|
|||
(226)
لروح الانسانية تجاه خصومه من شيوعيين وغيرهم أراد أن يبرر موقفه فصرح من أن خطته تتفق مع المبادئ الشيوعية لا تشذ عنها وقد أدلى ذلك بقوله :
« لماذا نتفاخر بسلطتنا الطاغية ؟ ولماذا نتفاخر باجراءات القمع الصارمة التي يلجأ اليها ؟ ولماذا نتفاخر بسلطتنا المطلقة! ؟ « الجواب » هو إننا نتفاخر لأنها سبيلنا الى النصر والنجاح ، ولن نفلح في تدعيم النظام الشيوعي إلا إذا اتصفنا بالصرامة والقسوة والطغيان والاستبداد » (1) إنه لولا العنف والاستبداد لما أمكن أن يستقيم ذلك الحكم الذي يتنافى مع أبسط القيم الانسانية من الفطرة والطبيعة ، فقوة الحديد والنار هي التي كتبت له الاستقرار. 4 ـ الحجر على التنقل وليس للعامل في ظل الحكم الشيوعي الحرية في التنقل من مكان الى آخر وإنما أمر ذلك بيد الدولة فان أجازت ذلك فهو وإلا فيبقى محجراً عليه في مكانه ومعمله ، ولم يختص ذلك النظام القاسي بالعمال بل شمل جميع المواطنين ، فقد منعوا من السفر الى الخارج منعاً باتاً ، وذلك خوفاً من اختلاطهم بافراد الشعوب 1 ـ النظام الشيوعي ص 25. (227)
الأخرى التي سادت فيها الرفاهية والخير ، فيؤدي ذلك الى شيوع التذمر والاضطراب في البلاد.
5 ـ الرقابة على العمل وليس مدير المصنع والمعمل هو الرقيب الوحيد على العمال بل ان لكل مصنع أو مؤسسة بوليسياً خاصاً يحصي على العمال أنفاسهم ويراقبهم مراقبة شديدة ، ولو كان النظام مرغوباً فيه لما كان هناك سبب لبث البوليس السري بين العمال وغيرهم من الفئات الأخرى ، فان ذلك يدل دلالة واضحة على سوء العلاقة بين الحكم القائم وبين الشعب المعذب المسلوب منه حريته واختياره. 6 ـ هوية العمل على كل عامل في الدول الشيوعية أن يحتفظ بكتاب منذ التحاقه في حقل العمل يسجل فيه جميع حركات العامل ، ويكون في نفس الوقت أداة قوية في تدعيم النظام الشيوعي ، والقضاء على طيش العمال ومحاولتهم لعرقلة سير الانتاج ، كما تسجل فيه كل عقوبة أو ذنب على العامل ، وان تشريعات التأمينات الاجتماعية لا يستفيد منها إلا من كان كتابه نقياً (1). 1 ـ الشيوعية اليوم وغداً ص 179 ـ 180. (228)
إن كتاب العمل شبح مخيف فهو يصاحب العامل أينما يتجه ويخيفه أينما يذهب فهو مجموعة من الأصفاد تكبله ، ومجموعة من السلاسل تشد عليه.
إن لكل عامل كتاباً يدون فيه إسمه ، وعمره ، ودرجة تعليمه ، ومهنته ، والاعمال التي زاولها ، وأسباب فصله إن كان قد فصل مرة أو أكثر ، ولا يقبل لدى أي جهة من الجهات إلا بعد أن يقدم ذلك السجل ، ويبقى محفوظاً في مكتب المعمل ، ولا يرد اليه إلا اذا خرج من المعمل باذن خاص من المدير ، كما ان المدير لا يمنحه الاذن في الخروج إلا إذا قررت لجنة العمل الطبية انه عاجر عن تأدية عمله بشرط أن لا يكون عند الادارة عمل يتناسب مع حالته الصحيحة وإلا فيعين فيه ، أما اذا ترك العمل بلا إذن فان كتابه تحتفظ به الادارة ولا يستطيع الالتحاق بمعمل آخر. هذا عدى ما تقضي به القوانين من عقوبته وحجزه في معسكر السخرة عشرة أعوام ، أما اذا ألحق المدير بالخدمة عاملاً لا يحمل كتابه ، أو أهمل في تبليغ البوليس عن عامل خرج بلا إذن فانه يعتقل ، ويعاقب باشد العقوبات ، وقد أخذت روسيا هذا النظام القاسي عن (229)
المانيا النازية (1).
