الخلفاء الاثنا عشر هم أئمة أهل البيت عليهم السلام :
بعد أن تبين بطلان الأقوال السابقة كلها نقول :
إن الخلفاء الاثني عشر الذين بشَّر بهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأحاديث المتقدمة هم أئمة أهل البيت عليهم السلام ، ويدل على ذلك أمور :
1 ـ أن هذه الأحاديث نصَّت على العدد المعيَّن ـ أي الاثني عشر ـ وهو عدد أئمة أهل البيت عليهم السلام ، بلا زيادة ولا نقيصة ، فلا نحتاج لأن نتكلَّف إسقاط بعض أو ضم بعض آخر.
ولا يصح أن يراد بهم ملوك بني أمية أو ملوك بني العباس كلهم ، لأنهم يزيدون على هذا العدد بكثير ، ولا أن يُراد بعضهم دون بعض ، لأنه لا ترجيح في البين ، لأن أحوالهم متقاربة ، وسِيَرهم متشابهة ، مع أن كل واحد منهم لا تنطبق عليه الأوصاف المذكورة في الأحاديث كما مرَّ مفصَّلاً.
2 ـ أن الأحاديث المذكورة أشارت إلى أوصافهم ، فأوضحت أن الدين يكون بهم عزيزاً منيعاً قائماً ، وأن أمر الناس يكون بهم صالحاً ماضياً ، وهذا لا يتحقق إلا إذا تولى أمر المسلمين من يرشدهم إلى الحق ، ويدلّهم على الهدى ، ويحملهم على الخير ، ويكون اتّباع الناس له سبباً لسعادتهم في الدنيا ولفوزهم في الآخرة.
ولا يختلف المسلمون في أن الإسلام يكون عزيزاً منيعاً قائماً ، وأمر الناس يكون ماضياً صالحاً بأئمة أهل البيت عليهم السلام ، الذين أجمعت الأمة على أنهم عصمة للأمة من الضلال ، وأمان لها من الفرقة والاختلاف (1) .
وأما غيرهم ـ ولا سيما بنو أمية ـ فإن الأمة لم تنل بولايتهم إلا التفرق والوقوع في الفتن والمهالك ، وهو واضح لا يحتاج إلى بيان.
____________
(1) فإن أهل السنة لا يختلفون في ورعهم وتقواهم وعلمهم ، وأن الناس لو اتبعوهم لما ضلو ، ولو اجتمعوا عليهم لما افترقوا ، فلذا قلنا بأن الأمة اجمعت واجتمعت عليهم.
( 36 )

3 ـ قد قلنا فيما تقدم أن الغاية من ذِكر هؤلاء الخلفاء في هذه الأحاديث هي الحث على اتّباعهم والاهتداء بهم ، وحديث الثقلين وغيره من الأحاديث التي سنذكرها في الفصل الثالث قد أوضحت أن الذين يلزم اتّباعهم والاهتداء بهم هم أئمة أهل البيت عليهم السلام ، فتكون هذه الأحاديث مبيِّنة للمراد بالخلفاء الاثني عشر في تلك الأحاديث. ولا سيما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أطلق لفظ ( الخليفة ) على العترة النبوية الطاهرة كما في بعض طرق حديث الثقلين ، حيث قال : إني تارك فيكم خليفتين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوض (1).
ولعل قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « كلهم من قريش » فيه نوع إشارة إلى هؤلاء الخلفاء ، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لما أراد أن يوضح هؤلاء الأئمة وينص عليهم بأعيانهم حال الضجيج بينه وبين ذلك ، فاكتفى بالإشارة عن صريح العبارة.
وليس من البعيد أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أوضح هذا الأمر ونص على هؤلاء الأئمة من عترته أو من بني هاشم ، إلا أن يد التحريف عبثت بهذه الأحاديث رعاية لمآرب أعداء آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم من الحُكَّام وغيرهم.
ويشهد لذلك أنها رُويَت هكذا في بعض كتب القوم ، كما في ينابيع المودة وغيره ، عن جابر بن سمرة ، قال : كنت مع أبي عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمعته يقول : بعدي اثنا عشر خليفة. ثم أخفى صوته ، فقلت لأبي : ما الذي أخفى صوته ؟ قال : قال : كلهم من بني هاشم (2).
والحاصل أن صلاح هؤلاء الأئمة ، وحسن سيرتهم ، وطيب سريرتهم ، وأهليتهم للإمامة العظمى والخلافة الكبرى مما لا ينكره إلا مكابر أو متعصب.
أما أهلية الإمام أمير المؤمنين وولديه الحسن والحسين عليهم السلام للإمامة والخلافة فهي واضحة لا تحتاج إلى بيان ، ومع ذلك فقد أقرَّ بها وبأهلية غيرهم
____________
(1) سيأتي تخرجه في الفصل الثالث إن شاء الله تعالى.
(2) ينابيع المودة 3|104.

