تسلية المُجالس وزينة المَجالس الجزء الأول ::: 571 ـ 580
(571)
ظنّ بما وعد الله الصابرين.
    وروي أنّه لمّا سار بها إلى القبر المبارك خرجت يد فتناولتها ، وانصرف. وأنشأ أمير المؤمنين عليه السلام :
ذكرت أبا ودّي (1) فبتّ كأنّني لكلّ اجتماع من خليلين فرقة وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمد بردِّ الهموم الماضيات وكيل وكلّ الذي دون الفراق قليل دليل على أن لا يدوم خليل
    فأجابه هاتف :
يريد الفـتى ألاّ يـموت خـليـله فلا بدَّ مـن موت (2) ولا بد من بلى إذا انقطـعت يوماً من العيش مدّتي ستعرض عن ذكري وتنسى مودّتي وليس لـه إلا الممات سبيل وإنّ بقائي بعدكـم لـقـليل فإنّ بكاء الـباكيـات قـليل ويحدث من بعد الخليل خليل (3) (4)
    قال شيخنا أبو جعفر الطوسي رضي الله عنه : الأصوب أنّها مدفونة في دارها ، أو في الروضة ، ويؤيّد ذلك قول النبي صلّى الله عليه وآله : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة.
    وفي البخاري وصحيح مسلم : ما بين بيتي ومنبري.
    وقال صلّى الله عليه وآله : منبري على ترعة من ترع الجنّة.
1 ـ أي من كان يلازم ودّي وحبّي.
2 ـ لعلّه من تتمّة أبياته عليه السلام لا كلام الهاتف ، ولو كان من كلام الهاتف فلعلّه ألقاه على وجه التلقين.
3 ـ في المناقب : ويحدث بعدي للخليل بديل.
4 ـ مناقب ابن شهراشوب : 3 / 361 ـ 365 ، عنه البحار : 43 / 180 ـ 184 ذ ح 16.


(572)
    وقالوا : حدّ الروضة ما بين القبر إلى المنبر إلى الأساطين التي تلي صحن المسجد.
    أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : سألت الرضا عليه السلام عن قبر فاطمة عليها السلام ، فقال : دفنت في بيتها ، فلمّا زادت بنو اُميّة في المسجد صارت في المسجد.
    عن يزيد بن عبد الملك ، عن أبيه ، عن جده ، قال : دخلت على فاطمة عليها السلام فبدأتني بالسلام ، ثمّ قالت : ما غدا بك ؟
    قلت : طلب البركة.
    قالت : أخبرني أبي وهو ذا : من سلّم عليه وعليَّ ثلاثة أيّام أوجب الله له الجنّة.
    قلت لها : في حياته وحياتك ؟
    قالت : نعم ، وبعد موتنا. (1)
يا قبر فاطمـة الـذي مـا مثله إذ فيه (2) حلّت زهرة الدنيا التي فسقى ثراك الغيث ما بقيت به فلقد بريـّاهـا ظللت مطـيّـباً قبر بطيبة طاب فـيه مبيتـا بحلي محاسن وجههـا حـليتا نور القبـور بـطيبـة وبقيتا وغداك مسكاً في الاُنوف قتيتا
    قلت : أيها الكريمة الممجّدة ، المظلومة المضطهدة ، القانتة العفيفة ، السيّدة الشريفة ، المغصوبة ميراثها ، المسلوبة تراثها ، المحرومة نحلتها ،
1 ـ مناقب ابن شهراشوب : 3 / 365 ، عنه البحار : 43 / 185 ح 17.
2 ـ في المناقب : فيك.


