كتاب مُسَكِنُ الفُؤادِ ::: 101 ـ 110
(101)
فصل
    ويستحب الإسترجاع عند المصيبة ، قال الله تعالى : ( الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانّا اليه راجعون * اولئك عليهم صلواتٌ من ربّهم ورحمةٌ واولئك هم المهتدون ) (1).
    وقال النبيّ صلّى الله عليه وآله : « أربع من كنّ فيه كان فيه (2) نورالله الأعظم : من كان عصمة أمره شهادة أن لاإله إلاّ الله وأنّي رسول الله ، ومن إذا أصابته مصيبة قال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ومن إذا أصاب خيراً قال : الحمدالله (3) ، ومن إذا أصاب خطيئة قال : أستغفرالله (4) وأتوب إليه » (5).
    وقال الباقر عليه السلام : « ما من مؤمن يصاب بمصيبة في الدنيا فيسترجع عند المصيبة (6) ويصبر حين تفجأه المصيبة ، إلاّ غفرالله له ما مضى من ذنبوبه ، إلاّ الكبائر التي أوجب الله تعالى عليها النار ، وكلّما ذكر مصيبة فيما يستقبل من عمره فاسترجع عندها وحمدالله عزّ وجلّ إلاّ غفرالله له كل ذنب اكتسبه فيما بين الإسترجاع الأوّل إلى الإسترجاع الأخير ، إلاّ الكبائر من الذنوب » (7).
    رواهما الصدوق.
    وأسند الكلينيّ ، الثاني إلى معروف بن خربوذ ، عن الباقر عليه السلام ، ولم يستثن منه الكبائر (8).
    وروى الكلينيّ بإسناده إلى داود بن زربي (9) ـ بكسر الزاي المعجمة ، ثم
1 ـ البقرة 2 : 156 ـ 157.
2 ـ في « ش » : فيه.
3 ـ في الفقيه : زيادة : رب العالمين.
4 ـ في « ح » زيادة : ربي.
5 ـ الفقيه 1 : 111/ 514 ، الخصال : 222/ 49.
6 ـ في الفقيه : مصيبته.
7 ـ الفقيه 1 : 111/ 515.
8 ـ الكافي 3 : 224/ 5.
9 ـ في الكافي : داود بن رزين ، والصواب ما في الأصل راجع « معجم رجال الحديث 7 : 100 ، جامع الرواة 1 : 303 ».


(102)
الراء الساكنة ـ عن الصادق عليه السلام : « من ذكر مصيبته ولو بعد حين ، فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والحمدلله رب العالمين ، اللهم آجرني على مصيبتي ، واخلف عليّ أفضل منها ، كان له من الأجر مثل ما كان عند أوّل صدمة » (1).
    وروى مسلم : عن امّ سلمة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله به : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، اللّهم آجرني في مصيبتي ، واخلف لي خيراً منها ، إلاّ أخلف الله له خيراً منها » فلمّا مات أبو سلمة قلت : أيّ المسلمين خير من أبي سلمة ، أوّل بيت هاجر إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، ثمّ إنّي قلتها فأخلف الله لي رسول الله صلّى الله عليه وآله (2).
    وروى الترمذيّ بإسناده إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، قال : « إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته : قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون : نعم ، فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون : نعم ، فيقول : ماذا قال عبدي؟ فيقولون : حمدك ، واسترجع ، فيقول الله تعالى : ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة ، وسموه بيت الحمد » (3).
    ونحوه رواه الكليني عن الصادق عليه السلام ، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله (4).
1 ـ الكافي 3 : 224/ 6.
2 ـ صحيح مسلم 2 : 631/ 918.
3 ـ سنن الترمذي 2 : 243/ 1026.
4 ـ الكافي 3 : 218/ 4.


