وصايا الرسول لزوج البتول ::: 331 ـ 345
(331)
    فرحة الغري ، عن الحسن بن الحسين بن طحال المقدادي قال ، روى الخلف عن السلف ، عن ابن عبّاس أنَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لعلي ( عليه السلام ) :
    يا علي ، إنّ اللّهَ ( عزّوجلّ ) عَرَض مودَّتنا أهلَ البيت على السماوات (1) فأوّلُ من أجاب منها السماءُ السابعة فزيَّنَها بالعرشِ والكرسيّ ، ثمّ السماءُ الرابعةُ فزيَّنَها بالبيتِ المعمور (2) ،

    (1) من المتّفق عليه في أحاديث الفريقين انّ ولاية آل محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عُرضت على السماوات والأرض حين خلقها كما تلاحظه من الخاصّة في أحاديث بحار الأنوار ، ج 23 ، ص 273 ، ب 16 ، الأحاديث ، ومن العامّة في أحاديث إحقاق الحقّ ، ج 7 ، ص 252 ، ب 224 ، الأحاديث ، وج 13 ، ص 58 ، ح 2 ، ولا عجب في إقدار الله تعالى على الإجابة لتلك المواضع التي عرض عليها المودّة ، نظير تسبيح الله تعالى من جميع الكائنات في الأرضين والسماوات.
    قال تعالى ، ( وإنْ مِن شَيء إلاّ يُسبّح بحمدِهِ ولكنْ لا تفقَهُونَ تَسبيحَهُم ) (1).
    (2) البيت المعمور هو مطاف الملائكة في السماء الرابعة فوق الكعبة المعظّمة بحيالها.

1 ـ سورة الإسراء ، الآية 44.

(332)
ثمّ سماءُ الدُّنيا فزيَّنَها بالنجوم ، ثمّ أرضُ الحجاز فشرَّفها بالبيتِ الحرام ، ثمّ أرضُ الشام فشرّفَها ببيتِ المقدّس ، ثمّ أرضُ طيبة فشرَّفها بقبري ، ثمّ أرضُ كوفان فشرَّفها بقبرِك يا علي.
    فقال ، يا رسولَ اللّه أقبر بكوفان العراق ؟
    فقال ، نعم يا علي تُقبرُ بظاهِرها قتلا بين الغريَّين والذَكَواتِ البيض (3) ، يقتُلكَ شقيُّ هذهِ الأُمّة عبدُالرحمن بن مُلجم ، فوالذي بعثني بالحقِّ نبيّاً ما عاقرُ ناقةِ صالح عندَ اللّهِ بأعظمَ عقاباً منه (4).

    (3) الغري في أصل اللغة هو البناء الجيّد ، والغريان بناءان مشهوران كانا عند قبر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، والذكوات جمع ذكوة هي الحصى أي الحصيات البيضاء المتوهجة في النجف الأشرف.
    (4) ففي حديث البحار ، ج 27 ، ص 239 ، ب 11 ، ح 1 ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند الله تبارك وتعالى من رجل قتل نبيّاً ، أو إماماً ، أو هدم الكعبة التي جعلها الله عزّوجلّ قبلة لعباده ، أو أفرغ ماءه في امرأة حراماً ).
    في الحديث الثامن من الباب أيضاً عن جابر عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، ( إنّ عاقر ناقة صالح كان ابن بغي ، وإنّ قاتل علي صلوات الله عليه ابن بغي .. وكانت مراد تقول ، ما نعرف له فينا أباً ولا نسباً ، وإنّ قاتل الحسين بن علي صلوات عليه ابن بغي وإنّه لم يقتل الأنبياء وأولاد الأنبياء إلاّ أولاد البغايا ).
    وقال الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه في كتاب الإعتقادات ، ص 106 ، ( إعتقادنا في قتلة الأنبياء وقتلة الأئمّة أنّهم كفّار ، مشركون ، مخلّدون في أسفل درك من النار ، ومن إعتقد فيهم غير ما ذكرناه فليس عندنا من دين الله في شيء ).



