وصايا الرسول لزوج البتول ::: 316 ـ 330
(316)
    الكافي ، عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) ، عن أبيه ، عن جدّه ( عليهما السلام ) في وصيّةِ رسولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) :
    لا تخرجْ في سَفر وحَدك فإنّ الشيطانَ مع الواحد وهو من الأثنين أبَعد (1).
    يا علي ، إنّ الرجلَ إذا سافَر وحدَه ...

    (1) وقد عقد الشيخ الصدوق باباً في كراهة الوحدة في السفر ذكر فيها أربع روايات منها هذا الحديث الشريف ، ويليه حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في لعن ثلاثة ، الآكل زاده وحده ، والنائم في بيت وحده ، والراكب في فلاة وحده.
    قال السيّد ابن طاووس ، ولا تخرج وحدك في سفر فإن فعلت قلت ، « ما شاء الله ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله ، اللّهمّ آنس وحشتي ، وأعنّي على وحدتي ، وأدّ غيبتي » (1).
    والدعاء هذا هو حديث الفقيه (2).

1 ـ مصباح الزائر ، ص 34.
2 ـ من لا يحضره الفقيه ، ج 2 ، ص 276 ، ح 2431.


(317)
فهو غاو (2) ، والإثنان غاويان ، والثلاثةُ نَفَر (3) ؛ قال ، وروى بعضهم سَفْر (4) (5).

    (2) الغواية في اللغة بمعنى الضلالة والخيبة ، وفسّر الغاوي هنا بالضالّ عن طريق الحقّ أو الضالّ في سفره.
    (3) النفر بفتحتين ، بمعنى العدّة والجماعة ، أي جماعة يصحّ أن يكتفي بهم في السفر.
    (4) السَفْر بفتح السين وسكون الفاء ، جمع سافر نظير صحب وصاحب ، بمعنى المسافرين ، أي مسافرون يكتفي بهم.
    (5) روضة الكافي ، ج 8 ، ص 303 ، ح 465. والمحاسن ، ص 295 ، كتاب السفر ، ح 56. وورد مثله في الفقيه ، ج 2 ، ص 277 ، ب 3 ، ح 2433. والبحار ، ج 76 ، ص 228 ، ب 47 ، ح 5.



(318)
    الكافي ، عن حميد بن زياد ، عن الخشّاب ، عن ابن بقاح ، عن معاذ بن ثابت ، عن عمرو بن جميع ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال :
    قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، يا علي ، انّ هذا الدين متين ، فأوغِل فيه برفِق (1) ، ولا تُبغّضْ إلى نفسِك عبادةَ ربِّك. إنّ المُنْبَتّ (2) ـ يعني المفرط ـ لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قَطَع (3) فاعملْ عَمَلَ من يرجُو أن يموتَ هَرَماً ، واحذر حَذَرَ من يتخوّفُ أن يموتَ غداً (4).

    (1) أي سيروا في الدين برفق لا بتهافت.
    (2) المنبتّ بصيغة اسم المفعول ، من البتّ بمعنى القطع ، يطلق على الرجل الذي إنقطع به سفره وعطبت راحلته.
    (3) الظهر هو المركب ، أي بقى في طريقه عاجزاً عن مقصده ، ولم يصل إلى مقصوده.
    (4) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 87 ، باب الإقتصاد في العبادة ، ح 6.



(319)
    الكافي ، ذكر في حديث صفات أهل الإيمان التي عهد بها النبي إلى الوصي سلام الله عليهما وآلهما أنّه جاء فيه :
    فأخْبِرني يا رسولَ اللّهِ بصفةِ المؤمن ، فَنَكّسَ رسولُ اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رأسَه ثمّ رفَعَه فقال ، عشرون خصلة في المؤمنِ فإن لم تكنْ فيه لم يكملْ إيمانُه :
    إنّ من أخلاقِ المؤمنين يا علي :
    الحاضُرونَ الصّلاة ، المسارعُون إلى الزَكاة ، والمُطعمونَ المساكين ، والماسحونَ رأسَ اليتيم ، والمطهّرونَ أطمارَهم (1) ، والمتّزرُون على أوساطِهم (2) ، الذين إن حَدّثوا لم يكذبُوا ، وإن وَعَدوا لم يُخلفوا ، وإنْ ائِتُمنُوا لم يخونوا ، وإنْ تكلّموا صَدَقوا ، رهبانٌ بالليل (3) ،

