« وعلى سبيل المثال يقول العالم الأندونيسي حسين جاجاد ننغرات فذكر انه في اليوم العاشر من المحرم ـ وهو اليوم الذي يحتفل فيه الشيعة بذكرى استشهاد الحسين ـ تقوم عائلات عديدة بإعداد طعام خاص يدعونه « بيرسورا » ، وهي كلمة مأخوذة من عاشوراء التي تعني العاشر من المحرم ، وكذلك يدعى شهر المحرم بالجاوية ( سورا ) . ونجد أيضاً آثار نفوذ الشيعة في « اتجه » شمالي سومطرا ، إذ يدعى شهر المحرم باسم شهر الحسن والحسين . وفي « مينانج كابو » على الساحل الغربي من سومطرا يدعى شهر المحرم « شهر النعش » ، إشارة لعادة الشيعة واحتفالها بذكرى وفاة الحسين عندما يحملون نعشاً رمزياً ، يسيرون به في الشوارع ، ثم يلقونه في نهر أو مجرى مائي ... » الخ .
ثم يستطرد الكاتب فينقل الجملة التالية عن الكاتب الأندونيسي السيد محمد اسد شهاب ، ضمن البحث عن هجرة العلويين الى جاوة قوله :
« وحتى اليوم لا يزال شهرا المحرم وصفر محترمين عند الكثيرين من الأندونيسيين فلا يقيمون فيهما أفراحاً ، ولا يعقدون زواجاً ، و لا يجرون زفافاً ... » الخ .
2 ـ وفي الصفحة «70» من المجلد «56» من « أعيان الشيعة » عندما يبحث الكاتب عن تاريخ الشيعة في أندونيسيا يقول ما نصه :
« وقد كان المسلمون الأندونيسيون قديماً يواصلون بعد تأدية فريضة الحج السير الى العراق لزيارة العتبات المقدسة وحضور المأتم الحسيني في كربلاء ... » .
3 ـ جاء في الصفحة «66» من المجلد «56» من « أعيان الشيعة » أيضاً ما نصه :
« المأتم الحسيني في أندونيسيا : إن رمز البطولة الاسلامية باستشهاد مولانا الامام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام في شهر المحرم ، له حرمة ممتازة لدى المسلمين في أندونيسيا الى اليوم بوجه عام . ويسمى شهر المحرم « سورا » ، وهذه الكلمة ربما


( 86 )

تحرفت عن كلمة « عاشوراء » . ويطلق على المأتم الحسيني في جزيرة « سومطره » ذكرى التابوت ، وفي اليوم العاشر من المحرم يقام تمثيل رمزي لاستشهاد البطل الاسلامي العظيم الحسين عليه السلام . أما في جزيرة « جاوا » فلهذا اليوم المعظم تقدير خاص وعوائد خاصة ، إذ تطبخ الشوربا فقط على نوعين من اللونين الأحمر والأبيض ، ثم يجمع الأولاد وتقسم الشوربا عليهم ، وهذا رمز للحزن العميق بجمع الاولاد الصغار والأطفال ، وذلك تصويراً لليتم والحزن ، أما اللون الأحمر فهو رمز الدماء الطاهرة المراقة ، واللون الأبيض رمز للاخلاص والتضحية . والى اليوم يعتبر شهرا محرم وصفر من كل سنة عند الكثيرين من الأندونيسيين شهرين محترمين لهما مكانتهما في القلوب ، فلا يقيمون أفراحاً ، ولا يعقدون زواجاً ، ولا يجرون زفافاً ، فالمعتقد السائد : أن من أقام أفراحاً فيهما قد يصيبه نحس . أما في مقاطعة آجيه بسومطره الشمالة ، فيسمى شهر المحرم ، شهر حسن وحسين .
4 ـ جاء في الصفحة «374» من الجزء التاسع ، من مجلة المرشد البغدادية ، لسنتها الثالثة ، المؤرخ أول رجب «1347 هـ» وضمن مقال بقلم « محمد كاظم » عن إقامة النياحات على الامام الحسين عليه السلام في جزر الهند الشرقية ، وخاصة جزيرة سومطره ، ما عبارته :
« لا تزال عادة المأتم جارية في بعض نواحي جزائر الهند الشرقية ، وأغلب المتمسكين بهذه العادة هم من أهالي جزيرة سومطره . وليست هذه المآتم كما يسمونه تابوت على الأصول المتبعة عند الشيعة العلويين . ولكن هذه المآثر ـ على كل حال ـ لم تمح بالكلية ، فيظهر جلياً أن المذهب العلوي هو المذهب السائد في هاته الجزر ، بفضل العلويين الذين هاجروا اليها لادخال الشعب الجاوي في الديانة الاسلامية سابقاً .
كان المأتم في هاته الجزر قديماً : أنهم يظهرون حدادهم وحزنهم على سبطي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في يوم معين ، ويقومون بالمظاهرات التي تنم عن شعورهم نحوهما ؛


( 87 )

