كتاب المـيراث


( 314 )


( 315 )

وفيـه فصـول:
الفصـل الاَول
ويشتمل على اُمور:
الامر الاول ـ في موجبات الاِرث
مسألة 953 : موجبات الاِرث على نوعين: نسب وسبب، أما النسب فله ثلاث طبقات:
(الطبقة الاولى): صنفان: أحدهما: الابوان المتصلان دون الاجداد والجدات.
وثانيهما: الاولاد وإن نزلوا ذكوراً واناثاً.
(الطبقة الثانية): صنفان أيضاً: أحدهما: الاجداد والجدات وان علوا.
وثانيهما: الاخوة والاخوات وأولادهم وان نزلوا.
(الطبقة الثالثة): صنف واحد وهم: الاعمام والاخوال وان علوا، كاعمام الآباء والامهات وأخوالهم، واعمام الاجداد والجدات وأخوالهم، وكذلك أولادهم وان نزلوا كاولاد أولادهم، وأولاد أولاد اولادهم وهكذا
( 316 )
بشرط صدق القرابة للميت عرفاً.
واما (السبب) فهو قسمان: زوجية وولاء.
والولاء ثلاث طبقات:ولاء العتق. ثم ولاء ضمان الجريرة. ثم ولاء الامامة.
الاَمر الثاني ـ في أقسام الوارث

مسألة 954 : ينقسم الوارث الى خمسة أقسام:
1 ـ من يرث بالفرض لا غير دائماً، وهو الزوجة فان لها الربع مع عدم الولد، والثمن معه، ولا يُردّ عليها أبداً.
2 ـ من يرث بالفرض دائماً وربما يرث معه بالردّ، كالام فإن لها السدس مع الولد والثلث مع عدمه إذا لم يكن حاجب، وربما يردّ عليها زائداً على الفرض كما إذا زادت الفريضة على السهام. وكالزوج فإنه يرث الربع مع الولد والنصف مع عدمه، ويردّ عليه إذا لم يكن وارث إلاّ الاِمام.
3 ـ من يرث بالفرض تارة وبالقرابة اخرى، كالاَب فانه يرث بالفرض مع وجود الولد وبالقرابة مع عدمه، والبنت والبنات فانهن يرثن مع الابن بالقرابة وبدونه بالفرض، والاخت والاخوات للاَب أو للابوين فانهن يرثن مع الاخ بالقرابة ومع عدمه بالفرض، وكالاخوة والاخوات من الام فانهم يرثون بالفرض إذا لم يكن جد للام وبالقرابة معه.
4 ـ من لا يرث إلاّ بالقرابة، كالابن، والاخوة للابوين أو للاب، والجد والاعمام والاخوال.
5 ـ من لا يرث بالفرض ولا بالقرابة بل يرث بالولاء، وهو المُعتِق،
( 317 )
وضامن الجريرة، والاِمام عليه السلام .
الاَمر الثالث ـ في أنواع السهام
مسألة 955 : الفرض هو السهم المقدّر في الكتاب المجيد ـ وهو ستة أنواع ـ واصحابها ثلاثة عشر، كما يلي:
1 ـ النصف، وهو للبنت الواحدة، والاَخت للابوين أو للاب فقط إذا لم يكن معها أخ، وللزوج مع عدم الولد للزوجة وأن نزل.
2 ـ الربع، وهو للزوج مع الولد للزوجة وان نزل، وللزوجة مع عدم الولد للزوج وان نزل، فان كانت واحدة اختصت به وإلاّ فهو لهّن بالسوية.
3 ـ الثمن، وهو للزوجة مع الولد للزوج وان نزل، فإن كانت واحدة اختصت به وإلاّ فهو لهنّ بالسوية.
4 ـ الثلثان، وهو للبنتين فصاعداً مع عدم الابن المساوي، وللاختين فصاعداً للابوين أو للاَب فقط مع عدم الاَخ.
5 ـ الثلث، وهو سهم الاُم مع عدم الولد وان نزل وعدم الاخوة على تفصيل يأتي، وللاخ والاخت من الام مع التعدد.
6 ـ السدس، وهو لكل واحد من الابوين مع الولد وان نزل، وللام مع الاخوة للابوين أو للاب على تفصيل يأتي، وللاخ الواحد من الام والاخت الواحدة منها.
