وصايا الرسول لزوج البتول ::: 241 ـ 255
(241)
    للمرائي (7) ثلاثُ علامات ، يَنْشَطُ إذا كان عندَ الناس (8) ، ويكْسَلُ إذا كانَ وحدَه ، ويُحبُّ أن يُحمَد في جميعِ الاُمور.
    وللمنافِق (9) ثلاثُ علامات ، إنْ حَدَّثَ كَذِب ، وإنْ ائتُمِنَ خان ، وإنْ وعَدَ أخلَف.
    وللكسلانِ ثلاثُ علامات ، يَتواني حتّى يُفرِّط (10) ، ويفرِّطُ حتّى يُضيِّع ، ويُضيِّع حتّى يأثم. وليس ينبغي للعاقلِ أن يكونَ شاخصاً (11) إلاّ في ثلاث ، مَرِمّةٌ لمعاش (12) ، وخُطْوَةٌ لمعاد ، أو لذّةٌ في غيرِ مُحَرَّم.

    (7) المرائي أي المتلبّس بالرياء والمتظاهر بخلاف ما هو عليه في الواقع.
    (8) النشاط بفتح النون هي الخفّة والإسراع. يقال نشط في عمله إذا طابت نفسه به وأسرع فيه ، مقابل الكسل الذي هو التثاقل في العمل والفتور فيه.
    والرياء يدعو إلى سرعة العمل والنشاط فيه عند الناس للإراءة إليهم ، مع الكسل عند الإنفراد.
    (9) تقدّم أنّ المنافق يُطلق على معان متعدّدة لعلّ المراد منها هنا هو إظهار الإيمان مع كونه في الباطن غير عامل بمقتضاه ، وغير متّصف بالصفات التي ينبغي أن يكون عليها المؤمن.
    (10) التواني هو الفتور والتقصير ، يُقال توانى الرجل في حاجته أي فتر وقصّر ولم يهتمّ بها ، والتفريط هو التقصير والتضييع والنقيصة ، كما أنّ الإفراط هو تجاوز الحدّ من جانب الزيادة.
    (11) الشخوص هو الذهاب والسير ، أي لا ينبغي أن يكون سيره إلاّ في هذه الثلاثة.
    (12) المرمّة مصدر رمّ الشيء يرمّه بمعنى الإصلاح ، أي إصلاح اُمور المعاش.



(242)
    يا علي ، إنّه لا فَقرَ أشدُّ من الجهل ، ولا مالَ أعودُ من العقل ، ولا وحدةَ أوحشُ من العُجب ، ولا عملَ كالتدبير ، ولا ورعَ كالكَفّ ، ولا حَسَبَ كحُسن الخُلُق (13).
    إنّ الكذبَ آفةُ الحديث ، وآفةُ العلمِ النسيان ، وآفةُ السّماحةِ المَنّ (14).
    يا علي ، إذا رأيتَ الهلالَ (15) فكبِّر ثلاثاً وقل (16) ، « الحمدُ للّهِ الذي خلَقني وخلَقَك ، وقَدَّرَكَ منازلَ ، وجعلكَ آيةً للعالمين » (17).

    (13) مضى ذكره وبيانه في وصيّة التحف الاُولى المتقدّمة وهنا إضافة ( ولا ورع كالكفّ ) كرّرناها لأجله.
    (14) مضى أيضاً في وصيّة التحف الاُولى السابقة.
    (15) بالنسبة إلى موضوع الهلال هل هي غرّة القمر وأوّل ليلة منه أو هي والليلة الثانية ، أو إلى الليلة الثالثة ؟ وقع الإختلاف في ذلك لغةً.
    ووجه تسميته هو انّه مأخوذ من الإهلال بمعنى رفع الصوت لجريان العادة برفع الأصوات عند رؤية الهلال (1).
    ولعلّ المتعارف والمتفاهم عرفاً من الهلال هو أوّل ليلة منه ، فيُقرأ هذا الدعاء عند رؤيته في تلك الليلة.
    (16) مخاطباً للهلال.
    (17) وتلاخظ مفصّل أدعية رؤية الهلال في بابها (2).