ولكن لما تمكنت الحكومة الحالية من الاستيلاء على هاته الجزر ، بدأت تمنع تلك المظاهرات رويداً رويداً حتى اضمحلت خصوصاً في جزيرة جاوه ، وبقيت بعض المدن الصغيرة في سومطره تقيم تلك المآتم .
أو من صنع التابوت وأقام المأتم هم أهل ميناء نقطايا ـ وإحدى مقاطعات جزيرة سومطره ـ ، وذلك إظهاراً لحزنهم وتفانيهم في حب سبطي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم سرت هذه العادة الى غيرها من المقاطعات المجاورة لها ، كمقاطعة آجيه ، وبقكولين .
يبتدئ المأتم عندهم في أول شهر محرم ، وذلك أنهم يخرجون فيها الى أحد الشواطئ ، ويأخذون منه تراباً ؛ يعنون به التراب الذي لطخ به وجه الحسين عليه السلام أثناء حربه ؛ ويضعونه في أحد الفلوات ، ويحيطونه بسور من خشب ، ويتركونه حتى اليوم التاسع من محرم .
ففي التاسع من محرم يخرجون جميعاً ومعهم الطبول والطاس لأخذ بعض جذور أشجار الموز ليضعوه على ذلك التراب الذي وضعوه في الفلاة ، وقد تحدث عند خروجهم مناوشات بين كل فرقة منهم أثناء سباقهم لأخذ ذلك .
وفي اليوم الثاني ـ أي العاشر من محرم ـ يخرجون ومعهم التابوت الصغير ، يسمونه « تابوت لينولنق » لطلب الصدقات من المحسنين ، ويحمل ذلك التابوت ولد عليه لباس أصفر يسمونه « انك مجنون » أي الولد المجنون فإذا وصلوا الى أحد البيوت التف الأولاد حوله ، وأخذوا يصيحون بأعلى صوتهم : « حسن حسين » ؛ كأنهم بذلك يذكرون الناس بما وقع عليهما السلام ، ولا يزالون كذلك من بيت لآخر حتى الساعة الحادية عشرة نهاراً. وعند الساعة الثانية عشرة نصف النهار ـ الظهر ـ يبتدئون بضرب الطبول ، وينشدون الأناشيد المحزنة ، مما يثير العواطف ، والصياح والعويل آخذان في الازدياد من المشاهدين ، لماله من التأثيرات التي تذكّرهم بالفاجعة المشؤومة .


( 88 )

وعند الليل يخرجون بشبه أصابع يعملونها من الخشب ، ويلوون عليه قماشاً أو ورقاً أبيض ، ويضعون عليه الزهور ، يمثلون بذلك أصابع الحسين عليه السلام حين قتله الظالمون في كربلاء ، فاذا دخل الليل ابتدأ الناس يعودون الى القرية زرافات ووحداناً ليشاهدوا ذلك المأتم ، ويتغنون الليلة بالأناشيد الرثائية والوقائع المحزنة الى غير ذلك مما صار على الحسين عليه السلام .
وفي الليلة الثانية يخرجون أيضاً ومعهم تلك الأصابع ، ويضعون عليه شبه العمامة يسمونه « سربان » ، يعملونه من الطين الذي وضعوه في الفلاة ، ويحيطونه بخرق بيضاء يعنون بذلك عمامة الحسين عليه السلام التي استعملها في وقائعه . وفي الليلة الثانية عشرة من المحرم يخرجون بالتوابيت والطبول وغيرها مما يعتادون أخذه معهم ، ويقصدون الى بيت حاكم البلد ، ثم يطوفون البلاد بالتوابيت لأخذ شيء من الصدقات مرة أخرى ؛ وعند وصولهم أمام كل بيت ينشدون أناشيد يسمونها « انك ايندنق » مضمونها : « الحوادث والفظائع التي ارتكبها أعداء أهل البيت عليهم السلام » .
وعند النهار يخرج جميع أهل القرية ، ومع كل طائفة منهم تابوت ، ويمشون به الى أحد الشواطئ واثناء ذلك يرتجزون بأراجيز ، كل فرقة تفتخر بتابوتها ، حتى يصلون الى الشاطئ تقريباً السادسة مساء « المغرب ، فاذا وصلوا اليه رموا جميع التوابيت الى النهر أو البحر ، هنا يرتفع الصياح والبكاء تذكاراً للحسين عليه السلام عندما دفن ، ثم يرجع كل منهم الى محله .
هذه خلاصة العادة التي جرى عليها أهل سومطره ، بما فيها من التبدلات والزيادة والنقصان ـ حسب تطور الزمان ـ المخالف لما عليه الشيعة الآن في غيرها من الأقطار النائية ، كالعراق ، وإيران » .
5 ـ لقد نقل لي ابن أختي المهندس الحاج السيد محمد علي الشهرستاني الذي زار بانكوك عاصمة تايلند في العشرة الأولى من محرم سنة «1394 هـ»


( 89 )