7 ـ إطاعة النظام يجب على العمال احترام العمل ، والخضوع للأوامر الموجهة لهم من الحزب الشيوعي ، ومن لم يخضع فهو متآمر تصب عليه النقمة والعذاب وقد أدلى لينين بذلك فقال : « إن من يضعف ولو قليلاً في نظام الطاعة الحديدي ، في حزب البروليتاريا يساعد البرجوازية في الواقع ضد البروليتاريا » (2). إن إطاعة النظام أمر لا بد منه ، والمتخلف عنها يعاقب بأقسى ألوان العقاب ، ويعرض نفسه للخطر ، وقد صرح لينين عام ( 1920 ) عن العقاب الذي يصب على المتذمر من نظامهم بقوله : « نحن نعرف ان نظامنا لا يحظى بتأييد كثير من المتذمرين بل إننا لا نسمح لهم بالتذمر ... فكل متذمر ضدنا هو في الواقع عدو لنا ونحن لا نرحم أعداءنا ، ولهذا لا نرحم المتذمرين » (3). 1 ـ حقيقة الشيوعية : ص 39. 2 ـ اسس اللينية ص 99. 3 ـ النظام الشيوعي ص 23. (230)
ان التذمر من النظام يعد جناية يستحق صاحبه العقاب والتنكيل ، ولا بد أن يخضع الشعب بجميع هيآته لنظم الحكم مهما كان في قسوته وصرامته.
8 ـ توهين العمال ولا أهمية للعامل ، ولا مكانة له في ظل النظام الشيوعي فهو ملك للمعمل كما صرح بذلك لينين فقد قال : « يجب أن يكون مفهوماً أن العامل الذي يعمل في معمل من المعامل لا يملك نفسه فالمعمل هو الذي يملكه » (1). هذا هو نظر الشيوعية للعامل بانه ملك للمعمل ، لا كرامة له ولا تقدير لجهوده ومتاعبه لا كما يتحدث عنها المغرضون والمضللون الذين حاولوا أن أن يخلقوا من قبحها حسناً ، ومن جحيمها جنة. 9 ـ ضمانهم للتلف لقد أصدرت الحكومة السوفيتية القوانين التعسفية الجائرة ضد العمال فحكمت بضمانهم لما يصيب المعمل وأدوات الانتاج من أضرار ، وان كان ذلك بغير تفريط أو تعدي منهم ، وقد جاء ذلك في المرسوم الصادر في أول يونيو عام ( 1932 ) 1 ـ النظام الشيوعي ص 47. (231)
جاء فيه ان العمال مسؤلون عن كل تلف يصيب المصانع أو أجهزة الانتاج ، وكل تلف يصيب الآلات أو مواد الخام أو الوقود أو ملابس العمل فان ذلك يستوجب الأخذ من أجرة العامل بما يعادل عشرة أمثال قيمة التلف ، وكذلك صدر مثل هذا المرسوم في 2 يونيو عام ( 1942 ) (1) فاين رفاهية العامل في ظل هذه القوانين الجائرة التي تحمل في طياتها الموت للعمال ؟ ان هذه القوانين القاسية لم يكن الغرض منها إلا ارهاق العمال وشقائهم ، وقذفهم في هوة سحيقة من مجاهل هذه الحياة.
10 ـ اهمال العاجزين إن العاجزين والضعفاء قد أهملوا في النظام الشيوعي فلا ضمان لهم ، وقد صرح ستالين بذلك عام ( 1936 ) فقال : « جرت العادة في وقتنا هذا على اهمال شأن الضعفاء ، وعدم الاهتمام بهم فالاهتمام كله مقصور على الاقوياء وحدهم » (2). وهكذا أهمل النظام الشيوعي الضعيف والعاجز لأنه لا يستفاد منهما في ميادين الانتاج ، فلذا لم تشملهم الضمانات الاجتماعية ولم تقرر لهم الدولة ما يقيم أودهم ويسد حاجاتهم حتى انتشر 1 ـ الشيوعية اليوم وغدا ص 108. 2 ـ النظام الشيوعي : ص 19. (232)
الشحاذون في بلادهم (1) فاين الرخاء والرفاهية التي يطبل بها الشيوعيون ؟!
