الفصل الثاني
في أحكام الكفارات
مسألة 755 : يعتبر في الخصال الثلاث ـ العتق والصيام والاطعام ـ النية المشتملة على قصد العمل، وقصد القربة، وكذا قصد كونه كفارة ولو اجمالاً. فلو تردد ما في ذمته بين الكفارة وغيرها ـ كما لو علم ان عليه صيام شهرين متتابعين ولم يعلم انه من جهة النذر أو الكفارة ـ اجتزأ بالاتيان به بقصد ما في الذمة وان تبين بعد ذلك كونه كفارة، والاظهر عدم اعتبار قصد النوع فيها وان وجبت باسباب مختلفة إلاّ اذا اخذ في المتعلق خصوصية قصدية كما في كفارة الظهار بلحاظ كونها محللة للوطء، فلو كان عليه صيام شهرين متتابعين مرة لكفارة القتل خطأً وأُخرى لكفارة الافطار في شهر رمضان متعمداً فصام شهرين بقصد التكفير اجزأه عن احدهما، فان صام كذلك مرة أُخرى فرغت ذمته عنهما جميعاً، واما لو كان عليه صيام شهرين متتابعين مرة لكفارة القتل خطأً، وأُخرى لكفارة الظهار فصام شهرين من دون تعيين وقع عن الاولى فان صام شهرين آخرين وقع عن الثانية، هذا في المتعدد من انواع مختلفة، واما في المتعدد من نوع واحد فلا يعتبر التعيين مطلقاً.
نعم في مثل كفارة الظهار لا يترتب اثر عملي وترخيص فعلي فيما اذا ظاهر من زوجتيه معاً مثلاً وصام شهرين متتابعين من دون قصد احداهما بالخصوص، ولكن اذا اتبعه بصوم شهرين آخرين بقصد كفارة الظهار حلت له كلتا الزوجتين.

( 247 )
مسألة 756 : العجز عن العتق الموجب لوجوب الصيام ثم الاِطعام في الكفارة المرتبة متحقق في زماننا ـ هذا ـ لعدم الرقبة. واما العجز عن الصيام الموجب لتعين الاطعام فيتحقق بالتضرر به لاستتباعه حدوث مرض أو لايجابه شدته أو طول برئه أو شدة ألمه، كل ذلك بالمقدار المعتد به الذي لم تجر العادة بتحمّل مثله، وكذا يتحقق بكون الصوم شاقاً عليه مشقة لا تتحمل.
واما العجز عن الاطعام والاكساء في كفارة اليمين ونحوها الموجب للانتقال إلى الصيام فيتحقق بعدم تيسر تحصيلهما ولو لعدم توفر ثمنهما عنده أو احتياجه اليه في نفقة نفسه أو نفقة عياله الواجبي النفقة عليه، أو في اداء ديونه ونحوها، كما يتحقق بفقدان المسكين المستحق لهما.
مسألة 757 : ليس طروّ الحيض والنفاس موجباً للعجز عن الصيام والانتقال الى الاطعام في الكفارة المرتبة، وكذا طروّ الاضطرار الى السفر الموجب للافطار؛ لما سيأتي من عدم انقطاع التتابع بطروّ ذلك.
مسألة 758 : المعتبر في العجز والقدرة في الكفارة المرتبة حال الاداء لا حال الوجوب، فلو كان حال حدوث موجب الكفارة قادراً على صيام شهرين متتابعين عاجزاً عن اطعام ستين مسكيناً فلم يصم حتى صار بالعكس، صار فرضه الاطعام، ولم يستقر الصوم فى ذمته.
مسألة 759 : يكفي في تحقق الموجب للانتقال الى البدل في الكفارة المرتبة العجز العرفي في وقت التكفير، فلو وجبت عليه كفارة الظهار فاراد التكفير فوجد نفسه مريضاً لا يقدر على الصيام ولكن كان يأمل شفاءه من مرضه مستقبلاً والتمكن من الصوم لم يلزمه الانتظار بل يجزئه الانتقال الى
( 248 )
الاطعام، ولكن لو لم يطعم حتى برىَ من مرضه وتمكن من الصيام تعين ولم يجزئه الاِطعام حينئذٍ.
وهكذا لو وجبت عليه كفارة حنث اليمين فاراد التكفير وكان فقيراً لا يقدر على اطعام عشرة مساكين ولا على كسوتهم اجزأه صيام ثلاثة أيام متواليات، وان كان يحتمل تمكنه لاحقاً من الاطعام أو الاكساء، ولكن لو لم يصم حتى تمكن من احدهما تعين ولم يجزئه الصوم عندئذٍ.
مسألة 760 : اذا عجز عن الصيام في كفارة الظهار مثلاً، أو عجز عن الاطعام والاكساء في كفارة اليمين مثلاً، ولكنه علم بتمكنه منهما بعد فترة قصيرة كاسبوع مثلاً فهل يلزمه الانتظار ام يجزئه الانتقال الى بدلهما؟ فيه اشكال ولا يبعد وجوب الانتظار.
مسألة 761 : اذا عجز عن الصيام في كفارة الظهار مثلاً فشرع في الاطعام ثم تمكن منه اجتزأ باتمام الاطعام على الاظهر، وكذا اذا عجز عن الاطعام والاكساء في كفارة اليمين فشرع في الصوم ولو ساعة من النهار ثم تمكن من احدهما فان له اتمام الصيام، نعم لو عرض ما يوجب استئنافه ـ بان عرض في اثنائه ما ابطل التتابع ـ تعين عليه الاطعام أو الاكساء مع بقاء القدرة عليه.
