أقول :
فلماذا يفضح « الدكتور » نفسه ؟ ! ليقال عنه : إنّه إمّا جاهل واما متجاهل ؟ !
وتعرّض « الدكتور » للحديث في المستدرك ، فقال :
« وفي المستدرك ، روى الحاكم هذا الحديث بما يفيد سماع الأعمش من
حبيب ، وهذا يحتاج إلى مراجعة الاسناد الذي ذكره ، وما أكثر رجاله ، غير أنّا لسنا
مضطرّين الى بذل هذا الجهد ، فإنْ ثبت سماع الأعمش بقي أكثر من موطن ضعف .
والحاكم ذكر الحديث بروايتين احداهما في اسنادها الامام أحمد بن حنبل .
وسيأتي أنّه هو نفسه ضعّف الحديث كما ذكر ابن تيمية . والأخرى بيّن الذهبي
وهي إسنادها » .
أقول :
أولاً : ذكر « الدكتور » في هذا الموضع في الهامش مترجماً الحاكم ما هذا
نصه :
« هو أبو عبدالله محمد بن عبدالله الضبي النيسابوري . ولد سنة 321 هـ . قال
عنه ابن حجر في لسان الميزان : إمام صدوق ولكنّه يصحّح في مستدركه أحاديث
ساقطة فيكثر من ذلك . فما أدري هل خفيت عليه ؟ فما هو ممن يجهل ذلك ، وانْ
علم فهو خيانة عظيمة .
ثم هو شيعي مشهور بذلك من غير تعرّض للشيخين . والحاكم أجلّ قدراً
وأعظم خطراً وأكبر ذكراً من أنْ يذكر في الضعفاء . لكنْ قيل في الاعتذار عنه أنّه
( 104 )
عند تصنيفه للمستدرك كان في أواخر عمره . وذكر بعضهم أنه حصل له تغيّر في
غفلة في آخر عمره . ويدل على ذلك : أنه ذكر جماعة في كتاب الضعفاء له ، وقطع
بترك الرواية عنهم ، ومنع من الاحتجاج بهم . ثم أخرج أحاديث بعضهم في
مستدركه وصحّحها » .
وقال « الدكتور » في هامش الصفحة ـ 26 ـ : « راجع ما ذكرناه من قبل عن
الحاكم ومستدركه ، وعن روايتيه لهذا الحديث » .
وخلاصة كلامه بترجمة الحاكم هو الطعن فيه وفي كتابه ، لكن الملاحظ :
1 ـ إنّه في الصفحة ـ 11 ـ نقل عن ( فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ) رواية
عن أبي هريرة ... وكتم المصدر الذي نقل عنه الرواية في فيض القدير ، وقد ذكرنا
سابقاً أنّه مستدرك الحاكم ، ونظرنا في سنده على ضوء كلمات علماء الجرح
والتعديل ...
فإذا كان حال الحاكم وكتابه كما ذكر عن ابن حجر واعتمده فلماذا احتّج
بحديثه هناك مع محاولة التكتّم على اسمه ؟
2 ـ إنّه حرّف كلام الحافظ ابن حجر ! وقد نقلناها سابقاً كاملةً ! لقد جاءت
عبارة « الدكتور » : « ثم هو شيعي مشهور بذلك من غير تعرّض للشيخين ، والحاكم
أجل ...» إلا أنّ بين كلمة « الشيخين » وكلمة « والحاكم » يوجد مايلي :
« وقد قال أبو طاهر : سألت إسماعيل بن عبدالله الأنصاري عن الحاكم أبي
عبدالله . فقال إمام في الحديث رافضي خبيث .
قلت : إن الله يحبّ الانصاف ! ما الرجل رافضي ، بل شيعي فقط . ومن
شقاشقه قوله ...
فأما صدقه في نفسه ومعرفته بهذا الشأن فأمر مجمع عليه . مات سنة 405 » .
( 105 )
هذا ، والسّبب في الطعن في الحاكم وكتابه والاقتصار على ما جاء في لسان
الميزان ـ مع التحريف لكلام ابن حجر ـ هو إسقاط حديث الثقلين المخرّج في
المستدرك عن الاحتجاج كما لا يخفى .
3 ـ لكن الاحتجاج برواية الحاكم صحيح ، لأنّهم قدّموا كتاب ( المستدرك )
حتى على مثل ( الموطّأ ) كما عرفت سابقاً ، وأثنوا على الحاكم نفسه من حيث
الصدق والمعرفة بالحديث بما لا مزيد عليه :
قال ابن خلكان : « إمام أهل الحديث في عصره ، والمؤلّف فيه الكتب التي
لم يسبق إلى مثلها . كان عالماً عارفاً واسع العلم »
(1) .
وقال الذهبي : « الحاكم الحافظ الكبير إمام المحدثين ... »
(2) .
وقال : « برع في معرفة الحديث وفنونه ، وصنّف التصانيف الكثيرة ، وانتهت
إليه رئاسة الفن بخراسان ، لا بل في الدنيا ، وكان فيه تشيع وحط على معاوية ، وهو
ثقة حجة »
(3) .
وقال السّيوطي : « الحاكم الحافظ الكبير إمام المحدثين . وكان إمام عصره في
الحديث ، العارف به حق معرفته ، صالحاً ثقة ، يميل الى التشيع » ثم ذكر الثناء عليه
عن غير واحد
(4) .
وقال ابن قاضي شهبة : « قال الخطيب البغدادي : كان ثقة ، وكان يميل الى
التشيع . قال الذهبي : هو معظّم للشيخين بيقين ولذي النورين ، وإنما تكلّم في
معاوية فأوذي »
(5) .
____________
(1) وفيات الأعيان 3| .
(2) تذكرة الحفاظ 3|1039 .
(3) العبر في خبر من غبر 2|210 .
(4) طبقات الحفّاظ : 410 .
(5) طبقات الشافعية 1|198 .
( 106 )
وقال ابن الجزري : « وكان إماماً ثقةً صدوقاً »
(1) .
ومن مصادر ترجمته أيضاً : الوافي بالوفيات 3|320 ، طبقات الشافعية
للسبكي 4|155 ، النجوم الزاهرة 4|238 ، مرآة الجنان 3|14 ، المختصر في أخبار
البشر 2|144 ، شذرات الذهب 3|176 ، الجواهر المضية 2|65 ، المنتظم 7|274 ،
تاريخ ابن كثير 11|355 ... وغيرها .
ثانياً : ماذا يعني من قوله : « والحاكم ذكر الحديث بروايتين ... » ؟ في هذا
الموضع خيانة عظيمة أو جهل مفرط . وبيان ذلك أنّه :
إنْ أراد رواية الأعمش عن حبيب عن زيد ، فليس إلا رواية واحدة .
