|
||||||
(571)
على بَلوى كثيرة تنالهم في الدنيا ، ومكاره تُصيبهم بأيدي أُناسٍ ينتحلون مِلّتك ، ويزعمون أنّهم من أمّتك ، بُراء من الله ومنك ، خبطاً خبطاً (1) وقتلاً قتلاً ، شتّى مصارعهم (2) نائية قبورهم ، خيرةٌ من الله لهم ولك فيهم ، فاحمَد الله ـ عز وجل ـ على خيرته ، و إرضَ بقضائه.
فحَمِدتُ الله ، ورَضيتُ بقضائه بما اختاره لكم. ثم قال لي جبرئيل : يا محمد ! إنّ أخاك مُضطهدٌ بعدك ، مَغلوب على أمّتك ، متعوبٌ من أعدائك ، ثمّ مقتول بعدك ، يقتله أشرّ الخلق والخليقة ، وأشقى البريّة ، يكون نظير عاقر الناقة (3) ببلد تكون إليه هجرته ، وهو مغرَسُ شيعته وشيعة ولده ، وفيه ـ على كلّ حال ـ يكثُر بَلواهم ، ويعظم مصابهم. 1 ـ خبطاً خبطاً : أي : ضرباً ضرباً ، أو كسراً كسراً ، والخبطُ : شدّة الوَطء بأيدي الدَوابّ. كتاب « العين » للخليل بن أحمد. وقال ابن دُريد في « جَمهرة اللغة » : كلّ شيء ضربته بيدك فقد خَبَطتَه. المحقق 2 ـ شتّى مصارعهم : متفرّقة أو مُتباعدة قبورهم. وقيل : المصارع ـ جمع مصرع ـ : هو المكان الذي يقع فيه المقتول. 3 ـ أي : عاقِرَ ( أي : قاتِل ) ناقة النبي صالح ، وإسمه « قدار » ، ويُعبّر عنه بـ « أشقى الأوّلين » أي : أشقى البشر الذين كانو قبل الإسلام. قال تعالى : « إذ انبعث أشقاها ، فقال لهم رسول الله : ناقة الله وسُقياها ، فكذّبوه فعقروها ... » ( سورة الشمس ، الآية 12 ـ 14 ) (572)
وإنّ سبطك هذا ـ وأومأ بيده إلى الحسين (1) ـ مقتول في عصابة من ذريّتك وأهل بيتك ، وأخيارٍ من أمّتك ، بضِفّة الفرات (2) بأرضٍ يقال لها : كربلاء. من أجلها يكثر الكرب والبلاء على أعدائك وأعداء ذريّتك في اليوم الذي لا يَنقضي كَربُه ، ولا تُفنى حَسرتُه.
وهي أطيبُ بقاعِ الأرض وأعظمها حُرمةً ، يُقتلُ فيها سبطك وأهله ، وإنّها من بطحاء الجنّة. فإذا كان ذلك اليوم الذي يُقتَلُ فيه سبطُك وأهله ، وأحاطَت به كتائب أهل الكفر واللعنة ، تزعزعت الأرض من أقطارها ، ومادَت الجبال وكثُر إضطرابُها ، واصطفقت البحار بأمواجها ، وماجت السماوات بأهلها ، غَضَباً لك ـ يا محمد ـ ولذريّتك ، واستعظاماً لِما يُنتهكُ من حُرمتك ، ولشَرّ ما تُكافأ به في ذريّتك وعترتك. ولا يَبقى شيء من ذلك إلا استأذن الله ـ عز وجل ـ في نُصرة أهلك المستضعفين المظلومين الذين هم حجّة الله على خلقه بعدك. فيوحي الله إلى السماوات والأرض والجبال والبحار ومَن 1 ـ أومَأ بيده : أشار بيده. 2 ـ الضِفّة : جانب النهر أو شاطئه. الفُرات : نَهر معروف في العراق. (573)
فيهنّ :
