خلاصة البحث

وتلخص : أن الآية المباركة لم تنزل إلا في العترة الطاهرة ، وهذا ما أشار إليه السيد ـ رحمه الله ـ بقوله : « هل حكمت محكماته بذهاب الرجس عن غيرهم ؟! وهل لأحد من العالمين كآية تطهيرهم ؟! ».

فقيل :
« هذه الآية لم تنزل في آل البيت ـ كما يفهم المؤلف ـ بل نزلت في نساء النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، وإن كان معناها متضمنا لآل البيت بالمفهوم الضيق الذي يفهمه الشيعة ، وهم أبناء علي وفاطمة.
وليس فيها غخبار بذهاب الرجس وبالطهارة ، وإنمافيها الأمر بما يوجب طهارتهم وذهاب الجس عنهم ، وذلك كقوله تعالى ( المائدة : 6 ) : 2 ( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم ) وكقوله تعالى : ( النساء : 26 ) : ( يريد الله ليبين لكم ويهديكم ) وكقوله ( النساء : 28 ) : ( يريد الله أن يخفف عنكم )...
ومما يبين أن ذلك مما أمروا به لا مما أخبر بوقوعه : إن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم أدار الكساء على علي وفاطمة والحسن والحسين ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. رواه مسلم من حديث عائشة ، ورواه أصحاب السنن من حديث أم سلمة. وفيه دليل على أنه تعالى قادر على إذهاب الرحس والتطهير.
ومما يبين أن الآية متضمنة للأمر والنهي قوله في سياق الكلام


( 228 )

( الأحزاب : 30 ـ 30 ) (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة ) إلى قوله : ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى والأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا * واذكرن ما يتلى في بيوتكن... ).
فهذا السياق يدل على أن ذلك أمر ونهي ، وأن الزوجات من أهل البيت ، فغن السياق إنما هو في مخاطبتهن. ويدل الضمير المذكر على أنه عم غير زوجاته كعلي وفاطمة وابنيهما ، كما أن مسجد قبل أسس على التقوى ، ومسجده أيضا أسس على التقوى وهو أكمل في ذلك ، فلما نزلت ( التوبة : 108 ) : ( ليس أسس على التقوى ) تناول اللفظ مسجد قبل ولمسجده بطريق الأولى.
وفي صحيح مسلم من حديث زيد بن أسلم (1) : (... وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي. ثلاثا ).
فقال الحصين : ومن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟!
قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده.
قال : ومن هم ؟
قال : آل علي ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عباس.
قال : كل هؤلاء حرم الصدقة ؟!
قال : نعم. ( مسلم 7 | 122 ـ 123 ).
وفي الصحيحين : اللهم صلّ على محمّد وعلى أزواجه وذرّيّته. ( المنتقى : 169 ).
وعلى هذا ، فإن كلام المؤلف عن هذه بأنها قد حكمت بذهاب الرجس
____________
(1) كذا.
( 229 )

عنهم وتطهيرهم كلام تنقصه الدقة ، بل فيها حكم بإرادة الله ذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم ، وذلك إذا فعلوا ما سبق أن خوطبت به نساء النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في الآيات السابقة ».

أقول
: وهذا الكلام هو كلام ابن تيمية ، وقد ذكرنا غير مرة أن هؤلاء المتأخرين ، المناوئين لأهل البيت الطاهرين ، يلجأون إلى كلمات ابن تيمية متى ما أعوزهم الدليل ، وقد عرفت التهافت والتناقض في كلمات ابن تيمية حول آية التطهير.
لكن هذا الرجل اختار هذا الكلام دون كلامه السابق ، لخلو هذا من التصريح بصحة الحديث وكونه فضيلة خاصة بأهل البيت عليهم السلام !!
على أن نفس هذا الكلام أيضا متهافت ـ كما لا يخفى على أهل النظر والتدقيق ـ لأنه يقول أولا : « هذه الآية لم تنزل في آل البيت كما يفهم المؤلف » ففي من نزلت ؟!
يقول : « بل نزلت في نساء النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ».
وهذا قول عكرمة الخارجي !
لكنه يستدرك قائلا : « وإن كان معناها متضمنا لآل البيت... ».
وهذا عدول عن رأي عكرمة وقبول للقول الآخر.
ثم يناقض نفسه فيقول : « ويدل الضمير المذكر على أنه عم غير زوجاته كعلي وفاطمة وابنيهما » لأن ظاهر قوله : « كان معناها متضمنا... » نزول الآية في النساء فقط وهو قول عكرمة ، وقوله : « ويدل الضمير المذكر... » صريح في شمول الآية لغير النساء !!
لكن قوله ـ تبعا لابن تيمية ـ : « كعلي... » خروح عما ذهب إليه


