كتاب الخلع والمباراة


( 190 )

( 191 )
مسألة 611 : الخلع هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها، وإذا كانت الكراهة من الطرفين كان مباراة، وان كانت الكراهة من طرف الزوج خاصة لم يكن خلعاً ولا مباراة.
فالخلع والمباراة نوعان من الطلاق فاذا انضم الى احدهما تطليقتان حرمت المطلَّقة على المطلِّق حتى تنكح زوجاً غيره.
مسألة 612 : يشترط في الخلع جميع ما تقدم اعتباره في الطلاق وهي ثلاثة أمور:
الاول: الصيغة الخاصة، وهي هنا قوله: (انت أو فلانة أو هذه طالق على كذا) وقوله: (خَلعتُكِ على كذا) أو: (انت أو فلانة أو هذه مُخْتلِعة على كذا) بكسر مختلعة وفي صحته بالفتح اشكال، ولا يعتبر في الاَول الحاقه بقوله: (فانت أو فهي مختلِعة على كذا) كما لا يعتبر في الاخيرين الحاقهما بقوله: (فهي أو فأنت طالق على كذا) وان كان الالحاق أحوط وأولى، ولا يقع الخلع بالتقايل بين الزوجين كما لا يقع بغير لفظي الطلاق والخلع على النهج المتقدم.
الثاني: التنجيز، فلو علّق الخلع على أمر مستقبلي معلوم الحصول أو متوقع الحصول، أو أمر حالي محتمل الحصول من غير ان يكون مقوماً لصحة الخلع بطل، ولا يضر تعليقه على امر حالي معلوم الحصول أو أمر محتمل الحصول ولكنه كان مقوماً لصحة الخلع كما لو قال: (خلعتك ان
( 192 )
كنتِ زوجتي أو ان كنتِ كارهةً لي).
الثالث: الاشهاد، بمعنى ايقاع الخلع بحضور رجلين عادلين يسمعان الانشاء.
مسألة 613 : يشترط في الزوج الخالع جميع ما تقدم اعتباره في المطلِّق من البلوغ والعقل والقصد والاختيار، والاشكال المتقدم في طلاق من بلغ عشر سنين جارٍ في خُلعه أيضاً فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه.
ويشترط في الخالع مضافاً إلى ذلك ان لا يكون كارهاً لزوجته وإلاّ لم يقع خلعاً بل يكون مباراة إذا كانت هي ايضاً كارهة لزوجها كما مرّ.
مسألة 614 : يشترط في الزوجة المختلعة جميع ما تقدم اعتباره في المطلَّقة من كونها زوجة دائمة، وكونها معينة بالاسم أو بالاشارة الرافعة للابهام، وكونها طاهرة من الحيض والنفاس إلاّ في الموارد المستثناة، وكونها في طهر لم يواقعها زوجها فيه إلاّ في الموارد المستثناة أيضاً، ولا يعتبر فيها البلوغ ولا العقل، فيصح خلع الصغيرة والمجنونة ويتولى وليهما بذل الفداء.
مسألة 615 : يشترط في المختلِعة ـ مضافاً إلى ما تقدم ـ أمران آخران:
الامر الاَول: ان تكون كارهة لزوجها كما تقدم، ويعتبر بلوغ كراهتها له حداً يحملها على تهديده بترك رعاية حقوقه الزوجية وعدم اقامة حدود الله تعالى فيه.
مسألة 616 : الكراهة المعتبرة في الخلع اعم من ان تكون ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج كقبح منظره وسوء خلقه وفقره وغير ذلك، وان
( 193 )
تكون عرضية من جهة عدم ايفائه بعض حقوقها المستحبة أو قيامه ببعض الاعمال التي تخالف ذوقها كالتزوّج عليها بأُخرى.
واما اذا كان منشأ الكراهة وطلب المفارقة ايذاء الزوج لها بالسب والشتم والضرب ونحوها فارادت تخليص نفسها منه فبذلت شيئاً ليطلقها فالظاهر عدم صحة البذل وبطلان الطلاق خلعاً بل مطلقاً على الاقرب.
