الاستعاذة



( 92 )



( 93 )

قال الله في محكم كتابه العظيم ( فأذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم )(1) .
الاستعاذة هي استدفاع الأدنى [ الشيطان ] بالأعلى [ وهو الله جل جلاله ] على وجه الخضوع والتذلل لله سبحانه وتعالى اتفقوا القرّاء على التلفّظ بالاستعاذة قبل التسمية .
فيقول ابن كثير وعاصم وابو عمرو : ( اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) .
ونافع وابن عامر والكسائي : ( اعوذ بالله من الشيطان الرجيم . إنّ هو السميع العليم ) .
وحمزة ( نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم )
____________
(1) بحار الأنوار : ج 92 ص 216 .
( 94 )

وأبو حاتم : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ) .
ومعنى أعوذ : التجأ بالله من شر الشيطان .
والشيطان : في اللغة هو كلّ متمرّد من الجنّ والانس والدّواب ولذلك جاء في القرآن شياطين الأنس والجن أعني المبعّد من رحمة الله ، والرجيم : أي المطرود من السماء المرمي بالشّهب الثاقبة وقيل المرجوم والأستعاذة مستحبّة غير واجبة بلا خلاف في الصلاة وخارج الصلاة .
قال الامام الصادق عليه السلام :
« أغلقوا أبواب المعصية بالأستعاذة ،
« وأفتحوا أبواب الطاعة بالتسمية »(1) .
وفي التفسير المنسوب الى الأمام العسكري عليه السلام يقول عليه السلام والأستعاذة هي ما قد أمر الله به عباده عند قرائتهم القرآن وتلى الآية الى آخرها ثمّ قال عليه السلام : ومن تأدّب بادب الله أدّاه الى الفلاح الدائم ، ومن استوصى بوصيّة الله كان له خير الدّارين(2) .
____________
(1) لئالي الاخبار : ج3 ص 333 .
(2) تفسير الأمام الحسن العسكري عليه السلام : سورة النحل ، الآية 98 .

( 95 )

البسملة



( 96 )



( 97 )

قال الإمام الصادق عليه السلام في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم : الباء بهاء الله ، والسين سناء الله ، والميم مجد الله (1) .
البسملة ليست هي واجبة الاّ في ابتداء كل سورة عدا سورة براءة فهي محرّمة اتيانها للشروع الموبّخ للمشركين الذين قال الله سبحانه وتعالى فيهم ( براءة من الله ورسوله الى الّذين عاهدتم من المشركين )(2) .
وهناك فوائد كثيرة للبسملة منها قوله صلى الله عليه وآله قال : من قرأ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .
بنى الله له في الجنّة سبعين ألف قصر من ياقوتة حمراء .
في كلّ قصر سبعون ألف بيت من لؤلؤ بيضاء ،
____________
(1) لئالي الأخبار : ج3 ص 333 .
(2) التوبة ، الآية 1 .

( 98 )

في كلّ بيت سبعون ألف سرير من زبرجد خضراء ،
وفوق كلّ سرير سبعون ألف فراش من سندس واستبرق ،
وعليه زوجة من الحور العين ،
ولها سبعون ألف ذوابة(1) مكلّلة بالدّرّ والياقوت ،
مكتوب على خدّها الأيمن : محمد رسول الله ،
وعلى خدّها الأيسر عليّ وليّ الله ،
وعلى جنبيها الحسن ،
وعلى ذقنها الحسين ،
وعلى شفتيها ( بسم الله الرحمن الرحيم .
قيل يا رسول الله لمن هذه الكرامتة ؟
قال :
لمن يقول بالحرمة والتعظيم بسم الله الرحمن الرحيم(2) .

____________
(1) ذوابه جمع ذوائب : الشعر المضفور اعنى له سبعون ألف ضفيره مجمّله بالدّر والياقوت .
(2) لئالي الأخبار : ج3 ص333 .