    (1) الأطمار جمع طمر هو الثوب البالي ، وفي الأمالي وغيره أظفارهم.
    (2) الإزار لباس معروف ، والإتزار على الوسط لعلّه بمعنى شدّ الوسط في الإزار لستر العورة كاملا وعدم إبداء شيء منها أبداً (1).
    (3) من حيث كثرة العبادة والتهجّد لا الرهبانية المبتدعة ، بقرينة إختصاصها بالليل.

1 ـ مجمع البحرين ، ص 238.

(320)
أُسْدٌ بالنهار (4) ، صائمون النَّهار ، قائمونَ الليلِ ، لا يؤذونَ جاراً ، ولا يتأذّى بهم جارٌ (5) ، والذين مشيُهم على الأرضِ هونٌ (6) ، وخُطاهُم إلى المساجد ، وإلى بيوتِ الأرامل ، وعلى أثر الجنائز ، جَعَلنا اللّهُ وإيّاكُم من المتّقين (7).

    (4) من حيث الشجاعة وقوّة الإيمان.
    (5) فمضافاً إلى أنّ المؤمن لا يؤذي جاره قصداً ، لا يفعل فعلا يتأذّى به جاره ، ولو كان من غير قصد إيذائه.
    (6) أي برفق ، والهون هو الرفق واللين ، والمشي بتواضع وسكينة.
    (7) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 232 ، باب المؤمن وعلاماته وصفاته ، ح 5 ، مع إختلاف يسير. وعنه في بحار الأنوار ، ج 67 ، ص 276 ، ب 14 ، ح 4. وجاء في أمالي الصدوق ، ص 439 ، المجلس الحادي والثمانون ، ح 16. وأعلام الدين للديلمي ، ص 117.



(321)
    التمحيص ، روى أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال ، لا يكمل المؤمن إيمانه حتّى يحتوي على مائة وثلاث خصال ، فعلٌ وعملٌ ونيّةٌ وظاهرٌ وباطن (1) ، فقال أميرُ المؤمنين ( عليه السلام ) ، يا رسولَ اللّهِ ما يكونُ المائةُ وثلاث خصال ؟ فقال :
    يا علي من صفاتِ المؤمن أن يكونَ جوّالَ الفِكر (2) ، جوهريَ الذِّكْر (3) ، كثيراً علمُه ، عظيماً حلمُه ، جميلَ المنازعة ، كريمَ المراجعة ، أوسعَ الناسِ صدراً ، وأذلَّهم نفساً (4) ،

    (1) أي أنّ تلك الخصال يكون بعضها من الأفعال والأعمال ، وبعضها من النيّات وهي مع ذلك قد تكون ظاهرةً وقد تكون باطنة.
    والفرق بين الفعل والعمل على ما في المفردات ، هو أنّ العمل ما كان صادراً بقصد ، بخلاف الفعل فالعمل أخصّ من الفعل (1).
    (2) أي يطوف بفكره في الاُمور ، فيكون واسع الفكر.
    (3) الجوهر هو كلّ حجر يستخرج منه شيء ينتفع به ، فيكون ذكر المؤمن وما يذكره نافعاً كالجوهر.
    (4) أي يكون أذلّ الناس في نفسه وعند نفسه من جهة التواضع ، وان كان

1 ـ المفردات ، ص 348.

(322)
ضحكُه تبسّماً ، وإفهامُه تعلّماً (5) ، مذكّر الغافل ، معلَّمَ الجاهل ، لا يؤذي من يؤذيه (6) ، ولا يخوضُ فيما لا يعنيه ، ولا يَشمَتُ بمصيبة ، ولا يذكُرُ أحداً بغيبة ، بريئاً من المحرّمات ، واقفاً عند الشبهات (7) ، كثيرَ العطاء ، قليلَ الأذى ، عوناً للغريب ، وأباً لليتيم ، بُشرهُ في وجهه وحُزنُه في قلبه (8) ، مستبشراً بفقره (9) ، أحلى من الشهد ، وأصلدَ من الصّلد (10) ، لا يكشفُ سرّاً ، ولا يهتكُ ستراً ، لطيفَ الحركات ، حُلوَ المشاهدة ، كثيرَ العبادة ، حَسَنَ الوقار ، ليَّنَ الجانب (11) ، طويلَ الصمت ، حليماً إذا جُهل عليه ، صبوراً على مَن أساء إليه ، يُجلّ الكبير ، ويرحمُ الصغير ، أميناً على الأمانات ، بعيداً من الخيانات ، إلفُه التُقى ،

