الفصل السابع
في المهر

ويسمى الصداق ايضاً، وهو ما تستحقه المرأة بجعله في العقد، أو بتعيينه بعده، أو بسبب الوطء أو ما هو بحكمه على ماسيأتي تفصيله.
مسألة 286 : كل ما يمكن ان يملكه المسلم يصح ان يجعله مهراً بشرط ان يكون متمولاً عرفاً على الاحوط لزوماً، عيناً كان أو ديناً، أو منفعة لعين مملوكة من دار أو عقار أو حيوان أو نحوها، ويصح جعله منفعة الحرّ حتى عمل الزوج نفسه كتعليم صنعة أو سورة ونحوه من كل عمل محلل، بل الظاهر صحة جعله حقاً مالياً قابلاً للنقل والانتقال كحق التحجير ونحوه.
مسألة 287 : لا تقدير للمهر في جانب القلة، فيصح ما تراضى عليه الزوجان وان قلّ ما لم يخرج بسبب القلة عن المالية ـ على ما مرّ ـ كحبة من الحنطة، وكذا لا تقدير له في جانب الكثرة، نعم يستحب ان لا يتجاوز به مهر السنّة وهو خمسمائة درهم، فلو اراد التجاوز جعل المهر مهر السنة وبذل الزيادة.
مسألة 288 : لا بد من تعيين المهر بما يخرج عن الابهام والترديد، فلو امهرها احد الشيئين مردداً أو خياطة احد ثوبين كذلك بطل المهر دون العقد، وكان لها مع الدخول مهر المثل إلاّ ان يزيد على اقلهما قيمة فيتصالحان في مقدار التفاوت، ولا يعتبر ان يكون المهر معلوماً على النحو المعتبر في البيع وشبهه من المعاوضات، فيكفي مشاهدة عين حاضرة وان جهل كيلها أو وزنها أو عدها أو ذرعها كصبرة من الطعام وقطعة من الذهب
( 91 )
وطاقة مشاهدة من القماش وصبرة حاضرة من الجوز وامثال ذلك.
مسألة 289 : لو جعل المهر خادماً أو بيتاً أو داراً من غير تعيين فالظاهر صحته وينصرف الى الصنف المتعارف بلحاظ حال الزوجين، ومع الاختلاف بين افراده في القيمة يعطيها الفرد الوسط على الاحوط وجوباً، وهل يجري هذا الحكم في غير الثلاثة المذكورات من انواع الاموال أم لا؟ وجهان، لا يخلو أولهما عن رجحان.
مسألة 290 : لو تزوج الذميان على خمر أو خنزير صح العقد والمهر، فلو اسلما قبل القبض فللزوجة قيمته عند مستحليه، وان اسلم احدهما قبله فلا يبعد لزوم القيمة ايضاً.
ولو تزوج المسلم عليه صح العقد وبطل المهر ولها بالدخول مهر المثل إلاّ ان يكون المهر المسمى اقل قيمة منه فيتصالحان في مقدار التفاوت.
مسألة 291 : إذا اصدقها ما في ظرف معين على انه خلّ فبان خمراً بطل المهر فيه قطعاً، وهل تستحق عليه مثله خلاً أو يثبت عليه مهر مثلها بالدخول؟ وجهان اقربهما الاول، ولو جعل المهر مال الغير أو شيئاً باعتقاد كونه ماله فبان خلافه بطل المهر فيه ايضاً، وهل تستحق عليه مهر مثلها بالدخول أو بدله من المثل أو القيمة؟ وجهان ارجحهما الثاني.
مسألة 292 : ذكر المهر ليس شرطاً في صحة العقد الدائم، فلو عقد عليها ولم يذكر مهراً اصلاً ـ بان قالت الزوجة للزوج مثلاً: (زوجتُكَ نفسي)، أو قال وكيلها: (زوجتُ موكِلتَي فلانة)، فقال الزوج: (قبلت) صح العقد، بل لو صرحت بعدم المهر بان قالت: (زوجتُكَ نفسي بلا
( 92 )
مهر)، فقال: (قبلتُ) صح، ويقال لهذاـ اي لايقاع العقد بلا مهر ـ : (تفويض البضع) وللمرأة التي لم يذكر في عقدها مهر (مفوِّضَة البُضع).
مسألة 293 : إذا وقع العقد بلا مهر جاز ان يتراضيا بعد العقد على شيء، سواء أكان بقدر مهر المثل أو أقل منه أو أكثر، ويتعين ذلك مهراً ويكون كالمذكور في العقد.
مسألة 294 : إذا وقع العقد بلا مهر ولم يتفقا على تعيينه بعده لم تستحق المرأة قبل الدخول شيئاً إلاّ إذا طلقها حينئذٍ فتستحق عليه ان يعطيها شيئاً بحسب حاله من الغنى والفقر واليسار والاعسار، ويقال لذلك الشيء: (المتعة)، ولو انفصلا قبل الدخول بامر غير الطلاق لم تستحق شيئاً لا مهراً ولا متعة، وكذا لو مات احدهما قبله، واما لو دخل بها استحقت عليه بسبب الدخول مهر امثالها.
مسألة 295 : المعتبر في مهر المثل في كل مورد يحكم بثبوته ملاحظة حال المرأة وصفاتها من السن والبكارة والنجابة والعفة والعقل والادب والشرف والجمال والكمال واضدادها، بل يلاحظ كل ما له دخل في العرف والعادة في ارتفاع المهر ونقصانه، فتلاحظ اقاربها وعشيرتها وبلدها وغير ذلك من خصوصياتها التي يختلف مقدار المهر باختلافها، والظاهر دخالة حال الزوج في ذلك ايضاً.
