الرفق في المنظور الاسلامي ::: 21 ـ 30
(21)
أن يتخلّقوا بأخلاقه ، فيكونون رحمانيين ورحماء ، وإلاّ فليس حرياً أن ينسبوا إليه مع تجافيهم وتباعدهم عن الرفق والرحمة.
     والرحمانيون من النمط الاَول تجلت وتجسدت بهم الرحمة المطلوبة في حياتهم الرسالية بكلِّ وضوح ، وهم الاَنبياء والاَوصياء والصلحاء ، والآيات في ذلك كثيرة ، إذ إنهم مأمورون بمكارم الاَخلاق.

     الآية الرابعة : (هجراً جميلاً)
     ( واصبِر على مَا يقُولُونَ واهجُرهُم هَجراً جَمِيلاً ) (1).
     الهجر الجميل : أن لا تتعرّض لخصمك بشيء ، وإن تعرّض لك تجاهلت (2).
     أُمِر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الآية المباركة بالصبر ـ الذي منه كظم الغيض ـ على ما يسمعه من الاَقوال البذيئة التي لا تليق ومقام النبوة الشامخ ، صبراً لا عتاب فيه على أحد ، ولا اعتزاز بالشخصية ، أو دفاع عن الذات ، بل تركهم إلى الله سبحانه ، مع الهجر الجميل الذي لا يترك في نفوسهم شيئاً من وخز الضمير ما داموا لم يقابلوا بالمثل ، بل بالهجر الجميل الذي لم يترك في نفوسهم اشمئزازاً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يزرع فيهم ما يحول بينهم وبينه صلى الله عليه وآله وسلم مستقبلاً فلا يُقبلوا عليه ولا يسمعوا هديه ، بل كان هجراً جميلاً لم يقطع خيوط المودة ولم يهدم جسور التواصل التي تمر من خلالها رسالة السماء التي تنشد لاُولئك التكامل وسعادة الدارين.

1 ـ المزمل 73 : 10.
2 ـ التفسير الكاشف 7 : 449.


(22)
     والملاحظ في هذه الآية المباركة أن الله سبحانه استخدم لفظة الهجر ولم يستخدم مكانها لفظة الترك ، ولعل الاَمر يعود إلى أن الترك يعني التخلي تماماً عنهم ، بينما الهجر يحمل معه معنى امكانية الرجوع إليهم والتبليغ فيهم مرة ثانية ، ولاَجل هذه الاحتمالية يلزم أن يكون الهجر جميلاً؛ لاَنهم في حاجة إلى المعاودة والنصح والارشاد الذي لا يتحقق مع تواصل الهجر المستمر بلا انقطاع. ومن هنا يعلم أنّ رحمة الله عزَّوجل لا يمكن تصور حدودها ، فهي شملت حتى من يسيء إلى مقام الرسل والانبياء ، أملاً أن يصلُحوا في مستقبل أيامهم ويعودوا إلى حضيرة الاِسلام لينهلوا من آدابه ويتخلقوا بمكارم أخلاقه.
     ولا يخفى ما في ذلك من عبرة عظيمة ، وموعظة جليلة ، إذ يمكن للمسلم الرسالي أن يستثمر الصبر على الاذى والهجر الجميل ؛ ليحصد مايحمد عقباه.

     الآية الخامسة : (ادفع بالَّتي هي أحسن)
     ( وَلا تَستَوي الحَسنَةُ وَلا السّيّئةُ ادفَعْ بالَّتي هِي أحسَنُ فإذا الذِي بَينَكَ وَبينَهُ عَداوةٌ كأنَّهُ وَليٌ حَمِيمٌ ) (1) في هذه الآية المباركة يتبين لنا حكم الله جلّ جلاله في المجالين : التكويني والتشريعي ، عند التفريق بين الحسن والحسنة من جهة ، والسيء والسيئة من جهة اُخرى ؛ إذ إنّ إرادته سبحانه شاءت أن تكون الطبيعة ويكون العقل شاهدين على التفاوت بين الاثنين ، وإلاّ كان الحسن والقبيح على حدٍ سواء ، والمحسن والمسيء بمنزلة واحدة ، وواقع الحال ليس كذلك ؛ إذ عدم التساوي بين الحسنة والسيئة
1 ـ فصلت 41 : 34.