11 ـ الاضراب عن العمل أما الاضراب عن العمل فانه يعد جريمة كبرى لأنه يفتح عليهم باب المعارضة ، ويتنافى مع التعاليم الشيوعية التي تفرض الطاعة والخضوع للنظام مهما اتصفت بالقسوة والصرامة ، فلذا تستعمل السلطات جميع الوسائل الجهنمية للقضاء عليه ، ومعاقبة المضربين بأقسى ألوان العقوبات. ان عمال المانيا الشرقية لما أعلنوا الاضراب عن العمل في شهر حزيران عام ( 1953 ) مطالبين بزيادة الأجور ، وتقليل ساعات العمل هجمت عليهم الدبابات الروسية ، وأطلقت عليهم النار وسحقتهم سحقاً فظيعاً ، وعندما حاول ( ماكس فيشن ) وزير العدلية تهدئة العمال طرد من منصبه وزج في السجن (2). إن العمال في ظل الحكم الارهابي الشيوعي لا حق لهم في الاضراب عن العمل والمطالبة بتحسين حالتهم الاقتصادية ، ولا 1 ـ وذكر الدكتور السباعي في بعض كتبه انه التقط صورا لأولئك الشحاذين الذين انتشروا في قلب ( موسكو ). 2 ـ الشيوعية والدمقراطية : ص 307. (233)
بأي شيء يعود لهم بالخير والرفاهية ، وليس لهم بأي حال من الأحوال إلا الخضوع لجميع مقررات الحزب فان حدث اضراب على سبيل الفرض فان النقابات بدورها يجب أن تتخذ التدابير اللازمة ضده. وقد أدلى لينين بذلك بقوله :
« وينبغي عليها ـ أي على النقابات ـ أن لا تخفي على العمال والجماهير الكادحة ، ان اللجوء الى النضال الاضرابي في دولة تتولى البروليتاريا السلطة السياسية فيها أمر تفسره وتبرره فقط تشويهات بيوقراطية للدولة البروليتارية ، فواجب النقابات في حالة حدوث احتكاك ومنازعات أن تسارع في حل هذا النوع بأسرع ما يمكن » (1). إن الشيوعية لو كانت تحرص على سعادة العمال لاجازتهم على إبداء مشاعرهم ، وسمحت لهم بالاضراب عن العمل لتقف على مطالبهم وتستجيب لرغباتهم ، ولكنها أغلقت الأبواب في وجوههم ، ولم تعطهم أي مجال للإعراب عن رغباتهم. 12 ـ تحديد الأجور وليس للعمال الحق في تحديد أجور عملهم وإنما تحدده 1 ـ دور النقابات ومهماتها ، تاليف لينين. (234)
النقابات التي يسيرها الحزب الشيوعي فهي التي تتولى شؤون تحديد الأجور فقد جاء في أنظمتهم ما يلي :
« في كل فرع من فروع الصناعة جدول للاجور تشترك النقابات في وضعه ، وتوافق الحكومة عليه ، وهو عبارة عن توزيع للتعرفات ، ومقادير الأجور ... أما أجر العمال والمستخدمين المحدد ، فيقرر حسب التعرفة » (1). إن العمال لا يملكون تحديد أجور عملهم ، فان الحزب الشيوعي هو الذي يتولى تحديد ذلك حسب ما يتفق مع مصالحه وأما مصلحة العامل فان الحزب لا ينظر اليها ، ولا يعتني بها ، وبذلك فقد قاسى العمال أشد ألوان الاضطهاد والحرمان. وزاد في إرهاق العمال وشقائهم هو ان أساس الأجور عندهم ـ على الاكثر ـ هو « الأجر بالقطعة » الذي ينفر منه العمال في جميع أنحاء العالم فانه يوجب الجهد والعناء ، وبذل المزيد من المشاق في اخراج الوحدة الانتاجية بحسب الوقت الذي عين لها ، والويل لمن تخلف عن إخراجها في الوقت المضروب لها أو إخراجها ولا يرتضي بها المسؤلون. إن جميع من كتب عن نظام العمل في الاتحاد السوفييتي 1 ـ الاتحاد السوفياتي في مائة سؤال وجواب : ص 91. (235)
ـ من مؤيدين وناقدين ـ يعترفون بصعوبة إنشاء جداول لتحديد المقطوعية وتقويمها لكل الأعمال والصناعات على نحو يبعث الاطمئنان بصحتها وصلاحيتها للمواطنين ، وقد بذلت السلطات النقابية السوفيتية جميع جهودها في توجيه القائمين على تحديد مقطوعية الانتاج بالقطعة ، وتقويمها ، فانشأت في كل مشروع مكتباً فنياً لتحديد المقطوعية ملحقاً بالادارة الاقتصادية ، ووظيفته تكوين معدلات الانتاج ، ومعدلات الجزاء أي تعيين الزمن القياسي الذي يتطلبه إنجاز العمل ، وتعيين أجر العامل الذي قام بانجازه ، ولكن أحد أقطاب الشيوعيين وهو ( مستروب ) قد اعترف بقصور تلك المكاتب وبعدم كفاية أعضائها (1).