مسألة 296 : يجوز ان يذكر المهر في العقد في الجملة ويفوض تقديره وتعيينة الى احد الزوجين بان تقول الزوجة مثلاً: (زوجتُكَ نفسي على ما تحكم، أو أحكم من المهر) فيقول الرجل: (قبلتُ)، فان كان الحاكم الذي فوض اليه تقدير المهر في العقد هو الزوج جاز له ان يحكم
( 93 )
بما يشاء ولم يتقدر بقدر لا في طرف الكثرة ولا في طرف القلة مادام متمولاً، نعم إذا كان التفويض منصرفاً ولو بحسب الارتكاز عن حدّ معين وما دونه لم يجز تعيينه فيه، وان كان الحكم الى الزوجة جاز لها تقديره في طرف القلة بما شاءت وأما في طرف الكثرة فلا يمضي حكمها فيما زاد على مهر السنة ـ وهو خمسمائة درهم ـ على الاحوط وجوباً.
مسألة 297 : إذا مات الحاكم قبل الحُكم وتقدير المهر وقبل الدخول فللزوجة المتعة وان مات بعد الدخول فلها مهر المثل ان كان الحُكم الى الزوج، واما ان كان الحُكم الى الزوجة فلا يبعد ان يكون الثابت هو مهر السنة.
مسألة 298 : إذا جعل مهر امرأة نكاح امرأة اخرى ومهر الاخرى نكاح المرأة الاولى بطل النكاحان، وهذا ما يسمى بـ (نكاح الشغار) وهو ان تتزوج امرأتان برجلين على ان يكون مهر كل واحدة منهما نكاح الاخرى ولا يكون بينهما مهر غير النكاحين، مثل ان يقول احد الرجلين للاخر: (زوجتُكَ بنتي، أو اُختي، على ان تزوجَنِي بنتَكَ أو اُختَكَ، ويكون صداق كل منهما نكاح الاخرى) ويقول الآخر: (قبلتُ وزوجتُكَ بنتي، أو اُختي، هكذا).
واما لو زوج احداهما الآخر بمهر معلوم وشرط عليه ان يزوجه الاخرى بمهر معلوم ايضاً صح العقدان مع توفر سائر شروط الصحة، مثل ان يقول: (زوجتُكَ بنتي، أو اُختي على صداق مائة دينار على ان تُزوجَنِي اُختَكَ، أو بنتَك، هكذا) ويقول الآخر: (قبلتُ وزوجتُكَ بنتي، أو اُختي، على مائة دينار) بل وكذا لو شرط ان يزوجه الاخرى ولم يذكر مهراً اصلاً
( 94 )
مثل ان يقول: (زوجتُكَ بنتي على ان تُزوجَنِي بنتك) فقال: (قبلتُ وزوجتُك بنتي) فانه يصح العقدان مع توفر سائر الشروط، لكن حيث انه لم يذكر المهر تستحق كل منهما مهر المثل بالدخول كما تقدم.
مسألة 299 : إذا تزوج امرأة على مهر معين وكان من نيته ان لا يدفعه اليها صح العقد ووجب عليه دفع المهر.
مسألة 300 : إذا اشرك اباها مثلاً في المهر بان جعل مقداراً من المهر لها ومقداراً منه لابيها، أو جعل مهرها عشرين مثلاً على ان تكون عشرة منها لابيها، سقط ما سماه للاب فلا يستحق شيئاً. ولو لم يشركه في المهر ولكن اشترط عليها ان تعطيه شيئاً من مهرها صحّ، وكذا لو جعل له شيئاً زائداً على مهرها لشرطها عليه ذلك، واما لو كان شرطاً ابتدائياً من الزوج له فلا يصحّ.
مسألة 301 : ما تعارف في بعض البلاد من انه يأخذ بعض اقارب البنت كابيها أو امها أو اختها من الزوج شيئاً ـ وهو المسمى في لسان بعض بـ (شير بها) ـ ليس جزأً من المهر بل هو شيء آخر يؤخذ زائداً على المهر، وحكمه أنه ان كان اعطاؤه وأخذه بعنوان الجعالة بازاء عمل مباح ـ كما إذا اعطى شيئاً للاخ لان يتوسط في البين ويرضي اخته ويسعى في رفع بعض الموانع ـ فلا اشكال في جوازه وحليته، بل في استحقاق القريب له وعدم سلطنة الزوج على استرجاعه بعد اعطائه، وان لم يكن بعنوان الجعالة فان كان اعطاء الزوج للقريب بطيب نفس منه وان كان لاَجل جلب خاطره وارضائه سواء اكان رضاه في نفسه مقصوداً له ام لتوقف رضا البنت على رضاه فالظاهر جواز اخذه للقريب لكن يجوز للزوج استرجاعه مادام
( 95 )
قائماً بعينه.
واما مع عدم رضا الزوج وكون اعطائه من جهة استخلاص البنت حيث ان القريب مانع من تمشية الامر مع رضاها بالتزويج بما بذل لها من المهر فيحرم اخذه وأكله، ويجوز للزوج الرجوع فيه باقياً كان أو تالفاً.