مسألة 762 : يجب التتابع في صوم الشهرين من الكفارة المخيرة والمرتبة وكفارة الجمع، كما يجب التتابع بين صيام الايام الثلاثة في كفارة اليمين وما بحكمها، واما غيرهما من الصيام الواجب كفارة فلا يعتبر فيه التتابع على الاظهـر.
ويتفرع على وجوب التتابع فيما ذكرناه انه لا يجوز الشروع في الصوم
( 249 )
في زمان يعلم انه لا يسلم له بتخلل العيد او تخلل يوم يجب فيه صوم آخر في زمان معين بين ايامه، فلو شرع في صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين قبل يوم أو يومين من شهر رمضان، أو من خميس معين نذر صومه شكراً مثلاً لم يجز بل وجب استئنافه.
مسألة 763 : انما يضر الافطار في الاثناء بالتتابع فيما اذا وقع على وجه الاِختيار، فلو وقع لعذر من الاعذار ـ كما اذا كان الافطار بسبب الاكراه أو الاضطرار، أو بسبب عروض المرض أو طروّ الحيض أو النفاس لا بتسبيبه ـ لم يضر به، ومن العذر وقوع السفر في الاثناء اذا كان ضرورياً دون ما كان بالاختيار، ومنه ايضاً ما اذا نسي النية حتى فات وقتها، وكذا الحال فيما اذا تخلل صوم آخر في البين لا بالاختيار كما اذا نسي فنوى صوماً آخر، ومنه ما اذا نذر صوم كل خميس مثلاً ثم وجب عليه صوم شهرين متتابعين فانه لا يضر بالتتابع تخلل المنذور فيه، بخلاف ما اذا وجب عليه صوم ثلاثة ايام من كفارة اليمين او ما بحكمها فانه يضر تخلله بالتتابع؛ لتمكنه من صيام ثلاثة أيام متتابعات في اوائل الاسبوع مثلاً، هذا اذا كان الصوم المنذور معنوناً بعنوان لا ينطبق على صوم الكفارة كما لو نذر صوم كل خميس شكراً، واما لو كان مطلقاً بان نذر ان يكون صائماً فيه على نحو الاطلاق فلا يستوجب ذلك تخللاً فيه بل يحسب من الكفارة ايضاً.
مسألة 764 : يكفي في تتابع الشهرين من الكفارة ـ مرتبة كانت أم مخيرة أم كفارة الجمع ـ صيام شهر ويوم متتابعاً، ويجوز له التفريق بعد ذلك ولو اختياراً لا لعذر، على اشكال فيما اذا لم يكن لعارض يعد عذراً عرفاً فلا تترك مراعاة الاحتياط فيه.

( 250 )
مسألة 765 : من وجب عليه صيام شهرين يجوز له الشروع فيه في اثناء الشهر على الاقوى، ولكن الاحوط حينئذ أن يصوم ستين يوماً مطلقاً، سواء أكان الشهر الذي شرع فيه مع تاليه تامين أم ناقصين أم مختلفين، ولو وقع التفريق بين الايام بتخلل ما لا يضر بالتتابع شرعاً تعيّن ذلك.
واما لو شرع فيه من اول الشهر فيجزيه شهران هلاليان وان كانا ناقصين.
مسألة 766 : يتخير في الاطعام الواجب في الكفارات بين تسليم الطعام الى المساكين واشباعهم، ويجوز التسليم الى البعض واشباع البعض، ولا يتقدر الاشباع بمقدار معين بل المدار فيه عرض الطعام الجاهز عليهم بمقدار يكفي لاشباعهم قلّ أو كثر، واما التسليم فأقل ما يجزي فيه تسليم كل واحد منهم مداً من الطعام، والافضل بل الاحوط مدان، ولا بُدّ في كل من النحوين اكمال العدد من الستين أو العشرة، فلا يجزىَ اشباع ثلاثين أو خمسة مرتين أو تسليم كل منهم مدين، ولا يجب الاجتماع لا في التسليم ولا في الاشباع، فلو اطعم ستين مسكيناً في اوقات متفرقة من بلاد مختلفة ولو كان هذا في سنة وذاك في سنة أُخرى لاجزأ وكفى.
مسألة 767 : الواجب في الاشباع اشباع كل واحد من العدة مرة، وان كان الافضل اشباعه في يومه وليله غداءً وعشاءً.
مسألة 768 : يجزىَ في الاشباع كل ما يتعارف التغذي والتقوت به لغالب الناس من المطبوخ وما يصنع من انواع الاطعمة، ومن الخبز من اي جنس كان مما يتعارف تخبيزه من حنطة أو شعير أو غيرهما وان كان بلا ادام، والافضل ان يكون مع الادام وهو كل ما جرت العادة باكله مع الخبز
( 251 )
جامداً أو مائعاً وان كان خلاً أو ملحاً أو بصلاً وكل ما كان أجود كان أفضل.
واما في التسليم فيجزي بذل ما يسمى طعاماً من مطبوخ وغيره من الحنطة والشعير وخبزهما ودقيقهما والارز والماش والذرة والتمر والزبيب وغيرها، نعم الاحوط لزوماً في كفارة اليمين وما بحكمها الاقتصار على الحنطة ودقيقها.
مسألة 769 : التسليم الى المسكين تمليك له، وتبرأ ذمة المكفّر بمجرد ذلك، ولا تتوقف البراءة على اكله الطعام فيجوز له بيعه عليه وعلى غيره.