( 230 )

المسلمون قاطبة...
وعلى كل حال فإنها محاولات يائسة.. للتملص عما جاءت به السنة النبوية الشريفة الثابتة لدى المسمين..
وما كل هذه التمحلات والمكابرات وأمثالها من الكُتاب المتأخرين ـ كالدكتور السالوس ، كما في كتابنا : مع الدكتور السالوس في آية التطهير ـ إلا لعلم القوم بما تنطوي عليه الآية المباركة والأحاديث الواردة في معناها من دلالات...
والله هو العاصم ، وهو ولي التوفيق.

***


( 231 )

آية المودة

قال السيد رحمه الله :
« هل حكم بافتراض المودة لغيرهم محكم التنزيل ؟! ».

قال في الهامش :
« كلا ، بل اختصهم الله سبحانه بذلك تفضيلا لهم على من سواهم فقال :
( قل لا أسئلكم أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة ( وهي هنا مودتهم ) نزد له فيها حسنا إن الله غفور ( لأهل مودتهم ) شكور ( لهم على ذلك ) ) ».

فقيل :
« هذه الآية قال الإمام أحمد في سبب نزولها :
حدثنا يحيى ، عن شعبة ، حدثني عبدالملك بن ميسرة ، عن طاووس ، قال : أتى ابن عباس رجل فسأله..
وسليمان بن داود ، قال : أخبرنا شعبة ، أنبأني عبدالملك ، قال سمعت طاووسا يقول : سأل رجل ابن عباس المعنى عن قول الله عز وجل : ( قل لا أسألكم عليه إلا المودة في القربى ) فقال سعيد بن جبير : قربى محمد صلى اللهعليه [ وآله ] وسلم ؛ قال ابن عباس : عجلت ! وإن


( 232 )

رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم لم يكن بطن من قريش إلا لرسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فيهم قرابة فنزلت ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم.
وكذلك روى البخاري هذا الحديث ، وليس عنده ( فنزلت ). وأخرجه الطبري 25 | 23 وفيه : إلا القرابة التي بيني وبينكم أن تصلوها ؛ وعزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية 3 | 368 إلى أحمد بن منيع وقال : صحيح.
هذا ، ويدل أن هذه الآية تدل على هذا المعنى : أن الله تعالى لم يقال : ( إلا المودة لذي القربى ) ، بل قال : ( في القربى ). ألا ترى أنه لما أراد ذوي قربته قال : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ).
وليس موالاتنا لأهل البيت من أجر النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في شيء ، وهو صلى الله عليه [ وآله ] وسلم لا يسألنا أجرا ، بل أجره على الله تعالى.
ثم إن الآية مكية باتفاق ، ولم يكن عليّ تزوج بفاطمة بعد ، ولا وُلد ولد لهما.
وبهذا يتبين لك التكلف الممقوت ، وتحميل كلام الله عز وجل مالا يحتمل عندما يقول المؤلق : ( بل اختصهم الله سبحانه بذلك تفضيلا لهم على من سواهم : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة ( وهي هنا مودتهم ) نزد له فيها حسنا إن الله غفور ( لاهل مودتهم ) شكور ( لهم على ذلك ) ).
ومن أين له هذا التفسير ؟! وهل يستقيم له ذلك بعقل أو نقل ؟!


( 233 )

اللهم لا ».

أقول :
إن هذا الذي ذكر ما هو إلا خلاصة لما قاله المتمادون في العصب من أهل السنة ، ومنهم ابن تيمية في غير موضع من كتابه « منهاج السنة » فليس هذا بشيء جديد ، وإنما هو تقليد ، كما سيظهر لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد... فها هنا فصول :


( 234 )

الفصل الاول
في تعيين النبي صلى الله عليه وآله وسلم
المراد من « القربى »