وإن أراد ذكر الحاكم الحديث مطلقاً ، فليس بروايتين بل بأربعة روايات :
إحداها : ما أخرجه عن أبي عوانة عن الأعمش عن حبيب عن زيد
(2) .
والثانية : ما أخرجه عن حسان بن ابراهيم الكرماني عن محمد بن سلمة بن
كهيل عن أبيه عن أبي الطفيل عن زيد
(3) .
والثالثة : ما أخرجه عن أبي نعيم عن كامل أبو العلاء عن حبيب عن يحيى بن
جعدة عن زيد
(4) .
والرابعة : ما أخرجه بقوله : « حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن مصلح
الفقيه بالري ، ثنا محمد بن أيوب ، ثنا يحيى بن المغيرة السعدي ، ثنا جرير بن
عبد الحميد ، عن الحسن بن عبد الله النخعي ، عن مسلم بن صبيح ، عن زيد بن
أرقم ـ رضي الله عنه ـ قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : إني تارك فيكم
الثقلين كتاب الله وأهل بيتي ، وانهما لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض .
____________
(1) طبقات القراء 1|185 .
(2) المستدرك 3|109 .
(3) المستدرك 3|110 .
(4) المستدرك 3|533 .
( 107 )
هذا حديث صحيح الاسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه »
(1) .
ووافقه الذهبي على التصحيح ووضع علامة الشيخين في آخر الحديث في
تلخيصه .
فالثالثة والرابعة كتمهما « الدكتور » أو جَهِلَ بهما ؟ ! .
وثالثاً : يقول « الدكتور » وهو يقصد مناقشة سند ما أخرجه الحاكم بعد أن
قال بأنه ذكر روايتين :
« إحداهما : في إسنادها الامام أحمد بن حنبل . وسيأتي أنّه هو نفسه
ضعّف الحديث كما ذكر ابن تيمية. والأخرى بيّن الذهبي وهي إسنادها » .
أقول :
هنا أيضا خيانة أو جهل !!
أما اولاً :
فلأنّ إحداهما ـ وهو الذي عن الاعمش عن حبيب عن زيد ـ قد أخرجه الحاكم
بثلاثة طرق .
وأمّا ثانياً :
فلأن أحمد بن حنبل في إسناد طريق واحدٍ من الطرق الثلاثة دون الطريقين
الآخرين ! !
____________
(1) المستدرك 3|148 .
( 108 )
وإنْ كنت في ريبٍ فهذه عبارة الحاكم :
« حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي ببغداد ، ثنا أبو قلابة
عبد الملك بن محمد الرقاشي ، ثنا يحيى بن حماد .
وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بالويه وأبو بكر أحمد بن جعفر البزار ،
قالا : ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا يحيى بن حماد .
وثنا أحمد بن سهل الفقيه ببخارى ، ثنا صالح بن محمد الحافظ البغدادي ،
ثنا خلف بن سالم المخرمي ، ثنا يحيى بن حماد .
ثنا أبو عوانة عن سليمان الأعمش قال : ثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي
الطفيل عن زيد بن أرقم ـ رضي الله عنه ـ قال : لمّا رجع رسول الله صلّى الله عليه وآله
وسلّم من حجّة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحاتٍ فقممن فقال : كأني قد دعيت
فأجبت ، إنّي قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله تعالى
وعترتي . فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ! الحوض .
ثم قال : ان الله عزّ وجل مولاي وأنا مولى كلّ مؤمنٍ . ثم أخذ بيد علي ـ رضي الله
عنه ـ فقال : من كنت مولاه فهذا وليّه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . وذكر
الحديث بطوله . هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله » .
ووافقه الحافظ الذهبي في تلخيصه على تصحيحه
(1) .
وأمّا ثالثاً :
فلأنّ ! أحمد بن حنبل لم يضعّف الحديث !
يقول « الدكتور » : وسيأتي أنّه هو نفسه ضعّف الحديث كما ذكر ابن يتميّة »
____________
(1) المستدرك 3|109 .
( 109 )
مشيراً إلى قوله في الصفحة ـ 25 ـ نقلاً عن منهاج السنة 4|105 .
« وشيخ الإسلام ابن تيميّة رفض هذا الحديث وقال : وقد سئل عنه أحمد
ابن حنبل فضعّفه ، وضعّفه غير واحدٍ من أهل العلم وقالوا : لا يصح » .
لكنّا قد ذكرنا كلام ابن تيميّة في فصل ( حديث الثقلين والمحاولات
السقيمة ) وتكلّمنا عليه .
وأمّا رابعاً :
فلأنّ أحمد ـ لو كان منه تضعيف ـ فقد ضعّف جملة : « وإنهما لن يفترقا حتى
يردا عليَّ الحوض » هذه الجملة التي وردت في رواية الترمذي . فأحمد ليس
مضعّفاً للحديث ، كما أن ابن تيمية أيضاً ليس برافض للحديث ... وقد أوردنا سابقاً
كلام ابن تيمية وما نسبه إلى أحمد ، وتكلّمنا عليه هناك ، فراجع .
وأمّا خامساً :
فلأنَّ الذّهبي ـ الذي اعتمد عليه « الدكتور » في غير موضع ، وفي مناقشته
الرواية الثانية وستعلم ما فيها من النظر ـ وافق الحاكم في تصحيح هذه الرواية على
شرط الشيخين ... ولو كان هناك من أحمد أو غيره من الأئمة كلام في إسناد هذه
الرواية لأشار إليه ، كما فعل بالنسبة إلى الرواية الثانية .
وأمّا سادساً :
فلأنّ الذهبي أخرج الرواية الثانية بقوله : « حسّان بن إبراهيم الكرماني ، ثنا
محمد بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه عن الطفيل عامر بن واثلة أنّه سمع زيد بن
أرقم ... » فلم يقل إلاّ : « لم يخرجا لمحمد وقد وهّاه السّعدي » .
فالذهبي لم يطعن في رجال الإسناد وإنّما قال بعد رواية الحديث : « قلت :
لم يخرجا لمحمّد ، وقد وهّاه السعدي » وهذا غير صريح في أنه يطعن في « محمد
( 110 )
ابن سلمة » ومن المستبعد أن يقلّد الذهبي السّعديّ الجوزجاني وقد أورده في
( ميزان الاعتدال ) فقال : نقلاً عن ابن عدي : « كان شديد الميل إلى مذهب أهل
دمشق في التحامل على علي رضي الله عنه »
(1) .
وقال ابن حجر : « وممن ينبغي أنْ يتوقّف في قبول قوله في الجرح : من كان
بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في إعتقاد ، فإن الحاذق إذا تأمّل
ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب ، وذلك الشدّة انحرافه في
النصف وشهرة أهلها بالتشيّع ... »
(2) .
وقد تقدّم كلام ابن حجر في مقدمة فتح الباري حول الرجل . وانّ شئت
المزيد فراجع ترجمته
(3) .