ولو كان منشأ الكراهة عدم وفاء الزوج ببعض حقوقها الواجبة كالقسم والنفقة فهل يصح طلاقها خلعاً أم لا؟ فيه وجهان اقربهما الاَول.
مسألة 617 : لو طلقها بعوض مع عدم كراهتها لم يصح الخلع ولم يملك الفدية، ولكن هل يصح الطلاق؟ فيه اشكال والاقرب البطلان إلاّ إذا أوقعه بصيغة الطلاق أو اتبعه بها وملك الفدية بسبب مستقل قد أخذ الطلاق شرطاً فيه، كما إذا صالحته على مال واشترطت عليه ان يطلقها فانه بعقد الصلح المذكور يملك المال وعليه الطلاق، ولا يكون الطلاق حينئذٍ خلعياً بل يكون رجعياً في مورده، حتى إذا اشترطت عليه عدم الرجوع إلاّ انه يحرم عليه مخالفة الشرط، غير انه إذا خالف ورجع صح رجوعه ويثبت للزوجة الخيار في فسخ عقد الصلح من جهة تخلف الشرط.
الامر الثاني ـ مما يعتبر في المختلعة ـ: ان تبذل الفداء لزوجها عوضاً عن الطلاق، ويعتبر في الفداء ان يكون مما يصح تملكه أو ما بحكمه كأن تبذل ديناً لها في ذمته، وان يكون متمولاً عيناً كان أو ديناً أو منفعة وان زاد على المهر المسمّى، وان يكون معلوماً فلو خالعها على الف ولم يعين بطل الخلع، بل الاحوط لزوماً ان يكون معلوماً على النحو المعتبر في المعاوضات بان يكون معلوماً بالكيل في المكيل وبالوزن في الموزون
( 194 )
وبالعّد في المعدود وبالمشاهدة فيما يعتبر بها، نعم اذا كان المبذول مهرها المسمى فالظاهر كفاية العلم به على نحو العلم المعتبر في المهر وقد تقدم بيانه في المسألة (288)، ويصح جعل الفداء ارضاع ولده ولكن مشروطاً بتعيين المدة، واذا جعل كلياً في ذمتها يجوز جعله حالاً ومؤجلاً مع ضبط الاجل.
مسألة 618 : يعتبر في الفداء ان يكون بذله باختيار الزوجة، فلا يصح مع اكراهها على البذل سواء أكان الاكراه من الزوج أم من غيره.
مسألة 619 : يعتبر في الفداء ان يكون مملوكاً للمختلعة أو ما بحكمه كالف دينار على ذمتها أو منفعة دارها إلى عشر سنوات مثلاً، ولا يصح لو كان مملوكاً للغير، فلو تبرع الاجنبي ببذل الفداء لزوجها لم يصح طلاقها خلعاً، نعم لا يبعد صحة البذل والطلاق اذا اوقعه بصيغة الطلاق أو اتبعه بها ويكون رجعياً أو بائناً على حسب اختلاف موارده، وهكذا الحال فيما اذا اذن الغير لها في الافتداء بماله فبذلته لزوجها ليطلقها، أو قام الغير ببذل الفداء له من ماله على وجه مضمون عليها كما لو قالت لشخص: (ابذل لزوجي الف دينار ليطلقني) فبذل له ذلك فطلقها، فانه يصح البذل والطلاق ويحق للباذل الرجوع به عليها لوقوع البذل منه بطلبها.
مسألة 620 : لو جعلت الفداء مال الغير من دون اذنه أو ما لا يملكه المسلم كالخمر مع العلم بذلك بطل البذل فيبطل الخلع بل يبطل مطلقاً إلاّ إذا كان بصيغة الطلاق أو اتبعه بها قاصداً ـ في الحقيقة ـ طلاقها من غير عوض فانه يصح حينئذٍ رجعياً أو بائناً على حسب اختلاف الموارد.
ولو جعلت الفداء مال الغير مع الجهل بانه مال الغير فالمشهور صحة
( 195 )
الخلع وضمانها للمثل أو القيمة وفيه اشكال، بل لا يبعد بطلانه مطلقاً.
