وصايا الرسول لزوج البتول ::: 406 ـ 420
(406)
    قال ، وإنْ أُلقيَ عليكَ شَبَهٌ مِنّي (6) أو قال شَبَهي ؟ قال ، إنَّ ـ بمعنى نعم ـ (7) قال ، فارقَدْ على فِراشي واشتمِلْ ببُردي الحَضرمي ، ثمّ إنّي أُخبرُك يا علي أنّ اللَّه تعالى يمتحنُ أولياءَهُ على قَدرِ إيمانهم ومنازلِهم من دينِه ، فأشدُّ النّاسِ بَلاءً الأنبياءُ ، ثمَّ الأوصياءُ ، ثمّ الأمثَلُ فالأمثل (8) ، وقد امتحنَكَ يابنَ عمِّ وامتحنني فيكَ بمثلِ ما امتحنَ به خليلَه إبراهيمَ والذبيحَ إسماعيلَ ، فصَبرا صَبراً ، فإنَّ رحمةَ اللّهِ قريبٌ من المحسنين.
    ثمّ ضَمّهُ النبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى صَدرِه وبكى إليه وَجْداً به (9) ، وبكى عليٌّ ( عليه السلام ) جَشَعاً لفراقِ رسولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ... » (10).

الإحقاق (1).
    (6) أي قال الرسول الأعظم ، تبيت على مضجعي حتّى أن شابهتني فيصيبك ما يريدونه بي.
    (7) أي قال أمير المؤمنين في جواب النبي الأكرم ، إنّ بمعنى نعم التي هي من أحرف الجواب.
    (8) الأمثل هو الأفضل والأشرف والأعلى ، يقال هو أمثل قومه أي أفضلهم ، وهؤلاء أماثل القوم أي خيارهم ومنه حديث أشدّ الناس بلاءً الأنبياء ... ثمّ الأمثل فالأمثل (2).
    (9) الوجد هو الحزن ، كما أنّ الجشع هو أشدّ الحرص.
    (10) الأمالي ، ص 465 ، المجلس السادس عشر ، ح 37 ، المسلسل 1031.

1 ـ إحقاق الحقّ ، ج 3 ، ص 24.
2 ـ مجمع البحرين ، ص 495.


(407)
    أمالي الشيخ الطوسي ، أخبرنا أبو عبدالله محمّد بن محمّد بن النُعمان ( رحمه الله ) ، قال ، حدّثنا أبو نصر محمّد بن الحسين البصير السهروردي ، قال ، حدّثنا الحسين بن محمّد الأسدي ، قال ، حدّثنا أبو عبدالله جعفر بن عبدالله بن جعفر العلوي المحمّدي ، قال ، حدّثنا يحيى بن هاشم الغسّاني ، قال ، حدّثنا محمّد بن مروان ، قال ، حدّثني جُويبر ابن سعيد ، عن الضحّاك بن مزاحم ، في حديث مجيء أمير المؤمنين إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليخطب فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) جاء فيه :
    فلمّا رآني رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ضحك ، ثمّ قال ، ما جاء بك يا أبا الحسن وما حاجتك ؟ قال ، فذكرت له قرابتي وقدمي في الإسلام ونُصرتي له وجهادي ، فقال ، يا علي ، صدقت ، فأنت أفضل ممّا تذكر.
    فقلت ، يا رسول اللّه ، فاطمة تزوّجنيها ؟ فقال ، يا علي ، إنّه قد ذكرها قبلك رجال ، فذكرت ذلك لها ، فرأيت الكراهة في وجهها ، ولكن على رِسلك حتّى أخرج إليك ؛ فدخل عليها فقامت إليه ، فأخَذَت رداءه ونزعت نعليه ، وأتته بالوضوء ، فوضّأته بيدها وغسلت رجليه ، ثمّ قعدت ، فقال لها ، يافاطمة. فقالت ، لبيك ، حاجتك يا رسول الله ؟ قال ، إنّ علي بن أبي طالب مَنْ قد عرفت قرابته وفضله وإسلامه ، وإنّي قد سألتُ ربّي أن يزوّجك خير خلقه وأحبّهم إليه ، وقد ذكر من أمرك شيئاً فما ترين ؟ فسكتت ولم تولِّ وجهها ولم يرَ فيه رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كراهة ، فقام وهو يقول ، اللّه أكبر ، سكوتها إقرارها (1) ؛ فأتاه جبرئيل ( عليه السلام ) فقال ، يا محمّد ،


