تنقيح المقال ـ الجزء العاشر ::: 136 ـ 150
(136)

معايب. [ من الخفيف ] :
لو أراد الأديب أن يهجو البد ر رماه بالخطّة الشنعاء
    وفي طبقات الشافعية للسبكي 5/287 برقم 510 نقلا عن الذهبي : وقال شيخنا الذهبي : بل كان عدوّاً لله خبيثاً ، وقال الذهبي أيضاً : كان سيّئ الاعتقاد ، ثم نقل قول ابن فارس في كتاب الفريدة والخريدة : كان أبو حيّان كذّاباً ، قليل الدين والورع عن القذف والمجاهرة بالبهتان ، تعرّض لأمور جسام من القدح في الشريعة ، والقول بالتعطيل ، ولقد وقف سيّدنا الصاحب كافي الكفاة على بعض ما كان يدغله ويخفيه ، من سوء الاعتقاد ، فطلبه ليقتله فهرب والتجأ إلى أعدائه ، ونفق عليهم بزخرفه وإفكه ، ثم عثروا منه على قبيح دخلته ، وسوء عقيدته وما يبطنه من الإلحاد ، ويرومه في الإسلام من الفساد ، وما يلصقه بأعلام الصحابة من القبائح : ويضيفه إلى السلف الصالح من الفضائح ، فطلبه الوزير المهلّبي فاستتر منه ومات في الاستتار وأراح الله منه ولم يؤثر عنه إلاّ مثلبة أو مخزية.
    وقال في صفحة : 288 : وقال أبو الفرج بن الجوزي في تاريخه : زنادقة الإسلام ثلاثة : ابن الراوندي ، وأبو حيّان التوحيدي ، وأبو العلاء ، قال : وأشدّهم على الإسلام أبو حيّان ، لأنّه مجمج ولم يصرّح.
    وفي مرآة الجنان 2/421 في حوادث سنة خمس وثمانين وثلاثمائة : فيها توفّي الصاحب المعروف ب‍ : ابن عبّاد ، وهو أبو القاسم إسماعيل بن أبي الحسن عبّاد بن أحمد ابن إدريس الطالقاني ، كان نادرة الدهر ، وأعجوبة العصر في فضائله ومكارمه ..
    وفي شذرات الذهب 3/113 ـ 114 في حوادث سنة خمس وثمانين وثلاثمائة قال : وفيها [ توفّي ] أبو القاسم الصاحب بن عبّاد إسماعيل بن عبّاد بن العباس بن عبّاد ابن أحمد بن إدريس الطالقاني .. إلى أن قال : وكان من رجال الدهر حزماً وعزماً وسؤدداً ونبلا وسخاءً وحشمةً وإفضالا وعدلا .. ثم نقل كلام الثعالبي في اليتيمة ، ثم قال : وقال أبوبكر الخوارزمي في حقّه : الصاحب نشأ من الوزارة في حجرها ، ودبّ ودرج من وكرها ، ورضع أفاويق درها ، وورثها عن آبائه كما قال أبو سعيد الرستمي في حقّه :
ورث الوزارة كابراً عن كابر يروي عن العباس عبّاد وزا موصولة الإسناد بالإسناد رته وإسماعيل عن عبّاد

(137)

وقال في النجوم الزاهرة 4/169 ـ 171 في حوادث سنة 385 : وفيها توفّي الوزير الصاحب إسماعيل بن عبّاد بن العباس أبو القاسم وزير مؤيد الدولة بن ركن الدولة الحسن بن بويه ، ثم وزر لأخيه فخر الدولة. كان أصله من طالقان وكان نادرة زمانه ، واُعجوبة عصره في الفضائل والمكارم ، أخذ الأدب عن الوزير أبي الفضل بن العميد وزير ركن الدولة بن بويه ، وسمع الحديث من أبيه ومن غير واحد ، وحدّث باليسير ، وهو أوّل وزير سمّي ب‍ : الصاحب ، لأنّه صحب مؤيد الدولة من الصبا .. إلى أن قال : وبقي في الوزارة ثمانية عشر عاماً ، وفتح خمسين قلعة وسلّمها إلى فخر الدولة. وكان عالماً بفنون كثيرة وأمّا الشعر فإليه المنتهى فيه ، ومن شعره :
رقّ الزجاج وراقت الخمر فكأنّما خمر ولا قدح وتشابها فتشاكل الأمر وكأنما قدح ولا خمر
    وله القصيدة التي أوّلها :
تبسّم إذ تبسّم عن أقاحي وأسفر حين أسفر عن صباح
    وقيل : إنّ القاضي العميري أرسل إلى الصاحب كتباً كثيرة ، وكتب معها يقول :
العميري عبد كافي الكفاة خدم المجلس الرفيع بكتب وإن اعتدّ في وجوه القضاة مفعمات من حسنها مترعات
    فأخذ منها الصاحب بن عبّاد كتاباً واحداً ، وكتب معها :
قد قبلنا من الجميع كتاباً لست أستغنم الكثير فطبعي ورددنا لوقتها الباقيات قول « خذ » ليس مذهبي قول « هات ».
    إلى أن قال : قلت : وأخبار ابن عبّاد كثيرة ، وقد استوعبنا أمره في كتاب الوزراء ، وليس هذا محلّ الإطناب في التراجم سوى تراجم ملوك مصر التي بسببها صنّف هذا الكتاب.
بعض شعره
    ذكر الصفدي في الوافي بالوفيات 9/139 للمترجم :
وكم شامت بي عند موتي جهالة ولو علم المسكين ماذا يناله بظلم يسُلُّ السيف بعد وفاتي من الذلّ بعدي مات قبل مماتي
    وفي صفحة : 140 - 141 قال : لمّا أتته البشارة بسبطه عبّاد بن علي الحسني ـ ولم يكن للصاحب ولد إلاّ أمه ـ وكان زوجها من أبي الحسن علي بن الحسين الحسيني