وكذا لو جعلت الفداء خمراً بزعم انها خـل ثم بان الخلاف إلاّ إذا كان المقصود جعل ذلك المقدار من الخلّ فداء فيصح خلعاً.
مسألة 621 : إذا خالعها على عين معينة فتبين انها معيبة فان رضي بها صحّ الخلع والا ففي صحته اشكال وان كان لا يخلو من قوة، والاحوط لهما المصالحة في الفداء ولو بدفع الارش أو تعويضه بالمثل أو القيمة.
مسألة 622 : إذا قال أبوها: (طلقها وانت بريَ من صداقها) وكانت بالغة رشيدة فطلقها لم تبرأ ذمته من صداقها، وهل يصح طلاقها رجعياً أو بائناً على حسب اختلاف الموارد؟ فيه اشكال والاقرب البطلان، نعم إذا كان عالماً بعدم ولاية ابيها على ابرائه من صداقها فطلقها بصيغة الطلاق أو اتبعه بها قاصداً ـ في الحقيقة ـ طلاقها من غير عوض صحّ كذلك.
مسألة 623 : الخلع وان كان قسماً من الطلاق وهو من الايقاعات إلاّ انه ـ كما عرفت ـ يشبه العقود في الاحتياج إلى طرفين وانشائين: بذل شيء من طرف الزوجة ليطلقها الزوج، وانشاء الطلاق من طرف الزوج بما بذلت، ويقع ذلك على نحوين:
الاول: ان يقدم البذل من طرفها على ان يطلقها، فيطلقها على ما بذلت.
الثاني: ان يبتدىَ الزوج بالطلاق مصرحاً بذكر العوض فتقبل الزوجة بعده، والاحوط ان يكون الترتيب على النحو الاول.
مسألة 624 : يعتبر في صحة الخلع الموالاة بين انشاء البذل والطلاق بمعنى تعقب احدهما بالاخر قبل انصراف صاحبه عنه، فلو بذلت المرأة
( 196 )
فلم يبادر الزوج إلى ايقاع الطلاق حتى انصرفت المرأة عن بذلها لم يصح الخلع، واشترط بعض الفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ الفورية العرفية بين البذل والطلاق ولكن لا دليل على اعتبارها وان كانت رعايتها أحوط.
مسألة 625 : يجوز ان يكون البذل والطلاق بمباشرة الزوجين أو بتوكيلهما الغير أو بالاختلاف، ويجوز أن يوكلا شخصاً واحداً ليبذل عنها ويطلق عنه، بل الظاهر انه يجوز لكل منهما ان يوكل الاخر فيما هو من طرفه، فيكون أصيلاً فيما يرجع إليه ووكيلاً فيما يرجع إلى الطرف.
مسألة 626 : يصح التوكيل في الخلع في جميع ما يتعلق به من شرط العوض وتعيينه وقبضه وايقاع الطلاق، ومن المرأة في جميع ما يتعلق بها من استدعاء الطلاق وتقدير العوض وتسليمه.
مسألة 627 : إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجين فاما ان تبدأ الزوجة وتقول: (بذلتُ لكَ، أو أعطيتُكَ ما عليكَ من المهر، أو الشيء الكذائي، لتطلِّقني) فيقول الزوج: (انتِ طالق، أو مختلِعة ـ بكسر الـلام ـ على ما بذلتِ، أو على ما أعطيتِ) واما ان يبتدىَ الزوج ـ بعدما تواطئا على الطلاق بعوض ـ فيقول: (انتِ طالق أو مختلعةِ بكذا أو على كذا) فتقول الزوجة: (قبلتُ أو رضيتُ).
وان وقع البذل والطـلاق من وكيلين يقول وكيل الزوجة مخاطباً وكيل الزوج: (عن قبل موكلتي فلانة بذلتُ لموكلِكَ ما عليه من المهر أو المبلغ الكذائي ليخلَعها أو ليطلِّقها) فيقول وكيل الزوج: (زوجة موكلِّي طالق على ما بذَلتْ) أو يقول: (عن قبلِ موكلِّي خلعتُ موكلَتَكَ على ما بذَلتْ).
وان وقع من وكيل احدهما مع الاخر، كوكيل الزوجة مع الزوج يقول
