محاضرات عقائدية ::: 1 ـ 15

محاضرات عقائدية
تأليف
المستشار الدمرداش بن زكي العقالي
مركز الابحاث العقائدية


(3)
بسم الله الرحمن الرحيم


(9)
بسم الله الرحمن الرحيم
    مقدمة المركز : من أبرز نشاطات « مركز الأبحاث العقائدية » الاهتمام بالمستبصرين ، والتأكيد على النخبة منهم ، الذين قضوا وقتاً طويلا في البحث والتحقيق وتمحيص الأدلّة ، ومن ثمّ الرحلة إلى مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ).
    وبحق ، فان فترة الانتقال من أصعب ما يواجهه المرء ، حيث يحصل له نوع من الشكّ في كل شيء ، ليضعه على طاولة البحث ، لأنّ الإنسان قد عوّد نفسه أن ينظر إلى الموروث الفكري نظرة تقديس ، ولا يعطي لنفسه الحقّ حتى في البحث والتساؤل عن دليل هذا الموروث.
    ومن هذا المنطلق يكمن سرّ عظمة هؤلاء الذين تحرّروا من قيود التمسّك الأعمى بالموروث ، وأعطوا الحق الكامل لأنفسهم في البحث عن الصحيح من السقيم منه ، وانتقلوا إلى مرحلة اليقين الكامل بعدما اعتراهم الشكّ في الكثير من المسائل العقائدية.
    ومن أبرز هؤلاء النخبة الأستاذ المستشار الدمرداش العقالي حفظه الله ، الذي له باع واسع في كثير من الأبحاث العقائدية والمسائل الخلافيّة ، مع ما له من ملكة وموهبة فذّة في فن الخطابة وإيصال كلمة الحقّ إلى المخاطب بطريقته الخاصّة : من كثرة الاستشهاد بالآيات القرآنية ، وربط بعضها ببعض ، واستنتاجاته الدقيقة


(10)
من آي الذكر الحكيم ، مع ما له من هيمنة خاصة تجعل المخاطب ينشدّ إليه بكل وجوده ، كل ذلك لإخلاصه للباري عزّوجل ، وموالاته لأولياء الله ، ومعاداته لأعدائه.
    وفي زيارتي إلى القاهرة وجّهتُ دعوة خاصّة إلى المستشار العقالي لزيارة مركز الأبحاث العقائدية ، فلبّى الدعوة ، وكان حضوره في المركز مفيداً جدّاً ، وذلك بالقاء عدّة محاضرات في محافل عامّة وخاصّة ، بالإضافة إلى لقائه بمراجع الدين في الحوزة العلمية ، وزيارته لأهمّ المؤسسات العلمية التابعة للحوزة.
    وبعد زيارته المباركة ، ارتأى المركز تدوين محاضراته ، وتنظيمها ، مع بعض التعديلات ، مراعين في ذلك الحفاظ على أسلوب المحاضرة ، ومن ثمّ طبعها في كتاب تحت عنوان : « محاضرات عقائدية » ، وذلك لما تحويه من نكات دقيقة واستنتاجات علمية عديمة النظير.
    سائلين المولى عزّوجلّ للمستشار العقالي طول العمر والموفّقية والسداد.
    وفي الختام ، نقدّم جزيل شكرنا إلى المحققين في قسم المستبصرين ، لما بذلوه من جهد في كتابة هذه المحاضرات وتنظيمها وضبط واستخراج الآيات القرآنية والروايات الشريفة وأقوال العلماء ، ونخصّ بالذكر منهم سماحة الشيخ محمد اللبان علي ما بذلة من جهود مشكورة في إعداد هذا الكتاب.
مركز الأبحاث العقائدية
فارس الحسّون


(11)
المحاضرة الأُولى :
« الرحلة إلى الثقلين »


(12)