(408)
زوّجها علي بن أبي طالب ، فإنّ اللّه قد رضيها له ورضيه لها.
    ( قال عليٌّ ، فزوّجَني رسولُ اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ثُمّ أتاني فأخَذَ بيدي فقال ، قُمْ بسم اللّه وقُل ، (2) ( عَلى بركةِ اللّهِ ، وما شاءَ اللّهُ ، لا قوَّةَ إلاّ باللّهِ ، توكّلتُ على اللّه ).
    ثمّ جاءني حين أقعدني عندها ( عليها السلام ) ، ثمّ قال ، « اللهمّ إنّهما أحبُّ خلقِك إليّ فأحبَّهما ، وبارِكْ في ذرّيتِهما ، واجعلْ عليهما منكَ حافظاً ، وإنّي اُعيذُهما وذرّيتَهما بكَ من الشيطانِ الرَّجيم » (3).

    (1) وإستدلّ بهذا الحديث الشريف في كفاية سكوت البكر في إستئذانها للزواج وكون ذلك علامة لرضاها (1).
    (2) وهذه هي الوصيّة النبوية ، وقد اُمرت بقراءة هذا الذكر الشريف عند الدخول على الزوجة في الزفاف.
    (3) الأمالي ، ص 39 ، المجلس الثاني ، ح 13 ، المسلسل 44 ، وتلاحظ مفصّل بيان مراسم زواجها الأبهى في الأرض والسماء العليا في أحاديثها (2).

1 ـ وسائل الشيعة ، ج 14 ، ص 206 ، ب 5 ، الأحاديث.
2 ـ بحار الأنوار ، ج 43 ، ص 93 ، ب 5 ، الأحاديث.


(409)
    أمالي الشيخ الطوسي ، حدّثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ( قدّس الله روحه ) ، قال ، أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل ، قال ، حدّثنا يحيى بن علي بن عبدالجبّار السدوسي بالسيرجان ، قال ، حدّثني عمّي محمّد ابن عبدالجبّار ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن اُذينة ، عن أبان ومعاوية بن الريّان ، جميعاً عن شهر بن حوشب ، عن أبي اُمامة صُدَيّ بن عجلان الباهلي ، قال ، كنّا ذات يوم عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جلوساً ، فأتى علي ( عليه السلام ) فدخل المسجد ، وقد وافق من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قياماً (1) ، فلمّا رأى عليّاً جلس ، ثمّ أقبلَ عليه ، فقال :
    يا أبا الحسن ، إنّكَ أتيتَ ووافقَ قياماً فجلستُ لك ، أفلا أُخبرُكَ ببعضِ ما فضّلكَ اللّهُ به ؟ أُخبرُكَ أنّي خَتمتُ النبيّينَ ، وختمتَ أنتَ يا عليُّ الوصيينَ ، وحقّ على اللّهِ ألا يوقفَ موسى بنَ عمرانَ ( عليه السلام ) مَوقفاً إلاّ أوقفَ معهُ وصيَّه يوشعَ بن نُون ، وإنّي أقفُ وتُوقفُ وأسألُ وتُسأل ، فأعدِدْ يابن أبي طالب جواباً ، فإنّما أنتَ منّي تزولُ أينما زِلت.
    قال علي ( عليه السلام ) ، يا نبيَّ اللّهِ ، فما الذي تبيُّنه لي ، لأهتديَ بهُداكَ لي ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :

    (1) أي انتهى وتمّ مجلسه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقام للإنصراف.


(410)
    يا علي ، مَن يهدي اللّهُ فلا مضلَّ لهُ ومَن يُضِلل اللّهُ فلا هاديَ له ، وإنّه ( عزّوجلّ ) هاديكَ ومعلّمُك ، وحقّ لك أن تَعِيَ (2) ، لقد أخذَ اللّهُ ميثاقي وميثاقَك وميثاقَ شيعتِك وأهلَ مودّتِك إلى يومِ القيامة (3) ، فهُم شيعتي وذوي مودَّتي ، وهُم ذوي الألباب.
    يا علي ، حقّ على اللّهِ أن يُنزلَهُم في جنّاتِه ، ويُسكنَهُم مساكنَ الملوك ، وحقّ لهُم أن يطيّبوا (4) (5).