مسألة 770 : يتساوى الصغير والكبير ان كان التكفير بنحو التسليم، فيعطي الصغير مداً من طعام كما يعطي الكبير، وان كان اللازم في الصغير التسليم الى وليّه، واما ان كان التكفير بنحو الاشباع فاللازم احتساب الاثنين من الصغار بواحد، ولا فرق في ذلك ـ على الاحوط ـ بين ان يجمع الكبار والصغار في الاِشباع ام يشبع الصغار منفردين، والظاهر أنه لا يعتبر في الاشباع إذن من له الولاية أو الحضانة اذا لم يكن منافياً لحقه.
مسألة 771 : يجوزاعطاء كل مسكين ازيد من مدّ، أو اشباعه أزيد من مرّة عن كفارات متعددة ولو مع الاختيار، فلو افطر تمام شهر رمضان جاز له اشباع ستين شخصاً معينين في ثلاثين يوماً، أو تسليم ثلاثين مداً من طعام لكل واحد منهم وان وجد غيرهم.
مسألة 772 : اذا تعذر اكمال العدد الواجب من الستين أو العشرة في البلد وجب النقل الى غيره، وان تعذر لزم الانتظار، وفي كفاية التكرار على العدد الموجود حتى يستوفي المقدار اشكال، وعلى القول بالكفاية فلا بُدّ
( 252 )
من الاقتصار في التكرار على مقدار التعذر، فلو تمكن من عشرة كررّ عليهم ست مرات ولا يجوز التكرار على خمسة منهم مثلاً اثني عشرة مرة.
مسألة 773 : المراد بالمسكين الذي هو مصرف الكفارة هو الفقير الذي يستحق الزكاة، وهو من لا يملك مؤنة سنته فعلاً ولا قوة، ويشترط فيه الاسلام بل الايمان على الاحوط، ولكن يجوز دفعها الى الضعفاء من غير اهل الولاية ـ عدا النصاب ـ اذا لم يجد المؤمن، ولا يجوز دفعها الى واجب النفقة كالوالدين والاولاد والزوجة الدائمة دون المنقطعة، ويجوز دفعها الى سائر الاقارب بل لعله أفضل.
مسألة 774 : لا يشترط في المسكين الذي هومصرف الكفارة العدالة، نعم الاحوط عدم دفعها لتارك الصلاة ولا لشارب الخمر ولا للمتجاهر بالفسق، وفي جواز اعطاء كفارة غير الهاشمي الى الهاشمي قولان اقواهما الجـواز.
مسألة 775 : يعتبر في الكسوة التي يتخير بينها وبين العتق والاطعام في كفارة اليمين وما بحكمها ان يعد لباساً عرفاً، من غير فرق بين الجديد وغيره ما لم يكن منخرقاً أو منسحقاً وبالياً بحيث ينخرق بعد فترة قصيرة من الاستعمال، فلا يكتفى بالعمامة والقلنسوة والحذاء والخف والجورب. والكسوة لكل فقير ثوب وجوباً وثوبان استحباباً بل هما مع القدرة احوط. ويعتبر فيها العدد كالاطعام، فلو كرر على واحد ـ بان كساه عشر مرات ـ لم تحسب له إلاّ واحدة، ولا فرق في المكسوِّ بين الصغير والكبير والذكر والانثى، نعم في الاكتفاء بكسوة الصغير جداً كابن شهر أو شهرين اشكال فلا يترك الاحتياط.

( 253 )
والظاهر اعتبار كونه مخيطاً أو ما بحكمه كالملّبد والمنسوج، فلو سلم اليه قماشاً غير مخيط لم يكن مجزياً، نعم لا بأس بان يدفع اجرة الخياطة معه ليخيطه ثوباً ويحتسبه على نفسه كفارة ولكن لا بُدّ من احراز قيامه بذلك.
ولا يجزىَ اعطاء لباس الرجال للنساء ولا العكس ولا اعطاء لباس الصغير للكبير.
ولا فرق في جنسه بين كونه من صوف أو قطن أو كتان أو حرير أو غيرها وفي الاجتزاء بالحرير المحض للرجال اشكال.
ولو تعذر تمام العدد كسى الموجود وانتظر الباقي ولا يجزىَ التكرار على الموجود.
مسألة 776 : لا تجزىَ القيمة في الكفارة لا في الاطعام ولا في الكسوة، بل لا بُدّ في الاطعام من بذل الطعام اشباعاً أو تمليكاً كما انه لابد في الكسوة من بذلها تمليكاً. نعم لا بأس بان يدفع القيمة الى المستحق ويوكله في ان يشتري بها طعاماً أو كسوة ويأخذه لنفسه كفارة بان يملكه لنفسه وكالة عن المالك ويتقبله لنفسه اصالة، ولكن لا تبرأ ذمة الموكل إلاّ مع قيام المستحق بما وكلّ فيه فلا بُدّ من احراز ذلك.
مسألة 777 : اذا وجبت عليه كفارة مخيرة لم يجز ان يكفر بجنسين، بأن يصوم شهراً ويطعم ثلاثين مسكيناً في كفارة شهر رمضان، أو يطعم خمسة ويكسو خمسة مثلاً في كفارةاليمين، نعم لا بأس باختلاف افراد الصنف الواحد منها، كما لو اطعم بعض العدد طعاماً خاصاً وبعضه غيره، أو كسى بعضهم ثوباً من جنس وبعضهم من جنس آخر، بل يجوز في الاطعام
( 254 )
ان يشبع بعضاً ويسلّم الى بعض كما مر.
مسألة 778 : من عجز عن بعض الخصال الثلاث في كفارة الجمع أتى بالبقية وعليه الاستغفار على الاحوط، وان عجز عن الجميع لزمه الاستغفار فقط.