وأمّا سابعاً :
فلأنّ الرواية الثالثة ـ التي أخفاها « الدكتور » أو جهل بها ـ قال الحاكم : « هذا
حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه » ووافقه الذهبي بصراحةٍ ... وقد تقدم نصّها
سابقاً .
والرواية الرابعة ـ التي أخفاها « الدكتور » أو جهل بها كذلك ـ صحيحة
عندهما ، وقد تقدم نصّها قريباً .
« 3 ـ القاسم بن حسان العامري الكوفي ، روى الروايتين الخامسة والسادسة
____________
(1) ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1|76 .
(2) لسان الميزان 1|16 .
(3) تهذيب التهذيب 1|158 .
( 111 )
من المسند عن زيد بن ثابت . ورجّح المرحوم الشيخ أحمد شاكر توثيقه وقال :
« وثقه أحمد بن صالح وذكره ابن حبان في ثقات التابعين . وذكر البخاري في الكبير
اسمه فقط . ولم يذكر عنه شيئاً ، وترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل فلم
يذكر فيه جرحاً . ثم نقل عن المنذري أن البخاري قال : القاسم بن حسان ، سمع من
زيد ، بن ثابت . وعن عمّه عبد الرحمن بن حرملة ، وروى عن الركين بن الربيع ، لم
يصح حديثه في الكوفيين . ثم عقّب شاكر على هذا بقوله : والذي نقله المنذري في
شأن القاسم بن حسان لا أدري من أين جاء به ... » .
قال « الدكتور » بعد نقل كلام الشيخ المذكور الذي نصّ على خطأ المنذري
في نسبه الطعن إلى البخاري : « وفي توثيق القاسم بن حسان نظر ، فابن حبّان ذكره
أيضاً في أتباع التابعين ومقتضاه أنه لم يسمع من زيد بن ثابت . وقال ابن القطان
لا يعرف حاله » وقال في الهامش : انظر ترجمته في تهذيب التهذيب .
ثم حاول الدّفاع عن المنذري مدّعياً أنّ للبخاري كتاباً كبيراً في الضعفاء يقع
في تسعة أجزاء ، وهو مخطوط ، ولا توجد منه نسخ في مصر ، فلِمَ لا يكون
المنذري نقل منه ؟
ونقول :
لقد نظرنا إلى ترجمة القاسم في تهذيب التهذيب كما أمر « الدكتور »
فوجدناها كما يلي :
« د س ـ أبي داود والنسائي : القاسم بن حسان العامري الكوفي :
روى عن : أبيه ، وعمه عبد الرحمن بن حرملة ، وزيد بن ثابت ، وفلفلة
الجعفي .
وعنه : الركين بن الربيع ، والوليد بن قيس السكوني والد أبي بدر .
( 112 )
ذكره ابن حبّان في الثقات .
قلت : في أتباع التابعين ، ومقتضاه أنه لم يسمع من زيد بن ثابت . ثم وجدته
قد ذكره في التابعين أيضاً .
وقال ابن شاهين في الثقات : قال أحمد بن صالح : ثقة .
وقال ابن القطاّن : لا يعرف حاله » .
وهذا آخر ترجمته في تهذيب التهذيب
(1) . وخلاصتها أنّه ثقة عند : ابن
حبان ، وأحمد بن صالح ، وابن شاهين ... فأين الجرح ؟ ومن الجارح ؟
ان قول ابن القطاّن : « لا يعرف حاله » ليس بجرحٍ ولا يعارض توثيق ابن حبان
وأحمد بن صالح ، وابن شاهين ، لأنه جاهل بحال الرجل وأولئك عارفون !
وصريح عبارة ابن حجر : أن ابن حبان ذكره في الثقات في أتباع التابعين
ومقتضاه أنّه لم يسمع عن زيد بن ثابت ، قال : ثم وجدته قد ذكره في التابعيين أيضاً .
أي : فمقتضاه أنّه سمع من زيد بن ثابت ومن التابعين ...
ولا يخفى نقل « الدكتور » كلام ابن حجر بعبارةٍ موهمة ! !
وإذْ رأيت أن لا جارح للرّجل ، والبخاري ـ كما ذكر الشيخ شاكر ـ لم يذكر عنه
شيئاً في تاريخه الكبير ، ولم يترجمه في الصغير ، ولم يذكره في الضعفاء ، وأيضاً :
لم ينقل عنه أحد شيئاً في الرّجل ، إلاّ المنذري ، فيقول شاكر : « وهم فأخطأ »
ويقول « الدكتور » : لِمَ لا يكون المنذري نقل من كتاب مخطوطٍ للبخاري ؟ لكنّ هذا
الكتاب لم يره لا هو ، ولا الشيخ شاكر ، ولا ابن حجر العسقلاني ، ولا غيرهم ،
ولا توجد منه نسخة في مصر ، ولم يطّلع عليه المحققون عن الكتب التراثية ،
ولا أصحاب دور النشر المحيون لآثار القدماء ... ؟ ! !
____________
(1) تهذيب التهذيب 8|279 .
( 113 )
وناقش « الدكتور » سند الرواية الأولى من روايتي الترمذي بأنّ « في سندها :
زيد بن الحسن الأنماطي الكوفي . الذي روى عن الإمام الصادق عن أبيه عن جابر
ابن عبدالله .
قال أبو حاتم عن زيد هذا : كوفي ، قدم بغداد ، منكر الحديث . وذكره ابن
حبان في الثقات . انظر ترجمته في تهذيب التهذيب وميزان الاعتدال .
وخطبة الرسول صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في خطبة الوداع رواها مسلم
بسند صحيح عن الإمام الصادق عن أبيه عن جابر ، وليس فيها ( وعترتي أهل
بيتي ) راجع صحيح مسلم ـ كتاب الحج ـ باب حجة النبي صلّى الله عليه [ وآله ]
وسلّم .
وهذه الخطبة رويت عن جابر بطرقٍ متعددة في مختلف كتب السنة وليس
فيها جميعاً ذكر لهذه الزيادة » .
نقول :
سواء رويت هذه الخطبة كما ذكر « الدكتور » أو ، لا
(1) ، فإنّ العمدة أنْ تكون
رواية الترمذي هذه المشتملة على « وعترتي أهل بيتي » معتبرةً سنداً ، فإنّها حينئذٍ
يحتج بها ويستند إليها ، بل تكون قرينةً لكلّ روايةٍ معتبرةٍ ـ بالفرض ـ خاليةٍ عن هذه
الجملة المباركة ...
لكن ( زيد بن الحسن ) روى حديث الثقلين برواياتٍ ثلاث :
الأولى : عن جعفر بن محمد عن أبيه ـ عليهما السلام ـ عن جابر قال : رأيت
____________
(1) لا حظ فصل : حديث الثقلين والمحاولات السقيمة .