(103)
فصل
    يجوز النوح بالكلام الحسن ، وتعداد الفضائل مع اعتماد الصدق ، لأنّ فاطمة الزهراء عليها السلام فعلته في قولها : « يا أبتاه ، من ربه ما (1) أدناه! يا أبتاه ، إلى جبرئيل أنعاه ، يا أبتاه ، أجاب ربّاً دعاه » (2).
    وروي : أنّها أخذت قبضة من تراب قبره صلّى الله عليه وآله ، فوضعتها على عينيها ، وأنشدت تقول :
« ماذا على (من شمّ) (3) تربة أحمد صبّت عليّ مصائب لو أنّها أن لا يشمّ مدى الزمان غواليا صبّت على الأيّام صرن (4) لياليا » (5)
    ولما سبق من أمره صلّى الله عليه وآله بالنوح على حمزة.
    وعن أبي حمزة ، عن الباقر عليه السلام : « مات ابن المغيرة ، فسألت ام سلمة النبي صلّى الله عليه وآله أن يأذن لها في المضي إلى مناحته ، فأذن لها وكان ابن عمها ، فقالت :
أنعى الوليد بن الوليد حامي الحقيقة ماجداً قد كان غيثاً للسنين أبا الوليد ، فتى العشيرة يسمو إلى طلب الوتيرة وجعفراً (6) غدقاً وميرة
    ـ وفي تمام الحديث ـ ، فما (عاب رسول الله) (7) صلّى الله عليه وآله ذلك ، ولا قال شيئاً » (8).
    وروى ابن بابويه : أنّ الباقر عليه السلام أوصى أن يندب في الموسم (9) عشر
1 ـ ليس في « ح ».
2 ـ ذكرى الشيعة : 72 ، إعلام الورى : 143 ، منتهى المطلب 1 : 466 ، صحيح البخاري 6 : 18 ، المستدرك على الصحيحين 1 : 382 ، سنن النسائي 4 : 13 ، سنن ابن ماجة 1 : 522/ 30.
3 ـ في « ش » : المشتمّ.
4 ـ في « ش » عدن.
5 ـ ذكرى الشيعة : 72 ، المعتبر 1 : 344 ، منتهى المطلب 1 : 466.
6 ـ الجعفر : النهر. « الصحاح ـ جعفر ـ 2 : 615 ».
7 ـ في « ش » عاب عليها النبي.
8 ـ الكافي 5 : 117/ 2 ، التهذيب 6 : 358/ 1027 باختلاف يسير.
9 ـ في الفقيه : المواسم.


(104)
سنين (1).
    وروى يونس بن يعقوب ، عن الصادق عليه السلام ، قال : « قال لي أبو جعفر عليه السلام : قف من مالي كذا وكذا لنوادب يندبنني ـ عشر سنين ـ بمنى أيام منى » (2).
    قال الأصحاب : والمراد بذلك ، تنبيه الناس على فضائله ، وإظهارها ليقتدى بها ، ويعلم ما كان عليه أهل هذا البيت عليهم السلام لتقتفى آثارهم ، لزوال التقية بعد الموت ، ويحرم النوح بالباطل : وهو تعداد ما ليس فيه من الخصال ، واسماع الأجانب من الرجال ، ولطم الخدود والخدش ، وجزّ الشعر ونحوه ، وعليه يحمل ما ورد من النهي عن النياحة.
    وقال النبيّ صلّى الله عليه وآله : « أنا بريء ممن حلق وصلق » أي : حلق الشعر ، ورفع صوته (3).
    وقال صلّى الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام حين قتل جعفر بن أبي طالب : « لا تدعين بويل ولا ثكل ولا حرب ، وما قلت فيه فقد صدقت » (4).
    وعن أبي مالك الأشعريّ عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : « النائحة إذا لم تتب تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران » (5).
    وعن أبي سعيد الخدريّ : لعن رسول الله صلّى الله عليه وآله النائحة والمستمعة (6).
    وعنه صلّى الله عليه وآله : « ليس منا من ضرب الخدود ، وشق الجيوب » (7).
    وهذا النهي محمول على الباطل كما يظهر منها ، وبه يجمع بينهما وبين الأخبار
1 ـ الفقيه : 1 : 116/ 547.
2 ـ الكافي 5 : 117/ 1 ، التهذيب 6 : 358/ 1025.
3 ـ صحيح مسلم 1 : 100 ، وسنن النسائي 4 : 20 ، وسنن ابن ماجة 1 : 505 ، الجامع الصغير 1 : 415/ 2709 ، وفيها سلق بدل صلق ، وكلاهما صحيح.
4 ـ الفقيه 1 : 112/ 521.
5 ـ الخصال : 226 ، مسند أحمد 5 : 342 ، صحيح مسلم 2 : 644/ 934 ، سنن ابن ماجة 1 : 504/ 1582 ، المستدرك 1 : 383 ، الترغيب والترهيب 4 : 351/ 12.
6 ـ مسند أحمد 3 : 65 ، سنن أبي داود 3 : 194/ 3128 ، الجامع الصغير 2 : 408 : 7271 ، الترغيب والترهيب 4 : 351/ 13 ، الفتوحات الربانية 4 : 129.
7 ـ سنن ابن ماجة 1 : 504/ 1584.