مسألة 302 : يجوز أن يجعل المهر كله حالاً ـ اي بلا أجل ـ ومؤجلاً، وان يجعل بعضه حالاً وبعضه مؤجلاً، ولابد في المؤجل من تعيين الاجل ولو في الجملة مثل ورود المسافر ووضع الحمل ونحو ذلك، ولو كان الاجل مبهماً بحتاً مثل زمان ما أو ورود مسافر ما صحّ العقد وصح المهر ايضاً على الاظهر ولغي التأجيل.
مسألة 303 : يجب على الزوج تسليم المهر، وهو مضمون عليه حتى يسلّمه، فلو تلف قبل تسليمه ـ ولو من دون تعدّ ولا تفريط ـ كان ضامناً لمثله في المثلي ولقيمته في القيمي، نعم لو كان التلف بفعل أجنبي تخيّرت بين الرجوع عليه والرجوع على الزوج، وان كان لو رجعت على الزوج جاز له الرجوع به على الاجنبي.
مسألة 304 : إذا اصدقها شيئاً معيناً فوجدت به عيباً فان رضيت به فهو وإلاّ فالاظهر ان لها ردّه بالعيب والمطالبة ببدله من المثل أو القيمة، وليس لها امساكه بالارش، كما ان احتمال الرجوع ـ مع الردّ والدخول ـ الى مهر المثل ضعيف.
مسألة 305 : إذا حدث في الصداق عيب قبل القبض فالاحوط وجوباً الصلح.
مسألة 306 : إذا كان المهر حالاً فللزوجة الامتناع من التمكين قبل
( 96 )
قبضه سواء كان الزوج متمكناً من الاداء أم لا، ولو مكنته من نفسها فليس لها الامتناع بعد ذلك لاجل ان تقبضه، واما لو كان المهر كله أو بعضه مؤجلاً ـ وقد اخذت بعضه الحال ـ فليس لها الامتناع من التمكين وان حلّ الاَجل ولم تقبض المهر بعد.
مسألة 307 : انما يسقط حق امتناعها عن التمكين فيما إذا وطئها بتمكينه من نفسها اختياراً، فلو وطئها جبراً أو في حال النوم ونحوه أو كان تمكينها عن اكراه من جانب الزوج أوغيره لم يسقط حقها في ذلك.
مسألة 308 : المرأة تملك المهر المسمى بالعقد، فلها التصرف فيه بهبة أو معاوضة أو غيرهما ولو قبل القبض على الاظهر، نعم لا تستقر ملكيتها لتمامه إلاّ بالدخول ـ قبلاً أو دبراً ـ قيل: وفي حكم الدخول ازالة الزوج بكارتها باصبعه من دون رضاها ولكنه محل اشكال، فالاحوط وجوباً التصالح.
مسألة 309 : إذا طلق قبل الدخول سقط نصف المهر المسمى وبقي نصفه، فان كان ديناً عليه ولم يكن قد دفعه برئت ذمته من نصفه، وان كان عيناً صارت مشتركة بينه وبينها، ولو كان دفعه اليها استعاد نصفه ان كان باقياً، وان كان تالفاً استعاد نصف مثله ان كان مثلياً ونصف قيمته ان كان قيمياً ، وفي حكم التلف نقله الى الغير بناقل لازم، واما لو كان انتقاله منها الى الغير بناقل جائز ـ كالبيع بخيار ـ تخيرت: بين الرجوع ودفع نصف العين، وبين دفع بدل النصف، وان كان الاحوط استحباباً هو الاول فيما إذا اراد الزوج عين ماله.
مسألة 310 : إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول فالمشهور استحقاق
( 97 )
المرأة تمام المهر، ولكن الاقوى ان الموت كالطلاق يكون سبباً لتنصيف المهر خصوصاً في موت المرأة، وان كان الاحوط استحباباً التصالح خصوصاً في موت الرجل.
مسألة 311 : إذا حصل للصداق نماءـ متصل كسمن الدابة وكبر الشجرةـ ثم طلقها قبل الدخول كان له نصف مثله أو نصف قيمته وقت تعيينه مهراً، واما لو حصل له نماء منفصل ـ كالنتاج واللبن ـ كان جميعه للزوجة ولا يرد شيء منه الى الزوج، ولو اصدقها حيواناً حاملاً على وجه يدخل الحمل في الصداق كان له النصف منهما وان ولدته عندها.
مسألة 312 : إذا اصدقها تعليم صنعة ثم طلقها قبل الدخول كان لها نصف اجرة تعليمها، ولو كان قد علّمها قبل الطلاق رجع عليها بنصف الاجرة.
مسألة 313 : لو ابرأته من الصداق ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصفه، ولو كان عيناً ووهبتها له رجع عليها بنصف مثلها في المثلي وبنصف قيمتها في القيمي.
مسألة 314 : إذا اعطاها عوضاً عن المهر ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصف المهر لا بنصف العوض.
مسألة 315 : لو كان المهر ديناً وابرأته من نصفه ثم طلقها قبل الدخول كان له الباقي ولم يرجع احدهما على الآخر بشيء، ولو كان عيناً ووهبته نصفها مشاعاً أو معيناً كان الباقي بينهما ويرجع عليها بنصف مثل الموهوب أو نصف قيمته.
مسألة 316 : إذا تبرع بالمهر غير الزوج فطلقها قبل الدخول ففي عود
( 98 )
النصف الى المتبرع أو الى الزوج اشكال فالاحوط وجوباً التصالح بينهما.
مسألة 317 : إذا طلقها قبل الدخول فقد تقدم انه يبقى لها نصف المهر ويسقط النصف الآخر، ولكن هذا فيما إذا لم تعف عن النصف الباقي كلاً أو بعضاً، وإلاّ فيكون الساقط اكثر من النصف.
