فصل
في شرائط صحة الصوم ( 173 )


وهي أمور :
الأول : الإسلام والإيمان ( 174 ) ، فلا يصح من غير المؤمن ولو في جزء من النهار ، فلو أسلم الكافر في أثناء النهار ولو قبل الزوال لم يصح صومه ( 175 ) ، وكذا لو ارتد ثم عاد إلى الإسلام بالتوبة وإن كان الصوم معينا وجدد النية قبل الزوال على الأقوى.
الثاني : العقل ( 176 ) ، فلا يصح من المجنون ولو أدوارا وإن كان جنونه في جزء من النهار ولا من السكران ولا من المغمى عليه ولو في بعض النهار وإن سبقت منه النية على الأصح.
الثالث : عدم الإصباح جنبا أو على حدث الحيض والنفاس بعد النقاء من الدم على التفصيل المتقدم.
(173) ( في شرائط صحة الصوم ) : بالمعنى الجامع بين شرط المتعلق وشرط الأمر وشرط عدم لزوم القضاء عقوبة.
(174) ( الإيمان ) : الأظهر عدم اعتبار الإيمان في الصحة ـ بمعنى موافقة التكليف ـ وإن كان معتبرا في استحقاق الثواب.
(175) ( لم يصح صومه ) : فيه إشكال فالأحوط للكافر إذا أسلم في نهار شهر رمضان ولم يأت بمفطر قبل إسلامه أن يمسك بقية يومه بقصد ما في الذمة وأن يقضيه إن لم يفعل ذلك وللمرتد الجمع بين الإتمام كذلك والقضاء.
(176) ( العقل ) : إذا أوجب فقده الإخلال بالنية المعتبرة في الصوم وإلا ـ كما إذا كان مسبوقا بها ـ فللصحة وجه فلا يترك الاحتياط في مثل ذلك بالجمع بين الإتمام والقضاء للسكران ، وبالإتمام فإن لم يفعل فالقضاء للمجنون والمغمى عليه.

( 450 )

الرابع : الخلو من الحيض والنفاس في مجموع النهار ، فلا يصح من الحائض والنفساء إذا فاجأهما الدم ولو قبل الغروب بلحظة أو انقطع عنهما بعد الفجر بلحظة ، ويصح من المستحاضة إذا أتت بما عليها من الأغسال النهارية ( 177 ).
الخامس : أن لا يكون مسافرا سفرا يوجب قصر الصلاة مع العلم بالحكم في الصوم الواجب إلا في ثلاثة مواضع :
أحدها : صوم ثلاثة أيام بدل هدي التمتع.
الثاني : صوم بدل البدنة ممن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا وهو ثمانية عشر يوما.
الثالث : صوم النذر ( 178 ) المشترط فيه سفرا خاصة أو سفرا وحضرا دون النذر المطلق ، بل الأقوى عدم جواز الصوم المندوب في السفر أيضا إلا ثلاثة أيام للحاجة في المدينة ، والأفضل ( 179 ) إتيانها في الأربعاء والخميس والجمعة ، وأما المسافر الجاهل بالحكم لو صام فيصح صومه ويجزيه حسبما عرفته في جاهل حكم الصلاة إذ الإفطار كالقصر والصيام كالتمام في الصلاة ، لكن يشترط أن يبقى على جهله إلى آخر النهار ، وأما لو علم بالحكم في الأثناء فلا يصح صومه ، وأما الناسي فلا يلحق بالجاهل في الصحة وكذا يصح الصوم من المسافر إذا سافر بعد الزوال ، كما أنه يصح صومه إذا لم يقصر في صلاته كناوي الإقامة عشرة أيام والمتردد ثلاثين يوما وكثير السفر والعاصي بسفره وغيرهم ممن تقدم تفصيلا في كتاب الصلاة.
السادس : عدم المرض أو الرمد الذي يضره الصوم لإيجابه شدته أو
(177) ( إذا أتت بما عليها من الأغسال النهارية ) : على الأحوط الأولى كما تقدم.
(178) ( صوم النذر ) : أي في اليوم المعين.
(179) ( والأفضل ) : بل الأحوط ولا يترك.

( 451 )

طول برئه أو شدة ألمه ( 180 ) أو نحو ذلك ، سواء حصل اليقين بذلك أو الظن بل أو الاحتمال الموجب للخوف ( 181 ) ، بل لو خاف الصحيح من حدوث المرض لم يصح منه ، وكذا إذا خاف من الضرر في نفسه أو غيره أو عرضه أو عرض غيره أو في مال يجب حفظه وكان وجوبه أهم في نظر الشارع من وجوب الصوم ، وكذا إذا زاحمه واجب آخر أهم منه ( 182 ) ، ولا يكفي الضعف وإن كان مفرطا ما دام يتحمل عادة ، نعم لو كان مما لا يتحمل عادة جاز الإفطار ، ولو صام بزعم عدم الضرر فبان الخلاف بعد الفراغ من الصوم ففي الصحة إشكال فلا يترك الاحتياط بالقضاء ، وإذا حكم الطبيب بأن الصوم مضر وعلم المكلف من نفسه عدم الضرر يصح صومه وإذا حكم بعدم ضرره وعلم المكلف أو ظن كونه مضرا وجب عليه تركه ( 183 ) ولا يصح منه.
[ 2502 ] مسألة 1 : يصح الصوم من النائم ولو في تمام النهار إذا سبقت منه النية في الليل ، وأما إذا لم تسبق منه النية فإن استمر نومه إلى الزوال بطل صومه ( 184 ) ، ووجب عليه القضاء إذا كان واجبا ، وإن استيقظ قبله نوى وصح ، كما أنه لو كان مندوبا واستيقظ قبل الغروب يصح إذا نوى.
[ 2503 ] مسألة 2 : يصح الصوم وسائر العبادات من الصبي المميز على
(180) ( أو شدة ألمه ) : كل ذلك بالمقدار المعتد به الذي لم تجر العادة بتحمل مثله.
(181) ( أو الاحتمال الموجب للخوف ) : المستند إلى المناشئ العقلائية.
(182) ( وكذا إذا زاحمه واجب آخر أهم منه ) : الظاهر عدم بطلان الصوم بذلك فإن حكم العقل بلزوم صرف القدرة في غيره لا يقتضي انتفاء الأمر به مطلقا ومنه يظهر الحال في بعض الصور المتقدمة.
(183) ( وجب عليه تركه ) : إذا كان الضرر المظنون بحد محرم وإلا فيجوز له الصوم رجاء ويصح لو كان مخطئا في اعتقاده.
(184) ( بطل صومه ) : بل الأحوط الإتمام رجاء ثم القضاء.

( 452 )

الأقوى من شرعية عباداته ، ويستحب تمرينه عليها ( 185 ) ، بل التشديد عليه لسبع ، من غير فرق بين الذكر والأنثى في ذلك كله.
[ 2504 ] مسألة 3 : يشترط في صحة الصوم المندوب مضافا إلى ما ذكر أن لا يكون عليه صوم واجب ( 186 ) من قضاء أو نذر أو كفارة أو نحوها مع التمكن من أدائه ، وأما مع عدم التمكن منه كما إذا كان مسافرا وقلنا بجواز الصوم المندوب في السفر أو كان في المدينة وأراد صيام ثلاثة أيام للحاجة فالأقوى صحته ( 187 ) ، وكذا إذا نسي الواجب وأتى بالمندوب فإن الأقوى صحته إذا تذكر بعد الفراغ ، وأما إذا تذكر في الأثناء قطع ويجوز تجديد النية حينئذ للواجب مع بقاء محلها كما إذا كان قبل الزوال ، ولو نذر التطوع على الإطلاق صح وإن كان عليه واجب ، فيجوز أن يأتي بالمنذور قبله ( 188 ) بعد ما صار واجبا وكذا لو نذر أياما معينة يمكن إتيان الواجب قبلها ، وأما لو نذر أياما معينة لا يمكن إتيان الواجب قبلها ففي صحته إشكال ( 189 ) من أنه بعد النذر يصير واجبا ومن أن التطوع قبل الفريضة غير جائز فلا يصح نذره ، ولا يبعد أن يقال أنه لا يجوز بوصف التطوع وبالنذر يخرج عن الوصف ويكفي في رجحان متعلق النذر رجحانه ولو
(185) ( يستحب تمرينه عليها ) : بمعنى أن الصبي إذا كان قد بلغ سبع سنين يؤمر بالصيام بما يطيق من الإمساك إلى نصف النهار أو أكثر من ذلك أو أقل حتى يتعود الصوم ويطيقه ، وأما الأمر بالصوم تمام النهار وإن لم يكن يطيقه خصوصا مع التشديد عليه فغير ثابت ، هذا بالنسبة إلى الذكر وأما الأنثى فيستحب أيضا تمرينها على النحو المتقدم ولكن لم يثبت لذلك سن معين.
(186) ( أن لا يكون عدم الواجب ) على الاحوط االاولى في غير قضاء شهر رمضان.
(187) ( فالأقوى صحته ) : فيه إشكال.
(188) ( فيجوز أن يأتي بالمنذور قبله ) : بل لا يجوز إذا كان الواجب قضاء شهر رمضان وكذا الحال فيما بعده.
(189) ( ففي صحته إشكال ) : بل منع كما مر وجهه في كتاب الصلاة.