( 114 )
رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في حجته يوم عرفة ـ وهو على ناقته القصوى ـ
فخطب فسمعته وهو يقول : أيها الناس قد تركت فيكم ما إنْ أخذتم به لن تضلّوا
كتاب الله وعترتي أهل بيتي .
أخرجه الترمذي . وأخرجه الحافظ الطبراني عن مطين عن نصر بن
عبد الرحمن عنه
(1) .
الثانية : عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد
الغفاري : ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : « أيها الناس إنّي فرط لكم ،
وإنكم واردون عليَّ الحوض ، حوض أعرض ما بين صنعاء وبصرى ، فيه عدد
النجوم قدحان من فضة ، وإني سائلكم حين تردون عليَّ عن الثقلين ، فانظروا كيف
تخلفوني فيهما : السبب الأكبر كتاب الله عزّ وجل ، سبب طرفه بيد الله وطرفه
بأيديكم ، فاستمسكوا به ولا تضلّوا ولا تبدّلوا ، وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبأني
اللطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا عليَّ الحوض » .
أخرجه الحافظ أبو العباس الحسن بن سفيان النسوي صاحب المسند الكبير
المتوفي سنة 303 عن نصر بن عبد الرحمن عنه .
وأخرجه الحافظ أبو نعيم الاصفهاني في ترجمة حذيفة بن أسيد عن شيخه
محمد بن أحمد بن حمدان عن الحسن بن سفيان .
وأخرجه الحافظ الطبراني بطريقين :
عن محمد بن الفضل السقطي عن سعيد بن سليمان عن زيد بن الحسن
الأنماطي . وعن مطين وزكريا بن يحيى الساجي عن نصر بن عبد الرحمن عنه .
وأورده الحافظ الهيثمي في مناقب أهل البيت عن الحافظ الطبراني وقال :
____________
(1) صحيح الترمذي 5|621 .
( 115 )
« وفيه : زيد بن الحسن الأنماطي . وثّقة ابن حبّان . وبقيّة رجال أحد الاسنادين
ثقات » .
الثالثة : روى زيد بن الحسن حديث الثقلين عن معروف بن خربوذ عن أبي
الطفيل عن حذيفة بن أسيد قال : لمّا صدر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من
حجة الوداع نهى أصحابه عن شجراتٍ بالبطحاء متقاربات أنْ ينزلوا تحتهنَّ ، ثم
بعث إليهنَّ فقمَّ ما تحتهنَّ من الشوك ، وعمد إليهنَّ فصلى تحتهنَّ ثم قال فقال :
أيها الناس ، إني قد نبّأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي
يليه من قبله ، وإني لأظنّ أني موشك أنْ أدعى فأجيب ، وإني مسؤول وإنّكم
مسؤولون فماذا أنتم قائلون ؟
قالوا : نشهد أنك قد بلَّغت وجهدت ونصحت ، فجزاك الله خيراً .
فقال : أليس تشهدون أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن جنّته
حق وناره حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور ؟
قالوا : بلى نشهد بذلك .
قال : اللهم اشهد . ثم قال :
أيها الناس ، إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم ،
فمن كنت مولاه فهذا مولاه ـ يعني علياً رضي الله عنه ـ اللهم وال من والاه وعاد من
عاداه .
ثم قال : يا أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون عليّ الحوض ، حوض
أعرض ما بين بصرى وصنعاء ، فيه عدد النجوم قدحان من فضة ، وإني سائلكم
حين تردون عليَّ عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، الثقل الأكبر كتاب الله
عزّوجل ، سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم ، فاستمسكوا به لا تضلّوا ولا تبدّلوا .
( 116 )
وعترتي أهل بيتي ، فإنه قد نبّأني اللطيف أنهما لن ينقضيا حتى يردا عليَّ
الحوض » .
أخرجه الحافظ الطبراني بطريقين فقال :
« حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ( هو مطين ) وزكريا بن يحيى الساجي
قالا : نا نصر بن عبد الرحمن الوشاء .
وحدثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري ، نا سعيد بن سليمان
الواسطي قالا :
نا زيد بن الحسن الأنماطي ، نا معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل ، عن
حذيفة بن أسيد الغفاري »
(1) .
وأورده عن الطبراني كلِّ من :
الحافظ أبو بكر الهيثمي
(2) .
والحافظ ابن حجر المكي
(3).
والحلبي صاحب السيرة النبوية
(4) .
وأخرج هذا الحديث الحافظ ابن عساكر ، قال :
« أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن المزرفي ، أنبأنا أبو الحسين ابن
المهتدي ، أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن ( هو الدارقطني )
أنبأنا العباس بن أحمد البرتي ، أنبأنا نصر بن عبد الرحمن أبو سليمان الوشاء ، أنبأنا
زيد بن الحسن الأنماطي ... »
(5) .
____________
(1) المعجم الكبير 3| رقم 3052 .
(2) مجمع الزوائد 9|165 .
(3) الصواعق المحرقة : 25 .
(4) انسان العيون 3|301 .
(5) تاريخ دمشق . ترجمة أمير المؤمنين 1|45 .
( 117 )
وأورده الحافظ ابن كثير عن الحافظ ابن عساكر
(1) .
فوائد ذكر روايات زيد بن الحسن :
وإنّما ذكرنا روايات زيد بن الحسن هذه لفوائد :
1 ـ ليعلم أنّ روايته ليست منحصرةً بما جاء في الترمذي .
2 ـ ليعلم أنّ الترمذي غير منفرد بالذي أخرجه عنه ، فقد أخرجه الحافظ
الطبراني عن الحافظ مطين عن نصر بن عبد الرحمن عن زيد بن الحسن ...
3 ـ ليعرف الرواة والمخرجون لرواياته من رجال الحديث وكبار الحفاظ .
4 ـ ليعلم رواية حذيفة بن أسيد من روايات الصحابة الذين ذكرهم الترمذي
بقوله : « وفي الباب عن : أبي ذر ، وأبي سعيد ، وزيد بن أرقم ، وحذيفة بن أسيد »
(2) .
5 ـ وليعلم رواية « سعيد بن سليمان وغير واحد من أهل العلم » الذين قال
الترمذي : « وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحدٍ من أهل
العلم »
(3) .
فهذا شأن زيد بن الحسن بين الرّواة والحفّاظ المحدثين ...
ولم يتكلّم « الدكتور » في سند رواية الترمذي عن زيد بن الحسن إلا في ( زيد
بن الحسن ) نفسه . ولم يقل إلا « قال أبو حاتم عن زيد هذا : كوفي قدم بغداد منكر
الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات » ثم أمر بالنظر بترجمته من تهذيب التهذيب
____________
(1) البداية والنهاية 7|9 .
(2) هذه الجملة لم يذكرها « الدكتور » ! !