( 37 )

من الأئمة بعض علماء أهل السنة.
قال الذهبي : فمولانا الإمام علي من الخلفاء الراشدين المشهود لهم بالجنة رضي الله عنه نُحِبّه ونتولاه... وابناه الحسن والحسين فسبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدا شباب أهل الجنة ، لو استُخلفا لكانا أهلاً لذلك (1).
وقال في ترجمة الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام : وكان له جلالة عجيبة ، وحقَّ له والله ذلك ، فقد كان أهلاً للإمامة العظمى ، لشرفه وسؤدده وعلمه وتألّهه ، وكمال عقله (2).
وقال في ترجمة الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام : وكان أحد مَن جمع بين العلم والعمل والسؤدد والشرف والثقة والرزانة ، وكان أهلاً للخلافة (3).
وقال في ترجمة الإمام جعفر الصادق عليه السلام : مناقب جعفر كثيرة ، وكان يصلح للخلافة ، لسؤدده وفضله وعلمه وشرفه رضي الله عنه (4).
وقال في الإمام موسى بن جعفر عليه السلام : كبير القدر ، جيّد العلم ، أولى بالخلافة من هارون [ الرشيد ] (5).
وقال في ترجمة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام : وقد كان علي الرضا كبير الشأن ، أهلاً للخلافة (6).
وقال ابن تيمية في ضمن ردّه على من قال بإمامة الأئمة الاثني عشر دون غيرهم لِما امتازوا به من الفضائل التي لم يحزها غيرهم : إن تلك الفضائل
____________
(1) سير أعلام النبلاء 13|120.
(2) المصدر السابق 4|398. وذكر أهليته للخلافة أيضاً في 13|120.
(3) المصدر السابق 4|402. وكذلك في 13|120.
(4) تاريخ الاسلام : حوادث ووفيات سنة 141 ـ 160 هـ ، ص 93. سير أعلام النبلاء 13|120.
(5) سير أعلام النبلاء 13|120.
(6) المصدر السابق 9|392.

( 38 )

غايتها أن يكون صاحبها أهلاً أن تُعقد له الإمامة ، لكنه لا يصير إماماً بمجرد كونه أهلاً ، كما أنه لا يصير الرجل قاضياً بمجرد كونه أهلاً لذلك.
ثم قال : إن أهلية الإمامة ثابتة لآخرين كثبوتها لهؤلاء ، وهم أهل أن يتولّوا الإمامة ، فلا موجب للتخصيص ، ولم يصيروا بذلك أئمة (1).
وكلامه واضح في الاعتراف بأهلية هؤلاء الأئمة الاثنا عشر عليهم السلام للخلافة ، ولو كان بوسعه إنكار أهليتهم للخلافة لأنكرها كما أنكر كثيراً من الأحاديث الصحيحة في كتابه منهاج السنة كما سيأتي ذِكر بعضها في تضاعيف الكتاب.
هذا ما عثرت عليه من إقرار علماء أهل السنة بأهلية هؤلاء الأئمة ، ولولا قلة المصادر لدي لعثرت على أكثر من ذلك ، ولعل الباحث المتتبّع يجد المزيد ، إلا أن فيما ذكرناه كفاية ، فإن علماءهم مع إقرارهم بأهلية أئمة أهل البيت عليه السلام للخلافة لم يتّفقوا على إدخال الخلفاء الثلاثة الأوائل في الخلفاء الاثني عشر ، فضلاً إثبات أهليتهم وأهلية غيرهم ، وهذا دليل واضح على أن كل ما قالوه لصرف هذه الأحاديث عن أئمة أهل البيت عليه السلام إنما كان ظناً وتخرّصاً لا يغنيان عن الحق شيئاً.