( 453 )

بالنذر ، وبعبارة أخرى المانع هو وصف الندب وبالنذر يرتفع المانع.
[ 2505 ] مسألة 4 : الظاهر جواز التطوع بالصوم إذا كان ما عليه من الصوم الواجب استئجاريا ، وإن كان الأحوط تقديم الواجب.

فصل
في شرائط وجوب الصوم


وهي أمور :
الأول والثاني : البلوغ والعقل ، فلا يجب على الصبي والمجنون إلا أن يكملا قبل طلوع الفجر ، دون ما إذا كملا بعده فإنه لا يجب عليهما وإن لم يأتيا بالمفطر بل وإن نوى الصبي الصوم ندبا ، لكن الأحوط مع عدم إتيان المفطر الإتمام والقضاء ( 190 ) إذا كان الصوم واجبا معينا ولا فرق في الجنون ( 191 ) بين الإطباقي والأدواري إذا كان يحصل في النهار ولو في جزء منه ، وأما لو كان دور جنونه في الليل بحيث يفيق قبل الفجر فيجب عليه.
الثالث : عدم الإغماء ، فلا يجب معه الصوم ولو حصل في جزء من النهار ، نعم لو كان نوى الصوم قبل الإغماء فالأحوط إتمامه.
الرابع : عدم المرض الذي يتضرر معه الصائم ، ولو برئ بعد الزوال ولم يفطر لم يجب عليه النية والإتمام ، وأما لو برئ قبله ولم يتناول مفطرا فالأحوط ( 192 ) أن
(190) ( والقضاء ) : على تقدير عدم الإتمام.
(191) ( ولا فرق في الجنون ) : إذا أوجب جنونه الإخلال بالنية المعتبرة وإلا ـ كما إذا كان مسبوقا بالنية ـ فقد مر لزوم الاحتياط لمثله بالإتمام فإن لم يفعل فالقضاء وهكذا الحال في المغمى عليه.
(192) ( فالأحوط ) : ولا يترك.

( 454 )

ينوي ويصوم وإن كان الأقوى عدم وجوبه .
الخامس : الخلو من الحيض والنفاس ، فلا يجب معهما وإن كان حصولهما في جزء من النهار.
السادس : الحضر ، فلا يجب على المسافر الذي يجب عليه قصر الصلاة بخلاف من كان وظيفته التمام كالمقيم عشرا أو المتردد ثلاثين يوما والمكاري ونحوه والعاصي بسفره ، فإنه يجب عليه التمام إذ المدار في تقصير الصوم على تقصير الصلاة ، فكل سفر يوجب قصر الصلاة يوجب قصر الصوم وبالعكس.
[ 2506 ] مسألة 1 : إذا كان حاضرا فخرج إلى السفر فإن كان قبل الزوال وجب عليه الإفطار ( 193 ) ، وإن كان بعده وجب عليه البقاء ( 194 ) على صومه ، وإذا كان مسافرا وحضر بلده أو بلدا يعزم على الإقامة فيه عشرة أيام فإن كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر وجب عليه الصوم ، وإن كان بعده أو تناول فلا وإن استحب له الإمساك بقية النهار ، والظاهر أن المناط كون الشروع في السفر قبل الزوال أو بعده لا الخروج عن حد الترخص ، وكذا في الرجوع المناط دخول البلد ، لكن لا يترك الاحتياط بالجمع إذا كان الشروع قبل الزوال والخروج عن حد الترخص بعده ، وكذا في العود إذا كان الوصول إلى حد الترخص قبل الزوال والدخول في المنزل بعده.
[ 2507 ] مسألة 2 : قد عرفت التلازم بين إتمام الصلاة والصوم ، وقصرها والإفطار لكن يستثنى من ذلك موارد :
أحدها : الأماكن الأربعة فإن المسافر يتخير فيها بين القصر والتمام في
(193) ( وجب عليه الإفطار ) : على الأحوط لزوما خصوصا إذا كان ناويا للسفر من الليل.
(194) ( وجب عليه البقاء ) : على الأحوط لزوما سيما إذا لم يكن ناويا للسفر من الليل ويجتزئ به.

( 455 )

الصلاة وفي الصوم يتعين الإفطار.
الثاني : ما مر من الخارج إلى السفر بعد الزوال ، فإنه يتعين عليه البقاء ( 195 ) على الصوم مع أنه يقصر في الصلاة.
الثالث : ما مر من الراجع من سفره ، فإنه إن رجع بعد الزوال يجب عليه الإتمام مع أنه يتعين عليه الإفطار.
[ 2508 ] مسألة 3 : إذا خرج إلى السفر في شهر رمضان لا يجوز له الإفطار إلا بعد الوصول إلى حد الترخص ، وقد مر سابقا وجوب الكفارة عليه إن أفطر قبله.
[ 2509 ] مسألة 4 : يجوز السفر اختيارا في شهر رمضان ، بل ولو كان للفرار من الصوم كما مر ، وأما غيره من الواجب المعين فالأقوى عدم جوازه ( 196 ) إلا مع الضرورة كما أنه لو كان مسافرا وجب عليه الإقامة لإتيانه مع الإمكان.
[ 2510 ] مسألة 5 : الظاهر كراهة السفر في شهر رمضان قبل أن يمضي ثلاثة وعشرون يوما ( 197 ) إلا في حج أو عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ يخاف هلاكه.
[ 2511 ] مسألة 6 : يكره للمسافر في شهر رمضان ، بل كل من يجوز له الإفطار التملي من الطعام والشراب ، وكذا يكره له الجماع في النهار ، بل الأحوط تركه وإن كان الأقوى جوازه.

***


(195) ( يتعين عليه البقاء ) : على ما مر آنفا.
(196) ( فالأقوى عدم جوازه ) : إذا كان واجبا بإيجار ونحوه وكذا الثالث من أيام الاعتكاف ، والأظهر جوازه فيما كان واجبا بالنذر وفي إلحاق اليمين والعهد به إشكال ، ومنه يظهر الحال في وجوب قصد الإقامة.
(197) ( قبل أن يمضي ثلاثة وعشرون يوما ) : هذا التحديد لم يثبت بدليل معتبر.