« إنّي أنا الله المَلِك القادر ، الذي لا يفوته هارب ، ولا يعجزه ممتنع ، وأنا أقدر على الإنتصار والإنتقام. وعزّتي وجلالي !! لأُعذّبَن مَن وَتَرَ رسولي وصَفيّي ، وانتهك حرمته ، وقَتَل عترته ، ونبذ عهده ، وظلم أهل بيته عذاباً لا أُعذّبه أحداً من العالمين ». فعند ذلك يضجّ كلّ شيء في السماوات والأرضين ، بِلَعنِ (1) من ظلم عترتك ، واستحلّ حُرمَتك. فإذا برزت تلك العصابة إلى مضاجعها (2) تولّى الله ـ عزّ وجل ـ قَبضَ أرواحها بيده ، وهبط إلى الأرض ملائكة من السماء السابعة ، معهم آنية من الياقوت والزمرّد ، مملوءة من ماء الحياة ، وحُلَل من حُلَل الجنّة ، وطيب من طيب الجنّة ، فغسّلوا جُثَثَهم بذلك الماء ، وألبَسوها الحُلَل ، وحنّطوها بذلك الطيب ، وصلّت الملائكة ـ صفّاً صفّاً ـ عليهم. ثمّ يبعث الله قوماً من أمّتك لا يعرفهم الكفّار ، لم يشركوا في تلك الدماء بقولٍ ولا فعلٍ ولا نيّة (3) ، فيُوارون أجسامهم ، 1 ـ وفي نسخة : يَلعَن. 2 ـ مضاجعها ـ هُنا ـ مصارعها ، أي : أماكن سقوط القَتيل على الأرض. المحقق 3 ـ لعلّ الصحيح : لم يَشتركوا في تلك الدماء. المحقق (574)
ويقيمون رَسماً لقبر سيد الشهداء بتلك البطحاء ، يكون عَلَماً لأهل الحق ، وسبباً للمؤمنين إلى الفوز ، وتَحفّه ملائكة من كلّ سماء : مائة ألف مَلَك في كلّ يوم وليلة ويُصلّون عليه ، ويطوفون عليه ، ويسبّحون الله عنده ، ويستغفرون الله لمن زاره ، ويكتبون أسماء من يأتيه زائراً من أمّتك ، متقرّباً إلى الله ـ تعالى ـ وإليك بذلك ، وأسماء آبائهم وعشائرهم وبلدانهم ويوسمون في وجوههم بمِيسَمِ (1) نور عرش الله : « هذا زائر قبر خير الشهداء وابن خير الأنبياء ».
فإذا كان يوم القيامة سَطَعَ في وجوههم ـ من أثر ذلك الميسم ـ نور تغشى منه الأبصار ، يُدلّ عليهم ويُعرَفون به. وكأنّي بك ـ يا محمد ـ بيني وبين ميكائيل ، وعليٌ أمامَنا ، ومَعَنا من ملائكة الله ما لا يُحصى عددهم ، ونحن نلتقط ـ مَن ذلك الميسم في وجهه ـ من بين الخلائق ، حتى يُنجيهم الله مِن هَول ذلك اليوم وشدائده. وذلك حكم الله وعطاؤه لمن زار قبرك ـ يا محمد ـ أو قبر أخيك أو قبر سبطيك ، لا يُريد به غير الله عز وجل. 1 ـ المِيسَم : حديدة تحمى بالنار ، ثم توضع على جسم الحيوان فتكويه ، لتكون علامة لها ، لفرزها عن حيوانات القطيع الاخر ، والجمع : مَياسِم ومَواسِم. ويُقال ـ أيضاً ـ لكلّ جهازٍ يُستَعمَل لِوَضع علامة فارقة لِفَرز شيء عن شيء. المحقق (575)
وسيَجتهد أُناسٌ ـ مِمّن حَقّت عليهم اللعنة من الله والسخط ـ أن يُعفوا رَسمَ ذلك القبر ، ويُمحوا أثره ، فلا يجعل الله ـ تبارك وتعالى ـ لهم إلى ذلك سبيلاً.