إن نظام الأجور في النظام الشيوعي مرهق للعمال ولا يجدون في ظلاله أي أثر للسعادة والرفاهية والحياة الكريمة. 13 ـ المساواة في الأجور إن فكرة المساواة في الأجور بين العمال هي الشعار الذي رفعه الشيوعيين لخداع العمال وتضليلهم ، ولكن سرعان ما انهارت هذه النظرية وتحطمت في روسيا لأنها اصطدمت 1 ـ الدستور السوفييتي : ص 102. (236)
بواقع الحياة فان المساواة بين العامل الماهر وغيره ، وبين العامل النشيط والخامل توجب شل الحركة الاقتصادية وذيوع الخمول بين العمال ، ولما طبقتها روسيا فترة من الزمن ظهر لها قلة الانتاج ، وتعرضت البلاد للمجاعة الشاملة ، فقرر ستالين في المؤتمر الذي عقد سنة ( 1931 ) ان الانهيار الاقتصادي الذي منيت به روسيا ناتج عن المساواة في الأجور فقال :
إن سير التقدم قد تعثرت خطاه نظراً للطريقة التي يسير عليها العمل من اهمال وتكاسل ، وأضاف يقول : إذا أردنا المقدرة الصناعية فلا بد أن يكون الاجر على درجات تحدد الفروق بين العامل تحديداً دقيقاً ، ويجب أن يحدد الأجر لا بحسب حاجة العامل بل بحسب ما أتم من عمل (1). وفي عام ( 1934 ) خطب ستالين بعد حملة التطهير الدامية التي صبها على رؤوس خصومه ومعارضيه في هذا الرأي من أقطاب حزبه قال : إن هؤلاء يحسبون ان الاشتراكية الشيوعية تستلزم المساواة في الأجر ألا ما اسخفه من رأي ، إن المساواة التي 1 ـ الشيوعية اليوم وغداً : ص 170. (237)
نادوا بها أضرتنا اكبر الاضرار (1).
وبذلك فقد انهارت النظرية الماركسية « من كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته » وقد نشأت في ظل نظامهم الطبقات البرجوازية ، وتبين بوضوح عدم قدرة الشيوعيين على خلق مجتمع لا طبقات فيه. لقد عدل الشيوعيون عن مبدأ توزيع السلع الاستهلاكية حسب حاجة الافراد ، والغى الشعار الذي طالبوا به ، وأغروا به السذج والبسطاء « لكل حسب حاجته » وأصبح المبدأ المعمول به عندهم « من كل حسب قدرته ، ولكل حسب ما يؤديه من عمل ، ومن لا عمل له ليس له الحق في أن يأكل » كما نص على ذلك الدستور السوفياتي الصادر سنة ( 1936 ) أما السبب في هذا التعديل فهو واضح لأنهم لما وجدوا أن الافراد لما اطمأنوا الى تأمين معاشهم بدأوا يتهربون من العمل ، وأخلدوا الى الكسل والخمول ، فان الدوافع الشخصية الى العمل قد زالت فاصبح العمال يتوسلون بكل الوسائل الى الدخول في الاعمال التي لا جهد فيها ولا عناء الامر الذي اضطر أقطاب الشيوعية الى إجراء تعديلات خطيرة في المبادئ الماركسية ، فأوجدوا 1 ـ الشيوعية اليوم وغداً : ص 178. (238)
الفوارق في الاجور ، وعلى هذا فليس النظام الشيوعي نظاماً لا طبقياً كما يدخل في روع بعض السذج الذين لا يعرفون شيئاً من أوضاعهم بل هو نظام طبقي حافل بكل معاني الطبقية وبكل سماتها وخصائصها.