شبهة وجوابها :
قد يقول قائل : إن أئمة أهل البيت لم يتولوا أمور المسلمين وإن كانوا
____________
(1) منهاج السنة النبوية 4|213. قول ابن تيمية هذا يدل على انه لم يكن في وسعه أن يجحد فضل أئمة أهل البيت عليهم السلام وأهليتهم للإمامة ، ولو كان ذلك في وسعه لأنكر ما وسعه الإنكار ، لإنه كان في مقام المناظرة مع خصمه لا في مقام المجاملة. وتنظيره الإمام بالقاضي مغالطة واضحة ، والصحيح ان ينظر بالقاضي المنصوب من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فإنه يكون قاضياً وإن جحده كثير من الناس ، ومع نص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على خلافتهم لا يضرهم من خالفهم ولا من ناواهم. وقوله : ( فلا موجب للتخصيص ) غير صحيح ، لأن التخصيص حاصل بالنصوص الصحيحة الآمرة بالتمسك بأهل البيت دون غيرهم ، فلا سبيل للعدول عنهم إلى غيرهم.
( 39 )

أهلاً لذلك ، فلا يصدق عليهم أنهم خلفاء بمجرد أهليتهم للخلافة ، كما أن القاضي لا يصدق عليه أنه قاض بمجرد كونه أهلاً للقضاء ما لم يتولّ القضاء ، فكيف صار هؤلاء الأئمة هم الخلفاء الاثني عشر ؟

والجواب :
لمَّا دلَّت النصوص الصحيحة على أن الخلفاء الاثني عشر هم أئمة أهل البيت عليهم السلام ، وأنهم هم الذين يجب اتّباعهم ومبايعتهم وطاعتهم دون سواهم. فحينئذ لا يجوز العدول عنهم ، ومبايعة من عداهم ، لأن ذلك تبديل لحكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ورَدٌّ لقوله ، وإبطال لأمره.
على أن انصراف أكثر الناس عنهم لا يصيّرهم رعيّة ، ولا يصير غيرهم أئمة وخلفاء ، كما أن انصراف أكثر الناس عن الاعتقاد بنبوّة النبي لا يبطل نبوّته. قال تعالى ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخِيَرَة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبيناً ) (1).
ولا ريب في أن ثمة فرقاً بين القاضي المنصوب وبين مَن له أهلية القضاء ، فإن الأول يسمَّى قاضياً ، والآخر لا يسمَّى بذلك ، إلا أن هذا أجنبياً عما نحن فيه ، فإن الأئمة قد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهم ونصَّ عليهم ، فهُم خلفاء لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمَّاهم بذلك ، وإن لم يبايعهم الناس أو يقرّوا لهم بالخلافة. وحال هؤلاء حال من نصَّبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم للقضاء فأبى الناس ، فإنه يكون قاضياً شاء الناس أم أبوا ، وهذا واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.
ثم إن الأئمة عليهم السلام قاموا بأمور الإمامة خير قيام ، فبيّنوا الأحكام ، وأوضحوا شرائع الإسلام ، ونفوا عن الدين تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين ، وردّوا شبهات المُضلّين ، فجزاهم الله خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين. والنبوة فضلاً عن الإمامة لا تتقوم باتباع الناس أو بخلافهم ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان رسولاً نبيا وهو في مكة لم يؤمن به إلا قليل ، والإمام كذلك.
____________
(1) سورة الاحزاب ، الآية 36.
( 40 )

شبهة أخرى وجوابها :
وقد يقول قائل : إن بعض الأحاديث الصحيحة دلّت على أن أولئك الخلفاء كلّهم يجتمع عليه الناس ، مع أن أئمة أهل البيت لم يجتمع عليهم أحد ، حتى أمير المؤمنين عليه السلام اختلف الناس في زمانه ، فكيف يكونون هم الأئمة المعنيين في تلك الأحاديث ؟

والجواب :
إذا كان المراد باجتماع الناس عليهم هو ما فهمه بعض علماء أهل السنة من الاتفاق على البيعة ، فهذا لا ينطبق على أي واحد ممن تولّوا أمر الناس ، حتى أبي بكر وعمر ، فإن أبا بكر تمَّت له البيعة في سقيفة بني ساعدة وأكثر المهاجرين كانوا غائبين عنها ، وهذا سيأتي بيانه في الحديث حول بيعة أبي بكر في الفصل الآتي ، وأما عمر فكانت خلافته بنص أبي بكر لا باجتماع الناس ، حتى قال بعضهم لأبي بكر : ما أنت قائل لربّك إذا سألك عن تولية عمر علينا وقد ترى غلظته... (1)
وأما غيرهما ممن جاء بعدهما فقد بيَّنّا أنهم لم يجتمع عليهم الناس بهذا المعنى.
وعليه فإن كان المراد من اجتماع الناس هذا المعنى فهو لا ينطبق على أحد ، فيكون هذا الحديث باطلاً ، فحينئذ لا مناص من القول بأن المراد من اجتماع الناس في الحديث هو اجتماعهم على صلاح هؤلاء الخلفاء ، وحسن سيرتهم ، وطيب سريرتهم ، والاجتماع بهذا المعنى متحقق في أئمة أهل البيت عليهم السلام دون غيرهم ، فهُم وحدهم الذين اتفق الشيعة وأهل السنة على اتّصافهم بذلك ، فيكون هذا المعنى هو المراد في الحديث ، لوجود مصاديق له دون المعنى الأول.
____________
(1) الطبقات الكبرى 3|199 ، تاريخ الخلفاء ، ص 62 ، الصواعق المحرقة 1|254.
( 41 )