(573)
المنهوبة بلغتها ، المشهور في الذكر ذكرها ، المخفيّ من دون القبور قبرها ، التي امتحن الله فيها اُمّة أبيها ، فلم ترع حرمته فيها ، وفوّقت نحوها سهام ظلمها ، واُنزلت بساحتها مطايا هضمها ، حتى ماتت بغصّتها عليها ساخطة ، ومن خيرها قانطة.
    أوّل مظلوم بعد الرسول من الرجال بعلها ، وأضيع حقّ بعد النبيّ حقّها.
    فيا لها من اُمّة غادرة ، وصحبة كافرة ، وعصبة مارقة ، وثلّة منافقة ، أجلبت على هدم الاسلام بجنودها وأحزابها ، ومنعت مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ، وسعت في خرابها ، أعاد عتيقها الأوّل دين الجاهليّة بعد الضعف شديداً ، وصيّر الثاني الأرذل بناء الكفر بعد الاندراس مشيّداً ، أطاع الشيطان وعصى الرحمن في يوم السقيفة ، وولي المسلمين بغرور وشهادة زور بشبهته السخيفة ، ومنع الزهراء نحلتها من والدها سيّد المرسلين ، وآذى الله ورسوله إذ آذى إمام المسلمين وسيّد الوصيّين.
    فلعن الله السقيفة ومن حوت ، والعصابة الناصبة وما روت ، حملوا الناس على أكتاف آل الرسول فيها ، وجحدوا النصّ الجليّ على الامام العليّ فأبعد بها وبذويها ، فاجتماع الأرجاس في ساحتها سبب لاغتيال سيّد الأوصياء ، وتعصّب عصب الضلال في عرصتها وسيلة لاغتصاب تراث سيّدة النساء ، وسمّ سبط المصطفى وغلبة ظلمة الظلمة في باحتها طريق إلى قتل سيّد الشهداء وخامس أصحاب الكساء.
    فأبعد بزمن صار فيه عتيق تيم للمسلمين إماماً ، ولعنت اُمّة رضيت بالدلام نجل صهّاك باُمور الدين قوّاماً ، أليس هو الذي حمل بني اُميّة على رقاب المسلمين ؟ أليس هو الذي منع الزهراء نحلتها وردّ شهادة


(574)
أمير المؤمنين ؟ أما جعل أمر خلافة الله شورى ؟ أما لفق من باطل القول زخرفاً وغروراً ؟ أما أسند إلى النبيّ الاُمّي : « ما تركناه صدقة » بزوره وكذبه ؟ فلعن الله الكاذب في جدّه ولعبه ، فهو زعيم الفتنة ورأسها ، وأصل المحنة وأساسها ، والمصلّي والسابق في الجمل صفّين ، والقائد والسائق في قتل ذرّيّة سيّد المرسلين.
    فما قام ثالث القوم الا لمشورته وإشارته ، ولا تجرّى ابن حرب على حرب أمير المؤمنين الا بوصيّته وإرادته ، ولا سفك دم السبط الشهيد الا وهو مثبت في صفحات صحيفته ، وطامته في الظلم عالية ، وبدعته في الغيّ غالية ، والشيطان يسوق الناس إلى اتّباعه ، وهو في الحققة من بعض جنده وأتباعه ، وتجرّأت عصبته على المؤمنين بكلّ ناد ، ورمتهم عن قوس واحدة دون العباد ، حتى لقد برح الخفاء ، وانطقع الرجاء.
    اللّهمّ العنه وأشياعه وأتباعه ومحبّيه والمائلين إليه ، والمتّفقين عليه ، والمعتقدين لإمامته ، والناهضين بأجنحته ، والمستنّين بسنّته ، والمتسمين بسمته ، الذي اُسّس على الباطل دينهم ، وفصل من ينبوع الشرع معينهم ، وبنيت على غير تقوى الله مساجدهم ، وشيّدت بعداوة أهل بيت رسول الله مشاهدهم ، كلّ منهم في ثوبه ضلّ عابس ، وفي بدنه قلب حامس ، إذا عاينتهم يروقك عيانهم ، وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ، كأنّهم خُشب مسنّدة ، أو صور على الجدران مجسّدة ، إذا تليت عليهم سورة هل أتى تلت وجوههم عبس وتولّى ، وإذا قرأت عليهم آية النجوى حقّت عليهم كلمة العذاب والبلوى.
    مساجدهم بواطن الفجّار ، ومدارسهم معادن الأشرار ، فهم الوجوه الخاشعة العاملة الناصبة ، والطائفة المارقة الزاهقة الكاذبة ، يسندون كلّ منكر