عزيزاً عند الناس.
    (5) أي يكون تفهيمه للناس بوجه التعلّم ، لا التعنّت والإلقاء في المشقّة.
    (6) بل يصفح عنه ، ويتجاوز عن مقابلته بالأذيّة.
    (7) فلا يرتكب حتّى الشبهات ، بل يقف دونها لأنّ في الشبهات عتاب ، وقد توقع الشخص في المحرّمات.
    (8) فهو وإن كان حزين القلب في الباطن لكنّه متبسّم الوجه في الظاهر.
    (9) أي فقر المال الذي هو شعار الصالحين لا فقر الدين ، فيستبشر ويفرح بهذا الفقر ، لأنّ مرارة الدنيا حلاوة الآخرة.
    (10) الحجرُ الصَّلد بسكون اللام هو الحجر الصلب الأملس ، والمؤمن أصلب من الحجر الصلب في إيمانه ، لا يداخل قلبه ريب ولا شكّ ولا جزع ، بل يكون صبوراً عند الهزاهز وواثقاً بدينه عند الشدائد.
    (11) فالمؤمن يكون لَيِّنَ العريكة غير فظّ ولا غليظ.



(323)
وخُلقه الحياء (12) ، كثيرُ الحذر ، قليلُ الزلَلَ ، حركاتُه أدب ، وكلامُه عجيب (13) ، مقيلُ العثرة (14) ، ولا يتّبع العورة ، وَقوراً ، صبوراً ، رضيّاً ، شكوراً ، قليل الكلام ، صدوق اللسان ، بَرّاً ، مصوناً ، حليماً ، رفيقاً ، عفيفاً ، شريفاً ، لا لَعَّانٌ ، ولا نَمَّام ، ولا كذّاب ، ولا مغتاب ، ولا سبّاب ، ولا حسود ، ولا بخيل هشّاشاً بشّاشاً (15) ، لا حسّاس ، ولا جسّاس (16) ، يَطلبُ من الاُمور أعلاها ومن الأخلاقِ أسناها ، مشمولا بحفظِ اللّه ، مؤيّداً بتوفيقِ اللّه ، ذا قوّة في لين ، وعزمة في يقين ، لا يَحيف (17) على من يبغض ،

    (12) أي من أخلاقه الحياء ، وفي المستدرك ، حلفه الحياء ، أي أنّه محالف وملازم للحياء.
    (13) أي يعجب المستمعين بحُسنه.
    (14) العثرة هي الزلّة والخطيئة ، وإقالتها هي المسامحة والتجاوز عنها من الإقالة ، وهي المسامحة والموافقة على النقض.
    (15) من الهشاشة والبشاشة ، وهي طلاقة الوجه وحسن اللقاء.
    (16) من التحسّس والتجسّس. قيل معناهما واحد ، وهو التفتيش والبحث عن بواطن الاُمور وتتبّع الأخبار ، وقد يفرّق بينهما بأنّ التجسّس أكثر ما يقال في الشرّ بخلاف التحسّس ، فالجاسوس هو صاحب الشرّ كما أنّ الناموس هو صاحب سرّ الخير ، وقيل التجسّس بالجيم أن يطلبه لغيره ، والتحسّس بالحاء أن يطلبه لنفسه ، وقيل أيضاً بالجيم هو البحث عن العورات ، وبالحاء هو الإستماع لحديث القوم (1).
    (17) من الحيف بمعنى الظلم والجور. يقال حاف في حكمه أي جارَ فيه.

1 ـ مجمع البحرين ، ص 323.