قال الدهلوي (1) : وقد عُلم أيضاً من التواريخ وغيرها أن أهل البيت ولا سيما الأئمة الأطهار من خيار خلق الله تعالى بعد النبيين ، وأفضل سائر عباده المخلصين والمقتفين لآثار جدّهم سيد المرسلين (2) .
ويمكن أن نقول : أن اللام في ( الناس ) لاستغراق الصفات ، فيكون المراد بهم الكُمَّل من الناس ، لا سواد الناس الهمج الرعاع ، الذين ينعقون مع كل ناعق ، أتباع سلاطين الجور وأئمة الضلال ، فإنهم لا قيمة لهم ، ولا عبرة بخلافهم.
والكُمَّل من الناس اجتمعوا على بيعة هؤلاء الأئمة خلفاء للأمّة دون غيرهم ، وفيهم بحمد الله كفاية للدلالة على صدق الحديث.

*****

وبعد كل هذا البيان يتّضح أن الخلفاء الاثني عشر الذين بشَّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهم أمّته ، ووصفهم بأن الإسلام يكون بهم عزيزاً منيعاً قائماً ، وأمر الناس يكون بهم صالحاً ماضياً ؟ وكلهم تجتمع عليه الأمة ، لا يمكن أن يكونوا هم أولئك الخلفاء الذين ذكروهم ، وكانت أيامهم مملوءة بالفتن والهرج والاختلاف ، ولياليهم كلها خمر ومجون ، وانتهاك لحرمات الله ، وعبث بأحكام الله ، وما إلى ذلك مما هو معلوم ، فإن الأمة لم تجنِ من ولاية هؤلاء خيراً.
____________
(1) قال محب الدين الخطيب في ترجمته في مقدمة مختصر التحفة الاثني عشرية : كبير علماء الهند في عصره شاه عبد العزيز الدهلوي ( 1159 ـ 1239 ) أكبر أنجال الإمام الصالح الناصح شاه ولي الله الدهلوي ، وكان شاه عبد العزيز يعد خليفة أبيه ووارث علمه.
أقول : هو مؤلف كتاب ( التحفة الاثنا عشرية ) ، وهو شديد التحامل على الشيعة والطعن فيهم وفي مذهبهم على طريقة ابن تيمية وابن حزم ونظائرهما.
(2) مختصر التحفة الاثني عشرية ، ص 55.

( 42 )

وحينئذ لا مناص من الجزم بأن الخلفاء الاثني عشر هم أئمة أهل البيت عليهم السلام ، الذين حث النبي صلى الله عليه وآله وسلم على اتّباعهم والتمسك بهم في أحاديث أخر سيأتي بيانها مفصّلاً في الفصل الثالث إن شاء الله تعالى.
إلا أنَّا نتساءل : هل خفي على أعلام أهل السنة هؤلاء الخلفاء الذين وصفهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأوضح الصفات التي بها امتازوا عن سواهم ؟ أم أنهم أخفوا بيان ذلك للناس ؟
إن زعم خفاء هذه المسألة يرجع في واقعه إلى الطعن في نبي الأمة صلى الله عليه وآله وسلم بالتقصير في بيان هذه المسألة المهمة حتى خفيت على علماء الأمة ، وهذا لا يصدر من مسلم ، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يتحدَّث بالأحاجي والألغاز ولا سيما في أهم المسائل الدينية ، وهي مسألة الإمامة والخلافة.
إذن ، لماذا خفيت هذه المسألة عن علماء أهل السنة ؟ أو لماذا أخفوها ؟
هذه أسئلة تدور ، وتحتّم على أهل السنة أن يجيبوا عليها إجابات علمية صحيحة ليست مبتنية على الظن والتخمين والاحتمالات التي لا تغني من الحق شيئاً.
( وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون )
سورة البقرة : 146