(3) وهذه الجملة لم يذكرها « الدكتور » .
( 118 )
وميزان الاعتدال .
فنقول :
قد راجعنا ترجمته في تهذيب التهذيب فوجدناها كما يلي :
« ت ـ الترمذي . زيد بن الحسن القرشي أبو الحسن الكوفي ، صاحب
الأنماط . روى عن : جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، ومعروف بن خربوذ ،
وعلي بن المبارك الهنائي .
وعنه : إسحاق بن راهويه ، وسعيد بن سليمان الواسطي ، وعلي بن
المديني ، ونصر بن عبد الرحمن الوشاء ، ونصر بن مزاحم .
قال أبو حاتم : كوفي قدم بغداد منكر الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات .
روى له الترمذي حديثاً واحداً في الحج »
(1) .
فقد ذكر ابن حجر أسماء جماعةٍ من الأئمة رووا عن زيد بن الحسن ـ وهو ما
نصَّ عليه الترمذي من قبل ـ وأن ابن حبان ذكره في الثقات .
ويبقى قول أبي حاتم : « منكر الحديث » وهو غير مسموع :
أمّا أولاً : فلأنّه لو كان منكر الحديث لما أخرج عنه هؤلاء الأئمة : كابن
راهويه ، وابن المديني ، وسعيد بن سليمان ، والترمذي ...
وأمّا ثانياً : فلأنّ « أبا حاتم » متعنّت في الرّجال ، ولا يبنى على تجريحه كما
نصَّ عليه الحافظ الذهبي بترجمته حيث قال :
« إذا وثّق أبو حاتم رجلاً فتمسك بقوله ، فإنّه لا يوثّق إلا رجلاً صحيح
الحديث ، وإذا ليّن رجلاً أو قال فيه : لا يحتج به . فلا . توقّف حتى ترى ما قال غيره
____________
(1) تهذيب التهذيب 3|350 .
( 119 )
فيه . وإنْ وثقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم ، فإنه متعنّت في الرجال ، قد قال
في طائفةٍ من رجال الصحاح : ليس بحجة ، ليس بقوي ، أو نحو ذلك »
(1) .
وقال الذهبي بترجمة أبي زرعة الرازي : « يعجبني كثيراً كلام أبي زرعة في
الجرح والتعديل ، يبين عليه الورع والخبرة . بخلاف رفيقه أبي حاتم فإنه
جرّاح »
(2) .
فقد تحقق أنّ حديث الثقلين من الأحاديث الثابت صدورها عن رسول الله
صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وقد نصَّ على صحته وثقة رواته كبار الأئمة والحفّاظ
المعتمدين عند القوم .
ولهذا تراهم ينبّهون على وهم الحافظ ابن الجوزي بذكره الحديث في كتابه
( العلل المتناهية ) قال ابن حجر المكي : « وذكر ابن الجوزي لذلك في ( العلل
المتناهية ) وهم أو غفلة عن استحضار بقيّة طرقه ، بل في صحيح مسلم عن زيد بن
أرقم أنّه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال ذلك يوم غدير خم » !
(3) .
وأيضاً : يحذّرون من أن يغتر أحد بصنيعه فيقول الحافظ السّمهودي : « ومن
العجيب ذكر ابن الجوزي له في ( العلل المتناهية ) ! فإيّاك أنْ تغترَّ به ، وكأنّه لم
يستحضره حينئذٍ » !
(4) .
ومن هنا يظهر : أنّ ما فعله ابن الجوزي لا قيمة له ولا يعبأ به ، وأن مقتضى
____________
(1) سير أعلام النبلاء « ترجمة أبي حاتم » 13|247 .
(2) سير أعلام النبلاء « ترجمة أبي زرعه » 13|65 .
(3) الصواعق المحرقة : 90 .
(4) جواهر العقدين ـ مخطوط ـ وعندنا منه نسخة مصورة .
( 120 )
حسن الظنّ به أنْ يقال : لم يستحضره !
وقد يقوى حمله على الصّحة بما إذا علمنا أنّه نفسه يروي هذا الحديث
الشّريف في كتابه في الروايات ( المسلسلات )
(1) حيث جاء فيه :
« الحديث الخامس : أنا محمد بن ناصر قال : أنا محمد بن علي بن ميمون ،
قال : أنا أبو عبدالله محمد بن علي العلوي قال : ثنا القاضي محمد بن عبدالله
الجعفي قال : ثنا الحسين بن محمد القراري قال : ثنا الحسن بن علي بن بزيع قال :
ثنا يحيى بن حسن بن فرات قال : ثنا أبو عبد الرحمن المسعودي عن الحارث بن
حصيرة عن صخر بن الحكم عن حبان بن الحارث الأزدي عن الربيع بن جميل
الضبي عن مالك بن ضمرة :
عن أبي بكر : ان رسول الله قال : يرد عليَّ الحوض راية علي أمير المؤمنين
وإمام الغر المحجلين ، وأقدم وآخذ بيده في بياض وجهه ووجوه أصحابه فأقول :
ما خلفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون : تبعنا الأكبر وصدّقناه ، ووازرنا الأصغر
ونصرناه وقاتلنا معه . فأقول : ردوا رواءً . فيشربون شربةً لا يضمأون بعدها أبداً ، وجه
إمامهم كالشمس الطالعة ، ووجوههم كالقمر ليلة البدر أو كأضوأ نجمٍ في السماء » .
هذا ، وسنتعرّض عن قريب لبعض كلمات العلماء الصرّيحة في عدم
الاعتداد بآراء ابن الجوزي في الأحاديث والرجال ...
والواقع :
إنّ ابن الجوزي ذكر حديث الثقلين بسندٍ له عن عطيّة عن أبي سعيد في كتابه
الذي ألّفه في الأحاديث الضعيفة بزعمه وأسماه بـ ( العلل المتناهية في الأحاديث
____________
(1) نسخة دار الكتب الظاهرية ، وهي نسخة قديمة رقم : 37 ق ـ 6 ـ 27 . أنظر فهرس مخطوطات دار الكتب
الظاهرية ( فهرس حديث ص 40 ) وهذا الحديث في الورقة 8 أ ـ ب .
( 121 )
الواهية ) ... فقال : « هذا حديث لا يصح » ثم جعل يطعن في السّند
(1) .
فمعنى قوله : « لا يصح » أي : « ضعيف » وليس معناه كونه « موضوعاً »
عنده ... إذ لو كان يراه موضوعاً لذكره في كتابه الآخر الذي اسماه
بـ ( الموضوعات )
(2) .
فابن الجوزي قد ضعّف حديث الثقلين ، لكن على أساس الطريق الذي
ذكره ، ولذا احتمل القوم كونه لم يستحضر بقيّة طرقه ... ! !