مسألة 779 : اذا عجز عن اطعام ستين مسكيناً في كفارة الظهار صام ثمانية عشر يوماً، ولو عجز عنه ففي الاجتزاء بالاستغفار بدلاً عنه اشكال كما تقدم، ولو عجز عن الاطعام في كفارة القتل خطأً فالاحوط وجوباً ان يصوم ثمانية عشر يوماً ويضم اليه الاستغفار، فان عجز عن الصوم اجزأه الاستغفار وحده.
مسألة 780 : اذا عجز عن الخصال الثلاث في الكفارة المخيرة فان كانت كفارة الافطار في شهر رمضان فعليه التصدق بما يطيق، ومع التعذر يتعين عليه الاستغفار، ولكن اذا تمكن بعد ذلك لزمه التكفير على الاحوط. وان كانت كفارة العهد أو كفارة الاعتكاف فليصم ثمانية عشر يوماً، فان عجز لزمه الاستغفار.
مسألة 781 : اذا عجز عن صيام ثلاثة ايام في كفارة الافطار في قضاء شهر رمضان بعد الزوال، وفي كفارة اليمين ومابحكمها فعليه الاستغفار. وهكذا الحال لو عجز عن اطعام عشرة مساكين في كفارة البراءة.
مسألة 782 : يجوز التأخير في اداء الكفارة المالية وغيرها بمقدار لا يعدّ توانياً وتسامحاً في اداء الواجب، وان كانت المبادرة الى الاداء احوط.
مسألة 783 : يجوز التوكيل في اداء الكفارات المالية، بان يوكل غيره في ادائها من ماله ـ اي مال الموكل ـ وتجزىَ حينئذٍ نية المالك حين التوكيل
( 255 )
فيه بان يقصد التكفير متقرباً الى الله تعالى بالعمل الصادر من الوكيل المنتسب اليه بموجب وكالته. ولا يجزىَ التبرع في الكفارات المالية إلاّ عن الميت على الاحوط، كما لاتجوز النيابة في الكفارات البدنية عن غير الميت على الاقوى.
مسألة 784 : لا يجب على الورثة اداء ما وجب على ميتهم من الكفارة البدنية ـ ايّ الصيام ـ ولا اخراجها من تركته ما لم يوص بها وان اوصى بها اخرجت من ثلثه، نعم يحتمل وجوبها على ولده الاكبر ـ ان كان ـ ولكن الاظهر عدمه، وانما يجري هذا الاحتمال فيما اذا تعين على الميت الصيام، واما مع عدم تعينه عليه كما اذا كانت الكفارة مخيرة وكان متمكناً من الصيام والاطعام فانه لا يجب الصوم على الولي بلا اشكال.
واما الكفارة المالية فقيل انها بحكم الديون فتخرج من اصل التركة، ولكن الاظهر انها كالكفارة البدنية ولا تخرج من التركة إلاّ بوصية الميت، ومع وصيته تخرج من الثلث، ويتوقف اخراجها من الزائد عليه على اجازة الورثة.

( 256 )


( 257 )

كِتابُ الصّيدِ والذّباحـةِ


( 258 )


( 259 )

لا يجوز أكل الحيوان من دون تذكيته، وتقع التذكية بالصيد والذبح والنحر وغيرها، على ما سيأتي تفصيلها ان شاء الله تعالى، وهنا فصلان:
الفصل الاَوّل
في الصيد
تقع التذكية الصيدية على انواع من الحيوان، وهي: الحيوان الوحشي ـ من الوحش والطير ـ والسمك، والجراد، فهنا ثلاثة مباحث:
المبحث الاَوّل
في صيد الحيوان الوحشي
ان صيد الحيوان الوحشي انما يوجب تذكيته اذا تم باحد طريقين:
اما بكلب الصيد، أو بالسلاح. وفيما يلي احكام الاثنين:
1 ـ الصيد بالكلب
مسألة 785 : لا يحل من صيد الحيوان ومقتوله إلاّ ما كان بالكلب سواء أكان سلوقياً أم غيره، وسواء أكان اسود أم غيره، فما يأخذه الكلب ويقتله بعقره وجرحه من الحيوان المحلل اكله مذكى يحل أكله، فعضُّ
( 260 )
الكلب وجرحه ايّ موضع من الحيوان بمنزلة ذبحه، واما ما يصطاده غير الكلب من جوارح السباع كالفهد والنمر أو من جوارح الطير كالبازي والعقاب والباشق والصقر وغيرها فلا يحل وان كانت معلَّمة، نعم لا بأس بالاصطياد بها بمعنى جعل الحيوان الممتنع غير ممتنع بها ثم تذكيته بالذبح.
مسألة 786 : يشترط في ذكاة صيد الكلب أُمور:
الاَوّل: ان يكون معلَّماً للاصطياد ويتحقق ذلك بامرين:
احدهما: استرساله اذا اُرسل، بمعنى انه متى اغراه صاحبه بالصيد هاج عليه وانبعث إليه.
ثانيهما: انزجاره عن الهياج والذهاب اذا زُجر، وهل يعتبر فيه الانزجار بالزجر حتى اذا قرب من الصيد ووقع بصره عليه؟ وجهان اقواهما العدم. واعتبر المشهور مع ذلك ان يكون من عادته التي لا تتخلف الا نادراً ان يمسك الصيد ولا يأكل منه شيئاً حتى يصل اليه صاحبه، ولكن الاظهر عدم اعتباره وان كان ذلك احوط، كما لا بأس بان يكون معتاداً بتناول دم الصيد، نعم الاحوط لزوماً ان يكون بحيث اذا اراد صاحبه اخذ الصيد منه لا يمنع ولا يقاتل دونه.
