ما ذكروه في ذم الأئمة الأربعة :
ما قيل في ذم الأئمة الأربعة كثير ، ولا يسعنا حصره ، وما سندرجه في هذه الفقرة لم نتقوّله عليهم ، بل هو مذكور في كتب علماء أهل السنة ، وصادر من علمائهم ، وقد ذكرنا مصادره في الحواشي لتوثيق النقل عنهم.
وليس غرضنا من نقله الإزراء بهم أو الطعن فيهم ، فإن أئمة المذاهب وفدوا على ربّهم ، والله أعلم بحالهم ، ولكن الغاية هي أن يعلم القارئ الكريم أن هؤلاء رجال غير معصومين ، وقد قيل فيهم ما قيل إن صدقاً وإن كذباً ، ونحن نذكره لكي يتحقق الفرد المسلم في اختيار الأئمة في الدين ، وليعلم أن الواجب عليه هو اتباع مَن أُمر باتباعهم ، وهم أهل البيت عليهم السلام دون غيرهم ، والله أعلم بحقائق الأمور.
وإليك بعض ما قالوه فيهم :

1 ـ ما قالوه في أبي حنيفة :
قال البخاري : كان مرجئاً ، سكتوا عن رأيه وعن حديثه (1).
وروى البخاري في تاريخه الصغير أن سفيان لَمَّا نُعي أبو حنيفة قال : الحمد لله ، كان ينقض الإسلام عروة ، ما وُلد في الإسلام أشأم منه (2).
وقال ابن عبد البر في كتاب الانتقاء : ممن طعن عليه وجرحه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، فقال في كتابه في الضعفاء والمتروكين :
أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ، قال نعيم بن حماد : نا يحيى بن
____________
(1) التاريخ الكبير 8|81 ت 2253. وذكر الخطيب في تاريخ بغداد 13|379 ـ 380. 398 ، 399 من قال إن أبا حنيفة من المرجئة. وقال أبن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2|1072 ( ط محققة ) : ونقموا أيضاً على أبي حنيفة الإرجاء ، ومن أهل العلم من ينسب إلى الإرجاء كثير ، ولم يعن أحد بنقل قبيح ما قيل فيه كما عنوا بذلك في أبي حنيفة لإمامته. وراجع الكامل في ضعفاء الرجال 7|8.
(2) التاريخ الصغر 2|93. تاريخ بغداد 13|418. الكامل في ضعفاء الرجال 7|8.

( 138 )

سعيد ومعاذ بن معاذ ، سمعا سفيان الثوري يقول : قيل : استُتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين (1). وقال نعيم عن الفزاري : كنت عند سفيان بن عيينة ، فجاء نعي أبي حنيفة ، فقال : لعنه الله ، كان يهدم الإسلام عروةً عروة ، ما وُلد في الإسلام مولود أشر منه. هذا ما ذكره البخاري (2).
وقال : قال ابن الجارود في كتابه في الضعفاء والمتروكين : النعمان بن ثابت جُل حديثه وهم ، وقد اختُلف في إسلامه.
وقال : وقد روي عن مالك رحمه الله أنه قال في أبي حنيفة نحو ما ذكر سفيان أنه شر مولود وُلد في الإسلام ، وأنه لو خرج على هذه الأمة بالسيف كان أهون (3).
قلت : ورواه الخطيب البغدادي أيضاً عن الأوزاعي وحماد (4) ومالك (5).
وقال الذهبي : ضعَّفه النسائي من جهة حفظه ، وابن عدي وآخرون (6) ، وترجم له الخطيب في فصلين من تاريخه ، واستوفى كلام الفريقين : معدِّليه ومضعِّفيه (7).
وروى ابن أبي حاتم عن ابن المبارك أنه قال : كان أبو حنيفة مسكيناً في الحديث. وعن أحمد بن حنبل أن أبا حنيفة ذُكِر عنده فقال : رأيه مذموم ، وبدنه لا يذكر. وعن محمد بن جابر اليمامي أنه قال : سرَق أبو حنيفة كتب
____________
(1) وذكره أيضاً الخطيب في تاريخ بغداد 13|390 ـ 393.
(2) الأنتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء ، ص 149 ـ 150.
(3) المصدر السابق ، ص 150.
(4) تاريخ بغداد 13|420.
(5) المصدر السابق 13|415.
(6) روى الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 13|450 ـ 451 أن أبا حنيفة ضعفة : يحيى بن معين ، وعلي بن المديني ، وعمرو بن علي ، والجوزجاني ، وابن أبي شيبة ، ومسلم ، والنسائي. وضعفه كذلك ابن عدي في الكامل 7|5 ـ 12.
(7) ميزان الاعتدال 4|265 ت 9092.

