المبحث الثاني
في صيد الاسماك
مسألة 822 : يتحقق صيد السمك ـ الذي به تحصل ذكاته ـ بأخذه من داخل الماء الى خارجه حياً باليد أو الشبكة أو الشص أو الفالة أو غيرها، وفي حكمه أخذه خارج الماء حياً باليد أو بالآلة بعد ما خرج بنفسه أو بنضوب الماء عنه أو غير ذلك، فاذا وثب في سفينة أو على الارض أو نبذته الامواج الى الساحل أو غارَ الماء الذي كان فيه فأخذ حياً صار ذكياً، واذا لم يؤخذ حتى مات صار ميتة وحرم أكله وان كان قد نظر اليه وهو حيّ يضطرب.
مسألة 823 : اذا ضرب السمكة وهي في الماء بآلة فقسّمها نصفين ثم اخرجهما حيين فان صدق على احدهما انه سمكة ناقصة كما لو كان فيه الرأس حلّ هو دون غيره واذا لم يصدق على احدهما انه سمكة بل يصدق على كل منهما انه شق سمكة ففي حلِّهما اشكال والاظهر العدم.
مسألة 824 : لا تعتبر التسمية في تذكية السمك عند اخراجه من الماء أو عند اخذه بعد خروجه منه، كما لا يعتبر في صائده الاسلام، فلو اخرجه الكافر حيّاً من الماء أو اخذه بعد ان خرج حلّ سواء أكان كتابياً أم غيره.
مسألة 825 : اذا وجد السمك الميت في يد الكافر ولم يعلم انه مذكى أم لا بنى على العدم وان اخبر بتذكيته إلاّ ان يحرزها ولو من جهة العلم بكونه مسبوقاً باحدى امارات التذكية الاتي بيانها في المسألة (871).
واما اذا وجده في يد المسلم يتصرف فيه بما يناسب التذكية أو اخبر
( 273 )
بها بنى على ذلك.
مسألة 826 : اذا وثبت السمكة الى سفينة لم تحل ما لم تؤخذ باليد، ولا يملكها السفان ولا صاحب السفينة بل يملكها آخذها وان كان غيرهما، نعم اذا قصد صاحب السفينة الاصطياد بها وعمل بعض الاعمال المستوجبة لذلك ـ كما اذا وضعها في مجتمع السمك وضرب الماء بنحو يوجب وثوب السمك فيها ـ كان ذلك بمنزلة اخراجها من الماء حياً في صيرورتها ذكيّةً ودخولها في ملكه.
مسألة 827 : اذا وضع شبكة في الماء فدخل فيها السمك ثم اخرجها من الماء ووجد ما فيها ميتاً كله أو بعضه فالظاهر حليته.
مسألة 828 : اذا نصب شبكة أو صنع حظيرة في الماء لاصطياد السمك فدخلها ثم نضب الماء بسبب الجزر أو غيره فمات بعد نضوب الماء صار ذكياً وحلّ أكله، واما اذا مات قبل نضوب الماء فهل هو حلال أم لا؟ قولان اقواهما الحلية.
مسألة 829 : اذا أخرج السمك من الماء حياً ثم اعاده الى الماء مربوطاً أو غير مربوط فمات فيه فالظاهر حرمته، واذا اخرجه ثم وجده ميتاً وشك في ان موته كان قبل اخراجه أو بعده فالاقوى هو الحكم بحرمته سواء علم تاريخ الاخراج أو الموت أم جهل التاريخان.
مسألة 830 : اذا اضطر السماك الى ارجاع السمك الى الماء وخاف موته فيه فلينتظر حتى يموت أو يقتله بضرب أو غيره ثم يرجعه اليه.
مسألة 831 : اذا طفا السمك على وجه الماء بسبب ابتلاعه ما يسمى بـ (الزهر) أو عض حيوان له أو غير ذلك مما يوجب عجزه عن السباحة
( 274 )
فان أخذ حياً صار ذكياً وحلّ اكله وان مات قبل ذلك حرم.