(138)

الهمذاني ، وكان شاعراً أديباً [ من الرمل ] :
أحمد الله لبشرى إذ حباني الله سبطاً مرحباً ثُمَّت أهلا نبويّ علويّ أقبلت عند العشيّ هو سبط للنّبي بغلام هاشميّ حسنيّ صاحبيّ
    ثم قال : [ من البسيط ]
الحمد لله حمداً دائماً أبداً قد صار سبط رسول الله لي ولداً
    وجاء هذا الشعر في معجم الأُدباء 6/285 ويتيمة الدهر 3/215 ، وعمدة الطالب : 66 ، والدرجات الرفيعة : 482.
    وذكر الثعالبي في يتيمة الدهر 3/202 بسنده : .. عن أبي علي العراقي العوامي الرازي ، قال : أنشدني الصاحب لنفسه [ من السريع ] :
كم نعمة عندك موفورة قم فالتمس زادك وهو التقى لله فاشكر يا بن عباد لن تسلك الطرق بلا زاد
    وفي صفحة : 274 [ وقال ( في المتقارب ) ] :
وقائلة : لم عرتك الهموم فقلت : دعيني على غصّتي وأمرك ممتثل في الأمم ؟ فإنّ الهموم بقدر الهمم
نوادر المترجم وملحه
    قال الصفدي في الوافي بالوفيات 9/129 برقم 4042 في ترجمة ابن عبّاد رحمه الله : وكان في الصغر إذا أراد المضيّ إلى المسجد ليقرأ تعطيه والدته ديناراً في كلّ يوم ودرهماً ، وتقول له : تصدّق بهذا على أوّل فقير تلقاه ! فجعل هذا دأبه في شبابه إلى أن كبر وماتت والدته ـ وهو على هذا يقول للفّراش في كلّ ليلة ـ : اطرح تحت المطرح ديناراً ودرهماً ! لئلاّ ينساه ، فبقي على هذا مدّة ، ثم إنّ الفرّاش نسي ليلة من الليالي أن يطرح له الدرهم والدينار ، فانتبه وصلّى ، وقلب المطرح ليأخذ الدرهم والدينار فما رآهما ، فتطيّر من ذلك وظنّ أنّه لقرب أجله ، فقال للفرّاشين : شيلوا كلّ ما هنا من الفرش وأخرجوه وأعطوه لأوّل فقير تلقونه حتى يكون كفّارة لتأخير هذا ! فلقوا أعمىً هاشمياً يتكئ على يد امرأة ، فقالوا : تقبل هذا ! فقال : ما هو ؟ فقالوا : مطرح ديباج