ثم قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فهذا أبكاني وأحزَنَني. قالت زينب : فلمّا ضرب ابن ملجم ( لعنه الله ) أبي ( عليه السلام ) ورأيتُ عليه أثر الموت منه ، قلتُ له : يا أبَه حَدّثتَني أمّ أيمن بكذا وكذا ، وقد أحببتُ أن أسمعه منك. فقال : يا بُنيّه الحديث كما حدّثَتكِ أمّ أيمن ، وكأنّي بكِ وبنساء أهلكِ سبايا بهذا البلد ، أذلاء خاشعين ، تخافون أن يتخطّفكم الناس. فصبراً صبراً ، فوالذي فَلَقَ الحبّة وبرأ النسمة ، ما لله على ظهر الأرض ـ يومئذ ـ وليٌّ غيركم وغير مُحبّيكم وشيعتكم. ولقد قال لنا رسول الله ـ حين أخبرنا بهذا الخبر ـ : « إنّ إبليس ( لعنه الله ) في ذلك اليوم يطير فرَحاً (1) فيجول الأرض كلّها بشياطينه وعفاريته فيقول : يا معاشر الشياطين : قد أدركنا مِن ذريّة آدم الطلبة ، وبَلغنا في هلاكهم الغاية ، وأورَثناهم النار إلا من اعتصم بهذه العصابة ، فاجعلوا شُغلكم بِتَشكيك الناس 1 ـ ذلك اليوم : يوم قتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) وهو يوم 10/محرم مِن سنة 61 للهجرة ، المشهور بـ « عاشوراء ». (576)
فيهم وحَملِهم على عَداوتِهم ، وإغرائهم بهم وأوليائهم ، حتى تستَحكموا ضلالة الخَلق وكُفرهم ، ولا يَنجو منهم ناج.
ولقد صَدَقَ عليهم إبليس ـ وهو كذوب ـ أنه لا يَنفعُ مَعَ عداوتكم عمل صالح ، ولا يضرّ مع محبّتكم وموالاتكم ذنب غير الكبائر. قال زائدة : ثم قال علي بن الحسين ( عليه السلام ) بعد أن حدّثني بهذا الحديث : خُذه إليك ، ما لو (1) ضَربتَ في طلبة آباط الإبل حَولاً (2) لكان قليلاً (3). 1 ـ وفي نسخة : أما لو. 2 ـ حَولاً : الحَول : السَنَة. كان البشرُ ـ في الزمن الماضي ، وقبل صُنع وسائل النقل الحديثة كالسيارات والقطارات والطائرات ـ يستعمل الدوابّ للإنتقال من مكان إلى مكان ، وللسفر من بلد إلى بلد ، وخاصة الإبل .. حيث كانت وسيلة نقل جيّدة لقطع المسافات الصحراوية ، لأنّ قدرتها على تحمّل العطش والجوع أكثر من الدواب الاخرى ، وحينما يَركب الإنسان على ظهر الإبل ( البعير ) تُحاذي قدمه إبط الإبل ، فإذا أبطأت في السير يضرب الراكب ـ أحياناً ـ بقدمه على إبط الإبل وبطنها لك تُسرع في المشي ، وبذلك يقطع مسافة أطول في مدة أقصر. فالضرب على إبط الإبل : هو كناية عن السفر من بلد إلى بلد ، وتحمّل الجوع والعطش والحرّ والبَرد ، من أجل الوصول إلى الهدف وهو البلد الآخر. المحقق 3 ـ كامل الزيارات ، لابن قولويه المتوفى سنة 367 هـ ، ص 260 ـ 266 ، باب 88 ، ونقله عنه الشيخ المجلسي في كتاب بحار الأنوار ج 28 ، باب 2 ص 55 ـ 61. (577)
1 ـ روى الشيخ الطوسي باسناده عن السيدة زينب بنت علي ـ عليهما السلام ـ قالت :
صلّى أبي مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صلاة الفجر ، ثم أقبل على علي ( عليه السلام ) فقال : هل عندكم طعام ؟ فقال : لم آكل منذ ثلاثة أيام طعاماً. فقال رسول الله : إمض بنا إلى إبنتي فاطمة. فدخلا عليها وهي تَتَلوّى من الجوع ! وإبناها معها. فقال رسول الله : يا فاطمة ! فِداك أبوكِ ، هل عندك شيء من الطعام. فاستَحيَت فاطمة أن تقول لا. وقامت واستقبلت القِبلة لِتُصلّي ركعتين. فأحسّت بحَسيس ، فالتفَتَت 1 ـ الثاقب في المناقب ، ص 221 ـ 222 و295. (578)
وإذا بصفحة ملأى ثَريداً ولحماً ، فأتت بها ووضعتها بين يدي أبيها ، فدعى رسول الله بعليّ والحسن والحسين.