الثاني: ان يكون صيده بارساله للاصطياد، فلو استرسل بنفسه من دون ارسال لم يحل، وكذا اذا كان صاحبه ممن لا يتمشى منه القصد؛ لكونه غير مميز لصغر أو جنون أو سكر، أو كان قد ارسله لامر غير الاصطياد من دفع عدو أو طرد سبع فصادف غزالاً مثلاً فصاده فانه لا يحل، وهكذا الحال فيما اذا استرسل بنفسه ثم اغراه صاحبه بعد الاسترسال وان أثّر فيه الاغراء، كما اذا زاد فى عَدْوه بسببه على الاحوط لزوماً، واذا
( 261 )
استرسل بنفسه فزجره صاحبه فوقف ثم اغراه وأرسله فاسترسل كفى ذلك في حلّ مقتوله، واذا ارسله لصيد غزال بعينه فصاد غيره حلّ، وكذا اذا صاده وصاد غيره معه فانهما يحلاّن فان الشرط قصد الجنس لا قصد الشخص.
الثالث: ان يكون المرسِل مسلماً أو بحكمه كالصبي الملحق به، فاذا ارسله كافر فاصطاد لم يحل صيده حتى اذا كان كتابياً وان سمى على الاحوط لزوماً، ولا فرق في المسلم بين الرجل والمرأة ولا بين المؤمن والمخالف، نعم لا يحل صيد المنتحلين للاسلام المحكومين بالكفر ممن تقدم ذكرهم في كتاب الطهارة.
الرابع: ان يسمّي عند ارساله، فلو ترك التسمية عمداً لم يحل مقتوله، ولا يضر لو كان الترك نسياناً، وفي الاكتفاء بالتسمية قبل الاصابة وجه لا يخلو من قوة وان كان الاحوط الاولى ان يسّمي عند الارسال.
مسألة 787 : يكفي في التسمية الاتيان بذكر الله تعالى مقترناً بالتعظيم مثل (الله أكبر) و(بسم الله) بل لا يبعد الاكتفاء بمجرد ذكر الاسم الشريف وان كان الاحوط الاولى عدمه.
الخامس: ان يستند موت الحيوان الى جرح الكلب ونحوه، واما اذا استند الى سبب آخر من صدمة أو خنق أو اتعاب في العدو أو نحو ذلك لم يحل.
السادس: ان لا يدرك صاحب الكلب الصيد حياً مع تمكنه من ذبحه، بأن ادركه ميتاً او ادركه حيّاً لكن لم يسع الزمان لذبحه.
وملخص هذا الشرط انه اذا ارسل كلبه الى الصيد ولحق به فان ادركه
( 262 )
ميتاً بعد اصابة الكلب حلّ اكله، وكذا اذا ادركه حياً بعد اصابته ولكن لم يسع الزمان لذبحه فمات، واما اذا كان الزمان يسع لذبحه فتركه حتى مات لم يحل، وكذا الحال اذا ادركه بعد عقر الكلب له حياً لكنه كان ممتنعاً بان بقي منهزماً يعدو فانه اذا اتبعه فوقف فان ادركه ميّتاً حلّ، وكذا اذا ادركه حياً ولكنه لم يسع الزمن لذبحه، واما اذا كان يسع لذبحه فتركه حتى مات لم يحلّ.
مسألة 788 : ادنى زمان يدرك فيه ذبح الصيد ان يجده تطرف عينه أو تركض رجله او يتحرك ذنبه أو يده فانه اذا ادركه كذلك والزمان متسع لذبحه لم يحل إلاّ بذبحه.
مسألة 789 : اذا ادرك مرسل الكلب الصيد حياً والوقت متسع لذبحه ولكنه اشتغل عنه بمقدماته من سلّ السكين ورفع الحائل من شعر ونحوه على النهج المتعارف فمات قبل ذبحه حلّ، واما اذا استند تركه الذبح الى فقد الآلة كما اذا لم يكن عنده السكين ـ مثلاً ـ حتى ضاق الوقت ومات الصيد قبل ذبحه لم يحل على الاحوط لزوماً، نعم اذا تركه حينئذٍ على حاله الى ان قتله الكلب وازهق روحه بعقره حلّ أكله.
مسألة 790 : الظاهر عدم وجوب المبادرة الى الصيد من حين ارسال الكلب ولا من حين اصابته له اذا بقي على امتناعه، وفي وجوب المبادرة اليه حينما اوقفه وصيّره غير ممتنع كلام، والاقوى وجوب المبادرة العرفية اذا اشعر بايقافه وعدم امتناعه، فلو لم يبادر اليه حينذاك ثم وجده ميتاً أو وجده حياً ولكن لا يتسع الزمان لذبحه بسبب توانيه في الوصول اليه لم يحل.

( 263 )
هذا اذا احتمل ان في المسارعة اليه ادراك ذبحه، اما اذا علم بعدم ذلك ولو من جهة بعد المسافة على نحو لا يدركه إلاّ بعد موته بجرح الكلب له فلا اشكال في عدم وجوب المسارعة اليه، نعم لو توقف احراز كون موته بسبب جرح الكلب لا بسبب آخر على التسارع اليه وتعرّف حاله لزم لاجل ذلك.
مسألة 791 : اذا عض الكلب الصيد كان موضع العضة نجساً فيجب غسله، ولا يجوز اكله قبل غسله.