الاَمر الرابع ـ في بطلان العول والتعصيب
مسألة 956 : إذا تعدد الورثة فتارة يكونون جميعاً ذوي فروض،
( 318 )
واُخرى لا يكونون جميعاً ذوي فروض، وثالثة يكون بعضهم ذا فرض دون بعض.
وإذا كانوا جميعاً ذوي فروض فتارة تكون فروضهم مساوية للفريضة، واُخرى تكون زائدة عليها، وثالثة تكون ناقصة عنها:
(فالاولى): مثل ان يترك الميت ابوين وبنتين، فإن سهم كل واحد من الابوين السدس وسهم البنتين الثلثان ومجموعها مساو للفريضة.
(والثانية): مثل ان يترك الميت زوجاً وابوين وبنتين فان السهام في الفرض الربع والسدسان والثلثان وهي زائدة على الفريضة.
وهذه هي المسألة التي ذهب فيها بعض المذاهب الاِسلامية الى العول بمعنى ورود النقص فيها على كل واحد من ذوي الفروض على نسبة فرضه.
ولكن عند الاِمامية يدخل النقص على بعض منهم معين دون بعض.
ففي ارث أهل الطبقة الاولى يدخل النقص على البنت او البنات.
وفي ارث الطبقة الثانية؛ كما إذا ترك زوجاً واختاً من الابوين وأختين من الام، فإن سهم الزوج النصف وسهم الاخت من الابوين النصف وسهم الاختين من الام الثلث ومجموعها زائد على الفريضة؛ يدخل النقص على المتقرب بالابوين كالاخت في المثال دون الزوج ودون المتقرب بالام.
(والثالثة): كما إذا ترك بنتاً واحدة فان لها النصف وتزيد الفريضة نصفاً.
وهذه هي المسألة التي قال فيها بعض المذاهب الاسلامية بالتعصيب بمعنى: اعطاء النصف الزائد الى العصبة. وهم الذكور الذين ينتسبون الى
( 319 )
الميت بغير واسطة أو بواسطة الذكور، وربما عمموها للانثى على تفصيل عندهم في ذلك.
وأما عند الاِمامية فيُردّ الزائد على ذوي الفروض كالبنت في الفرض، فترث النصف بالفرض والنصف الاخر بالردّ.
هذا إذا كان الورثة جميعاً ذوي فروض، وأما إذا لم يكونوا جميعاً ذوي فروض فيقسم المال بينهم على تفصيل يأتي، وإذا كان بعضهم ذا فرض دون آخر أعطي ذو الفرض فرضه وأعطي الباقي لغيره على تفصيل يأتي ان شاء الله تعالى.

( 320 )

الفصـل الثـاني
في موانع الارث

وهي اُمـور:
الاَمر الاَول ـ الكفـر
مسألة 957 : لا يرث الكافر من المسلم وان كان قريباً، ويختص ارثه بالمسلم وان كان بعيداً، فلو كان له ابن كافر وللابن ابن مسلم يرثه ابن الابن دون الابن، وكذا إذا كان له ابن كافر واخ أو عم أو ابن عم مسلم يرثه المسلم دونه، بل وكذا إذا لم يكن له وارث من ذوي الانساب وكان له معتق أو ضامن جريرة مسلم يختص ارثه به دونه، وإذا لم يكن له وارث مسلم في جميع الطبقات من ذوي الانساب وغيرهم إلاّ الاِمام عليه السلام كان ارثه لهه ولم يرث الكافر منه شيئاً، ولا فرق في الكافر بين الاصلي ذمياً كان أم حربياً، والمرتد فطرياً كان أم مليّاً. كما لا فرق في المسلم بين الامامي وغيره.
مسألة 958 : المسلم يرث الكافر ويمنع من إرث الكافر للكافر وإن كان المسلم بعيداً والكافر قريباً، فلو مات كافر وله ولد كافر وأخ مسلم، أو عم مسلم، أو معتق أو ضامن جريرة مسلم ورثه ولم يرثه الكافر، نعم إذا لم يكن له وارث مسلم إلاّ الاِمام عليه السلام لم يرثه بل تكون تركته لورثته الكفارار حسب قواعد الارث، هذا إذا كان الكافر اصلياً، أما إذا كان مرتداً عن ملة أو فطرة فالمشهور ان وارثه الاِمام ولا يرثه الكافر وكان بحكم المسلم، ولكن
( 321 )
لا يبعد أن يكون المرتد كالكافر الاصلي ولا سيما إذا كان مليّاً.