(105)
السابقة.
    وأمّا الخاتمة فتشتمل على فوائد مهمة.
    يستحب تعزية أهل الميت استحباباً مؤكّداً ، وهي (تفعلة) من العزاء ـ بالمدّ والقصر ـ وهو السلو وحسن الصبر على المصائب ، يقال : عزّيته فتعزّى ، أي صبّرته فتصبّر.
    والمراد بها : طلب التسلّي عن المصائب والتصبّر عن الحزن والإكتئاب ، بإسناد الأمر إلى الله عزّ وجلّ ، ونسبته إلى عدله وحكمته ، وذكر ما وعد الله تعالى على الصبر مع الدعاء للميت ، والمصاب بتسليته عن مصيبته. وقد ورد في استحبابها والحثّ عليها أحاديث كثيرة.
    وروى عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده : أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : « أتدرون ما حقّ الجار؟ إن استغاثك أغثته ، وإن استقرضك أقرضته ، وإن افتقر عدت عليه ، وإن أصابته مصيبة عزّيته ، وإن أصابه خير هنأته ، وإن مرض عدته ، وإن مات اتبعت جنازته ، ولا تستطل عليه بالبناء ، فتحجب عنه الريح إلاّ بإذنه ، واذا اشتريت فاكهة فأهد له ، فإن لم تفعل فأدخلها سراً ، ولا تخرج بها ولدك تغيظ بها ولده ، ولا تؤذه بريح قدرك إلاّ أن تغرف له منها » (1).
    وعن بهز بن حكيم بن معاوية بن جيدة القشيري ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : قلت : يا رسول الله : ما حقّ جاري عليّ؟ قال : « إن مرض عدته » وذكر نحو الأول (2).
    وأمّا الثواب فيها : فعن ابن مسعود ، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله ، قال : « من عزّى مصاباً فله مثل أجره » (3).
    وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « من عزّى مصاباً كان له مثل أجره ، من غير أن ينقصه الله من أجره شيئاً (4) ، ومن كفّن مسلماً كساه الله من سندس وإستبرق وحرير ، ومن حفر قبراً لمسلم بنى الله عزّوجل له بيتاً في الجنة ، ومن أنظر معسراً أظله الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظله ».
    وعن جابر أيضا رفعه : « من عزّى حزيناً ألبسه الله عزّ وجلّ من لباس التقوى ،
1 ـ الترغيب والترهيب 3 : 357/ 20.
2 ـ الترغيب والترهيب 3 : 357/ ذيل حديث 20.
3 ـ الجامع الكبير 1 : 801.
4 ـ الكافي 3 : 227/ 4 عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : قال رسول الله.


(106)
وصلّى على روحه في الأرواح » (1).
    وسئل النبيّ صلّى الله عليه وآله عن التصافح في التعزية ، فقال : « هو سكن للمؤمن ، ومن عزّى مصاباً فله مثل أجره ».
    وعن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمر بن حزم ، عن أبيه ، عن جدّه ، أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو يقول : « من عاد مريضاً فلا يزال في الرحمة ، حتى إذا قعد عنده استنقع فيها ، ثمّ إذا قام من عنده فلا يزال يخوض فيها ، حتى يرجع من حيث خرج ، ومن عزّى أخاه المؤمن من مصيبة كساه الله ـ عزّ وجلّ ـ من حلل الكرامة يوم القيامة » (2).
    وعن أبي برزة (3) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « من عزّى ثكلى كسي برداً في الجنة » (4).
    وعن أنس قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « من عزّى أخاه المؤمن في (5) مصيبة كساه الله عزّوجلّ حلّة خضراء ، يحبربها يوم القيامة ». قيل : يا رسول الله ، ما يحبربها قال : « يغبط بها » (6).
    وروي : أنّ داود عليه السلام قال « إلهي ، ماجزاء من يعزّي الحزين والمصاب ابتغاء مرضاتك؟ قال : جزاؤه أن أكسوه رداءً من أردية الإيمان ، أستره به من النار ، وأدخله به الجنة ، قال : يا الهي ، فما جزاء من شيّع الجنائز ابتغاء مرضاتك؟ قال : جزاؤه أن تشيّعه الملائكة يوم يموت إلى قبره ، وأن أصلّي على روحه في الأرواح » (7).
    وروي : أنّ موسى عليه السلام سأل ربه : « مالعائد المريض من الأجر؟ قال : أبعث له عند موته ملائكة يشيعونه إلى قبره ، ويؤانسونه إلى المحشر ، قال : يا رب فما لمعزي الثلكى من الأجر؟ قال : أظلّه تحت ظلّي ـ أي : ظلّ العرش ـ يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي » (8).
1 ـ الجامع الكبير 1 : 801.
2 ـ الجامع الكبير 1 : 800.
3 ـ في « ح » : بردة.
4 ـ سنن الترمذي 2 : 269/ 1082.
5 ـ في « ح » و « ش » : من ، وما أثبتناه من الجامع الكبير.
6 ـ الجامع الكبير 1 : 801.
7 ـ الدر المنثور 5 : 308 ، ورواه المتقي الهندي في منتخب كنزالعمال 6 : 355 باختلاف في ألفاظه.
8 ـ روى الكليني القسم الثاني من الحديث في الكافي 3 : 226/ 1 باختلاف يسير ، وروى الديلمي في