( 43 )

( 2 )
ما هو المُصَحِّح لخلافة أبي بكر ؟


تمهيد :
إن بيعة أبي بكر لم تكن بالنص من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما ذهب إليه مشهور أهل السنة وكافة الشيعة ، كما أنها لم تكن بالشورى بين المسلمين ، ولم تكن بإجماع المسلمين كما سيأتي بيانه ، وإنما كانت فلتة كما عبَّر عنها عمربن الخطاب في حديث السقيفة.
وحيث أن مذهب أهل السنة مبتنٍ في أساسه على خلافة أبي بكر ، فلا بد أن نبحث هذه المسألة من جوانبها ، لنعرف هل هي صحيحة أم غير صحيحة.
وهذا ما سيتّضح من خلال البحوث الآتية :

خلافة أبي بكر لم تكن بالنص من النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
ذهب مشهور أهل السنة إلى أن خلافة أبي بكر لم تكن بنص النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وبذلك صرّح أعلامهم ، وشهدت به كتبهم :
قال عبد القاهر البغدادي في الفَرْق بين الفِرَق في معرض بيانه لعقائد أهل السنة : وقالوا : ليس من النبي صلى الله عليه وسلم نَصّ على إمامة واحد بعينه ، على خلاف قول من زعم من الرافضة أنه نَصَّ على إمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه نصّاً مقطوعاً على صحّته (1) .
____________
(1) الفرق بن الفرق ، ص 349.
( 44 )

وقال أبو حامد الغزالي : ولم يكن نصَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على إمام أصلاً ، إذ لو كان لكان أولى بالظهور من نصبه آحاد الولاة والأمراء على الجنود في البلاد ، ولم يخْفَ ذلك ، فكيف خفي هذا ؟ وإن ظهر فكيف اندرس حتى لم يُنقَل إلينا ؟ فلم يكن أبو بكر إماماً إلا بالاختيار والبيعة (1) .
وقال الإيجي في المواقف : المقصد الرابع : في الإمام الحق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو عندنا أبو بكر ، وعند الشيعة علي رضي الله عنه. لنا وجهان : الأول : أن طريقه إما النص أو الإجماع. أما النص فلم يوجد لما سيأتي ، وأما الإجماع فلم يوجد على غير أبي بكر اتفاقاً (2).
وقال النووي : إن المسلمين أجمعوا على أن الخليفة إذا حضرته مقدمات الموت وقبل ذلك يجوز له الاستخلاف ، ويجوز له تركه ، فإن تركه فقد اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا ، وإلا فقد اقتدى بأبي بكر (3) .
وقال في شرح الحديث الآتي : وفي هذا الحديث دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينص على خليفة ، وهو إجماع أهل السنة وغيرهم (4) .
وقال ابن كثير : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينص على الخلافة عيناً لأحد من الناس ، لا لأبي بكر كما قد زعمه طائفة من أهل السنّة ، ولا لعلي كما يقوله طائفة من الرافضة (5) .
هذا مضافاً إلى أنهم رووا أحاديث واضحة الدلالة على أن النبي لم يستخلف أبا بكر :
منها : ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ، والترمذي وأبو داود
____________
(1) قواعد العقائد ، ص 226.
(2) المواقف ، ص 400.
(3) صحيح مسلم بشرح النووي 12|205.
(4) المصدر السابق 12|205.
(5) البداية والنهاية 5|219.

( 45 )

في سُننهم ، وأحمد في المسند وغيرهم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قيل لعمر : ألا تستخلف ؟ فقال : إن أستخلف فقد استخلف مَن هو خير مني : أبو بكر ، وإن أترك فقد ترك مَن هو خير مني : رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأثنوا عليه ، فقال : راغب وراهب ، وددتُ أني نجوت منها كفافاً ، لا لي ولا عليَّ ، لا أتحمّلها حيّاً وميّتاً (1).
فالنتيجة أن بيعة أبي بكر لم تكن بنص النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