لكنّ « الدكتور » اغترّ بابن الجوزي ، ونسب إليه أنّه « اعتبر هذا الحديث من
الأحاديث الموضوعة » ولا يخفى ما في هذا التعبير ! إنّه يوهم ذكر ابن الجوزي هذا
الحديث في الأحاديث الموضوعة التي أدرجها في كتابه ( الموضوعات ) وقد
عرفت واقع الحال !
إلاّ أنّه يضطرب في كلامه ويتلعثم ... فيقول بعد ذلك مباشرةً :
« وإنْ كانت الروايات في جملتها كما يبدو لا تجعل الحديث ينزل إلى درجة
الموضوع » .
ثم يعود فيقول :
إننا قد نوافق على عدم جعل الحديث من الموضوعات . ومع هذا فابن
الجوزي قد يكون له ما يؤيّد رأيه ! » .
أنظر إلى هذا الرجل ! كيف يتلّون ويضطرب !
يحذّر العلماء من الاغترار بذكر ابن الجوزي حديث الثقلين في ( العلل
المتناهية ) ويحملون عمله على الصحّة بـ « لعلّ » و « وكأنّ » ابن الجوزي لم يستحضر
____________
(1) العلل المتناهية 1|268 .
(2) طبع هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء .
( 122 )
من طرقه غير الطريق الذي ذكره ...
و « الدكتور » ينسب إليه القول بوضع الحديث جازماً بذلك ، وكأنّه موضوع
عند ابن الجوزي ! وبكلّ طرقه وأسانيده !
ثم يقول تارةً : « لا ينزل إلى درجة الموضوع » ! وأخرى : « قد يكون له ما
يؤيّد رأيه » !
ثم ما هو المؤيّد الذي قد يكون ؟ !
استمع إليه :
« فليس من المستبعد أن يكون هذا الحديث كوفي النشأة » !
بالله عليك ! يجعل ابن الجوزي قائلاً بوضع الحديث ! ثم يقول « قد يكون » !
له « ما يؤيّد » ! وهو « فليس من المستبعد ... » ! !
سبحان الله ! !
يتكلّم « الدكتور » وكأنّه قد اكتشف حقيقةً عجز عن كشفها جهابذة الحديث
والرجال وغيرهما من الفنون ... وتوصّل إلى ما خفي على أئمة قومه ... بعد
قرون ... ! !
لكنّه يعلم أن في علماء هذا العصر ، ممّن يعتقد بهم علماً وتحقيقاً ، وهم
لا يقلّون عنه عناداً وتعصّباً ... من لم يغتر بتضعيف ابن الجوزي ، بل يقول بخطئه ،
ويعترف بصحّة حديث الثّقلين ...
« وفي عصرنا وجدنا العلاّمة المحقّق الشيخ ناصر الدين الألباني ... »
(1) .
ويقول عن الدكتور أحمد محمود صبحي :
____________
(1) أنظر : ص 25 .
( 123 )
« اعتبر حديث التمسّك بالكتاب والعترة من الأحاديث المتفق على صحتها
عند أهل السنة »
(1) .
أقول :
وكذلك غيرهما :
كالعلامة المحقق الشيخ أحمد البنّا في كتابه : ( الفتح الرباني بترتيب مسند
أحمد بن حنبل الشيباني 1|186 ) وفي كتابه : ( بلوغ الأماني . المطبوع في ذيل
الفتح الرباني 4|26 ) حيث أخرجه ثم قال : « وهو في صحيح مسلم وغيره » .
والاستاذ العلامة توفيق أبو علم ... في كتابة ( أهل البيت 77 ـ 80 ) وذكر :
« أحاديث الثقلين من الأحاديث التي رواها أجلاء علماء أهل السنة ، وأكابر
محدثيهم ، في صحاحهم ، بأسانيدهم المتعددة ، واتفق على روايتها الفريقان ... »
وسنذكر مجمل كلامه في ( فقه الحديث ) .
والعلامة المحدث الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي ، في تعاليقه على كتاب الحافظ ابن حجر العسقلاني : ( المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية 4|64 ).
والعلاّمة المحقق الكبير الشيخ محمود أبو ريّة حيث قال : « وقد جاء هذا
الحديث بروايات مختلفة ـ والمعنى واحد ـ في كثير من كتب أهل السنة . وإذا
أردت الوقوف على هذه الرّوايات فارجع إلى كتاب ( المراجعات ) التي جرت بين
العلاّمة شرف الدين الموسوي رحمه الله ، وبين الاستاذ الكبير الشيخ سليم البشري
شيخ الأزهر سابقاً ، في الصّفحات من ( 20 ) وما بعدها من الطبعة الرابعة »
(2) .
____________
(1) هامش ص : 40 .
(2) أضواء على السنّة المحمدية : 404 .
( 124 )
لكنّ « الدكتور » له غيظ شديد من كتاب « المراجعات » ! ! ومنزعج من سعيه
جادّاً للدخول إلى كلّ بيت على حدّ تعبيره ! !
يقول :
« وفي عصرنا أيضاً نجد كتاباً يسعى جادّاً للدخول إلى كلّ بيت ، رأيت طبعته
العشرين في عام 1402 هـ ، ويوزّع على سبيل الهديّة في الغالب الأعم ، واسم
الكتاب ( المراجعات ) . ذكر مؤلّفه شرف الدين الموسوي هذا الحديث بالمتن
الذي بيّنا ضعف أسانيده وقال بأنه حديث متواتر . ثم نسب للشيخ سليم البشري
ـ رحمه الله ـ شيخ الأزهر والمالكية : أنه تلقى هذا القول بالقبول ، وأنّه طلب
المزيد . ثم ذكر صاحب المراجعات بعد ذلك روايات أشد ضعفاً ، ونسب للشّيخ
البشري أيضاً أنه أعجب بها ، ورآها حججاً ملزمة ... » .
أقول :
أولاً : إن ( السّيد شرف الدين العاملي ) من كبار علماء الطائفة الشّيعية ،
لكنّك ترى « الدكتور » حيث يذكره يقول : « مؤلّفه شرف الدين الموسوي » في حين
يذكر الشيخ البشري باحترام مترحّماً عليه ، ويذكر الشيخ الالباني بـ « العلاّمة
المحقّق الشيخ ناصر الدين الالباني ـ حفظه الله ـ » و « الشّيخ الجليل » مرةً بعد
أخرى ...
فانْ كان يجهل بمنزلة السيّد شرف الدين وجب عليه أن يسأل ! لكنّ نسبه
« الدكتور » إلى الجهل حمل على الصحّة ، فالسيّد شرف الدين أعرف وأشهر
وأجل ... يقول الاستاذ عمر رضا كحّالة : « عبد الحسين شرف الدين الموسوي
( 125 )
العاملي : عالم ، فقيه ، مجتهد ، ولد بالمشهد الكاظمي مستهل جمادى الآخرة ،
وأخذ عن طائفةٍ من علماء العراق ، وقدم لبنان ، ورحل إلى الحجاز ومصر ودمشق
وإيران ، وعاد إلى لبنان فكان مرجع الطائفة الشيعيّة ، وأسس الكلية الجعفرية
بصور ، وتوفي ببيروت في 8 جمادى الآخرة ( سنة 1377 ) ونقل جثمانه الى العراق
فدفن بالنجف .