( 456 )

فصل
[ في موارد جواز الإفطار ]


وردت الرخصة في إفطار شهر رمضان لأشخاص ، بل قد يجب :
الأول والثاني : الشيخ والشيخة إذا تعذر عليهما الصوم ، أو كان حرجا ومشقة ، فيجوز لهما الإفطار لكن يجب عليهما في صورة المشقة بل في صورة التعذر أيضا ( 198 ) التكفير بدل كل يوم بمد من طعام ، والأحوط مدان ، والأفضل كونهما من حنطة ، والأقوى وجوب القضاء ( 199 ) عليهما لو تمكنا بعد ذلك.
الثالث : من به داء العطش ، فإنه يفطر سواء كان بحيث لا يقدر على الصبر أو كان فيه مشقة ، ويجب عليه التصدق بمد ( 200 ) ، والأحوط مدان ، من غير فرق بين ما إذا كان مرجو الزوال أم لا ، والأحوط بل الأقوى وجوب القضاء ( 201 ) عليه إذا تمكن بعد ذلك ، كما أن الأحوط ( 202 ) أن يقتصر على مقدار الضرورة.
الرابع : الحامل المقرب التي يضرها الصوم أو يضر حملها ، فتفطر وتتصدق من مالها بالمد أو المدين وتقضي بعد ذلك.
الخامس : المرضعة القليلة اللبن إذا أضر بها الصوم أو أضر بالولد ، ولا فرق بين أن يكون الولد لها أو متبرعة برضاعه أو مستأجرة ، ويجب عليها
(198) ( بل في صورة التعذر أيضا ) : الأظهر عدم ثبوت الكفارة في صورة التعذر.
(199) ( والأقوى وجوب القضاء ) : بل الأقوى عدم الوجوب.
(200) ( ويجب عليه التصدق بمد ) : الأقوى عدم وجوبه في صورة تعذر الصوم عليه.
(201) ( بل الأقوى وجوب القضاء ) : بل الأقوى عدم وجوبه.
(202) ( كما أن الأحوط ) : لا بأس بتركه.

( 457 )

التصدق بالمد أو المدين أيضا من مالها والقضاء بعد ذلك ، والأحوط بل الأقوى ( 203 ) الاقتصار على صورة عدم وجود من يقوم مقامها في الرضاع ( 204 ) تبرعا أو بأجرة من أبيه أو منها أو من متبرع.

فصل
في طرق ثبوت هلال رمضان وشوال للصوم والإفطار


وهي أمور :
الأول : رؤية المكلف نفسه.
الثاني : التواتر.
الثالث : الشياع المفيد للعلم ، وفي حكمه كل ما يفيد العلم ولو بمعاونة القرائن ، فمن حصل له العلم ( 205 ) بأحد الوجوه المذكورة وجب عليه العمل به وإن لم يوافقه أحد ، بل وإن شهد وردّ الحاكم شهادته.
الرابع : مضي ثلاثين يوما من هلال شعبان أو ثلاثين يوما من هلال رمضان ، فإنه يجب الصوم معه في الأول والإفطار في الثاني.
الخامس : البينة الشرعية ( 206 ) ، وهي خبر عدلين سواء شهدا عند الحاكم
(203) ( بل الأقوى ) : الأقوائية ممنوعة.
(204) ( الاقتصار على صورة عدم وجود من يقوم مقامها في الرضاع ) : وكذا عدم وجود ما يقوم مقامها في ذلك كالرضاعة الصناعية.
(205) ( فمن حصل له العلم ) : أي بالرؤية في بلده أو فيما يلحقه حكما ـ كما سيأتي ـ وفي حكم العلم الاطمئنان الناشئ من المبادئ العقلائية.
(206) ( البينة الشرعية ) : مع عدم العلم أو الاطمئنان باشتباهها وعدم وجود معارض لها ولو حكما كما إذا استهل جماعة كبيرة من أهل البلد فادعى الرؤية منهم

=


( 458 )

وقبل شهادتهما أو لم يشهدا عنده أو شهدا وردّ شهادتهما ، فكل من شهد عنده عدلان عنده يجوز بل يجب عليه ترتيب الأثر من الصوم أو الإفطار ، ولا فرق بين أن تكون البينة من البلد أو من خارجه ، وبين وجود العلة في السماء وعدمها ، نعم يشترط توافقهما في الأوصاف فلو اختلفا فيها لا اعتبار بها ( 207 ) ، نعم لو أطلقا أو وصف أحدهما وأطلق الآخر كفى ، ولا يعتبر اتحادهما في زمان الرؤية مع توافقهما على الرؤية في الليل ، ولا يثبت بشهادة النساء ، ولا بعدل واحد ولو مع ضم اليمين.
السادس : حكم الحاكم ( 208 ) الذي لم يعلم خطأوه ولا خطأ مستنده كما إذا استند إلى الشياع الظني.
ولا يثبت بقول المنجمين ولا بغيبوبة الشفق في الليلة الأخرى ( 209 ) ولا برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال ( 210 ) فلا يحكم بكون ذلك اليوم أول الشهر ، ولا
=
عدلان فقط أو استهل جمع ولم يدع الرؤية إلا عدلان ولم يره الآخرون وفيهم عدلان يماثلانهما في معرفة مكان الهلال وحدة النظر مع فرض صفاء الجو وعدم وجود ما يحتمل أن يكون مانعا عن رؤيتهما ففي مثل ذلك لا عبرة بشهادة العدلين.
(207) ( فلو اختلفا فيها لا اعتبار بها ) : إذا أدى ذلك إلى عدم شهادتهما على أمر واحد دون ما إذا كان الاختلاف راجعا إلى الجهات الخارجية ككونه مطوقا أو مرتفعا أو قلة ضوئه ونحو ذلك.
(208) ( حكم الحاكم ) : كونه من طرق ثبوت الهلال محل إشكال بل منع نعم إذا أفاد حكمه أو الثبوت عنده الاطمئنان بالرؤية في البلد أو فيما بحكمه اعتمد عليه ، ومنه يظهر الحال في جملة من المسائل الآتية.
(209) ( ولا بغيبوبة الشفق في الليلة الأخرى ) : في العبارة قصور فإنه يشير بها إلى ما في رواية ضعيفة : إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين.
(210) ( ولا برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال ) : ولا بتطوقه ليدل على إنه لليلة السابقة.

( 459 )

بغير ذلك مما يفيد الظن ولو كان قويا إلا للأسير والمحبوس ( 211 ).
[ 2512 ] مسألة 1 : لا يثبت بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية ، بل شهدا شهادة علمية.
[ 2513 ] مسألة 2 : إذا لم يثبت الهلال وترك الصوم ثم شهد عدلان برؤيته يجب قضاء ذلك اليوم ، وكذا إذا قامت البينة على هلال شوال ليلة التاسع والعشرين من هلال رمضان أو رآه في تلك الليلة بنفسه.
[ 2514 ] مسألة 3 : لا يختص اعتبار حكم الحاكم بمقلديه ، بل هو نافذ بالنسبة إلى الحاكم الآخر أيضا إذا لم يثبت عنده خلافه.
[ 2515 ] مسألة 4 : إذا ثبت رؤيته في بلد آخر ولم يثبت في بلده فإن كانا متقاربين كفى ، وإلا فلا إلا إذا علم توافق أفقهما ( 212 ) وإن كانا متباعدين.
[ 2516 ] مسألة 5 : لا يجوز الاعتماد على البريد البرقي ـ المسمى بالتلگراف ـ في الإخبار عن الرؤية إلا إذا حصل منه العلم بأن كان البلدان متقاربين وتحقق حكم الحاكم أو شهادة العدلين برؤيته هناك.
[ 2517 ] مسألة 6 : في يوم الشك في أنه من رمضان أو شوال يجب أن يصوم ، وفي يوم الشك في أنه من شعبان أو رمضان يجوز الإفطار ويجوز أن يصوم لكن لا بقصد أنه من رمضان كما مر سابقا تفصيل الكلام فيه ، ولو تبين في الصورة الأولى كونه من شوال وجب الإفطار سواء كان قبل الزوال أو بعده ، ولو تبين في الصورة الثانية كونه من رمضان وجب الإمساك ( 213 ) وكان صحيحا إذا لم
(211) ( إلا للأسير والمحبوس ) : الأظهر أن حكمهما في ذلك حكم من غمت عليه الشهور.
(212) ( إلا إذا علم توافق أفقهما ) : بمعنى كون الرؤية الفعلية في البلد الأول ملازما للرؤية في البلد الثاني لو لا المانع من سحاب أو غيم أو جبل أو نحو ذلك.
(213) ( وجب الإمساك ) : إطلاقه لما إذا لم يحكم بصحة الصوم كما إذا أفطر قبل التبين مبني على الاحتياط.