( 197 )
وكيلها مخاطباً الزوج: (عن قبل موكلتي فلانة أو زوجتك بَذلتُ لكَ ما عليك من المهر أو الشيء الكذائي على ان تطلقها) فيقول الزوج: (هي أو زوجتي طالق على ما بذلت) أو يبتدىَ الزوج مخاطباً وكيلها: (موكِلَتُكَ أو زوجتي فلانة طالق على كذا) فيقول وكيلها: (عن قبل موكِلَتي قبلتُ ذلك).
وان وقع ممن كان وكيلاً عن الطرفين يقول: (عن قبل موكلتي فلانة بذلت لموكلي فلان الشيء الكذائي ليطلقها) ثم يقول: (زوجة موكلي طالق على ما بذلت) أو يبتدىَ من طرف الزوج ويقول: (زوجة موكلي طالق على الشّيء الكذائي) ثم يقول من طرف الزوجة: (عن قبل موكلتي قبلت).
ولو فرض ان الزوجة وكلت الزوج في البذل يقول: (عن قبل موكلتي زوجتي بذلت لنفسي كذا لاَطلقها) ثم يقول: (هي طالق على ما بَذَلتْ).
مسألة 628 : إذا استدعت الطلاق من زوجها بعوض معلوم فقالت له: (طلقني أو اخلعني بكذا) فقال الزوج: (انت طالق أو مختلِعة بكذا) ففي وقوعه اشكال فالاحوط اتباعه بالقبول منها بان تقول بعد ذلك: (قبلت).
مسألة 629 : طلاق الخلع بائن لا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة فيما بذلت، ولها الرجوع فيه ما دامت في العدة فاذا رجعت كان له الرجوع اليها.
مسألة 630 : الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بامكان رجوعه بعد رجوعها، فلو لم يجز له الرجوع بان كان الخلع طلاقاً بائناً في نفسه ككونه طلاقاً ثالثاً، أو كانت الزوجة ممن لا عدة لها كاليائسة وغير المدخول بها، أو كان الزوج قد تزوج باختها أو برابعة قبل رجوعها بالبذل، أو نحو ذلك لم يكن لها الرجوع فيما بذلت، وهكذا الحال فيما لو لم يعلم
( 198 )
الزوج برجوعها في الفدية حتى فات زمان الرجوع، كما لو رجعت عند نفسها ولم يطلّع عليه الزوج حتى انقضت العدة فانه لا اثر لرجوعها حينئذٍ.
مسألة 631 : لا توارث بين الزوج والمختلَعة لو مات احدهما في العدة إلاّ إذا رجعت في الفدية فمات أحدهما بعد ذلك قبل انقضائها.
مسألة 632 : المباراة كالخلع في جميع ما تقدم من الشروط والاحكام، وتختلف عنه في اُمور ثلاثـة:
1 ـ انها تترتب على كراهة كل من الزوجين لصاحبه، بخلاف الخلع فانه يترتب على كراهة الزوجة دون الزوج كما مر.
2 ـ انه يشترط فيها ان لا يكون الفداء اكثر من مهرها، بل الاحوط ان يكون اقل منه، بخلاف الخلع فانه فيه على ما تراضيا به ساوى المهر أم زاد عليه أم نقص عنه.
3 ـ انه إذا أوقع انشاءها بلفظ (بارأت) فالاحوط لزوماً ان يتبعه بصيغة الطلاق، فلا يجتزىَ بقوله: (بارأت زوجتي على كذا) حتى يتبعه بقوله (فانت طالق أو هي طالق)، بخلاف الخلع إذ يجوز ان يوقعه بلفظ الخلع مجرداً كما مــرّ.
ويجوز في المباراة ـ كالخلع ـ ايقاعها بلفظ الطلاق مجرداً بان يقول الزوج ـ بعد ما بذلت له شيئاً ليطلقها ـ: (انت طالق على ما بذلت).
مسألة 633 : طلاق المباراة بائن كالخلع لا يجوز الرجوع فيه للزوج ما لم ترجع الزوجة في الفدية قبل انتهاء العدة، فاذا رجعت فيها في العدة جاز له الرجوع اليها على نحو ما تقدم في الخلع.