(575)
في العالم إلى ربّهم ، وينسبون كبائر بني آدم إلى خالقهم بزورهم وكذبهم ، ويعتقدون ربّهم جمادات حدود وأقطار ، مدرك في الدنيا والآخرة بحاسّة العيان والابصار ، يشبهون على الهمج الرعاع بأقاويلهم المزخرفة ، ويتستّرون عند النزاع بحجّة التكلفة ، ملّتهم محرفة ، وقلوبهم مغلفة ، وعمائمهم كقباب بيض على كنف ، وقلوبهم من عمص الحقّ سود وغلف.
    يسبّون النبيّ والوصيّ بتكفير أبويهما ، ويسندون العيوب الموصمة بكفرهم إليهما ، وأيّ سبّ أعظم من أن يقال للرجل : يا ابن الكافر ؟ وأيّ خطب أفضع من نسبة سيّد الأوّلين والآخرين إلى أنّه يهجر في المحاضر ، تعاهدوا على خلاف نبيّهم ، وتعاقدوا على إخراج الحقّ عن سيّدهم ووليّهم ، وجحدوا نصّ الغدير ، وضلّلوا الهادي البشير ، ونصبوا أنصاب الشرك بنصب شقيّهم وعتيقهم ، وسوّدوا وجه الاسلام إذ وسموه بزكيّهم وصدّيقهم ، وهو أكذب من أبي تمامة ، وأحقر من قلامة في قمامة ، انتهت إليه الزعامة ، أم حبرت له الامامة ، من أبيه أبي قحافة ، ذي الرذالة والخلافة ؟ الذي كان اسمه في المجد كالنون في حال الاضافة ، تلقّد عارها في الدارين ، وباء بإثمها في الخافقين.
    ثمّ لم يجترئ بكفرها في حياتي حتى احتقب وزرها بعد وفاته ، وأوصى بها إلى ابن صهّاك لعلمه بشدّة عناده ، وعظيم إلحاده ، فقام عدوّ الله ناسجاً على منواله ، متقرّباً في عداوة آل الرسول بأقواله وأفعاله ، وهدّ الجمل وصفّين ، ومن قتل فيهم من المسلمين إلا جدول من بحره ، وشعبة من كفره.
    اللّهمّ إنّا نتقرّب إليك بلعنته في دار الفناء ، راجين بذلك الفوز في دار البقاء ، أبغضناه حبّاً لك ، وعصيناه طاعة لأمرك ، وخالفناه موافقة لكتابك ، وشنأناه رجاء لثوابك ، لمّا قرعت أسماعنا رنّة آيات ( والذينَ ينقضونَ عهدَ


(576)
اللهِ من بعدِ ميثاقهِ ويقطعونَ ما أمرَ اللهُ به أن يوصلَ ويفسدونَ في الأرضِ اولئكَ لهم اللعنةُ ولهم سوءُ الدارِ ) (1) ، ونعقت في أفكارنا نعمة بيّنات ( إنَّ الذينَ يؤذونَ اللهَ ورسولهُ لعنهمُ اللهُ في الدنيا والآخرةِ وأعدّ لهم عذاباً مهيناً ) (2) ، ورسخت في أفهامنا كلمة سيّد أنبيائك ومبلّغ أنبائك : فاطمة بضعة منّي ، من آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله أكبّه الله على منخريه في النار. (3)
    وتجلّت لألبابنا رواية السيّد ابن السادة ، الفائز بدرجتي السعادة والشهادة ، فرع نبيّك ، وسلامة وليّك ، المجاهد في سبيلك ، والداعي إلى الرضا من آل رسولك ، زيد بن إمام المتّقين ، عليّ بن الحسين زين العابدين ، زاد الله شرفاً إلى شرفه ، وأحلّه من جوار جدّه في أعلى غرفه ، وهو ما روى عنه الشيخ العالم العامل ، الوليّ الكامل ، المخصوص بكشف أسرار الكلام المجيد القدسيّ ، شيخنا ووسيلتنا إلى ربّنا أبو علي الطبرسي ، أفاض الله عليه تيجان رحمته ، وحشره في زمرة نبيّه وأئمّته.
1 ـ سورة الرعد : 25.
2 ـ سورة الأحزاب : 57.
3 ـ قاله رسول الله صلّى الله عليه وآله مراراً : انظر : بحار الأنوار : 21 / 279 ، وج 22 / 236 ، وج 23 / 143 ح 97 وص 234 ، وج 27 / 62 و 63 ح 21 ، وج 28 / 38 ح 1 وص 40 وص 303 ح 48 ، وج 36 / 288 ح 110 وص 308 ح 146 ، وج 37 / 66 ـ 68 ح 38 وص 69 وص 85 ، وج 43 / 32 ح 17 وص 24 ح 20 وص 39 ح 40 و 41 وص 54 ح 48 وص 76 ح 63 وص 80 ح 69 وص 91 و 92 ح 16 وص 133 ح 32 وص 171 ح 11 وص 172 ح 13 وص 199 ح 29 وص 202 و 204ح 31 ، وج 49 / 283 ، وج 103 / 239 ح 43 وص 250 ح 40 وج 104 / 38 ح 36 فقد أخرجه بألفاظ مختلفة وعن عدّة مصادر معتبرة.