(107)
    وروي : أنّ إبراهيم عليه السلام سأل ربه ، قال : « أي يا رب ماجزاء من يبلّ الدمع وجهه من خشيتك؟ قال : صلواتي ورضواني ، قال : فماجزاء من يصبّر الحزين ابتغاء وجهك؟ قال : أكسوه ثياباً من الإيمان يتبوأ بها في الجنة ، ويتّقي بها النار ، قال : فما جزاء من سدّد الأرملة ابتغاء وجهك؟ قال : اقيمه في ظلّي ، وأدخله جنتي ، قال : فما جزاء من يتبع الجنازة ابتغاء وجهك؟ قال : تصلي ملائكتي على جسده ، وتشيع روحه ».
إرشاد القلوب : 43 الحديث كاملأ باختلاف في ألفاظه.

(108)
فصل
    وأما كيفيتها فقد تقدم خبر المصافحة فيها.
    وأمّا ما يقال فيها فما يتفق من الكلمات ، ويروى من الأخبار المؤدية إلى السلوة ، ولا شيء مثل إيراد بعض ما تضمنته هذه الرسالة ، فإنّ فيها شفاءً لمافي الصدور ، وبلاغاً وافياً في تحقيق هذه الأمور.
    وعن علي عليه السلام قال : « كان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا عزّى قال : آجركم الله ورحمكم ، وإذا هنّأ قال : بارك الله لكم ، وبارك عليكم ».
    وروي : أنّه توفي لمعاذ ولد ، فاشتدّ وجده عليه ، فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وآله ، فكتب إليه :
    « بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى معاذ ، سلام عليك ، فإنّي أحمد الله الذي لا إله إلاّ هو.
    أما بعد : أعظم الله لك الأجر ، وألهمك الصبر ، ورزقنا وإياك الشكر ، فإن أنفسنا (وأهلينا وموالينا) (1) وأولادنا من مواهب الله ـ عزّوجلّ ـ الهنيئة ، وعواريه المستودعة ، نمتّع بها إلى أجل معلوم ، وتقبض لوقت معدود ، ثمّ افترض علينا الشكر إذا أعطانا ، والصبر إذا ابتلانا ، وكان ابنك من مواهب الله الهنيئة ، وعواريه المستودعة ، متّعك الله به في غبطة وسرور ، وقبضه منك بأجر كثير ، الصلاة والرحمة والهدى إن صبرت واحتسبت ، فلا تجمعن عليك مصيبتين ، فيحبط لك أجرك ، وتندم على ما فاتك ، فلو قدمت على ثواب مصيبتك ، علمت أن المصيبة قصرت في جنب الله عن الثواب ، فتنجز من الله موعوده ، وليذهب أسفك على ما هو نازل بك ، فكأن قد ، والسلام » (2).
    وعن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : « لمّا توفي رسول الله صلّى الله عليه وآله جاء جبرئيل عليه السلام ، والنبي صلّى الله عليه وآله مسّجى ، وفي البيت عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، فقال :
1 ـ في « ش » : وأهالينا وأموالنا.
2 ـ روي باختلاف في ألفاظه في التعازي : 12/ 14 ، ومنتخب كنز العمال 6 : 277 ، والمستدرك على الصحيحين 3 : 273.