(23)
مسلّم عند سائر العقلاء ، ومقرر في جميع الشرائع بلا خلاف.
     ولا يخفى بأن الاساءة للآخرين لها آثارها السلبية في تحقيق التكافل والتعاون ، واثارة البغضاء والعداوة ؛ لذا كان الاَمر بدفعها من أقصر الطرق وأوضحها فائدة ، وأكثرها عائدة ، وذلك بان تقابل بالاحسان ؛ إذ الانسان مجبول على حب وتقدير من أحسن إليه.
     وقد حملت لنا هذه الآية التوجيه الفذّ الذي يمكن من خلاله الوصول إلى هذه الغاية السامية ، وذلك بعقد مبدأ الرفق واللطف في عملية التدافع بين الحسن والاَحسن فلا يُقدم الحسن على الاَحسن ، ولا الفاضل على الاَفضل ، أو المهم على الاَهم. وهذه قاعدة عقلائية تستذوقها النفوس وترضاها الطبائع وتدعو إليها الفطرة ، وأمر بها الشرع ـ كما عرفت ـ بقوله : ( ادفَعْ بِالتي هِيَ أحسَنُ ).
     الآية تقول : فرق بعيد بين عملك يا محمّد وأنت تدعو إلى الله وتتحمل الاَذى في سبيله صابراً محتسباً وبين عمل الذين أجابوا دعوتك بالاِعراض والاَذى والافتراء.. إن عملك صلوات وحسنات ، وعملهم سيئات ولعنات.. وعلى الرغم من ذلك فعليك ان ترفق بهم وتتسامح معهم وتصبر على سفاهتهم ، فإنّ منهم من لو قابلته بهذه السماحة لعاد إلى ربّه وعقله ، وانقلبت عداوته لك إلى محبّة ، وبغضه إلى مودّة (1).
     كأنه وليٌّ حميم :
     ثم أن الآية ـ من أجل إرساء هذه الدعامة المهمة في آثارها
1 ـ التفسير الكاشف 6 : 492.

(24)
والموضوعية في واقعها ـ أسست بناءً مهذباً للنفوس يقوم على هذه الحقيقة المتينة في حكمتها ، اللطيفة في رقتها ، الرحيمة في هدفيتها فقالت : ( فَإذا الَّذي بَينَكَ وَبَينهُ عَدَاوةٌ كأنَّهُ وَليٌّ حَمِيمٌ ) (1) أي اصبر على الاَذى ، واكظم الغيظ الذي تبتلى به ، واحلم عمن أساء إليك ، وتعامل مع مصدر اتعابك وشانئيك تعامل الرؤوف الرحيم العطوف الكريم برفق ولطف يمس قلوبهم القاسية فيحولها من قسوتها وجفوتها عليك إلى تعاطفها وتجاذبها إليك ، ومن غفوتها ونومتها التي هي عليها ، إلى اليقظة والصحوة التي أنت فيها. فهي تأمرنا باعتماد منهجية الرفق مع أعداءنا إلى الحد الذي يجلي الفرد الواحد منا أمام اعداء دعوته ( كَأنهُ وَليٌّ حَميمٌ ) فيستقطب مجامع قلوبهم إليه حتى تصير اذان صاغية لهديه وارشاده فيستنقذها من ضلالها وجهالتها إلى الهدى والنور الذي هو عليه والدين والفكر الذي يدعو إليه.
     ثم أن الدفع بالتي هي أحسن والتحلي بالرفق قبال الذي بينك وبينه عداوة حتى تبدو له كأنك وليٌّ حميم ، ليست قضية تخص البعد التبليغي فحسب دون المجالات الحياتية الاُخرى ، سياسية أو اجتماعية أو سلوكية عامة. فكل هذه المساحات وغيرها هي ليست في غنى عن هذا المبدأ الاخلاقي القويم الذي يبلور الشخصية الرصينة في حركتها الفردية والاجتماعية ، ويكشف عن سماحتها وعلو همتها وعظم قدرها.
     وكم صدقت هذه القاعدة على حالات كانت في منتهى التوتّر ، وشيكة أن تقود إلى سفك دماء كثيرة بغير حقّ ، فإذا الهياج ينقلب إلى سكون ، ويعود الزمام المنفلت إلى محلّه ، ذلك حين قوبل الغضب المجنون
1 ـ فصلت 41 : 34.