قائلاً :
« إن العزاء الحسيني يقام على أتم مظاهره في بانكوك وبعض أنحاء تايلند ، فانه شاهد بأم عينه أقامة مجالس العزاء والمآتم واجتماعات النياحات وقراءة المراثي على الامام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام في هذه العشرة ، وإنه اشترك بنفسه في بعضها ، وخاصة في المواكب الحزينة ومجالس النياحة التي أقيمت في المساجد والحسينيات الأربع التي انشئت في بانكوك على مرور الزمن ومنذ أن نزلها أحد علماء الشيعة قادماً اليها من إيران على عهد الأسرة الملكية الصفوية منذ أكثر من «400 سنة » .
هذا ويقدر عدد الشيعة في الوقت الحاضر في تايلند بألفي نسمة ، يشترك كلهم في هذه المراسيم العزائية التي تقرأ فيها فاجعة الطف بتفاصيلها ، كما ويلبس في هذه العشرة الحزينة وخاصة يومي التاسوعاء والعاشوراء المشتركون في هذه المناحات اللباس الأسود ، وفي المواكب العزائية يتم اللطم على الصدور والظهور ، والضرب على الرؤوس ، وتسيل فيها الدموع مدراراً ، كما أن تقليد توزيع الخيرات وإطعام المساكين في هذه الشعرة الحزينة ، ولا سيما يومي تاسوعاء وعاشوراء قائم على قدم وساق وبأتم وجه بين مختلف الطبقات هناك .

***


( 90 )



( 91 )

الفصل السادس والعشرون
النياحة على الامام الحسين عليه السلام في القارة الافريقية
لقد بحثت في فصل سابق عن كيفية انتقال تقليد إقامة المأتم الحسيني وشعائره ، وتسيير مواكبه في بعض أصقاع القارة الافريقية التي انتقل اليها الاسلام منذ القرن الأول الهجري ، وخاصة القطر المصري وبلدان افريقية الشمالية ، وكذا عن اهتمام الملوك الفاطميين في مصر بهذه المآتم والنياحات ومما لا لزوم لتكراره .
أما في هذا الفصل ، فأورد تالياً بعض ما عثرت عليه في بطون الأسفار والكتب عن إقامة المآتم الحسينية في بلدان القارة الافريقية في مختلف القرون ، وخاصة المتأخرة منها :
1 ـ نشرت مجلة « الهادي » التي تصدر باللغة العربية في مدينة « قم » بإيران ، في عددها الثاني المؤرخ في ذي القعدة سنة «1391 هـ» مقالاً بقلم الدكتور عبد اللطيف السعداني ، من فاس بالمغرب ، تحت عنوان : « حركات التشيع في المغرب ومظاهره » جاء فيه :
« بحلول شهر محرم في كل عام يتغير وجه الحياة في المغرب ، حيث يدع الناس أيام الدعة والاستكانة الى الأهواء ، ويتبدلون بها عودة الى محاسبة النفس فيستيقظ الضمير فيهم ، وتعود الذكرى الى حياتهم الاسلامية ليستنير فيهم واقعهم وما هم عليه ، وتحيي في إيمانهم المعنى الخفي للحقيقة التي انتقلت من الوحي النبوي في آل بيته وأبناء عترته ، تلك هي ذكرى عاشوراء واستشهاد سيدنا الحسين .
ففي هذا الشهر نرى الناس في جميع مدن المغرب في هرج ومرج ، لا يمكن أن


( 92 )

يوصف إلا بأن حدثاً عظيماً قد حل بهم ، وأي حدث أعظم من الفتنة الكبرى التي أدت الى انهيار ذلك الطود العظيم ، حفيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ فاذا هم منصرفون الى القيام بأعمال وتصرفات امتزجت اليوم بكّلهم ، وحلت من السنة محلاً مرموقاً مترقياً ، ولكن الزمن أكسب هذه المناسبة طابع العادة حتى لا يكاد إلا القليل يدرك مغزاها الحقيقي .
غير أن الشيء الذي تعارف عليه أهل المغرب ونظروا اليه نظرة احترام وتقديس ، هو أن شهر المحرم شهر العزاء ، يهيمن فيه الأسى والحزن العميق على القلوب فلا يباح مطلقاً التجمل حتى ولا غسل بيوت أو ثياب ، ولا تزف عروس ، ولا تدق طبول أو تسمع مزامير ، بل إن الناس ليلبسون في هذه المناسبة لباس العزاء في بلاد المغرب ثياباً بيضاً .
وتبدأ الأسر العلوية هذه المراسيم منذ اليوم الأول من المحرم الى العاشر منه ، أما باقي الشرفاء فيستمرون الى آخر الشهر ، ويطبخ في اليوم المشهود الأكل للتصدق به ، وقد جعلت طبقة التجار هذه المناسبة لبذل المال ، فكان هذا اليوم هو يوم الزكاة في السنة ، لكأنما يرمز ذلك الى محاسبة الأعمال . اما الآخرون فيمسكون عن الأكل في هذا اليوم احتساباً لله ، وما ينفك الحزن غالباً على أحوالهم حتى ليعتقدون أنه غالباً ما يصادف أن يبكي الانسان في هذا اليوم ، يوم عاشوراء بل لتجدنهم سعداء بتلك الدموع الغالية التي تذرف تعبيراً عن الألم لفقدان شهيد الحق .
وأما الأطفال فلهم من هذه الذكرى اللعب ، وتلاحظ من بينها قلل الماء الصغيرة التي تهدى اليهم من ذويهم ، وذلك رمزاً للظماً الذي مات عليه شهيد الذكرى . وأكبر ما يستوقف الملاحظ هو مشاهد المراثي التمثيلية بالمراكز التي تقام كل سنة في مدينة مكناس ، وفاس ، ومراكش .
فكيف استقرت هذه العادات في الحيات المغربية ؟ وإلى أي حد تغلغلت