    (2) فلا ضلالة فيمن هداه الله تعالى وعلّمه وحفظ هو ما علّمه الله تعالى والوعي هو الحفظ.
    (3) أي العهد المأخوذ لله تعالى بالربوبية ، ولمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالرسالة ، ولعلي ( عليه السلام ) بالإمامة والوصاية ، ولشيعته بالولاية في حديث أخذ الميثاق المذكور بالتفصيل والأسناد العديدة في تفسير البرهان (1) عند تفسير قوله تعالى : ( وإذْ أخَذَ رَبُّكَ مِن بني آدَمَ من ظُهورِهم ذرّيتَهم وأشْهَدَهُم على أنفُسِهم ألسْتُ بربِّكُم قالُوا بَلى شَهِدْنا أنْ تقُولُوا يومَ القِيامَةِ إنّا كُنّا عن هذا غافِلين ) (2) ، وسيأتي بيان هذا الميثاق في الوصيّة المرقمة برقم 80.
    (4) أي يطيّبوا للجنّة ، فيغفر الله تعالى لهم ، ويقال لهم ، ( طِبْتُم فادخُلوها خالِدين ) (3).
    (5) الأمالي ، ص 612 ، المجلس التاسع والعشرون ، ح 1 ، المسلسل 1265.

1 ـ تفسير البرهان ، ج 1 ، ص 374.
2 ـ سورة الأعراف ، الآية 172.
3 ـ سورة الزمر ، الآية 73.


(411)
    أمالي الشيخ الطوسي ، أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال ، أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي ، قال ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن صالح ، قال ، حدّثنا عبدالأعلى بن واصل الأسدي ، عن مخول بن إبراهيم ، عن علي بن حزوّر ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال ، سمعت عمّار بن ياسر ( رضي الله عنه ) يقول ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) :
    يا علي ، إنَّ اللّهَ قد زيّنَكَ بزينة لم يُزيّنْ العبادُ بزينة أحبُّ إلى اللّهِ منها ، زيَّنَكَ بالزُّهدِ في الدُنيا ، وجعلكَ لا تَرزأ (1) منها شيئاً ولا ترزأُ منكَ شيئاً ، ووهَبَ لكَ حبَّ المساكين ، فجعلكَ ترضى بهم أتباعاً ويَرضَون بكَ إماماً ، فطُوبى لمَن أحبَّكَ وصدَّقَ فيك ،

    (1) أي لا تأخذ ولا تنال من الدنيا ، من قولهم ، أرزأ من فيئه شيئاً أي انقص منه فلا هو ( عليه السلام ) أخذ من الدنيا شيئاً ، ولا الدنيا أثّرت فيه شيئاً ، حتّى بلغ من الزهد الغاية القصوى باعتراف مُحبّه ومعاديه.
    قال فيه ابن أبي الحديد ، ( وامّا الزهد في الدنيا فهو سيّد الزهّاد ، وبدل الأبدال ، وإليه تشدّ الرحال ، وعنده تنفض الأحلاس ، ما شبع من طعام قطّ ، وكان أخشن الناس مأكلا وملبساً ... ) (1).

1 ـ شرح نهج البلاغة ، ج 1 ، ص 26.

(412)
وويلٌ لمن أبغضَكَ وكَذِبَ عليكَ ، فأمّا مَن أحبّكَ وصَدّقَ فيكَ فأُولئكَ جيرانُك في دارِك ، وشركاؤُك في جَنّتِك ، وأمّا من أبغضَكَ وكَذِبَ عليكَ فحقّ على اللّهِ أن يُوقفَه مَوقفَ الكذّابين (2) (3).

    (2) فإنّ من أعظم الكذب الممقوت الكذب على حجج الله ، أو تكذيبهم في خلافتهم ووصايتهم وإمامتهم ولزوم محبّتهم.
    وموقف الكذّاب يوم الحساب هو النار والعذاب.
    قال عزّ إسمه ، ( وتَصِفُ ألسنتُهُم أنَّ لَهُمُ الحُسنى لا جَرَمَ أنَّ لهُمُ النارُ وأنَّهُم مُفرَطون ) (1).
    وقال تعالى ، ( إنّما يَفتري الكَذِبَ الذّينَ لا يُؤمنُونَ بآياتِ اللّه ) (2).
    وقال عزّ شأنه ، ( إنَّ اللّهَ لا يَهدي مَن هُوَ كاذبٌ كَفّار ) (3).
    (3) الأمالي ، ص 181 ، المجلس السابع ، ح 5 ، المسلسل 303.

1 ـ سورة النحل ، الآية 62.
2 ـ سورة النحل ، الآية 105.
3 ـ سورة الزمر ، الآية 3.


