وصايا الرسول لزوج البتول ::: 526 ـ 540
(526)
    تفسير فرات الكوفي ، حدّثنا جعفر بن أحمد بن يوسف ، عن علي بن بزرج الحنّاط ، عن علي بن حسّان ، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :
    نزل على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله تعالى ( قُلْ لا أسألُكُم علَيهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ فِي القُربى ) (1).
    ثمّ إنّ جبرئيلَ أتاهُ فقال يا محمّد إنّكَ قد قضيتَ نبوّتك ، واستكملتَ أيّامك (2) ، فاجعل الاسمَ الأكبر ، وميراثَ العلم ، وآثارَ علمِ النبوّةِ ، عند علي ، فإنّي (3) لا أتركُ الأرضَ إلاّ وفيها عالمٌ تُعرفُ به طاعتي ، وتُعرفُ (4) به ولايتي ، ويكونُ حجّةً لمن وُلد فيما بين قَبض (5) النبيّ إلى خروج النبيّ الآخَر.
    فأوصى إليهِ بالاسمِ ، وميراثِ العلم ، وآثارِ علمِ النبوّة ، وأوصى إليهِ بألفِ باب يُفتحُ لكلِّ باب ألفُ باب وكلِّ كلمة ألف كلمة ،

    (1) سورة الشورى ، الآية 23.
    (2) في المصدر ، وأسلبتك أيّامك ، وأثبتنا ما هنا وما يليه من البحار لأجوديته في النظر.
    (3) في المصدر ، وإنّي.
    (4) في المصدر ، ويعرف في كلا الموضعين.
    (5) في المصدر ، فيما تربّص.



(527)
ومات (6) يومَ الإثنين ، وقال :
    يا علي ، لا تخرجْ ثَلاثةَ أيّام حتّى تُؤلّفَ كتابَ اللّهِ كي لا يزيدَ فيهِ الشيطانُ شيئاً ولا ينقُصَ منهُ شيئاً ، فإنّكَ في ضِدّ سُنّةِ وَصيِّ سُليمان عليه الصلاة والسلام (7).
    فلمْ يَضَعْ عليٌ ( عليه السلام ) رداءَهُ على ظَهرِهِ حتّى جَمَعَ القرآنَ ، فلم يَزِدْ فيهِ الشّيطانُ شيئاً ولم يَنقُصْ منهُ شيئاً (8).

    (6) في المصدر ، ومرض.
    (7) أفاد العلاّمة المجلسي ( قدس سره ) هنا انّه إشارة إلى ما فعل إبليس بعد موت النبي سليمان من كتابة إبليس السحر وجعله تحت سرير النبي سليمان ، حتّى يُلبّس الأمر على الناس ويوهمهم أنّ ما فعله النبي سليمان كان من السحر لا من النبوّة.
    وقد جاء هذا في حديث ابن أبي عمير فيما حَدَثَ بعد موت سليمان ( عليه السلام ) ، ( وضع إبليس السحر وكتبه في كتاب ، ثمّ طواه وكتب على ظهره ، هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم ، من أراد كذا وكذا فليفعل كذا وكذا ، ثمّ دفنه تحت السرير ، ثمّ إستثاره لهم فقرؤوه فقال الكافرون ، ما كان سليمان يغلبنا إلاّ بهذا ، وقال المؤمنون ، بل هو عبدالله ونبيّه ، فقال جلّ ذكره ، ( واتّبَعُوا ما تَتلُوا الشَّياطينُ على مُلْكِ سُلَيمانَ وما كَفَرَ سُلَيمانُ ولكِنَّ الشَّياطينَ كفرُوا يُعَلّموُنَ النّاسَ السِّحر ) (1) (2).
    (8) تفسير القرآن الكريم للشيخ الجليل فرات بن إبراهيم الكوفي من أعلام الغيبة الصغرى ، ص 398 ، ح 20 ، في سورة الشورى ، المسلسل 530. وعنه مع إختلاف يسير بحار الأنوار ، ج 23 ، ص 249 ، ب 13 ، ح 23.