( 460 )

يفطر ونوى قبل الزوال ، ويجب قضاؤه إذا كان بعد الزوال ( 214 ).
[ 1218 ] مسألة 7 : لو غمت الشهور ولم ير الهلال في جملة منها أو في تمامها حسب كل شهر ثلاثين ما لم يعلم النقصان عادة.
[ 2519 ] مسألة 8 : الأسير والمحبوس إذا لم يتمكنا من تحصيل العلم بالشهر عملا بالظن ( 215 ) ، ومع عدمه تخيرا في كل سنة بين الشهور فيعينان شهرا له ، ويجب مراعاة المطابقة بين الشهرين في سنتين بأن يكون بينهما أحد عشر شهرا ، ولو بان بعد ذلك أن ما ظنه أو اختاره لم يكن رمضان فإن تبين سبقه كفاه لأنه حينئذ يكون ما أتى به قضاء ، وإن تبين لحوقه وقد مضى قضاه ، وإن لم يمض أتى به ، ويجوز له ( 216 ) في صورة عدم حصول الظن أن لا يصوم حتى يتيقن أنه كان سابقا فيأتي به قضاء ، والأحوط ( 217 ) إجراء أحكام شهر رمضان على ما ظنه من الكفارة والمتابعة والفطرة وصلاة العيد وحرمة صومه ما دام الاشتباه باقيا ، وإن بان الخلاف عمل بمقتضاه.
[ 2520 ] مسألة 9 : إذا اشتبه شهر رمضان بين شهرين أو ثلاثة أشهر مثلا فالأحوط صوم الجميع ، وإن كان لا يبعد إجراء حكم الأسير والمحبوس وأما إن اشتبه الشهر المنذور صومه بين شهرين أو ثلاثة فالظاهر وجوب
(214) ( ويجب قضاؤه إذا كان بعد الزوال ) : بل لا يترك الاحتياط فيه مع عدم الإفطار بالجمع بين الإمساك بقصد القربة المطلقة والقضاء بعد ذلك.
(215) ( عملا بالظن ) : لا يترك الاحتياط لهما بالجد في التحري وتحصيل الاحتمال الأقوى حسب الإمكان ولا يبعد أن تكون القرعة ـ فيما إذا أوجبت قوة الاحتمال ـ من وسائل التحري في المرتبة المتأخرة عن غيرها ، ومع تساوي الاحتمالات يختار شهرا فيصومه ، ويجب عليه ـ على أي تقدير ـ أن يحفظ الشهر الذي يصومه ليتسنى له ـ من بعده ـ العلم بتطابقه مع شهر رمضان وعدمه.
(216) ( ويجوز له ) : فيه تأمل بل منع.
(217) ( والأحوط ) : بل هو الأقوى في المتابعة.

( 461 )

الاحتياط ( 218 ) ما لم يستلزم الحرج ، ومعه يعمل بالظن ( 219 ) ومع عدمه يتخير.
[ 2521 ] مسألة 10 : إذا فرض كون المكلف في المكان الذي نهاره ستة أشهر وليله ستة أشهر أو نهاره ثلاثة وليله ستة أو نحو ذلك فلا يبعد ( 220 ) كون المدار في صومه وصلاته على البلدان المتعارفة المتوسطة مخيرا بين أفراد المتوسط ، وأما احتمال سقوط تكليفهما عنه فبعيد ، كاحتمال سقوط الصوم وكون الواجب صلاة يوم واحد وليلة واحدة ، ويحتمل كون المدار بلده الذي كان متوطنا فيه سابقا إن كان له بلد سابق.

***


(218) ( فالظاهر وجوب الاحتياط ) : بل هو الأحوط ، وقد مر منا جواز السفر في المنذور المعين اختيارا فله التهرب من الاحتياط بذلك.
(219) ( ومعه يعمل بالظن ) : بل يحتاط بما يتيسر له ويسقط ما يستلزم الحرج وهو المتأخر زمانا ـ في الغالب ـ نعم إذا كان هو الأقوى احتمالا من غيره صامه وترك ما يوجب كون صومه حرجيا عليه وإن كان متقدما زمانا.
(220) ( فلا يبعد ) : الأحوط له في الصلاة ملاحظة أقرب الأماكن التي لها ليل ونهار في كل أربع وعشرين ساعة فيصلي الخمس على حسب أوقاتها بنية القربة المطلقة ، وأما في الصوم فيجب عليه الانتقال إلى بلد يتمكن فيه من الصيام أما في شهر رمضان أو من بعده وإن لم يتمكن من ذلك فعليه الفدية. وإذا كان في بلد له في كل أربع وعشرين ساعة ليل ونهار ـ ولو كان نهاره ثلاث وعشرين ساعة وليله ساعة أو العكس ـ فحكم الصلاة يدور مدار الأوقات الخاصة فيه ، وأما صوم شهر رمضان فيجب عليه أداؤه مع التمكن منه ويسقط مع عدم التمكن ، فإن تمكن من قضائه وجب وإلا فعليه الفدية.

( 462 )

فصل
في أحكام القضاء


يجب قضاء الصوم ممن فاته بشروط وهي : البلوغ ، والعقل ، والإسلام ، فلا يجب على البالغ ما فاته أيام صباه ، نعم يجب قضاء اليوم الذي بلغ فيه قبل طلوع فجره أو بلغ مقارنا لطلوعه إذا فاته صومه ، وأما لو بلغ بعد الطلوع في أثناء النهار فلا يجب قضاؤه وإن كان أحوط ( 221 ) ، ولو شك في كون البلوغ قبل الفجر أو بعده فمع الجهل بتأريخهما لم يجب القضاء ، وكذا مع الجهل بتأريخ البلوغ ، وأما مع الجهل بتأريخ الطلوع بأن علم أنه بلغ قبل ساعة مثلا ولم يعلم أنه كان قد طلع الفجر أم لا فالأحوط القضاء ، ولكن في وجوبه إشكال ( 222 ) ، وكذا لا يجب على المجنون ما فات منه أيام جنونه من غير فرق بين ما كان من الله أو من فعله على وجه الحرمة أو على وجه الجواز ، وكذا لا يجب على المغمى عليه سواء نوى الصوم قبل الإغماء أم لا ، وكذا لا يجب على من أسلم عن كفر إلا إذا أسلم قبل الفجر ولم يصم ذلك اليوم فإنه يجب عليه قضاؤه ، ولو أسلم في أثناء النهار لم يجب عليه صومه وإن لم يأت بالمفطر ( 223 ) ، ولا عليه قضاؤه من غير فرق بين ما لو أسلم قبل الزوال أو بعده وإن كان الأحوط القضاء إذا كان قبل الزوال.
(221) ( وإن كان أحوط ) : مورد هذا الاحتياط ما إذا بلغ قبل تناول المفطر وترك تجديد النية وإتمام صوم ذلك اليوم.
(222) ( ولكن في وجوبه إشكال ) : والأظهر عدمه.
(223) ( لم يجب عليه صومه وإن لم يأت بالمفطر ) : مر أن الأحوط لزوما للكافر إذا أسلم في نهار شهر رمضان ولم يأت بمفطر أن يمسك بقية يومه بقصد ما في الذمة وأن يقضيه إن لم يفعل ذلك.

( 463 )

[ 2522 ] مسألة 1 : يجب على المرتد قضاء ما فاته أيام ردته سواء كان عن ملة أو فطرة.
[ 2523 ] مسألة 2 : يجب القضاء على ما فاته لسكر من غير فرق بين ما كان للتداوي أو على وجه الحرام.
[ 2524 ] مسألة 3 : يجب على الحائض والنفساء قضاء ما فاتهما حال الحيض والنفاس ، وأما المستحاضة فيجب عليها الأداء ، وإذا فات منها فالقضاء.
[ 2525 ] مسألة 4 : المخالف إذا استبصر يجب عليه قضاء ما فاته ، وأما ما أتى به على وفق مذهبه ( 224 ) فلا قضاء عليه.
[ 2526 ] مسألة 5 : يجب القضاء على من فاته الصوم للنوم بأن كان نائما قبل الفجر إلى الغروب ( 225 ) من غير سبق نية ، وكذا من فاته للغفلة كذلك.
[ 2527 ] مسألة 6 : إذا علم أنه فاته أيام من شهر رمضان ودار بين الأقل والأكثر يجوز له الاكتفاء بالأقل ، ولكن الأحوط قضاء الأكثر خصوصا إذا كان الفوت لمانع من مرض أو سفر أو نحو ذلك وكان شكه في زمان زواله ، كأن يشك في أنه حضر من سفره بعد أربعة أيام أو بعد خمسة أيام مثلا من شهر رمضان.
[ 2528 ] مسألة 7 : لا يجب الفور في القضاء ولا التتابع ، نعم يستحب التتابع فيه وإن كان أكثر من ستة لا التفريق فيه مطلقا أو في الزائد على الستة.
[ 2529 ] مسألة 8 : لا يجب تعيين الأيام ، فلو كان عليه أيام فصام بعددها كفى وإن لم يعين الأول والثاني وهكذا ، بل لا يجب الترتيب أيضا فلو
(224) ( على وفق مذهبه ) : أو مذهبنا مع تمشي قصد القربة منه.
(225) ( إلى الغروب ) : وأما إذا استمر إلى الزوال فالأحوط الجمع بين الإتمام والقضاء وكذا الحال فيما بعده.

