ثورة النساء ::: 1 ـ 15

فاروق رضا عبدالله
ثورة النساء


(3)
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
    وددت ان ألقي الضوء على المسالة تحمل في طياتها الكتمان او عدم الشهرة ، الاوهى : موقف النساء من ثورة الحسين عليه السلام وفي تلك الفترهل بالذات وما تلاها لمدة زمينة قريبة قبل ذلك نتسائل : لماذا لم يتحرك الرجال لنصرة الامام ، ما عدى النزر الى سير.
    الم يكونوا يعرفوه ؟!
    الم يكونوا يعلمون انه امام ، الم يعرفونه انه ابن بنت نبيهم ان لم يكونوا يعرفونه فقد عرفهم بشكل مباشر الامام يوم العاشر من محرم بل وما سبقه ايضا هو واخرين على شكل خطب رائعة تعتبر من الدروس المهمة في التاريخ.
    ان الامام علي عليه السلام عند ما شبه اهل الكوفة بـ ( يا رجال و يا اشباه الرجال ولا رجال عقول الاطفال و


(4)
حلوم ربات الجعال ).
    عند ما شبه الامام امير المؤمنين القوم باشباه الرجال ، كان التشبيه حقا وحقيقة.
    عزيزي القارئ ، عندما تقرا عن ثورة الامام الحسين عليه السلام وتصل الى العاشر من محرم تجد نفسك فى موقف محرج جدا ، من الصعب ان يصدق القارئ العادي ان مسلمين هم الذين قتلوا ابن بنت نبيهم وامامهم من اجل مناصب دنيويه ، عجيب لقد كانت معاملتهم لأمامهم غريبة حقا لم يعاملها حتى الكفار مع اعدائهم.
    ان نابليون مثلا : بعد ان دحرته قوات التحالف الاروبي نفّى الى جزيرة الباه وبعد ذلك هرب من الجزيرة وعاد الى فرنسا ، فارسلت الحكومة الجيش الثالث لكي يلقي القبض عليه ، وعند ما وصل الجيش وقف نابليون امام الجيش وعند ما صدرت الاوامر للجيش كي يهاجم نابليون ، لم يلتزم ، صمت لحظة ثم صرخ الجميع عاش امبراطور اي عاش نابليون المسألة بقدر ما تحتاج الى تأني وتفكير من الممكن


(5)
ان تعرف بالبلداهه وهي ان مسألة كربلا يجب ان تحدث بهذا الشكل الفظيع كي يستقيم الدين ولا يمكن ان تكون عفوية انما هي مشيئة الله كي نتعظ ، ولكن هل نتعظ ام لا...
    ولنتابع مواقف النساء المتيميزة مع كتابنا الصغير هذا ودمت.
    قصة طوعة
    يا منصور اَمِت : كان شعار اعلان الثورة فى الكوفة بقيادة مسلم بن عقيل وووو...
    وتقدم بـ 18 الف وحاصر قصر الامارة وكاد ان ينتهي كل شيء ولكن وقف على اسوار القصر يعظ افراد ابن زياد ونادى :
    يا شيعة مسلم بن عقيل يا شيعة الحسين بن علي عليه السلام الله الله في انفسكم واهليكم واولادكم فان جنود اهل الشام قد اقبلت. و ان ابن زياد يقول ان لم تتفرقوا سوف لن تنالوا العطاء بل العقاب الصارم وآخذ يهدد ،


(6)
كذلك حدثت بعض المسائل الخبيثة ادت بالنتيجة الى تفرق اصحاب مسلم حتى صلاة العشاء كانوا عشرة وما ان عمّ الليل حتى بقى وحيدا.
    وسار فى ازقّة الكوفة غريبا حتى وصل دار طوعة.
    سلّم عليها وقال : يا امة الله اسقيني ، فسقته ، فجلس على بابها فقالت له يا عبدالله ما شأنك اليس قد شربت ، قال : بلى و الله ولكن ما لي بالكوفة منزل و اني غريب وقد خذلني اصحابي فهل لك في معروف فأنا من بيت شرف وكرم. وِمثلي من يكافئ بالاحسان ، قالت : من انت ؟ قال : ذريّ عنك التفتيش في هذا الوقت.
    وادخليني منزلكِ قالت : يا ابا عبدالله اخبرني اسمك ، فإني اكره ان تدخل منزلي من قبل معرفتك ، قال : انا مسلم ابن عقيل ، فقالت المرأة : قم فأدخل رحمك الله ، دخل مسلم فجائته بطعام وشراب وأمّنته وعندما حضر ابنها لاحظ علامات غريبة على وجه امه فأصر على ان تخبره ما بها ، فاستحلفته ان يتكم السرّ واخبرته.