( 99 )

الاصغاء
والاستماع له



( 100 )



( 101 )

قال الله في محكم كتابه العظيم ( واذا قرىء القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلّكم ترحمون )(1) .
وعن عبدالله بن أبي يعفور عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت له : الرجل يقرأ القرآن ، ايجب على من سمعه الأنصات له والاستماع ؟
قال : نعم ، اذا قرء عندك القرآن وجب عليك الأنصات والأستماع(2) .
وعن زرارة قال : قال أبو جعفر عليه السلام : واذا قرىء القرآن في الفريضة خلف الإمام [ الجمعة أو الجماعة ] فاستمعوا له وانصتوا لعلّكم ترحمون(3) .
مسئلة لو سمع المصلّي آية السجدة الواجبة في أثناء الصلاة فما هو حكمه ؟
____________
(1) الاعراف ، الآية 204 .
(2) مجمع البيان : ج2 ص515 بحار ج92 ص222 .
(3) تفسير العياشي : ج1 ص 44 ح 131 .

( 102 )

ج : ان كانت [ الصلاة ] واجبة فبعد اتمام الصلاة يأتي بها فوراً .
وان كانت الصلاة مستحبّة فيأتي بها اثناء الصلاة بعد سمعها فوراً .
وعن الإمام أبي عبدالله عليه السلام قال : من استمع حرفا من كتاب الله عزّوجلّ من غير قراءة ، كتب الله له حسنة ،
« ومحا عنه سيئة ،
« ورفع له درجة(1) .
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله : قال يدفع الله عن مستمع القرآن بلوى الدنيا وعن قاريه بلوى الآخرة .
والذي نفس محمد بيده لسامع آية من كتاب الله ـ وهو معتقد ـ أعظم أجراً من ثبير(2) ذهبا يتصدّق به . ولقارىء آية من كتاب الله معتقدا أفضل ممّا دون العرش الى أسفل التّخوم(3) .
وعنه صلى الله عليه وآله : ألا من اشتاق الى الله فليسمع كلام الله(4) .
____________
(1) الكافي : ج2 ص 613 ح 6 .
(2) جبل بمكة كأنه من الثبرة وهي الأرض السهلة . وقيل باليمن .
(3) وسائل الشيعة : ج6 ص 175 مؤسسة آل البيت عليهم السلام .
(4) البحر : ج92 ص20 .

( 103 )

التدبّر في القرآن



( 104 )



( 105 )

قال الله سبحانه وتعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )(1) ولكن ماهي الأقفال التي تشير اليها الآية ؟ :
إنها اقفال الجهل ، والهوى ، والتهّرب من المسؤوليّات الثقيلة التي تصون الانسان والاجتماع من الهلاك ،
ولهذا نرى حاليا الأمّة الأسلامية غير موحّدة مع ان القرآن واحد والاسلام واحد والنبّي واحد .
وحكم الغرب سائدا على البلدان الاسلامية ومن آثارها الواضحة :
الحدود الجغرافية التي تحوم كلّ بلد اسلامي مع انّ الغرب بلدا واحدا والولايات المتّحدة الأمريكية بلدا واحدا .
وثانيا الحرّيات المشنوقة في بعض البلدان الاسلامية مثل :
« حريّة البيان والرأي
____________
(1) سورة محمد صلى الله عليه وآله ، الآية 24 .
( 106 )

« حرية القلم والكتاب
« حرية الجرائد والصحف والمجلات
« حرية التلفاز والراديو ولا يخفى أن جميع هذه تحت الاطار الاسلامي المشروع الذي بينه لنا الكتاب والسنة .
ثالثا : حاكمية الحزب الواحد في بعض الدّول الاسلامية أو بتعبير آخر حاكمية العائلة المالكة في إدارة شؤون البلاد والعباد ومعنى هذا ليس للشعب الا الطاعة سوى حكمت بعدل أو ظلم .
وقال سبحانه وتعالى : ( كتاب أنزلناه اليك مبارك ليدّبروا آياته وليتذكّر أُولو الألباب )(2) .
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لا يعذّب الله قلبا وعى القرآن(3) .
وعنه صلى الله عليه وآله : ويلّ لمن لاكها بين لحييه ولم يتدبّرها(4) .
وعن علي ابن أبي طالب عليهما السلام : الا لا خير في قراءة ليس فيها تدبّر ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقّه(5) .
____________
(1) سورة محمد صلى الله عليه وآله ، الآية 24 .
(2) سورة ص ، الآية 29 .
(3) أمالي الطوسي : ج1 ص 5 .
(4) مجمع البيان : ج2 ص 554 .
(5) بحار الأنوار : ج92 ص 211 .