(333)
    يا علي ينصرُك من العراق مائةُ ألف سيف (5).

    (5) فرحة الغري ، ص 27 ، منه في بحار الأنوار ، ج 42 ، ص 197 ، ب 126 ، ح 16.


(334)
    بحار الأنوار ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال ، سألتُ النبي ( عليه السلام ) عن تفسيرِ المقاليد (1) فقال :

    (1) لعلّه سؤال عن تفسير المقاليد في قوله تعالى : ( لَهُ مَقاليدُ السَّماواتِ والأرْضِ ) (1).
    وفسّرت بمفاتيح السماوات والأرض بالرزق والرحمة (2).
    والمقاليد في اللغة بمعنى المفاتيح ، وواحدها مقليد ومقِلَد.
    قيل ، إنّه معرّب عن الروميّة وأصله بالرومي اقليدي (3).
    وقيل انّه فارسي معرّب (4).
    لكن أفاد الشيخ الطريحي أنّ الإقليد بمعنى المفتاح لغة يمانية فهي عربية (5).
    وردّ في هامش المعرّب على ابن دريد في كون الإقليد معرّباً وقال ، المقاليد كلمة عربية خالصة ، مأخوذة من مادّة ( ق ل د ) والإشتقاق منها واضح بيّن.

1 ـ سورة الزمر ، الآية 63 ، وسورة الشورى ، الآية 12.
2 ـ مجمع البيان ، ج 8 ، ص 507.
3 ـ مجمع البحرين ، ص 224.
4 ـ المعرّب الجواليقي ، ص 362.
5 ـ مجمع البحرين ، ص 224.


(335)
    يا علي ، لقد سألتَ عظيماً ، المقاليدُ هو أنْ تقولَ عشراً إذا أصبحتَ ، وعشراً إذا أمسيتَ (2) ، ( لا إله إلاّ اللّهُ ، واللّهُ أكبرُ ، سبحانَ اللّهِ ، والحمدُ للّهِ ، استغفرُ اللّهَ ، لا حولَ ولا قُوّةَ إلاّ باللّهِ ، هُوَ الأوّلُ والآخرُ والظاهرُ والباطنُ ، لهُ المُلكُ ولهُ الحمدُ ، يُحيي ويُميت ، وهو حَيٌّ لا يمُوتُ ، بيدِه الخيرُ ، وهو على كلِّ شيء قدير ).
    من قالها عشْراً إذا أصبَح وعشْراً إذا أمسى (3) أعطاهُ اللّهُ خصالا ستّاً ، أوّلُهنّ ، يحرسُه من إبليس وجنودِه ، فلا يكونُ لهم عليه سُلطان (4) ، والثانيةُ ، يُعطى قِنطاراً (5) في الجنّةِ أثقلَ في ميزانه من جبلِ أُحُد ، والثالثةُ ، يرفعُ اللّهُ له درجةً لا ينالَها إلاّ الأبرار ، والرابعةُ ، يزوّجُهُ اللّهُ من الحورِ العين ، والخامسةُ ، يشهدُه اثني عَشَرَ مَلَكاً يكتبُونها في رَقّ مَنشور (6) يشهدونَ له بها يومَ القيامة ،

    (2) في البلد الأمين ، « وإذا أمسيت عشراً ».
    (3) في البلد الأمين ، « فمن قال كذلك أعطاه الله ... ».
    (4) لا يوجد في البلد الأمين جملة ، « فلا يكون لهم عليه سلطان ».
    (5) القنطار بالكسر قيل في تفسيره ، ألف ومائتا أوقية ، وقيل مائة وعشرون رطلا ، وقيل ، هو ملاء مسك الثور ذهباً ، وقيل ليس له وزن عند العرب (1).
    وفي حديث إسحاق بن عمّار عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، إنّ القنطار من الحسنات ألف ومائتي أوقية ، والأوقية أعظم من جبل اُحد (2).
    (6) الرَق بفتح الراء ، الجلد الرقيق يكتب عليه ، والرق المنشور ، الصحيفة

1 ـ مجمع البحرين ، ص 297.
2 ـ معاني الأخبار ، ص 147.