1 ـ بحار الأنوار ، ج 58 ، ص 178.
2 ـ بحار الأنوار ، ج 95 ، ص 343 ، باب 124 ، الأحاديث.


(243)
    يا علي ، إذا نظرْتَ في مرآة فكبِّر ثلاثاً وقل ، « اللّهمّ كما حسَّنتَ خَلْقي فحسِّنْ خُلْقي » (18).
    يا علي ، إذا هالَكَ (19) أَمْرٌ فقل ، اللّهمّ بحقِّ محمّد وآلِ محمَّد إلاّ فرّجتَ عنّي.
    قال علي ( عليه السلام ) ، قلتُ يا رسولَ اللّه ( فتلقّى آدمُ مِن ربِّه كلمات ) (20) ما هذِه الكلمات ؟
    قال ، يا علي ، إنّ اللَّه أَهبَط آدمُ بالهند ، وأهبط حوّاءَ بجدّة ، والحيّةَ باصبَهان ، وإبليسَ بمَيْسان (21) ، ولم يكن في الجنّةِ شيءٌ أحسنُ من الحيّةِ والطاوُوس ، وكان للحيّةِ قوائمُ (22) كقوائِم البعير ، فدخل إبليسُ

    (18) وردت أدعية النظر في المرآة مفصّلة في المكارم (1).
    جاء فيها ، « يا علي ، إذا نظرت في المرآة فقل ، اللهمّ كما حسّنتَ خَلقي فحسّن خُلقي ورزقي ».
    (19) الهول هو الفزع والخوف العظيم ، يقال هاله الأمر إذا أفزعه ، فهو أمر هائل ومهول والجمع أهوال.
    (20) سورة البقرة ، الآية 37.
    (21) مَيْسان بفتح الميم وسكون الياء ، إسم كورة واسعة كثيرة القرى والنخل بين البصرة وواسط قصبتها ميسان ، وفي هذه الكورة أيضاً قرية فيها قبر عُزير النبي ( عليه السلام ) مشهور معمور ، وينسب إليه ميساني وميسناني (2).
    (22) قائمة الدابّة ، رجلها أو يديها ، والجمع قوائم وقائمات.

1 ـ مكارم الأخلاق ، ج 1 ، ص 16.
2 ـ معجم البلدان ، ج 5 ، ص 242.


(244)
جوفَها فغرَّ آدمَ وخَدَعه ، فغَضِبَ اللّهُ على الحيّةِ وألقى عنها قوائمَها وقال ، جعلتُ رزقكِ التراب ، وجعلتُكِ تمشين على بطنك ، لا رَحِمَ اللّهُ مَن رَحِمَكِ ، وغَضِبَ على الطاووس لأنّه كان دَلَّ إبليسَ على الشجرةِ فَمَسَخ منه صوتَه ورجلَيه (23) ، فمكث آدمُ بالهند مائةَ سنة لا يرفعُ رأسَه إلى السّماءِ ، واضعاً يَدَه على رأسِه يبكي على خطيئِته ، فبعث اللّهُ إليه جبرئيلَ فقال ، يا آدمُ ، الربُّ عزّوجَلّ يقرؤكَ السَّلامَ ويقولُ ، يا آدم ، أَلم أخلُقْك بيدي ؟ أَلم أنفخْ فيكَ من روحي ؟ ألم أُسْجِدْ لكَ ملائكتي ؟ أَلم اُزوّجْك حوّاءَ أَمَتي ؟ أَلَم أُسْكِنْكَ جَنّتي ؟ فما هذه البكاء يا آدم ؟ [ ت‍ ] تكلَّمْ بهذه الكلمات ، فإنّ اللّهَ قابلُ توبتِك ، قل ، « سبحانَكَ لا إِلهَ إلاّ أنتَ عَمِلتُ سُوءاً وظلمتُ نفسي ، فتُبْ عَليَّ إنّكَ أنتَ التوّابُ الرَحيم ».
    يا علي ، إذا رأيتَ حيَّةً في رحلِك (24) فلا تقتُلها حتّى تخرجَ عليها (25) ثلاثاً ...