إن الشيوعية ـ كما يقول ستالين : لا تعترف بتساوي مطالب الافراد ، وتسفه أحلام القائلين بأن الشيوعية تسعى الى تعادل الاجور ، والى تطابق احتياجات أعضاء المجتمع في المأكل والمسكن والملبس ويرى إنجلز ان طبقة الأجراء ( البروليتايا ) تطالب بالمساواة أي تطالب بالغاء الطبقات فاذا ما تعدت المطالبة بالمساواة الى أبعد من ذلك فانها تتحول الى سخف ويؤمن لينين بقول إنجلز ، ويصف فكرة المساواة بالسخف وبالبعد عن واقع الحياة (1) لقد قاوم ستالين مبدأ تساوي الأجور من الناحية العملية ، فعمد الى بعض المصانع فجمع أجور جميع العمال من مهندسين ، وفنيين ، وغيرهم ، ثم قسم الأجور بينهم بالتساوي ، فنتج من ذلك ضرر بالغ على الإنتاج الصناعي (2) وتبين من ذلك عدم إمكان تساوي أجور العمال 1 ـ الدستور السوفيتي : ص 103. 2 ـ الدستور السوفييتي ص : 104. (239)
لانها تؤدي الى شل الحركة الانتاجية في البلاد ، وبذلك فقد انهارت الفكرة الماركسية التي نادى بها الشيوعيون وطلبوا بها « من كل حسب قدرته ، ولكل حسب حاجته ».
إن جميع المبادئ الشيوعية أفكار مهلهلة يحوط بها الفساد والهزل من جميع جهاتها ، ولا يمكن تطبيقها في ميادين العمل لأنها توجب مسخ الحقائق ، وقلب المفاهيم ، وتغيير الحياة ، فلذا انطلقت السلطات الشيوعية الى الانحراف عنها مجبرة على ذلك لعدم إمكان تطبيقها في زمن قليل أو كثير. وأخيراً أصافحك أيها العامل لألتقي معك في ظل نظام الاسلام الذي ضمن لك الحياة الكريمة التي تسودها العدالة والرفاهية والمحبة فنبتعد عن الأنظمة المختلفة التي غذاها الانسان بجوره واستبداده وشهواته. إن الأنظمة الاقتصادية السائدة في العالم من الرأسمالية والشيوعية لم يحققا أي أثر من آثار العدالة الاجتماعية ، ولم ينعم العمال في ظلالهما حيث استغلت جهودهم ، وعانوا أمرّ الكوارث (240)
وأقسى الخطوب ، وكان من الطبيعي بعد إفلاس تلك المذاهب وانهيارها أن تتوق النفوس الى الاطلاع على النظريات الاسلامية في حقل الاقتصاد والى حالة العامل وغيره من سواد الشعب في ظلاله ، وعلينا أن نشير ـ قبل التحدث عن حقوق العامل ـ الى بعض الخطوط الرئيسية التي يبتني عليها الاقتصاد الاسلامي والتي تؤدي الى إسعاد العامل وغيره من أبناء الشعب ولنصطلح عليها ( بالحقوق العامة للعامل ) :
وأسرف النظام الرأسمالي في إقرار الملكية حيث أقر جميع الوسائل المؤدية اليها الأمر الذي أوجب تضخم الثراء الفاحش عند فئة خاصة قد أسرفت في اضطهاد الشعوب وإرهاقها فحدثت بسبب ذلك الأزمات الاقتصادية ، واضطربت الأوضاع العامة في جميع طقوس العامل وأنحائه. وأما النظام الشيوعي فقد حرم الملكية الفردية في جميع المجالات ، وقضى بتأميمها ، وتأميم جميع وسائل الانتاج للمجموع ، وكان لهذا العلاج مضاعفته السيئة حيث شذ عن الفطرة الأصيلة التي طبع عليها الانسان ، وقد ذكرنا في البحوث |
|||
|