من آثاره : المراجعات . وهي أسئلة وجّهها سليم البشري إلى المترجم
فأجاب عليها . أبو هريرة . الشيعة والمنار . إلى المجمع العلمي العربي بدمشق .
والفصول المهمة في تأليف الأمة »
(1) .
وثانياً : إنْ كتاب ( المراجعات ) من أجلّ الكتب المؤلفة في مسألة الامامة
في العصور المتأخّرة ، أهداه مؤلّفه « إلى أولي الألباب من كلّ علامة محقق ، وبّحاثه
مدقق ، لا بس الحياة العلميّة فمحّص حقائقها . ومن كلّ حافظ محدّث جهبذ حجّة
في السنن والآثار . وكل فيلسوف متضلّع في علم الكلام . وكلّ شابٍ حي مثقّف حرّ
قد تحلّل من القيود وتملّص من الأغلال ممن نؤملهم للحياة الجديدة الحرة » .
إنّه كتاب يحتوي على أسئلة الشيخ البشري ، يسوضحة فيها من آراء
الامامية وعقائدهم ، وعلى أجوبة السيد شرف الدين عن تلك الأسئلة بالاستناد
إلى كتب أهل السنّة في الحديث والرجال والتاريخ وغيرها ...
لقد أصبح كتاب ( المراجعات ) منذ انتشاره من أهم المصادر والمراجع
المعتمدة في البحوث العلميّة ، وعاد كثير من الناس ببركة أساليبه الرصينة وبراهينه
المتينة إلى الرشد والصواب والطريق الحقّ والصّراط المستقيم .
ثالثاً : إنّ ( الشيخ سليم البشري ) لمّا كان عالماً منصفاً يريد الاصلاح بين
المسلمين مضطر إلى الاذعان بصحة حديث الثقلين وغيره ، وكذلك يكون كلّ فردٍ
____________
(1) معجم المؤلفين 5|87 .
( 126 )
طالب للحق ، داع ٍ الى الخير ... فلو لم يتلقّ ( الشيخ ) ما قاله ( السيّد ) بالاستناد إلى
الكتب المعتمدة لدى ( الشيخ ) وطائفته ... لتُعُّجب منه ... كما تعجّب كبار الحفّاظ
كالسخاوي والسمهودي وابن حجر المكي وغيرهم من إيراد ابن الجوزي الحدّيث
في ( العلل المتناهية ) !
رابعاً : إنّ ( حديث الثقلين ) أوّل الأحاديث المطروحة في هذه
( المراجعات ) وهو لم يخرجه إلا عن : أحمد ، وابن أبي شيبة ، والترمذي ،
والنسائي ، والحاكم ، وأبي يعلى ، وابن سعد ، والطبراني ، والسيوطي ، وابن حجر
المكي ، والمتّقي الهندي ...
قد تعرض « الدكتور » في هامش هذا الموضع من كتابه لثلاثةٍ أحاديث
أوردها صاحب ( المراجعات ) عن كتب القوم ، رواها أئمتهم كالحافظ المطيّن ،
والباوردي ، وابن جرير الطبري ، وابن شاهين ، وابن مندة ، وأبي نعيم ، والحاكم ،
والطبراني ، والسيوطي ، والمتقي الهندي ... وغيرهم ... فنقل « الدكتور » عن الشيخ
الألباني أنّ هذه الأحاديث الثلاثة موضوعة ...
ونقول :
أولاً : ما الدليل على تقدّم قول الألباني على قول مثل الحاكم حيث ينصّ
على صحّة حديثٍ على شرط الشيخين ؟
وثانياً : إنّ تكذيب هذه الأحاديث وأمثالها إنّما هو طعن في رواة القوم
وعلمائهم وكتبهم ، لأنّ هؤلاء الرواة والمحدثين إنْ كانوا يعتقدون بصحّة هذه
الأحاديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فهي أحاديث متفق عليها بين
المسلمين ، وإنْ كانوا يعتقدون بكذبها واختلاقها عليه صلّى الله عليه وآله وسلّم
( 127 )
لزم أن يكونوا أيضاً كاذبين لأنّ ناقل الكذب كاذب ، وإنْ كانوا يروونها جاهلين
بأحوالها ، ثم جاء الشّيخ الألباني فكان أعلم منهم فيما رووه ، فهذا ما لا أظنّ
الألباني يقوله ، ولا « الدكتور » يصدّقه ! !
وثالثاً : إن غرض الشيعي من نقل هذه الأحاديث هو إلزام رواتها بها ، وكذا
إلزام من يمجّد بأولئك الرواة ويثني على كتبهم بالألقاب الضخمة ! !
ورابعاً : الاعتراض على السيد شرف الدين بأنّه « حكى تصحيح الحاكم
للحديث دون أن يتبعه بيان علّته ، أو على الأقل دون أن ينقل كلام الذهبي في
نقده » مردود بوجوه :
الأول : إن الغرض هو الاحتجاج بكتب أهل السنّة ورواياتهم !
والثاني : إنّ الحديث لو كان له علة لبيّنها الحاكم نفسه ، كما بيّن في غير
موضع .
والثالث : كيف يطلب نقل كلام الذهبي في نقده مَن لم ينقل تصحيح الذهبي
حديث الثقلين ـ تبعاً للحاكم ؟ !
إنّه قد ذكرت بعض ألفاظ حديث التمسّك بالكتاب والعترة ، وأنَّ النبي صلّى
الله عليه وآله وسلّم كرّر هذا الكلام في مواطن عديدة ، ثم ذكرت جملةً من مصادره
( الصّحاح ) وأسماء جماعةٍ من الأعلام المصرّحين بصحته وثبوته عن رسول الله
صلّى الله عليه وآله وسلّم .
ثم أشرت إلى أنّه حديث متواتر ، وذكرت أسامي رواته من الأصحاب ثم
التابعين ثم الأئمة والحفّاظ عبر القرون ...
