|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
(166)
(167)
1 ـ الأزل : الذي يتولد بين الضبع والذئب. (168)
تلك الصفوة من أصحاب الحسين أصبحوا مضرب المثل في الاخلاص والتفادي وفضّلوا على جميع من تقدمهم لأن غيرهم باشر الحرب وهو يأمل الحياة وهؤلاء كانوا آيسين من الحياة مصممين على الموت ، وكفى بجلالتهم قول الحسين : اللهم إني لا أجد أصحاباً أوفى من أصحابي ولا أهل بيت أبرّ وأتقى من أهل بيتي. ذكر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قال : قيل لرجل شهد يوم الطف مع عمر بن سعد ، ويحكم أقتلتم ذرية نبيكم ، قال : عضضتَ بالجندل ، أما إنك لو شهدتَ ما شهدنا لفعلتَ ما فعلنا ، ثارت علينا عصابة أيديها في مقابض سيوفها تحطم الفرسان يميناً وشمالاً ، لا ترغب بالمال ولا تقبل بالأمان ، فلو كففنا عنها رويداً لأتت على نفوس العسكر بحذافيره ، فما كنا صانعين لا أُمّ لك. عدد الشاعر من أصحاب الحسين عليه السلام ستة وهم : زهير ، وهب ، هلال ، عابس بن شبيب ، برير ، مسلم بن عوسجة وها نحن نورد تراجمهم باختصار : (169)
1 ـ زهير بن القين البجلي من بجيلة ، شريفاً شجاعاً فاتكاً ، له في المغازي والحروب مواقف مشهورة مشهودة حدث جماعة من فزارة وبجيلة قالوا : كنا مع زهير بن القين عند رجوعه من الحج في السنة التي أقبل فيها الحسين إلى العراق فكنا نساير الحسين ، فلم يك شيء أبغض على زهير من أن ينزل مع الحسين في مكان واحد أو يسايره في طريق واحد ـ لأن زهير كان أولاً عثمانياً ـ فكان إذا نزل الحسين سار زهير ، وإذا سار نزل زهير ، فنزلنا في مكان لم يك لنا بدٌ من النزول به ، فكنا في جانب والحسين في جانب فبينا نحن نتغدى من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسين ، فقال يا زهير إن الحسين يدعوك ، فطرح كل إنسان منا ما في يده كراهة أن يذهب زهير إلى الحسين ، فقالت زوجة زهير وهي ديلم بنت عمرو : يا سبحان الله أيبعث اليك الحسين بن فاطمة ثم لا تأتيه ، ما ضرك لو أتيته فسمعت كلامه ورجعت ، فذهب زهير على كره ، فما لبث أن عاد مستبشراً ضاحكاً سنّه ، فالتفت إلى أصحابه فقال : مَن شاء منكم أن يصحبني وإلا فهذا آخر العهد فإني قد عزمت على نصرة الحسين وأن أقيه بنفسي ، وقال لزوجته : الحقي بأهلك فإني لا احب أن يصيبك بسببي إلا خير. قالت خار الله لك اذكرني عند جدّ الحسين يوم القيامة. والتفت إلى أصحابه فقال احدثكم : إنا غزونا بلنجر (1) ـ وهي بلدة بالخزر ـ ففتح الله علينا وأصبنا غنائم كثيرة فقال لنا سلمان الفارسي : أفرحتم بما أصبتم فقلنا نعم ، قال إذا أدركتم شباب آل محمد فكونوا أشد فرحاً بقتالكم بين يديه.