مسألة 832 : اذا القى انسان الزهر في الماء لا بقصد اصطياد السمك فابتلعه السمك وطفا لم يثبت له حق فيه فيجوز لغيره أخذه فان اخذه ملكه، واما اذا القاه بقصد الاصطياد فالظاهر انه يثبت له حق الاولوية في السمك الطافي فليس لغيره ان يأخذه من دون اذنه، ولا فرق في ذلك بين ان يقصد سمكة معينة أو بعضاً غير معين، ولو رمى سمكة بالبندقية أو بسهم أو طعنها برمح فعجزت عن السباحة وطفت على وجه الماء لم يبعد كونها ملكاً للرامي والطاعن.
مسألة 833 : لا يعتبر في حلية السمك ـ بعد ما اخرج من الماء حياً أو اخذ حياً بعد خروجه ـ ان يموت خارج الماء بنفسه، فلو مات بالتقطيع أو بشق بطنه أو بالضرب على رأسه حلّ أيضاً، بل لو شواه حياً في النار فمات حلّ أكله، بل الاقوى عدم اعتبار الموت في حلّه فيحل بلعه حياً.
مسألة 834 : اذا أخرج السمك من الماء حياً فقطع منه قطعة وهو حي والقى الباقي في الماء فمات فيه حلّت القطعة المبانة منه وحرم الباقي.
واذا قطعت منه قطعة وهو في الماء قبل اخراجه ثم اخرج حياً فمات خارج الماء حرمت القطعة المبانة منه وهو في الماء وحلّ الباقي.

( 275 )

المبحث الثالث
في صيد الجراد
مسألة 835 : صيد الجراد ـ الذي به تكون ذكاته ـ هو اخذه حياً، سواء أكان الاخذ باليد ام بالآلة، فما مات قبل اخذه حرم.
ولا يعتبر في تذكيته التسمية، ولا اسلام الآخذ كما مر في السمك.
نعم لو وجده ميتاً في يد الكافر لم يحل ما لم يعلم بأخذه حياً، ولا تجدي يده ولا اخباره في احراز ذلك كما تقدم في السمك.
مسألة 836 : لا يحل من الجراد ما لم يستقل بالطيران وهو المسمى بـ(الدبا).
مسألة 837 : لو وقعت نار في أجمة ونحوها فاحرقت ما فيها من الجراد لم يحل وان قصده المحرق، نعم لو شواها أو طبخها بعد ما اخذت قبل ان تموت حلّ كما مر في السمك، كما انه لو فرض كون النار آلة صيد الجراد ـ بحيث لو اججها اجتمعت من الاطراف والقت بانفسها فيها ـ فاججها لذلك فاجتمعت واحترقت بها لا يبعد حلية ما احترقت بها من الجراد؛ لكونها حينئذٍ من آلات الصيد كالشبكة والحظيرة للسمك.

( 276 )

الفصل الثاني
في الذباحة والنحر
مسألة 838 : يشترط في ذكاة الذبيحة أُمور:
الاَوّل: ان يكون الذابح مسلماً أو من بحكمه كالمتولد منه.
فلا تحل ذبيحة الكافـر مشركاً كان أو غيره حتى الكتابي وان سمّى على الاحوط، ولا يشترط فيه الايمان فتحل ذبيحة جميع فرق المسلمين عدا المنتحلين للاسلام المحكومين بالكفر ممن مر ذكرهم في كتاب الطهارة.
مسألة 839 : لا يشترط في الذابح الذكورة ولا البلوغ ولا غير ذلك.
فتحل ذبيحة المرأة والصبي المميز اذا احسن التذكية، وكذا الاعمى والاغلف والخصي والجنب والحائض والفاسق وولد الزنا، كما تحل ذبيحة المكره وان كان اكراهه بغير حـق.