(324)
ولا يأثم في مَنْ يُحبّ ، صبورٌ في الشدائد ، لا يجور ، ولا يعتدي ، ولا يأتي بما يشتهي ، الفقرُ شعارُه (18) ، والصبرُ دثارُه (19) ، قليلُ المؤونة ، كثيرُ المعونة ، كثيرُ الصيام ، طويلُ القيام ، قليل المنام ، قلبه تقيّ ، وعلمهُ زكيّ ، إذا قَدَر عفا ، وإذا وَعَد وفى ، يصومُ رغباً ، ويُصلّي رهباً ، ويُحسِنُ في عمله كأنّه ناظر إليه ، غضّ الطَّرْف (20) ، سخيُّ الكفّ ، لا يردُّ سائلا ولا يبخلُ بنائل (21) ، متواصلا إلى الإخوان ، مترادفاً إلى الإحسان ، يَزِنُ كلامَه ، ويُخرسُ لسانَه (22) ، لا يغرقُ في بغضه ، ولا يهلكُ في حُبّه ، لا يقبل الباطلَ من صديقه ، ولا يردّ الحقَّ من عدوّه ، ولا يتعلّم إلاّ ليعلم ، ولا يعلم إلاّ ليعمل ، قليلا حقدُه ، كثيراً شكرُه ، يطلب النهار معيشته ، ويبكي الليل على خطيئتِه ، إنْ سَلَكَ مع أهل الدنيا كان ...

    (18) الشعار هو الثوب الذي يلي الجسد يُسمّى بالشعار لأنّه يلي الشعر ، وفي حديث مناجاة موسى بن عمران ( عليه السلام ) « يا موسى ، إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحباً بشعار الصالحين » كما تلاحظه مع ما يخصّه من معنى الفقر في الحديث (1).
    (19) الدثار هو الثوب الذي يُلبس فوق الشعار. يقال تدثّر بثيابه أي لبسها.
    (20) أي يغضّ ويخفض عينه عمّا حرّم الله النظر إليه.
    (21) نائل وجمعه نوائل هي العطيّة.
    (22) فيكفّ عمّا لا يحلّ التكلّم به.

1 ـ بحار الأنوار ، ج 72 ، ص 1 ، ب 94 ، في فضل الفقر والفقراء وحبّهم ومجالستهم والرضا بالفقر.

(325)
أكيسَهم (23) وإنْ سلكَ مع أهل الآخرةِ كان أورعَهم ، لا يرضى في كسبِه بشُبهة ، ولا يعملُ في دينِه برخصة (24) ، يَعطِفُ على أخيه بزلّتِه ويَرعى (25) ما مضى من قديمِ صحبته (26).

    (23) الكيّس هو العاقل. قيل هو مأخوذ من الكَيْس بفتح الكاف وسكون الياء المخفّفة ، بمعنى العقل والفطانة وجودة القريحة (1).
    (24) أي لا يتساهل فيه ، من الرخصة بمعنى التسهيل في الأمر ورفع التشديد فيه.
    (25) في المستدرك ، « ويرضى ».
    (26) كتاب التمحيص لأبي علي محمّد بن همام الكاتب المتوفّى سنة 336هجـ ، ص 74 ، ح 171. ورواه في المستدرك ، ج 11 ، ص 178 ، ح 22 ، المسلسل 12686 ، في أبواب جهاد النفس ، الباب الرابع في إستحباب ملازمة الصفات الحميدة.

1 ـ مجمع البحرين ، ص 332.

(326)
    فرحة الغري (1) ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمّد بن أبي البركات بن إبراهيم الصنعاني ، عن الحسين بن رطبة ، عن أبي علي بن شيخ الطائفة ، عن أبيه ، عن المفيد ، عن محمّد بن أحمد بن داود ، عن محمّد بن علي بن الفضل ، عن الحسين بن محمّد بن الفرزدق ، عن علي بن موسى [ بن ] الأحول ، عن محمّد بن أبي السري ، عن عبدالله بن محمّد البلوي ، عن عمارة بن يزيد ، عن أبي عامر التباني واعظ أهل الحجاز قال ، أتيت أبا عبدالله جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) وقلت له ، يابن رسول الله ما لمن زار قبرَه يعني أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وعمَّرَ تربته ؟
    قال ، يا أبا عامر حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه الحسين بن علي ، عن علي ( عليهم السلام ) أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال له :
    واللّهِ لتُقتَلَنَّ بأرضِ ...