ولازم نصرة الحسين ، ولشجاعته جعله الحسين على ميمنة أصحابه ولاخلاصه وإيمانه بالفكرة قوله للحسين لما أمر أصحابه بالتفرق عنه قال : والله يا أبا عبد الله لو علمتُ أني أقتل ثم أُحرق ثم أذر ، يُفعل بي هكذا سبعون مرة ما فارقتك ، وكيف لا أفعل وإنما هي قتلة واحدة ثم الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً. فجزاه الحسين خيراً ولما برز إلى القوم جعل يرتجز ويقول : 1 ـ تقع في منطقة أردبيل ، والوقعة سنة 32 من الهجرة في زمن عثمان. (170)
3 ـ هلال بن نافع البجلي أو الجملي ، والمراد به نافع بن هلال ذكره الجزري في أسد الغابة قال : كان سيداً شريفاً سريّاً شجاعاً من حملة الحديث ومن أصحاب أمير المؤمنين وحضر معه في حروبه الثلاث في العراق ، ولما خطب الحسين أصحابه في ذي حسم وثب اليه نافع بن هلال الجملي فقال : يابن رسول الله والله ما كرهنا لقاء ربنا فإنا على نياتنا وبصائرنا نوالي من والاك ونعادي من عاداك فسر بنا راشداً معافاً شرقاً إن شئت وإن شئت غرباً ، وفي يوم العاشر جعل يقاتل ويرتجز :
(171)
يوم كربلاء مع الحسين ما كنت تتمنى أن تصنع ، قال : أتمنى أن أكون مثل عابس بن شبيب الشاكري. قال عز الدين الجزري : هو عابس بن شبيب بن شاكر بن ربيعة بن مالك بن صعب. وبنو شاكر بطن من همدان.
في الحدائق : كان عابس من رجال الشيعة رئيساً شجاعاً خطيباً ناكساً متهجداً ، وكانت بنو شاكر من المخلصين بولاء أهل البيت. وفيهم قال أمير المؤمنين يوم صفين ـ على ما ذكره نصر بن مزاحم المنقري في كتابه ـ لو تمّت عدتهم ألفا لعبد الله حق عبادته ـ كانوا من شجعان العرب وحماتهم حتى لقبوا ب ( فتيان الصباح ) ويتجلى لك اخلاص هذا البطل وصراحته في المبدأ والعقيدة أن مسلم بن عقيل لما دخل الكوفة وأقبلت عليه الشيعة وهو يقرء كتاب الحسين وهم يبكون ثم جعلوا يبايعونه عندها قام عابس خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فإني لا اخبرك عن الناس ولا أعلم ما في نفوسهم وما أغرك منهم ولكني والله اخبرك بما أنا موطن نفسي عليه ، والله لأجيبنكم إذا دعوتم ، ولاقاتلن معكم عدوكم ولأضربنّ بسيفي هذا دونكم حتى ألقى الله ولا اريد بذلك إلا ما عند الله ، ثم قام حبيب بن مظاهر وتكلم بنحو ذلك. قال أرباب المقاتل : وتقدم عابس بن شبيب للقتال بين يدي الحسين وقال لمولاه شوذب (1) ما في نفسك أن تصنع اليوم ، قال اقاتل حتى أقتل ، قال ذلك الظن بك فتقدم بين يدي الحسين حتى يحتسبك كما احتسب غيرك ثم سلم على الحسين وقال : يا أبا عبد الله أما والله ما مشى على وجه الأرض قريب ولا 1 ـ يظن البعض أن شوذب مولى لعابس والحال أن مقامه أجل من عابس من حيث العلم والتقوى ، وكان شوذب صحابياً ـ كما يقو المامقاني في ( تنقيح المقال ) وحضر مع أمير المؤمنين في حروبه الثلاث وكان شجاعاً عابداً من اكابر الشيعة وحافظاً للحديث ، وأخذ أهل الكوفة العلم والحديث منه ، قال صاحب الحدائق الوردية : وكان شوذب يجلس للشيعة فيأتونه للحديث ، وكان وجهاً فيهم ، قال أبو مخنف : صحب شوذب عابساً مولاه في الكوفة إلى مكة بعد قدوم مسلم الكوفة وبعد بيعة الناس له. (172)
بعيد أعزّ علي ولأ احبّ إلي منك ، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم أو القتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلت ، السلام عليك يا أبا عبد الله أشهد أني على هداك وهدى أبيك.