( 139 )

حماد مني (1).
وذكر ابن سعد في الطبقات عن محمد بن عمر ، قال : كان ضعيفاً في الحديث (2).
وذكر أبو نعيم في حلية الأولياء ، والخطيب في تاريخه أن مالك بن أنس ذَكَرَ أبا حنيفة ، فقال : كاد الدين ، ومَن كاد الدين فليس مِن أهله.
وعن الوليد بن مسلم قال : قال لي مالك : يُذْكَر أبو حنيفة ببلدكم ؟ قلت: نعم. قال : ما ينبغي لبلدكم أن تُسكَن (3).
وقال سفيان بن عيينة : ما زال أمر الناس معتدلاً حتى غيَّر ذلك أبو حنيفة بالكوفة ، والبتي بالبصرة ، وربيعة بالمدينة (4).
وقال أحمد بن حنبل : ما قول أبي حنيفة والبعر عندي إلا سواء (5).
وقال الشافعي : نظرت في كتاب لأبي حنيفة فيه عشرون ومائة ، أو ثلاثون ومائة ورقة ، فوجدت فيه ثمانين ورقة في الوضوء والصلاة ، ووجدت فيه إما خلافاً لكتاب الله ، أو لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو اختلاف قول ، أو تناقض ، أو خلاف قياس (6).
وروى الخطيب عن أبي بكر بن أبي داود أنه قال لأصحابه : ما تقولون في مسألة اتفق عليها مالك وأصحابه ، والشافعي وأصحابه ، والأوزاعي وأصحابه ، والحسن بن صالح وأصحابه ، وسفيان الثوري وأصحابه ، وأحمدبن حنبل وأصحابه ؟ فقالوا : يا أبا بكر ، لا تكون مسألة أصح من
____________
(1) الجرح والتعديل 8|450 ت 2062.
(2) الطبقات الكبرى 6|368.
(3) حلية الاولياء 6|325. تاريخ بغداد 13|421. الكامل في ضعفاء الرجال 7|6.
(4) الإحكام في أصول الأحكام 6|223. تاريخ بغداد 13|413 ـ 414.
(5) تاريخ بغداد 13|439.
(6) حلية الاولياء 10|103.

( 140 )

هذه. فقال : هؤلاء كلهم اتفقوا على تضليل أبي حنيفة (1).
وبالجملة ، فما قالوه في الطعن في أبي حنيفة كثير جداً ، ولا يسعنا استقصاؤه ، وقد أعرضنا عن أمور عظيمة ذكروها فيه ، ومن شاء الاستزادة فليرجع إلى تاريخ بغداد ، والانتقاء ، وجامع بيان العلم وفضله وغيرها (2).

2 ـ ما قالوه في مالك :
ذكر الذهبي في تذكرة الحفاظ أن مالكاً لم يشهد الجماعة خمساً وعشرين سنة.
وذكر عن ابن سعد أن مالكاً كان يأتي المسجد ليشهد الصلوات والجنائز، ويعود المرضى ، ويقضي الحقوق ، ويجلس في المسجد ، ثم ترك الجلوس فيه ، فكان يصلي وينصرف ، وترك شهود الجنائز ، فكان يأتي أصحابه فيعزّيهم ، ثم ترك ذلك كله والصلاة في المسجد والجمعة (3).
وذُكر أنه بكى في مرض موته ، وقال : والله لوددت أني ضُرِبتُ في كل مسألة أفتيت بها ، وليتني لم أُفتِ بالرأي (4).
وذكر الذهبي عن الهيثم بن جميل قال : سمعت مالكاً سُئل عن ثمان وأربعين مسألة ، فأجاب عن اثنتين وثلاثين منها بـ « لا أدري ».
وعن خالد بن خداش ، قال : قدمتُ على مالك بأربعين مسألة ، فما
____________
(1) تاريخ بغداد 13|394.
(2) تاريخ بغداد 13|370 ـ 454 ذكر الخطيب أكثر من 150 قولا في ذمه ص 147 ـ 152. جامع بيان العلم وفضله 2|1074 ، 1079 ، 1086 ( ط محققة ) الكامل في ضعفاء الرجال 7|5 ـ 12.
(3) تذكرة الحفاظ 1|210 ت 199. شذرات الذهب 1 |289 ـ 290 وفيات الاعيان
(4) شذرات الذهب 1|292. وفيات الاعيان 4|137. الإحكام في أصول الأحكام الدين 6|224. جامع بيان العلم وفضله 2|1072 ( ط محققة ).