مسألة 959 : إذا مات الكافر وله ولد صغير أو أكثر محكوم بالكفر تبعاً، وكان له وارث مسلم من غير الطبقة الاولى واحداً كان أو متعدداً، دفعت تركته الى المسلم، والاَحوط لزوماً له أن ينفق منها على الصغير الى ان يبلغ فإن اسلم حينئذٍ وبقي شيء من التركة دفعه إليه، وان اسلم قبل بلوغه سلّم الباقي الى الحاكم الشرعي ليتصدّى للانفاق عليه، فان بقى مسلماً الى حين البلوغ دفع اليه المتبقي من التركة ـ ان وجد ـ وإلاّ دفعه الى الوارث المسلم.
مسألة 960 : لو مات مسلم عن ورثة كفار ليس بينهم مسلم فأسلم واحد منهم بعد موته بلا فصل معتد به اختص هو بالاِرث ولم يرثه الباقون ولم ينته الامر الى الامام عليه السلام .
ولو أسلم اكثر من واحد دفعة أو متتالياً ورثوه جميعاً مع المساواة في الطبقة، وإلاّ اختص به من كان مقدّماً بحسبها.
مسألة 961 : لو مات مسلم أو كافر وكان له وارث كافر ووارث مسلم ـ غير الاِمام عليه السلام ـ واسلم وارثه الكافر بعد موته، فإن كان وارثه المسلم واحداً اختص بالارث ولم ينفع لمن اسلم اسلامه، نعم لو كان الواحد هو الزوجة وأسلم قبل القسمة بينها وبين الاِمام عليه السلام نفعه اسلامه، فيأخذ نصيبه من تركته. واما لو كان وارثه المسلم متعدداً فان كان اسلام من اسلم بعد قسمة الارث لم ينفعه اسلامه ولم يرث شيئاً. وأما إذا كان اسلامه قبل القسمة فان كان مساوياً في المرتبة مع الوارث المسلم شاركه، وان كان مقدماً عليه بحسبها انفرد بالميراث؛ كما إذا كان ابناً للميت والوارث المسلم اخوة، وتستثنى من هذا الحكم صورة واحدة تقدمت في المسألة (959).

( 322 )
مسألة 962 : إذا اسلم الوارث بعد قسمة بعض التركة دون بعض كان لكل منهما حكمه، فلم يرث ممّا قسّم واختص بالارث أو شارك فيما لم يقسّم.
مسألة 963 : لو مات كافر ولم يخلف إلاّ ورثة كفاراً ليس بينهم مسلم فاسلم بعضهم بعد موته قيل انه لا أثر لاسلامه وكان الحكم كما قبل اسلامه، فان تقدمت طبقته على طبقة الباقين كما إذا كان ابنا للميت وهم اخوته اختص الاِرث به، وان ساواهم في الطبقة شاركهم، وان تأخرت طبقته كما إذا كان عما للميت وهم اخوته اختص الارث بهم، ولكن لا يبعد ان تكون مشاركته مع الباقين في صورة مساواته معهم في الطبقة في خصوص ما إذا كان اسلامه بعد قسمة التركة بينه وبينهم، واما إذا كان قبلها اختص الارث به، وكذا لا يبعد ان يكون اختصاص الطبقة السابقة بالارث في صورة تأخر طبقة من اسلم في خصوص ما إذا كان من في الطبقة السابقة واحداً، أو متعدداً مع كون اسلام من اسلم بعد قسمة التركة بينهم، وأما إذا كان اسلامه قبل القسمة اختص الارث به.
مسألة 964 : المراد من المسلم والكافر ـ وارثاً وموروثاً وحاجباً ومحجوباً ـ أعم من المسلم والكافر بالاصالة وبالتبعية، ومن الثاني المجنون والطفل غير المميز والمميز الذي لم يختر الاسلام أو الكفر بنفسه، فكل طفل غير مميز أو نحوه كان أحد ابويه مسلماً حال انعقاد نطفته بحكم المسلم فيمنع من ارث الكافر ولا يرثه الكافر بل يرثه الامام عليه السلام إذا لمم يكن له وارث مسلم، وكل طفل غير مميز أو نحوه كان أبواه معاً كافرين حال انعقاد نطفته بحكم الكافر فلا يرث المسلم مطلقاً كما لا يرث الكافر إذا كان له وارث مسلم غير الاِمام ـ على كلام في بعض الصور تقدم في
( 323 )
المسألة (956) ـ نعم إذا اسلم أحد ابويه قبل بلوغه تبعه في الاسلام وجرى عليه حكم المسلمين.