1 ـ سورة البقرة ، الآية 102.
2 ـ بحار الأنوار ، ج 14 ، ص 138 ، ب 11 ، ح 3.


(528)
    تفسير فرات الكوفي ، عن محمّد بن عيسى الدهقان ، معنعناً ، عن أبي سعيد الخدري ( رضي الله عنه ) قال ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول لعلي :
    يا علي أبْشِرْ وبَشِّرْ فليس على شيعتِك كَربٌ (1) [ حَسْرةٌ ] عندَ الموتِ ، ولا وَحشةٌ في القُبور ، ولا حُزنٌ يَومَ النشورِ ، ولَكَأنّي بهم يَخرجُونَ من جَدَثِ القبور ، يَنفُضُونَ التّرابَ عن رُؤوسِهم ولحاهُم ، يقولون ، « الحَمْدُ للّهِ الّذي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ إنَّ ربَّنا لَغَفُورٌ شَكُور * الّذي أَحَلَّنا دارَ المُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فيها نَصَبٌ ولا يَمَسُّنا فيها لُغُوب » (2) (3).

    (1) الكرب والكُربة هو الغم ، فشيعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في ساعة الموت الذي هو وقت رهيب لا كرب لهم ، بل هو مسرورون لأنّهم هم الفائزون.
    فلاحظ ما لهم من مزيد البشائر ، وفريد الفضائل في كتاب ، ( بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ).
    (2) سورة فاطر ، الآية 34 ـ 35.
    (3) تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي ، ص 348 ، ح 475. عنه بحار الأنوار ، ج 7 ، ص 198 ، ب 8 ، ح 73.


(529)
    كنز جامع الفوائد ، شيخ الطائفة ، بإسناده عن إبراهيم بن النخعي ، عن ابن عبّاس قال ، دخلتُ على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقلت ، يا أبا الحسن أخبرني بما أوصى إليك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
    قال ، سأخبُركُم ، إنّ الله اصطفى لكُم الدّينَ وارتضاهُ ، وأتَمّ نعمتَه عليكُم ، وكنتُم أحقَّ بها وأهلها ، وإنّ الله أوحى إلى نبيّه أنْ يُوصي إليّ فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
    يا علي ، إحْفَظْ وَصيَّتي ، وارْعِ ذِمامي (1) ، وأوفِ بِعَهدي ، وأَنْجِزْ عِداتي (2) ، واقضِ دَيني ، وأحْي سُنّتي ، وادعُ إلى مِلّتي ، لأنَّ اللّهَ تعالى اصطفاني واختارني ، فذكرتُ دعوةَ أخي موسى فقلتُ ، اللّهُمَّ اجعلْ لي وَزيراً من أهلي كما جَعَلتَ هارونَ مِن موسى ، فأوحى اللّهُ عزَّوجلَّ إليَّ ، إنّ عليّاً وزيرُك وناصرُك والخليفةُ من بعدِك. ثمّ ،
    يا علي (3) ، أنتَ من أئمّةِ الهُدى وأولادي منكَ ، فأنتُم قادةُ الهُدى والتُقى ، والشَّجَرةُ التي أنا أصلُها ، وأنتُم فرعُها ،

    (1) جمع ذمّة وهو العهد ، ورعايته هو حفظه.
    (2) جمع عِدَة وهو وعد الخير ، وانجازها هو قضاؤها.
    (3) في نسخة ، ثمّ قال يا علي.