    (1) رواه السيّد ابن طاووس بطريق آخر عن نصير الدين الطوسي ، عن والده ، عن القطب الراوندي ، عن ذي الفقار بن معبد ، عن شيخ الطائفة ، عن المفيد ، عن محمّد بن أحمد بن داود ، عن إسحاق بن محمّد ، عن زكريا بن طهمان ، عن الحسن بن عبدالله بن المغيرة ، عن علي بن حسّان ، عن عمّه عبد الرحمن ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ..
    وكذا رواه بسند ثالث بالإسناد المتقدّم عن محمّد بن أحمد بن داود ، عن محمّد بن علي بن الفضل ، عن أبي أحمد إسحاق بن محمّد المقريء المنصوري مولى المنصور ، عن أحمد بن زكريا بن طهمان مثله.



(327)
العراق (2) وتُدفنُ بها (3) قلتُ ، يا رسولَ اللّه

    (2) فقد استشهد صلوات الله عليه في العراق ، في محراب مسجد الكوفة ، كما صرّحت بذلك مصادر الخاصّة والعامّة مثل أمالي الشيخ الطوسي (1) ، مصباح الزائر (2) ، بحار الأنوار (3) ، تحفة الزائر (4) ، مطلوب الزائرين (5) ، تنقيح المقال (6) ، منتخب التواريخ (7) ، دائرة المعارف (8) ، كتاب الفضائل (9) لأحمد بن حنبل ، كنز العمّال (10) للمتّقي الهندي ، مقتل (11) ابن أبي الدنيا.
    (3) فقد دفن جثمانه الطاهر في ظهر الكوفة بالغريّ ، عند الذكوات البيض ، في النجف الأشرف ، حيث روضته المقدّسة الآن محفوفة بالنور ، وقد اتّفقت الشيعة نقلا عن أئمّتهم ( عليهم السلام ) انّه لم يدفن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلاّ في الغري في الموضع المعروف الآن والأخبار بذلك متواترة كما أفاده المحدّث القمي (12).

1 ـ أمالي الطوسي ، ج 3 ، ص 18.
2 ـ مصباح الزائر ، ص 464.
3 ـ بحار الأنوار ، ج 40 ، ص 281.
4 ـ تحفة الزائر ، ص 120.
5 ـ مطلوب الزائرين ، ص 10.
6 ـ تنقيح المقال ، ج 1 ، ص 186.
7 ـ منتخب التواريخ ، ص 140.
8 ـ دائرة المعارف ، ص 19.
9 ـ الفضائل ، ص 38 ، ح 63.
10 ـ كنز العمّال ، ج 15 ، ص 170 ، ح 497.
11 ـ مقتل ابن أبي الدنيا ، ص 30 ، ح 5.
12 ـ سفينة البحار ، ج 7 ، ص 205.


(328)
ما لمن زار قبورَنا وعمّرَها وتعاهدَها (4) ؟ فقال لي :
    يا أبا الحسن إنّ اللّه تعالى جعلَ قبرَك وقبرَ ولدِك بقاعاً من بقاعِ الجنّة ، وعرصةً من عَرَصاتها ، وإنّ اللّهَ جعلَ قلوبَ نجباء من خلقه وصفوة من عبادِه تحنُّ إليكم ، وتحتمل المذلّةَ والأَذى ، فيعمّرونَ قبورَكم ، ويُكثِرُون زيارتَها تقرّباً منهم إلى اللّه ، ومودّةً منهم لرسولِه (5) ، اُولئك ، يا علي المخصوصُون بشفاعتي ، الواردون حوضي ، هم زوّاري غداً في الجنّة.
    يا علي ، مَنْ عَمَّر قبورَكم وتعاهدَها فكإنّما أعانَ سليمانَ بن داود على بناء بيتِ المقدّس ، ومن زار قبورَكم عَدَلَ ذلك ثوابَ سبعين حجّة بعد حجّةِ الإسلام ، وخرجَ من ذنوبِه حتّى يرجع من زيارتِكم كيوم ولدتْهُ أُمُّه ، أَبْشِرْ ، وبشِّرْ أولياءَك ومحبّيكَ من النعيم وقرّةَ العين (6) بما لا عينَ رَأَت ولا أُذُنَ سَمِعَت ولا خَطَر على قلبِ بَشَر.