(13)
    الحمد لله والحمد حقه كما يستحقه حمداً كثيراً ، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على من أرسله الله هادياً ومبشراً ونذيراً ، وعلى آله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
    أما بعد : فإنّ من نعم الله عزّ وجلّ التي تتوالى على الناس في كل عصر وحين نعمة ما استحدثه العلم المعاصر من وسائل للتخاطب والتعارف ، لم يكن للأولين عهد بها ، هذه النعمة التي تتمثّل في أجهزة الإتصال والتلفاز والانترنيت ، بحيث إذا سُخرت لشكر أنعم الله بالدعوة الى منهجه والاستمساك بحبله كانت نعمةً سابغةً وكانت عاقبتها يوم القيامة الفوز المبين إن شاء الله.
    وأنا إذ أتحدث الى كل من يتفق له أن يشاهد أو يسمع حديثي ، فإني أرجو أن يقع منه موقع القبول وأن نكون وإيّاه ممن « يَسْتَمِعونَ القَوْلَ فَيَتّبِعونَ أحسَنَهُ أولئِكَ الَّذينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأولئِكَ هُمْ أُولُوا الألبَابِ » (1) .
1 ـ الزمر : 18.

(14)
    وأستأذن المشاهد الكريم والمستمع اللبيب في أن اعرّفه بشخص المتحدث الفقير إلى الله ، الدمرداش بن زكي بن مرسي بن علي بن عبد العال بن علي بن علاّم.
    عربي الأصل والأرومة ، مصري الجنسية والإقامة.
    فقد ولدتُ ونشأتُ في أواسط صعيد مصر في إقليم أسيوط وهو : إقليم ذو تأريخ شأنه شأن كل بقاع مصر ، ولكن إقليم أسيوط يتميز بأنّه ظل دائماً مكاناً ومستقراً للدعاة إلى الله على بصيرة وبالحكمة والموعظة الحسنة.
    ونذكر من روّاد علماء أسيوط العلاّمة جلال الدين السيوطي ، وتأليفاته ومصنّفاته أكثر من أن تحصى.
    كانت نشأتي في إقليم أسيوط ، لأُسرة أنعم الله عليها بمجموعها بالكثير من المال ، وكانت تملك معظم الأراضي الزراعية لقرية العقال وما حولها ، وإن كان العبد الفقير ليس له حظّ من هذه الملكيات ، فقد كان من فقراء العائلة.
    وقد قيّض الله لي أبوين وجّهاني منذ صغري الى حفظ كتاب الله عزّ وجلّ ، بغية إلتحاقي بالأزهر الشريف ، ثمّ شاء الله عزّ وجلّ أن يوجّهني إلى التعليم المدني ، وانتهت دراستي بالتخرّج من كلّية


(15)
الحقوق بجامعة القاهرة عام 1954 م ، وكنت بحمد الله على رأس خرّيجي هذه الدفعة.
    اشتغلت فترة بالمحاماة في صدر شبابي ، ثم عُيّنت قاضياً في وزارة العدل المصرية ، وتدرجت في سلك القضاء المصري إلى درجة مستشار بمحكمة استئناف القاهرة ـ ودرجة مستشار أعلى درجات القضاء فنياً وإن لم تكن أعلاها وظيفياً ـ ثم استقلت من القضاء للاشتغال بالعمل السياسي ، فانتخبت من قواعد حزب العمل المصري في مؤتمره الثالث ـ المنعقد عام 1984 م ـ بإجماع قواعد الحزب نائباً لرئيس الحزب ، ثمّ صدر قرار رئيس جمهورية مصر العربية بتعييني عضواً في مجلس الشورى المصري عام 1986م ، ثمّ انتخبتُ عضواً بمجلس الشعب المصري في العام التالي ـ وحصلتُ في هذه الانتخابات التي جرت في أبريل عام 1987م حصلت على 127 ألف صوت ، وهي أعلى نسبة حصل عليها عضو بمجلس الشعب المصري آنذاك ـ ومارستُ دوري في مجلس الشعب المصري على هدىً من كتاب الله عزّ وجلّ من الالتزام بتحقيق السلام الاجتماعي للأُمة ، وكل ذلك مسطور ومضبوط في مضابط مجلس الشعب المصري.

    وإنّما الذي يعنيني في مقامي هذا بعد أن عرّفتكم بشخصي
محاضرات عقائدية ::: فهرس