(413)
    أمالي الشيخ الطوسي ، بالإسناد ، قال ، حدّثنا أبي ، قال ، حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال ، حدّثنا أحمد بن [ محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عُمر اليماني ، عن أبي الطفيل ، عن ] محمّد بن علي الباقر ، عن آبائه ( عليهم السلام ) ، قال :
    قال رسولُ اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأميرِ المؤمنين ( عليه السلام ) ، اكتُبْ ما اُملي عليكَ. قال ، يا نبيَّ اللّهِ أتخافُ عَليَّ النسيانَ ؟ قال ، لستُ أخافُ عليكَ النسيانَ ، وقد دَعَوتُ اللّهَ لكَ يُحفِظُك ولا يُنسيك ، ولكن اكتبْ لشركائِك (1).
    قلتُ ، ومَن شركائي يا نبيَّ اللّه ؟ قال ، الأئمّةُ من وُلدِك ، بهم تُسقى أُمّتي الغيثُ ، وبهم يُستجابُ دعاؤُهم ، وبهم يَصرفُ اللّهُ عنهُم البلاء ، وبهم تنزلُ الرحمةُ من السَّماءِ (2) ، وأومأ إلى الحسن ( عليه السلام ) وقال ، هذا أوُّلهم ؛ وأومأ إلى الحسين ( عليه السلام ) وقال ، الأئمّةُ من وُلدِه (3).

    (1) وهذه وصيّته بكتابة أماليه ، حتّى تكون أمالي ووصايا النبي لوصيّه محفوظة مسجّلة لتصل يداً بيد إلى شركائه المقصودين أيضاً بهذه الأمالي والوصايا.
    (2) فهم وسائل الفيض الإلهي ، ووصائل الرحمة الربّانية .. بيمُنهم رُزق الورى وبوجودهم ثبتت الأرض والسماء.
    (3) الأمالي ، ص 441 ، المجلس الخامس عشر ، ح 46 ، المسلسل 989.



(414)
    أمالي الشيخ الطوسي ، أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال ، أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمّد ، قال ، حدّثني أبي ، قال ، حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أبي الجوزاء المنبّه بن عبيدالله ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن الحسين بن علي ، عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
    يا علي ، إنّ الله ( تعالى ) أمَرني أن اتّخذَكَ أخاً ووصيّاً ، فأنتَ أخي ووَصيّي ، وخليفتي على أهلي في حياتي وبَعدَ موتي ، مَن تبعكَ فقد تَبعَني ، ومن تَخلّفَ عنكَ فقد تَخلّفَ عنّي ، ومن كَفَرَ بكَ فقد كَفَرَ بي ، ومن ظلَمكَ فقد ظلمني.
    يا علي ، أنتَ مِنّي وأنا منك.
    يا علي ، لولا أنتَ لما قُوتلَ أهلُ النهر.
    قال ، فقلتُ يا رسولَ اللّهِ ، ومن أهلُ النَّهر ؟ قال ، قومٌ يَمرُقونَ من الإسلامِ كما يمرُق السَّهمُ من الرَميّة (1) (2).

    (1) وهم الخوارج المارقون الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد ، وتَصنّعوا بلباس الورع للتزوير والخدع .. فقاتلهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في واقعة النهروان ، وكان قد أخبر قال ( عليه السلام ) قبل مقاتلتهم ، انّه لم يسلم منهم عشرة ، ولا يُقتل من أصحابي


(415)
.........................

عشرة ، فكان كما قال حيث فرّ من اُولئك تسعة وإستشهد من أصحابه تسعة وقد تقدّم في الوصيّة رقم 58 تظافر الدليل على كفر الخوارج وتحقّق بغيهم.
    وتلاحظ تفصيل البيان في البحار (1).
    والنَهروان بفتح النون والراء بلد معروف بالعراق يبعد عن بغداد أربعة فراسخ (2) ، وهي كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي ... نهر مبتدؤه قرب تامّرا أو حلوان ، إن قلّ ماؤه عطش أهله وإن كثر غرقوا.
    وقال حمزة الاصبهاني ، يقبل من نواحي آذربايجان إلى جانب العراق واد جرّار فيسقي قرىً كثيرة ، ثمّ ينصب ما بقى منه في دجلة أسفل المدائن ، ولهذا النهر إسمان أحدهما فارسي ، والآخر سرياني ، فالفارسي ( جُوروان ) والسرياني ( تامّرا ) فعرّب الإسم الفارسي فقيل نهروان (3).
    (2) الأمالي ، ص 200 ، المجلس السابع ، ح 43 ، المسلسل 341.