وكما يجوز للمرأة العفو يجوز ذلك لابيها وجدها من طرف الاب ولوكيلها الذي ولّته أمرها، لكن لا يجوز للاب والجد العفو عن الجميع والاحوط وجوباً ان يراعيا مصلحتها في اصل العفو ومقداره، وأما الوكيل فيتبع حد وكالته عنها في ذلك.
مسألة 318 : إذا كان المهر ديناً على ذمة الزوج يصحّ العفو عنه باسقاطه عن ذمته وابرائه منه، ولا يصح هبته له إلاّ إذا قصد بها الاسقاط فيكون ابراءً ولايحتاج الى القبول، واما لو كان المهر عيناً فلا يصح العفو عنه إلاّ بهبته وتمليكه إياه فيحتاج الى القبول والقبض.
مسألة 319 : إذا أزال غير الزوج بكارة المرأة باكراهها كان عليه مهر مثلها بكراً سواء أزالها بالوطء أم بغيره.
مسألة 320 : إذا كان الوطء لشبهة بان اشتبه الامر على ـ المرأة سواء أكان الواطىء عالماً بالحال أم لا ـ كان لها مهر المثل من غير فرق بين ان يكون الوطء بعقد باطل أو لا بعقد، وأما لو كانت الموطوءة بالشبهة عالمة بالحال بان كان الاشتباه من طرف الواطىء فقط فلا مهر لها.
مسألة 321 : إذا زوّج الاب أو الجد صغيراً فان لم يكن له مال حين العقد كان المهر على من زوّجه، وان كان له مال فان ضمنه من زوّجه كان عليه ايضاً، وان لم يضمنه كان في مال الطفل إذا لم يكن أزيد من مهر المثل
( 99 )
أو كانت مصلحة في تزويجه بأكثر منه، وإلاّ فالاظهر صحة العقد، وتوقف ثبوت المهر المسمى في مال الطفل على إجازته بعد البلوغ فان لم يجز ثبت عليه مهر المثل.
مسألة 322 : إذا دفع الاب أو الجد المهر الذي كان عليه ثم بلغ الصغير فطلّق قبل الدخول، ففي عود نصف المهر الى الولد أو الى الاب أو الجد وجهان فالاحوط التصالح بين الطرفين.
مسألة 323 : إذا اختلف الزوجان بعدما طلّقها في تحقق الدخول وعدمه، فادّعت الزوجة تحققه وأنكر الزوج ذلك، فان كان قولها موافقاً للظاهر ـ كما إذا عاشا معاً مدة من دون وجود مانع شرعي أو غيره لايّ منهما عن الدخول ـ فالقول قولها بيمينها، وإلاّ كان القول قول الزوج بيمينه. وله ان يدفع اليمين عن نفسه باقامة البينة على العدم ان كانت له بينة عليه ـ بناءً على ما هو الاقوى من اغناء بينة المدعى عليه عن يمينه ـ فتشهد البينة على عدم التلاقي بينهما بعد العقد لسفر أو نحوه، أو تشهد على بقاء بكارتها فيما إذا ادعت الدخول قُبلاً وفرض المنافاة بينه وبين بقائها كما هو الغالب.
مسألة 324 : إذا اختلف الزوجان في اصل المهر فادعته الزوجة وأنكره الزوج، فان كان ذلك قبل الدخول ولم يكن لها بينة فالقول قوله بيمينه، وكذا إذا كان بعد الدخول وادعت عليه أزيد من مهر المثل، وأما إذا إدعت عليه مهر المثل أو ما هو اقل منه فالقول قولها بيمينها، إلاّ ان يقيم الزوح البينة على ادائه اليها أو عفوها عنه أو تكفل الغير به ونحو ذلك فان اقام البينة حكم له وإلاّ فله عليها اليمين، فان حلفت حكم لها، وان نكلت
( 100 )
عن الحلف ولم ترده على المدعي جاز للحاكم ان يحكم عليها، كما ان له ان يرد الحلف على المدعي استظهاراً، فان ردت الزوجة اليمين على الزوج أو ردها الحاكم عليه فحلف حكم له، وان نكل حكم عليه.
مسألة 325 : إذا توافقا على اصل المهر واختلفا في مقداره كان القول قول الزوج بيمينه إلاّ إذا أثبتت الزوجة دعواها بالموازين الشرعية، وكذا إذا ادعت كون عين من الاعيان ـ كدار أو بستان ـ مهراً لها وأنكر الزوج فان القول قوله بيمينه وعليها البينة.
مسألة 326 : إذا إختلفا في التعجيل والتأجيل، فقالت المرأة: انه حالّ معجّل. وقال الزوج: انه مؤجل. ولم تكن بينة كان القول قولها بيمينها، وكذا لو اختلفا في زيادة الاجل، كما إذا إدعت انه سنة وادعى انه سنتان.
مسألة 327 : إذا توافقا على المهر وادعى تسليمه ولا بينة، فالقول قولها بيمينها.
مسألة 328 : إذا دفع اليها قدر مهرها ثم اختلفا في كونه هبة أو صداقاً، فان كان مدعي الصداق هي الزوجة ومدعي الهبة هو الزوج يقصد من وراء ذلك استرجاع المال لبقائه قائماً بعينه فالقول قولها بيمينها، وان كان مدّعي الصداق هو الزوج ومدعي الهبة هي الزوجة فلا يبعد إندراجه في باب التداعي، فان تحالفا حكم برجوع المال الى الزوج.