(139)
    ثم عدّ مصنّفاته (1) ، وعدّ منها كتاب الإمامة. وقال : وذكر فيه تفضيل علي بن
ومخاد ديباج فأغمي عليه ، فأعلموا الصاحب بأمره ، فأحضره وسقاه شراباً بعد ما رشّ عليه الماء ، فلمّا أفاق سأله ، فقال : اسألوا هذه المرأة إن لم تصدّقوني. فقال له : اشرح ! فقال : أنا رجل شريف ولي ابنةٌ من هذه المرأة ، خطبها رجل فزوّجناه ، ولي سنتين آخذ القدر الذي يفضل عن قوتنا اشتري لها به قطعة صفراء وطفرية وما أشبه ذلك. فلمّا كان البارحة ، قالت أمّها : اشتهيت لها مطرح ديباج ومخادّ ديباج ، فقلت : من أين لي ذلك ؟ وجرى بيني وبينها خصومة إلى أن سألتها أن تأخذ بيدي وتخرجني حتى أمضي على وجهي ، فلمّا قال لي هؤلاء هذا الكلام حُقَّ لي أن يُغْشى عليّ. فقال : لا يكون الديباج إلاّ مع ما يليق به ، هاثّم الأنماطيّين ! فجيء بهم فاشترى منهم الجهاز الذي يليق بذلك المطرح ، وأحضر زوج الصبية ودفع إليه بضاعة سنيّة.
    وقال في صفحة : 131 أيضاً : روى عن محمد بن المرزبان : وقال أيضاً : انفلتت ليلة ضرطة من بعض الحاضرين ـ وهو في الجدل ـ فقال على حدّته : كانت بيعة أبي بكر .. ! خذوا فيما أنتم فيه ! .. يعني أنّه قيل في بيعة أبي بكر إنّما كانت فلتة.
    وقال في يتيمة الدهر 3/196 : وسمعت أبا نصر سهل بن المرزبان يقول : كان الصاحب إذا شرب ماءً بثلج أنشد على أثره :
قعقعة الثلج بماء عذب تستخرج الحمد من أقصى القلب
    ثم يقول : اللهمّ جدّد اللعن على يزيد.
    وفي صفحة : 197 قال : وعرض على أبي الحسن الشقيقي البلخي توقيع الصاحب إليه في رقعة : من نظر لدينه نظرنا لدنياه ، فإن آثرت العدل والتوحيد ، بسطنا لك الفضل والتمهيد ، وإن أقمت على الجبر ، فليس لكسرك من جبر.
1 ـ
الاختلاف في مؤلّفات المترجم
    أقول : عدّ في أمل الآمل 2/34 برقم 96 للمترجم مؤلّفات منها : الشواهد ، والتذكرة ، والتقليل ، والأنوار ، وديوان شعره ، والمحيط ـ وهو سبع مجلّدات رتّبه على حروف المعجم ـ ، وكتاب الكافي في الرسائل ، وكتاب الأعياد وفضائل النيروز ، وكتاب الإمامة وذكر فيه تفضيل علي بن أبي طالب عليه السلام وتثبيت إمامته ، وحرّف ابن خلّكان فقال في عداد مؤلّفات المترجم : وكتاب الإمامة يذكر فيه فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه [ سلام الله عليه ] ويثبت إمامة من تقدّمه


(140)

ـ وهذا التحريف ليس إلاّ لرعاية الأمانة في النقل ـ ، وكتاب الوزراء ، وكتاب الكشف عن مساوئ شعر المتنبي ، وكتاب أسماء الله تعالى وصفاته ، وله رسائل بديعة ونظم جيد.
    وزاد في معجم الاُدباء 6/260 على ما ذكره في الأمل : كتاب المحيط باللغة عشرة مجلّدات ، كتاب ديوان رسائله عشرة مجلّدات ، كتاب الزيدية ، كتاب عنوان المعارف في التاريخ ، كتاب العروض الكافي ، كتاب جوهرة الجمهرة ، كتاب نهج السبيل في الاُصول ، كتاب أخبار أبي العيناء ، كتاب نقض العروض ، كتاب تاريخ الملك واختلاف الدول ، كتاب الزيدين.
    وفي يتيمة الدهر 3/200 : وسمعت أبا جعفر الطبري الطبيب المعروف ب‍ : البلاذري ، يقول : إنّ للصاحب رسالة في الطبّ لو علمها ابن قرة وابن زكريا لما زادا عليها .. وعدّ في كشف الظنون 1/619 للمترجم : جوهرة الجمهرة لأبي القاسم إسماعيل بن عبّاد الصاحب المتوفّى سنة 385 ، وفي 2/1376 : كافي الرسائل لإسماعيل بن عبّاد الوزير المتوفّى سنة 385 ، وفي صفحة : 1621 : المحيط في اللغة في سبع مجلّدات لإسماعيل بن عبّاد الصاحب الوزير المتوفى سنة 385 ، كثير اللفظ وقليل الشواهد.
    وذكر في رياض العلماء 1/88 في ترجمته : ومن مؤلّفاته : كتاب الإقناع في علم البديع أو البلاغة نسبه إليه شارح البديعيّة للشيخ صفي الدين الحلّي نقلا عن بعضهم.
شعـره في المذهب
    ونسب الثعالبي في يتيمة الدهر 3/264 إلى المترجم هذين البيتين فقال : وقال رحمه الله [ من السريع ] :
لو فتّشوا قلبي رأوا وسطه حبّ علي بن أبي طالب سطرين قد خطّا بلا كاتب وحبّ مولاي أبي طالب
    وقد جاء في المعاهد 2/159 ، والديوان : 183 ـ 184.
    وقال [ من الخفيف ] :
ناصبٌ قال لي معاوية خا لك خير الأعمام والأخوال