الثاني: ان يكون الذبح بالحديد مع الامكان، فلو ذبح بغيره مع التمكن منه لم يحل وان كان من المعادن المنطبعة كالصفر والنحاس والذهب والفضة والرصاص وغيرها.
نعم اذا لم يوجد الحديد جاز الذبح بكل ما يقطع الاوداج وان لم تكن هناك ضرورة تدعو الى الاستعجال في الذبح ـ كالخوف من تلف الحيوان بالتأخير ـ ولا فرق في ذلك بين القصب والليطة والحجارة الحادة والزجاجة وغيرها.
نعم في جواز الذبح بالسن والظفر حتى مع عدم توفر الحديد اشكال
( 277 )
والاحتياط لا يترك، ولا يبعد جواز الذبح اختياراً بالمنجل ونحوه مما يقطع الاوداج ولو بصعوبة وان كان الاحوط الاقتصار على حال الضرورة.
مسألة 840 : جواز الذبح بالحديد المخلوط بالكروم المسمى بـ(الاستيل) لا يخلو عن اشكال، واشكل منه الذبح بالحديد المطلي بالكروم.
الثالث: قصد الذبح بفري الاوداج، فلو وقع السكين من يد أحد على مذبح الحيوان فقطعها لم يحل وان سّمى حين اصابها، وكذا لو كان قد قصد بتحريك السكين على المذبح شيئاً آخر غير الذبح فقطع الاعضاء أو كان سكراناً أو مغمى عليه أو نائماً أو صبياً أو مجنوناً غير مميزين، واما الصبي والمجنون المميزان فالاظهر الاجتزاء بذبحهما.
الرابع: الاستقبال بالذبيحة حال الذبح الى القبلة، فان أخل بالاستقبال عالماً عامداً حرمت، وان كان نسياناً أو للجهل بالاشتراط أو خطأً منه في جهة القبلة بان وجهها الى جهة معتقداً انها القبلة فتبين الخلاف لم تحرم في جميع ذلك، وكذا اذا لم يعرف القبلة أو لم يتمكن من توجيهها اليها ولو بالاستعانة بالغير واضطر الى تذكيتها كالحيوان المستعصي أو المتردي في البئر ونحوه.
مسألة 841 : اذا خاف موت الذبيحة لو اشتغل بالاستقبال بها الى جهة القبلة فالظاهر عدم لزومه.
مسألة 842 : لا يشترط في الذبح استقبال الذابح نفسه وان كان ذلك أحوط.
مسألة 843 : يتحقق استقبال الحيوان فيما اذا كان قائماً أو قاعداً بما
( 278 )
يتحقق به استقبال الانسان حال الصلاة في الحالتين، واما اذا كان مضطجعاً على الايمن أو الايسر فيتحقق باستقبال المنحر والبطن ولا يعتبر استقبال الوجه واليدين والرجلين.
الخامس: تسمية الذابح عليها حين الشروع في الذبح أو متصلاً به عرفاً، فلا يجزىَ تسمية غير الذابح عليها، كما لا يجزىَ الاتيان بها عند مقدمات الذبح كربط المذبوح، ولو اخل بالتسمية عمداً حرمت وان كان نسياناً لم تحرم والاحوط الاولى الاتيان بها عند الذكر، ولو تركها جهلاً بالحكم فالظاهر الحرمة.
مسألة 844 : يعتبر في التسمية وقوعها بهذا القصد ايّ بعنوان كونها على الذبيحة من جهة الذبح فلا تجزىَ التسمية الاتفاقية أوالصادرة لغرض آخر، ولا يعتبر ان يكون الذابح ممن يعتقد وجوبها في الذبح فيجوز ذبح غيره اذا كان قد سمّى.