مسألة 329 : إنما يندرج المورد المذكور في باب التداعي فيما إذا لم يكن قول أحدهما خاصة مخالفاً للظاهر بمقتضى العرف والعادة، وإلاّ قدّم قول خصمه بيمينه، كما إذا لم يكن المال من حيث كميته ونوعه وزمان اعطائه وملاحظة حال الزوجين مناسباً للهبة فانه يقدم حينئذٍ قول الزوج
( 101 )
المدعي للصداق بيمينه.
وكذلك ما مرّ من تقديم قول الزوج أو الزوجة مع اليمين في جملة من المسائل السابقة انما هو فيما إذا لم يكن قوله مخالفاً للظاهر، وإلاّ قدّم قول خصمه بيمينه إذا لم يكن كذلك، كما إذا إدعت الزوجة ان تمام مهرها حالّ معجّل وكان مبلغاً كبيراً لا يجعل مثله مهراً معجلاً في العرف والعادة، وإدعى الزوج التأجيل الموافق لهما في مقدار منه فانه يقدم حينئذٍ قوله بيمينه.

تكميل
في الشروط المذكورة في النكاح
مسألة 330 : يجوز ان يشترط في ضمن عقد النكاح كل شرط سائغ، ويجب على المشروط عليه الوفاء به كما في سائر العقود، لكن تخلفه أو تعذره لا يوجب الخيار للمشروط له، فلو شرط عليها ان تقوم بخدمة البيت أو شرطت عليه ان يعيّن لها خادمة تعينها في شؤون البيت، فتخلفت أو تخلف عن الوفاء بالشرط، لم يوجب ذلك الخيار وان أثم المتخلّف.
نعم لو كان الشرط وجود صفة في أحد الزوجين مثل كون الزوجة باكرة أو كون الزوج هاشمياً فتبين خلافه، أوجب الخيار، كما تقدم في خيار التدليس.
مسألة 331 : إذا اشترط ما يخالف مقتضى العقد ـ كأن اشترطت المرأة في عقد الانقطاع ان لا يكون للزوج حق الاستمتاع بها مطلقاً ـ بطل العقد والشرط معاً. ولو اشترط ما يخالف المشروع كأن اشترطت المرأة ان
( 102 )
يكون امر الطلاق والجماع بيدها، أو ان لا يعطي الزوج حق ضرّتها من النفقة والمقاربة ونحو ذلك؛ بطل الشرط وصحّ العقد.
مسألة 332 : لا يجوز اشتراط الخيار في عقد النكاح دواماً ولا انقطاعاً لا للزوج ولا للزوجة، فلو شرطاه بطل الشرط وصحّ العقد كما تقدم.
مسألة 333 : إذا اشترطت الزوجة على الزوج في عقد النكاح أو في غيره ان لا يتزوج عليها صحّ الشرط ويلزم الزوج العمل به، ولكن لو تزوج صحّ زواجه وان كان آثماً.
مسألة 334 : يجوز ان تشترط الزوجة ان تكون وكيلة عن الزوج في طلاق نفسها إما مطلقاً أو في حالات معينة من سفر طويل أو جريمة موجبة لحبسه أو عدم انفاقه عليها شهراً ونحو ذلك، فتكون وكيلة في طلاق نفسها ولا يمكنه عزلها، فاذا طلقت نفسها صحّ طلاقها.
مسألة 335 : إذا اشترطت في العقد أن لا يطأها أو ان لا يفتضها لزم الشرط حتى في النكاح الدائم على الاقوى، فلو خالف حرم الوطء من حيث مخالفة الشرط ولم يلحقه حكم الزنى، ولو أذنت هي بعد ذلك جاز.
مسألة 336 : إذا اشترطت عليه ان يسكنها في بلدها أو في بلد معين غيره أو في منزل مخصوص يلزمه العمل بالشرط ما لم تسقطه.


( 103 )


الفصل الثامن
في الحقوق الزوجيّة وأحكام النشوز والشقاق
مسألة 337 : ان لكل من الزوجين على الآخر حقوقاً بعضها واجب وبعضها مستحب، والواجب منها على أقسام ثلاثة:
القسم الاوّل : حق الزوج على الزوجة، وهو ان تمكّنه من نفسها للمقاربة وغيرها من الاِستمتاعات الثابتة له بمقتضى العقد في اي وقت شاء ولا تمنعه عنها إلاّ لعذر شرعي، وايضاً ان لا تخرج من بيتها من دون اذنه إذا كان ذلك منافياً لحقّه في الاِستمتاع بها بل مطلقاً على الاَظهر.
مسألة 338 : ينبغي للرجل ان يأذن لزوجته في زيارة أقربائها وعيادة مرضاهم وتشييع جنائزهم ونحو ذلك وان لم يجب عليه ذلك، وليس له منعها من الخروج إذا كان للقيام بفعل واجب عليها.
مسألة 339 : لا يحرم على الزوجة سائر الاَفعال ـ غير الخروج من البيت ـ بغير اذن الزوج إلاّ ان يكون منافياً لحقّه في الاِستمتاع منها.
مسألة 340 : لا يستحق الزوج على الزوجة خدمة البيت وحوائجه التي لا تتعلق بالاِستمتاع من الكنس أو الخياطة أو الطبخ أو تنظيف الملابس أو غير ذلك حتى سقي الماء وتمهيد الفراش وإن كان يستحب لها ان تقوم بذلك.