    (4) التعاهد هو التحفّظ بالشيء وتجديد العهد به.
    (5) في حديث الوشا قال ، سمعت الرضا ( عليه السلام ) يقول ، « إنّ لكلّ إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته ، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم ، فمن زارهم رغبةً في زيارتهم ، وتصديقاً بما رغبوا فيه ، كان أئمّتهم شفعاءهم يوم القيامة » (1).
    (6) أي ما يسرّ العين ، ببلوغ الاُمنية ، ورؤية ما يشتاق إليه مع رضا النفس وسكون العين.

1 ـ بحار الأنوار ، ج 100 ، ص 116 ، ب 2 ، ح 1.

(329)
    ولكن حُثالةٌ (7) من الناس يعيِّرون زوّارَكم (8) كما تُعيَّر الزانيةُ بزناها (9) ، اُولئك شرارُ أُمّتي ، لا أنالهُم اللّهُ شفاعتي ، ولا يَرِدون حوضي (10) (11).

    (7) الحثالة بضمّ الحاء ، الرديء من كلّ شيء ، ويقال ، هو من حثالتهم أي ممّن لا خير فيه منهم ، والأصل في الحثالة ما يسقط من قشر الشعير والأرز والتمر ونحو ذلك (1).
    (8) في البحار والمستدرك ، زوّار قبوركم.
    (9) بيان شدّة تعيير الأعداء الحُثالة لهذه السُنّة والزيارة.
    (10) وهذا من أسوء الجزاء لتلك الحثالة ، فانّ من لا يرد حوض الكوثر ، يكون مصيره إلى العقاب الأكبر. ومن المستحسن جدّاً ملاحظة فضل زيارة الهداة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين بأحاديثها الكثيرة الواردة في مصادرنا الحديثية (2).
    من ذلك ، حديث واحد نتبرّك به وهو حديث الكافي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال :
    يا علي ، من زارني في حياتي أو بعد موتي ، أو زارك في حياتك أو بعد موتك ، أو زار إبنيك في حياتهما أو بعد موتهما ، ضمنت له يوم القيامة أن اُخلّصه من أهوالها وشدائدها حتّى اُصيّره معي في درجتي (3).
    هذا مضافاً إلى أبلغ المثوبات في زيارة الأئمّة الهداة عليهم أفضل الصلوات ،

1 ـ مجمع البحرين ، ص 468.
2 ـ فروع الكافي ، ج 4 ، ص 548 ـ 589 ، في أبواب الزيارات.
3 ـ الكافي ، ج 4 ، ص 579 ، ح 2.


(330)
.........................

التي تلاحظها مجموعة مفصّلة في كتاب كامل الزيارات ، في أبوابها الكثيرة المشتملة على فضل زيارة أمير المؤمنين ، وسيّد الشهداء الحسين وأولاده الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين في أحاديث تزيد على حدّ التواتر عند الخاصّة ، بل وحتّى عند العامّة تواتر الحديث في الحثّ على زيارة الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ورجحانه وإستحبابه ومندوبيته ، بل حصول الجفاء بتركه ، كما تلاحظه في ما أحصاه من كتبهم شيخنا العلاّمة الأميني في كتاب الغدير ، ج 5 ، ص 93 ـ 143.
    (11) فرحة الغري للسيّد أبي المظفّر غياث الدين عبدالكريم بن طاووس الحلّي المتوفّى سنة 692 هجرية ، ص 76. وورد الحديث في التهذيب ، ج 6 ، ص 22 ، ب 7 ، ح 7 ، المسلسل 50. وعنه بحار الأنوار ، ج 100 ، ص 120 ، ب 2 ، ح 22. وعنه المستدرك ، ج 10 ، ص 214 ، ب 17 ، ح 1 ، المسلسل 11887.
وصايا الرسول لزوج البتول ::: فهرس