    (23) المسخ هو تحويل صورة إلى ما هو أقبح منها ، والمسوخ أصناف كثيرة عُذّبت بالمسخ تلاحظها في بيان أحاديثها ، باب أنواع المسوخ وأحكامها وعلل مسخها (1).
    (24) الرحل جاء بمعنى المسكن ، وما يُستَصْحَب من الأثاث في السفر ، والوعاء ، وما يشدّ على البعير ولعلّ الأوّل هو المعنى الأنسب بالمقام.
    (25) يقال خرج عليه ، أي برز لقتاله.

1 ـ بحار الأنوار ، ج 65 ، ص 220 ، باب 5.

(245)
فإن رأيتَها الرابعةَ فاقتُلها فإنّها كافرة (26).
    يا علي ، إذا رأيتَ حيّةً في طريق فاقتُلها ، فإنّي قد اشترطتُ على الجِنّ [ أ ] لاّ يظهرُوا في صورةِ الحيّات.
    يا علي ، أربعُ خصال مِن الشقاء ، جمودُ العين ، وقساوةُ القلب ، وبُعدُ الأمل ، وحبُّ الدنيا من الشقاء (27).
    يا علي ، إذا أُثني عليكَ في وجهِك فقل ، « اللّهمّ اجعلْني خيراً ممّا يظُنّون ، واغفرْ لي ما لا يعلمُون ، ولا تؤاخذْني بما يقولُون ».
    يا علي ، إذا جامعتَ فقل ، « بسمِ اللّه اللّهمَّ جَنّبنا الشيطانَ ، وجَنّبِ الشيطانَ ما رزقتني » فإن قُضي أن يكونَ بينكما ولدٌ لم يضُرّهُ الشيطانُ أبداً.
    يا علي ، إبدأ بالملحِ واختمْ ، فإنّ الملحَ شفاءٌ من سَبعينَ داء ، أذلُّها (28)

    (26) قال العلاّمة المجلسي ، وأمّا الحيّات التي في البيوت فلا تُقتل حتّى تُنذر ثلاثة أيّام ، لقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، « إنّ بالمدينة جِنّاً قد أسلموا فإذا رأيتم منها شيئاً فأذنوه [ فانذروه ] ثلاثة أيّام » ، وحمل بعض العلماء ذلك على المدينة وحدها ، والصحيح أنّه عامّ في كلّ بلد ، لا تُقتَل حتّى تُنْذَر (1).
    (27) مرّت في وصيّة الفقيه المتقدّمة.
    (28) في البحار ، ( أوّلها ) ، وفي عيون الأخبار ، ( أدناها ) ، وفي حديث المحاسن ، أهونها الجذام والبرص ووجع الحلق والأضراس ووجع البطن.

1 ـ بحار الأنوار ، ج 64 ، ص 281.

(246)
الجذامُ الجنونُ والبرص (29).
    يا علي ، أَدهِنْ بالزيت ، فإنّ مَنْ أَدهنَ بالزيت لم يقرْبه الشيطانُ أربعينَ ليلة (30).
    يا علي ، لا تجامعْ أهلك ليلةَ النصف ولا ليلةَ الهلال ، أما رأيت المجنون يُصرع (31) في ليلةِ الهلال وليلةَ النصفِ كثيراً.
    يا علي ، إذا وُلد لَك غلامٌ أو جاريةٌ فأذِّن في أُذُنِه اليُمنى وأقِمْ في اليُسرى فإنّه لا يضرّه الشيطانُ أبداً (32).
    يا علي ، ألا أُنْبِئَكَ بشرِّ الناس ؟
    قلت ، بلى يا رسولَ اللّه ، قال ، من لا يغفُر الذنب ،