(141)

فهو خال للمؤمنين جميعاً قلت خالي لكن من الخير خال
    وقد جاء في الديوان : 264.
    وفي صفحة : 273 وقال [ من السريع ] :
حبّ علي بن أبي طالب إن كان تفضيلي له بدعة هو الذي يهدي إلى الجنّة فلعنة الله على السنّة
    أقول : وممّا ذكر للمترجم ممّا نظمه في المذهب قوله رضوان الله عليه وتجده في ديوانه : 274 برقم 192 :
بمحمّد ووصيّه وابنيهما ثم الرضا ومحمد ثم ابنه أرجو النجاة من المواقف كلّها وبعابد وبباقرين وكاظم والعسكري المتقي والقائم حتى أصير إلى نعيم دائم
    وقوله في ديوانه : 204 برقم 47 ونقله في المناقب 1/234 :
بمحمّد ووصيه وابنيهما ومحمد وبجعفر بن محمد وعلي الطوسي ثم محمد حسن واتبع بعده بإمامة والطاهرين وسيّد العبّاد وسميّ مبعوث بشاطي الوادي وعلي المسموم ثم الهادي للقائم ثم المبعوث بالمرصاد
    وقوله في صفحة : 287 برقم 227 ونقله في المناقب 1/234 :
نبيّ والوصيّ وسيّدان وموسى والرضا والفاضلان وزين العابدين وباقران بهم أرجو خلودي في الجنان
    وله أرجوزة قال فيها في صفحة : 205 برقم 49 وأخذه في المناقب
1/230 :
يا زائراً قد قصد المشاهدا فأبلغ النبي من سلامي حتّى إذا عدت لأرض الكوفة وصرت في الغريّ في خير وطن ثمّة سر نحو بقيع الغرقد وعد إلى الطفّ بكربلاء وقطع الجبال والفدافدا ما لا يبيد مدّة الأيام البلدة الطاهرة المعروفة سلّم على خير الورى أبي الحسن مسلّماً على أبي محمّد أهد سلامي أحسن الإهداء

(142)

لخير من قد ضمّه الصعيد واجنب إلى الصحراء بالبقيع هناك زين العابدين الأزهر أبلغهم عنيّ السلام راهنا واجنب إلى بغداد بعد العيسا واعجل إلى طوس على أهدى سكن وعد لبغداد بطير أسعد وأرض سامراء أرض العسكر والحسن الرضيّ في أحواله فإنّهم دون الأنام مفزعي ذاك الحسين السيد الشهيد فثمّ أرض الشرف الرفيع وباقر العلم وثمّ جعفر قد ملأ البلاد والمواطنا مسلّماً على الزكيّ موسى مبلّغاً تحيّـتي أبا الحسن سلّم على كنز التقي محمّد سلّم على علي المطهّر من منبع العلوم في أقواله ومن إليهم كلّ يوم مرجعي
    وله أيضاً :
فقال كبير ما الرأي فيما سمعتم قوله قولا بليغا فقالوا حيلة نصبت علينا تدبّر غير هذا في أمور سنجعلها إذ ما مات شورى ترون يردّ ذا الأمر الجلّي وأوصى بالخلافة في عليّ ورأي ليس بالعقد الوفّي تنال بها من العيش السَني لتيميّ هنالك أو عديّ
    وله أيضاً :
يا ناصبي بكلّ جهدك فاجهد الطيبين الطاهرين ذوي الهدى واليتهم وبرئت من أعدائهم فهم أمان كالنجوم وإنّهم إنّي علّقت بحبّ آل محمّد طابوا وطاب وليّهم في المولد فاقلل ملامك لا أباً لك أو زدِ سفن النجاة من الحديث المسند
    وفي بعض المجاميع : إنّه وفد أموى إلى حضرة الصاحب وأنفذ إليه رقعة فيها هذه الأبيات :
أيا صاحب الدنيا ويا ملك الأرض له نسب من آل حرب مؤثّل فزوّده بالجدوى ودثر بالعطاء أتاك كريم الناس في الطول والعرض سرائره لا تستميل إلى النقض لتقضي حقّ الدين والشرف المحض

(143)