(530)
فمَن تَمسَّكَ بها فقد نجا ومَن تخلَّفَ عنها فقد هَلَكَ وهوى ، وأنتُم الّذينَ أوجبَ اللّهُ تعالى مودَّتَكُم وولايتَكُم ، والّذين ذَكَرهُمُ اللّهُ في كتابِه ووصفَهُم لعبادِهِ فقالَ عزَّوجَلَّ مِن قائل ( إنَّ اللّهَ اصطفَى آدمَ ونُوحاً وآلَ إبراهيمَ وآلَ عِمرانَ عَلى العالَمينَ * ذُرّيةً بعضُها مِن بَعض وَاللّهُ سَميعٌ عَليم ) (4).
    فأنتم صفوةُ اللّهِ من آدَم ونُوح وآلَ إبراهيمَ وآلَ عِمرانَ ، وأنتم الأسرةُ من إسماعيلَ ، والعِترةُ الهاديةُ مِن محمّد صلّى اللّهُ عليهِ وعليهِم (5).

    (4) سورة آل عمران ، الآية 33 ـ 34.
    (5) كنز جامع الفوائد للشيخ عالم بن سيف النجفي الحلّي ، ص 50. وعنه البحار ، ج 23 ، ص 221 ، ب 12.



(531)
    العياشي في تفسيره ، عن أبي حمزة الثمالي قال ، سمعت أحدهما ( عليهما السلام ) يقول ، إنّ علياً ( عليه السلام ) أقبلَ على الناس فقال ، أَيّةُ آية في كتابِ اللّهِ أرجى عنَدكُم ؟
    فقال بعضُهم ، ( إنَّ اللّهَ لا يَغفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغفرُ ما دُونَ ذلِكَ لمَنْ يَشاء ) (1) قال ، حسنة وليست إيّاها.
    فقال بعضهم ، ( يا عِبادِيَ الّذينَ أسْرَفُوا عَلى أنفسِهِمْ لا تَقنَطُوا مِن رَحْمةِ اللّه ) (2) قال ، حسنة وليست إيّاها.
    وقال بعضهم ، ( والّذينَ إذا فَعَلُوا فاحِشَةً أو ظَلَمُوا أنفُسَهُمْ ذَكرُوا اللّهَ فَاستَغفَرُوا لِذنُوبِهِم ) (3) قال ، حسنة وليست إيّاها. قال ، ثمَّ أحجَمَ الناس (4) فقال ، ما لكُم يا معشرَ المسلمين ؟ قالوا ، لا والله ما عندَنا شيءٌ.

    (1) سورة النساء ، الآية 48.
    (2) سورة الزمر ، الآية 53. وفي البحار وردت هذه مع آية اُخرى وهي قوله تعالى : ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءً أوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَستَغفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غُفُوراً رَحيماً ) (1).
    (3) سورة آل عمران ، الآية 135.
    (4) أي كَفّوا عن الكلام وسكتوا.

1 ـ سورة النساء ، الآية 110.

(532)
    قال ، سمعتُ رسولَ الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول ، أرجى آية في كتابِ الله ( وأَقِمِ الصَّلاةَ طرفَيِ النَّهارِ وزُلَفاً مِنَ اللَّيلِ ) (5) وقرأ الآية كلّها (6). وقال :
    يا علي ، والّذي بَعَثَني بالحَقِّ بَشيراً ونَذيراً أنَّ أحدَكُم لَيقُومُ إلى وُضوئِه فتَساقَطُ عن جَوارحِهِ الذّنوبُ ، فإذا استقبَلَ [ اللّهَ ] بوجهِهِ وقلبهِ لم ينَفتلْ عن صلاتِهِ (7) وعليهِ من ذنوبِه شَيء كما ولدتُهُ اُمّهُ ، فإنْ أصابَ شَيئاً بينَ الصَّلاتَينِ كانَ لهُ مِثلُ ذلكَ حتّى عدّ الصلواتِ الخَمس. ثمّ قال :
    يا علي ، إنّما مَنزلةُ الصَّلواتِ الخَمْسِ لاُمّتي كنَهر جار على بابِ أحدِكم ، فما ظَنَّ أحدِكُم لو كانَ في جَسَدِه دَرَنٌ ثُمَّ اغتَسلَ في ذلكَ النَّهر خَمسِ مَرّات في اليوم ، أكانَ يَبقى في جسدِه دَرَن ؟ فكذلك واللّهِ الصَّلواتِ الخَمس لأُمّتي (8) (9).