( 141 )

أجابني منها إلا على خمس مسائل (1).
وروى الخطيب عن أحمد بن حنبل أنه سُئل عن مالك ، فقال : حديث صحيح ، ورأي ضعيف (2).
وعن مالك أيضاً أنه ربما كان يُسأل خمسين مسألة ، فلا يجيب في واحدة منها (3).
ونقل ابن عبد البر عن الليث بن سعد أنه قال : أحصيت على مالك بن أنس سبعين مسألة كلها مخالفة لسُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قال فيها برأيه ، قال : ولقد كتبت إليه أعظه في ذلك (4).
وعن المروزي قال : وكذلك كان كلام مالك في محمد بن إسحاق لشيء بلَغَه عنه تكلّم به في نَسَبه وعِلْمه (5).
وعن سلمة بن سليمان قال : قلت لابن المبارك : وضعتَ من رأي أبي حنيفة ، ولم تضع من رأي مالك ؟ قال : لم أره علماً (6).
وقال ابن عبد البر : وقد تكلم ابن أبي ذئب في مالك بن أنس بكلام فيه جفاء وخشونة ، كرهتُ ذِكره ، وهو مشهور عنه ، قاله إنكاراً لقول مالك في حديث البيِّعين بالخيار... (7) ، وتكلم في مالك أيضاً فيما ذكره الساجي في كتاب العلل : عبد العزيز بن أبي سلمة ، وعبد الرحمن بن زيد بن
____________
(1) سير أعلام النبلاء 8|77.
(2) تاريخ بغداد 13|445.
(3) فتاوى ومسائل ابن الصلاح 1|13.
(4) جامع بيان العلم وفضله 2|1080 ( ط محققة ).
(5) المصدر السابق 2|1105.
(6) المصدر السابق 2|1109.
(7) ذكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 2|302 عن أحمد بن حنبل قال : بلغ ابن ابي ذئب أن مالكا لم يأخذ بحديث ( البيعين الخيار ) ، قال : يستتاب وإلا ضربت عنقه.

( 142 )

أسلم ، وابن إسحاق ، وابن أبي يحيى ، وابن أبي الزناد ، وعابوا عليه أشياءمن مذهبه ، وتكلم فيه غيرهم لتركه الرواية عن سعد بن إبراهيم ، وروايته عن داود بن الحصين وثور بن زيد ، وتحامل عليه الشافعي وبعض أصحاب أبي حنيفة في شيء من رأيه حسَداً لموضع إمامته ، وعابَهُ قوم في إنكاره المسح على الخفَّين في الحضر والسفر ، وفي كلامه في علي وعثمان، وفتياه إتيان النساء من الأعجاز ، وفي قعوده عن مشاهدة الجماعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونسبوه بذلك إلى ما لا يحسن ذِكره (1).
قال ابن حجر : ويقال إن سعداً (2) وعظ مالكاً فوجد عليه ، فلم يروِ عنه... وقال أحمد بن البرقي : سألت يحيى عن قول بعض الناس في سعد أنه كان يرى القدر وترك مالك الرواية عنه. فقال : لم يكن يرى القدر ، وإنما ترك مالك الرواية عنه لأنه تكلم في نسب مالك ، فكان مالك لا يروي عنه ، وهو ثَبْت لا شك فيه (3).

3 ـ ما قالوه في الشافعي :
قيل ليحيى بن معين : والشافعي كان يكذب ؟ قال : ما أحب حديثه ولا ذِكْره (4).
واشتهر عن يحيى أنه كان يقول عن الشافعي : إنه ليس بثقة (5).
وأخرج ابن حجر في توالي التأسيس عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه قال : كان الشافعي قد مرض من هذا الباسور مرضاً شديداً ، حتى ساء
____________
(1) المصدر السابق 2|1115.
(2) هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ، كان قاضي المدينة ، روى عنه الستة.
(3) تهذيب التهذيب 3|403 ـ 404.
(4) جامع العلم وفضله 2|1083 ( ط محققة ).
(5) المصدر السابق 2|1114.

( 143 )

خُلُقه ، فسمعته يقول : إني لآتي الخطأ وأنا أعرفه (1).
وذكر ابن حجر في لسان الميزان عن معمر بن شبيب أنه سمع المأمون يقول : امتحنت الشافعي في كل شيء فوجدته كاملاً ، وقد بقيت خصلة ، وهو أن أسقيه من الهندبا تغلب على الرجل الجسيد العقل. فحدّثني ثابت الخادم أنه استدعى به فأعطاه رطلاً فقال : يا أمير المؤمنين ما شربته قط. فعزم عليه فشربه ، ثم والى عليه عشرين رطلاً فما تغير عقله ، ولا زال عن حُجّة (2).
قلت : لعل الشافعي شربه تقية ، لأنه كان يرى التقية من الخلفاء.