( 107 )

وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام :
تدبّروا آيات القرآن واعتبروا به ، فأنّه ابلغ العبر(1) .
وعنه عليه السلام : ايّاك ان تفسرّ القرآن برأيك حتى تفقهه عن العلماء « فأنّه ربّ تنزيل يشبه بكلام البشر وهو كلام الله ، وتأويله لا يشبه كلام البشر كما ليس شيء من خلقه يشبهه كذلك لا يشبه فعله تعالى شيئا من افعال البشر ،
ولا يشبه شيء من كلامه بكلام البشر ،
فكلام الله تبارك وتعالى صفته وكلام البشر افعالهم .
فلا تُشبّه كلام الله بكلام البشر فَتُهْلَك وتُضلّ(2).
وعن الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام :
آيات القرآن خزائن العلم فكلّما فتحت خزانة فينبغي لك أن تنظر فيها(3) .
وعن الإمام الصادق عليه السلام :
____________
(1) بحار الأنوار : ج92 ص 316 .
(2) غرر الحكم .
(3) التوحيد للصدوق الباب 36 كما في بحار الأنوار : ج92 ص 107 .

( 108 )

انّ هذا القرآن فيه منار الهدى ،
« ومصابيح الدجى ،
« فليجل جال بصره ،
« ويفتح للضّياء بصره ،
فأنّ التفكّر حياة قلب البصير ،
كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور »(1) .
ومن أدعية الإمام الصادق عليه السلام في هذا المجال :
اللهم نشرت عهدك وكتابك ، فأجعل نظري فيه عبادة ، وقرائتي فيه تفكّرا ، وفكري فيه اعتبارا ولا تجعل قرائتي قراءة لا تدبّر فيها ، ولا تجعل نظري فيه غفلة »(2) .
ولأهمية التدبّر في القرآن كرّرت هذه الآية الشريفة في سورة القمر اربع مرّات كرارا .
( ولقد يسّرنا القرآن للذّكر * فهل من مدّكر (3) .
____________
(1) القمر : 17 ـ 22 ـ 32 ـ 40 .
(2) الكافي : ج2 ص 600 ح 5 .
(3) الاختصاص : ص 141 .

( 109 )

وقوله تعالى :
( فانّما يسّرناه بلسانك لعلهم يتذكّرون )(1) .
وقوله سبحانه وتعالى :
( فانّما يسّرناه بلسانك لتبشّر به المتّقين وتنذر به قوماً لذا )(2) .
والقرآن ليس ـ فقط ـ يدعوا النّاس الى التدبّر في آياته . .
وانّما : يطلب منهم ان يمارسوا التدبّر العميق أيضا . .
كما نفهم ذلك من قوله سبحانه :
أفلا يتدبرون القرآن ؟
( ولو كان من عند غير الله لو جدوا فيه اختلافا كثيرا )(3) .
ولا يخفى أنّ الآية نزلت في « المنافقين » و « المترددين » كما يظهر من الآيات السابقة .
« فالمراد ترغيبهم ان يتدبروا في الآيات القرآنية ويراجعوا في
____________
(1) النساء ، الآية 82 .
(2) الدخان : 58 .
(3) مريم ، الآية 97 .

( 110 )

كلّ حكم نازل ،
أو حكمة مبنيّة ،
أو قصّة ،
أو عظمة أو غير ذلك : جميع الآيات المرتبطة به مما نزلت مكّيتها ومدنيتها ومحكمها ومتشابهها ، ويضموا البعض الى البعض حتى يظهر لهم انّه لا اختلاف بينهما ، ويصدّق قديمها حديثها ،
ويشهد بعضها على بعض ، من غير ان يكون بينها أي اختلاف مفروض : لا أختلاف التناقض بأن ينفي بعضها بعض أو يتدافعا ، ولا أختلاف التفاوت بأن تتفاوت الآيتان من حيث تشابه البيان ، أو متانة المعاني والمقاصد . .
« فارتفاع هذه الاختلافات من القرآن يهديهم الى أنه كتاب منزل من الله ، وليس من عند غيره . . . »(1) .
عن الكافي والتهذيب والاستبصار ـ عن عبد الاعلى مولى آل سالم قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : عثرت فانقطع ظفري ،
____________
(1) الميزان في تفسير القرآن : ج5 ص19 ، الطبعة الثانية للعلامة الطباطبائي (ره) .
( 111 )