مسألة 965 : المسلمون يتوارثون وان اختلفوا في المذاهب والاصول والعقائد، نعم المنتحلون للاِسلام المحكومون بالكفر ممن تقدم ذكرهم في كتاب الطهارة لا يرثون من المسلم ويرث المسلم منهم.
مسألة 966 : الكفّار يتوارثون وان اختلفوا في الملل والنحل فيرث النصراني من اليهودي وبالعكس، بل يرث الحربي من الذمي وبالعكس، لكن يشترط في أرث بعضهم من بعض فقدان الوارث المسلم كما تقدم.
مسألة 967 : المرتد وهو من خرج عن الاِسلام واختار الكفر على قسمين: فطري وملّي، والفطري من ولد على اسلام احد ابويه أو كليها ثم كفر، وفي اعتبار اسلامه بعد التمييز قبل الكفر وجهان اقربهما الاعتبار.
وحكم الفطري انه يقتل في الحال، وتبين منه زوجته بمجرد ارتداده وينفسخ نكاحها بغير طلاق، وتعتد عدة الوفاة ـ على ما تقدم ـ ثم تتزوج ان شاءت، وتُقسّم امواله التي كانت له حين ارتداده بين ورثته بعد اداء ديونه كالميت ولا ينتظر موته، ولا تفيد توبته ورجوعه الى الاسلام في سقوط الاحكام المذكورة مطلقاً على المشهور، ولكنه لا يخلو عن شوب اشكال، نعم لا اشكال في عدم وجوب استتابته.
وأما بالنسبة الى ما عدا الاحكام الثلاثة المذكورات فالاقوى قبول توبته باطناً وظاهراً، فيطهر بدنه وتصح عباداته ويجوز تزويجه من المسلمة، بل له تجديد العقد على زوجته السابقة حتى قبل خروجها من العدة على القول ببينونتها عنه بمجرد الارتداد، والظاهر انه يملك الاموال
( 324 )
الجديدة باسبابه الاختيارية كالنجارة والحيازة والقهرية كالارث ولو قبل توبته.
واما المرتد الملّي ـ وهو من يقابل الفطري ـ فحكمه انه يستتاب، فان تاب وإلاّ قتل، وانفسخ نكاح زوجته إذا كان الارتداد قبل الدخول أو كانت يائسة أو صغيرة ولم تكن عليها عدة، وأما إذا كان الارتداد بعد الدخول وكانت المرأة في سن من تحيض وجب عليها ان تعتد عدة الطلاق من حين الارتداد، فان رجع عن ارتداده الى الاسلام قبل انقضاء العدة بقي الزواج على حاله على الاقرب وإلاّ انكشف انها قد بانت عنه عند الارتداد.
ولا تقسم أموال المرتد الملي إلاّ بعد موته بالقتل أو غيره، وإذا تاب ثم ارتد ففي وجوب قتله من دون استتابة في الثالثة أو الرابعة اشكال.
هذا إذا كان المرتد رجلاً، واما لو كان امرأة فلا تقتل ولا تنتقل اموالها عنها الى الورثة إلاّ بالموت، وينفسخ نكاحها بمجرد الارتداد بدون اعتداد مع عدم الدخول أو كونها صغيرة أو يائسة وإلاّ توقف الانفساخ على انقضاء العدة وهي بمقدار عدة الطلاق كما مر في المسألة (563).
وتحبس المرتدة ويضيّق عليها وتضرب على الصلاة حتى تتوب فان تابت قبلت توبتها، ولا فرق في ذلك بين أن تكون مرتدة عن ملة أو عن فطرة.
مسألة 968 : يشترط في ترتيب الاثر على الارتداد البلوغ وكمال العقل والقصد والاختيار، فلو اكره على الارتداد فارتد كان لغواً، وكذا إذا كان غافلاً أو ساهياً، أو هازلاً أو سبق لسانه، أو كان صادراً عن الغضب الذي لا يملك معه نفسه ويخرج به عن الاختيار، أو كان عن جهل بالمعنى.

( 325 )

الاَمـر الثاني ـ القتل
مسألة 969 : لا يرث القاتل من المقتول إذا كان القتل عمداً وظلماً، ويرث منه إذا كان بحق قصاصاً أو حداً أو دفاعاً عن نفسه أو عرضه أو ماله، وكذا إذا كان خطأً محضاً كما إذا رمى طائراً فاخطأ واصاب قريبه المورِّث فانه يرثه، نعم لا يرث من ديته التي تتحملها العاقلة على الاقوى.