(25)
بنبرات هادئة من نفسٍ مطمئنة ! وبالعكس تصنع الكلمة الاُخرى ، فينقلب السكون غضباً مجنوناً ، وينفلت الزمام..
     المؤرّخ الفيلسوف أبو علي مسكويه ينقل في (تجارب الاُمم) بالتفصيل الحوار الخطير الذي أداره الاِمام أمير المؤمنين عليه السلام مع الزبير بن العوام قبل نشوب معركة الجمل ، إذ دعاه فالتقيا بين الصَفّين فقال له : (« يا زبير ، أتذكر يوم مررتَ مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بني غنم فنظر إليَّ وضحِك وضحكتُ إليه ، فقلتَ : لا يدع ابن أبي طالب زَهوه ! فقال لك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : مَه ! إنه ليس كذلك ، ولتقاتلنّه وأنت له ظالم » ؟
     قال الزبير : اللهمّ نعم ، ولو ذكرت ما سرت مسيري هذا ، والله لا أقاتلك أبداً.
     فانصرف عليّ عليه السلام وحكى ذلك لاَصحابه ، ورجع الزبير إلى عائشة فقال لها : ما كنتُ في موطن مذ عقلت إلاّ وأنا أعرف فيه أمري ، غير موطني هذا !
     قالت : ما تريد أن تصنع ؟
     قال : اُريد أن أدَعَهم وأذهب.
     قال له ابنه عبدالله : جمعتَ هذين الفارين حتى إذا جرّد بعضهم لبعض أردتَ أن تتركهم وتذهب ؟! أحسست رايات ابن أبي طالب وعلمت أنّها بأيدي فتية أنجاد !!
     فغضب الزبير حتّى اُرعِد ، ثم قال : ويحك ، إني قد حلفتُ ألاّ اُقاتله !
     قال : كفّر عن يمينك !!


(26)
     فدعا غلاماً له يقال له مكحول فأعتقه.
     فقال عبدالرحمن بن سليمان التميمي :
لم أرَ كاليوم أخا إخوان اعجَبَ مِن مكفِّرِ الاِيمان
بالعتقِ في معصية الرحمن
     قال مسكويه : وإنّما حكينا هذه الحكاية لاَنّ فيها تجربة تستفاد ، وإن ذهب ذلك عن قوم فإنّا ننبّه عليه ، وذلك أنّ المُحنق ربّما سُكِّن بالكلام الصحيح ، والساكن ربّما أحنق بالزور من الكلام) (1).
     غير أن تلك السماحة لا تؤتي أثرها إلاّ وهي صادرة مع القدرة على الردّ، وإلاّ انقلبت في نفس المسيء ضعفاً وذلاً ، فلا يبقى عندئذ للحسنة أثر على الاِطلاق.
     كما أن هذه السماحة لا تتعدى حالات الاِساءة الشخصية ، أما العدوان على العقيدة أو على العرض والمال فلا يقابل إلاّ بمثله ، فالنبيّ الكريم صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يحسن إلى من أساء إليه فوضع الاَذى في طريقه أو أسمعه غليظ الكلام ونحو ذلك ، ويعفو ويصفح ، هو نفسه القائل حين يكون العدوان على العقيدة : « والله ، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الاَمر ، ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه » (2).