ونظر عليّ إلى فاطمة متعجّباً وقال : يا بنت رسول الله ! أنّى لكِ هذا ؟ فقالت : هو من عند الله ، إنّ الله يرزقُ من يشاء بغير حساب. فضحك النبي وقال : الحمد لله الذي جعل في أهلي نظير زكريّا ومريم ، إذ قال لها : أنّى لكِ هذا ؟ قالت : هو من عند الله ، إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب ... (1) 2 ـ وجاء في التاريخ : أنّ السيدة زينب ( عليها السلام ) كانت جالسة ذات يوم ، وعندها أخواها الإمامان الحسن والحسين ( عليهما السلام ) وهما يتحدّثان في بعض أحاديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ). فقالت السيدة زينب سمعتُكُما تقولان : إنّ رسول الله قال : « الحلال بَيّن ، والحرامُ بيّن ، وشُبُهاتٌ لا يعلمها كثير من الناس ». ثمّ استمرّت السيدة زينب تُكمل الحديث وتقول : « مَن تَركها ( أي : تَرَك الشبهات ) صَلُحَ له أمر دينه وصَلُحت له مُروءَته وعِرضه ، ومن تلبّس بها ووقع فيها واتّبعها .. (579)
كان كمن رعى غنمه قرب الحِمى (1) ومن رعى ماشيته قرب الحمى نازعته نفسه أن يرعاها في الحمى ، ألا : وإنّ لكلّ مَلِكٍ حِمى ، وإنّ حمى الله محارمه ». (2)
1 ـ الحِمى : موضعٌ فيه كَلأٌ يُحمى من الناس مِن أن يَدخل قطيع غنمهم فيه ، وهو بمنزلة السور .. سواء كان مِن حائط أو شجر. وفي الحديث « ومَن حامَ حول الحمى أوشك أن يقع فيها ». كما يُستفاد من كتاب « العَين » للخليل. المحقق 2 ـ يُعَبّر عن المكان القريب لدار مَلِك أو رئيس ، أو لمنطقة مخطورة بكلمة « حمى » ، وفي عالم اليوم .. نَجِدُ أنّ إدارة البلديّة تجعل سياجاً أو حزاماً أحمر حول المناطق المخطورة ، كالأراضي المزروعة بالألغام أو المتفجّرات ، أو الغابات التي تتواجد فيها الحيوانات المفترسة. وهذا السياج : هو علامة تَعني : أيها الإنسان ! لا تدخل هذه المنطقة ، بل لا تقترب منها ، فإنّ اللازم عليك أن تبتعد عن المكان القريب من المنطقة المخطورة ، إذ مِن الممكن أن يكون المكان القريب منها مزروعاً ـ أيضاً ـ بالألغام مثلاً. مِن هنا .. فقد جعل الله تعالى حول المعاصي والمحرّمات حِمىً وحَظراً دينيّاً كي يُساعد الانسان على الوقاية من التلوّث بالذنوب ، وعدم الإقتراب من أجواء الحرام. ومنها الابتعاد عن الشبهات ، أي : الأمور او الأطعمة أو الأعمال التي لا يُعلَم ـ بالضبط ـ هل هي حرام أو حلال ؟ (580)
3 ـ ثمّ رَوَت السيدة زينب ( عليها السلام ) حديثاً آخر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقالت : « ألا : وإنّ في الجسد مُضغة (1) إذا صَلُحت صَلُح الجسد كلّه ، وإذا فَسَدت فسد الجسد كلّه ، ألا : وهي القَلب ». (2)
ثمّ قالت السيدة : أما سمعتما رسول الله ( صلى الله عليه فإذا لم يُراعِ الإنسان الإحتياط اللازم ، فسوف يكون مٍن السَهل عليه إرتكاب المحرّمات ، لأنّ مِن آثار الشبهات : هو حصول الجُرأة على الحرام. وقد رُويَ عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ما مضمونه : لا تُفكّر في الحرام ، فإن ذلك ـ يجُرّك إلى التخطيط لإرتكابه ، وإذا بدأت بالتفكير فسوف تُفكّر في لذة الحرام ، وتَغفل عن العقوبات والمضاعفات الناتجة عن ذلك. ونقرأ في القرآن الكريم قوله تعالى : « ولا تقربوا الزنا ... » وهذا يعني وَضع « حمى » حول هذه الجريمة ، ويوضّح هذا الحِمى قول الشاعر :