( 464 )

نوى الوسط أو الأخير تعين ويترتب عليه أثره.
[ 2530 ] مسألة 9 : لو كان عليه قضاء من رمضانين فصاعدا يجوز قضاء اللاحق قبل السابق ، بل إذا تضيق اللاحق بأن صار قريبا من رمضان آخر كان الأحوط تقديم اللاحق ، ولو أطلق في نيته انصرف إلى السابق ، وكذا في الأيام ( 226 ).
[ 2531 ] مسألة 10 : لا ترتيب بين صوم القضاء وغيره من أقسام الصوم الواجب كالكفارة والنذر ( 227 ) ونحوهما ، نعم لا يجوز التطوع بشيء لمن عليه صوم واجب كما مر ( 228 ).
[ 2532 ] مسألة 11 : إذا اعتقد أن عليه قضاء فنواه ثم تبين بعد الفراغ فراغ ذمته لم يقع لغيره ( 229 ) ، وأما لو ظهر له في الأثناء فإن كان بعد الزوال لا يجوز العدول إلى غيره ( 230 ) ، وإن كان قبله فالأقوى جواز تجديد النية لغيره ، وإن كان الأحوط عدمه.
[ 2533 ] مسألة 12 : إذا فاته شهر رمضان أو بعضه بمرض أو حيض أو نفاس ومات فيه لم يجب القضاء عنه ، ولكن يستحب النيابة ( 231 ) عنه في أدائه ، والأولى أن يكون بقصد إهداء الثواب.
[ 2534 ] مسألة 13 : إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر واستمر إلى
(226) ( وكذا في الايام ) : اذا فرض اختصاص اللاحق بأثر.
(227) ( والنذر ) : مر عدم صحة صوم نذر التطوع لمن عليه قضاء شهر رمضان.
(228) ( كما مر ) : وقد مر منع إطلاقه.
(229) ( لم يقع لغيره ) : فيه تفصيل كما يعلم مما مر في التعليق على المسألة الأولى من فصل النية.
(230) ( لا يجوز العدول إلى غيره ) : لا إشكال في جواز العدول إلى المندوب ما دام وقت نيته باقيا وقد سبق بيانه.
(231) ( ولكن يستحب النيابة ) : الظاهر عدم استحباب النيابة بعنوان القضاء.

( 465 )

رمضان آخر فإن كان العذر هو المرض سقط قضاؤه على الأصح وكفّر عن كل يوم بمد والأحوط مدان ، ولا يجزئ القضاء عن التكفير نعم الأحوط الجمع بينهما ، وإن كان العذر غير المرض كالسفر ونحوه فالأقوى وجوب القضاء ، وإن كان الأحوط الجمع بينه وبين المد ( 232 ) ، وكذا إن كان سبب الفوت هو المرض وكان العذر في التأخير غيره مستمرا من حين برئه إلى رمضان آخر أو العكس ، فإنه يجب القضاء أيضا في هاتين الصورتين على الأقوى والأحوط الجمع خصوصا في الثانية.
[ 2535 ] مسألة 14 : إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر بل كان متعمدا في الترك ولم يأت بالقضاء إلى رمضان آخر وجب عليه الجمع بين الكفارة ( 233 ) والقضاء بعد الشهر ، وكذا إن فاته لعذر ولم يستمر ذلك العذر بل ارتفع في أثناء السنة ولم يأت به إلى رمضان آخر متعمدا وعازما على الترك أو متسامحا واتفق العذر عند الضيق ، فإنه يجب حينئذ الجمع ، وأما إن كان عازما على القضاء بعد ارتفاع العذر فاتفق العذر عند الضيق فلا يبعد كفاية القضاء ( 234 ) لكن لا يترك الاحتياط بالجمع أيضا ، ولا فرق فيما ذكر بين كون العذر هو المرض أو غيره.
فتحصل مما ذكر في هذه المسألة وسابقتها أن تأخير القضاء إلى رمضان آخر إما يوجب الكفارة فقط وهي الصورة الأولى المذكورة في المسألة السابقة ،
(232) ( وإن كان الأحوط الجمع بينه وبين المد ) : لا يترك الاحتياط بالجمع فيه وفيما بعده من الصورتين.
(233) ( وجب عليه الجمع بين الكفارة ) : أي كفارة التأخير المعبر عنها بالفدية وثبوتها حينئذ مبني على الاحتياط ، نعم لا إشكال في ثبوت كفارة الإفطار العمدي لو فرض كون الفوت مع الإفطار على تفصيل تقدم في محله.
(234) ( فلا يبعد كفاية القضاء ) : كفايته محل إشكال.

( 466 )

وإما يوجب القضاء فقط ( 235 ) وهي بقية الصور المذكورة فيها ، وإما يوجب الجمع بينهما وهي الصور المذكورة في هذه المسألة. نعم الأحوط الجمع في الصور المذكورة في السابقة أيضا كما عرفت.
[ 2536 ] مسألة 15 : إذا استمر المرض إلى ثلاث سنين يعني الرمضان الثالث وجبت كفارة للأولى وكفارة أخرى للثانية ، ويجب عليه القضاء للثالثة إذا استمر إلى آخرها ثم برئ ، وإذا استمر إلى أربع سنين وجبت للثالثة أيضا ويقضي للرابعة إذا استمر إلى آخرها أي الرمضان الرابع ، وأما إذا أخر قضاء السنة الأولى إلى سنين عديدة فلا تتكرر الكفارة بتكررها بل تكفيه كفارة واحدة.
[ 2537 ] مسألة 16 : يجوز إعطاء كفارة أيام عديدة من رمضان واحد أو أزيد لفقير واحد ، فلا يجب إعطاء كل فقير مدا واحدا ليوم واحد.
[ 2538 ] مسألة 17 : لا تجب كفارة العبد على سيده من غير فرق بين كفارة التأخير وكفارة الإفطار ، ففي الأولى إن كان له مال وأذن له السيد ( 236 ) أعطى من ماله وإلا استغفر بدلا عنها ، وفي كفارة الإفطار يجب عليه اختيار صوم شهرين مع عدم المال والإذن من السيد وإن عجز فصوم ثمانية عشر يوما ( 237 ) ، وإن عجز فالاستغفار.
[ 2539 ] مسألة 18 : الأحوط عدم تأخير القضاء إلى رمضان آخر مع التمكن عمدا وإن كان لا دليل على حرمته .
[ 2540 ] مسألة 19 : يجب ( 238 ) على ولي الميت قضاء ما فاته من الصوم لعذر
(235) ( وأما يوجب القضاء فقط ) : مر الإشكال في كفايته في الصور المشار إليها.
(236) ( وأذن له السيد ) : اعتبار إذنه غير واضح.
(237) ( فصوم ثمانية عشر يوما ) : تقدم عدم بدليته عن الخصال الثلاث عند العجز عنها.
(238) ( يجب ) : على الأحوط ، وفي كفاية التصدق بدلا عن القضاء بمد من الطعام عن

=


( 467 )