إنه إذا كنا تبعا للكتاب والسنة ، ونريد ـ حقا ـ الأخذ ـ اعتقادا وعملا ـ بما جاء في كلام الله العزيز وأتى به الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم... كان الواجب علينا الرجوع إلى النبي نفسه وتحكيمه في كل ما شجر بيننا واختلفنا فيه ، كما أمر سبحانه وتعالى بذلك حيث قال : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) (1).
لقد وقع الاختلاف في معنى قوله تعالى : ( ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى... ) (2)... لكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبق وأن بيّن المعنى وأوضح المراد من « القربى » في أخبار طرفي الخلاف كليهما ، فلماذا لا يقبل قوله ويبقى الخلاف على حاله ؟!
لقد عيّن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المراد من « القربى » في الآية ، فالمراد أقرباؤه ، وهم عليّ والزهراء وولداهما.. فهؤلاء هم المراد من « القربى » هنا كما كانوا المراد من « أهل البيت » في آية التطهير بتعيين منه
____________
(1) سورة النساء 4 : 65.
(2) سورة الشورى 42 : 23.

( 235 )

كذلك.

ذكر من رواه من الصحابة والتابعين :
وقد روى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدة كبيرة من الصحابة وأعلام التابعين ، المرجوع إليهم في تفسير آيات الكتاب المبين ، ومنهم :
1 ـ أمير المؤمنين عليه عليه السلام.
2 ـ الإمام السبط الأكبر الحسن بن علي عليه السلام.
3 ـ الإمام السبط الشهيد الحسين بن علي عليه السلام.
4 ـ الإمام السجاد علي بن الحسين عليه السلام.
5 ـ الإمام الباقر محمد بن علي بن الحسين عليه السلام.
6 ـ الإمام الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليه السلام.
7 ـ عبد الله بن عباس.
8 ـ عبد الله بن مسعود.
9 ـ جابر بن عبد الله الأنصاري.
10 ـ أبو أمامة الباهلي.
11 ـ أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي.
12 ـ سعيد بن جبير.
13 ـ مجاهد بن جبر.
14 ـ مقسم بن بجرة.


( 236 )

15 ـ زاذان الكندي.
16 ـ السدي.
17 ـ فضال بن جبير.
18 ـ عمرو بن شعيب.
19 ـ ابن المبارك.
20 ـ زر بن حبيش.
21 ـ أبو إسحاق السبيعي.
22 ـ زيد بن وهب.
23 ـ عبد الله بن نجي.
24 ـ عاصم بن ضمرة.

وممن رواه من أئمة الحديث والتفسير :
وقد روى نزول الآية المباركة في أهل البيت عليهم السلام ـ هذا الذي أرسله إرسال المسلم إمام الشافعية في شعره المعروف المشهور ، المذكور في الكتب المعتمدة ، كالصواعق المحرقة ـ مشاهير الأئمة في التفسير والحديث وغيرهما في مختلف القرون ، ونحن نذكر أسماء عدة منهم :
1 ـ سعيد بن منصور ، المتوفى سنة 227.
2 ـ أحمد بن حنبل ، المتوفى سنة 241.
3 ـ عبد بن حميد ، المتوفى سنة 249.
4 ـ محمد بن إسماعيل البخاري ، المتوفى سنة 256.


( 237 )

5 ـ مسلم بن الحجاج النيسابوري ، المتوفى سنة 261.
6 ـ أحمد بن يحيى البلاذري ، المتوفى سنة 276.
7 ـ محمد بن عيسى الترمذي ، المتوفى سنة 279.
8 ـ أبو بكر البزار ، المتوفى 292.
9 ـ محمد بن سليمان الحضرمي ، المتوفى سنة 297.
10 ـ محمد بن جرير الطبري ، المتوفى سنة 310.
11 ـ أبو بشر الدولابي ، المتوفى سنة 310.
12 ـ أبو بكر ابن المنذر النيسابوري ، المتوفى سنة 318.
13 ـ عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، المتوفى سنة 327.
14 ـ الهيثم بن كليب الشاشي ، المتوفى سنة 335.
15 ـ أبو القاسم الطبراني ، المتوفى سنة 360.
16 ـ أبو الشيخ ابن حبان ، المتوفى سنة 369.
17 ـ محمد بن إسحاق ابن مندة ، المتوفى سنة 395.
18 ـ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ، المتوفى سنة 395.
19 ـ أبو بكر ابن مردويه الأصفهاني ، المتوفى سنة 410.
20 ـ أبو إسحاق الثعلبي ، المتوفى سنة 427.
21 ـ أبو نعيم الأصفهاني ، المتوفى سنة 430.
22 ـ علي بن أحمد الواحدي ، المتوفى سنة 468.
23 ـ محيي السنة البغوي ، المتوفى سنة 516.
24 ـ جار الله الزمخشري ، المتوفى سنة 538.
25 ـ الملا عمر بن محمد بن خضر ، المتوفى سنة 570.