    (5) سورة هود ، الآية 114.
    (6) وهي قوله عزّ إسمه ، ( إنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيّئاتِ ذلكَ ذِكرى للذّاكِرين ).
    (7) أي لم ينصرف عنها.
    (8) فالصلاة أفضل ما يتقرّب العباد به إلى ربّهم بعد المعرفة ، وهي عمود الدين والقُربان إلى ربّ العالمين.
    (9) تفسير العياشي ، ج 2 ، ص 161 ، ح 74. وعنه بحار الأنوار ، ج 82 ، ص 220 ، ب 1 ، ح 41. وتفسير البرهان ، ج 1 ، ص 492. ومجمع البيان ، ج 5 ، ص 201. والمستدرك ، ج 3 ، ص 39 ، ب 10 ، ح 2 ، المسلسل 2965.



(533)
    فلاح السائل ، في العهد الذي ينبغي أن يعهده المؤمن عند موته ، وأوصى بها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علياً ( عليه السلام ) وقال له :
    ( تَعَلَّمْها أنتَ وعَلِّمها أهلَ بيتِكَ وشيعتَكَ ، عَلَّمَنيها جَبرئيل ).
    وذكر العهد مسنداً إلى الإمام أبي عبدالله الصادق عن آبائه ( عليهم السلام ) عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال :
    ( إذا حضَرتْهُ الوفاةُ واجتَمَع الناسُ إليهِ قال :
    اللّهُمَّ فاطرَ السمواتِ والأرضِ ، عالمَ الغيبِ والشَّهادةِ الرحمنَ الرحيمَ ، إنّي أعهدُ إليكَ في دارِ الدّنيا أنّي أشهدُ أنْ لا إلَه إلاّ أنتَ وحدَكَ لا شريكَ لكَ ، وأنَّ محمّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عبدُكَ ورسولُكَ ، وأنَّ السّاعةَ آتيةٌ لا ريبَ فيها ، وأنّكَ تَبعثُ مَن في القُبورِ ، وأنّ الحسابَ حقٌّ ، وأنَّ الجنّةَ حَقٌ ، وما وَعَد اللّهُ فيها من النّعيمِ من المَأكَلِ والمَشربِ والنّكاحِ حقٌّ ، وأنَّ النارَ حَقٌ ، وأنّ الإيمانَ حَقٌّ ، وأنَّ الدّينَ كما وَصفْتَ ، وأنَّ الإسلامَ كما شَرَعْتَ ، وأنَّ القولَ كما قُلتَ ، وأنَّ القُرآنَ كما أنزلتَ ، وأنّك أنتَ اللّهُ الحقُّ المبين.
    وإنّي أعهدُ إليكَ في دارِ الدُّنيا أنّي رضيتُ بِكَ رَبّاً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نبيّاً ، وبعليّ إماماً ، وبالقرآنِ كتاباً ، وأنَّ أهلَ بيتِ نبيّكَ


(534)
عليه وعليهم السلامُ أئمّة.
    اللّهُمَّ أنتَ ثقتي عندَ شِدّتي ، ورَجائي عندَ كُربَتي ، وعُدَّتي عندَ الاُمورِ التي تَنزلُ بي ، وأنتَ وَليّي في نعمتي ، وإلهي وإلهُ آبائي ، صَلِّ على محمّد وآلِ محمّد ولا تكِلْني إلى نَفْسي طَرْفَةَ عَين أبَداً ، وآنِسْ في القبرِ وَحشتي ، واجعلْ لي عندَكَ عَهداً يومَ ألقاكَ مَنشُوراً ) (1) (2).