واما إذا كان القتل خطأ شبيهاً بالعمد وهو ما إذا كان قاصداً لايقاع الفعل على المقتول غير قاصد للقتل، وكان الفعل مما لا يترتب عليه القتل في العادة، كما إذا ضربه بما لا يقتل عادة قاصداً ضربه غير قاصد قتله فادى الى قتله، ففي كونه مثل العمد مانعاً عن الارث أو كالخطأ المحض فلا يمنع منه، قولان، أقواهما الثاني.
مسألة 970 : لا فرق في مانعية القتل العمدي ظلماً عن الارث بين ان يكون بالمباشرة كما لو ضربه بالسيف أو اطلق عليه الرصاص فمات، وان يكون بالتسبيب كما لو القاه في مسبعة فافترسه السبع، أو حبسه في مكان زماناً طويلاً بلا قوت فمات جوعاً أو عطشاً، أو أحضر عنده طعاماً مسموماً من دون علم منه فأكله، أو أمر مجنوناً أو صبياً غير مميز بقتله، فقتله الى غير ذلك من التسبيبات التي ينسب ويستند معها القتل الى المسبب، نعم بعض التسبيبات التي قد يترتب عليها التلف مما لا ينسب ولا يستند الى المسبب كحفر البئر والقاء المزالق والمعاثر في الطرق والمعابر وغير ذلك من دون ان يقصد بها القتل، وان أوجب الضمان والدية على مسببها إلاّ انها غير مانعة من الارث، فيرث حافر البئر في الطريق عن قريبه الذي وقع فيها
( 326 )
ومات إذا لم يقصد به قتله، ولم يكن مما يترتب عليه الموت غالباً، وإلاّ كان قاتلاً عمداً فلا يرث منه.
مسألة 971 : إذا أمر شخصاً عاقلاً بقتل مورّثه، متوعداً بايقاع الضرر عليه أو على من يتعلق به ان لم يفعل، فامتثل أمره باختياره وإرادته فقتله، لم يحرم الآمر من ميراثه؛ لاَنه ليس قاتلاً حقيقة وان كان آثماً ويحكم بحبسه مؤبداً الى ان يموت، ولا فرق في ذلك بين ان يكون ما توعد به هو القتل أو دونه.
مسألة 972 : كما انّ القاتل ممنوع عن الارث من المقتول كذلك لا يكون حاجباً عمن هو دونه في الدرجة ومتأخر عنه في الطبقة، فوجوده كعدمه، فلو قتل شخص أباه وكان له ابن ولم يكن لابيه أولاد غير القاتل يرث ابن القاتل عن جده، وكذا لو انحصر وارث المقتول من الطبقة الاولى في ابنه القاتل وله اخوة كان ميراثه لهم دون ابنه، بل لو لم يكن له وارث إلاّ الاِمام عليه السلام ورثه دون ابنه.
مسألة 973 : لا فرق في مانعية القتل بين ان يكون القاتل واحداً أو متعدداً، وعلى الثاني بين كون جميعهم ورّاثاً أو بعضهم دون البعض.
مسألة 974 : إذا اسقطت الام جنينها كانت عليها ديته لابيه أو غيره من ورثته، وإذا كان الاب هو الجاني على الجنين كانت ديته لامه، وسيأتي مقدار الدية حسب مراتب الحمل في كتاب الديات ان شاء الله تعالى.
مسألة 975 : الدية في حكم مال المقتول، فتقضى منها ديونه، وتخرج منها وصاياه أولاً قبل الارث ثم يوزع الباقي على ورثته كسائر الاموال، ولا فرق في ذلك بين كون القتل خطأ محضاً، أو شبه عمد، أو
( 327 )
عمداً محضاً، فاخذت الدية صلحاً أو لتعذر القصاص بموت الجاني أو فراره أو نحوهما، كما لافرق في مورد الصلح بين ان يكون ما يأخذونه أزيد من الدية أو أقل أو مساوياً، وهكذا لا فرق بين ان يكون المأخوذ من اصناف الدية ام من غيرها.
ويرث الدية كل وارث سواء أكان ميراثه بالنسب ام السبب حتى الزوجين في القتل العمدي وان لم يكن لهما حق القصاص، لكن إذا وقع الصلح والتراضي بالدية ورثا نصيبهما منها، نعم لا يرث منها الاخ والاخت للام، بل ولا سائر من يتقرب بها وحدها كالاخوال والاجداد من قبلها.