1 ـ بحار الأنوار ، ج 33 ، ص 343 ـ 404 ، ب 23.
2 ـ مجمع البحرين ، ص 308.
3 ـ معجم البلدان ، ج 5 ، ص 325.


(416)
    أمالي الشيخ الطوسي ، أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال ، أخبرنا محمّد بن إسماعيل ، قال ، حدّثنا محمّد بن الصلت ، قال ، حدّثنا أبو كُدينة ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن عبدالله بن العبّاس قال ، لمّا نزلت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( إنّا أعطَيْناكَ الكَوْثَر ) قال له عليُّ بن أبي طالب ، ما هو الكوثر ، يا رسولَ اللّه ؟
    قال ، نهرٌ أكرمني اللّه به.
    قال علي ( عليه السلام ) ، إنّ هذا لنهرٌ شريفٌ ، فانَعتْهُ لنا يا رسولَ اللّه.
    قال ، نعم يا علي ، الكوثرُ نهرٌ يَجري تحتَ عَرشِ اللّهِ تعالى ، ماؤُهُ أشدُّ بياضاً من اللَّبنَ ، وأحلى من العَسل ، وأليَنُ من الزَّبَد ، حصاهُ الزَّبرجَدُ والياقُوتُ والمَرجانُ ، حشيشُه الزعفرانُ ، ترابُهُ المِسكُ الأذْفَر (1) ، قواعدُهُ تحتَ عرشِ اللّه عزّوجلّ (2) ،

    (1) أي الخالص الجيّد ذكي الرائحة.
    (2) وتلاحظ وصف الكوثر أيضاً في حديث مسمع كردين عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) جاء فيه :
    « ... يامسمع من شرب منه شربةً لم يظمأ بعدها أبداً ، ولم يشْقَ بعدها أبداً ، وهو في برد الكافور ، وريح المسك ، وطعم الزنجبيل ، أحلى من العسل ، وألين من الزبد ، وأصفى من الدمع ، وأذكى من العنبر ، يخرج من تسنيم ، ويمرّ بأنهار الجنان تجري



(417)
ثُمّ ضَرَبَ رسولُ اللّهُ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يدَهُ على جَنْبِ أميرِ المؤمنين ( عليه السلام ) وقال :
    يا علي ، إنّ هذا النهرُ لي ولكَ ولمحبّيكَ مِن بَعدي (3) (4).

على رضراض الدرّ والياقوت.
    فيه من القدحان أكثر من عدد النجوم ، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام ، قدحانه من الذهب والفضّة وألوان الجوهر ، يفوح من وجه الشارب منه كلّ فائحة ، يقول الشارب منه ليتني تُركت هيهنا لا أبغي بهذا بدلا ، ولا عنه تحويلا.
    أما إنّك ياكردين ممّن تُروى منه ، وما من عين بكت لنا إلاّ نعمت بالنظر إلى الكوثر ، وسقيت منه.
    من أحبّنا فانّ الشارب منه [ فانّ الشارب منه ممّن أحبّنا خل ] ليُعطى من اللذّة والطعم والشهوة له أكثر ممّن يُعطاه من هو دونه في حبّنا.
    وانّ على الكوثر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وفي يده عصا من عوسج ، يحطّم بها أعداءنا فيقول الرجل منهم ، إنّي أشهد الشهادتين فيقول ، إنطلق إلى إمامك فلان ، فاسأله أن يشفع لك ، فيقول ، يتبرّأ منّي إمامي الذي تذكره ... » (1).
    (3) فيرتوون منه يوم الظمأ الأكبر ، ويلتذّون به اللذّة الكبرى.
    (4) الأمالي ، ص 69 ، المجلس الثالث ، ح 11 ، المسلسل 102.

1 ـ بحار الأنوار ، ج 44 ، ص 290 ، ب 24 ، ح 31.

(418)
    أمالي الشيخ الطوسي ، أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال ، أخبرنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي ، قال ، حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني ، قال ، أخبرني عمر بن أسلم ، قال ، حدّثنا سعيد بن يوسف البصري ، عن خالد بن عبد الرحمن المدائني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبي ذرّ الغفاري ( رحمه الله ) قال ، رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد ضرب كتف علي بن أبي طالب بيده وقال :
    يا علي ، من أحبَّنا فهُو العَرَبي ، ومَن أبغضَنا فهو العِلْج (1) ، شيعتُنا أهلُ البيوتاتِ والمعادنِ والشَّرفِ (2) ، ومن كان مولدُه صحيحاً.
    وما على ملّةِ إبراهيمَ إلاّ نحنُ وشيعتُنا ، وسائرُ النّاسِ منها بُراء.
    إنَّ للّهِ ملائكةٌ يَهدمُون سيّئاتِ شيعتِنا (3) كما يَهدمُ القومُ البنيان (4) (5).