وكتب إليه الصاحب في جوابها :
أنا رجل يرميني الناس بالرفض ذروني وآل المصطفى خيرة الورى ولو أنّ عضواً مال عن آل أحمد فلا عاش حربّى يدبّ على الأرض فإنّ لهم حبّي كما لكم بغضي لشاهدت بعضي قد تبرّأ من بعض
    انظر : ديوان الصاحب بن عبّاد : 169 ـ 170 وقد أخذت هنا من روضات الجنات 1/27 باختلاف.
    ومنه :
حبّ الوصي علامة فإذا رأيت مناصباً في من على الإسلام ينشو فاعلم بأنّ أباه كبشُ
    كما جاء في معجم الاُدباء 6/317 ، واليتمية 3/247 ، والديوان : 239.
    وله رحمه الله :
إذا كنت أشهد أن لا إله وأنّ محمداً المصطفى وفاطمة الطهر بنت الرسول وابناهما فهما سادتي هو الله والحقّ فيما قضاه نبيّ وأنّ علياً أخاه رسولا هدانا إلى ما هداه فطوبى لعبد هما سيّداه
    وله أيضاً :
يا قارئ القرآن مع تأويله أعمارة البيت المحرّم مثله أَمْ مِثْلى التيميّ أو عدويّهم لا والذي فرض عليّ وداده مع كلّ محكمة أتت في حال وسقاية الحجّاج في الأمثال هل كان في حال من الأحوال ما عندي العلماء كالجهال
    وله قوله رحمه الله :
فمدينة العلم التي هو بابها فعدّوه أسقى البرية في لظى أضحى قسيم النار يوم مآبه ووليّه المحبوب يوم حسابه
    وله قوله أيضاً :
خير البريّة خاصف النعل الذي وبعلمه وقضائه وبسيفه شهد النبي بحقّه في المشهد شهد الرسول مع الملائك فاشهد
    وله في سيّدة نساء العالمين سلام الله عليها :


(144)

وقف الندى في موضع عبرت فتغضّ والأبصار خاشعة فيه البتول عيونكم غضّوا وعلى بنان الظالم العضّ
    وله في الإمام الصادق عليه السلام :
سليل أئمّة سلكوا كراماً إذا ما مشكل أعيا علينا على منهاج جدّهم الرسول أتونا بالبيان وبالدليل
    وله في أمير المؤمنين عليه السلام : وهي قصيدة طويلة جاءت في ديوانه : 38 ـ 47 في ( 64 ) بيتاً بتقديم وتأخير واختلاف يسير وأورد بعضه في المناقب لابن شهر آشوب 1/99 ، 2/68 ـ 69.
قالت : فمن صاحب الدين الحنيف أجب قالت : فهل معجز وافى الرسول به قالت : فمن بعده يصفى الولاء له قالت : فهل أحد في الفضل يقدمه قالت : فمن أول الأقوام صدّقه قالت : فمن بات من فوق الفراش فدى قالت : فمن ذا الذي آخاه [ واخاه ] عن مِقَة قالت : فمن زوج الزهراء فاطمة قالت : فمن والد السبطين إذ فرعا قالت : فمن فازفي بدر بمعجزها [ بمفخرها ] قالت : فمن ساد يوم الروع في اُحد قالت : فمن أسد [ فارس ] الأحزاب يفرسها قالت : فخيبر من ذا هدّ معقلها قالت : فيوم حنين من فرى وبرى قالت : براءة من أدى قوارعها قالت : فمن صاحب الرايات يحملها قالت : فمن ذا دعي للطير يأكله قالت : فمن تلوه يوم الكساء أجب فقلت : أحمد خير السادة الرسل قلت : القران وقد أعيا على الأول قلت : الوصي الذي أربى على زحل فقلت : هل هضبة ترقى على جبل فقلت : من لم يصر يوماً إلى هبل فقلت : أثبت خلق الله في الوهل فقلت : من حاز ردّ الشمس في الطفل فقلت : أفضل من حاف ومنتعل فقلت : سابق أهل السبق في مهل فقلت : أضرب خلق الله في القلل فقلت : من هالهم بأساً ولم يهل فقلت : قاتل عمرو الضيغم البطل فقلت : سائق أهل الكفر في عقل فقلت : حاصد أهل الشرك في عجل فقلت : مَنْ صِينَ عن ختل وعن دغل فقلت : من حيط عن غش وعن نغل فقلت : أقرب مرضيّ ومنتحل فقلت : أفضل مكسوّ ومشتمل

(145)