( 93 )

عقيدة المغاربة ؟ إن للمغاربة منذ بداية تاريخهم الاسلامي حباً شديداً وتعلقاً كبيراً بآل البيت الأطهار ، وليس أدل على ذلك من مؤازرتهم لهم ، حيث وجدوا عندهم الملاذ الأخير بعد أن حوربوا في بلادهم ويئسوا من البقاء فيها ، فالتجأوا الى بلاد المغرب ، فأيدهم المغاربة ، ونصروهم ، واعترفوا بحقهم . وبذلك تكونت في رحاب المغرب الأقصى وبين ظهراني المغاربة الدولة الهاشمية الإدريسية ، وهي أول دولة علوية تتكون في العالم الاسلامي . كما أن أول دولة شيعية ، وهي الدولة الفاطمية ، نشأت وترعرعت في بلاد المغرب بتونس ... » الخ .
ثم يتحدث الكاتب باسهاب عن انتقال بعض العلويين بعد موقعة فخ في ذي الحجة سنة «169 هـ» ، وتشكيل الحكومات العلوية في الشمال الافريقي ، وخاصة في المغرب منذ سنة «172 هـ» ، وموالاة سكان هاتيك المناطق لآل البيت ، مما لا مجال للولوج فيه بإسهاب . واكتفي بهذا القدر من هذا المقال الذي تطرق فيه كاتبه الى موضوع النياحة على الامام الحسين الشهيد عليه السلام في المغرب بإجمال ضمن بحثه عن النهضات الشيعية في الشمال الافريقي ، وخاصة في المغرب منذ القرن الثاني للهجرة ، وتمسكها من بداية نشاطاتها بموضوع مقتل الامام الحسين عليه السلام في كربلاء ، ثم اعتبار الشعب المغربي هذا الموضوع عقيدة يقوم باحيائها وتجديد ذكراها كل عام في شهر محرم حتى العصر الحاضر .
2 ـ جاء في الصفحة «211» من كتاب ( إقناع اللائم ) ما لفظه :
« والذي بلغنا ان الخوارج الاباضية في زنجبار يقيمون مراسيم الحزن يوم عاشوراء ، لا مراسيم الأعياد ، وأنهم بقدر بغضهم لعلي وولده الحسن عليهما السلام يحبون الحسين عليه السلام لقيامه بالسيف ، ومقاومته للظلم » .
وجاء في الصفحة «62» من المجلد «56» من « أعيان الشيعة » ما نصه : « ولا ننسى كذلك اسم المرحوم علي باتو الذي أدى خدمات كبيرة لدولة زنجبار خلال الفترة بين 1914 ـ 1918 م ، وقد قال له السلطان ذات يوم : « اختر أنت بنفسك


( 94 )

الجائزة التي تريدها مقابل خدماتك » فأجاب على الفور :
كل ما أريده ان يكون اليوم الحادي والعشرون من الشهر التاسع القمري ، واليوم العاشر من الشهر الأول القمري ، يومي عطلة رسمية ، فوافق السلطان على ذلك . ومنذ ذلك اليوم تعطل الدوائر الرسمية كل سنة ، في ذكرى مقتل الشهيد علي ، ومقتل الشهيد الحسين .
أقول : وهذان اليومان هما : 21 شهر رمضان و 10 شهر محرم من كل سنة .
وقد نقل لي هذه الحكاية أيضاً في طهران أحد مسلمي زنجبار الذي هجرها وأقام في عاصمة ايران وقال : ان علي ناتو كان من كبار تجار زنجبار الأثرياء .
3 ـ أما في مصر فقد مر في فصل سابق ذكر لتاريخ النياحة على الحسين وشعائرها وتطورها في هذا البلد . اما في القرن الحالي فقد لخص الدكتور علي الوردي في الصفحة «233» من كتابه « دراسة في طبيعة المجتمع العراقي » هذه النياحة بما عبارته :
« وقد شهدت المتصوفة يحتفلون بمولد السيدة زينب والامام الحسين في القاهرة ، فيقومون بحلقات الذكر ، ويخرجون بالمواكب والرايات على منوال يشبه من بعض الوجوه ما يفعله الشيعة في العراق ، احتفالاً بوفيات ائمتهم ... » .
كما جاء في الصفحة «78» من كتاب « السيد محسن الامين ـ سيرته » المار ذكره عند وصفه رحلته سنة 1321 هـ الى الحجاز لأداء فريضة الحج ماراً بمدينة القاهرة بهذا الصدد قوله :
« وزرنا مشهد رأس الحسين عليه السلام فيها ـ أي في القاهرة ـ فخلنا أنفسنا في كربلاء ، لأن ما يفعله المصريون في ذلك المشهد لا ينقص عما يفعله العراقيون الشيعة في كربلاء ، وهو مشهد مبني بناءً متقناً ورأينا فيه مدرساً معمماً جالساً على منبر صغير وحوله تلاميذ يستمعون الى درسه ... » .
***