( 199 )



كِتـابُ الظِّهَارِ




( 200 )


( 201 )



مسألة 634 : الظهار حرام، وموجب لتحريم الزوجة المظاهَر منها، ولزوم الكفارة بالعود إلى مقاربتها كما سيأتي تفصيله.
مسألة 635 : صيغة الظهار أن يقول الزوج مخاطباً للزوجة: (انت عليّ كظهر اُمي) أو يقول بدل أنت: (هذه) مشيراً إليها أو (زوجتي) أو(فلانة)، ويجوز تبديل (عليّ) بقوله (منيّ) أو (عندي) أو (لدي) بل الظاهر عدم اعتبار ذكر لفظة (عليّ) واشباهها اصلاً، بان يقول: (انت كظهر اُمي).
مسألة 636 : لو شبه زوجته بجزء آخر من اجزاء الام ـ كرأسها أو يدها أو بطنها ـ قاصداً به تحريمها على نفسه ففي وقوع الظهار به قولان، اظهرهما عدم الوقوع، وان كان الاحتياط في محله.
مسألة 637 : لو شبهها بامّه جملة بان قال: (انت كاُمي) أو (أنت اُمي) قاصداً به التحريم لا علو المنزلة والتعظيم، أو كبر السنّ وغير ذلك، فالاظهر عدم وقوع الظهار به وان كان الاحوط خلافه.
مسألة 638 : لو شبهها باحدى المحارم النسبية غير الام كالبنت والاخت والعمة والخالة فقال: (انت علىّ كظهر اختي) فالاقرب وقوع الظهار به، وفي الحاق المحرمات بالرضاع وبالمصاهرة بالمحرمات النسبية في ذلك اشكال فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه، ولو قال لها: (انت علىّ حرام) من غير ان يشبهها ببعض محارمه لم تحرم عليه ولم يترتب
( 202 )
عليه أثر اصلاً.
مسألة 639 : الظهار الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل، فلو قالت المرأة لزوجها: (انت علىّ كظهر أبي أو أخي) لم يؤثر شيئاً.
مسألة 640 : يعتبر في الظهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهِر كالطلاق.
ويعتبر في المظاهِر البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم الغضب وان لم يكن سالباً للقصد والاختيار على الاقوى.
ويعتبر في المظاهَر منها خلّوها عن الحيض والنفاس، وكونها في طهـر لم يواقعها فيه على التفصيل المتقدم في المطلقة، وكونها مدخولاً بها على الاصح، وهل يعتبر كونها زوجة دائمية فلا يقع الظهار على المتمتع بها؟ فيه اشكال فالاحتياط لا يترك.
مسألة 641 : لا يقع الظهار إذا قصد به الاضرار بالزوجة، كما لا يقع في يمين بان كان غرضه زجر نفسه عن فعل كما لو قال: (ان كلمتك فانت عليّ كظهر اُمي) أو بعث نفسه على فعل كما لو قال: (ان تركت الصلاة فانتِ علىّ كظهر اُمي).
مسألة 642 : يقع الظهار على نحوين: مطلق ومعلق، والاول ما لم يكن منوطاً بوجود شيء بخلاف الثاني، ويصح التعليق على الوطء كأن يقول (انت عليّ كظهر اُمي ان قاربتك) كما يصح التعليق على غيره حتى الزمان على الاقوى كأن يقول: (انت عليّ كظهر اُمي ان جاء يوم الجمعة) نعم لا يصح التعليق على الاتيان بفعل بقصد زجر نفسه عنه أو على ترك فعل بقصد بعثها نحوه كما مر آنفاً.