قالت : فمن ساد في يوم الغدير أَبِنْ قالت : ففيمن أتى في هل أتى شرف قالت : فمن راكع زكيّ بخاتمه قالت : فمن ذا قسيم النار يسهمها قالت : فمن باهل الطهر النّبي به قالت : فمن شبه هارون لنعرفه قالت : فمن ذا غدا باب المدينة قل قالت : فمن قاتل الأقوام إذ نكثوا قالت : فمن حارب الأنجاس إذ قسطوا قالت : فمن قارع الأرجاس إذ مرقوا قالت : فمن صاحب الحوض الشريف غداً قالت : فمن ذا لواء الحمد يحمله قالت : أَكلّ الذي قد قلت في رجل ؟! قالت : فمن هو هذا الفرد [ المرء ] سمّ لنا فقلت : كان للإسلام خير ولي فقلت : أبذل أهل الأرض للنفل فقلت : أطعنهم مذ كان بالأسل فقلت : من رأيه أذكى من الشعل فقلت : تاليه في حلّ ومرتحل فقلت : من لم يحل يوماً ولم يزل فقلت : من سألوه وهو لم يسل فقلت : تفسيره في وقعة الجمل فقلت : صفين تبدي صفحة العمل فقلت : معناه يوم النهروان جلي فقلت : من بيته في أشرف الحلل فقلت : من لم يكن في الروع بالوجل فقلت : كل الذي قد قلت في رجل فقلت : ذاك أمير المؤمنين علي
    وله أيضاً :
يا كفو بنت محمد لولاك ما يا أصل عترة أحمد لولاك لم كان النبي مدينة العلم التي ردّت عليك الشمس وهي فضيلة لم أحك إلاّ ما روته نواصب عوملت يا تلو النبي وصنوه قد لقّبوك أبا تراب بعد ما لم يعلموا أنّ الوصي هو الذي لم يعلموا أن الوصي هو الذي زفّت إلى بشر مدى الأحقاب يك أحمد المبعوث ذا أعقاب حوت الكمال وكنت أفضل باب بهرت فلم تستر بلفّ نقاب عادتك فهي مباحة الأسلاب بأوابد جاءت بكلّ عجاب باعوا شريعتهم بكفّ تراب آتى الزكاة وكان في المحراب حكم الغدير له على الأصحاب
    وله أيضاً :
قالوا : علي علا قلت : لا فإن العُلى بعليّ عَلا

(146)

ولكن أقول كقول النبي ألا إنّ من كنت مولا له وقد جمع الخلق كلّ الملا يوالي عليّاً وإلاّ فلا
    وله أيضاً :
أبا حسن لو كان حبّك مُدخلي وكيف يخاف النار من كان موقناً جهنم كان الفوز عندي جحيمها بأنّك مولاه وأنت قسيمها
    وله أيضاً :
لو شقّ قلبي يرى وسطه العدل والتوحيد في جانب سطران قد خطا بلا كاتب وحبّ أهل البيت في جانب
    انظر : الديوان : 184 ، أمالي المرتضى 1/400 ، أمل الآمل : 43 ، الغدير 4/40 ـ 81.
    ومن الشواهد على إعلانه مذهبه الحقّ خاتماه : فإنّ المنقوش على أحدهما : على الله توكّلت وبالخمس توسلت ، والثاني :
شفيع إسماعيل في الآخره محمد والعترة الطاهره
    انظر : المناقب 1/352 ، مجالس المؤمنين 2/449.
    وفي رياض العلماء 1/90 قال في ترجمة الصاحب : ومن شعره أيضاً على ما رأيته بخطّ بعض :
بحبّ عليّ تزول الشكوك فإمّا رأيت محبّاً له وإمّا رأيت عدوّاً له فلا تعذلوه على فعله ويكفي العذاب وينفي العثار فثَمّ العلو وثَمّ الفخار ففي أصله خسّة وانكسار فحيطان دار أبيه قصار
    ومن شعره قوله من قصيدة : انظر رياض العلماء 1/85 :
من كمولاي عليّ من يصيد الصيد فيها من له في كل يوم كم وكم حرب ضروس اُذكروا أفعال بدر والوغى تحمى لظاها بالظبا حين انتضاها وقعات لا تضاهى جذّ بالمرهف فاها لست أبغى ما سواها