( 95 )

الفصل السابع والعشرون
النياحة على الحسين عليه السلام في القارة الاوروبية
وفي القارة الاوروبية وخاصة الاقطار القريبة من الصقع الآسيوي ، وبالأخص بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط ، والممالك البلقانية التي كانت ردحا من الزمن تحت سيطرة الامبراطورية العثمانية ، والتي تغلغل فيها المسلمون على مر الدهور والعصور منذ القرون الوسطى ، فقد كانت النياحة على الامام الشهيد الحسين عليه السلام واقامة شعائر العزاء والحزن عليه متداولة فيها الى حد ما ، ثم ان هذا التقليد الحزين قد تسرب من هذه البلدان الى سائر أقطار القارة الأوربية ، وخاصة خلال القرن الأخير ، وعقيب الحرب العالمية الاولى التي ازداد تردد المسلمين عليها ، واقيمت فيها المساجد ودور الضيافات الاسلامية .
وتحدثنا أنباء هذه الاقطار عن اقامة هذه النياحة على الامام الحسين في عواصم ومدن تلك البلدان في العشرة الاولى من محرم .
وفيما يلي وصف بعض هذه الحفلات الحزينة :
الف ـ في انجلترا:
1ـ جاء في الصفحة « 369 » من الجزء الثامن ، من السنة الرابعة ، من مجلة « المرشد » البغدادية ضمن مقال مترجم عن الصحف الانجليزية ما عبارته :
« ان أول ذكرى لشهيد الطف أقيم في لندن بمناسبة يوم عاشوراء ، في 17


( 96 )

جون 1929 م ، الموافق 9 محرم 1348 هـ فقد احتفلت بهذه الذكرى الجمعية الاسلامية الغربية في لندن . وكانت هذه أول مظاهرة إسلامية بهذا الشأن تقام في بريطانيا اجتمع فيها كثير من الانجليز الذي اعتنقوا الدين الاسلامي ، ومن المسلمين الهنود والعرب وغيرهم المقيمين في بريطانيا ، والقيت الخطب على المنابر بوصف مجزرة كربلاء واستشهاد الامام عليه السلام ، وأمّ شهادة الامام كانت لأجل توحيد كلمة المسلمين والوئام بين أفرادهم . ثم ذكر فيها نماذج من كارثة الطف وتضحية الإمام عليه السلام وكان احتفالاً حزيناً ، جرت فيه الدموع على مقتل الامام عليه السلام .
وأضافت هذه الصحف في وصف هذا الاحتفال الحزين وقالت :
« ثم قام الرئيس الدكتور عبد الله السهروردي ، وذكر نماذجاً من كارثة الطف ، ومثل للحضور ما برز للحسين عليه السلام فيه من الشجاعة والايثار وحب الحق والمثابرة ، وذكر ما كان عليه أهل البيت على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من العز ، ثم ذكرهم ( بذي الفقار ) سيف الامام علي عليه السلام ، واستدعى من الزعيم « ذو الفقار علي خان » أن يفيد الجمع بخطابه ، فنهض قائلاً : إن شهادة الحسين قد وحدت كلمة الاسلام ، وأحكمت الرابطة بين المسلمين فانفض الجمع ، وكان الاحتفال يضم كثيراً من المسيحيين أيضاً » .
2 ـ وقد علمت من بعض الثقات الذين يترددون على انجلترا أنه خلال بعض سنوات الستينات من القرن العشرين الميلادي ، قام المسلمون المقيمون في لندن وبعض مدن انجلترا الأخرى ، بتسيير موكب للعزاء الحسيني في شوارعها في يوم عاشوراء ، لطم فيه المشتركون في الموكب وناحوا فيه على الحسين عليه السلام ولم تمنعهم الحكومة البريطانية من أداء هذه الشعائر ، وقد خطب فيه بعض المسلمين من الانجليز عن هذه الفاجعة الأليمة .
3 ـ وفي محرم سنة 1394 هـ أفادت أنباء لندن بأن ذكرى العزاء الحسيني أقيم أيضاً في بعض الدور التي يقيم فيها المسلمون في لندن خلال يومي التاسع


( 97 )