    (29) لاحظ الأحاديث الوافرة في فضل الملح والإبتداء به والإختتام به في أبوابها (1) أشرنا إليها في وصيّة الفقيه المتقدّمة.
    (30) فإنّ زيت الزيتون مُسِحَت بالقدس ، وبوركت في نفسها وفي شجرتها كما تلاحظ فضلهما في الأحاديث الشريفة (2).
    (31) أي يصيبه الصرع والعلّة المعروفة في هذين الوقتين.
    (32) فإنّهما من سنن الولادة ، التي تدلّ عليها النصوص المعتضدة بالفتوى (3) ومنها حديث السكوني ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، « من وُلد له مولود فليؤذِّن في أُذنه اليمنى بأذان الصلاة ، وليقم في اُذنه اليُسرى فإنّها عصمة من الشيطان الرجيم ».

1 ـ بحار الأنوار ، ج 66 ، ص 394 ، ب 13 ، الأحاديث.
2 ـ بحار الأنوار ، ج 66 ، ص 179 ، ب 9 ، الأحاديث.
3 ـ وسائل الشيعة ، ج 15 ، ص 136 ، باب 35 ، الأحاديث.


(247)
    ولا يقيل العَثرة (33) ، ألا أنْبِئك بشرّ من ذلك ؟ قلت ، بلى يا رسولَ اللّه ، قال ، من لا يُؤمَنْ شَرُّه ولا يُرْجى خيرُه (34) (35).

    (33) الإقالة هي المسامحة والنقض ، يقال ، أقاله البيع أي وافقه على نقض البيع وأجابه إليه وسامحه ، ومنه أقاله العثرة أي سامحه على الخطيئة.
    (34) فالمؤمن خيره مأمول وشرّه مأمون فإذا لم يكن كذلك ، بأن كان لم يُؤْمَن شرّه ولم يُرْج خيره لم يكن متّصفاً بصفة المؤمنين.
    (35) تحف العقول ، ص 10 ، ووردت أيضاً في بحار الأنوار ، ج 77 ، ص 64 ، ب 3 ، ح 5.



(248)
    التحف ، روى المحدّث الفقيه الشيخ الحرّاني في تحف العقول أيضاً وصيّةً ثالثة أوجز من الوصيّتين المتقدّمتين من الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى إمام المتّقين أمير المؤمنين ( عليه السلام ) جاء فيها ما نصّه :
    يا علي ، إيّاكَ ودخولَ الحمّام بغيرِ مئزر (1) فإنّ مَنْ دَخَل الحمّامَ بغير مئزر ملعون الناظِر والمنظوُر إليه.
    يا علي ، لا تتختّم في السبّابة والوُسطى فإنّه كان يتختّم قومُ لوط فيهما (2) ، ولا تُعْرِ الخِنْصَر (3).

    (1) فإنّه يجب ستر العورة عن الناظر المحترم ، كما يحرم النظر إلى عورة المؤمن.
    وفي الفقيه روى عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال ، « مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخلنّ الحمّام إلاّ بمئزر » (1) ، والمئزر هو الثوب الذي يُشَدُّ على الوسط ويستر ما بين السرّة والركبة.
    (2) فبه يحصل التشبّه المذموم ، وورد فيه النهي.
    (3) الخِنصَر بكسر الخاء وتفتح الصاد هي الإصبع الصغيرة ، أي لا تجعلها عارية عن الخاتم.

1 ـ من لا يحضره الفقيه ، ج 1 ، ص 60 ، ح 225.

(249)
    يا علي ، إنّ اللَّه يعجبُ من عبدِه (4) إذا قال ، « ربِّ اغفرْ لي فإنُّه لا يغفُر الذنوبَ إلاّ أنت » .. يقول ، يا ملائكتي ، عبدي هذا قد عَلِمَ أنّه لا يغفُر الذنوبَ غيري ، اشهدُوا أنّي قد غفرتُ له.
    يا علي ، إيّاكَ والكِذب ، فإنّ الكذبَ يُسوّد الوجه ، ثمّ يُكتب عندَ اللّهِ كذّاباً ، وإنّ الصدقَ يبيّضُ الوجهَ ويُكتبُ عند اللّهِ صادقاً ، واعلم أنّ الصدقَ مباركْ والكذبُ مشؤوم (5).
    يا علي ، إحذر الغيبةَ والنميمةَ ، فإنّ الغيبةَ تُفطر ، والنميمةَ توجب عذابَ القبر (6).
    يا علي ، لا تحلفْ باللّهِ كاذباً ، ولا صادقاً من غير ضرورة ، ولا تجعل اللّهَ عُرضَةً ليمينك (7) ،