بيعة أبي بكر لم تكن بالإجماع :
إذا اتضح أن خلافة أبي بكر لم تكن بالنص ، فهل انعقد الإجماع عليها أم لا ؟
تحرير الكلام في هذه المسألة من جهتين :
الجهة الأولى : أن الإجماع هل يصلح أن يكون دليلاً في مسألة الخلافة أم لا ؟
لا ريب في أن الإجماع لا يصلح أن يكون دليلاً في هذه المسألة ، فلا بد لمن يتولى الخلافة من مستند شرعي يصحِّح خلافته ، وأما اتفاق الناس عليه فليس بحُجّة ، لأن كل واحد من الناس يجوز عليه الخطأ ، واحتمال الخطأ لا ينتفي بضم غيره إليه ، ولا سيما إذا كان اجتماعهم حاصلاً بأسباب مختلفة : كخوف بعضهم من حصول الفتنة ، وكراهة بعض آخر من إبداء الخِلاف ، وخوف آخرين من الامتناع عن البيعة ، أو ما شاكل ذلك مما سيأتي بيانه ، فحينئذ لا يكون هذا مشمولاً لما رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تجتمع أمتي على
____________
(1) صحيح البخاري 4|2256 الاحكام ، ب 51 ح 7218. صحيح مسلم 3|1454 الإمارة ، ب 2 ح 1823 : 11 ، 12. سنن الترمذي 4|502 ح 2225 قال الترمذي : وهذا حديث صحيح. سنن أبي داود 3|133 ح 2939. صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2|567 ح 2546. مسند أحمد بن حنبل 1|284 ، 295 ، 299 ح 299 ، 322 ، 332.
( 46 )

ضلالة » ، لأن الأمة هنا لم تجتمع على ضلالة ، بل جُمِعَت وأُكرهتْ ، وهذا لا مانع من حصوله ، كما حصل في زمن الأمويين والعباسيين ، إذ أكرَهوا الناس على بيعتهم ، فحينئذ لا تكون تلك الخلافة شرعية.
الجهة الثانية : أن أهل السنة حكموا بأن بيعة أبي بكر في سقيفة بني ساعدة وقعت صحيحة من أول يوم مع أنها لم تكن عامّة ، ولم يتحقق إجماع عليها في أول يوم ، وقالوا : إن البيعة العامة حصلت في اليوم التالي. ولو سلّمنا بحصول الإجماع بعد ذلك ، فما هو المصحِّح لها قبل تحقق الإجماع ؟
ثم إن قوماً ـ سيأتي ذِكرهم ـ من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يبايعوا أبا بكر ، وامتنعوا عن البيعة ، ولم يبايعوا إلا بعد ستة أشهر إن صحَّت عنهم الرواية.
قال ابن الأثير في اُسد الغابة : وكانت بيعتهم ـ يعني مَن تخلَّفوا عن بيعة أبي بكر ـ بعد ستة أشهر على القول الصحيح (1) .
فإذا كانت بيعة أبي بكر صحيحة لأجل الإجماع فالإجماع لم يتحقق ، وإن كانت صحيحة لأمر آخر ، فلا بد من بيانه لننظر فيه هل هو صحيح أم لا.
والذي ذكره بعض علمائهم هو أنهم صحَّحوا خلافة أبي بكر ببيعة أهل الحل والعقد عندهم ، لا بالإجماع. ولذلك صدحَت كلماتهم بذلك وبعدم اشتراط تحقق الإجماع في بيعة الخلفاء.
قال الإيجي في المواقف : وإذا ثبت حصول الإمامة بالاختيار والبيعة ، فاعلم أن ذلك لا يفتقر إلى الإجماع ، إذ لم يقم عليه دليل من العقل أو السمع ، بل الواحد والاثنان من أهل الحل والعقد كاف ، لعلمنا أن الصحابة مع صلابتهم في الدين اكتفوا بذلك ، كعقد عمر لأبي بكر ، وعقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان ، ولم يشترطوا اجتماع مَن في المدينة فضلاً عن اجتماع الأمة. هذا ولم ينكر عليه أحد ، وعليه انطوت الأعصار إلى وقتنا
____________
(1) اُسد الغابة 3|330.
( 47 )