والعاشر من شهر محرم ـ التاسوعاء والعاشوراء ـ ومن بينها دار العلامة السيد محمد المشكاة أستاذ جامعة طهران سابقاً الذي اختار الإقامة في لندن في الآونة الأخيرة .
ولقد اشترك في هذه المجالس النياحية والحفلات الحزينة كثير من المسلمين الانجليز والجاليات الاسلامية في لندن من عرب وإيرانيين وباكستانيين وهنود وسائر القوميات وفي مقدمتهم رجال السلك الدبلوماسي الاسلامي والعربي المعتمدين لدى البلاط البريطاني (1) .
ب ـ في الأندلس ( أسبانيا ) :
1 ـ جاء في مقال نشرته مجلة الهادي الصادرة في قم بإيران باللغة العربية في عددها الثاني لسنتها الأولى المؤرخ ذي القعدة 1391 هـ بقلم الدكتور عبد اللطيف السعداني ، بفاس « المغرب » تحت عنوان : « حركات التشيع في المغرب ومظاهره » مشيراً الى أثر التشيع في الأندلس ، وإقامة المأتم على الامام الحسين الشهيد عليه السلام فيما نصه :
« ومن حسن حظّنا هذه المرة أن أحد أعلام المفكرين في القرن الثامن الهجري ، لسان الدين ابن الخطيب ، أسعفنا بإشارة ذات أهمية كبرى ، والفضل في ذلك يعود الى إحدى النسخ الخطية الفريدة من مؤلفه التاريخي « أعلام الاعلام فيمن بويع بالخلافة قبل الاحتلام » التي حفظتها لنا خزانة جامعة القرويين بمدينة « فاس » من عاديات الزمن . وبهذه الإشارة تنحل العقدة المستعصية ، وينكشف لنا ما كان غامضاً من قبل ، مما أغفل الحديث عنه المؤرخون مما كان يجري في الأندلس من أثر التشيع ، ذلك أن ابن الخطيب عند حديثه عن دولة يزيد بن
____________
(1) كما أفادت الأنباء أن في يوم عاشوراء تسير المواكب في شوارع بريطانيا كأنك في مدينة كربلاء المقدسة فضلاً عن إقامة مجالس العزاء مفصلاً وفي أماكن بعيدة .
( 98 )

معاوية انتقل به الحديث الى ذكر عادات الأندلسيين خاصة في ذكرى مقتل سيدنا الحسين من التمثيل بإقامة الجنائز ، وإنشاد المراثي . وقد أفادنا عظيم الفائدة حيث وصف إحدى هذه المراسيم وصفاً حياً شيقاً ، حتى ليخيل أننا نرى إحياء هذه الذكرى في بلد شيعي . وذكر أن هذه المراثي تسمى الحسينية ، وأن المحفظة عليها بقيت من قبل تاريخ ابن الخطيب الى أيامه ونبادر الآن الى نقل هذا الوصف على لسان صاحبه :
« ولم يزل الحزن متصلاً على الحسين ، والمآتم قائمة في البلاد ، يجتمع لها الناس ويحتفلون لذلك ليلة يوم قتل فيه ، بعد الأمان من نكير دول قتلته ، ولا سيما بشرق الأندلس . فكانوا على ما حدثنا به شيوخنا من أهل المشرق ـ يعني مشرق الأندلس ـ يقيمون رسم الجنازة حتى في شكل من الثياب ، يستجنى خلف سترة في بعض البيت ، ويحتفل بالأطعمة ، ويجلب القراء المحسنون ، ويوقد البخور ، ويتغنى بالمراثي الحسنة » .
وفي عهد ابن الخطيب كان ما يزال لهذه المراثي شأن أيضاً ؛ فإنه في سياق حديثه السابق زادنا تفصيلاً وبياناً عن الحسينية وطقوسها ، فقال :
« والحسينية التي يستعملها الى اليوم المسمعون ، فيلوون لها العمائم الملونة ، ويبدلون الأثواب ، كأنهم يشقون الأعلى عن الأسفل بقية من هذا لم تنقطع بعد ، وإن ضعفت . ومهما قيل الحسينية أو الصفة لم يدر اليوم أصلها .
وفي المغرب اليوم ما لا يزال أولئك المسمعون الذين أشار اليهم ابن الخطيب يعرفون بهذا الاسم ، وينشدون ، وكثرت في إنشادهم عل الأخص المدائح النبوية . كما أن الأغنية الأندلسية الشائعة اليوم في بلاد المغرب تشتمل في أكثرها على المدائح النبوية أيضاً » انتهى كلام السعداني .
أقول : ويظهر من هذا الوصف أن النياحة على الامام الحسين وإقامة شعائر الحزن والاسى عليه ، قد تداوله المسلمون في الأندلس منذ أن وطئت أقدام


( 99 )