    (4) أي يُعجبه ذاك من عبده ويستحسنه.
    (5) وقد تقدّم النهي عن أن تخرج من فيك كذبة أبداً.
    وقد نهى الله تعالى عنه بمثل قوله (1) ، ( إنَّ اللّهَ لا يَهدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفّار ) ووردت الروايات المتظافرة على ذمّه والنهي عنه بما يقارب خمسين حديثاً (2).
    (6) مرّ بيان معنى الغيبة والنميمة والتحذير منهما في الوصايا المتقدّمة.
    (7) العُرضة يطلق على كلّ ما يصلح للشيء ويعدّله أي لا تجعل اليمين والحلف بالله تعالى شيئاً معدّاً مبتذلا في كلّ حقّ وباطل إشارة إلى قوله تعالى : ( ولا تَجْعلُوا اللّهَ عُرضَةً لأَيْمانِكُم ... ) (3).

1 ـ سورة الزمر ، الآية 3.
2 ـ بحار الأنوار ، ج 72 ، ص 232 ، ب 114.
3 ـ سورة البقرة ، الآية 223.


(250)
فإنّ اللَّه لا يرحمُ ولا يرعى من حَلَف باسمِه كاذباً.
    يا علي ، لا تهتمَّ لرزقِ غَد ، فإنّ كلّ غد يأتي رزقُه (8).
    يا علي ، إيّاكَ واللجاجة ، فإنّ أوّلَها جهل وآخرَها نَدامة (9).
    يا علي ، عليكَ بالسواكِ ، فإنّ السواكَ مطهّرةٌ للفمّ ، ومرضاةٌ للربّ ، ومجلاةٌ للعين (10) ، والخِلال (11) يحبّْبك إلى الملائكةِ ، فإنّ الملائكةَ تتأذّى بريح فم من لا يتخلّلُ بعدَ الطعام.
    يا علي ، لا تغَضبْ فإذا غضبتَ فاقُعد ...

    (8) فإنّ الرزق مقسوم يأتي للإنسان من حيث لا يعلم ، بل من حيث لا يقدر على كسب ولا حيلة كما في رحم اُمّه وحين رضاعه فلا يحسن الإهتمام به ، نعم زيادته للتوسعة على العيال حسنةٌ فيقع الطلب لزيادته وإعانة عائلته.
    (9) فاللجاجة هي التَّمادي في الخصومة ، وهو ينشأ من الجهل ، والعالم لا يفعل ذلك ، فإذا كان ناشئاً من الجهالة كان مورثاً للندامة.
    (10) مرّ بيانه وفضله في وصيّة الفقيه المتقدّمة فراجع.
    (11) الخِلال بالكسر هو ما يتخلّل به ما بين الأسنان ، وهو من السنن التي نزل بها جبرئيل ( عليه السلام ) ، أمر به في الوضوء وبعد الطعام ، والتخليل بعد الطعام مصحّح للفمّ والنواجذ وجالب للرزق.
    ومن آدابه أنّ ما أُخرج بالخلال يُرمى به ولا يشرب الماء بعده حتّى يتمضمض ثلاثاً ، وأن لا يكون بعود الرمّان والريحان والخوص والقصب بل بما سواها ، كما تلاحظ في آداب الخلال (1).

1 ـ مكارم الأخلاق ، ج 1 ، ص 329.