مسألة 792 : لا يعتبر في حلِّ الصيد وحدة المرسل، فاذا ارسل جماعة كلباً واحداً حلَّ صيده، وكذا لا يعتبر وحدة الكلب فاذا ارسل شخص واحدٌ كلاباً فاصطادت على الاشتراك حيواناً حلّ، نعم يعتبر في المتعدد اجتماع الشرائط، فلو ارسل مسلم وكافر كلبين فاصطادا حيواناً لم يحل على ما تقدم، وكذا اذا كانا مسلمين فسمى احدهما ولم يسم الاخر متعمداً، أو كان كلب احدهما معلّماً دون كلب الاخر، هذا اذا استند القتل اليهما معاً، اما اذا استند الى احدهما كما اذا سبق احدهما فاثخنه واشرف على الموت ثم جاءه الاخر فاصابه يسيراً بحيث استند الموت الى السابق اعتبر اجتماع الشروط في السابق لا غير، واذا اجهز عليه اللاحق بعد ان اصابه السابق ولم يوقفه بل بقي على امتناعه بحيث استند موته الى اللاحق لا غير اعتبر اجتماع الشروط في اللاحق.
مسألة 793 : اذا شك في ان موت الصيد كان مستنداً الى عقر الكلب أو الى سبب آخر لم يحل، نعم اذا كانت هناك امارة عرفية على استناده اليه حلّ وان لم يحصل منها العلم.

( 264 )
مسألة 794 : لا يعتبر في حلية الصيد اباحة الكلب، فيحل ما اصطاده بالكلب المغصوب وان فعل حراماً وعليه اجرة استعماله ويملكه هو دون مالك الكلب.
2 ـ الصيد بالسلاح
مسألة 795 : يشترط في ذكاة ما اصطيد بالسلاح أُمور:
الاَوّل: ان تكون الآلة كالسيف والسكين والخنجر وغيرها من الاسلحة القاطعة، أو الشائكة كالرمح والسهم والعصا مما يخرق ويخرق جسد الحيوان، سواء أكان فيه نصل كالسهم أم صنع خارقاً وشائكاً بنفسه كالمعراض، وهو كما قيل خشبة غليظة الوسط محددة الطرفين، ولكن يعتبر فيما لا نصل فيه ان يخرق بدن الحيوان ويجرحه ولو قليلاً ولا يحل فيما لو قتله بالوقوع عليه، واما ما فيه نصل فلا يعتبر ذلك فيه فيحل الحيوان لو قتله وان لم يجرحه ويخرق بدنه.
مسألة 796 : يجوز ان يكون النصل من الحديد ومن غيره من الفلزات كالذهب والفضة والصفر وغيرها، فيحل الحيوان المقتول بالسيف أو الرمح المصنوعين منها.
مسألة 797 : لا يحل الصيد المقتول بالحجارة والعمود والمقمعة والشبكة والشرك والحبالة ونحوها من آلات الصيد التي ليست بقاطعة ولا شائكة، نعم لا بأس بالاصطياد بها بمعنى جعل الحيوان الممتنع غير ممتنع بها ثم تذكيته بالذبح.
مسألة 798 : يشكل الصيد بالمِخْيط والشوك والسفود ونحوها مما
( 265 )
يكون شائكاً ولا يصدق عليه السلاح عرفاً، واما ما يصدق عليه السلاح فلا بأس بالصيد به وان لم يكن معتاداً.
مسألة 799 : اذا اصطاد بالبندقية او نحوها فان كانت الطلقة تنفذ في بدن الحيوان وتخرقه حل اكله وهو طاهر، سواء أكانت محددة مخروطة أم لا وسواء أكانت من الحديد أم من الرصاص ام من غيرهما، وعلى هذا فلا بأس بالصيد بالبنادق التي تكون طلقاتها على شكل البندقة وتسمى فى عرفنا بـ (الصچم) لانها تنفذ في بدن الحيوان وتخرقه.
واما اذا لم تكن الطلقة تنفذ في بدن الحيوان وتخرقه بان كانت تقتله بسبب ضغطها أو بسبب ما فيها من الحرارة المحرقة فيشكل الحكم بحلية لحمه وطهارته.
الثاني: ان يكون الصائد مسلماً أو من بحكمه نظير ما تقدم في الصيد بالكلب.
الثالث: التسمية عند استعمال السلاح في الاصطياد، ويقوى الاجتزاء بها قبل اصابة الهدف أيضاً، ولو اخل بها متعمداً لم يحل صيده ولا بأس بالاخلال بها نسياناً.
الرابع: ان يكون الرمي بقصد الاصطياد فلو رمى هدفاً أو عدواً أو خنزيراً أو شاة فاصاب غزالاً مثلاً فقتله لم يحل، وكذا اذا افلت من يده فاصاب غزالاً فقتله، ولو رمى بقصد الاصطياد فاصاب غير ما قصد حلّ.
الخامس: ان يدركه ميتاً أو يدركه حياً ولكن لا يتسع الوقت لتذكيته، فلو ادركه حياً وكان الوقت متسعاً لذبحه ولم يذبحه حتى خرجت روحه لم يحل اكله.

( 266 )
مسألة 800 : يعتبر في حلية الصيد ان تكون الآلة مستقلة في قتله فلو شاركها شيء آخر غير آلات الصيد لم يحل، كما اذا رماه فسقط الصيد في الماء ومات وعلم استناد الموت الى كلا الامرين، وكذا الحال فيما اذا شك في استناد الموت الى الرمي بخصوصه فانه لا يحكم بحليته.
مسألة 801 : اذا رمى سهماً فاوصلته الريح الى الصيد فقتله حلّ وان كان لولا الريح لم يصل، وكذا اذا اصاب السهم الارض ثم وثب فاصابه فقتله.