( 238 )

26 ـ أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي ، المتوفى سنة 571.
27 ـ أبو السعادات ابن الأثير الجزري ، المتوفى سنة 606.
28 ـ الفخر الرازي ، المتوفى سنة 606.
29 ـ عز الدين ابن الأثير ، المتوفى سنة 630.
30 ـ محمد بن طلحة الشافعي ، المتوفى سنة 652.
31 ـ أبو عبد الله الأنصاري القرطبي ، المتوفى سنة 656.
32 ـ أبو عبد الله الكنجي الشافعي ، المتوفى سنة 658.
33 ـ القاضي البيضاوي ، المتوفى سنة 685.
34 ـ محب الدين الطبري الشافعي ، المتوفى سنة 694.
35 ـ الخطيب الشربيني ، المتوفى سنة 698.
37 ـ أبو البركات النسفي ، المتوفى سنة 710.
38 ـ أبو القاسم الجزي ، المتوفى سنة 741.
39 ـ علاء الدين الخازن ، المتوفى سنة 741.
40 ـ أبو حيان الأندلسي ، المتوفى سنة 745.
41 ـ ابن كثير الدمشقي ، المتوفى سنة 774.
42 ـ أبو بكر نور الدين الهيثمي ، المتوفى سنة 807.
43 ـ ابن حجر العسقلاني ، المتوفى سنة 852.
44 ـ نور الدين ابن الصباغ المالكي ، المتوفى سنة 855.
45 ـ شمس الدين السخاوي ، المتوفى سنة 902.
46 ـ نور الدين السمهودي ، المتوفى سنة 911.
47 ـ جلال الدين السيوطي ، المتوفى سنة 911.


( 239 )

48 ـ شهاب الدين القسطلاني ، المتوفى سنة 923.
49 ـ أبو السعود العمادي ، المتوفى سنة 951.
50 ـ ابن حجر الهيتمي المكي ، المتوفى سنة 973.
51 ـ الزرقاني المالكي ، المتوفى سنة 1122.
52 ـ عبدالله الشبراوي ، المتوفى سنة 1162.
53 ـ محمد الصبان المصري ، المتوفى سنة 1206.
54 ـ قاضي القضاة الشوكاني ، المتوفى سنة 1250.
55 ـ شهاب الدين الآلوسي ، المتوفى سنة 1270.
56 ـ الصديق حسن خان المتوفى سنة 1307.
57 ـ محمد مؤمن الشبلنجي ، المتوفى بعد سنة 1308.

نصوص الحديث في الكتب المعتبرة :
وهذه ألفاظ من هذا الحديث بأسانيدها كما في الكتب المعتبرة من الصحاح والمسانيد والمعاجم وغيرها :
* أخرج البخاري قائلا : « قوله : ( إلا المودة في القربى ).
« حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عبدالملك بن ميسرة ، قال : سمعت طاووسا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه سئل عن قوله ( إلا المودة في القربى ) فقال سعيد بن جبير : قربى آل محمد صلى الله عليه [ وآله ] وسلم. فقال ابن عباس : عجلت ! إن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم


( 240 )

قرابة. فقال : إلا أن تصلوا مابيني وبينكم من القرابة » (1).
* وأخرجه مسلم ، كما نص عليه الحاكم والذهبي ، وسيأتي.
* وأخرجه أحمد ، ففي « المسند » : « حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا يحيى ، عن شعبة ، حدثني عبد الملك بن ميسرة ، عن طاووس ، قال أتى ابن عباس رجل فسأله. وسليمان بن داود ، قال : أخبرنا شعبة ، أنبأني عبد الملك ، قال : سمعت طاووسا يقول : سأل رجل ابن عباس المعنى عن قوله عز وجل : ( قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) فقال سعيد بن جبير : قرابة محمد صلى الله عليه [ وآله ] وسلم. قال ابن عباس : عجلت ! إن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم لم يكن بطن من قريش إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة فنزلت : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم » (2).
* وفي ( المناقب ) ما هذا نصه : « وفي ما كتب إلينا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي ، يذكر أن حرب بن الحسن الطحان حدثهم ، قال : حدثنا حسين الأشقر ، عن قيس ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت ( قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) قالوا : يا رسول الله ، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : علي وفاطمة وابناها » (3).
____________
(1) صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، المجلد الثالث : 502.
(2) مسند أحمد 1 | 229.
(3) مناقب علي : الحديث 263 ، ورواه غير واحد من الحفاظ قائلين : « أحمد في المناقب » كالمحب الطبري في ذخائر العقبى : 25 ، والسخاوي في استجلاب ارتقاء