4 ـ ما قالوه في أحمد بن حنبل :
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعتُ أبي يقول : وددتُ أني نجوت من هذا الأمر ، لا عليَّ ولا لي (3).
وعن أبي بكر الأثرم ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يُستفتَى ، فيكثر أن يقول : لا أدري (4).
وقال الفخر الرازي : إنه ـ يعني الإمام أحمد ـ ما كان في علم المناظرة والمجادلة قوياً ، وهو الذي قال : لولا الشافعي لبقيت أقفيتنا كالكرة في أيدي أصحاب الري (5).
وقال ابن أبي خيثمة : قيل لابن معين : إن أحمد يقول : إن علي بن عاصم ليس بكذاب. فقال : لا والله ، ما كان علي عنده قط ثقة ، ولا حدَّث عنه بشيء ، فكيف صار اليوم عنده ثقة ؟ (6)
____________
(1) توالي التأسيس ، ص 177.
(2) لسان الميزان 6|67.
(3) سير أعلام النبلاء 11|227.
(4) فتاوى ومسائل ابن الصلاح 1|13.
(5) مناقب الإمام الشافعي ، ص 389.
(6) تهذيب التهذيب 7|304.

( 144 )

وقال الحسين بن علي الكرابيسي في الطعن في أحمد : أيش نعمل بهذا الصبي ؟ إن قلنا : ( مخلوق ) قال : بدعة. وإن قلنا : ( غير مخلوق ) قال : بدعة (1).

*****

ولعل أحمد بن حنبل هو الذي سَلِم تقريباً من أن توجَّه إليه السهام والطعون كما وُجِّهت لغيره ، وذلك لأنه جعل جُل عنايته في جمع الأحاديث ، فصنّف المسند الذي اشتمل على أكثر من خمسة وعشرين ألف حديث ، ثم إنه حاول أن يفر من الفتوى (2) ، ولم تُعرف له فتاوى شاذة كثيرة كما عُرفت لغيره، ثم إن محنة خلق القرآن أكسبته مكانة عظيمة عند الناس ، وفتواه بوجوب طاعة السلطان وحرمة الخروج عليه وإن كان جائراً ، أعطته منزلة كبيرة عند الخلفاء والسلاطين.

تعصب أهل السنة لمذاهبهم :
إن المتتبِّع لما كتبه أهل السنة ـ علماؤهم وغيرهم ـ يجد أن التعصب للمذاهب كان قوياً جداً، ولم يسلم منه حتى مَن كان يُتوقَّع منه التنزّه عنه لجلالته وعلمه ، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً ، ويمكن أن نقول : إن التعصب قد وقع على أنحاء مختلفة :
منه : ما نتج عنه رَد الأحاديث والآثار النبوية ، والعمل بفتوى إمام المذهب ، وإن كان فيها مخالفة صريحة للنص الثابت.
وقال الفخر الرازي في تفسير قوله تعالى ( اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ) : قال شيخنا ومولانا خاتمة المحققين والمجتهدين رضي الله
____________
(1) تاريخ بغداد 8|65.
(2) ذكر الخطيب في تاريخ بغداد 6|66 أن رجلاً سأل أحمد بن حنبل عن مسألة في الحلال والحرام ، فقال له أحمد : سل عافاك الله غيرنا. قال : إنما نريد جوابك يا أبا عبد الله. فقال : سل عافاك الله غيرنا ، سل الفقهاء ، سل أبا ثور.

( 145 )

عنهم : قد شاهدت جماعة من مقلّدة الفقهاء ، قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله تعالى في بعض المسائل ، وكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات ، فلم يقبلوا تلك الآيات ولم يلتفتوا إليها ، وبقوا ينظرون إليَّ كالمتعجِّب ، يعني كيف يمكن العمل بظواهر هذه الآيات مع أن الرواية عن سَلَفنا وردت على خلافها ، ولو تأمَّلتَ حق التأمَّل وجدتَ هذا الداء سارياً في عروق الأكثرين من أهل الدنيا (1).
وقال السيد سابق في فقه السنة : وقد بلغ الغلو في الثقة بهؤلاء الأئمة حتى قال الكرخي ـ وهو حنفي ـ : كل آية أو حديث يخالف ما عليه أصحابنا فهو مؤول أو منسوخ ؟! (2)
وقال ابن حزم : قال بعض من قوي جهله وضعف عقله ورقَّ دينه : إذا اختلف العالمان وتعلَّق أحدهما بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أو آية ، وأتى الآخر بقول يخالف ذلك الحديث وتلك الآية ، فواجب اتباع من خالف الحديث ، لأننا مأمورون بتوقيرهم (3).
وعن إبراهيم النخعي قال : لو رأيتهم يتوضؤون إلى الكوعين ما تجاوزتهما وأنا أقرؤها ( إلى المرافق ) (4).
ومِن تعصّبهم : ما جرَّهم إلى أمور منكرة ومهاترات عجيبة.
ومن ذلك ما ذكره ابن كثير في ترجمة محمد بن موسى بن عبد الله الحنفي ، فقال : ولي قضاء دمشق ، وكان غالياً في مذهب أبي حنيفة... وكان يقول : لو كانت لي الولاية لأخذت من أصحاب الشافعي الجزية. وكان مبغضاً لأصحاب مالك أيضاً (5).
____________
(1) التفسير الكبير 16|37.
(2) فقه السنة1|10.
(3) الإحكام في أصول الاحكام 6|260.
(4) المصدر السابق 6|263.
(5) البداية والنهاية 12|187. لسان الميزان 5|402.