من مرض أو سفر أو نحوهما ، لا ما تركه عمدا أو أتى به وكان باطلا من جهة التقصير في أخذ المسائل ، وإن كان الأحوط قضاء جميع ما عليه وإن كان من جهة الترك عمدا نعم يشترط في وجوب قضاء ما فات بالمرض ( 239 ) أن يكون قد تمكن في حال حياته من القضاء وأهمل وإلا فلا يجب لسقوط القضاء حينئذ كما عرفت سابقا ، ولا فرق في الميت بين الأب والأم على الأقوى ( 240 ) ، وكذا لا فرق بين ما إذا ترك الميت ما يمكن التصدق به عنه وعدمه ، وإن كان الأحوط في الأول الصدقة عنه برضاء الوارث مع القضاء ، والمراد بالولي هو الولد الأكبر وإن كان طفلا ( 241 ) أو مجنونا حين الموت ، بل وإن كان حملا.
[ 2541 ] مسألة 20 : لو لم يكن للميت ولد لم يجب القضاء على أحد من الورثة ، وإن كان الأحوط قضاء أكبر الذكور من الأقارب ( 242 ) عنه.
[ 2542 ] مسألة 21 : لو تعدد الولي اشتركا ( 243 ) ، وإن تحمل أحدهما كفى عن الأخر ، كما أنه لو تبرع أجنبي سقط عن الولي.
[ 2543 ] مسألة 22 : يجوز للولي أن يستأجر من يصوم عن الميت وأن يأتي به مباشرة ، وإذا استأجر ولم يأت به الموجر أو أتى به باطلا لم يسقط عن الولي.
[ 2544 ] مسألة 23 : إذا شك الولي في اشتغال ذمة الميت وعدمه لم يجب
=
كل يوم ـ ولو من تركة الميت فيما إذا رضيت الورثة بذلك ـ قول لا يخلو عن وجه ومنه يظهر الحال في التفريعات الآتية.
(239) ( ما فات بالمرض ) : أو الحيض أو النفاس.
(240) ( على الأقوى ) : بل الأقوى عدم وجوب القضاء عن الأم.
(241) ( وإن كان طفلا ) : فيه وفيما بعده إشكال بل منع.
(242) ( أكبر الذكور من الأقارب ) : على ترتيب طبقات الإرث.
(243) ( اشتركا ) : بل الأظهر أنه على نحو الوجوب الكفائي.

( 468 )

عليه شيء ، ولو علم به إجمالا وتردد بين الأقل والأكثر جاز له الاقتصار على الأقل.
[ 2545 ] مسألة 24 : إذا أوصى الميت باستئجار ما عليه من الصوم أو الصلاة سقط عن الولي بشرط أداء الأجير صحيحا ( 244 ) وإلا وجب عليه.
[ 2546 ] مسألة 25 : إنما يجب على الولي قضاء ما علم اشتغال ذمة الميت به أو شهدت به البينة أو أقر به عند موته ( 245 ) ، وأما لو علم أنه كان عليه القضاء وشك في إتيانه حال حياته أو بقاء شغل ذمته فالظاهر عدم الوجوب عليه ( 246 ) باستصحاب بقائه ، نعم لو شك هو في حال حياته وأجرى الاستصحاب أو قاعدة الشغل ولم يأت به حتى مات فالظاهر وجوبه على الولي.
[ 2547 ] مسألة 26 : في اختصاص ما وجب على الولي بقضاء شهر رمضان أو عمومه لكل صوم واجب قولان ، مقتضى إطلاق بعض الإخبار الثاني وهو الأحوط ( 247 ).
[ 2548 ] مسألة 27 : لا يجوز لصائم قضاء شهر رمضان إذا كان عن نفسه الإفطار بعد الزوال ، بل تجب عليه الكفارة به وهي كما مر إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد ، ومع العجز عنه صيام ثلاثة أيام ، وأما إذا كان عن غيره بإجارة أو تبرع فالأقوى جوازه وإن كان الأحوط الترك ، كما أن الأقوى الجواز في سائر أقسام الصوم الواجب الموسع وإن كان الأحوط الترك فيها أيضا ،
(244) ( سقط عن الولي بشرط أداء الأجير صحيحا ) : إذا كانت الوصية نافذة فلا شيء على الولي مطلقا على الأظهر.
(245) ( أو أقر به عند موته ) : في نفوذ إقراره إشكال بل منع.
(246) ( فالظاهر عدم الوجوب عليه ) : بل هو غير ظاهر.
(247) ( وهو الأحوط ) : ولكن الأظهر هو الأول .

( 469 )

وأما الإفطار قبل الزوال فلا مانع منه حتى في قضاء شهر رمضان عن نفسه إلا مع التعين بالنذر أو الإجارة أو نحوهما ، أو التضيق بمجيء رمضان آخر إن قلنا بعدم جواز التأخير إليه كما هو المشهور .

فصل
في صوم الكفارة


وهو أقسام :
منها : ما يجب فيه الصوم مع غيره ، وهي كفارة قتل العمد ، وكفارة من أفطر على محرم في شهر رمضان ، فإنه تجب فيهما الخصال الثلاث ( 248 ).
ومنها : ما يجب فيه الصوم بعد العجز عن غيره ، وهي كفارة الظهار ، وكفارة قتل الخطأ ، فإن وجوب الصوم فيهما بعد العجز عن العتق ، وكفارة الإفطار في قضاء رمضان ، فإن الصوم فيها بعد العجز عن الإطعام كما عرفت ، وكفارة اليمين وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم وبعد العجز عنها فصيام ثلاثة أيام ، وكفارة صيد النعامة ، وكفارة صيد البقر الوحشي ، وكفارة صيد الغزال ، فإن الأول تجب فيه بدنة ومع العجز عنها صيام ثمانية عشر يوما ( 249 ) ، والثاني يجب فيه ذبح بقرة ومع العجز عنها صوم تسعة أيام والثالث
(248) ( فإنه تجب فيها الخصال الثلاث ) : على الأحوط الأولى في الثاني كما مر.
(249) ( صيام ثمانية عشر يوما ) : في العبارة قصور فإنه لا إشكال في عدم تعين الصيام بمجرد العجز عن الأنعام الثلاثة بل هنا أمر آخر وهو الإطعام ، والمختار أن وجوب الصيام مترتب على العجز عنه أيضا وتفصيل ذلك مذكور في رسالة مناسك الحج.

( 470 )

يجب فيه شاة ومع العجز عنها صوم ثلاثة أيام ، وكفارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب عامدا ، وهي بدنة وبعد العجز عنها صيام ثمانية عشر يوما ، وكفارة خدش المرأة ( 250 ) وجهها في المصاب حتى أدمته ونتفها رأسها فيه ، وكفارة شق الرجل ثوبه على زوجته أو ولده فإنهما ككفارة اليمين.
ومنها : ما يجب فيه الصوم مخيرا بينه وبين غيره ، وهي كفارة الإفطار في شهر رمضان ، وكفارة الاعتكاف ، وكفارة النذر ( 252 ) والعهد ، وكفارة جز المرأة شعرها في المصاب ، فإن كل هذه مخيرة بين الخصال الثلاث على الأقوى ، وكفارة حلق الرأس في الإحرام ( 253 ) ، وهي دم شاة أو صيام ثلاثة أيام أو التصدق على ستة مساكين لكل واحد مدان.
ومنها : ما يجب فيه الصوم مرتبا على غيره مخيرا بينه وبين غيره ، وهي كفارة الواطئ أمته المحرمة بإذنه ، فإنها بدنة أو بقرة ( 254 ) ومع العجز فشاة أو صيام ثلاثة أيام.
[ 2549 ] مسألة 1 : يجب التتابع في صوم شهرين من كفارة الجمع أو كفارة التخيير ، ويكفي في حصول التتابع فيهما صوم الشهر الأول ويوم من الشهر الثاني ، وكذا يجب التتابع في الثمانية عشر ( 255 ) بدل الشهرين ، بل هو
(250) ( وكفارة خدش المرأة ) : لم يثبت وجوبها وكذا الحال فيما بعده.
(251) ( وكفارة النذر ) : مر أنه تجزي فيها كفارة اليمين.
(252) ( وكفارة جز المرأة شعرها ) : لم يثبت وجوبها.
(253) ( وكفارة حلق الرأس في الإحرام ) : لضرورة ، وأما بدونها فالأظهر أن كفارته معينة وهي شاة.
(254) ( بدنة أو بقرة ) : أو شاة ان كان موسراً ، وان كان معسراً فشاة أو صيام والاحوط لزوماً ان يكون ثلاثة أيام.
(255) ( وكذا يجب التتابع في الثمانية عشر ) : لا يجب فيها وإن كان الأحوط.