مسألة 845 : يجوز ذبح الاخرس، وتسميته تحريك لسانه وشفتيه تشبيهاً بمن يتلفظ بها مع ضم الاشارة بالاصبع إليه، هذا في الاخرس الاصم من الاَول، واما الاخرس لعارض مع التفاته الى لفظها فيأتي به على قدر ما يمكنه، فان عجز حرك لسانه وشفتيه حين اخطاره بقلبه واشار باصبعه إليه على نحو يناسب تمثيل لفظها اذا تمكن منها على هذا النحو وإلاّ فبايّ وجه ممكن.
مسألة 846 : لا يعتبر في التسمية كيفية خاصة وان يكون في ضمن البسملة، بل المدار على صدق ذكر اسم الله وحده عليها، فيكفي ان يقول: «بسم الله» أو «الله أكبر» أو «الحمد لله» أو «لا اله إلاّ الله» ونحو ذلك، وفي
( 279 )
الاكتفاء بلفظة «الله» من دون ان يقرن بما يصير به كلاماً تاماً دالاً على صفة كمال أو ثناء أو تمجيد اشكال، وكذلك التعدي من لفظة «الله» الى سائر اسمائه الحسنى كالرحمن والرحيم والخالق وغيرها، وكذا التعدي الى ما يرادف هذه اللفظة المباركة في سائر اللغات، وان كان الاكتفاء في الجميع لا يخلو من قوة.
السادس: قطع الاعضاء الاربعة، وهي: (المرىَ) وهو مجرى الطعام، و(الحلقوم) وهو مجرى النفس ومحله فوق المرىَ، و(الودجان) وهما عرقان غليظان محيطان بالحلقوم والمرىَ، وفي الاجتزاء بشقها من دون قطع اشكال وكذا الاشكال في الاجتزاء بقطع الحلقوم وحده.
مسألة 847 : الظاهر ان قطع تمام الاعضاء الاربعة يلازم بقاء الخرزة المسماة في عرفنا بـ (الجوزة) في العنق، فلو بقي شيء منها في الجسد لم يتحقق قطع تمامها، ولا يعتبر ان يكون قطع الاعضاء في اعلى الرقبة بل يجوز ان يكون في وسطها أو من اسفلها.
مسألة 848 : يعتبر في قطع الاوداج الاربعة ان يكون في حال الحياة، فلو قطع الذابح بعضها وارسلها فمات لم يؤثر قطع الباقي. ولا يعتبر فيه التتابع، فلو قطع الاوداج قبل زهوق روح الحيوان إلاّ انه فصل بينها بما هو خارج عن المتعارف المعتاد فالاظهر حليته.
مسألة 849 : لو اخطأ الذابح وذبح من فوق الجوزة ثم التفت فذبحها من تحت الجوزة قبل ان تموت حل لحمها.
مسألة 850 : لو قطعت الاوداج الاربعة على غير النهج الشرعي كأن ضربها شخص بآلة فانقطعت أو عضها الذئب فقطعها باسنانه أو غير ذلك
( 280 )
وبقيت الحياة، فان لم يبق شيء من الاوداج اصلاً لم يحل اكل الحيوان، وكذا اذا لم يبق شيء من الحلقوم على الاظهر وكذلك اذا بقي مقدار من الجميع معلقاً بالرأس أو متصلاً بالبدن على الاحوط، نعم اذا كان المقطوع غير المذبح وكان الحيوان حياً حلّ أكله بالذبح.
السابع: خروج الدم المتعارف منها حال الذبح، فلو لم يخرج منها الدم أو كان الخارج قليلاً ـ بالاضافة إلى نوعها ـ بسبب انجماد الدم في عروقها أو نحوه لم تحل، واما اذا كانت قلته لاجل سبق نزيف الذبيحة ـ لجرح مثلاً ـ لم يضر ذلك بتذكيتها.
الثامن: ان تتحرك الذبيحة بعد تمامية الذبح ولو حركة يسيرة، بان تطرف عينها أو تحرك ذنبها أو تركض برجلها، هذا فيما اذا شك في حياتها حال الذبح وإلاّ فلا تعتبر الحركة اصلاً.