( 146 )

وذكر الذهبي في العِبَر أن الفقيه الشافعي أبا حامد محمد بن محمد البروي الطوسي صاحب التعليقة المشهورة في الخِلاف كان بارعاً في معرفة مذهب الأشعري ، قدم بغداد وشغب على الحنابلة ، وأثار الفتنة ، ووعظ بالنظامية ، فأصبح ميتاً ، فيقال : إن الحنابلة أهدوا له مع امرأة صحن حلوى مسمومة. وقيل : إن البروي قال : لو كان لي أمر لوضعت على الحنابلة الجزية (1).
ومِن تعصّبهم : ما جرَّهم إلى فتاوى غريبة وأحكام عجيبة.
فقد أفتى بعض الأحناف بعدم جواز تزويج الحنفي بالشافعية ، باعتبار أن الشافعية تشك في إيمانها ، لأن الشافعي يقول : أنا مؤمن إن شاء الله. إلا أن بعضهم قال : يجوز ذلك ، قياساً على الذمّية ، أي فكما يجوز زواج الحنفي بالذمّية كذلك يجوز زواج الحنفي بالشافعية.
ومن تعصبهم : ما أحدث الفتن فيما بينهم.
قال ابن الأثير في الكامل في حوادث سنة 323هـ في بغداد :
وفيها عظم أمر الحنابلة ، وقويت شوكتهم ، وصاروا يكسبون من دُور القُوَّاد والعامة ، وإن وجدوا نبيذاً أراقوه ، وإن وجدوا مغنية ضربوها ، وكسروا آلة الغناء ، واعترضوا في البيع والشراء ، ومشْي الرجال مع النساء والصبيان ، فإذا رأوا ذلك سألوه عن الذي معه من هو ؟ [ فإذا ] أخبرهم ، وإلا ضربوه وحملوه إلى صاحب الشرطة ، وشهدوا عليه بالفاحشة ، فأرهجوا بغداد... وزاد شرّهم وفتنتهم ، واستظهروا بالعميان الذين كانوا يأوون المساجد ، وكانوا إذا مرَّ بهم شافعي المذهب أغروا به العميان ، فيضربونه بعِصِيّهم حتى يكاد يموت (2).
ومن تعصبهم : ما سبَّب إغلاق باب الاجتهاد عند أهل السنة.
قال السيد سابق : وبالتقليد والتعصب للمذاهب فقدت الأمة الهداية
____________
(1) العبر في خبر من غبر 3|52. شذرات الذهب 4|224.
(2) الكامل في التاريخ 8|307 ـ 308.

( 147 )

بالكتاب والسنة ، وحدث القول بانسداد باب الاجتهاد ، وصارت الشريعة هي أقوال الفقهاء ، وأقوال الفقهاء هي الشريعة ، واعتُبر كل من يخرج عن أقوال الفقهاء مبتدعاً لا يوثق بأقواله ، ولا يُعتد بفتاويه (1).
وقال أبو شامة : وكانت تلك الأزمنة مملوءة بالمجتهدين ، فكل صنف على ما رأى ، وتعقب بعضهم بعضاً مستمدّين من الأصلين : الكتاب والسنة... ولم يزل الأمر على ما وصفت إلى أن استقرّت المذاهب المدوَّنة ، ثم اشتهرت المذاهب الأربعة ، وهُجر غيرها ، فقصرت همم أتباعهم إلا قليلاً منهم ، فقلَّدوا بعدما كان التقليد حراماً لغير الرسُل ، بل صارت أقوال أئمتهم بمنزلة الأصلين: الكتاب والسنة ، وذلك معنى قوله تعالى ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ) فعُدِم المجتهدون ، وغلب المتقلّدون ، وكثر التعصب ، وكفروا بالرسول حيث قال : يبعث الله في كل مائة سنة مَن ينفي تحريف الغالين وانتحال المبطلين ، وحجَروا على ربّ العالمين مثل اليهود أن لا يبعث بعد أئمتهم وليّاً مجتهداً ، حتى آل بهم إلى التعصب إلى أحدهم إذا أُورد عليه شيء من الكتاب والسنة على خلافه ، يجتهد في دفعه بكل سبيل من التأويلات البعيدة ، نصرةً لمذهبه ولقوله (2).
ومن تعصّبهم : غلوّ كل طائفة في إمامها.
قال البيهقي : إن الشافعي إنما وضع الكتب على مالك أنه بلغه أن بالأندلس قلنسوة لمالك يُستسقى بها ، وكان يقال لهم : ( قال رسول الله ). فيقولون : ( قال مالك ). فقال الشافعي : إن مالكاً بَشَرٌ يخطئ. فدعاه ذلك إلى تصنيف الكتاب في اختلافه معه (3).
____________
(1) فقه السنة 1|10.
(2) المختصر المؤمل للردل إلى الأول ، ص 14 ـ 15. ( عن كتاب الإمام الصادق والمذاهب الأربعة 2|145 ).
(3) توالي التأسيس ، ص 147.