( 203 )
مسألة 643 : لو قيد الظهار بمدة كشهر أو سنة ففي صحته اشكال والاقرب البطلان.
مسألة 644 : إذا تحقق الظهار بشرائطه فان كان مطلقاً حرم على المظاهِر وطء المظاهَر منها ولا يحل له حتى يكفِّر، فاذا كفّر حل له وطؤها، ولا تلزمه كفارة أُخرى بعد الوطء، ولو وطئها قبل ان يكفر لزمته كفارتان احداهما للوطء والاُخرى لاِرادة العود إليه، والاظهر عدم حرمة سائر الاستمتاعات عليه قبل التكفير، واما إذا كان معلَّقاً فيحرم عليه الوطء بعد حصول المعلَّق عليه، فلو علّقه على نفس الوطء لم يحرم الوطء المعلَّق عليه ولا تجب به الكفارة.
مسألة 645 : تتكرر الكفارة بتكرر الوطء قبل التكفير، كما انها تتكرر بتكرر الظهار مع تعدد المجلس، واما مع اتحاده ففيه اشكال فلا يترك الاحتياط.
مسألة 646 : كفارة الظهار عتق رقبة، وإذا عجز عنه فصيام شهرين متتابعين، وإذا عجز عنه فاطعام ستين مسكيناً.
مسألة 647 : إذا عجز عن الاُمور الثلاثة صام ثمانية عشر يوماً، وان عجز عنه لم يجزئه الاستغفار على الاحوط لزوماً.
مسألة 648 : إذا ظاهر من زوجته ثم طلقها رجعياً لم يحل له وطؤها حتى يكفر، بخلاف ما إذا تزوجها بعد انقضاء عدتها أو كان الطـلاق بائناً وتزوجها في العدة فانه يسقط حكم الظهار ويجوز له وطؤها بلا تكفير، ولو ارتد احدهما فان كان قبل الدخول او كانت المرأة يائسة أو صغيرة أو كان المرتد هو الرجل عن فطرة ثم تاب المرتد وتزوجها سقط حكم الظهار
( 204 )
وجاز له وطؤها بلا تكفير، واما لو كان الارتداد بعد الدخول ولم تكن المرأة يائسة ولا صغيرة وكان المرتد هو الرجل عن ملة أو هي ـ المرأة ـ مطلقاً فحكمه حكم الطلاق الرجعي، فان تاب المرتد في العدة لم يجز له ان يطأها حتى يكفِّر، وان انقضت عدتها ثم تزوجها جاز له وطؤها من دون كفارة، ولو ظاهر من زوجته ثم مات احدهما لم تثبت الكفارة.
مسألة 649 : إذا صبرت المظاهر منها على ترك وطئها فلا اعتراض، وان لم تصبر رفعت امرها إلى الحاكم، فيحضره ويخيّره بين الرجعة بعد التكفير وبين طلاقها، فان اختار احدهما وإلاّ انظره ثلاثة اشهر من حين المرافعة، فان انقضت المدة ولم يختر احد الامرين حبسه وضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يختار أحدهما، ولا يجبره على خصوص احدهما، وان امتنع عن كليهما طلقها الحاكم على الاقوى.



( 205 )


كِتابُ الاِيـلاءِ




( 206 )


( 207 )



