَّق كالنذر المعلَّق فيما يعتبر في المعلق عليه فتجري فيه التفاصيل المتقدمة في المسألة (709).
مسألة 744 : لا يعتبر في متعلَّق العهد ان يكون راجحاً شرعاً، كما مرّ اعتباره في متعلَّق النذر، بل يكفي ان لا يكون مرجوحاً شرعاً مع كونه راجحاً بحسب الاغراض الدنيوية العقلائية أو مشتملاً على مصلحة دنيوية شخصية، فلو عاهد الله تبارك وتعالى على فعل مباح له فيه مصلحة شخصية لزمه الوفاء بعهده إلاّ اذا صار مرجوحاً شرعاً أو زالت عنه المصلحة الشخصية لبعض الطوارىَ فانه ينحل عهده حينئذٍ ولا يلزمه الوفاء به.
مسألة 745 : اذا خالف عهده بعد انعقاده لزمته الكفارة وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكيناً.


( 240 )


( 241 )


كِتابُ الكفارات


( 242 )


( 243 )

وفيه فصلان:
الفصل الاَوّل
في اقسام الكفارات وموارد ثبوتها
مسألة 746 : الكفارات ـ عدا كفارات الاحرام ـ على خمسة أقسام:
القسم الاَوّل: الكفارة المرتبة، وهي في ثلاثة موارد:
1 ـ كفارة الظهار.
2 ـ كفارة قتل الخطأ.
ويجب فيهما: عتق رقبة، فان عجز فصيام شهرين متتابعين، فان عجز فاطعام ستين مسكيناً.
3 ـ كفارة من افطر يوماً من قضاء شهر رمضان بعد الزوال.
ويجب فيها اطعام عشرة مساكين، فان عجز فصيام ثلاثة ايام.
القسم الثاني: الكفارة المخيرة(1)، وهي في ثلاثة موارد أيضاً :
____________
(1) سيأتي في المسألة (780) ان من عجز عن الخصال الثلاث في كفارة الافطار يلزمه التصدق بما يطيق، وان من عجز عنها في كفارة الاعتكاف او العهد يلزمه صيام ثمانية عشر يوماً، فالكفارة الثابتة في الموارد الثلاثة المذكورة مشتملة على التخيير والترتيب ـ كالقسم الثالث الآتي ـ فعدها قسماً مستقلاً في مقابله جرى على وفق ما هو الشائع في كلمات الفقهاء رضوان الله عليهم من تقسيم الكفارات الى: مرتبة، ومخيرة، وما اجتمع فيه الامران، وكفارة الجمع.

( 244 )
1 ـ كفارة من افطر في شهر رمضان بتعمد الاكل أو الشرب أو الجماع أو الاستمناء أو البقاء على الجنابة.
2 ـ كفارة من افسد اعتكافه الواجب بالجماع ولو ليلاً، ويلحق به على الاحوط وجوباً الجماع المسبوق بالخروج المحرّم وان بطل اعتكافه به بشرط عدم رفع يده عنه.
3 ـ كفارة حنث العهد.
ويجب في الجميع: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو اطعام ستين مسكيناً.
القسم الثالث: ما اجتمع فيه الترتيب والتخيير، وهي في ثلاثة موارد ايضاً:
1 ـ كفارة الايلاء.
2 ـ كفارة اليمين.
3 ـ كفارة النذر، حتى نذر صوم يوم معين على الاقوى.
ويجب في الجميع: عتق رقبة، أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فان عجز فصيام ثلاثة أيام.
القسم الرابع: الكفارة المعينة، وهي فيمن حلف بالبراءة من الله أو من رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أو من دينه أو من الائمة عليهم السلام ثم حنث.
فيجب عليه: اطعام عشرة مساكين.
القسم الخامس: كفارة الجمع، وهي في قتل المؤمن عمداً وظلماً
ويجب فيه: عتق رقبة مع صيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكيناً.
مسألة 747 : اذا اشترك جماعة في القتل العمدي وجبت الكفارة على كل واحد منهم، وكذا في قتل الخطأ.

( 245 )
مسألة 748 : اذا ثبت على مسلم حدّ يوجب القتل ـ كالزاني المحصن واللائط ـ فقتله غير الاِمام والمأذون من قبله فثبوت الكفارة على القاتل غير بعيد، نعم لا كفارة في قتل المرتد ـ اذا لم يتب ـ مطلقاً على الاظهر.
مسألة 749 : المشهور أن في جز المرأة شعرها في المصاب كفارة الافطار في شهر رمضان. وفي نتفه أو خدش وجهها اذا ادمته، أو شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفارة اليمين. ولكن الاظهر عدم وجوب الكفارة في هذه الموارد وان كان التكفير احوط.
مسألة 750 : ذكر جمع من الفقهاء رضوان الله عليهم ان من افطر في شهر رمضان على الحرام وجبت عليه كفارة الجمع، ولكن الاظهر عدم وجوبها وكفاية الكفارة المخيرة.
مسألة 751 : لو تزوج بامرأة ذات بعل أو في العدة الرجعية لزمه ان يفارقها، والاحوط الاولى ان يكفر بخمسة اصوع من دقيق.
مسألة 752 : لو نام عن صلاة العشاء الاخرة حتى خرج الوقت فالاحوط الاولى ان يصبح صائماً.
مسألة 753 : لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عن الصوم فالاحوط لزوماً ان يتصدق لكل يوم بمد على مسكين، أو يعطيه مدين ليصوم عنه.
مسألة 754 : قد عدّ من الكفارات المندوبة ما روي عن الصادق عليه السلام من ان كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الاخوان، وكفارة المجالس ان تقول عند قيامك منها: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين)، وكفارة الضحك ان يقول: (اللّهم لا تمقتني)، وكفارة الاغتياب الاستغفار للمغتاب، وكفارة الطيرة التوكل، وكفارة اللطم على الخدود الاستغفار والتوبة.