(251)
وتفكّر في قدرةِ الرَبِّ على العباد وحلمه عنهم (12) ، وإذا قيل لك ، إتّقِ اللّهَ فانبِذ غضَبك وراجعْ حلَمك.
    يا علي ، احتسِب بما تُنفقُ على نفسِك تجده عندَ اللّهِ مذخوراً (13).
    يا علي ، أحْسِنْ خُلقكَ مع أهلِك وجيرانِك ومن تعاشرُ وتصاحبُ من الناس تُكتبُ عند اللّهِ في الدرجاتِ العُلى (14).
    يا علي ، ما كرهَته لنفِسك فاكرَه لغيرِك ، وما أحببتَه لنفسِك فأحبِبْه لأخيك (15) ، تكن عادلا في حُكمك ، مُقسطاً في عدلِك (16) ،

    (12) وهو أبلغ موعظة للتحلّم ونبذ الغضب يعني طرحه وعدم الإعتداد به.
    (13) فإنّه يمكن طلب الأجر حتّى فيما ينفقه الإنسان في حاجات نفسه فضلا عن غيره ، ففي حديث العالم ( عليه السلام ) ، « ... نفقتك على نفسك وعيالك صدقة ، والكادّ على عياله من حِلّ كالمجاهد في سبيل الله » (1).
    فإذا احتسب هذه الصدقة لله تعالى وجدها عند الله تعالى ذخراً ، وكان له بها أجراً ..
    (14) فإنّ حسن الخُلُق جمع بين خير الدنيا والآخرة ، وتلاحظ أحاديثه في وصيّة الصدوق السابقة.
    (15) فهذا أساس الاُخوّة الدينية ، والمودّة الإيمانية ومعيار الحياة السلمية ، وفي نسخة فأحبّه.
    (16) أي غير جائر في عدلك ولا يشوبه جور.

1 ـ بحار الأنوار ، ج 104 ، ص 72 ، ب 101 ، ح 14.

(252)
محبّاً (17) في أهلِ السَّماء ، مودُوداً (18) في صُدورِ أهلِ الأرض ، إحفظ وصيّتي إنْ شاء اللّهُ تعالى (19).

    (17) وفي بعض النسخ ( محبّباً ).
    (18) أي محبوباً ، من الودّ والمودّة والوداد بمعنى المحبّة.
    (19) تحف العقول ، ص 13. وجاءت في بحار الأنوار ، ج 77 ، ص 66 ، ب 3 ، ح 6.



(253)
    من لا يحضره الفقيه ، روى عن أبي سعيد الخدري (1) قال :

    (1) الحديث من حيث السند وإن كان مرسلا تارةً ، ومشتملا على بعض رجال العامّة تارةً اُخرى عند الإسناد كما سيأتي ذكره عند بيان المصادر في آخر الحديث إلاّ أنّه اعتمد عليه مثل الصدوق والمفيد وعمل به بعض أعاظم المتقدّمين والمتأخّرين كابن حمزة الطوسي (1) على ما نسب إليه ، والشهيد الثاني (2) ، وصاحب الوسائل (3) ، وصاحب الجواهر (4) ..
    فمع هذا الإعتماد والعمل لا يضرّ ضعف الطريق إلى الخدري كما صرّح بعدم الضرر والد المجلسي ( قدس سرهما ) في الروضة (5). ونفس أبي سعيد الخدري وهو سعد بن مالك جيّد ومن الباقين على منهاج النبي الأمين ، ومن الأصفياء والسابقين إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كما تلاحظ تفصيل بيانه في كتابنا الفوائد الرجالية فالسند منجبر.
    وأمّا من حيث المتن فهو وإن كان مناقشاً فيه من حيث عدم مناسبة بعض

1 ـ مستند العروة ، ج 1 ، كتاب النكاح ، ص 47.
2 ـ الروضة ، ج 5 ، ص 96.
3 ـ وسائل الشيعة ، ج 14 ، ص 185 ـ 190.
4 ـ جواهر الكلام ، ج 29 ، ص 46.
5 ـ روضة المتّقين ، ج 9 ، ص 228.