( 148 )

وأخرج الخطيب عن علي بن جرير ، قال : كنت في الكوفة فقدمت البصرة وبها ابن المبارك ، فقال لي : كيف تركت الناس ؟ قال : قلت : تركت بالكوفة قوماً يزعمون أن أبا حنيفة أعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : كُفْر. قلت: اتخَذوك في الكفر إماماً. قال : فبكى حتى ابتلّت لحيته ، يعني أنه حدَّث عنه.
وعنه أيضاً قال : قدمت على ابن المبارك ، فقال له رجل : إن رجلين تماريا عندنا في مسألة ، فقال أحدهما : قال أبو حنيفة. وقال الآخر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال : كان أبو حنيفة أعلم بالقضاء (1).
هذا غيض من فيض من الآثار المذمومة للتعصب للمذاهب ، نسأل الله أن يأخذ بيد جميع المسلمين إلى رضاه ، إنه قريب مجيب.

المسْلم غير ملزم باتباع أحد المذاهب الأربعة :
هذا وقد ذكر بعض علماء أهل السنة في كتبهم ما يضيء الدرب أمام مَن التزم باتباع مذهب معين ، فشدَّدوا في الإرشاد ، وأبلغوا في النصح ، لعل شيئاً منها يجد أذناً صاغية أو قلباً واعياً.
وإليك بعض كلماتهم :
قال ابن عبد البر : يقال لمن قال بالتقليد : لِمَ قلتَ به وخالفتَ السلف في ذلك ، فإنهم لم يقلّدوا ؟
فإن قال : قلَّدتُ لأن كتاب الله جل وعزّ لا علم لي بتأويله ، وسُنّة رسوله لم أحصها ، والذي قلّدته قد علم ذلك ، فقلّدت مَن هو أعلم مني.
قيل له : أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب ، أو حكاية سُنّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق ، لا شك فيه ، ولكن اختلفوا فيما قلّدت فيه بعضهم دون بعض ، فما حُجّتك في تقليد بعض دون بعض ، وكلهم عالم ، ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من
____________
(1) تاريخ بغداد 13|441 ـ 442.
( 149 )

الذي ذهبت إلى مذهبه.
فإن قال : قلّدته لأني علمت أنه صواب. قيل له : علمتَ ذلك بدليل من كتاب أو سُنّة أو إجماع ، فقد أَبطَلَ التقليد ، وطولب بما ادّعاه من الدليل.
وإن قال : قلّدته لأنه أعلم مني. قيل له : فقلّد كل من هو أعلم منك ، فإنك تجد خلقاً كثيراً ، ولا تخص مَن قلّدته ، إذ علّتك فيه أنه أعلم منك.
فإن قال : قلّدته لأنه أعلم الناس. قيل له : فهو إذن أعلم من الصحابة. وكفى بقول مثل هذا قبحاً.
وإن قال : إنما أقلّد بعض الصحابة. قيل له : فما حُجّتك في ترك مَن لم يُقلَّد منهم ، ولعل مَن تركتَ قوله منهم أفضل ممن أخذت بقوله. على أن القول لا يصح لفضل قائله ، وإنما يصح بدلالة الدليل عليه (1).
وقال ابن حزم : إن العجب ليطول ممن اختار أخذ أقوال إنسان بعينه لم يصحبه من الله عز وجل معجزة ، ولا ظهرت عليه آية ، ولا شهد الله له بالعصمة عن الخطأ ، ولا بالولاية. وأعجب من ذلك إن كان مِن التابعين فمَن دونهم ، ممن لا يُقطع على غيب إسلامه (2) ، ولا بِيَد مقلِّده أكثر من حسن الظن به ، وأنه في ظاهر أمره فاضل من أفاضل المسلمين ، لا يقطع له على غيره من الناس بفضل ، ولا يشهد له على نُظرائه بسبق ، إن هو إلا الضلال المبين (3).
ثم قال : ثم ننحط في سؤالهم درجة فنقول : ما الذي دعاكم إلى التهالك على قول مالك وابن القاسم ؟ فهلاّ تبعتم قول عمر بن الخطاب وابنه فتهالكتم عليها ؟ فهما أعلم وأفضل من مالك وابن القاسم عند الله عز وجل بلا شك.
ونقول للحنفيين : ما الذي حملكم على التماوت على قول أبي حنيفة
____________
(1) جامع بيان العلم وفضله 2|117.
(2) يعني كيف نقلد من لا نقطع بأنه مسلم ، غاية ما في الأمر أننا نحسن الظن به باعتبار أنه في الظاهر من أفاضل المسلمين ، أما العلم بحقيقة حاله فلا سبيل لنا إليه.
(3) الإحكام في أصول الأحكام 6|280.