(336)
والسادسةُ ، كان كمن قَرَء التوراةَ والإنجيلَ والزبُورَ والفرقانَ ، وكمن حَجَّ واعتَمرَ فَقبِلَ اللّهُ حجّتَه وعُمرتَه ، وإنْ ماتَ من يومِه أو ليلتِه أو شهرِه طُبِع بطابِع الشّهداء ، فهذا تفسيرُ المقاليد (7).

المفتوحة غير المطويّة.
    (7) بحار الأنوار ، ج 86 ، ص 281 ، ب 67 ، ح 42 ، عن خطّ الشهيد الأوّل ( قدس سره ). والبلد الأمين للشيخ الكفعمي ، ص 55. والمصباح له أيضاً ، ص 86. ورواه في المستدرك ، ج 5 ، ص 391 ، ب 41 ، ح 21 ، المسلسل 6165.



(337)
    الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره ، روى عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق ( عليه السلام ) ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) قال :
    قال رسولُ اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لمّا نَزَلت آيةُ الكرسي ، نزلت آيةٌ من كنزِ العرش ، ما من وَثَن في المشرق والمغربِ إلاّ وسقطَ على وجهِه ، فخافَ إبليسُ ، وقال لقومه ، حَدثَتْ في هذهِ الليلةِ حادثةٌ عظيمةٌ فالْزَموا مكانكم حتّى أجوبَ (1) المشارَق والمغاربَ فأعرف الحادثةَ ، فجابَ حتّى أتى المدينَة فرأى رجلا فقال ، هل حَدَث البارحة حادثة ؟ قال ، قال لنا رسولُ اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، نَزَلت عَلَيَّ آيةٌ من كنوزِ العرش سَقَطَتْ لها أصنامُ العالَم لوجهِها فرجع إبليسُ إلى أصحابِه وأخبرَهم بذلك.
    وقال ، قال رسولُ اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لا يقرأ هذه الآية في بيت إلاّ ولا يَحُوم الشيطانُ حولَه ثلاثةَ أيّام .. إلى أنْ ذكر ثلاثين يوماً ولا يَعْملُ (2) فيه السحرُ أربعينَ يوماً.
    يا علي ، تعلَّمْ هذهِ الآية وعلِّمْها أولادَك وجيرانَك فإنّه لم يَنزلْ عليَّ آيةٌ أعظمُ من هذا (3).

    (1) أي أقطع المشارق والمغارب وأسير إليها.
    (2) أي لا يؤثّر فيه السحر فتمنع هذه الآية الشريفة عن تأثير السحر.
    (3) تفسير أبي الفتوح الرازي ، ج 1 ، ص 439. وعنه المستدرك ، ج 4 ، ص 335 ، ب 44 ، ح 26 ، المسلسل 4824.



(338)
    الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره ، روى أيضاً أنّ جماعة من الصحابة كانوا جالسين في مسجد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويذكرون فضائل القرآن وانّ أيّ آية أفضل فيها ، قال بعضهم ، آخر براءة ، وقال بعضهم ، آخر بني اسرائيل ، وقال بعضهم ، كهيعص ، وقال بعضهم ، طه ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أين أنتم عن آيةِ الكرسي فانّي سمعتُ رسولَ الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول :
    يا علي ، آدمُ سيدُ البشر ، وأنا سيّدُ العرب ولا فخر (1) ، وسلمانُ سيّدُ فارس ، وصُهيبُ سيّدُ الروم ، وبلالُ سيّدُ الحبشة ، وطوُر سيناء سيّدُ الجبال ، والسِّدرةُ سيّدُ الأشجار ، والأشهُر الحُرُم سيّدُ الشهور ، والجمعةُ سيّدُ الأيّام ، والقرآنُ سيّدُ الكلام ، وسورةُ البقرة سيّدُ القرآن ، وآيةُ الكُرسي سيّدُ سورة البقرة ، فيها خمسون كلمة (2) ...