    (1) رواه عن هارون بن موسى ، عن عبدالعزيز بن يحيى الجلودي ، عن أحمد بن عمّار ، عن زكريا بن يحيى الساجي ، عن مالك بن خالد الأسدي ، عن الحسن بن إبراهيم عن الإمام أبي عبدالله جعفر بن محمّد ( عليه السلام ).
    (2) فلاح السائل للسيّد الجليل رضي الدين علي بن طاووس ، ص 66 ـ 67 ، وجاء في مصباح المتهجّد لشيخ الطائفة الطوسي ، ص 15 ، وأضاف بعد ذكره ذلك قوله ، ( فهذا عهد الميّت يوم يوصي بحاجته ، والوصيّة حقٌ على كلّ مسلم.
    قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) ، وتصديق هذا في سورة مريم قول الله تبارك وتعالى ، ( لا يَمْلِكُونَ الشّفاعةَ إلاّ مَن إتّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْدا ) (1) وهذا هو العهد ).

1 ـ سورة مريم ، الآية 87.

(535)
    فلاح السائل ، روى عن علي بن الحسين الجوّاني ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن إبراهيم ، عن سلمة بن سليمان السراوي ، عن عتيق بن أحمد ، عن عمر بن سعد الجرجاني ، عن عثمان بن محمّد ، عن داود بن سليمان ، عن عمر بن سعيد الزهري ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) قال :
    قلنا لرسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عندَ وفاتِه ، يا رسولَ اللّهِ أوصِنا.
    فقال ، أُوصيكُم برَكعتينِ حينَ المغربِ والعِشاءِ الآخرةِ ، تَقرءُ في الاُولى الحَمد وإذا زُلزِلَتِ الأرضُ زِلزالَها ثلاث عشرةَ مَرَّة ، وفي الثانيةِ الحَمد وقُلْ هُوَ اللّهُ أحَدْ خمس عشَرةَ مرَّة.
    فإنّهُ مَن فَعَل ذلِكَ في كُلِّ شَهْر كانَ مِنَ المتّقين ، فإنْ فَعَل ذلكَ في كلِّ سَنة كُتِبَ مِنَ المُحسِنينَ ، فإنْ فَعَل ذلكَ في كلِّ جُمُعَة مَرَّة كُتِبَ مِنَ المُصلّينَ ، فإنْ فَعَل ذلكَ في كلِّ ليلة زاحمَني في الجنّة (1) ، وَلم يُحصِ ثوابَه إلاّ اللّهُ ربُّ العالمينَ جَلَّ وتعالى (2).

    (1) فيحصل له من القرب والدرجات أنّه يعاشر النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الجنّة ، وهذه غاية المُنى وأسنى الدرجات العُلى.
    (2) فلاح السائل ، ص 246.



(536)
    المحدّث النوري في المستدرك ، في توقيع الإمام العسكري ( عليه السلام ) إلى علي بن بابويه ، وعليكَ بصَلاةِ اللَّيلِ فإنَّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أوصى علياً ( عليه السلام ) فقال :
    يا علي ، عليكَ بصَلاةِ اللَّيلِ (1) ، ومَن استَخفَّ بصلاةِ اللَّيلِ فليسَ مِنّا ، فاعمَلْ بوصيّتي ، وآمُر جميعَ شيعتي حتّى يعمَلُوا عليه ... (2).

    (1) لاحظ لتفصيل بيان الأحاديث الشريفة في صلاة الليل الوصية رقم 117.
    (2) المستدرك ، ج 3 ، ص 64 ، ب 21 ، ح 3 ، المسلسل 3033. وقد نقله المحدّث النوري ( قدس سره ) عن الطبرسي في الإحتجاج.
    إلاّ أنّ نسخة الإحتجاج المطبوعة التي بأيديها خالية عن هذا التوقيع فيما لاحظنا. غير أنّ هذا التوقيع محكي عن الطبرسي في الإحتجاج في ترجمة حياة الشيخ الجليل علي بن بابويه والد الشيخ الصدوق الذي حظى بتوقيع المعصوم ( عليه السلام ) وتشرّف بمكاتبته له ، ويسعد النظر بمشاهدة هذا التوقيع الأزهر في خاتمة المستدرك ، ج 3 ، ص 527.
    ولاحظ روضات الجنّات ، ج 4 ، ص 273. ولؤلؤة البحرين ، ص 384. ومجالس المؤمنين ، ج 1 ، ص 453.