مسألة 976 : إذا كانت الجناية على الميت بعد الموت لم تدفع الدية الى الورثة، بل تصرف في وجوه البر عنه، وإذا كان عليه دين ففي وجوب قضائه منها اشكال، والاظهر الوجوب.
الاَمر الثالث ـ الرق
مسألة 977 : الرق مانع من الارث في الوارث والموّروث، فلا يرث الرق من الحر وكذا العكس على تفصيل لا حاجة للتعرض له.
الاَمر الرابع ـ الولادة من الزنى
مسألة 978 : لا توارث بين ولد الزنى وبين ابيه الزاني، ومن يتقرب به، فلا يرثهم كما لا يرثونه، وفي ثبوت التوارث بينه وبين امه الزانية ومن يتقرب بها وعدمه قولان، أقواهما العدم.
مسألة 979 : إذا كان الزنى من احد الابوين دون الآخر، بان كان
( 328 )
الفعل من الآخر شبهة، انتفى التوارث بين الولد والزاني ومن يتقرب به خاصة، ويثبت بينه وبين الذي لا يكون زانياً من أبويه ومن يتقرب به.
مسألة 980 : يثبت التوارث بين ولد الزنى واقربائه من غير الزنى كالولد وكذا الزوج أو الزوجة فيرثهم ويرثونه، وإذا مات مع عدم الوارث فارثه للمولى المعتق، ثم الضامن، ثم الاِمام عليه السلام .
مسألة 981 : الولادة من الوطء المحرّم غير الزنا لا يمنع من التوارث بين الولد وابويه ومن يتقرب بهما، فلو وطىَ الزوج زوجته في حال الاحرام أو في شهر رمضان مثلاً عالمين بالحال فعلقت منه وولدت ثبت التوارث بينه وبينهما.
مسألة 982 : المتولد من وطء الشبهة كالمتولد من الوطء المستحق شرعاً في ثبوت التوارث بينه وبين ابويه ومن يتقرب بهما، وكذلك المتولد من وطء مستحق بحسب سائر الملل والمذاهب فيثبت التوارث بينه وبين اقاربه من الاب والام وغيرهما.
الامر الخامس ـ اللعان
مسألة 983 : يمنع اللعان من التوارث بين الولد ووالده، وكذا بينه وبين اقاربه من قبله كالاعمام والاجداد والاخوة للاب، ولا يمنع من التوارث بين الولد وامه، وكذا بينه وبين اقاربه من قبلها من اخوة واخوال وخالات ونحوهم.
فولد الملاعنة ترثه امه ومن يتقرب بها وأولاده والزوج والزوجة، ولا يرثه الاب ولا من يتقرب به وحده، فان ترك اُمه منفردة كان لها الثلث
( 329 )
فرضاً والباقي يردّ عليها على الاقوى، وان ترك مع الام أولاداً كان لها السدس والباقي لهم للذكر ضعف حظ الانثى، إلاّ إذا كان الولد بنتاً فلها النصف ويردّ الباقي ارباعاً عليها وعلى الام، وإذا ترك زوجاً أو زوجة كان له نصيبه كغيره وتجري الاحكام الاتية في طبقات الارث جميعاً، ولا فرق بينه وبين غيره من الاموات إلاّ في عدم التوارث بينه وبين الاب ومن يتقرب به وحده.
مسألة 984 : لو كان بعض إخوته أو أخواته من الابوين وبعضهم من الام خاصة ورثوه بالسوية من جهة انتسابهم الى الام خاصة، ولا اثر للانتساب الى الاب.
مسألة 985 : لو اعترف الرجل بعد اللعان بان الولد له لحق به فيما عليه لا فيما له، فيرثه الولد ولا يرثه الاب ولا من يتقرب به، ولا يرث الولد من يتقرب بالاب إذا لم يعترف الاب به، وهل يرثهم إذا اعترف به؟ قولان، أقواهما العدم.
مسألة 986 : لا اثر لاِقرار الولد ولا سائر الاقارب في التوارث بعد اللعان، فان ما يؤثر هو اقرار الاب فقط في ارث الولد منه.
مسألة 987 : إذا تبرأ الاب من جريرة ولده ومن ميراثه ثم مات الولد قيل كان ميراثه لعصبة اُمه دون ابيه، ولكن الاقوى انه لا اثر للتبري المذكور في نفي التوارث.