( 128 )
أمّا « الدكتور » فقد اقتصر على بعض روايات الحديث ، وأخرجه تخريجاً
يُوهم القرّاء أنْ ليس لهذا الحديث وجود في غير الكتب التي نقل عنها ، وحتى هذه
الكتب لم يذكر الا بعض ما روي فيها ... فزعم أنّ أحمد لم يخرج في ( المسند ) لهذا
الحديث إلا سبع روايات ، وقد عرفت أنّها أكثر ، والثامن منها سنده معتبر تام بلا
كلام ... وعن المستدرك لم يذكر سوى روايتين ، وقد أخرج فيه أربع روايات ،
صحّحها على شرط الشيخين ، ووافقه الحافظ الذهبي في ثلاثة منها بصراحةٍ ، فلم
يشر « الدكتور » إلى موافقته ، لكنّه حيث ذكر الذهبي في الرّابعة جرح السّعدي
الجوزجاني النّاصبي الشهير في أحد رواتها أشار « الدكتور » الى هذا الجرح
واعتمده تبعاً لِمَن لا يجوز متابعته ، ولا يتابعه إلا من كان على شاكلته !
ومع ذلك كلّه ... تبيّن أنّ مناقشاته في أسانيد الرّوايات التي أوردها مردودة
كلّها ، وقد اعتمدنا في الجواب عمّا تفوّة به على كتاب ( تهذيب التهذيب ) ، وهو
الكتاب الذي طالما أرجع إليه في بحثه ... إلا أنّه كان ـ لدى النقل عنه ـ لا ينقل إلا ما
يتوّهم دلالته على مدّعاه ويسقط ما عداه .
فروايات هذا الحديث الشريف كلها معتبرة سنداً ، سواء التي في ( صحيح
مسلم ) وغيره من الصحاح ، والتي في ( مسند أحمد ) وغيره من المسانيد ، والتي
في ( صحيح الترمذي ) وغيره من السنن .
وأمّا روايات الحاكم في المستدرك ، فما اتفق منها هو والذهبي على صحته
على شرط الشيخين ، يكون بحكم الحديث المخرّج في ( الصحيحين ) كما نصَّ
عليه أئمة القوم ...
ومن هنا لا تجد من يقول بضعف الحديث الشريف ـ فضلاً عن وضعه ـ إلا
( 129 )
ابن الجوزي ... ولم يعبأ بقوله أحد ، بل تعجّبوا منه وحذّروا من الاغترار به ، بل تجد
في كلماتهم حول الرّجل التصريح بأنّه لا يؤخذ بكلامه حول الأحاديث ولا يعتمد
عليه ... وإليك بعض الشواهد على ذلك :
قال الذهبي بترجمة أبان بن يزيد العطّار : « وقد أورده العلامة أبو الفرج ابن
الجوزي في الضعفاء ولم يذكر فيه أقوال من وثقه ، وهذا من عيوب كتابه ، يسرد
الجرح ويسكت عن التوثيق »
(1) .
وبترجمة ابن الجوزي نفسه من ( تذكرة الحفاظ ) عن الموقاني : « وكان كثير
الغلط فيما يصنّفه ، فإنه كان يفرغ من الكتاب ولا يعتبره » فأضاف الذهبي : « قلت:
له وهم كثير في تواليفه ، يدخل عليه الداخل من العجلة والتحوّل الى مصنف آخر ،
ومن أن جلّ علمه من كتبٍ وصحف ما مارس فيه أرباب العلم كما ينبغي »
(2) .
وقال ابن حجر بترجمة ثمامة بن الأشرس البصري بعد قصة : « دلّت هذه
القصة على أن ابن الجوزي حاطب ليلٍ لا ينتقد ما يحدّث به »
(3) .
وقال السّيوطي : « قال الذهبي في التاريخ الكبير : لا يوصف ابن الجوزي
بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة ، بل باعتبار كثرة اطلاعه وجمعه »
(4) .
وقال السّيوطي في تعقيباته : « واعلم أنّه جرت عادة الحفاظ كالحاكم وابن
حبّان والعقيلي وغيرهم أنهم يحكمون على حديثٍ بالبطلان من حيثيّة سندٍ
مخصوص ، لكون راويه اختلق ذلك السند لذلك المتن ، ويكون ذلك المتن معروفاً
من وجهٍ آخر ، ويذكرون ذلك في ترجمة ذلك الراوي يجرحونه به ، فيغترّ ابن
الجوزي بذلك ويحكم على المتن بالوضع مطلقاً ، ويورده في كتاب الموضوعات ،
____________
(1) ميزان الاعتدال 1|16 .
(2) تذكرة الحفاظ 4|1347 .
(3) لسان الميزان 2|83 .
(4) طبقات الحفّاظ : 480 .
( 130 )
وليس هذا بلائق ، وقد عاب عليه الناس ذلك ، آخرهم الحافظ ابن حجر » .
وقال السيوطي بشرح النووي : « وقد أكثر جامع الموضوعات في نحو
مجلّدين ، أعني أبا الفرج ابن الجوزي ، فذكر في كتابه كثيراً ممّا لا دليل على وضعه
بل هو ضعيف » وأضاف السيوطي : « بل وفيه الحسن بل والصحيح ، وأغرب من
ذلك أن فيها حديثاً من صحيح مسلم كما سأبيّنه . قال الذهبي : ربما ذكر ابن
الجوزي في الموضوعات أحاديث حسناً قويّةً... »
(1) .
هذا ، وقد ذكروا بترجمته أنّه قد أودع السّجن مدةً من الزّمن بفتوى علماء
عصره لبعض ما ارتكبه ...
(2) .
فكان حال ابن الجوزي في نظر علماء القوم وفقهائهم حال ابن تيميّة الحرّاني
الذي حكم عليه بالسّجن ـ بعد أنْ لم يفد معه البحث ، ولم تؤثّر فيه الموعظة
والنصحيحة ـ فبقي مسجوناً الى أن مات في السّجن ...
(3) .
____________
(1) تدريب الراوي 1|235 .
(2) مرآة الجنان ـ حوادث 595 .
(3) راجع ترجمة ابن تيمّية في المصادر الرجالّية والتّاريخيّة ، من ذلك : الدرر الكامنة للحافظ ابن حجر
1|147 ، البدر الطّالع للحافظ الشوكاني 2|260 . وقال ابن حجر المكي صاحب الصواعق في فتوىً له :
« ابن تيمية عبد خذله الله وأضلّه وأعماه وأصمّه وأذلّه ، وبذلك صرّح الأئمة الذين بيّنوا فساد أحواله
وكذب أقواله ، ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام الامام المجتهد المتفق على على إمامته وجلالته وبلوغه مرتبة
الاجتهاد أبي الحسن السبكي ، وولده التاج ، والشيخ الإمام العزّ ابن جماعة ، وأهل عصرهم ، وغيرهم من
الشافعيّة والمالكية والحنفيّة . ولم يقصر اعتراضه على متأخّري الصوفية ، بل اعترض على مثل عمر بن
الخطاب وعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ .
والحاصل : أنْ لا يقام لكلامه وزن ، بل يرمى في كلّ وعر وحزن ، ويعتقد فيه أنه ضال مضل غال ، عامله
الله بعدله ، وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته وفعله . آمين » الفتاوى الحديثيّة : 86 .