1 ـ تجارب الاُمم 1 : 322. ونصّ الحوار الذي دار بين أمير المؤمنين عليه السلام وبين الزبير ثابت لدى سائر المؤرخين ، فانظر : الكامل في التاريخ 2 : 335.
2 ـ تاريخ الطبري 1 : 545.


(27)
     ولا شكّ أن الوصول لمثل هذا أمر متعسر على الجميع ولا يحلق في سماء فضيلته إلاّ الكمّل من الناس وبدرجات متفاوتة هي على قدر هِمّة الساعين إليه.
     ذو حظٍ عظيم :
     ولاَجل هذه الحقيقة القائمة بين الناس نرى الآية القرآنية المباركة التي تلتها تصرّح بهذا الاَمر. إذ تقول ( وَمَا يُلَقَّـهَا إلاّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّـهَا إلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) (1) فهي تعلن أن مبدأ الرفق والبلوغ من خلاله إلى درجة الدفع بالتي هي أحسن حتى يصير كأنه وليٌّ حميم ، أمر يليق بالعينات السائرة في درب التكامل ، وقد استحقت الدخول في زمرة الذين صبروا وطبيعي أن هذه الزمرة هي من ذوات « الحظ العظيم » أي من ذوات الرأي السديد ، والعقل الراجح ، والرعاية الخاصة ، والنصيب الاَوفر في مجال الفيوضات الربانية بما يستحقونه على صبرهم وتحملهم في سبيل الله ، وبما لهم من حظٍّ وافر في مكارم الاخلاق وفواضل السجايا.
     فهنيئاً للصابرين منّا في درب الاِسلام العزيز ( الَّذِينَ صَبَرُوا وَعلى رَبِّهِم يَتَوكَّلُون ) (2) ( ... وَبَشّرِ الصَابِرِينَ * الَّذينَ إذا أصَابَتهُم مُصيبَةٌ قَالُوا إنَّا للهِ وإنّا إليهِ رَاجعُونَ * أُولئِكَ عَليهِم صَلَواتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ واُولئِكَ هُمُ المهتَدُونَ ) (3).
     في حديث قدسي شريف ـ يسنده الاِمام الصادق عليه السلام إلى رسول
1 ـ فصلت 41 : 35.
2 ـ النحل 16 : 42.
3 ـ البقرة 2 : 155 ـ 157.


(28)
الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال الله تعالى : « إنّي جعلت الدنيا بين عبادي قرضاً ، فمن أقرضني منها قرضاً أعطيته بكلِّ واحدةٍ عشراً إلى سبع مئة ضعف وما شئتُ من ذلك ، فمن لم يقرضني قرضاً فأخذتُ منه شيئاً قسراً فصبر أعطيته ثلاث خصال لو أعطيتُ واحدةً منهنّ ملائكتي لرضوا بها منّي ».
     قال الاِمام الصادق عليه السلام : « قوله تعالى : ( الَّذينَ إذا أصَابَتهُم مُصِيبةٌ قَالُوا إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجعُونَ * أُولئِكَ عَليهِم صَلَواتٌ مِنَ رَبِّهم ) فهذه واحدة من ثلاث خصال ، ( ورَحمَةٌ ) اثنان ، ( وَأُولئِكَ هُمُ المهتَدُونَ ) ثلاث.. هذا لمن أخذ الله منه شيئاً قسراً فصبر » (1).
     هذه الصلوات والرحمة عليهم في الدنيا تصنع فيهم الشخصية الفذة وتمنحهم العزيمة الصامدة ( وَلِمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلكَ لِمَنْ عَزمِ الاَُمُورِ ) (2) فالغفران ـ وهو مفردة من المفردات التي يقوم عليها مبدأ الرفق ـ هو من أعلى الاَعمال شرفاً وأكثرها ثباتاً ، وإنّه لكاشف قطعاً عن هممٍ عالية وعقولٍ راجحة ومروءة صادقة ، يلازمها على الدوام ترفّع على تتبع عثرات الآخرين ، وبهذا يكسب ودّهم ويسمو عليهم لسمو روحه عن دوافع الثأر للذات والتذبذب في حضيض (الاَنا).
     هذه بعض الآيات المحكمات التي يمكن الاستفادة منها والاستضاءة بأنوارها والاهتداء بها في موضوع الرفق تفيّأنا تحت ظلالها الوارفة في وقفتنا القصيرة هذه ، والمتأمل في آيات الذكر الحكيم يجد غيرها من الآيات البينات التي تدعو إلى الرفق واللين واللطف والرأفة في حركة الفرد والمجتمع.