مسألة 650 : الايلاء هو الحلف على ترك وطء الزوجة الدائمة قُبلاً إما أبداً أو مدة تزيد على أربعة أشهر لغرض الاضرار بها. فلا يتحقق الايلاء بالحلف على ترك وطء المتمتع بها، ولا بالحلف على ترك وطء الدائمة مدة لا تزيد على أربعة أشهر، ولا فيما إذا كان لدفع ضـرر الوطء عن نفسه أو عنها أو لنحو ذلك، كما يعتبر فيه ايضاً ان تكون الزوجة مدخولاً بها ولو دبراً فلا يتحقق بالحلف على ترك وطء غير المدخول بها نعم تنعقد اليمين في جميع ذلك وتترتب عليها آثارها مع اجتماع شروطه.
مسألة 651 : يعتبر في المؤلي أن يكون بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً، فلا يقع الايلاء من الصغير والمجنون والمكره والهازل والسكران ومن اشتد به الغضب حتى سلبه قصده أو اختياره، وهل يعتبر أن يكون قادراً على الايلاج فلا يقع من العنين والمجبوب؟ فيه وجهان اقربهما الاَوّل.
مسألة 652 : لا ينعقد الايلاء ـ كمطلق اليمين ـ الا باسم الله تعالى المختص به أو ما ينصرف اطلاقه اليه ولو في مقام الحلف، ولا يعتبر فيه العربية، ولا اللفط الصريح في كون المحلوف عليه ترك الجماع قُبلاً، بل المعتبر صدق كونه حالفاً على ترك ذلك العمل بلفظ ظاهر فيه، فيكفي قوله: (لا أطأُكِ) أو (لا اُجامِعُكِ) أو (لا أمسُّكِ) بل وقوله: (لا جمع رأسي ورأسك وسادة أو مخدة) إذا قصد به ترك الجماع.
مسألة 653 : إذا تم الايلاء بشرائطه فان صبرت المرأة مع امتناعه عن
( 208 )
المواقعة فهو، وإلاّ فلها ان ترفع امرها إلى الحاكم الشرعي فينظره الحاكم أربعة أشهر، فان رجع وواقعها في هذه المدة فهو، وإلاّ الزمه باحد الامرين اما الرجوع أو الطلاق، فان فعل احدهما وإلاّ حبسه وضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يختار احدهما، ولا يجبره على احدهما معيناً، وان امتنع عن كليهما طلقها الحاكم، ولو طلق وقع الطلاق رجعياً أو بائناً على حسب اختلاف موارده.
مسألة 654 : إذا عجز المؤلي عن الوطء كان رجوعه باظهار العزم على الوطء على تقدير القدرة عليه.
مسألة 655 : المشهور بين الفقهاء رضوان الله عليهم ان الاَشهر الاَربعة ـ التي ينظر فيها المؤلي ثم يجبر على احد الامرين بعدها ـ تبدأ من حين الترافع إلى الحاكم، وقيل: من حين الايلاء، فعلى هذا لو لم ترافع حتى انقضت المدة الزمه الحاكم باحد الامرين من دون امهال وانتظار مدة، وهذا القول لا يخلو من قوة، ولكن مع ذلك لا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.
مسألة 656 : اذا اختلفا في الرجوع والوطء فادعاهما المؤلي وانكرت هي فالقول قوله بيمينه.
مسألة 657 : يزول حكم الايلاء بالطلاق البائن وان عقد عليها في العدة بخلاف الطلاق الرجعي فانه وان خرج به من حقها فليست لها المطالبة والترافع إلى الحاكم، لكن لا يزول حكم الايلاء إلاّ بانقضاء عدتها، فلو راجعها في العدة عاد إلى الحكم الاَوّل فلها المطالبة بحقها والمرافعة إلى الحاكم.

( 209 )
مسألة 658 : متى وطئها الزوج بعد الايلاء لزمته الكفارة سواء أكان في مدة التربص أو بعدها أو قبلها لو جعلناها من حين المرافعة؛ لانه قد حنث اليمين على كل حال وان جاز له هذا الحنث بل وجب بعد انقضاء المدة ومطالبتها وامر الحاكم به تخييراً بينه وبين الطلاق. وبهذا تمتاز هذه اليمين عن سائر الايمان، كما انها تمتاز عن غيرها بانه لا يعتبر فيها ما يعتبر في غيرها من كون متعلقها راجحاً شرعاً أو كونه غير مرجوح شرعاً مع رجحانه بحسب الاغراض الدنيوية العقلائية أو اشتماله على مصلحة دنيوية شخصية.
مسألة 659 : إذا آلى من زوجته مدة معينة فدافع عن الرجوع والطلاق إلى ان انقضت المدة لم تجب عليه الكفارة ولو وطئها قبله لزمته الكفارة.
مسألة 660 : لا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين إذا كان الزمان المحلوف على ترك الوطء فيه واحداً.