( 150 )

وأبي يوسف ومحمد بن الحسن ؟ فهلاّ طلبتم أقوال عبد الله بن مسعود وعلي فتماوتّم عليها ؟ فهما أفضل وأعلم من أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن عند الله تعالى بلا شك.
ونقول لمَن قلّد الشافعي رحمه الله : ألم ينهكم عن تقليده وأمركم باتباع كلام النبي صلى الله عليه وسلم حيث صحّ ؟ فهلاّ اتبعتموه في هذه القولة الصادقة التي لا يحل خلافها لأحد ؟ (1)
وقال ابن القيم : نقول : أخذتم بقول فلان لأن فلاناً قاله ؟ أو لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ؟
فإن قلتم : ( لأن فلاناً قاله ) جعلتم قول فلان حُجّة ، وهذا عين الباطل. وإن قلتم : ( لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ) كان هذا أعظم وأقبح ، فإنه مع تضمّنه للكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقويلكم عليه ما لم يقله ، هو أيضاً كذب على المتبوع ، فإنه لم يقُل : هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد دار قولكم بين أمرين لا ثالث لهما: إما جعل قول غير المعصوم حجّة ، وإما تقويل المعصوم ما لم يقُله ، ولا بد من واحد من الأمرين.
فإن قلتم : بل منهما بُد ، وبقي قسم ثالث ، وهو أنا قلنا كذا ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرَنا أن نتّبع مَن هو أعلم منا ، ونسأل أهل الذِّكر إن كنا لا نعلم ، ونرُدّ ما لم نعلمه إلى استنباط أولي العلم ، فنحن في ذلك متَّبِعون ما أمَرَنا به نبيّنا.
قيل : وهل نُدَنْدِن إلا حول اتّباع أمره صلى الله عليه وسلم ، فحيهلا بالموافقة على هذا الأصل الذي لا يتم الإيمان والإسلام إلا به ، فنُناشدكم بالذي أرسله : إذا جاء أمره وجاء أمر مَن قلّدتموه ، هل تتركون قوله لأمره صلى الله عليه وسلم ، وتضربون به الحائط، وتحرِّمون الأخذ به والحالة هذه ، حتى تتحقق المتابعة كما زعمتم ، أم تأخذون بقوله ، وتفوِّضون أمر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الله ، وتقولون : هو أعلم
____________
(1) المصدر السابق 6|281.
( 151 )

برسول الله صلى الله عليه وسلم منا ، ولم يخالف هذا الحديث إلا وهو عنده منسوخ أو مُعارَض بما هو أقوى منه ، أو غير صحيح عنده. فتجعلون قول المتبوع مُحْكَماً، وقول الرسول متشابِهاً ، فلو كنتم قائلين بقوله لكون الرسول أمركم بالأخذ بقوله ، لقدَّمتم قول الرسول أين كان.
وقال : إن ما ذكرتم بعينه حُجّة عليكم ، فإن الله سبحانه أمر بسؤال أهل الذِّكر ، والذكر هو القرآن والحديث... فهذا هو الذِّكر الذي أمرنا الله باتباعه ، وأمر مَن لا عِلم عنده أن يسأل أهله ، وهذا هو الواجب على كل أحد أن يسأل أهل العلم بالذِّكر الذي أنزله الله على رسوله ليُخبروه به ، فإذا أخبروه به لم يسعه غير اتباعه ، وهذا كان شأن أئمة أهل العلم ، لم يكن فيهم مقلِّد معيَّن يتّبعونه في كل ما قال ، فكان عبد الله بن عباس يسأل الصحابة عما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو فعَله أو سَنَّه ، لا يسألهم عن غير ذلك ، وكذلك الصحابة... وكذلك التابعون كانوا يسألون الصحابة عن شأن نبيّهم فقط ، وكذلك أئمة الفقه... ولم يكن أحد من أهل العلم قط يسأل عن رأي رجل بعينه ومذهبه ، فيأخذ به وحده ، ويخالف له ما سواه (1).
وقال الشيخ محمد حياة السندي : من تعصّب لواحد معين غير الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويرى أن قوله هو الصواب الذي يجب اتباعه دون الأئمة الآخرين فهو : ضال جاهل ، بل قد يكون كافراً يستتاب ، فإن تاب وإلا قُتل. فإنه متى اعتقد أنه يجب على الناس اتباع واحد معين من الأئمة رضي الله عنهم دون الآخرين، فقد جعله بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك كفر (2).
هذا قليل من كثير قالوه في مسألة عدم جواز اتباع واحد من المذاهب المعروفة ، الأربعة وغيرها ، ولو شئنا استقصاءه لخرجنا عن موضوع الكتاب ،
____________
(1) أعلام الموقعين 2|233 ـ 234.
(2) رسالة « إرشاد النقاد إلى أدلة الاجتهاد » ضمن المجموعة المنيرية 1|26 ـ 28 ( عن كتاب السجود على التربة الحسينية للسيد محمد مهدي الخرسان ).