مسألة 851 : يحرم ـ على الاحوط ـ ابانة رأس الذبيحة عمداً قبل خروج الروح منها وان كان الاظهر حليتها حينئذٍ، بلا فرق في ذلك بين الطيور وغيرها، ولا بأس بالابانة إذا كانت عن غفلة أو استندت الى حدة السكين وسبقه مثلاً، وهكذا الحال في كسر رقبة الذبيحة أو اصابة نخاعها عمداً قبل ان تموت، والنخاع هو الخيط الابيض الممتد في وسط الفقار من الرقبة الى الذنب.
مسألة 852 : الاحوط الاولى ان يكون الذبح في المذبح من القدام وان حلّ المذبوح من القفا أيضاً، كما ان الاحوط الاولى وضع السكين على المذبح ثم قطع الاوداج وان كان يكفي ايضاً ادخال السكين تحت الاوداج ثم قطعها من فوق.

( 281 )
مسألة 853 : لا يشترط في حلّ الذبيحة استقرار حياتها قبل الذبح بمعنى امكان ان يعيش مثلها اليوم أو نصف اليوم، وانما يشترط حياتها حال قطع الاعضاء وان كانت على شرف الموت، فالمنتزع امعاؤه بشق بطنه والمتكسر عظامه بالسقوط من شاهق وما اكل السبع بعض ما به حياته والمذبوح من قفاه الباقية أوداجه والمضروب بالسيف أو الطلقات النارية المشرف على الموت اذا ذبح قبل ان يموت يحل لحمه مع توفر الشروط السابقة.
مسألة 854 : لو اخذ الذابح بالذبح فشق آخر بطنه وانتزع امعائه مقارناً للذبح فالظاهر حل لحمه، وكذا الحكم في كل فعل يزهق اذا كان مقارناً للذبح ولكن الاحتياط أحسن.
مسألة 855 : لا يشترط في حلية لحم الذبيحة بعد وقوع الذبح عليها حياً ان يكون خروج روحها بذلك الذبح، فلو وقع عليه الذبح الشرعي ثم وقعت في نار أو ماء أو سقطت الى الارض من شاهق أو نحو ذلك مما يوجب زوال الحياة لم تحرم، وليس الحكم كذلك في الصيد كما تقدم فتفترق التذكية بالصيد المذكور عن التذكية بالذبح من هذه الجهة.
مسألة 856 : لا يعتبر اتحاد الذابح فيجوز وقوع الذبح من اثنين على سبيل الاشتراك مقترنين بان يأخذا السكين بيديهما ويذبحا معاً، أو يقطع احدهما بعض الاعضاء والآخر الباقي دفعة أو على وجه التدريج بان يقطع احدهما بعض الاعضاء ثم يقطع الآخر الباقي، وتجب التسمية منهما معاً ولا يجتزأ بتسمية احدهما على الاقوى.
مسألة 857 : تختص الابل من بين البهائم بان تذكيتها بالنحر، ولا
( 282 )
يجوز ذلك في غيرها، فلو ذبح الابل بدلاً عن نحرها أو نحر الشاة أو البقر أو نحوهما بدلاً عن ذبحها حرم لحمها وحكم بنجاستها، نعم لو قطع الاوداج الاربعة من الابل ثم نحرها قبل زهوق روحها أو نحر الشاة مثلاً ثم ذبحها قبل ان تموت حلّ لحمهما وحكم بطهارتهما.
مسألة 858 : كيفية النحر ان يدخل الآلة من سكين أو غيره من الآلات الحادة الحديدية فى لبتها، وهي الموضع المنخفض الواقع في اعلى الصدر متصلاً بالعنق، والشروط المعتبرة في الذبح تعتبر نظائرها في النحر ـ عدا الشرط السادس ـ فيعتبر في الناحر ان يكون مسلماً أو من بحكمه وان يكون النحر بالحديد وان يكون النحر مقصوداً للناحر، والاستقبال بالمنحور الى القبلة، والتسمية حين النحر، وخروج الدم المتعارف بالمعنى المتقدم، وتحرّك المنحور بعد تمامية النحر مع الشك في حياته عند النحر.