2 ـ وهي القلب : لعلّه كناية عن محلّ إصدار الأوامر في المُخ ، حيث جاء التعبير عن الفِكر والمُخ بالقلب في كثير من الروايات. المحقق (581)
وآله وسلم ) الذي تأدّب بأدب الله ( عز وجل ) ـ ويقول : « أدَّبَني رَبّي فأحسن تأديبي » ـ يقول : « الحلالُ : ما أحلّه الله ( عز وجل ) في القرآن الكريم وبيّنه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مثل : البيع والشراء ، وإقام الصلاة في أوقاتها ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحجّ البيت لمن استطاع سبيلا ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وترك الكذب والنفاق والخيانة.
والحرام : ما حرّمه الله ( عز وجل ) وذكره في القرآن الكريم وبيّنه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والحرام نقيضُ الحلال. وأمّا الشبهات : فهي أمور لا يُعلَمُ حلالها وحرامها ، والمؤمن إذا لم يَعلم الشيء أنّه حلال أو حرام ، وكان يرجو سعادة الدنيا والآخرة ، فعليه أن لا يَتبَع الشُبُهات فالشبهات تَجُرّه إلى المُحرّمات ». فقال لها الإمام الحسن ( عليه السلام ) : « زادَكِ الله كمالاً ، نعم .. إنّه كما تقولين ، إنّكِ حَقّاً من شجرة النبوة ومِن معدن الرسالة ». 4 ـ وروى أحمد بن جعفر بن سليمان الهاشمي ، قال : كانت زينب بنت علي ( عليهما السلام ) تقول : « مَن أراد أن لا يكون الخَلقُ شُفعاءه إلى الله فليحمده ، ألم تسمع إلى قولهم : (582)
« سمع الله لِمَن حمده » فَخِف الله .. لقُدرته عليك ، واستحِ منه لقُربه منك ». (1)
5 ـ ورُويَ عن السيدة زينب ( عليها السلام ) أنّها قالت : « إنّ جدّي المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شَرَّع لنا حُقوقاً لأزواجنا كما شَرّع على الرجال حقوقاً مفروضة ». (2) 6 ـ ورُوي عنها ( عليها السلام ) ـ أيضاً ـ : يقول جدّي الرسول الكريم : « إذا صلّت المرأةُ خَمسَها ، وصامَت شَهرها ، وحَفَظت فرجَها ، وأطاعت زوجها ، قيل لها : أُدخُلي الجنّة من أيّ أبواب الجنّة شئتِ ». (3) 7 ـ روَت السيدة فاطمة بنت الإمام الحسين ( عليهما السلام ) عن عمّتها زينب الكبرى ( عليها السلام ) أنّها قالت : رأيتُ أمّي فاطمة ( عليها السلام ) قامَت في محرابها ليلة جُمُعَتِها ، فلم تزل راكعة ساجدة ، حتى اتّضح عمود الصبح ، وسَمِعتُها تدعو للمؤمنين والمؤمنات ، 1 ـ كتاب « زينب الكبرى » للشيخ النقدي ص 34 ، وهو ينقل ذلك عن كتاب « بلاغات النساء » لإبن طيفور. 2 ـ كتاب « عقيلة الطُهر والكَرم السيدة زينب » لموسى محمد علي ، وهو ينقل ذلك عن إبن الأنباري. 3 ـ نفس المصدر. (583)
وتُسمّيهم وتُكثر الدعاء لهم ، ولا تدعو لنفسها شيء.