المسلمين أرض الأندلس وبقيت هذه التقاليد في هذه البلاد الاسلامية النائية حتى القرن الثامن الهجري ـ كما يستبان من كلام ابن الخطيب ـ ويستنتج من استعمال كلمة الحسينية التي استعملها المسلمون هناك لإقامة العزاء الحسيني وإنشاد المراثي فيها أنه كان للشيعة شأن يذكر في الأندلس .
هذا وقد نشرت المجلة السالفة الذكر في عددها الثالث لسنتها الأولى المؤرخ صفر 1392 هـ تتمة مقال الاستاذ السعداني ، الذي نقل فيه بعض المراثي على الامام الشهيد ، تلك المراثي التي إن دلت على شيء فإنما تدل على تغلغل المذهب الشيعي في بعض طبقات الشعب في الاندلس والمغرب العربي ، وعلى شدة تعلقهم بالحسين الشهيد ، وقيامهم بمراسيم النوح عليه في ذكراه الأليمة .
إن ما قاله الاستاذ السعداني في ذلك هو ما يلي :
كما أفادنا ابن الخطيب بنقله نموذجاً لهذه المراثي مدى عناية الشعراء بهذا الموضوع . وعرفنا بأحد شعراء الشيعة في الأندلس ، الذي اشتهر برثاء سيدنا الحسين ، وهو أبو البحر صفوان بن إدريس بن إبراهيم النجيي المرسي ( 561 ـ 598 هـ) هذه القصيدة كانت مشهورة وينشدها المسمعون ، وهي كما يلي :

سلام كأزهـار الربــى يتنســـم * على منزل منـه الهــدى يتعلــم
على مصرع للفــاطميين غيبــت * لأوجههم فيـــه بـدور وأنجــم
على مشهد لو كنــت حاضر أهله * لعاينت أعضــاء النبــي تقسـم
على كربلاء لا أخلف الغيب كربـلا * وإلا فان الدمـع أنــدى وأكــرم
مصارع ضجــت يثرب لمصابهـا * وناح عليهـن الحطيــم وزمــزم
ومكة والاستــار والركن والصفـا * وموقف حـج والمقــام المعظــم

ثم يستطرد الشاعر بإسناد القصيدة على هذا الوتر ، ويقول :

لو أن رسول الله يحيــى بعيدهـم * رأى ابن زيــاد أمهكيـف تعقــم
وأقبلت الزهراء قــدس تربهــا * تنادي أباهـا والمدامــع تسجــم


( 100 )

تقول : أبي هـم غادروا ابني نهبـة * كما صاغه قيس ومــا مـج أرقـم
سقوا حسنا للسم كاســا رويـــة * ولم يقرعوا سنــا ولــم يتندمـوا
وهم قطعوا رأس الحسيـن بكربـلا * كأنهم قد أحسنـوا حيــن أجرمـوا
فخذ منهم ثاري وسكــن جوانحـاً * وأجفان عيـن تستطيـر وتسجــم
أبي وانتصر للسبط واذكـر مصابه * وغلته والنهـر ريـــان مفعــم

ويختم الشاعر قصيدته الطويلة تلك بهذه الأبيات :

فيا أيهــا المغرور والله غاضــب * لبنت رســول الله أيــن تيمـم ؟
ألا طرب يقلى ألا حـزن يصطفـى * ألا أدمع تجرى ألا قلـب يضـرم ؟
قفوا ساعدونا بالدمــوع فأنهـــا * لتصغر في حق الحسيــن ويعظـم
ومهما سمعتهم في الحسـيـن مراثياً * تعبر عن محض الأسى وتتــرجم
فمدوا أكفاً مسعديـن بــدعــوة * وصلوا على جد الحسين وسلمــوا

ثم يواصل الأستاذ السعداني كلامه ويقول :
« ونتلمس هذه الحركة فيما بعد عصر مبدع هذه القصيدة الحسينية ، فنعثر على أثر آخر للفكر الشيعي ؛ حيث نلتقي بأحد أدباء الأندلس في النصف الأول من القرن السابع الهجري ، هو القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي البلنسي ، المقتول في 20 محرم سنة 658 هـ ونقف على اسم كتابين من مؤلفاته العديدة ، موضوعها هو رثاء سيدنا الحسين .
أولهما : « اللجين في رثاء الحسين » ولا يعرف اليوم أثر لهذا الكتاب غير اسمه .
وثانيهما : « درر السمط في أخبار السبط » وكان كل ما بقي من هذا الكتاب هو ما نقله المقري في كتابه : « نفح الطيب من غصن أندلس الرطيب » وقد اعترف المقري بأنه أغفل نقل بعض الفقرات من الكتاب مما يشم منه رائحه التشيع . ثم إنه اكتفى بنقل جزء من الباقي فقط ... » الخ .