( 471 )

الأحوط ( 256 ) في صيام سائر الكفارات ، وإن كان في وجوبه فيها تأمل وإشكال.
[ 1250 ] مسألة 2 : إذا نذر صوم شهر أو أقل أو أزيد لم يجب التتابع إلا مع الانصراف ( 257 ) أو اشتراط التتابع فيه.
[ 1251 ] مسألة 3 : إذا فاته النذر المعين أو المشروط فيه التتابع فالأحوط ( 258 ) في قضائه التتابع أيضا.
[ 1252 ] مسألة 4 : من وجب عليه الصوم اللازم فيه التتابع لا يجوز أن يشرع فيه في زمان يعلم أنه لا يسلم له بتخلل العيد ( 259 ) أو تخلل يوم يجب فيه صوم آخر من نذر أو إجارة أو شهر رمضان ، فمن وجب عليه شهران متتابعان لا يجوز له أن يبتدئ بشعبان بل يجب أن يصوم قبله يوما أو أزيد من رجب ، وكذا لا يجوز أن يقتصر على شوال مع يوم من ذي القعدة ، أو على ذي الحجة مع يوم من المحرم لنقصان الشهرين بالعيدين ، نعم لو لم يعلم من حين الشروع عدم السلامة فاتفق فلا بأس على الأصح ( 259 ) ، وإن كان الأحوط عدم الإجزاء ، ويستثنى مما ذكرنا ( 260 ) من عدم الجواز مورد واحد وهو صوم ثلاثة أيام بدل هدي التمتع إذا شرع فيه يوم التروية ، فإنه يصح وإن تخلل بينها العيد فيأتي بالثالث بعد العيد بلا فصل أو بعد أيام التشريق بلا فصل لمن كان بمنى ، وأما لو شرع فيه يوم عرفة أو صام يوم السابع والتروية وتركه في عرفة لم يصح
(256) ( بل هو الأحوط ) : لا بأس بتركه في غير كفارة اليمين فإن الأقوى فيها لزوم التتابع.
(257) ( إلا مع الانصراف ) : على وجه يرجع إلى التقييد.
(258) ( فالأحوط ) : لا يعتبر في الأول بل الأقوى عدم اعتباره في الثاني أيضا.
(259) ( فلا بأس على الأصح ) : في الغافل عن الموضوع والجاهل المركب القاصر دون المقصر والمتردد.
(260) ( ويستثنى مما ذكرنا ) : في الاستثناء تأمل ، نعم يحكم بالإجزاء في الموردين المتقدمين في التعليق السابق.

( 472 )

ووجب الاستئناف كسائر موارد وجوب التتابع.
[ 2553 ] مسألة 5 : كل صوم يشترط فيه التتابع إذا أفطر في أثنائه لا لعذر اختيارا يجب استئنافه ، وكذا إذا شرع فيه في زمان يتخلل فيه صوم واجب آخر من نذر ونحوه ، وأما ما لم يشترط فيه التتابع وإن وجب فيه بنذر أو نحوه فلا يجب استئنافه وإن أثم بالإفطار ، كما إذا نذر التتابع في قضاء رمضان فإنه لو خالف وأتى به متفرقا صح وإن عصى من جهة خلف النذر.
[ 2554 ] مسألة 6 : إذا أفطر في أثناء ما يشترط فيه التتابع لعذر من الأعذار كالمرض والحيض والنفاس ( 261 ) والسفر الاضطراري دون الاختياري لم يجب استئنافه بل يبني على ما مضى ومن العذر ما إذا نسي النية حتى فات وقتها بأن تذكر بعد الزوال ( 262 ) ، ومنه أيضا ما إذا نسي فنوى صوما آخر ولم يتذكر إلا بعد الزوال ، ومنه أيضا ما إذا نذر قبل تعلق الكفارة صوم كل خميس فإن تخلله في أثناء التتابع لا يضر به ( 263 ) ولا يجب عليه الانتقال إلى غير الصوم من الخصال في صوم الشهرين لأجل هذا التعذر ، نعم لو كان قد نذر صوم الدهر قبل تعلق الكفارة اتجه الانتقال إلى سائر الخصال.
[ 2555 ] مسألة 7 : كل من وجب عليه شهران متتابعان من كفارة معينة أو مخيرة إذا صام شهرا ويوما متتابعا يجوز له التفريق في البقية ولو اختيارا لا
(261) ( كالمرض والحيض والنفاس ) : إذا كان عروضها بالطبع وإن تمكن من المنع عن حدوثها بعلاج ، وأما إذا كان هو السبب في طروها فيحتمل وجوب الاستئناف بل لا يخلو عن وجه.
(262) ( بان تذكر بعد الزوال ) : على كلام تقدم فيه وفيما بعده.
(263) ( لا يضر به ) : لا يتحقق التخلل لو نذر أن يكون صائما فيه على نحو الإطلاق ومنه يظهر الحال في صوم الدهر.

( 473 )

لعذر ( 264 ) ، وكذا لو كان من نذر أو عهد لم يشترط فيه تتابع الأيام جميعها ولم يكن المنساق منه ذلك ، وألحق المشهور بالشهرين الشهر المنذور فيه التتابع فقالوا إذا تابع في خمسة عشر يوما منه يجوز له التفريق في البقية اختيارا وهو مشكل ( 265 ) ، فلا يترك الاحتياط فيه بالاستئناف مع تخلل الإفطار عمدا وإن بقي منه يوم ، كما لا إشكال في عدم جواز التفريق اختيارا مع تجاوز النصف في سائر أقسام الصوم المتتابع.
[ 2556 ] مسألة 8 : إذا بطل التتابع في الأثناء لا يكشف عن بطلان الأيام السابقة فهي صحيحة وإن لم تكن امتثالا للأمر الوجوبي ولا الندبي لكونها محبوبة في حد نفسها من حيث أنها صوم ، وكذلك الحال في الصلاة إذا بطلت في الأثناء فإن الأذكار والقراءة صحيحة في حد نفسها من حيث محبوبيتها لذاتها.

فصل
[ في أقسام الصوم ]


أقسام الصوم أربعة :
واجب ، وندب ، ومكروه كراهة عبادة ، ومحظور.
والواجب أقسام : صوم شهر رمضان ، وصوم الكفارة ، وصوم القضاء ، وصوم بدل الهدي في حج التمتع ، وصوم النذر والعهد واليمين ، والملتزم بشرط أو إجارة ، وصوم اليوم الثالث من أيام الاعتكاف ، أما الواجب فقد مر جملة منه.
(264) ( لا لعذر ) : إطلاقه بالنسبة إلى ما إذا لم يكن لعروض عارض يعد عذرا عرفا محل تأمل.
(265) ( وهو مشكل ) : في غير الصورة المشار إليها في التعليقة السابقة.

( 474 )

وأما المندوب منه فأقسام :
منها : ما لا يختص بسبب مخصوص ولا زمان معين كصوم أيام السنة عدا ما استثني من العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى ، فقد وردت الأخبار الكثيرة في فضله من حيث هو ومحبوبيته وفوائده ، ويكفي فيه ما ورد في الحديث القدسي : « الصوم لي وأنا أجازي به » وما ورد من « أن الصوم جنة من النار و« أن نوم الصائم عبادة ، وصمته تسبيح ، وعمله متقبل ، ودعاؤه مستجاب » ، ونعم ما قال بعض العلماء من أنه لو لم يكن في الصوم إلا الارتقاء عن حضيض حظوظ النفس البهيمية إلى ذروة التشبه بالملائكة الروحانية لكفى به فضلا ومنقبة وشرفا.
ومنها : ما يختص بسبب مخصوص ، وهي كثيرة مذكورة في كتب الأدعية.
ومنها : ما يختص بوقت معين ، وهو في مواضع :
منها : وهو آكدها : صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، فقد ورد أنه يعادل صوم الدهر ، ويذهب بحر الصدر ، وأفضل كيفياته ما عن المشهور ويدل عليه جملة من الأخبار وهو أن يصوم أول خميس من الشهر وآخر خميس منه وأول أربعاء في العشر الثاني ، ومن تركه يستحب له قضاؤه ، ومع العجز عن صومه لكبر ونحوه يستحب أن يتصدق عن كل يوم بمد من طعام أو بدرهم.
ومنها : صوم أيام البيض من كل شهر ، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر على الأصح المشهور ، وعن العماني أنها الثلاثة المتقدمة.
ومنها : صوم يوم مولد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو السابع عشر من ربيع الأول على الأصح ، وعن الكليني ـ رحمه الله ـ أنه الثاني عشر منه.
ومنها : صوم يوم الغدير ، وهو الثامن عشر من ذي الحجة.
ومنها : صوم يوم مبعث النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو السابع والعشرون من رجب.