مسألة 802 : لا يعتبر في حلية الصيد بالسلاح وحدة الصائد ولا وحدة السلاح المستعمل في الصيد، فلو رمى احد صيداً بسهم وطعنه آخر برمح فمات منهما معاً حلّ اذا اجتمعت الشرائط في كل منهما، بل اذا ارسل احد كلبه الى حيوان فعقره ورماه آخر بسهم فاصابه فقتل منهما معاً حلّ أيضاً.
مسألة 803 : اذا اشترك المسلم والكافر في الاصطياد واستند القتل اليهما معاً لم يحلّ الصيد وان كان الكافر كتابياً وسمّى على ما تقدم، وهكذا الحال فيما لو اشترك من سمّى ومن لم يسمّ، أو من قصد الاصطياد ومن لم يقصده.
مسألة 804 : لا يعتبر في حلّية الصيد اباحة السلاح المستعمل فيه، فلو اصطاد حيواناً بالسهم المغصوب حلّ الصيد وملكه الصائد دون صاحب السلاح، ولكن الصائد ارتكب بذلك معصية وعليه دفع اجرة استعمال السلاح الى صاحبه.
مسألة 805 : الحيوان الذي يحلّ صيده بالكلب وبالسلاح مع اجتماع الشروط المتقدمة هو كل حيوان ممتنع مستوحش من طير أو وحش، سواء
( 267 )
أكان كذلك بالاصل كالحمام والظبي وبقر الوحش، أم كان اهلياً فتوحش أو استعصى كالبقر المستعصي والبعير العاصي وكذلك الصائل من البهائم كالجاموس الصائل ونحوه، ولا تقع التذكية الصيدية على الحيوان الاهلي سواء أكان كذلك بالاصل كالدجاج والشاة والبعير والبقر أم كان وحشياً فتأهل كالظبي والطير المتأهلين، وكذا ولد الوحش قبل ان يقدر على العدو وفرخ الطير قبل نهوضه للطيران، فلو رمى طائراً وفرخه الذي لم ينهض فقتلهما حلّ الطائر دون الفرخ.
مسألة 806 : لا فرق في تحقق الذكاة بالاصطياد بين الحيوان الوحشي المحلل لحمه والمحرم، فالسباع اذا اصطيدت صارت ذكية وجاز الانتفاع بجلدها فيما تعتبر فيه الذكاة، هذا اذا كان الصيد بالسلاح، واما اذا كان بالكلب ففي تحقق الذكاة به في غير محلل الاكل اشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في ذلك.
مسألة 807 : لو ابانت آلة الصيد كالسيف والكلب ونحوهما عضواً من الحيوان مثل اليد والرجل كان العضو المبان ميتة يحرم أكله ويحل اكل الباقي مع اجتماع شرائط التذكية المتقدمة، ولو قطعت الآلة الحيوان نصفين فان لم يدركه حياً أو أدركه كذلك إلاّ ان الوقت لم يتسع لذبحه تحل كلتا القطعتين مع توفر الشروط المذكورة، واما اذا أدركه حياً وكان الوقت متسعاً لذبحه فالقطعة الفاقدة للرأس والرقبة محرمة والقطعة التي فيها الرأس والرقبة طاهرة وحلال فيما اذا ذبح على النهج المقرر شرعاً.
مسألة 808 : لو قسم الحيوان قطعتين بالحبالة أو الحجارة ونحوهما مما لا تحل به الصيد حرمت القطعة الفاقدة للرأس والرقبة واما القطعة التي
( 268 )
فيها الرأس والرقبة فهي طاهرة وحلال فيما اذا ادركه حياً وذبحه مع الشروط المعتبرة والا حرمت هي ايضاً.
تكميل
في طرق تملك الحيوان الوحشي
مسألة 809 : يملك الحيوان الممتنع بالاصل طيراً كان أم غيره باحد الطرق التالية:
1 ـ أخذه، كما اذا قبض على رجله أو قرنه أو رباطه أو جناحه أو نحوها.
2 ـ وقوعه في آلة معتادة للاصطياد بها كالحبالة والشرك والشبكة ونحوها اذا نصبها لذلك.
3 ـ رميه بسهم أو غيره من آلات الصيد بحيث يصيّره غير ممتنع، كما اذا جرحه فعجز عن العدو أو كسر جناحه فعجز عن الطيران سواء أكانت الآلة من الآلات المحللة للصيد كالسهم والكلب المعلم أم من غيرها كالحجارة والخشب والفهد والباز والشاهين وغيرها.
مسألة 810 : يلحق بآلة الاصطياد كل ما جعل وسيلة لاثبات الحيوان وزوال امتناعه، ولو بحفر حفيرة في طريقه ليقع فيها، أو باتخاذ ارض واجراء الماء عليها لتصير موحلة فيتوحل فيها، أو وضع سفينة في موضع معين ليثب فيها السمك، أو وضع الحبوب في بيت أو نحوه واعداده لدخول الطيور فيه على نحو لا يمكنها الخروج منه، أو طردها الى مضيق أو نحوه على وجه تنحصر فيه ولا يمكنها الفرار ونحو ذلك من طرق الاصطياد
( 269 )
بغير الآلات التي يعتاد الاصطياد بها.
ولا يلحق بها ما لو عشش الطير في داره وان قصد تملكه، وكذا لو توحّل حيوان في ارضه الموحلة، أو وثبت سمكة الى سفينته فانه لا يملكها ما لم يُعِدّ الارض والسفينة لذلك، فلو قام شخص آخر باخذ الطير أو الحيوان أو السمكة ملكه، وان عصى في دخول داره أو ارضه أو سفينته بغير اذنه.