مسألة 859 : يجوز نحر الابل قائمة وباركة وساقطة على جنبها والاولى نحرها قائمة.
مسألة 860 : اذاتعذر ذبح الحيوان أو نحره لاستعصائه أو لوقوعه في بئر أو موضع ضيق على نحو لا يتمكن من ذبحه أو نحره وخيف موته هناك جاز ان يعقره في غير موضع الذكاة برمح أو بسكين أو نحوهما مما يجرحه ويقتله، فاذا مات بذلك العقر طهر وحلّ اكله وتسقط فيه شرطية الاستقبال، نعم لا بُدّ من توفر سائر الشروط المعتبرة في التذكية.
وقد مرّ في فصل الصيد جواز عقر المستعصي والصائل بالكلب أيضاً.
مسألة 861 : ذكاة الجنين ذكاة أمّه، فاذا ماتت أمّه بدون تذكية فان
( 283 )
مات هو في جوفها حرم أكله، وكذا اذا أُخرج منها حياً فمات بلا تذكية، واما اذا أُخرج حياً فذكّي حلّ أكله، واذا ذكّيت أُمّه فمات في جوفها حلّ اكله، واذا اخرج حياً فان ذكّي حل اكله وان لم يذكّ حرم.
مسألة 862 : اذا ذكيت أُمّه فخرج حياً ولم يتسع الزمان لتذكيته فمات بلا تذكية فالاقوى حرمته، واما اذا ماتت أُمّه بلا تذكية فخرج حياً ولم يتسع الزمان لتذكيته فمات بدونها فلا اشكال في حرمته.
مسألة 863 : الظاهر وجوب المبادرة الى شق بطن الحيوان واخراج الجنين منه على الوجه المتعارف، فلو توانى عن ذلك زائداً على المقدار المتعارف فادّى ذلك الى موت الجنين حرم أكله.
مسألة 864 : يشترط في حلّ الجنين بذكاة أُمّه ان يكون تام الخلقة بان يكون قد اشعر أو اوبر وان فرض عدم ولوج الروح فيه، فان لم يكن تام الخلقة لم يحل بذكاة أمّه، فحلّية الجنين اذا خرج ميتاً من بطن أمّه المذكاة مشروطة بامور: تمام خلقته، وعدم سبق موته على تذكية أُمّه، وعدم استناد موته الى التواني في اخراجه على النحو المتعارف.
مسألة 865 : لا فرق في ذكاة الجنين بذكاة أُمّه بين محلل الاَكل ومحرمه اذا كان مما يقبل التذكية.
مسألة 866 : ذكر الفقهاء رضوان الله عليهم انه يستحب عند ذبح الغنم ان تربط يداه واحدى رجليه، وتطلق الاخرى ويمسك صوفه أو شعره حتى يبرد.
وعند ذبح البقر ان تعقل يداه ورجلاه ويطلق ذنبه.
وعند نحر الابل ان تربط يداها ما بين الخفين الى الركبتين أو الى
( 284 )
الابطين وتطلق رجلاها، هذا اذا نحرت باركة، اما اذا نحرت قائمة فينبغي ان تكون يدها اليسرى معقولة.
وعند ذبح الطير ان يرسل بعد الذباحة حتى يرفرف.
ويستحب عرض الماء على الحيوان قبل ان يذبح أو ينحر.
ويستحب أن يعامل مع الحيوان عند ذبحه أو نحره بنحو لا يوجب أذاه وتعذيبه بان يحدّ الشفرة ويمر السكين على المذبح بقوة، ويجد في الاسراع، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «ان الله تعالى شأنه كتب عليكم الاحسان في كل شيء فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة، واذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة، وليحدّ احدكم شفرته، وليرح ذبيحته»، وفي خبر آخر بانه صلى الله عليه وآله وسلم (أمر أن تحدّ الشفار وأن توارى عن البهائم).