    (1) هذا فرع من فروع سيادته ، وإلاّ فهو سيّد الأوّلين والآخرين من الخلق أجمعين.
    (2) لعلّه يستفاد من عدد كلمات هذه الآية الكريمة في هذه الوصيّة الشريفة كون آية الكرسي هو خصوص قوله تعالى : ( اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ الحيُّ القَيّومُ ... ) إلى قوله تعالى : ( وهُو العَليّ العَظيم ).



(339)
في كلِّ كلمة بركة (3).

    لذا قال في المجمع ، « وآية الكرسي معروفة وهي إلى قوله وهو العلي العظيم » (1).
    وفي كنز الدقائق ، إنّ هذا هو المشهور (2).
    لكن جاء في حديث إسماعيل بن عبّاد عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، ( ولا يُحيطُونَ بشَيء مِن علِمه إِلاّ بما شاءَ ) وآخرها ( وهو العَليُّ العَظيم ) والحمد لله ربّ العالمين ، وآيتين بعدها (3).
    وأفاد بعده العلاّمة المجلسي في مرآة العقول في معناه ، أي ذكر آيتين بعدها وعدّهما من آية الكرسي ، فإطلاق آية الكرسي عليها على إرادة الجنس وتكون ثلاث آيات كما يدلّ عليه بعض الأخبار (4).
    واحتاط الفقهاء في موارد قرائتها في مثل مبحث صلاة الوحشة من الفقه بقرائتها إلى قوله تعالى : ( هُم فيها خالِدون ) كما تلاحظه في العروة الوثقى وقرّره عليه المحشّون (5).
    وعلى هذا تطلق آية الكرسي على الآيات الثلاثة ، 255 ، 256 ، 257 من سورة البقرة.
    (3) تفسير أبو الفتوح الرازي ، ج 1 ، ص 439. وعنه المستدرك ، ج 4 ، ص 336 ، ب 44 ، ح 27 ، المسلسل 4825.

1 ـ مجمع البحرين ، ص 332.
2 ـ كنز الدقائق ، ج 2 ، ص 405.
3 ـ روضة الكافي ، ج 8 ، ص 290 ، ح 438.
4 ـ هامش الروضة ، الرقم 1.
5 ـ العروة الوثقى ، كتاب الطهارة ، فصل المستحبّات بعد الدفن.


(340)
    كتاب الدعوات ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال ، دعاني رسولُ الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) (1) فقال :
    يا علي ، إذا أخَذْتَ مضجَعك فعليكَ بالإستغفارِ والصلاةِ عَلَيَّ وقل ، سبحانَ اللّهِ والحمدُ للّهِ ولا إلَه إلاّ اللّهُ واللّهُ أكبر ، ولا حولَ ولا قوّةَ إلاّ باللّهِ العليِ العظيم.
    وأَكْثِرْ من قراءةِ قُل هُوَ اللّهُ أحَد فإنّها نورُ القرآن ، وعليكَ بقراءةِ آيةِ الكرسي فإنّ في كلِّ حرف منها ألفُ بركة ، وألفُ رَحمة (2).

    (1) في البحار ، دعاني النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
    (2) كتاب الدعوات لقطب الدين الراوندي ، ص 84 ، ح 114. وعنه بحار الأنوار ، ج 76 ، ص 220 ، ب 44 ، ح 31. والمستدرك ، ج 5 ، ص 50 ، ب 11 ، ح 3 ، المسلسل 5339.