ثم مضى بالسيف مصلتاً نحو القوم ـ وبه ضربة على جبينه من يوم صفين ـ فطلب البراز ، قال ربيع بن تميم لما رأيته مقبلاً عرفته ـ وكنت قد شاهدته في المغازي والحروب ـ فقلت أيها الناس هذا أسد الاسود ، هذا ابن شبيب لا يخرجنّ اليه أحد منكم فأخذ عابس ينادي : ألا رجل. فلم يتقدم اليه أحد ، فنادى عمر بن سعد : ويلكم ارضخوه بالحجارة من كل جانب ، فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره فنودي : أجننت يا عابس. قال حب الحسين أجنني :
5 ـ برير بن خضير الهمداني ، شجاعاً ناسكاً قارئاً للقرآن ومن شيوخ القراء من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وكان من أشراف الكوفة ، قال للحسين : يابن رسول الله لقد منّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك تقطع فيك أعضاؤنا ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيامة. دخل الحسين خيمته ليطلّي ليلة العاشر من المحرم ، فوقف برير بن خضير وعبد الرحمن بن عبد ربه الانصاري على باب الفسطاط تختلف مناكبهما ، أيهما يطلّي على أثر الحسين تبركاً به ، فجعل برير يهازل عبد الرحمن ويضاحكه ، فقال عبد الرحمن : والله (173)
ما هذه بساعة باطل ، فقال له برير : والله لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل كهلاً ولا شاباً ولكن والله إني لمستبشر بما نحن لاقون ، والله ما بيننا وبين الحور العين إلا أن يميل هؤلاء علينا بأسيفاهم ولوددت أنهم قد مالوا علينا بأسيافهم الساعة.
6 ـ مسلم بن عوسجة الاسدي ، قال ابن سعد في ( الطبقات ) كان صحابياً ممن رأى النبي ، وهو رجل شريف عابد ناسك قال أهل السير : حملت ميمنة ابن سعد على ميسرة الحسين ، وكان في الميسرة مسلم بن عوسجة وكانت حملتهم من نحو الفرات فقاتل قتالاً شديداً لم يسمع بمثله ، فكان يحمل على القوم وسيفه مصلت بيمينه ويقول :
(174)
الشيخ محمّد الملا
يرثي الحسين :
المتوفى 1322
1 ـ شعراء الحلة أو البابليات. (175)
الشيخ محمد الملا ابن الشيخ حمزة بن حسين التستري الأهوازي الحلي المعروف بالملا ، ولد سنة 1243 وتوفي سنة 1322 وحمل إلى النجف الأشرف ودفن هناك. أخذ عن السيد مهدي ابن السيد داود والشيخ حمزة البصير والسيد حيدر والشيخ حمادي نوح وأكثر ما أخذ عن الشيخ الحمادي. كان وراقاً مليح الخط لبق اللسان كفّ بصره في أواخر أيامه ، وهو مكثر مجيد ، وجد من شعره خمس مجلدات بالحلة أكثرها بخطه وأكثر شعره في أهل البيت عليهم السلام.
قال الشيخ اغا بزرك في الذريعة ج 9 قسم الديوان : هو الشيخ محمد بن حمزة بن الحسين بن نور علي التستري الأصل والحلي المولد والمسكن ولد بها سنة ( 1245 ) وتوفي في جمادى الثانية سنة 1322 ترجمه السماوي في الطليعة مفصلاً وذكر أن قصائده طويلة بين ثلثمائة بيتاً إلى المائة والسبعين ، وفي جملة منها ، الصدر تاريخ والعجز تاريخ ، وقد نظم ما يزيد على خمسين ألف بيتاً واستقصى حروف الهجاء مرتين أو ثلاثاً في رثاء الحسين. انتهى وترجم له البحاثة المعاصر علي الخاقاني في شعراء الحلة وقال عنه : أديب كبير وخطيب مفوه ، طرق كافة النواحي بمحاضراته ومساجلاته ، وحصل على شهرة واسعة في الأوساط الأدبية عندما نظم رائعته في مدح الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم وقد أجاد بها إذ جارى بها بديعية الصفى الحلي والسيد علي خان الشيرازي ، ونوادره وملحة مشهورة مذكورة ، وكان الشيخ على المعروف بأبي شعابذ يثور غضباً إذا قيل له ( مرحبا ) فنظم شاعرنا :
(176)
وقال :
(177)
وقال :
(178)
(179)
(180)
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|