مسألة 867 : يكره في ذبح الحيوانات ونحرها ـ كما ورد في جملة من الروايات ـ أمور: منها سلخ جلد الذبيحة قبل خروج روحها، ومنها ان تكون الذباحة في الليل أو يوم الجمعة قبل الزوال من دون حاجة، ومنها ان تكون الذباحة بمنظر من حيوان آخر من جنسه، ومنها ان يذبح ما ربّاه بيده من النعم.

( 285 )

تكميل
في ما تقع عليه التذكية من الحيوانات
مسألة 868 : تقع التذكية على كل حيوان حل اكله ذاتاً وان حرم بالعارض كالجلاّل والموطوء، بحرياً كان أم برياً وحشياً كان ام اهلياً طيراً كان أم غيره وان اختلفت في كيفية تذكيتها على ما سبق تفصيلها.
وأثر التذكية فيها ان كانت ذات نفس سائلة: حليّة أكل لحمها لو لم يحرم بالعارض، وطهارتها لحماً، وجلداً، وجواز بيعها بناءً على عدم جواز بيع الميتة النجسة كما هو الاحوط.
واما ان لم تكن لها نفس سائلة كالسمك فأثر التذكية فيها حليّة لحمها فقط؛ لان ميتتها طاهرة فيجوز استعمالها فيما تعتبر فيه الطهارة، كما يجوز بيعها؛ لجواز بيع الميتة الطاهرة على الاقوى.
مسألة 869 : غير المأكول من الحيوان ان لم تكن له نفس سائلة كالحية لم تقع عليه التذكية؛ اذ لا اثر لها بالنسبة إليه لا من حيث الطهارة وجواز البيع ولا من حيث الحليّة؛ لانه طاهر ومحرم أكله على كل حال.
واما اذا كان ذا نفس سائلة فما كان نجس العين كالكلب والخنزير فلا يقبل التذكية، وكذا الحشرات مطلقاً على الاظهر وهي الدواب الصغار التي تسكن باطن الارض كالضب والفار وابن عرس فانها اذا ذبحت مثلاً لم يحكم بطهارة لحومها وجلودها.
واما غير نجس العين والحشرات فتقع عليها التذكية سواء السباع ـ وهي ما تفترس الحيوان وتأكل اللحــم كالاسد والنمر والفهد والثعلب وابن
( 286 )
آوى والصقر والبازي والباشق ـ وغيرها حتى القرد والفيل والدب على الاظهر، فتطهر لحومها وجلودها بالتذكية، ويحل الانتفاع بها فيما تعتبر فيه الطهارة، بان تجعل وعاءً للمشروبات أو المأكولات كأن تجعل قربة ماء أو عكة سمن أو دبة دهن ونحوها وان لم تدبغ على الاقوى وان كان الاحوط ان لا تستعمل في ذلك ما لم تدبغ.
مسألة 870 : تذكية جميع ما يقبل التذكية من الحيوان المحرّم أكله يكون: بالذبح مع الشروط المعتبرة في ذبح الحيوان المحلل، وكذا بالاصطياد بالسلاح في خصوص الممتنع منها كالمحلل، وفي تذكيتها بالاصطياد بالكلب المعلم اشكال كما تقدم.