(7)
    صمت ولكنه في الصباح ذهب وبلغ عنه ابن زياد ، فكان ما كان.
    المسألة ان طوعة هذه المرأة احتظنت مسلم وقدمت ما تتمكن من المساهمة في ثورة الحسين عليه السلام وهي المثال الاول.
    2 ـ قصة النوّارة بنت مالك الحظرمي :
    بعد مقتل الحسين عليه السلام ارسل ابن سعد رأس الحسين عليه السلام الى ابن مرجانة بيد خولي بن يزيد الاصبحي وحميد بن مسلم الازدي.
    فحملا الرأس الشريف هدية لابن مرجانة لعنه الله وقد اقبلا مسرعين حتى وصلا الكوفة ليلا ، فقرروا ان يبيتوا ليلتهم كل في داره ويقدمون الهدية في الصباح فأخذ الخولي اللعين رأس الحسين عليه السلام وولّى مسرعا الى بيته ، وطرق الباب طرقا عنيفا فخرجت زوجته ، فأسرعت قائلة ما الخبر ؟ قال : ( جئت بغنى الدهر ، هذا راس الحسين معي ، فثارت المرأة ، وصرخت : ( ويلك جاء الناس


(8)
بالفضة والذهب وجئت برأس ابن بنت رسول الله والله لا يجمع رأسى ورأسك شيء ابدا ).
    وهذا مثال آخر :
    3 ـ قصة دفن الاجساد الطاهرة.
    كان يسكن بعضى بني أسد الى جانب نهر العلقمي في كربلاء وبعد الحادثة المروعة ، سارت نساء بني اسد الى ارض المعركة فرأين جثث اولاد الرسول صلى الله عليه وآله ، واصحابه البرره فثارت نفوسهن وحميتهن وعدن الى حيّهن وقلن لازواجهن ما شاهدنه ، فقال الرجال لا علينا انا نخاف جور ابن زياد. قلن لهم بماذا تعتذرون من رسول الله صلى الله عليه وآله واميرالمؤمنين وفاطمة الزهراء اذا وردتم عليهم ، حيث انكم لم تنصروا اولاده ولا دافعتم عنهم ، فقالوا لهن انا نخاف بني اميّة.
     وقد لحقتهم الذلة وشملتهم الندامة من حيث لا تنفعهم وبقين النسوة يجلن حولهم ويقلن لهم ان فاتتكم نصرة تلك العصابة النبوية والدفاع عن هاتيك الشنشنة


(9)
العلية العولية فقوموا الآن الى اجسادهم الزكية فواروها فان اللعين ابن سعد قد وارى اجساد من اراد من قومه فبادروا الى موارات اجساد الى الرسول صلى الله عليه واله وارفقوا عنكم بذلك العار فماذا تقولون اذا قيل لكم انكم لم تنصروا ابن بنت الرسول صلى الله عليه وآله مع قربه وحلوله بناديكم فقوموا واغسلوا بعض الدران منكم.
    قال الرجال نفعل ذلك فاتو الى ارض المعركة وصارت همتهم اولا ان يوارو جثة الحسين عليه السلام ثم الباقين. كذا الى... اخ
    الموضوع هنا ان الرجال أخذهم الخوف ولكن النساء هن الذين بادرنه وحرضنه الرجال فتحية للذين دخلوا التاريخ من الباب الواسع.
    4 ـ قصة هند بنت عمرو زوجت يزيد.
    عندما علمت ان الرأس المعلق هو رأس الحسين عليه السلام فزعت الى مجلسه وهي مذعورة وقد رفعت صوتها وخمارها وهي تقول ( رأس ابن بنت رسول الله صلى الله


(10)
عليه وآله على باب داري ) فأسرع اليها الطاغية واسدل عيلها الحجاب ، وقال لها اعولي عليه يا هند فانه صريعة بني هاشم عجل عليه ابن زياد. وهذا مثال آخر.
    5 ـ قصة عاتكه بنت يزيد :
    لقد أخذت الرأس الشريف وطيبة وقالت رأس عمي هذا.
    لاحظ عزيزي القارئ ان النساء لهن موقف.
    واخيرا قصتنا الرئيسية قصة البطلة درة الصدف فهلمو اليها.


(11)
ثورة النساء
    قتل الحسين عليه السلام في كربلاء هو واكثر اهله وخيار اصحابه ، وحزت رؤوسهم الطاهرة وحملوها على رؤوس الرماح الى ابن مرجانة عبيدالله ابن زياد فامرا ان ترسل الى الشام الى يزيد ابن معاوية.
    بأمرة الشمرة الظباعي وخوليّ الاصبح ، وضم اليهم 1500 فارس ، وامرهم ان يسيروا بالرؤوس والاسارى الى الشام ، على ان يطوفوا ويشهّروا بهم في كل المدن التي تقع في طريقهم.
    وسار الركب الحزين حتى عبروا تكريت ، ثم الى طريق البر ، ثم الى دير عروة ، ثم الى منطقة صليتا ، ثم الى وادي نخلة وباتوا ، فيها ثم رحلوا عن طريق النباعي وكانت عامرة بالناس فخرجت النساء والكهول والشبان وينظرون الى رأس الحسين