(537)
    في المستدرك ، عن أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) قال ، تصدّقتُ بدينار يوماً ، فقال رسولُ الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
    يا علي ، أما عَلِمْتَ أنّ صَدَقةَ المؤمنِ لا تخرجُ مِن يدِهِ حتّى تَفَكُ عنها لَحى (1) سبعينَ شيطاناً (2) (3).

    (1) اللحى ، عظم الحنك ، واللحيان هما العظمان اللذان تنبت اللحية على بشرتهما.
    (2) وفي آخر الحديث في الدعائم ، ( فإذا تصدّق أحدكم فأعطى بيمينه فليُخفها عن شماله ). ويحسن ملاحظة أحاديث فضل الصدقة وأقسامها وأحكامها مجموعة في سفينة البحار ، ج 5 ، ص 79 ـ ص 88 ، وتقدّم منّا شيءٌ من البيان في وصيّة الفقيه الاُولى تحت عنوان ( يا علي ، الصدقة تردّ القضاء الذي قد أُبرم إبراماً ).
    (3) المستدرك ، ج 7 ، ص 156 ، ب 1 ، ح 12 ، المسلسل 7900. نقله عن الدعائم ، لكن في دعائم الإسلام ، ج 1 ، ص 241 ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول ، يا علي....



(538)
    ناسخ التواريخ ، روى أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجّه علياً ( عليه السلام ) في بعض الوجوه ، فقال له في بعض ما أوصاه :
    ( يا علي ، قَد بعثُتكَ وأنا بِكَ ضَنينٌ (1) ، فلا تَدَعَنَّ حَقّاً لِغَد (2) ، فإنَّ لكلِّ يَوم ما فيهِ ، وأبرُزْ للنّاس (3) ، وقَدِّم الوَضيعَ على الشَّريفِ (4) ، والضَّعيفَ على القويّ ، والنساءَ قبلَ الرّجالِ ، ولا تُدخِلَنَّ أحداً يَغلِبُكَ على أمرِكَ ، وشاوِرِ القرآنَ فإنّهُ إمامُك ) (5).

    (1) من الظنّ يعني البخل ، أي أبخل عن إرسالك ، وذلك لحبّه له وملازمته إيّاه وعزّته عنده.
    (2) لمطلوبية الإسراع في أداء الحقوق.
    (3) أي لا تحتجب عنهم بل إظهر لهم ، وبذلك يكون الوالي مطّلعاً على حاجات الناس ، ويمكن للناس الوصول إلى الوالي في إحتياجاتهم.
    (4) حتّى لا يُغدَر حقّ الوضيع ، ولا يُغلب على أمره.
    (5) ناسخ التواريخ للمؤرّخ الشهير سپهر كما حكى عنه في كلمة الرسول الأعظم ، ص 151.


هذا تمام الكلام في ما لزم شرحه في المقام من وصايا سيّد الأنام لإمام المتّقين وأمير المؤمنين
علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما وآلهما إلى يوم الدين والحمد لله تعالى أوّلا وآخراً.


(539)
    1 ـ فهرس مصادر الكتاب
    2 ـ فهرس محتويات الكتاب
    3 ـ فهرس الأماكن
    4 ـ فهرس الكتب
    5 ـ فهرس الوقائع والأيّام
    6 ـ فهرس الموضوعات
    7 ـ فهرس مصادر الكتاب



(540)
وصايا الرسول لزوج البتول ::: فهرس