القسم الثاني : حق الزوجة على الزوج، وهو ان ينفق عليها بالغذاء واللباس والمسكن وسائر ما تحتاج اليه بحسب حالها بالقياس اليه على ما سيأتي تفصيله، وان لا يؤذيها أو يظلمها أو يشاكسها من دون وجه شرعي،
( 104 )
وان لا يهجرها رأساً ويجعلها كالمعلّقة لا هي ذات بعل ولا هي مطلّقة، وان لا يترك مقاربتها أزيد من أربعة اشهر على ما تقدّم في المسألة التاسعة.
مسألة 341 : إذا كانت الزوجة لا تقدر على الصبر الى أربعة اشهر بحيث خاف الزوج وقوعها في الحرام إذا لم يواقعها فالاَحوط وجوباً المبادرة الى مواقعتها قبل تمام الاَربعة أو طلاقها وتخلية سبيلها.
القسم الثالث : حق كل من الزوجين على الآخر، وهو «القسم» اي بيتوتة الزوج عند زوجته ليلة من كل أربع ليالٍ على ما سيأتي تفصيله، فهذا حق مشترك للزوجين، يجوز لكل منهما مطالبة الآخر به ويجب عليه الاِجابة، ولو اسقطه احدهما كان للآخر مطالبته وتركه، بخلاف الحقوق المختصة بكل منهما، فالنفقة مثلاً حق للزوجة يسقط بإسقاطها ولا يجب عليها القبول لو انفق، والتمكين مثلاً حق للزوج يجوز له التخلّي عنه ولا يجب عليه القبول لو مكنت الزوجة بخلاف حق القسم.
مسألة 342 : إذا كان للرجل زوجتان أو أزيد فبات عند إحداهن ليلة يجب عليه ان يبيت عند غيرها ايضاً، فاذا كنّ أربع وبات عند إحداهن طاف عليهن في أربع ليالٍ لكل منهن ليلة ولا يفضّل بعضهن على بعض.
وإذا كانت عنده ثلاث فاذا بات عند إحداهن ليلة يجب عليه ان يبيت عند الاُخريين في ليلتين وله ان يفضل احداهن بالليلة الرابعة.
وإذا كانت عنده زوجتان وبات عند احداهما في ليلة لزمه المبيت في ليلة اخرى عند الاخرى، وله ان يجعل لاِحداهما ثلاث ليال وللثانية ليلة واحدة، وبعد ذلك ان شاء ترك المبيت عند الجميع وان شاء شرع فيه على النحو المتقدّم.

( 105 )
والمشهور انّه إذا كانت عنده زوجة واحدة كانت لها في كل أربع ليال ليلة وله ثلاث ليال، وإذا كانت عنده زوجات متعددة يجب عليه القسم بينهن في كل أربع ليال، فاذا كانت عنده أربع كانت لكل منهن ليلة، فاذا تم الدور يجب عليه الابتداء بإحداهن واتمام الدور وهكذا، فليس له ليلة بل يكون جميع لياليه لزوجاته، وإذا كانت له زوجتان فلهما ليلتان من كل أربع ليال وليلتان له، وإذا كانت له ثلاث زوجات كانت لهن ثلاث ليال والفاضل له، والعمل بهذا القول أحوط خصوصاً في الاَكثر من واحدة ولكن الاَقوى ما تقدّم خصوصاً في الواحدة.
مسألة 343 : المقدار الواجب من القسم هو ما ذكرناه من المبيت بأن يبقى عندها في ليلتها بالمقدار المتعارف ويختلف ذلك بإختلاف الاَشخاص والاَحوال، ولا يلزمه مواقعتها في ليلتها، وهل يلزمه مضاجعتها في الفراش بان ينام قريباً منها على النحو المتعارف معطياً لها وجهه بعض الوقت أم لا؟ المشهور ذلك ولكنه لا يخلو عن اشكال وان كان هو الاحوط وجوباً.
مسألة 344 : يختص وجوب المبيت بالزوجة الدائمة فليس للمتمتع بها هذا الحق سواء أكانت واحدة أم اكثر.
مسألة 345 : يجوز للزوجة ان تهب حقّها في المبيت الى زوجها بعوض أو بدونه فيكون له الخيار بين القبول وعدمه، فان قبل صرف ليلته فيما يشاء، ولها ان تهب ليلتها لضرّتها برضى الزوج فيصير الحق لها بقبولها.
مسألة 346 : لا يثبت حق المبيت للصغيرة ولا للمجنونة حال جنونها ولا للناشزة، ويسقط بالسفر وليس له قضاء.

( 106 )
مسألة 347 : يستحب تخصيص البكر أول عرسها بسبع ليال، والثيب بثلاث تتفضلان بذلك على غيرهما، ولا يجب عليه ان يقضي تلك الليالي لنسائه السابقات.
مسألة 348 : إذا اراد الشروع في القسمة بين نسائه كان له الاِبتداء بأيّ منهن شاء وان كان الاَولى والاَحوط التعيين بالقرعة.
مسألة 349 : تستحب التسوية بين الزوجات في الاِنفاق والاِلتفات وطلاقة الوجه والمواقعة وان يكون في صبيحة كل ليلة عند صاحبتها.