=


( 241 )

* وأخرج الترمذي فقال : « حدثنا بندار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عبدالملك بن ميسرة ، قال : سمع طاووسا قال : سئل ابن عباس عن هذه الآية ( قل لا أسألكم عليه إلا المودة في القربى ) فقال سعيد بن جبير : قربى آل محمد صلى الله عليه [ وآله ] وسلم. فقال ابن عباس : أعجلت ؟! إن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة فقال : إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة.
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح » (1).
* وأخرج ابن جرير الطبري ، قال :
[ 1 ] « حدثني محمد بن عمارة ، قال : ثنا إسماعيل بن أبان ، قال : ثنا الصباح بن يحيى المري ، عن السدي ، عن أبي الديلم ، قال : لما جيء بعلي بن الحسين ـ رضي الله عنهما ـ أسيرا فأقيم على درج دمشق ، قام رجل من أهل الشام فقال : الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرني الفتنة ! فقال له علي بن الحسين ـ رضي الله عنه ـ أقرأت القرآن ؟! قال : نعم ، قال : أقرأت آل حم ؟! قال : قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم. قال : ما قرأت ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) ؟! قال : وإنكم لأنتم هم ؟! قال : نعم (2).
____________
=
الغرف : 36.
(1) صحيح الترمذي ، كتاب التفسير ، 5 | 351.
(2) وأرسله أبو حيان إرسال المسلم ، حيث ذكر القول الحق ، قال : « وقال بهذا المعنى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، واستشهد بالآية حين سبق إلى الشام أسيرا » البحر المحيط 7 | 516.

( 242 )

[ 2 ] حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا مالك بن إسماعيل ، قال : ثنا عبد السلام ، قال : ثنا يزيد بن ابي زياد ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال : قالت الأنصار : فعلنا وفعلنا ؛ فكأنهم فخروا ، فقال ابن عباس ـ أو العباس ، شك عبد السلام ـ : لنا لافضل عليكم.
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، فأتاهم في مجالسهم فقال : يا معشر الأنصار ! ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله بي ؟!
قالوا : بلى يا رسول الله.
قال : ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله بي ؟!
قالوا بلى يا رسول الله.
قال : أفلا تجيبوني ؟!
قالوا : ما نقول يا رسول الله ؟
قال : ألا تقولون : ألم يخرجك قومك فآويناك ؟! أولم يكذبوك فصدقناك ؟! أولم يخذلوك فنصرناك ؟!
قال : فما زال يقول حتى جثوا على الركب وقالوا : أموالنا وما في أيدينا لله ولرسوله ، قال : فنزلت ( قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ).
[ 3 ] حدثني يعقوب ، قال : ثنا مروان ، عن يحيى بن كثير ، عن أبي العالية ، عن سعيد بن جبير ، في قوله ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) قال : هي قربى رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم.
[ 4 ] حدثني محمد بن عمارة الأسدي ومحمد بن خلف ، قالا : ثنا


( 243 )

عبيد الله ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أيب إسحاق ، قال : سألت عمرو بن شعيب عن قول الله عز وجل ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) قال : قربى النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم » (1).