    (1) العِلج بكسر العين وسكون اللام وجمعه علوج وأعلاج ، هو الكافر من الأعاجم يعني غير العرب.
    (2) فالشيعي يكون جوهرةً أصيلة شريفة له أصل ثابت ومنبتٌ طاهر.
    (3) فإنّ حسناتهم يذهبن بالسيّئات ، والله غفور رحيم.
    (4) في الفضائل ، ( كما يهدم القَدوم البنيان ) والقَدوم هو الفأس.
    (5) الأمالي ، ص 190 ، المجلس السابع ، ح 24 ، المسلسل 322. وجاء في فضائل الشيعة ، ص 10 ، ح 9.



(419)
    أمالي الشيخ الطوسي ، أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل ، قال ، حدّثنا يحيى بن علي بن عبدالجبّار السدوسي ... ، قال ، حدّثني عمّي محمّد بن عبدالجبّار ، قال ، حدّثنا حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن اُذينة ، عن عبد الرحمن بن اُذينة العبدي ، عن أبيه وأبان مولاهم ، عن أنس بن مالك قال ، رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوماً مُقبلا على علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وهو يقرأ هذه ، ( ومِنَ اللَّيلِ فَتَهجَّدْ بِهِ نافِلةً لكَ عَسى أنْ يَبْعثَكَ ربُّكَ مَقاماً مَحمُوداً ) (1).
    فقال ، يا علي ، إنّ ربّي عزّوجلّ مَلّكني الشفاعةَ في أهلِ التوحيدِ من اُمَّتي ، وحَظَر (2) ذلك عَمَّنْ ناصَبَك (3) وناصَبَ وُلدَكَ من بَعدي [ بعدك ] (4).

    (1) سورة الإسراء ، الآية 79.
    (2) الحظر ، المنع ، والمحظور هو المحرّم.
    (3) من النُصب وهي المعاداة ، يقال ، نصبتُ لفلان إذا عاديته ، ومنه الناصب وهو الذي يتظاهر بعداوة أهل البيت ( عليهم السلام ) أو مواليهم لأجل متابعتهم لأهل البيت ( عليهم السلام ) (1).
    (4) الأمالي ، ص 455 ، المجلس السادس عشر ، ح 23 ، المسلسل 1017.

1 ـ مجمع البحرين ، ص 139.

(420)
    أمالي الشيخ الطوسي ، أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل محمّد بن عبدالله الشيباني قال ، حدّثنا محمّد بن علي بن شاذان ... ، قال ، حدّثنا الحسن بن محمّد بن عبدالله الواحد ، قال ، حدّثنا حسن بن حسين العرني ، قال ، حدّثنا يحيى بن يعلى الأسلمي ، عن عمر بن موسى يعني الوجيهي ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي ( عليه السلام ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال له :
    يا علي ، أَما إنَّكَ المُبتلى (1) والمُبتلى بِكَ (2) ، أما إِنّكَ الهادي مَن اتّبعَكَ ، ومَنْ خالَفَ طريقتَكَ فَقَد ضَلَّ إلى يومِ القيامَة (3).

    (1) فإنّه ( عليه السلام ) ابتُلي بالناس وتحمّل غاية الأذى في سبيل هدايتهم لإرشادهم.
    (2) أي أنّه ( عليه السلام ) امتُحن به الناس فمن أتاه نجى ، ومن تخلّف عنه هلك ، فهو الباب الممتحن به الناس كباب حطّة بني إسرائيل.
    وقد وردت الأحاديث المتظافرة في أنّ علياً باب حطّة من دخله كان مؤمناً ومن خرج عنه كان كافراً كما تلاحظه في أحد عشر حديثاً من طرق العامّة مضافاً إلى الخاصّة جاءت في إحقاق الحقّ (1).
    (3) الأمالي ، ص 499 ، المجلس الثامن عشر ، ح 1 ، المسلسل 1094.

1 ـ إحقاق الحقّ ، ج 7 ، ص 143 ، ب 187 ، الأحاديث.
وصايا الرسول لزوج البتول ::: فهرس