(12)
يصلون عليه وعلى جده وابيه ويلعونون من قتله ، ويقولون يا قتلة اولاد الانبياء اخرجوا من بلدنا.
    فأتجه المسير الى مكحول ثم ارسل رسولا الى عامل الموصل للاستقبال. استلم عامل الموصل الكتاب فشرع في اعداد الزينة ورفع الاعلام وخرجت الجماهير لا تعلم ماذا حصل ، وتقدم الوالي واستقبلهم على ستة اميال.
    واهل المدينة يتسائلون ما الخبر ، قال احدهم ، يقال انه خارجي قتله ابن زياد ، وفجأتا قال احدهم هذا رأس الحسين عليه السلام.
    وبدأ التسائل عن صحة الخبر ، فلما تحققوا من ذلك ، اجتمعوا في اربعين الف فارس من الاوس والخزرج وتحالفوا ان يقاتلوا ويأخذوا رأس الامام ويدفنوه عندهم طمعا في الثواب ولْيَكن فخرا لهم الى يوم القيامة ، فلما سمعوا اصحاب الشمر بذالك لم يدخلوها واخذوا طريق تل اعفر ثم انعطفوا على جبل سنجار فوصلوا نصيبين فنزلوا وشهّروا الرؤوس والسبايا.


(13)
قال : فما رأت زينب عليها السلام رأس اخيها بكت وانشأة تقول :
تشهر فى البرية عنوة والدانا اوحى اليه جليل
كفرتم بربّ العرش ثم نبيه
    وسار الموكب الى عين الوردة وكتبوا الى صاحب الدعوات ، ان تلقانا لان معنا رأس الحسين قال : فلما قرأ الكتاب امر بضرب الابواق فخرج فتلقا هم وشهّروا الرؤوس وادخلوه من باب الاربعين ووضعوه في الرحبة من زوال الظهر الى العصر واهلها طائفة يبكون وطائفة يضحكون وينادون هذا رأس خارجي ، وتلك الرحبة التي نصب الرأس فيها لا يجتازها احد الا وتقضي حاجته الى يوم القيامة حسب الايمان والنيّة.
    وباتوا ثملين مخمورين. ثم حركوا الى قنسرين وكانت عامرة بأهلها فلما بلغهم ذلك اغلقوا الابواب وجعلوا يلعنوهم ويرمونهم بالحجارة ويقولون :
    يا فجرة يا قتلة اولاد الانبياء والله لادخلتم بلدنا ،


(14)
ثم غيروا طريقهم الى معرّة النعمان ، واستقبلوهم وفتحوا لهم الابواب وقدموا لهم الاكل والشرب بقية يومهم ورحلوا فيها ونزلوا شيزر وكان فيها شيخ الكبير فقال يا قوم هذا رأس الحسين عليه السلام فتحالفوا ان لا يسمح لهم بدخول بلدتهم ، فلما لاحظوا ذلك اتجهوا الى كفر طاب وكان حصنا صغيرا فغلقوا الابواب ، فتقدم اليهم خولي لعنه الله ، فقال الستم فى طاعتنا اسقونا الماء ، فقالوا والله لا نسقيكم قطرة واحدة ، وانتم منعتم الحسين عليه السلام والصحابة الماء ، فرحلوا عند ذلك الى سيبور.
    وكان فى مدينة سيبور شيخ كبير السن فجمع الشباب وقال لهم ان هذه الرؤوس والسبايا دخلت جميع المدن فدعوهم يدخلون وتمر الايام كما هي.
    ولكن الشباب رفضوا ذلك وقطع قنظرة الماء وحملوا على الجيش المرافق للاسرى والرؤوس فقتل من اصحاب خولي ستة وقتل من الشبان خمسة فقالت ام كلثوم سلام الله على هذه المدينة ما اسمها ؟ فقال سيبور فقالت اعذب


(15)
الله شرابهم وارخص اسعارهم ورفع يد الظلم عنهم ، وهي كذلك لحد الان ثم سارو حتى وصلوا حماة ، فغلقوا الابواب في وجوههم وركبوا السور وقالوا والله لا تدخلون بلدنا ولو قتلنا عن اخرنا فلما سمعوا ذلك ارتحلوا وساروا الى حمص وكتبوا الى صاحبها ان معنا رأس الحسين عليه السلام وكان اميرها خالد بن النشيط ، فلما قرأ الكتاب امر بالاعلام نشرت بالمدينة وتزينت وتداعي الناس من كل جانب وصوب ، خرج وتلقاهم على حد مسير ثلاثة اميال واشهر الرأس وساروا حتى حمص فدخلوا الباب فازدحمة الناس بالباب فرموهم بالحجارة حتى قتل بالباب سته وعشرون فارسا واغلقوا الباب في وجوههم فقالوا أكفر بعد ايمان ، ام ظلالة بعد هدى ، فخرجوا ووقفوا عند كنيسة قسّيس وهي قرب دار خالد ابن النشيط فتحالفوا على قتال خولي وعلى أخذ الرأس منه ليكون فخرا لهم الى يوم القيامة ، فبلغ خولي ذلك فارتحلوا خائفين واتوا بعلبك وكتبوا الى صاحبها ان معنا رأس الحسين عليه السلام
ثورة النساء