أقول :
ولا يخفى أن ابن جرير الطبريذكر في معنى الآية أربعة أقوال ، وقد جعل القول بنزولها في « أهل البيت » القول الثاني ، فذكر هذه الأخبار.
وجعل القول الأول أن المراد قرابته مع قريش ، فذكر رواية طاووس عن ابن عباس ، التي أخرجها أحمد والشيخان ، وقد تقدمت ، وفيها قول سعيد بن جبير بنزولها في « أهل البيت » خاصة.
وأما القولان الثالث والرابع فسنتعرض لهما فيما بعد.
* وأخرج أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي ـ صاحب المسند الكبير ـ في مسند عبد الله بن مسعود ، في ما رواه عنه زر بن حبيش ، قال :
« ححدثنا الحسن بن علي بن عفان ، حدثنا محمد بن خالد ، عن يحيى ابن ثعلبة الأنصاري ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر ، عن عبد الله ، قال :
كنا مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في مسير ، فهتف به أعرابي بصوت جهوري : يا محمد ! فقال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : يا هناه ! فقال : يا محمد ! ما تقول في رجل يحب القوم ولم يعمل بعملهم ؟ قال : المرء مع من أحب. قال : يا محمد ! إلى ما تدعو ؟ قال :
____________
(1) تفسير الطبري 25 | 16 ـ 17.
( 244 )

إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت. قال : فهل تطلب على هذا أجرا ؟ قال : لا إلا المودة في القربى. قال : أقرباي يا محمد أم أقرباك ؟ قال : بل أقرباي. قال : هات يدك حتى أبايعك ، فلا خير في من يودك ولا يود قرباك » (1).
* وأخرج الطبراني : « حدثنا محمد بن عبد الله ، ثنا حرب بن الحسن الطحان ، ثنا حسين الأشقر ، عن قيس بن الربيع ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : لما نزلت ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) قالوا : يا رسول الله ، ومن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : علي وفاطمة وابناهما » (2).
وأخرج أيضا : « حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي ، ثنا محمد بن مرزوق ، ثنا حسين الاشقر ، ثنا نصير بن زياد ، عن عثمان أبي اليقظان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قالت الأنصار فيما بينهم : لو جمعتا لرسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم مالا فنبسط يده لا يحول بينه وبينه أحد ، فأتوا رسول الله فقالوا : يا رسول الله ! غنا أردنا أن نجمع لك أموالنا. فأنزل الله عز وجل ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) فخرجوا مختلفين ، فقال بعضهم : ألم تروا إلى ما قال رسول الله ؟! وقال بعضهم : إنما قال هذا لنقاتل عن أهل بيته وننصرهم... » (3).
* وأخرج الحاكم قائلا : « حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن
____________
(1) مسند الصحابة 2 | 127 ح664.
(2) المعجم الكبير 3 | 47 رقم 2641 ، و11 | 351 رقم 12259.
(3) المعجم الكبير 12 | 26 رقم 12384.

( 245 )

يحيى ابن أخي طاهر العقيقي الحسني ، ثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق ابن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، حدثني عمي علي بن جعفر محمد ، حدثني الحسين بن الزيد ، عن عمر بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، قال :
خطب الحسن بن علي الناس حين قتل علي ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
لقد قبض في هذه الليلة رجل لا يسسبقه الأولون بعمل ولا يدركه الآخرون ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطيه رايته فيقاتل وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، فما يرجع حتى يفتح الله عليه ، وما ترك على أهل الأرض صفراء ولا بيضاء إلا سبع مائة درهم فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله.. ثم قال :
أيها الناس ! من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي ، وأنا ابن النبي ، وأنا ابن الوصي ، وأنا ابن البشير ، وأنا ابن النذير ، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه ، وأنا ابن السراج المنير ، وأنا من أهل البيت الذي كان جبريل ينزل إلينا ويصعد من عندنا ، وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وأنا من أهل البيت الذي افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت » (1).
وقال الحاكم بتفسير الآية من كتاب التفسير : « إنما اتفقا في تفسير
____________
(1) المستدرك على الصحيحين 3 | 172.
( 246 )

هذه الآية على حديث عبدالملك بن ميسرة الزراد عن طاووس عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه في قربى آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم » (1).
* وأخرج أبو نعيم : « حدثنا الحسين بن أحمد بن علي أبو عبد الله ، ثنا الحسن بن محمد بن أبي هريرة ، ثنا إسماعيل بن يزيد ، ثنا قتيبة بن مهران ، ثنا عبد الغفور ، عن أبي هاشم ، عن زاذان ، عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : عليكم بتعلم القرآن وكثرة تلاوته تنالون به الدرجات وكثرة عجائبه في الجنة ، ثم قال علي : وفينا آل حم ، إنه لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن ، ثم قرأ ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) » (2).
وأخرج أيضا : « حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن مخلد ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا عبادة بن زياد ، ثنا يحيى بن العلاء ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فقال : يا محمد ! عرض عليّ الإسلام. فقال : تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله. قال : تسألني عليه أجرا ؟ قال : لا ، إلا المودة في القربى ، قال : قرباي أو قرباك ؟ قال : قرباي. قال : هات أبايعك ، فعلى ، من لا يحبك ولا يحب قرباك لعنة الله. قال صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : آمين.
هذا حديث غريب من حديث جعفر بن محمد ، لم نكتبه إلا من
____________
(1) المستدرك على الصحيحين 2 | 444.
(2) تاريخ أصبهان 2 | 165.