1 ـ تفسير البرهان 1 : 359 ـ 360 تحقيق مؤسسة البعثة ـ ط1 ـ 1415 هـ.
2 ـ الشورى 42 : 43.

(29)
الفصل الثاني
الرفق في السُنّة المطهّرة
     جاء في كثير من الاَحاديث الشريفة الحث على الرفق والدعوة إليه وبيان أهميته وتحديد أبعاده وتشخيص ثمراته ، ولا بأس بالوقوف على ضفاف شواطىء تلك الاحاديث ؛ لنغترف من عذب مائها الرقراق في زمن الضمأ ؛ حيثُ الافكار المادية العكرة وما نصبته لهذا الاِنسان من كؤوس مرة المذاق لا تروي الغُلّة ولا تشفي العِلّة.

     النبي صلى الله عليه وآله وسلم يمدح الرفق :
     لقد مدح النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم الرفق بأحاديث كثيرة نذكر بعضاً منها :

     1 ـ الرفق يُمنٌ والخُرق شُؤم :
     قال صلى الله عليه وآله وسلم : « الرفق يُمنٌ والخُرق شؤمٌ » (1).
     وهذا الحديث يصف الرفق باليُمن ، أي : البركة ؛ لمِا لَهُ من دور حيوي
1 ـ الكافي 2 : 119 | 4 باب الرفق. إحياء علوم الدين 3 : 185. والخُرق : الجهل والحُمق.

(30)
في شدّ أزر الناس بعضهم إلى البعض الآخر من خلال ما يزرعه في نفوسهم من المحبة والصفاء ، حتى يعودوا مباركين في تصرفاتهم ، فيعمّ اليمن ساحتهم وتتغشاهم بركات السماء.

     2 ـ الرفق جمال :
     وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « إنَّ الرفق لم يوضع على شيء إلاّ زانه ، ولا نُزع من شيء إلاّ شانه » (1).
     وهذا الحديث يحكي جمالية الرفق في أنه لبوس حسن، يزين مرتديه، فمن تخلّق بالرفق فإنّ الرفق سيزينه ويزيده جمالاً ووقاراً وهيبة ، فلا يلتفت الآخرون إلى ماهو عليه من عيوب ونقاط ضعف لا ينجو منها عادة إلاّ الكُمّل من الناس ، وعلى العكس من ذلك فلو أن إنساناً يستجمع من المزايا الحميدة الشيء الكثير غير أنّه لا يتخلق بالرفق في تصرفاته ، فإنّ مثل هذا الاِنسان سرعان ما ينفر الناس منه لما للرفق من دورٍ مهم في الكشف عن الاخلاق العملية التي يتفاعل معها الآخرون.

     3 ـ جمال ماهية الرفق وحسن جوهره :
     وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « لو كان الرفق خَلقاً يُرى ما كان مما خلق الله عزّ وجل شيء أحسن منه » (2).
     ويبين لنا هذا الحديث جمال ماهية الرفق وحسن جوهره الباهر ،
1 ـ الكافي 2 : 119 | 6 باب الرفق. وقريب منه في إحياء علوم الدين 3 : 185.
2 ـ الكافي 2 : 120 | 13 باب الرفق.
الرفق في المنظور الاسلامي ::: فهرس