(147)
    أبي طالب عليه السلام ، وتثبيت إمامتة .. إلى أن قال : وذكر أنّه كان يحتاج في
اُذكروا غزوة أحد اُذكروا حرب حنين اُذكروا الأحزاب قدماً اُذكروا مهجة عمرو اُذكروا أمر براءة اُذكروا من زوجه الزه‍ حاله حالة هارون أعلى حبّ عليّ أوّل الناس صلاة ردّت الشمس عليه إنّه شمس ضحاها إنّه بدر دجاها إنّه ليث شراها كيف أفناها شجاها واصدقوني من تلاها ؟ ‍راء قد طاب ثراها لموسى فأفهماها لامنى القوم سفاها جعل التقوى حلاها بعد ما غاب سناها
    تجد هذه القصيدة الطويلة في الديوان : 115 ـ 117 بتقديم وتأخير وتفاوت يسير.
    وقد جاءأيضاً بعض منها في تذكرة الخواص : 58 ـ 59 ، وكفاية الطالب : 243 ـ 244 ، والمناقب 1/588 ، ومقتل الخوارزمي 2/139 وغيرها.
    هذه نبذة من نظمه في آل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولو أردنا نقل جميع ما نظمه فيهم عليهم السلام لخرجنا عن موضوع الكتاب ، ولأصبح ديواناً كبيراً ، وإنّما ذكرنا هذا اليسير من نظمه ليظهر للملأ سخافة ما ذكره بعض النصّاب من أعداء أهل البيت عليهم السلام بأنّه كان حنفيّاً ، أو شافعياً ، أو معتزليّاً ، والنظر في كتابه الإبانة عن مذهب الحقّ تكفي في إثبات كذب وافتراء ما نسب إليه بعض عديمي الحياء من أن الكتاب في إثبات بطلان خلافة أمير المؤمنين عليه السلام وإنكار النصّ على خلافته مع أنّ الكتاب بعكس ذلك ، فإنّه من أجلّ الكتب وأتقنها في إثبات النصّ عليه صلوات الله عليه وإنكار خلافة من سواه ، ولكن من الصفات التي اختص بها النواصب عدم الحياء بالإضافة إلى أن هذا الكتاب الجليل أنّ قد نظم في أهل البيت عليهم السلام وخاصة في أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه لخير دليل على بطلان هذه الفرية الحمقاء.
    أقول : وانظر ما جاء في ديوانه في مدح أهل البيت عليهم السلام بأسمائهم : 241 ـ 242 عن المناقب 1 / 229 ـ 230 ، وكذا قصيدته في الأئمّة الإثني عشر ما جاء في ديوانه : 219 ، عن المناقب 2 /450 ، ومنه 1/234 وجاء في الديوان : 287.


(148)
نقل كتبه إلى أربعمائة جمل ، فما الظنّ بما يليق بها [ من التجمل ].
    وكان مولده : سنة 326 ، وتوفّي : سنة 385 بالري ، ونقل إلى إصفهان ، ودفن في بيته (1). انتهى.
    وأرّخ الفاضل المجلسي (2) رحمه الله وفاته بليلة الجمعة الرابع والعشرين من شهر صفر من السنة المذكورة.
    ونقل السيد صدر الدين في تعليقاته على منتهى المقال (3) عبارة ابن خلّكان في قوله : وذكر فيه تفضيل عليّ .. إلى آخره على وجه آخرموهم. ثم أخذ في توجيهها ، وذلك ناشئ من غلط نسخته ، والصحيح ما نقله صاحب أمل الآمل ، والله العالم.
    وعن حاشية الچلبي على المطوّل أنّه يقال : هو كان اُستاد الشيخ عبدالقاهر ، وكتب الشيخ مشحونة بالنقل عنه ، جمع بين الشعر والكتابة ، وقد فاق فيهما أقرانه ، إلاّ أنّه فاق عليه الصابي في الكتابة. قال الثعالبي (4) : كان الصاحب يكتب كما يريد ، والصابي
1 ـ وكذا حكاه الشيخ الحرّ في أمل الآمل 2/37 ـ 38 ـ ولعلّه أخذ المصنّف قدّس سرّه منه ـ وفي وفيات الأعيان هنا : دفن في قبّة بمحلّة تعرف ب‍ : باب دزيه وهي عامرة إلى الآن ..
2 ـ ولم نجده في بحار الأنوار ولعلّه في مرآة العقول. نعم جاءت في وفيات الأعيان.
3 ـ وهي تعليقة لا نعلم بطبعها إلى الآن كما لا نعرف لها نسخة جيدة ننقل عنها ، ذكرها شيخنا الطهراني في الذريعة 6/222 برقم 1245 قال : لسيد مشايخنا أبي محمد الحسن صدر الدين المتوفّى في ( 1354 ) موجودة بخطّه على هوامش نسخته في مكتبته بالكاظمية.
4 ـ في يتيمة الدهر 2/246 في ترجمة أبي إسحاق الصابي.