(أحكام النشوز والشقاق)

مسألة 350 : النشوز قد يكون من الزوجة، وقد يكون من الزوج:
اما نشوز الزوجة فيتحقق بخروجها عن طاعة الزوج الواجبة عليها، وذلك بعدم تمكينه مما يستحقه من الاِستمتاع بها، ويدخل في ذلك عدم ازالة المنفرات المضادة للتمتع والاِلتذاذ منها، بل وترك التنظيف والتزيين مع اقتضاء الزوج لها، وكذا بخروجها من بيتها من دون اذنه، ولا يتحقق بترك طاعته فيما ليس واجباً عليها كخدمة البيت ونحوها مما مر.
واما نشوز الزوج فيتحقق بمنع الزوجة من حقوقها الواجبة عليه، كترك الانفاق عليها، أو ترك المبيت عندها في ليلتها، أو هجرها بالمرة، أو ايذائها ومشاكستها من دون مبرر شرعي.
مسألة 351 : إذا امتنعت الزوجة من تمكين الزوج من نفسها مطلقاً لم تستحق النفقة عليه، سواء خرجت من عنده أم لا على الاَظهر، واما إذا امتنعت من التمكين في بعض الاَحيان لا لعذر مقبول شرعاً، أو خرجت من
( 107 )
بيتها بغير اذنه كذلك فالمشهور انها لا تستحق النفقة ايضاً، ولكن الاَحوط وجوباً عدم سقوطها بذلك، واما المهر فلا يسقط بالنشوز بلا اشكال.
مسألة 352 : كما يسقط بالنشوز حق الزوجة في النفقة يسقط به حقها في القسم والمواقعة كل أربعة اشهر أيضاً، ويستمر الحال كذلك مادامت ناشزة فاذا رجعت وتابت رجع الاِستحقاق.
مسألة 353 : إذا نشزت الزوجة جاز للزوج ان يتصدى لاِرجاعها الى طاعته، وذلك بأن يعظها أوّلاً فان لم ينفع الوعظ هجرها في المضجع إذا احتمل نفعه، كأن يحوّل إليها ظهره في الفراش، أو يعتزل فراشها إذا كان يشاركها فيه من قبل، فان لم يؤثر ذلك ايضاً جاز له ضربها إذا كان يؤمِّل معه رجوعها الى الطاعة وترك النشوز، ويقتصر منه على اقل مقدار يحتمل معه التأثير، فلا يجوزالزيادة عليه مع حصول الغرض به، وإلاّ تدرج الى الاقوى فالاقوى ما لم يكن مدمياً ولا شديداً مؤثراً في اسوداد بدنها أو احمراره، واللازم ان يكون ذلك بقصد الاِصلاح لا التشفي والاِنتقام، ولو حصل بالضرب جناية وجب الغُرم.
وإذا لم تنفع معها الاجراءات المتقدّمة واصرّت على نشوزها فليس للزوج ان يتّخذ ضدها اجراءً آخر سواء أكان قولياً كإيعادها بما لا يجوز له فعله ـ بخلاف الاِيعاد بما يجوز له كالطلاق أو التزويج عليها ـ أو كان فعلياً كفرك اُذنها أو جرّ شعرها أو حبسها أو غير ذلك، نعم يجوز له رفع امره الى الحاكم الشرعي ليلزمها بما يراه مناسباً كالتعزير ونحوه.
مسألة 354 : إذا نشز الزوج على زوجته بمنعها حقوقها الواجبة عليه فلها المطالبة بها ووعظه وتحذيره، فان لم ينفع فلها رفع امرها الى الحاكم
( 108 )
الشرعي وليس لها هجره ولا ضربه والتعدي عليه.
مسألة 355 : إذا امتنع الزوج عن بذل نفقة زوجته المستحقة لها مع مطالبتها جاز لها ان تأخذها من ماله بدون اذنه، ويجوز لها رفع امرها الى الحاكم الشرعي لاِجباره على الاِنفاق، فان لم يتيسر هذا ولا ذاك واضطرت الى اتخاذ وسيلة لتحصيل معاشها لم يجب عليها اطاعته حال اشتغالها بتلك الوسيلة، وهل لها الامتناع عن القيام بحقوقه في غير تلك الحال أم لا؟ فيه اشكال، والاِحتياط لا يترك.
مسألة 356 : إذا امتنع الزوج عن الاِنفاق مع قدرته عليه فرفعت الزوجة امرها الى الحاكم الشرعي، ابلغه الحاكم بلزوم احد الاَمرين عليه: اما الاِنفاق أو الطلاق، فان امتنع عن الاَمرين ولم يمكن الاِنفاق عليها من ماله ـ ولو ببيع عقاره إذا توقف عليه ـ ولا اجباره على الطلاق جاز للحاكم ان يطلقها بطلبها، وإذا كان الزوج غير قادر على الاِنفاق على زوجته وجب عليه طلاقها إذا لم ترض بالصبر معه، فاذا لم يفعل جاز لها ان ترفع امرها الى الحاكم الشرعي فيأمر الزوج بالطلاق، فان امتنع وتعذر اجباره عليه طلّقها الحاكم، ويقع الطلاق بائناً في الصورتين، ولا فرق فيما ذكر بين الحاضر والغائب وسيأتي حكم المفقود في محلة.
مسألة 357 : إذا امتنع الزوج عن الاِنفاق على زوجته أو كان عاجزاً عن الاِنفاق عليها فتعمّد اخفاء موضع اقامته؛ لكي لا يتسنى للحاكم الشرعي ـ فيما إذا رفعت الزوجة امرها اليه ـ ان يتخذ بشأنه الاجراءات المترتبة المتقدّمة، ففي هذه الحالة هل يجوز للحاكم ان يقوم بطلاق زوجته تلبية لطلبها فيما إذا تعذر عليه تنفيذ ما يتقدم الطلاق من الاِبلاغ وغيره أم
( 109 )
لا؟ فيه وجهان لا يخلو اوّلهما عن قوة.