هذا (1) .
وقال الجويني المعروف بإمام الحرمين : اعلموا أنه لا يشترط في عقد الإمامة الإجماع ، بل تنعقد الإمامة وإن لم تُجمِع الأمّة على عقْدها ، والدليل عليه أن الإمامة لما عُقدت لأبي بكر ابتدر لإمضاء أحكام المسلمين ، ولم يتأنَّ لانتشار الأخبار إلى مَن نأى من الصحابة في الأقطار ، ولم يُنكِر مُنكِر. فإذا لم يُشترط الإجماع في عقد الإمامة لم يَثبُت عدد معدود ولا حَدّ محدود ، فالوجه الحكم بأن الإمامة تنعقد بعقد واحد من أهل الحل والعقد (2) .
وقال الماوردي في الأحكام السلطانية : اختلف العلماء في عدد مَن تنعقد به الإمامة منهم على مذاهب شتى ، فقالت طائفة : لا تنعقد إلا بجمهور أهل العقد والحل من كل بلد ، ليكون الرضا به عامّاً ، والتسليم لإمامته إجماعاً ، وهذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكر رضي الله عنه على الخلافة باختيار مَن حضرها ، ولم ينتظر ببيعته قدوم غائب عنها (3) .
الجهة الثالثة : أن الإجماع لم يتم لأحد من هذه الأمة ، حتى مَن اتفق أهل السنة والشيعة على صحّة خلافته ، كأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، فإن أمير المؤمنين عليه السلام لم يبايعه أهل الشام قاطبة ، وامتنع جمع من الصحابة عن بيعته ، كعبد الله بن عمر وزيد بن أرقم ومحمد بن مسلمة وغيرهم.
وأما أبو بكر فقد اعترف الإيجي بعدم انعقاد الإجماع على خلافته كما مرّ ، وتخلّف عن بيعته أمير المؤمنين عليه السلام وبنو هاشم قاطبة وجمع آخر من الصحابة. وقد نصَّ على ذلك جمع من أعلام أهل السنة في كتبهم ومصنَّفاتهم ، وإليك بعض ما ذكروه :
____________
(1) المواقف ، ص 400.
(2) الإرشاد ، ص 424 عن كتاب الالهيات 2|523.
(3) الأحكام السلطانية ، ص 33.

( 48 )

1 ـ الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام : ذكر تخلّفه عن بيعة أبي بكر : البخاري ومسلم في صحيحيهما ، عن عائشة في حديث قالت : وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ، ولم يكن يبايع تلك الأشهر... (1) .
وذَكَر تخلّفه عليه السلام أيضاً ابن حجر في فتح الباري ، ونقله عن المازري (2). وكذا ذكره ابن الأثير في اُسد الغابة (3) ، وفي الكامل في التاريخ (4) ، والحلبي في السيرة الحلبية (5) ، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة (6) ، والطبري في الرياض النضرة (7) ، واليعقوبي في تاريخه ، وأبو الفداء في المختصر في أخبار البشر (8) .
2 ـ عامة بني هاشم : ذَكَر تخلّفهم ابن الأثير في اُسد الغابة (9) ، وفي الكامل في التاريخ (10).
وقال المسعودي في مروج الذهب : ولم يبايعه أحد من بني هاشم حتى ماتت فاطمة رضي الله عنها (11). وكذا ذكره الحلبي في السيرة الحلبية (12).
____________
(1) صحيح البخاري 3|1286 المغازي ، ب 38 ح 4240. صحيح مسلم 3|1380 الجهاد والسير ، ب 16 ح 1759.
(2) فتح الباري 7|398.
(3) اُسد الغابة 3|329.
(4) الكامل في التاريخ 2|325 ، 331.
(5) السيرة الحلبية 3|484.
(6) الإمامة والسياسة ، ص 12.
(7) الرياض النضرة 1|241.
(8) تاريخ اليعقوبي 2|9. تاريخ أبي الفداء 1|219.
(9) اُسد الغابة 3|329.
(10) الكامل في التاريخ 2|325 ، 331.
(11) مروج الذهب 2|301.
(12) السير الحلبية 3|484 ، إلا أنه ذكر العباس ، وقال : وجمع من بني هاشم.

( 49 )

وذَكَر اليعقوبي في تاريخه من بني هاشم : العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والفضل بن العباس (1). وذكر الطبري في الرياض النضرة العباس وبنيه (2).
3 ـ سعد بن عبادة الأنصاري زعيم الخزرج : ذَكَر تخلّفه ابن الأثير في أسد الغابة (3). وقال المسعودي : وخرج سعد بن عبادة ولم يبايع ، فصار إلى الشام ، فقُتل هناك في سنة خمس عشرة (4). وكذا ذكره ابن قتيبة في الإمامة والسياسة (5) ، والطبري في الرياض النضرة (6).
4 ـ الزبير بن العوام : ذَكَر تخلّفه ابن الأثير في أسد الغابة (7) ، وفي الكامل في التاريخ (8) ، والحلبي في السيرة الحلبية (9) ، والطبري في الرياض النضرة (10) ، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما (11).
5 ـ خالد بن سعيد بن العاص الأموي : ذَكَر تخلّفه ابن الأثير في أسد الغابة (12) ، والمحب الطبري في الرياض النضرة (13) ، واليعقوبي وأبو الفداء في
____________
(1) تاريخ اليعقوبي 2|9.
(2) الرياض النضرة 1|241.
(3) اُسد الغابة 3|329.
(4) مروج الذهب 2|301.
(5) الإمامة والسياسة ، ص 10.
(6) الرياض النضرة 1|241.
(7) اُسد الغابة 3|329.
(8) الكامل في التاريخ 2|325 ، 331.
(9) السيرة الحلبية 3|484.
(10) الرياض النضرة 1|241.
(11) تاريخ اليعقوبي 2|9. تاريخ أبي الفداء 1|219.
(12) اُسد الغابة 3|329.
(13) الرياض النضرة 1|241.