مسألة 811 : يعتبر في حصول الملك بالطرق الثلاثة المتقدمة وما يلحقها كون الصائد قاصداً للملك، فلو اخذ الحيوان لا بقصد الملك لم يملكه، وكذا اذا نصب الشبكة لا بقصد الاصطياد والتملك لم يملك ما يثب فيها، وهكذا اذا رمى عبثاً أو هدفاً أو لغرض آخر لا بقصد الاصطياد والتملك لم يملك الرَمِيَّة.
مسألة 812 : اذا سعى خلف حيوان فاعياه فوقف كان أحق به من غيره وان لم يملكه إلاّ بالاَخذ، فلو بادر الغير الى اخذه قبل ذلك لم يملكه، نعم لو اعرض عن اخذه فاخذه غيره ملكه.
مسألة 813 : اذا وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد ولم تمسكه الشبكة لضعفها وقوته فانفلت منها لم يملكه ناصبها، وكذا اذا أخذ الشبكة وانفلت بها من دون ان يضعف امتناعه بذلك لم يكن حق لصاحبها فيه فلو صاده غيره ملكه ورد الشبكة الى مالكها.
مسألة 814 : اذا رمى الصيد فاصابه لكنه تحامل طائراً أو عادياً بحيث لم يكن يقدر عليه إلاّ بالاتباع والاسراع لم يملكه ولكنه يكون احق به من غيره إلاّ ان يعرض عنه.

( 270 )
مسألة 815 : اذا رمى اثنان صيداً دفعة فان تساويا في الاثر بان اثبتاه معاً فهو لهما، واذا كان احدهما جارحاً والاخر مثبتاً وموقفاً له فالاحوط لهما التصالح بشأنه، واذا كان تدريجاً كان الاول احق به مطلقاً على الاظهر.
مسألة 816 : اذا رمى صيداً حلالاً باعتقاد كونه كلباً أو خنزيراً فقتله لم يملكه ولم يحل.
مسألة 817 : اذا رمى صيداً فجرحه لكن لم يخرجه عن الامتناع بالمرة فدخل داراً لم يجز له دخول الدار لاَخذه إلاّ باذن صاحبها وان كان هو أحق به، ولو اخذه صاحب الدار لم يملكه إلاّ مع اعراض الرامي عنـه.
مسألة 818 : اذا صنع برجاً في داره لتعشش فيه الحمام فيصطادها فعششت فيه لم يملكها ولكنه يكون احق بها من غيره ما لم تتركه بالمرّة، فلا يجوز لغيره اخذها أو اصطيادها من دون اذنه، ولو فعل لم يملكها.
مسألة 819 : يكفي في تملك النحل غير المملوكة اخذ اميرها، فمن اخذه من الجبال مثلاً وقصد تملكه ملكه وملك كل ما تتبعه من النحل مما تسير بسيره وتقف بوقوفه وتدخل الكّن وتخرج منه بدخوله وخروجه.
مسألة 820 : اذا اخذ حيواناً ثم افلت من يده أو وقع في شبكة واثبتته ثم انفلت منها أو رماه فجرحه جرحاً مثبتاً ثم برىَ من الجرح الذي اصابه فعاد ممتنعاً كالاَوّل فهل يخرج بذلك من ملكه أم يبقى في ملكه بحيث لو اصطاده غيره لم يملكه ووجب عليه دفعه الى مالكه؟ وجهان أوجههما الاَول،نعم لو انفلت من يده أو من شبكته أو برىَ من جرحه ولكن من دون ان يستعيد تمام امتناعه فالظاهر بقاؤه في تملكه.
وهكذا الحال لو اطلق الحيوان من يده أو شبكته بعد اصطياده فانه اذا
( 271 )
استعاد امتناعه الاَول خرج عن ملكه فيجوز لغيره اصطياده ويملكه بذلك وليس للاَول الرجوع عليه، واما في غير هذه الصورة كما لو اطلقه بعد جرحه بجراحة تمنعه من العدو او بعد كسر جناحه المانع من طيرانه فان لم يقصد الاعراض عنه فلا اشكال في عدم خروجه عن ملكه فلا يملكه غيره باصطياده، وان قصد الاعراض عنه فالاظهر عدم خروجه عن ملكه بمجرده، نعم اذا اباح تملكه للاخرين فبادر شخص الى تملكه ملكه وليس للاَول الرجوع الى الثاني بعد ما تملكه.
مسألة 821 : قد عرفت ان الصائد يملك الصيد بالاصطياد مع قصد تملكه اذا كان مباحاً بالاصل غير مملوك للغير ولا متعلقاً لحقه، واذا شك في ذلك بنى على الاَول إلاّ اذا كانت امارة على الثاني كآثار يد الغير التي هي امارة الملكية كطوق في عنقه أو قرط في اذنه أو حبل مشدود في رجله من دون ما يوجب زوال ملكيته عنه.
واذا علم كون الصيد مملوكاً وجب رده الى مالكه، واذا جهل جرى عليه حكم اللقطة ان كان ضائعاً وإلاّ جرى عليه حكم مجهول المالك، ولا فرق في ذلك بين الطير وغيره، نعم اذا ملكَ الطائرُ جناحيه جاز تملكه لمن يستولي عليه وان كان الاحوط استحباباً اجراء الحكم المذكور عليه فيما إذا علم ان له مالكاً ولم يعرفه، واما مع معرفته فيجب ردّه اليه بلا اشكال.