ثورة النساء ::: 46 ـ 53
(46)
تفرش الارض.
    اثناء ذلك لاحظ ان غبرة ارتفعت من شدة القتال ، واذا يخرج منها فارس كالليث ، يحامي عن الاشبال ، فاذا هو ابوالاسود الدئلي والتقت عيناه بعين القاسم ، فناداه يا قاسم اين حرم رسول الله صلى الله عليه واله ، قال : في الوادي ، قال : اسقيتهم ؟ قال : نعم ، قال : مكانك لا تغيره لانظر ماذا يصنع حنظلة ، نظره يمينا وشمالا راى احد الامويين ينشد شعرا رجزا :
اليوم اشفي بالسنان قلبي انا الذي اعرف عند الضرب اكشف عني امنيني وكربي مع الرجال قد اتوا بالغضب
    فلما سمع حنظلة شعره ، قال : يا عدوا الله سننظر اذا حشر الخلق كيف يشفع لك يزيد ، والويل لك ، نحن اولياء الذين لا ينكر فظلهم ولا يجحد حقهم.
    وضربه مفرق راسه فمحا محاسن وجهه فوقع يبحث برجليه


(47)
الارض فلما راى اصحابه ذلك انكسرت حميتهم ، شدّ عليهم حنظلة بكتيبته ، وابو الاسود وكتيبته ، درة الصدف وكتيبتها ، فما مرت دقائق ساعة ، حتى كاد النصر أن يتم ، اذ تكموا من تحرير الرؤوس ، وبعد ذلك وقف الطرفان ، وكان احدهما ينظر الى الاخر مستجوبا ، لان تحرير الرؤوس جعل اصحاب درّة وابو الاسود وحنظلة ، يظعفون عن القتال ، وينشغلون بالبكاء على اباعبدالله الحسين عليه السلام وفي تلك الاثناء ، ارسل خولي الى حلب وحمص وحماة يحث الولاة على ارسال نجدات سريعة ، والا عزلوا عن مناصبهم ، ولما رأى جيش الامويين ان المقاتلين قد انشغلوا بالرؤوس والاسارى نهض واحد منهم ونزع عمامته وفرق اطماره ونادى يا بني ظبة يا بني كندة ما هذا التقصير عن هؤلاء دونكم الحرب يا بني الكرام ، قال : فحمل المارقون حملة كبيرة على شيعة ال محمد وقتل خلق كثير ، ولكن ابوالاسود لاحظ ذلك وآخذ ينادي يا شيعة على لايلهيكم امر عن القتال فالساعة ساعة حرب ليس الا ،


(48)
وتمكن المسلمين من رد هجمات جيش الامويين بصعوبه ، وذلك لان الكثرة العددية ، هي التي تتكلم ، فلم يكن لاعداء الله طاقة ، على اوليائه الصالحين ، وقاتل حنظلة وابو الاسود وقومه ودرّة قتالا شديدا.
    عند ذلك قال خولي قاتلوهم قتال تطول به المدة فأن الوقت ان طال كان لنا ، ماطلوهم راوغوهم أخروهم ، ولكم مني مكافئة مالية ظخمة ، ثم ارسل خطابا الى والي حلب ، وأوص الرسول ان يصل باسرع وقت وان يعود بالجواب بأسرع ما يمكن ، الرسالة ( الى والي حلب ان قرأت كتابي هذا فعجل مع ما تتمكن من قوات الينا فإن تاخرت عن ذلك يعني انك تنصر الخارجيين عن أمير المؤمنين والسلام ).
    اما ساحة الحرب فكانت على قدم وساق ، قال ابو الاسود : اني ارى القوم قد انهكهم القتال اولاً نشن عليهم حملة نمحيهم عن اخرهم ، قال حنظلة : او نخاطب رئيسهم لعلم يستلمون ويهتدون ، ناداهم ابو الاسود :