(577)
    قال : حدّثني الحاكم أبو القاسم الحسكاني القاي (1) ، قال : حدّثنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدّثني أحمد بن [ محمد بن أبي ] (2) دارم الحافظ ، [ قال : حدّثنا علي بن أحمد العجلي ، ] (3) قال : حدّثني عبّاد بن يعقوب. قال : حدّثني أرطاة بن حبيب ، قال : حدّثني أبو خالد الواسطي ـ وهو آخذ بشعره ـ ، قال : حدّثني زيد بن عليّ ـ وهو آخذ بشعره ـ ، قال : حدّثني أبي سعيد العابدين ـ وهو آخذ بشعره ـ ، قال : حدّثني أبي السيد الشهيد أبو عبد الله الحسين ـ وهو آخذ بشعره ـ ، قال : حدّثني أبي أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين ـ وهو آخذ بشعره ـ ، قال : قال لي سيّد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله الصادق الأمين ـ وهو آخذ بشعره ـ : يا علي ، من آذى منك شعرة فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فعليه لعنة الله. (4)
    وقد علمنا يا إلهنا ما اُسدي إلى سليلة نبيّك ، وحليلة وليّك ، من اغتصاب تراثها ، وانتهاب ميراثها ، واغتصاب نحلتها من أبيها ، واستصفاء بلغتها وبلغة بنيها ، قائلاً : آتوني بنار وحطب لأحرق منزلها على من حوى (5) ، ناوياً إطفاء نور الله بناره ولكلّ امرئ ما نوى ، مخالفاً بقوله وفعله سيّد المرسلين ، سالّاً سيف بغيه على أمير المؤمنين وإمام المتّقين ، فظهر لأفكارنا ، ونعق في أسرارنا ،
1 ـ كذا في الأصل ، ولعلّها « قاضي ».
2 و 3 ـ من الجمع.
4 ـ مجمع البيان : 4 / 370.
    وروى مثله في أمالي الطوسي : 2 / 66 ، وعيوون أخبار الرضا عليه السلام : 1 / 250 ح 3 ، وأمالي الصدوق : 271 ح 10 ، عنها البحار : 27 / 206 ح 13.
5 ـ الامامة والسياسة ، 1 / 19 ، عنه البحار : 28 / 354 ح 69.
وأخرجه في البحار : 28 / 231 ح 16 و 17 عن تفسير العيّاشي : 2 / 306 ح 134 وأمالي المفيد : 49 ح 9. وفي ص 307 ح 50 عن إثبات الوصيّة : 112.


(578)
بالأدلّة الساطعة ، والحجج القاطعة ، انّ الجمل وصفّين ، وقتل ذرّيّة خاتم النبيّين ، نتيجة قياسه ، وثمرة غراسه ، إذ هو الذي أعلى الطلقاء القاسطين ، ورفع كعبهم على رقاب المسلمين ، مع علمه بأنّهم الشجرة الملعونة في القرآن ، والطائفة المارقة عن الايمان ، أعني بني اُميّة الضالّين المضلّين ، الزالّين المزلّين ، كفرة الكتاب ، وبقيّة الأحزاب. (1)
1 ـ في « ح » : روي عن الصادق القمّي أنّ جميع الأئمة عليهم السلام خرجوا من الدنيا على الشهادة : قتل عليّ عليه السلام فتكاً. وسمّ الحسن عليه السلام سرّاً ، و [ قتل ] الحسين عليه السلام جهراً ، وسمّ الوليد بن عبد الملك زين العابدين عليه السلام ، وسمّ إبراهيم بن الوليد الباقر عليه السلام ، وسمّ أبو جعفر المنصور الصادق عليه السلام ، وسمّ الرشيد الكاظم عليه السلام ، وسمّ المأمون الملعون الرضا عليه السلام ، وسمّ المعتصم محمد الجواد عليه السلام ، وسمّ المعتزّ عليّ بن محمد عليه السلام ، وسمّ المعتمد الحسن بن علي عليه السلام ، وأمّا القائم عجّل الله فرجه فروي أنّه هرب خوفاً من المتوكّل عليه اللعنة لأنّه أراد قتله ، ويأبى الله إلا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون ، وكان أوّل من استفتح بالظلم من أخّر عليّاً عن الخلافة ، وغصب فاطمة ميراث أبيها ، وقتل المحسن في بطن اُمّه ، ووجاء عنق سلمان ، وقتل سعد بن عبادة ، ومالك بن نويرة ، وداس بطن عمّار بن ياسر ، وكسر أضلاع عبد الله بن مسعود بالمدينة ، ونفى أبا ذرّ إلى الربذة ، وأشخص عمّار بن قيس ، وغرب الأشتر النخعي ، وأخرج عديّ بن حاتم الطائي ، وسيّر عميراً بن زرارة إلى الشام ، ونفى كميل بن زياد إلى العراق ، وخاض في دم محمد بن أبي بكر ، ونكب كعب بن جبل جارية بن قدامة ، وعذّب عثمان ين حنيف ، وعمل ما عمل بحباب بن زهير وشريح بن هانئ ، ونحو هؤلاء ممّن مضى قتيلاً وعاش في غصّة ذليلاّ ، نقل من كتاب الفخري النجفي رحمه الله.
فانظروا ـ يا إخواني ـ إلى فعل أوائلهم ، واقتفاء أرجاس بني اُميّة آثارهم ، يقتلون من قاربهم ، ويعذّبون من ظاهرهم ، كقتل معاوية عمّار بن ياسر وزيد بن صوحان وصعصعة بن صوحان وحنيف بن ثابت واويس القرني ومالك الأشتر ومحمد بن أبي بكر وهاشم المرقال وعبد الرحمان بن حسّان وغيرهم ، وتسليط زياد بن سميّة على قتل الاُلوف من الشيعة بالكوفة ، وهو الذي دسّ في قتل الحسن بن علي عليهما السلام إلى جعدة بنت أشعث بن قيس ، وتبعه ابنه يزيد على ذلك الظلم حتى قتل الحسين بن علي عليهما السلام في نيّف وسبعين رجلاً ؛ منهم تسعة من بني عقيل ، وثلاثة من بني جعفر الطيّار ، وتسعة من بني عليّ عليه السلام ، وأربعة من بني الحسن عليه السلام ، وستّة من بني الحسين عليه السلام ، والباقي من أصحابه ، وقتل زيد بن عليّ بن الحسين على يد