(254)
أوصى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقال :
    يا علي ، إذا دَخَلَت العَرُوس بيتَك فاخلَعْ خفَّيها حين تجلِس ، واغسل رجلَيها وصُبَّ الماءَ من باب دارِك إلى أقصى دارِك ، فإنّكَ إذا فعلْتَ ذلك أخرجَ اللّهُ من بيتِك سبعينَ ألفِ لون من الفقر (2) ، وأَدْخَلَ فيه سبعين ألف لون من البركة ،

فقرات هذه الوصيّة لجلالة قدر المخاطَب بها ، لكن يمكن توجيهه بأنّه وإنْ كان الخطاب إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، إلاّ أنّه في صدد بيان الحكم الشرعي للمكلّفين من طريق باب علم النبي الأمين ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، كما يشهد به قرينة التعبير بقوله ، « ولا ينظرنَّ أحدٌ » ، وقوله ، « من كان جنباً ».
    مع أنّ بعض مضامينها وردت في الروايات الاُخرى المعتبرة للهداة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين. وأضاف صاحب الجواهر ( قدس سره ) (1) في رفع الإشكال المتقدّم الجواب بقوله :
    « لعلّ سوء التعبير من الرواة ، وأمّا نفس الحكم فإنّ الله لا يستحي من الحقّ ».
    وعلى الجملة فالحديث ممّا يمكن الإعتماد عليه ، بحصول الإطمئنان به ، وقد أفتى بطبق بعض مضامينه الأعلام العظام.
    (2) أي سبعين ألف نوع من الفقر ، فإنّ الفقر عند العرب بمعنى الإحتياج ، ومن المعلوم أنّ الإحتياج يكون إلى اُمور كثيرة ، فيكون للفقر أنواع كثيرة. أغنانا الله تعالى بفضله.

1 ـ جواهر الكلام ، ج 29 ، ص 62.

(255)
وأنزلَ عليه سبعينَ رحمةً تُرفرفُ (3) على رأسِ العَروس حتّى تنالَ بركتُها كلَّ زاوية في بيتك ، وتأمن العروسُ من الجنونِ والجذامِ والبرصِ أن يصيبَها ما دامتْ في تلكَ الدار ، وامنعِ العروس في اسبوعِها من الألبان والخَلّ والكَزْبُرة (4) والتفّاح الحامِض ، من هذهِ الأربعةِ الأشياء فقال علي ( عليه السلام ) ، يا رسولَ اللّه ولأيِّ شَيء أمنعُها هذهِ الأشياء الأربعة ؟ قال ، لأنّ الرَّحِمَ تعقُم وتبردَ من هذه الأربعة الأشياء عن الوَلد ، ولَحصيرٌ (5) في ناحية البيت خيرٌ من امرأة لا تلد (6).
    فقال علي ( عليه السلام ) ، يا رسولَ اللّهِ ما بالُ الخَلّ تمنع منه ؟
    قال ، إذا حاضَت على الخَلّ لم تطهُر أبداً بتَمام (7) ،

    (3) رفرف الطائر ، إذا حرّك جناحيه حول الشيء يريد أن يقع عليه (1).
    (4) الكُزبرة ، بضمّ الكاف وسكون الراء وضمّ الباء ، وقد تفتح الكاف والباء ، عربية ، أو معربة من كزبرناء بالسريانية ، وهي بالفارسية گشنيز (2).
    (5) اللام للتأكيد ، وحكى عن نسخة من العلل ( وملفوف حصير ).
    (6) وعقد في الوسائل باباً لإستحباب إختيار الولود للتزويج لفضيلة الأولاد ومباهاة الاُمم بهم فلاحظ (3).
    (7) بل تصير مستحاضة ، والولادة تكون غالباً مع الحيض المستقيم (4).
1 ـ مجمع البحرين ، ص 408.
2 ـ القرابادين ، ص 358.
3 ـ وسائل الشيعة ، ج 14 ، ص 33 ، باب 16 ، الأحاديث.
4 ـ روضة المتّقين ، ج 9 ، ص 229.
وصايا الرسول لزوج البتول ::: فهرس