( 247 )

حديث يحيى بن العلاء ، كوفي ولي قضاء الري » (1).
* وأخرج أبو بشر الدولابي خطبة الإمام الحسن السبط ، فقال : « أخبرني أبو القاسم كهمس بن معمر : أن أبا محمد إسماعيل بن محمد ابن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب حدثهم : حدثني عمي علي بن جعفر بن محمد بن حسين بن زيد ، عن الحسن بن زيد بن حسن بن علي ، عن أبيه ، قال : خطب الحسن بن علي الناس حين قتل علي...
أخبرني أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، حدثني أبي ، حدثني حسين بن زيد ، عن الحسن بن زيد بن حسن ـ ليس فيه : عن أبيه ـ ، قال : خطب الحسن بن علي الناس...
حدثنا أحمد بن يحيى الأودي ، نا إسماعيل بن أبان الوراق ، نا عمر ، عن جابر ، عن أبي الطفيل ، وزيد بن وهب ، وعبد الله بن نجي ، وعاصم ابن ضمرة ، عن الحسن بن علي ، قال : لقد قبض في هذه الليلة رجل... » (2).
* وأخرج ابن عساكر : « أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، أنبأنا عبد العزيز الصوفي ، أنبأنا أبو الحسن بن السمسار ، أنبأنا أبو سليمان...
قال : وأنبأنا ابن السمسار ، أنبأنا علي بن الحسن الصوري ، أنبأنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني اللخمي بأصبهان ، أنبأنا الحسين بن إدريس الحريري التستري ، أنبأنا أبو عثمان طالوت بن عباد البصري
____________
(1) حلية الأولياء 3 | 201.
(2) الدرية الطاهرة : 109 ـ 111.

( 248 )

الصيرفي ، أنبأنا فضال بن جبير ، أنبأنا أبو أمامة الباهلي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : خلق اله الأنبياء من أشجار شتى ، وخلقني وعليا من شجرة واحدة ، فأنا أصلها وعلي فرعها وفاطمة لقاحها والحسن والحسين ثمرها ، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا ، ومن زاغ هوى ، ومن أن عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام ، ثم لم يدرك محبتنا لأكبّه الله على منخريه في النار ، ثم تلا ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ).
ورواه علي بن الحسن الصوفي مرة أخرى عن شيخ آخر ، أخبرناه أبو الحسن الفقيه السلمي الطرسوسي أنبأنا عبد العزيز الكتاني ، أنبأنا أبو نصر ابن الجيان ، أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسي الطرسوسي ، أنبأنا أبو الطفضل العباس بن أحمد الخواتيمي بطرسوس ، أنبأنا الحسين بن إدريس التستري... » (1).
* وأخرج ابن عساكر خبر خطبة مروان ـ بأمر من معاوية ـ ابنة عبد الله بن جعفر ليزيد ، وأن عبد الله أوكل أمرها إلى الحسين عليه السلام فزوجها من القاسم بن محمد بن جعفر ، وتكلم عليه السلام ـ في المسجد النبوي وبنو هاشم وبنو أمية مجتمعون ـ فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : « إن الإسلام دفع الخسيسة وتمم النقيصة وأذهل اللائمة ، فلا لوم على مسلم إلا في أمر مأثم ، وإن القرابة التي عظّم الله حقها وأمر برعايتها وأن يسأل نبيه الأجر له بالمودة لأهلها : قرابتنا أهل البيت... » (2).
____________
(1) تاريخ دمشق ، ترجمة علي أمير المؤمنين 1 | 132 ـ 133.
(2) تعليق العلامة المحمودي على شواهد التنزيل 2 | 144 عن أنساب الأشراف بترجمة معاوية ، وتاريخ دمشق بترجمة مروان بن الحكم.