( 475 )

ومنها : يوم دحو الأرض من تحت الكعبة ، وهو اليوم الخامس والعشرون من ذي القعدة.
ومنها : يوم عرفة لمن لا يضعفه الصوم عن الدعاء.
ومنها : يوم المباهلة وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة.
ومنها : كل خميس وجمعة معا ، أو الجمعة فقط.
ومنها : أول ذي الحجة ، بل كل يوم من التسع فيه.
ومنها : يوم النيروز.
ومنها : صوم رجب وشعبان كلا أو بعضا ، ولو يوما من كل منهما.
ومنها : أول يوم من المحرم وثالثه وسابعه.
ومنها : التاسع والعشرون من ذي القعدة.
ومنها : صوم ستة أيام بعد عيد الفطر بثلاثة أيام أحدها العيد.
ومنها : يوم النصف من جمادي الأولى.
[ 2557 ] مسألة 1 : لا يجب إتمام صوم التطوع بالشروع فيه بل يجوز له الإفطار إلى الغروب ، وإن كان يكره بعد الزوال.
[ 2558 ] مسألة 2 : يستحب للصائم تطوعا قطع الصوم إذا دعاه أخوه المؤمن إلى الطعام ، بل قيل بكراهته حينئذ.
و أما المكروه منه : بمعنى قلة الثواب ( 266 ) ففي مواضع أيضا.
منها : صوم عاشوراء.
ومنها : صوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدعاء الذي هو أفضل من الصوم ، وكذا مع الشك في هلال ذي الحجة خوفا من أن يكون يوم العيد.
ومنها : صوم الضيف بدون إذن مضيفه ( 267 ) ، والأحوط تركه مع نهيه ، بل
(266) ( بمعنى قلة الثواب ) : مر الكلام فيه.
(267) ( صوم الضيف بدون إذن مضيفه ) : هذا يشمل صوم التطوع والواجب غير

=


( 476 )

الأحوط تركه مع عدم إذنه أيضا.
ومنها : صوم الولد بدون إذن والده ( 268 ) ، بل الأحوط تركه خصوصا مع النهي ، بل يحرم إذا كان إيذاء له من حيث شفقته عليه ، والظاهر جريان الحكم في ولد الولد بالنسبة إلى الجد ، والأولى مراعاة إذن الوالدة ، ومع كونه إيذاء لها يحرم كما في الوالد.
وأما المحظور ( 269 ) منه : ففي مواضع أيضا :
أحدها : صوم العيدين الفطر والأضحى ، وإن كان عن كفارة القتل في أشهر الحرم ، والقول بجوازه للقاتل شاذ والرواية الدالة عليه ضعيفة سندا ودلالة ( 270 ).
الثاني صوم أيام التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة لمن كان بمنى ، ولا فرق على الأقوى بين الناسك وغيره.
الثالث : صوم يوم الشك في أنه من شعبان أو رمضان بنية أنه من رمضان ، وأما بنية أنه من شعبان فلا مانع منه كما مر.
الرابع : صوم وفاء نذر المعصية ، بأن ينذر الصوم إذا تمكن من الحرام
=
المعين ، وعلى أي تقدير يحسن بالضيف إعلام مضيفه بصومه إذا كان لولاه في معرض الوقوع في الحرج ونحوه.
(268) ( صوم الولد بدون إذن والده ) : هذا في صوم التطوع ، نعم الاحتياط الآتي يعم الواجب غير المعين.
(269) ( وأما المحظور ) : بالمعنى الأعم من المحظور ذاتا أو تشريعا ، وكذا المحظور بالعرض لانطباق عنوان محرم عليه أو ملازمته له اتفاقا والفساد في الشق الأخير محل تأمل.
(270) ( ضعيفة سندا ودلالة ) : بل هي معتبرة ببعض طرقها ولكنها لا تخلو عن اضطراب في المتن وغموض في المراد.

( 477 )

الفلاني أو إذا ترك الواجب الفلاني يقصد بذلك الشكر على تيسره ، وأما إذا كان بقصد الزجر عنه فلا بأس به ، نعم يلحق بالأول في الحرمة ما إذا نذر الصوم زجرا عن طاعة صدرت منه أو عن معصية تركها.
الخامس : صوم الصمت ، بأن ينوي في صومه السكوت عن الكلام في تمام النهار أو بعضه بجعله في نيته من قيود صومه ، وأما إذا لم يجعله قيدا وإن صمت فلا بأس به ، وإن كان في حال النية بانيا على ذلك إذا لم يجعل الكلام جزء من المفطرات وتركه قيدا في صومه.
السادس : صوم الوصال ، وهو صوم يوم وليلة إلى السحر ، أو صوم يومين بلا إفطار في البين وأما لو أخر الإفطار إلى السحر أو إلى الليلة الثانية مع عدم قصد جعل تركه جزءا من الصوم فلا بأس به ، وإن كان الأحوط عدم التأخير إلى السحر مطلقا.
السابع : صوم الزوجة ( 271 ) مع المزاحمة لحق الزوج ، والأحوط تركه بلا إذن منه ، بل لا يترك الاحتياط مع نهيه عنه وإن لم يكن مزاحما لحقه.
الثامن : صوم المملوك مع المزاحمة لحق المولى ، والأحوط تركه من دون إذنه ، بل لا يترك الاحتياط مع نهيه.
التاسع : صوم الولد مع كونه موجبا لتألم الوالدين وأذيتهما.
العاشر : صوم المريض ومن كان يضره الصوم.
الحادي عشر : صوم المسافر إلا في الصور المستثناة على ما مر.
الثاني عشر : صوم الدهر حتى العيدين على ما في الخبر ، وإن كان يمكن أن يكون من حيث اشتماله عليهما لا لكونه صوم الدهر من حيث هو.
[ 1259 ] مسألة 3 : يستحب الإمساك تأدبا في شهر رمضان وإن لم يكن
(271) ( صوم الزوجة ) : هذا يشمل صوم التطوع والواجب غير المعين وحرمته من الشق الأخير الذي أشير إليه في التعليق الأسبق وكذا الحال في المملوك.

( 478 )

صوما في مواضع.
أحدها : المسافر إذا ورد أهله أو محل الإقامة بعد الزوال مطلقا أو قبله وقد أفطر ، وأما إذا ورد قبله ولم يفطر فقد مر أنه يجب عليه الصوم.
الثاني : المريض إذا برء في أثناء النهار وقد أفطر ، وكذا لو لم يفطر إذا كان بعد الزوال ، بل قبله أيضا على ما مر من عدم صحة صومه ، وإن كان الأحوط ( 272 ) تجديد النية والإتمام ثم القضاء.
الثالث : الحائض والنفساء إذا طهرتا في أثناء النهار.
الرابع : الكافر إذا أسلم في أثناء النهار ( 273 ) أتى بالمفطر أم لا.
الخامس : الصبي إذا بلغ في أثناء النهار.
السادس : المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا في أثنائه.

***


(272) ( وإن كان الأحوط ) : لا يترك إذا برئ قبل الزوال ولم يتناول المفطر كما مر.
(273) ( الكافر إذا أسلم في اثناء النهار ) : مر الكلام فيه وفي المجنون والمغمى عليه.
صلة