( 101 )

الفصل الثامن والعشرون
النياحة على الحسين عليه السلام في القارة الأمريكية
لقد انتقلت مراسيم إقامة العزاء على الامام الحسين عليه السلام بمختلف أنواعها ، من شعائر النياحة ، وإقامة مجالس الحزن ، وتسيير السبايا في الشوارع خلال المائة سنة الأخيرة الى القارة الأمريكية ، حيث انتقلت هذه التقاليد مع المهاجرين المسلمين من عرب وغيرهم ، ممن تركوا ديارهم في آسيا وأفريقية وانتقلوا الى بلدان القارة الأمريكية ، بشطريها الشمالي والجنوبي . وكان كثير من هؤلاء المهاجرين المسلمين من الشيعة الموالين لآل النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمتمسكين بشعائر دينهم وتقاليد مذهبهم ، وخاصة حزنهم على إمامهم الثالث الشهيد ، الحسين بن علي عليهما السلام ، ومن هؤلاء المهاجرين جماعة من مسلمي لبنان ، وأفراد وأسر من مسلمي الهند والباكستان ، وبعض الايرانيين وغيرهم ، ممن اضطرتهم لقمة العيش إلى ترك مواطنهم والهجرة الى تلك الأصقاع النائية والاستيطان فيها .
وفيما يلي وصف لبعض ما يقوم به هؤلاء من شعائر الحزن في تلك البلدان :
1 ـ جاء في العدد «515» من مجلة « الاسبوع العربي » المؤرخ 21 | 4 | 1969 م بقلم السيد بهجت منصور ، عن النياحة على الامام الحسين في أمريكا ما عبارته :
« والهودج الكبير الذي يعده المسلمون في امريكا الوسطى وفي مدينة « بورت أو اسباني » إحدى حواضر جزيرة ترينيداد ، الواقعة في البحر الكاريبي ،


( 102 )

من شمال أمريكا الجنوبية بمناسبة إقامة شعائر الحزن على سيد الشهداء عليه السلام ، يزين هذا الهودج بالذهب والفضة ، وبأزهى الألوان الوهاجة وأحلاها . ويشترك المسيحيون والهنود مع المسلمين في احتفالاتهم العظيمة بيوم عاشوراء ، في مسيرة عظيمة ، في طليعتها هذا الهودج الفخم ، وتسير الجماهير وراءه تحف بها الطبول وآلات الموسيقى بأنغامها الحزينة ، تطوف شوارع العاصمة ، وبين تعالي العويل والهتاف بحياة الحسين عليه السلام سيد الشهداء في ذكرى مصرعه ، يلقى الهودج الى البحر الصاخب ، فتحمله الأمواج الى الأعماق الزرقاء المجهولة ، ويعود الجميع الى مجالس العزاء بذكرى الحسين عليه السلام . وأغلب الظن أن هذه الظاهرة انتقلت الى هذه الجزيرة مع الهنود المسلمين ؛ حيث يمارسون على غرارها في الهند ، تعبيراً عن عواطفهم نحو هذه الذكرى المؤلمة ، وعلى هذا النحو في معظم الأقطار الأفريقية والآسيوية يعبر المسلمون عن مشاعرهم حسب تصورهم ومعتقداتهم في هذه المناسبة . ومنهم من ينحو بها كعرض لذلك المسرح الحسين يوم الطف بالمنطق الرزين ، وبأرقى الأساليب الأخاذة بالمشاعر ، مستوحين من قدسية ذلك اليوم التاريخي ضروب العبر وأنواع البطولة والإيمان بالحق ، فينتزعون من ذكراه أروع الصور وأبلغ الدروس وأسمى العظات ، وإن كانت منهم مجرد سرد وترديد ... » الخ .
***


( 103 )

تقريظ الجزء الأول من الكتاب

نشرت مجلة « الإخاء » الغراء التي تصدر باللغة العربية في طهران بعددها «326» المؤرخ في 26 ربيع الأول «1394 هـ» الكلمة التالية في التعريف بالجزء الأول من هذا الكتاب ومؤلفه :

تاريخ النياحة
للاستاذ السيد صالح الشهرستاني

عرف الأستاذ السيد صالح الشهرستاني بولعه واهتمامه الشديدين في البحث في بطون الكتب ـ المطبوعة والمخطوطة ـ واستخراج ما يصلح منها للدراسة والاستزادة في العلم والمعرفة ، ليتحف الراغبين بنتاج فكره وجهده في مقالات يكتبها وكتب يضعها .
ولقد أسهم السيد صالح الشهرستاني لفترة ليست بالقصيرة في الكتابة في مجلة « الإخاء » وكان له الفضل في تعريف قراءها بقضايا تاريخية ولغوية واجتماعية ، فله من أسرة « الإخاء » وافر الشكر وعظيم التقدير .
وقد أهدانا أخيراً الجزء الأول من كتابه القيم وهو بعنوان « تاريخ النياحة على الامام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام » فتصفحناه ووجدنا فيه ما لم يتطرق اليه باحث من قبل في هذا الشأن ، مما يدل على الجهد الضخم الذي بذله الاستاذ السيد صالح الشهرستاني في استقصاء المعلومات من كتب عديدة اعتمدها مصادر لمؤلفه الجديد ، حتى خرج بهذا الشكل والمضمون .
ولا يسعنا إلا أن نقدم لسيادته شكرنا وتقديرنا ، راجين له الموفقية في أعماله وداعين له بالعمر المديد والصحة والسعادة .