فقال لها أخي الحسين ـ ذات يوم ـ يا أُمّاه ! لِمَ لا تَدعين لنفسكِ كما تَدعين لغيركِ ؟! قالت : بُنَي ! الجارُ ثمّ الدار. (1) 8 ـ ورُويَ عن السيدة زينب ( عليها السلام ) ـ أيضاً ـ أنّها قالت : كان آخرُ عهد أبي إلى أخَوَي ( عليهما السلام ) أنّه قال لهما : يا بنيّ إذا أنا متّ فغسّلاني ثمّ نشّفاني بالبُردة التي نُشِّف بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وفاطمة ، وحَنّطاني وسَجّياني على سريري ، ثم انظرا حتى إذا ارتفعَ لكما مقدّم السرير ، فاحمِلا مُؤخّره. قالت : فخَرجتُ أُشيّع جنازة أبي ، حتّى إذا كُنّا بظَهر الكوفة وقَدِمنا بظهر الغَري رُكزَ المُقدّم ، فوضعنا المُؤخّر ، ثمّ برزَ الحسن مرتدياً بالبُردة التي نُشِّفَ بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وفاطمة وأمير المؤمنين ( عليهم السلام ) ثمّ أخذ المِعوَل فَضَرَب ضربَةً فانشقّ القبر عن ضريح (2) ، فإذا هو بساجَةٍ (3) مكتـوب عليهـا سطـران 1 ـ كتاب « رياحين الشريعة » للمحلاتي ، ج 3 ، ص 73. المحقق 2 ـ ضريح : لَحد : أي قبر جاهز. 3 ـ ساجَة : قطعة من خشب مُعيّن. الساج : نوع من الشجر ، (584)
بالسريانية : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا قبرٌ حَفَره نوح النبي لعلي وصيّ محمد قبلَ الطوفان بِسَبعمائة عام. (1)
9 ـ ورَوَت السيدة زينب ( عليها السلام ) ـ أيضاً ـ عن أُمّها السيدة فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّها قالت : قال رسول الله ـ لعليّ عليه السلام ـ « أما إنّك يا علي وشيعَتُك في الجنّة ». (2) 10 ـ ورَوى الإمام زين العابدين عن عمّته زينب ( عليهما السلام ) عن السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) أنّها قالت : « دَخَلَ عليَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عند ولادة إبني الحسين ، فناولتُه إيّاه ، ... ثم قال : خُذيه يا فاطمة ! فإنّه إمـام إبنُ إمـام .. أبو الأئمّة التِسعـة ، مـِن صُلبه أئمّة أبرار ، والتاسع قائمهم ». (3) لا تَنبُتُ إلا ببلاد الهِند ، لا تُبليه الأرض .. حتى لو بَقِيَ تحت التُراب مدةً طويلة. كما يُستفاد من كتاب « مجمع البحرين » للطريحي. المحقق 1 ـ كتاب « زينب الكبرى » للشيخ جعفر النَقدي ، ص 37. 2 ـ كتاب « الخصائص الزينبيّة » للسيد الجزائري ، ص 92 ، وهو ينقل ذلك عن كتاب « دلائل الإمامة » للطبري. 3 ـ كتاب « كفاية الأثر » ، ص 193 ـ 194. المحقق (585)
11 ـ وقد نُسِبَ إلى السيدة زينب الكبرى ( عليها السلام ) هذه الأبيات الشعرية :
1 ـ وفي نسخة : وقد خُلِقَت من النطف العذاب. |
||||||
|