مسألة 871 : اذا وجد لحم الحيوان الذي يقبل التذكية أو جلده ولم يعلم انه مذكى أم لا يبنى على عدم تذكيته، فلا يجوز اكل لحمه ولا استعمال جلده فيما يفرض اعتبار التذكية فيه، ولكن لا يحكم بنجاسته حتى اذا كانت له نفس سائلة ما لم يعلم انه ميتة، ويستثنى عن الحكم المذكور ما اذا وجدت عليه احدى امارات التذكية وهي:
الاُولى: يد المسلم، فانّ ما يوجد في يده من اللحــوم والشحوم والجلود اذا لم يعلم كونها من غير المذكى فهو محكوم بالتذكية ظاهراً، ولكن بشرط اقتران يده بما يقتضي تصرفه فيه تصرفاً يناسب التذكية كعرض اللحم والشحم للاكل، واعداد الجلد للّبس والفرش، واما مع عدم اقترانها بما يناسب التذكية كما اذا رأينا بيده لحماً لا يدرى انه يريد اكله أو وضعه لسباع الطير مثلاً فلا يحكم عليه بالتذكية، وكذا اذا صنع الجلد ظرفاً للقاذورات مثلاً.

( 287 )
الثانية: سوق المسلمين، فان ما يوجد فيها من اللحوم والشحوم والجلود محكوم بالتذكية ظاهراً سواء أكان بيد المسلم أم مجهول الحال.
الثالثة: الصنع في بلاد الاسلام، فان ما يصّنع فيها من اللحم كاللحوم المعلّبة أو من جلود الحيوانات كبعض انواع الحزام والاحذية وغيرها محكوم بالتذكية ظاهراً من دون حاجة الى الفحص عن حاله.
مسألة 872 : لا فرق في الحكم بتذكية ما قامت عليه احدى الامارات المتقدمة بين صورة العلم بسبق يد الكافر أو سوقه عليه وغيرها اذا احتمل ان ذا اليد المسلم أو المأخوذ منه في سوق المسلمين أو المتصدي لصنعه في بلد الاسلام قد احرز تذكيته على الوجه الشرعي.
مسألة 873 : ما يوجد مطروحاً في ارض المسلمين مما يشك في تذكيته وان كان محكوماً بالطهارة على الاظهر ولكن الحكم بتذكيته وحلية اكله محل اشكال، ما لم يحرز سبق احدى الامارات المتقدمة عليه.
مسألة 874 : لا فرق في المسلم الذي تكون يده امارة على التذكية بين المؤمن والمخالف، وبين من يعتقد طهارة الميتة بالدبغ وغيره، وبين من يعتبر الشروط المعتبرة في التذكية ـ كالاستقبال والتسمية وكون الذابح مسلماً وقطع الاعضاء الاربعة وغير ذلك ـ ومن لا يعتبرها اذا احتمل تذكيته على وفق الشروط المعتبرة عندنا وان لم يلزم رعايتها عنده، بل الظاهر ان اخلاله بالاستقبال ـ اعتقاداً منه بعدم لزومه ـ لا يضر بذكاة ذبيحته.
مسألة 875 : المدار في كون البلد منسوباً الى الاسلام غلبة السكان المسلمين فيه بحيث ينسب عرفاً إليه ولو كانوا تحت سلطنة الكفار، كما ان هذا هو المدار في بلد الكفر، ولو تساوت النسبة من جهة عدم الغلبة
( 288 )
فحكمه حكم بلد الكفر.
مسألة 876 : ما يوجد في يد الكافر من لحم وشحم وجلد اذا احتمل كونه مأخذواً من المذكى يحكم بطهارته وكذا بجواز الصلاة فيه على الاظهر، ولكن لا يحكم بتذكيته وحلية اكله ما لم يحرز ذلك، ولو من جهة العلم بكونه مسبوقاً باحدى الامارات الثلاث المتقدمة، ولا يجدي في الحكم بتذكيته اخبار ذي اليد الكافر بكونه مذكى، كما لا يجدي كونه في بلاد المسلمين، ومن ذلك يظهر ان زيت السمك ـ مثلاً ـ المجلوب من بلاد الكفار المأخوذ من ايديهم لا يجوز أكله من دون ضرورة إلاّ اذا احرز ان السمك المأخوذ منه كان ذا فلس وانه قد اُخذ خارج الماء حياً أو مات في شبكة الصياد أو حظيرته.