فجعلت على اصبعي مرارة(1) فكيف اصنع بالوضوء ؟
قال عليه السلام :
يعرف هذا واشباهه من كتاب الله عزّوجلّ . قال الله عزّوجلّ : ( ما جعل عليكم في الدين من حرج )(2) .
امسح عليه »(3) .
وفي قاعدة « المعسور يسقط بالميسور » مع أن التأمل الدقيق يقضى : بان المسح ـ بما هو مسح ـ لا حرج فيه ، وانّما الموجب للحرج هو اشتراط ( المباشرة ) في المسح .
إذن .. فالمنفي في الآية الكريمة [ المسح المباشر لقوله تعالى : ( وأمسحوا برؤسكم وأرجلكم الى الكعبين )(4) وليس ( أصل المسح ينفى ) .
للأسف هناك من يتصوّر التدبّر في القرآن معصية كبيرة تهوي بصاحبها في نار جهنم . . . وساءت مصيرا ؟!
____________
(1) المرارة : شحمه شبه كيس . لازقة بالكبد تكون فيها مادة صفراء هي المرّة [ المنجد : مادة . مرَّ .
(2) الحج ، الآية 78 .
(3) القواعد الفقهية للسيد ميرزا حسن البجنوردي : ج1 ص 209 .
(4) المائدة ، الآية 6 .

( 112 )

ويستدل بالروايات الشريفة التي نهت ( التفسير بالرأي ) .
منها قوله عليه السلام : « من فسّر القرآن برأية ان أصاب لم يؤجر ، وان اخطا فهوى ابعد من السّماء »(1) .
وقوله عليه السلام « من فسّر برأيه آية من كتاب الله فقد كفر »(2) .
وقوله عليه السلام : « من فسّر القرآن برأيه فيتبّوا مقعده من النار »(3) .
مع انّ هناك فرقا شاسعا بين المفهومين لأنّ التدبّر هو عبارة عن التروّي والتمعّن والتفكّر في آيات الله بحيث يتفاعل مع القرآن ولكن التفسير بالرأّي هو عبارة عن ابراز رأي جديد خارجا عن نطاق الدليل الشرعي العقلي العرفي وهو امّا فسره بآرائه الشخصية بهواه بمسبقاته الفكرية اي حمل اللفظ القرآني على خلاف الظاهر أو على احد احتمالين دون دليل كما صنع يحيى ابن اكثم في ايات جمّة منها هذه الآية الشريفة ( أو يزوّجهم ذكرانا واناثا )(4) .
____________
(1) مقدمة ( البرهان في تفسير القرآن) ص 16 طبعة دار الكتب العلمية ـ ايران .
(2) البرهان : ج1 ص19 .
(3) تفسير الصافي : ج1 ص 21 الطبعة الخامسة .
(4) الشورى ، الآية 49 و 50 .

( 113 )


فكان « يدين » عمله الشائن ... ويتمسك بآية من القرآن في مشروعية اباحة الزواج واباحة اللواط وكان هو محبوب المأمون العباسي ( الملعون ) فقال له يوما : لمن هذا الشعر :

قاض يرى الحدّ في الزنا ولا
يرى على من يلوط من بأس

فأجابه : الذي قال :
ما أحسب الجور ينقضي وعلى
الأمة وال من آل عبّــاس !