( 50 )

تاريخيهما (1).
6 ـ طلحة بن عبيد الله : ذَكَر تخلّفه ابن الأثير في الكامل في التاريخ (2) ، والحلبي في السيرة الحلبية (3) ، والطبري في الرياض النضرة (4) .
7 ـ المقداد بن الأسود : ذَكَر تخلّفه : الحلبي في السيرة الحلبية (5) ، واليعقوبي في تاريخه (6) ، والطبري في الرياض النضرة (7) ، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما (8).
8 ـ سلمان الفارسي : ذَكَر تخلّفه اليعقوبي في تاريخه (9) ، والطبري في الرياض النضرة (10) ، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما (11).
9 ـ أبو ذر الغفاري : ذَكَر تخلّفه اليعقوبي في تاريخه (12) ، والطبري في الرياض النضرة (13) ، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما (14).
____________
(1) تاريخ اليعقوبي 2|9. تاريخ أبي الفداء 1|219.
(2) الكامل في التاريخ 2|325.
(3) السيرة الحلبية 3|484.
(4) الرياض النضرة 1|241.
(5) السيرة الحلبية 3|484.
(6) تاريخ اليعقوبي 2|103.
(7) الرياض النضرة 1|241.
(8) تاريخ اليعقوبي 2|9. تاريخ أبي الفداء 1|219.
(9) تاريخ اليعقوبي 2|103.
(10) الرياض النضرة 1|241.
(11) تاريخ اليعقوبي 2|9. تاريخ أبي الفداء 1|219.
(12) تاريخ اليعقوبي 2|103.
(13) الرياض النضرة 1|241.
(14) تاريخ اليعقوبي 2|9. تاريخ أبي الفداء 1|219.

( 51 )

10 ـ عمار بن ياسر : ذَكَر تخلّفه اليعقوبي في تاريخه (1) ، والطبري في الرياض النضرة (2) ، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما (3).
11 ـ البراء بن عازب : ذَكَر تخلّفه اليعقوبي في تاريخه (4) ، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما (5).
12 ـ أُبَي بن كعب : ذَكَر تخلّفه اليعقوبي في تاريخه (6) ، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما (7).
13 ـ عتبة بن أبي لهب : ذَكَر تخلّفه أبو الفداء في تاريخه ، وقال : إنه قال :

ما كنتُ أحسبُ أن الأمرَ منصرفٌ * عن هاشمٍ ثم منهم عن أبي حـسـَنِ
عن أولِ الناسِ إيماناً وسابقـــةٌ * وأعلمِ الناسِ بالقـرآنِ والسُّنَـــنِ
وآخرِ الناسِ عهــداً بالنبيِّ ومَنْ * جبريلُ عونٌ له فـي الغُسْلِ والكفَنِ
مَن فيه ما فيهمُ لا يمتــرون بهِ * وليس في القومِ ما فيه من الحسَنِ (8)

14 ـ أبو سفيان : ذكر تخلّفه اليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما (9) .
وفي ذِكر هؤلاء القوم كفاية في الدلالة على عدم تحقق إجماع الصحابة على بيعة أبي بكر.
____________
(1) تاريخ اليعقوبي 2|103.
(2) الرياض النضرة 1|241.
(3) تاريخ اليعقوبي 2|9. تاريخ أبي الفداء 1|219.
(4) تاريخ اليعقوبي 2|103.
(5) تاريخ اليعقوبي 2|9. تاريخ أبي الفداء 1|219.
(6) تاريخ اليعقوبي 2|103.
(7) تاريخ اليعقوبي 2|9. تاريخ أبي الفداء 1|219.
(8) المصدران السابقان.
(9) تاريخ اليعقوبي 2 |10. تاريخ أبي الفداء 1|219.