(49)
يا جيش يزيد هلا نوقف القتال ونحقن دماء المسلمين وتعودون الى دين محمد و آل محمد.
    سمع خولي ذلك الكلام قال : نعم نحن نريد حقن دماء المسلمين بشرط واحد ، قال ابو الاسود : ما هو شرطكم ؟ قال خولى : نريد هدنه يوم واحد لنبحث الأمر بيننا حتى الصباح ، قال ابوالاسود : ما رايكم يا حنظلة ويا درة ؟ قالوا الرأي رأيك انت كبير القوم ، اطرق ساعة ثم قال : هي لكم ولكن نهاية الهدنه هي فجر غدا ، اذ كان الوقت غروب الشمس اخذ خولي يجمع قتلاه وجرحاه وكأنه يريد ايقاف الحرب حقاً وحقيقة ، ولكنه ارسل احد اعوانه الى حلب وقال له ان وصلت حلب ورأيت الوالي يتلكاء في الخروج عليك بضرب عنقه في المجلس او ترجع مع الجيش على جناح السرعة.
    اما قوات المؤمنين فانهم بدأو بدفن موتاهم والصلاة عليهم ، الفتيات والمقاتلات وقفن عند حريم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ما بين بكاء وسرور لفكهن من الاسر ، اما


(51)
درة الصدف فقد وقفت امام رأس الحسين عليه السلام ودموعها تنهمر وقلبها ينعصر ، وفجأة !! وجدت ابن عمها مصعب يقف بجانبها وهو يبكي ايضا ويقول سامحني يا سيدي ومولاي يا اباعبدالله ، قالت له درّة الصدف : ونعم الرجل انت والله لأفتخر بك امام العرب جميعاً بعلا مؤمنا صالحا.
    وهم يتجاذبون الحديث ، واذا باصوات تجلجل الارض وتعالت الاصوات ، قال ابو الاسود : ماذا هناك وجاءت درّة الصدف تجري بسرعة وقالت : ما هناك ، سمعت اصوات مختلفة واذا احدهم يقول : لقد نكث الهدنة الكفرة وهاهم يهاجمونا ، وبعد لحظات علم الامر ، اذ جائت نجدة من حلب تقدر بعدة آلاف مقاتل عندها اصبح خولي في وضع جيد ، واحتد القتال وبدأت تصل امدادات كثيرة من باقي المدن الى خولي ، عندها وقف ونادى بأعلى صوته يا ابوالاسود ويا حنظلة ويا درّة استسلموا والا قتلناكم جميعا.


(52)
    اجابهم ابو الاسود : نود ان نعانق الحسين عليه السلام واشتد القتال على آخره ، وفي اليوم الثاني وصلت امدادات كثيرة مما جعلت قوات خولي تعد اضعاف قوات المؤمنين. لم يزالوا يقاتلون حتى قتلت درّة الصدف ، وتمكنت قوات الامويين من استرجاع السبايا والرؤوس المطهرة.
    وتحت اجنحة الظلام وتمكن ان ينسحب وينجو بنفسه من بقى من جيش ابوالاسود ، وحنظله والفتيات ، والباقي زرعوا بدمائهم الزكية الروابي القريبة من حلب.
    اما مصعب ابن عم درّة الصدف فقد حمل جسدها الشريف وتمكن ان ينسحب الى موقع امين وحفر لها قبراً وكتب عليه ( هذا قبر الشهيدة المجاهدة في سبيل الله درّة الصدف بنت عبدالله بن عمر الانصاري زوجة مصعب بن محمد بن عمر الانصاري وبنى في ذلك الموقع مسجد صغيرا يزوره سكان تلك المنطقة كل اربعاء حتى الآن ، اذ يقال ان يوم المعركة ويوم مقتلها كان اربعاء ودمت.


(53)
اعتمدنا على عدة كتب منها :
    1 ـ كتاب اسرار الشهادة ( الاخوند الدربندي ).
    2 ـ كتاب اكسير العبادات واسرار الشهاداة.
    3 ـ كتاب ، الكتاب الصغير لابي مخنف.
    4 ـ كتاب مقتل الحسين للخوارزمي.
    وبعض الكتب الاخرى.
ثورة النساء