(341)
    كتاب الدعوات ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال :
    يا علي إقرأ يس (1) فإنّ في قراءةِ يس عشرَ بركات ، ما قرأها جائعٌ إلاّ شبع ، ولا ظامىءٌ إلاّ رُوي ، ولا عار إلاّ كُسي ، ولا عَزَبٌ إلاّ تَزوّج ، ولا خائفٌ إلاّ أَمِن ، ولا مريضٌ إلاّ برىء ، ولا محبوسٌ إلاّ أُخرج ، ولا مسافرٌ إلاّ أُعينَ على سفرِه ، ولا قرأها رجلٌ ضلَّت له ضالّةٌ إلاّ ردّها اللّهُ عليه ، ولا مسجونٌ إلاّ أُخرج ، ولا مدينٌ إلاّ أدّى دينَه.
    ولا قُرئِت عند ميّت إلاّ خفَّف اللّهُ عنه تلك الساعة (2) (3).

    (1) أي سورة يس التي هي قلب القرآن كما عبّر به في الحديث التالي :
    (2) ولهذه السورة المباركة فضائل كثيرة رويت عنهم ( عليهم السلام ) من ذلك :
    1 ـ حديث أبي بصير عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، إنّ لكلّ شيء قلباً وإنّ قلب القرآن يس ، من قرأها قبل أن ينام أو في نهاره قبل أن يمسي كان في نهاره من المحفظوين والمرزوقين حتّى يمسي ، ومن قرأها في ليله قبل أن ينام وكّل الله به ألف ملك يحفظونه من شرّ كلّ شيطان رجيم ومن كلّ آفة ، وإن مات في يومه أدخله الله به الجنّة ، وحضر غسله ثلاثون ألف ملك كلّهم يستغفرون له ويشيّعونه إلى قبره بالإستغفار له ، فإذا دخل في لحده كانوا في جوف قبره يعبدون الله وثواب عبادتهم له ، وفسح له في قبره مدّ بصره ، واُومن من ضغطة القبر ، ولم يزل له في قبره نورٌ



(342)
.........................

ساطع إلى أعنان السماء إلى أن يخرجه الله من قبره ، فإذا أخرجه لم يزل ملائكة الله معه يشيّعونه ويحدّثونه ويضحكون في وجهه ويبشّرونه بكلّ خير حتّى يجوزوا به الصراط والميزان ، ويوقفوه من الله موقفاً لا يكون عند الله خلقاً أقرب منه إلاّ ملائكة الله المقرّبون وأنبياؤه المرسلون ، وهو مع النبيّين واقف بين يدي الله لا يحزن مع من يحزن ، ولا يهمّ مع من يهمّ ، ولا يجزع مع من يجزع ، ثمّ يقول له الربّ تبارك وتعالى ، إشفع عبدي اُشفّعك في جميع ما تشفع ، وسلني عبدي أعطك جميع ما تسأل ، فيسأل فيُعطى ويشفع فيُشفّع ، ولا يُحاسب فيمن يحاسَب ولا يوقّف مع من يوقّف ، ولا يذلّ مع من يذلّ ، ولا ينكب بخطيئة ولا بشيء من سوء عمله ، ويعطى كتاباً منشوراً حتّى يهبط من عند الله ، فيقول الناس بأجمعهم ، سبحان الله ما كان لهذا العبد من خطيئة واحدة ، ويكون من رفقاء محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) (1).
    2 ـ حديث جابر الجعفيّ ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال ، من قرأ يس في عمره مرّة واحدة كتب الله له بكلّ خلق في الدنيا وبكلّ خلق في الآخرة وفي السماء بكلّ واحد [ هكذا في الأصل ] ألفي ألف حسنة ، ومحا عنه مثل ذلك ، ولم يصبه فقر ولا غرم ولا هدم ولا نصب ولا جنون ولا جذام ولا وسواس ولا داء يضرّه ، وخفّف الله عنه سكرات الموت وأهواله ، ووَلِيَ قبض روحه ، وكان ممّن يضمن الله له السعة في معيشته ، والفرح عند لقائه ، والرضا بالثواب في آخرته ، وقال الله تعالى لملائكته أجمعين من في السماوات ومن في الأرض ، قد رضيت عن فلان فاستغفروا له (2).