(109)
السلام عليكم يا أهل بيت النبوة (1) ( كلُّ نفس ذائقةُ الموت وإنّما توفّون اُجوركُم يوم القيامة ) (2) الآية. ألا إنّ في الله عزّوجلّ عزاء من كل مصيبة ، وخلفاً من كلّ هالك ، ودركاً لما فات ، فبالله عزّوجلّ فثقوا ، وإيّاه فارجوا ، فإنّ المصاب من حرم الثواب ، هذا آخر وطئي (3) من الدنيا » (4).
    وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه ، قال : لمّا توفي رسول الله صلّى الله عليه وآله عزّتهم الملائكة ، يسمعون الحس ولا يرون الشخص ، فقالوا : السلام عليكم ـ أهل البيت ـ ورحمة الله وبركاته ، إنّ في الله ـ عزّوجلّ ـ عزاء من كل مصيبة ، وخلفاً من كل فائت (5) ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإنّما المحروم من حرم الثواب ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (6).
    وروى البيهقي في ( الدلائل ) قال : لمّا قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله ، أحدق به أصحابه ، فبكوا حوله ، واجتمعوا ، فدخل رجل أشهب اللحية جسيم صبيح ، فتخطّى رقابهم ، فبكى ، ثمّ التفت إلى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقال : إنّ في الله عزاء من كل مصيبة ، وعوضاً من كل فائت ، وخلفاً من كل هالك ، فإلى الله فأنيبوا ، وإليه فارغبوا ، ونظره إليكم في البلاء فانظروا ، فإنّ المصاب من لم يؤجر ، وانصرف ، فقال بعضهم لبعض : تعرفون الرجل؟ فقال عليّ عليه السلام : « نعم ، هذا أخو رسول الله صلّى الله عليه وآله ، الخضر عليه السلام » (7).
1 ـ في « ش » : الرحمة.
2 ـ آل عمران 3 : 185.
3 ـ في « ح » و « ش » : وطء ، وما أثبتناه من الكافي ، أي نزولي إلى الارض لإنزال الوحي.
4 ـ الكافي 3 : 221/ 5 ، والبحار 82 : 96/ 47.
5 ـ في « ح » : هالك.
6 ـ الكافي 3 : 221/ 6 باختلاف في ألفاظه عن أبي عبدالله عليه السلام ، والبحار 82 : 96.
7 ـ دلائل النبوة 7 : 269 ، ورواه الحاكم في مستدركه 3 : 58 ، والمجلسي في البحار 82 : 97.


(110)
فصل
    وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي ، فإنّها من أعظم المصائب » (1).
    وعنه صلّى الله عليه وآله : « من عظمت مصيبته فليذكر مصيبته بي ، فإنّها ستهون عليه ».
    وعنه صلّى الله عليه وآله ، إنّه قال في مرض موته : « أيّها الناس ، أيّما عبد من امّتي اُصيب بمصيبة من بعدي فليتعزّ بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري ، فإنّ أحداً من اُمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصييبتي » (2).
    وعن عبدالله بن الوليد بإسناده ، لمّا اُصيب عليّ عليه السلام بعثني الحسن إلى الحسين عليهما السلام ، وهو بالمدائن ، فلمّا قرأ الكتاب قال : « يا لها من مصيبة ، ما أعظمها! مع أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : من أصيب منكم بمصيبة فليذكر مصابي ، فإنّه لن يصاب بمصيبة أعظم منها » (3).
    وروى إسحاق بن عمار ، عن الصادق عليه السلام ، أنّه قال : « يا إسحاق ، لا تعدن مصيبة أعطيت عليها الصبر ، واستوجبت عليها من الله عزّ وجلّ الثواب ، إنّما المصيبة التي يحرم صاحبها أجرها وثوابها ، إذا لم يصبر عند نزولها » (4).
    وعن أبي ميسرة (5) قال : كنّا عند أبي عبدالله عليه السلام : فجاء رجل وشكا إليه مصيبته ، فقال له : « أما إنّك إن تصبر تؤجر ، وإلاّ تصبر يمضي عليك قدالله عزّوجلّ الذي قدر عليك (وأنت مذموم) (6) » (7).
1 ـ الكافي 3 : 220/ 1 باختلاف في ألفاظه عن أبي عبدالله عليه السلام ، الجامع الكبير 1 : 41 ، الجامع الصغير 1 : 72.
2 ـ الجامع الكبير 1 : 372 باختلاف في ألفاظه ، والبحار 82 : 143.
3 ـ الكافي 3 : 220/ 3 باختلاف يسير ، والبحار 82 : 143.
4 ـ الكافي 3 : 224/ 7 ، والبحار 82 : 144.
5 ـ في الكافي الفضيل بن ميسر.
6 ـ ليس في « ش ».
7 ـ الكافي 3 : 225/ 10 باختلاف يسير ، والبحار 82 : 142.
مُسَكِنُ الفُؤادِ ::: فهرس