(149)
كما يؤمر ويراد (1) ، وبين الحالين بون بعيد. وقال في منتهى المقال (2) : ومن
1 ـ لا توجد كلمة : يراد ، في المصدر.
2 ـ منتهى المقال : 56 [ الطبعة المحقّقة 2/66 تحت رقم ( 357 ) ].
    أقول : أنّ رَمْي المترجم بالإعتزال أو التشيّع للحنفية أو التديّن بالشافعية يكذبه كلمات الأعلام ، أمّا الإعتزال فيكذبه بالإضافة إلى شعره ونثره ما رواه ابن حجر في لسان الميزان 1/416 برقم 1295 بقوله : وقال ابن أبي طي [ في المترجم ] : كان إمام الرأي ، وأخطأ من زعم أنّه كان معتزلياً ، وقد قال عبدالجبار القاضي لمّا تقدّم للصلاة عليه : ما أدرى كيف أصلّي على هذا الرافضي ! ؟ وإن كانت هذه الكلمة وضعت من قدر عبد الجبار ، لكونه غرس نعمة الصاحب. قال : وشهد الشيخ المفيد رحمه الله بأنّ الكتاب الذي نسب إلى الصاحب في الإعتزال وضع على لسانه ، ونسب إليه ، وليس هو له.
    أمّا التشيع للحنفيّة أو التدين بالشافعية فهو ممّا يضحك الثكلى ، حيث إنّ مواقفه المشرّفة ونظمه الكثيرة في أهل البيت عليهم السلام ، وانقطاعه إليهم ، والتبري من مخالفيهم بكلّ صراحة وتأكيد ، تكذّب هذه الفرية ، وتبطل هذه المزعمة. نعم ممّا هو من سنن المجتمع البشري أنّ الطوائف المختلفة إذا ظهر فيها رجل يتحلّى بصفات ومكارم فوق مستوى مجتمعه وبرز بين أقرانه بخصال من العلم والسخاء والدراية انبرت كلّ طائفة تدّعيه أنّه منهم ، وتلصق نفسها به ، وتجعله شعاراً لها لتتميز به عمّن سواها ، وترفع مكانتها في مجتمعها بالإنتساب إليه ، وهو بريء منهم ، ولا يقرّ لهم بذلك ، كما وأن من السنن الخليقة أنّ من يمتاز في مجتمع بمميزات مادية أو معنوية لابدّ وأن يكثر حسّاده ، ويرمى بما ليس فيه ، ويفترى عليه بما هو بريء منه ، « متسافل الدرجات يحسد من علا » ومترجمنا العظيم من أولئك الأفذاذ ، ونوابغ الدهر الذي قلّ ما يجود بمثله ، فابتلي بالأمرين فادعى بعض أنّه حنفي ، وآخرون بأنّه شافعي أو معتزلي ، وهو من تلكم اللواصق بري براءة الذئب من دم يوسف ، وانبرى له من سقطة الناس كأبي حيّان التوحيدي إلى إلصاق التهم به ، واختلاق أفائك سعياً للحطّ من منزلته العظيمة في المجتمع ، ولكن الله سبحانه وتعالى يقيّض من يكشف عن سوءة الكذّابين والمفترين ، فزعيمنا العظيم لمّا كان في قمّة المجد والعظمة بصفاته الذاتية والإكتسابية ابتلي بالفريقين ، وطغت شخصيته على الأفائك وفضحتهم.


(150)
أوهام الصفدي (1) أنّه زعمه من علماء المعتزلة في شرح لاميّة العجم ، وقد زعموا أنّ نبي الله كان كاهناً في سالف الأمم (*).
1 ـ قال الصفدي في الغيث الذي انسجم في شرح لامية العجم 2/55 بلفظه.
(*)
حصيلة البحث
    لا ريب أنّ المترجم الجليل هو من أقل القلائل الذين اتّفقت الكلمة من العامة والخاصّة ـ حتى المنحرفين عنه ـ بعجزهم عن التعريف به ، وشرح فضائله ومكارمه وأدبه وعلمه وجلالته ، فهو من أنبه أعلام الشيعة الإمامية ومن أبرز الشخصيات الإسلامية ، بل هو معجزة الدهر وفريد العصر ، لأنّه جمع بين السيف والقلم ، والزعامة والتقوى ، ويمتاز على كثير من أقرانه ببذله غاية مجهوده في حماية المذهب ، ونشر فضائل أهل البيت ، والاستدلال على خلافة أمير المؤمنين عليه السلام ، وإبطال دعوى مخالفيه ، وأيم الحقّ إنّي أستقلّ وصفه بالوثاقة بل هو أرفع وأجلّ من ذلك ، إلاّ أنّ جرياً على مصطلح أهل الفنّ أعدّه في أعلى مراتب الحسن ، وأنّ رواياته حسنة كالصحيح ، تغمّده الله برحمته ورضوانه ، وعرّف بينه وبين أوليائه عليهم السلام.

    جاء بهذا العنوان في رجال النجاشي : 150 برقم 526 في ترجمة صالح ابن عقبة بن قيس : روى عنه محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب وابنه إسماعيل بن صالح بن عقبة ..
حصيلة البحث
    لم يعنونه أحد من أعلام الجرح والتعديل ، فلذا يعدّ مهملاً.
تنقيح المقال ـ الجزء العاشر ::: فهرس