(579)
    اللّهمّ العنه بما أعلى من قدرهم ، ورفع من ذكرهم ، وسدّ من خلّتهم ، وكر من قلبهم.
    اللّهمّ العنه بعدد كلّ نفاق أخفاه ، وشقاق أبداه ، وحقّ اغتصبه ، وظلم نصبه ، وعهد نقضه ، وإمام رفضه.
    اللّهمّ العنه بعدد كلّ رطب ويابس ، ولين وجامس ، وبرّ وفاجر ، وعاجز وقادر.
    اللهم العنه بعدد كل مكيل وموزون ، ومتروك ومخزون ، ومعدود ومحسوب ، ومرقوم ومكتوب.
    اللّهمّ العنه بعدد ما أنبتت الأرض منذ خلقت ، وأحيت المساء منذ فتقت ، والعن أبويه وعترته ، وابنيه وابنته ، وأنصاره وشيعته.
    الله مأذقه أليم عذابك ، ووخيم عقابك ، واجعله في أسفل درك من الدرك الأسفل ، وأخفض منزل في العذاب الأطول ، يشرف عليه إبليس فيلعنه ، وتطلع عليه عبدة الأوثان فتوبّخه ، شرابه حميم ، وعذابه مقيم ، وطعامه زقّوم ، وكتابه في سجّين مرقوم ، ومقرّه في تابوت من حديد ، وعذابه في كلّ آن جديد ، قد وضعت سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً في فيه ، واُخرجت من دبره ، ووضعت أغلال من قدميه إلى حقويه زيادة في ضلاله وسعره ، يتأذّى أهل
نصر بن خزيمة الأسدي ، وصلبه يوسف بن عمر بالكناسة في الكوفة عرياناً فكسي من بطنه جلدة سترت عورته وبقي مصلوباً أربع سنوات ، وكان لا يقدر أحد يندب عليه ، وألقوا امرأة زيد على المزبلة بعدما دقّت بالضرب حتى ماتت ، وعبيد الله بن زياد لعنه الله يصلب الشيعة على جذوع النخل ، ويقتّلهم ألوان القتل ، وهو الذي خرّب سناباد لمّا رجم أهلها من كان مع رأس الحسين فبقيت خراباً إلى الآن. « الفخري » [ انظر منتخب الطريحي : 3 ـ 5 ].

(580)
النيران من رائحة قصبه ، وينفر عبدة الأوثان من مشامته وقربه.
    اللّهمّ اجعله في سفال الفيلوق مديداً غمّه ، طويلاً همّه ، وافراً حزنه ، والعن من لا يلعنه.
    اللّهمّ العنه لعناً وبيلاً ، وعذّبه عذاباً جزيلاً ، فإنّك أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً ، والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين. (1)
تم المجلّد الأوّل ولله الحمد ، ويليه المجلّد الثاني بإذنه تعالى.

1 ـ في الأصل : تمّ المجلس الثالث يوم الجمعة ثالث ... بعد طلوع الأسد بخمسة أيّام.
تسلية المُجالس وزينة المَجالس الجزء الأول ::: فهرس