لعل يحيى بن اكثم يستفاد من الآية استحباب هذا العمل الشائن ايضا وليس بعيدا لأرضاء أهواءه وشهواته .
هلاّ لو لاحظنا الآية وتدبّرنا فيها جيدا لو جدنا المعنى الكمين فيها وهو الناس تجاه ( انجاب الذريّة ) على اربعة اقسام ..
فقسم لا يولد الاّ الاناث .
وقسم لا يولد الاّ الذكور .
وثالث : يولد له الاثنان معا .
ورابع : لايولد له أي واحد منهما ، بل يظل عقيما . والله يزوج الاناث ذكرانا والذكور اناثا ويجعل من يشاء عقيما وهذا


( 114 )

يفهم بعد التدبّر في هذه الآية الشريفة قوله سبحانه وتعالى : ( يهب لمن يشاء اناثا * ويهب لمن يشاء الذكور * أو يزوّجهم ذكرانا واناثا * ويجعل من يشاء عقيما انّه عليم قدير )(1) .
فيحيى ابن اكثم اراد ان يبرّر اعماله ويرضي اهواءه وشهواته بأستخدام هذه الآية الشريفة لأنه كان يعاني من الشذوذ الجنسي حتى قال عنه ابن خلكان : « الوط قاض بالعراق نعرفه » !
وهذا التجويز المحرم سائد لحدّ هذا اليوم نرى له اثرا خارجيا فضيعا .
وهناك من يفسّر آيات القرآن حسب ( الفكر الصوفي ) و( الذوق العرفاني ) فمثلا ابن العربي بأعتبار مذهبه هو ( وحدة الوجود ) ، لذلك فهو يفسّر ـ قول هارون لأخيه موسى عليهما السلام :
( يابن أُم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي )(2) .
يفسّره بانّ موسى : بعد ان عاد من « الطور » ورأى قومه قد عبدوا العجل . . عاتب اخاه هارون قائلا له :
____________
(1) الشورى ، الآية 49 و 50 .
(2) طه ، الآية 94 .

( 115 )

ـ : لماذا لم تدع الناس يعبدون العجل ؟
الا تعلم انّ الله سبحانه وتعالى يجب ان يعبد ـ في آية صورة كان المعبود ! هذا القول يستلزم هذا الكلام
انّه لا يوجد كافر ولا مشرك حتى يوبّخا لأنّ كل طائفة منهما يعبدان الله ولكن على اسلوب متفاوة وهذا معنى وحده الوجود والموجود وهو كفر والحاد وهناك من العرفاء من يفسّر قوله تعالى : ( اذهب الى فرعون انّه طغى ) بانّ المقصود من ( فرعون ) ليس شخصا معيّنا . . . بل المقصود به ( القلب القاسي . . ) . . وهذه الآية تشير ـ الى مجاهدة هذا اللّقب (1) .
والحال نرى خلاف ما يتصوّره العرفاء عرفا وعقلا وشرعا .
وهناك اصحاب الفكر المادي اخذوا يفسرّون القرآن بطريقة خاصة فالملائكة والجن ، والشياطين فسّروها بـ « القوى الطبيعية » التي تسيّر الانسان والكون ..
أو فسّره بما يظنه أو يخمّنه أو بعض الاستحسانات العقلية الفارغة وهذا نوع آخر للتفسير بالرأي الذي تشير الآية اليه ( انّ الظن لا يغني من الحق شيئا )(2) .
____________
(1) تفسير الصافي ـ المجلد الأول : ص 22 .
(2) النجم ، الآية 28 .

( 116 )

ومما يجدر ذكره في هذا المجال :
ان أمرأة على عهد عمر بن الخطاب كانت تمارس الجنس مع مملوكها وهذا بالطبع امر محرّم في نظر الاسلام .
فذكر ذلك لعمر . فأمر ان يؤتى بها . . .
ولّما جاءت سألها :
ـ : ما حملك على ذلك ؟ !
فقالت : تأوّلت آية من كتاب الله . وهي : ( والذين هم لفروجهم حافظون الاّ على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم )(1) .
وفي بعض الروايات :
« كنت اراه يحلّ لي بملك يميني كما يحلّ للرجل المرأة بملك اليمين »(2) .
____________
(1) المؤمنون ، الآية 8 .
(2) الغدير للعلامة الأميني : ج6 ص 118 ، الطبعة الثالثة .