1 ـ ثواب الأعمال ، ص 138 ، ح 1.
2 ـ ثواب الأعمال ، ص 138 ـ 139 ، ح 2.


(343)
.........................

    (3) الدعوات للفقيه السعيد قطب الدين الراوندي ، ص 215 ، ح 579. وعنه البحار ، ج 81 ، ص 240 ، ب 48 ، ح 26. وعنه أيضاً المستدرك ، ج 2 ، ص 136 ، ب 31 ، ح 1 ، المسلسل 1627. وجاء في جامع الأخبار ، ص 126 ، ح 245.


(344)
    أمالي الشيخ الصدوق حدّثنا أبي ، قال حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمّد عن آبائه عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) قال ، قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على منبره :
    يا علي ، إنّ اللّهَ عزّوجلّ وَهَب لك حبَّ المساكين والمستضعفين في الأرض (1) فرضيتَ بهم إخواناً ورضوا بك إماماً ، فطوبى لمن أحبَّك وصَدَق عليك ، وويلٌ لمن أبغضك وكَذِبَ عليك.
    يا علي ، أنت العالمُ « العَلَمُ » (2) لهذه الاُمّةِ ، مَن أحبَّكَ فازَ ومَن أبغضك هلَكَ.
    يا علي ، أنا مدينةُ العِلم وأنتَ بابُها ، وهل تُؤتى المدينةُ إلاّ من بابِها (3).

    (1) فالفضل هو أن يكون الإنسان مورداً لمحبّة المساكين والمستضعفين لا الجبابرة المتكبّرين الذين يفقدون الحبّ في الله والبغض في الله.
    (2) أي العلامة والمعيار والمحك للاُمّة.
    (3) وهذا من أحاديث مدينة العلم المتّفق عليها بين الفريقين. رويت مضافاً إلى طرق الخاصّة في ستّة عشر حديثاً من طرق العامّة ، كما تلاحظها في غاية



(345)
    يا علي ، أهلُ مودّتِكَ كلُّ أوّاب (4) حفيظ وكلُّ ذي طِمر (5) لو أقسم على اللّه لأبرَّ قسمه.
    يا علي ، إخوانُك كلُّ طاهر زاك « زكيّ » مجتهد يحبّ فيك ويبغض فيك ، محتَقرٌ عند الخلق عظيمٌ المنزلةِ عندَ اللّه عزّوجلّ.
    يا علي ، محبّوك جيرانُ اللّهِ في دارِ الفردَوس ، لا يأسفون على ما خلَّفوا من الدنيا.
    يا علي ، أنا وليٌّ لمن واليتَ ، وأنا عدوٌ لمن عاديتَ.
    يا علي ، من أحبَّكَ فقد أحبَّني ، ومن أبغضَك فقد أبغضَني.
    يا علي ، إخوانُك ذُبْلُ الشفاه (6) تُعرف الرهبانيةُ في وجوههم (7).
    يا علي ، إخوانُك يفرحُون في ثلاثةِ مواطن ، عند خروجِ أنفسِهم وأنا شاهدُهم وأنت ، وعندَ المساءلةِ في قبورهم ، وعندَ العَرْضِ الأكبر ، وعندَ الصِراطِ إذا سُئل الخلقُ ...

المرام (1) ، وفصّل نقلها عن طائفة كثيرة من أعلام العامة في إحقاق الحقّ (2) فلاحظ.
    (4) أي كثير التسبيح من التأويب بمعنى التسبيح.
    (5) الطِّمر بكسر الطاء هو الثوب العتيق ، والكساء البالي من غير الصوف والجمع أطمار.
    (6) من جهة صيامهم بالنهار.
    (7) من جهة عبادتهم وقيامهم في الليل.

1 ـ غاية المرام ، ص 520 ، ب 29 ، الأحاديث.
2 ـ إحقاق الحقّ ، ج 5 ، ص 468 ، 501.
وصايا الرسول لزوج البتول ::: فهرس