( 152 )

ولكن فيما ذكرناه كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، والحمد لله رب العالمين.

خلاصة البحث :
لقد اتّضح مما تقدم أمور :
1 ـ أن المذاهب إنما هي أمور مستحدثة ، أُحدثت بعد زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأكثر من قرن من الزمان. ولم يرِد نصّ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على جواز التعبد بأي منها. وكل ما روي في فضلهم فلا يعدو أن يكون أحاديث موضوعة أو أحلام مكذوبة.
2 ـ أن علماء أهل السنّة نصّوا على عدم جواز التقليد في الدين ، وعدم جواز التعبد بأي مذهب من المذاهب الأربعة وغيرها ، وأكّدوا أن وظيفة العامي هي اتباع كتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا يجوز له أن يأخذ دِينه من الرجال.
3 ـ أن أئمة المذاهب الأربعة نهوا عن تقليدهم ، وأمروا بعرض ما يُنقل من فتاواهم على كتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، فما وافقها يؤخذ ، وما خالفها يُطرح.
4 ـ أن الأئمة الأربعة رجال غير معصومين ، لهم عثرات وأخطاء ، وقد طعَن فيهم مَن طعن ، بحق أو بغير حق.
فبعد هذا كله نسأل أهل السنّة : هل يجوز التعبد بهذه المذاهب المستحدثة ، وهل تبرأ ذمّة المكلف باتباع واحد منها ؟
لقد أجاب ابن حزم على هذا السؤال ، فقال : وأما مَن أخذ برأي أبي حنيفة أو رأي مالك أو غيرهما ، فقد أخذ بما لم يأمره الله تعالى قط بالأخذ به، وهذه معصية لا طاعة (1).
____________
(1) الإحكام في أصول الاحكام 6|226.
( 153 )

وقال السيد محمد باقر الحجة :
قَلَّدْتُمُ النعمـانَ أو محمــدا * أو مالـكَ بنَ أنسٍ أو أحمــدا
فهل أتى الذِّكرُ به أو وصَّى * به النبي ، أو وجدتم نصَّا ؟ (1)

*****

( ومِن الناس مَن يَتَّخِذ مِن دون الله أَندادًا يُحِبُّونهم كَحُبِّ الله والذين آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لله وَلَو يَرَى الذين ظَلَمُوا إذ يَرَون العذاب أَنَّ القُوَّة لله جميعًا وأَنَّ الله شديد العذاب * إذ تَبَرَّأَ الذين اتُّبِعُوا مِن الذين اتَّبَعُوا ورأَوا العذاب وَتَقَطَّعَتْ بهم الأَسْباب * وقال الذين اتَّبَعُوا لو أَنَّ لنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ منهم كما تَبَرَّءُوا منَّا كذلك يُرِيهم الله أَعمالهم حَسَرَاتٍ عليهم وما هُم بِخَارِجين من النَّار * يا أَيّها الناس كُلُوا مِمَّا في الأَرض حلالاً طَيِّبًا ولا تَتَّبِعُوا خُطُوات الشَّيطان إِنَّه لكم عَدُوٌّ مُبين * إِنَّمَا يأْمركم بالسُّوء والفحشاء وأَنْ تقولوا على الله ما لا تَعْلَمون * وإذا قِيلَ لَهُم اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ الله قَالوا بَل نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنَا عليه آباءنا أَوَلَو كان آباؤهم لا يَعْقِلُونَ شيئًا ولا يَهْتَدُون ) سورة البقرة : 165 ـ 170.




____________
(1) منظومة الشهاب الثاقب ، ص 120.