مسألة 358 : إذا هجر زوجته هجراً كلياً فصارت كالمعلّقة لا هي ذات زوج ولا هي مطلقة، جاز لها رفع امرها الى الحاكم الشرعي، فيُلزم الزوج بأحد الاَمرين: اما العدول عن هجرها وجعلها كالمعلّقة، أو تسريحها لتتمكن من الزواج من رجل آخر، فاذا امتنع منهما جميعاً جاز للحاكم ـ بعد استنفاد كل الوسائل المشروعة لاِجباره حتى الحبس لو امكنه ـ ان يطلّقها بطلبها ذلك. ويقع الطلاق بائناً أو رجعياً حسب اختلاف الموارد، ولا فرق فيما ذكر بين بذل الزوج نفقتها وعدمه.
مسألة 359 : إذا كان الزوج غير قادر على العود الى زوجته كما لو كان محكوماً بالحبس مدة طويلة فصارت كالمعلّقة بغير اختياره، فهل يجب عليه ان يطلّقها إذا لم ترض بالصبر على هذا الحال أم لا؟ فيه اشكال، فالاَحوط وجوباً له الاِستجابة لطلبها في الطلاق، ولكن إذا امتنع فعليها الاِنتظار حتى يفرج الله تعالى عنه.
مسألة 360 : إذا كان الزوج يؤذي زوجته ويشاكسها بغير وجه شرعي، جاز لها رفع امرها الى الحاكم الشرعي ليمنعه من الاِيذاء والظلم ويُلزمه بالمعاشرة معها بالمعروف، فان نفع وإلاّ عزّره بما يراه، فان لم ينفع ايضاً كان لها المطالبة بالطلاق، فان امتنع منه ولم يمكن اجباره عليه طلّقها الحاكم الشرعي.
مسألة 361 : إذا ترك الزوج بعض حقوقها غير الواجبة، أو همّ بطلاقها لكراهته لها مثلاً، أو همّ بالتزويج عليها، فبذلت له مالاً أو بعض حقوقها الواجبة من قسم أو نفقة استمالة له صحّ وحلّ له ذلك، واما لو ترك
( 110 )
بعض حقوقها الواجبة أو آذاها بالضرب أو الشتم وغير ذلك فبذلت مالاً ليقوم بما ترك من حقّها أو ليمسك عن اذيتها أو ليطلقها فتخلص من يده حرم عليه ما بذلت، وان لم يكن من قصده إلجاؤها الى البذل على الاقوى.
مسألة 362 : إذا وقع نشوز من الزوجين ومنافرة وشقاق بين الطرفين بعث الحاكم حكمين ـ حكماً من جانب الزوج وآخر من جانب الزوجةـ للاِصلاح ورفع الشقاق بما رأياه صالحاً من الجمع أو الفراق بإذنهما كما يأتي. ويجب عليهما البحث والاِجتهاد في حالهما؛ وفيما هو السبب والعلّة لحصول الشقاق بينهما؛ ثم يسعيان في امرهما فكلما استقر عليه رأيهما وحكما به نفذ على الزوجين ويلزم عليهما الرضا به بشرط كونه سائغاً، كما لو شرطا على الزوج ان يسكن الزوجة في البلد الفلاني أو في مسكن مخصوص أو عند أبويها أو لا يسكن معها في الدار اُمّه أو اُخته ولو في بيت منفرد أو لا تسكن معها ضرّتها في دار واحدة ونحو ذلك، أو شرطا عليها ان تؤجله بالمهر الحالّ الى اجل أو ترد عليه ما قبضته قرضاً ونحو ذلك، بخلاف ما إذا كان غير سائغ كما إذا شرطا عليه ترك بعض حقوق الضرّة من قسم أو نفقة أو غيرهما.
مسألة 363 : إذا اجتمع الحكمان على التفريق ـ بفدية أو بدونها ـ لم ينفذ حكمهما بذلك إلاّ إذا شرطا عليهما حين بعثهما بأنهما ان شاءا جمعا وان شاءا فرّقا، أو استأذناهما في الطلاق وبذل الفدية حين ما يريدان ذلك. وحيث ان التفريق لا يكون إلاّ بالطلاق فلابدّ من وقوعه عند اجتماع الشرائط، بأن يقع في طهر لم يواقعها فيه وعند حضور العدلين وغير ذلك.
مسألة 364 : الاَحوط ان يكون الحكمان من اهل الطرفين، بأن يكون
( 111 )
حكم من اهله وحكم من اهلها، فان لم يكن لهما اهل أو لم يكن اهلهما اهلاً لهذا الامر تعين من غيرهم، ولا يعتبر ان يكون من جانب كل منهما حكم واحد، بل لو اقتضت المصلحة بعث ازيد تعين.
مسألة 365 : إذا اختلف الحكمان بعث الحاكم حكمين آخرين حتى يتفقا على شيء.
مسألة 366 : ينبغي للحكمين اخلاص النية وقصد الاِصلاح، فمن حسنت نيته فيما تحرّاه اصلح الله مسعاه، كما يرشد الى ذلك قوله جلّ شأنه في هذا المقام (إن يريدا اصلاحاً يوفق الله بينهما).