|
|||
(286)
وقد عانى العمال أشد الارهاق من الساعات الاضافية فقد كتب أحدهم الى صحيفة « حياة الحزب » في حزيران سنة ( 1956 ) ما نصه :
« كلنا نقاسي متاعب الساعات الاضافية ، إذ نشتغل ساعات اضافية ، ونخسر أيام راحتنا ونبذل وقتاً وجهداً عصبياً غير ضروري ، وينال المجرمون المسؤلوون عن كل هذا جوائز لإتمامهم برامجهم (1). إن هذا اللون من الارهاق لا يقره مبدأ من المبادئ سوى المبدأ الشيوعي الذي يزعم انه صديق العامل وان حكومته حكومة عمالية ؟؟! ولا بد لنا من وقفة قصيرة للنظر في معنى الاضراب ، وأسبابه ، وآثاره ، وغير ذلك مما يتعلق به ، وبيان ما يقره الاسلام منها وما لا يوافق عليه ، والى القراء ذلك : 1 ـ معنى الاضراب الاضراب هو الامتناع عن العمل ، وايقافه من جانب العمال لأجل إرغام رب العمل على قبول وجهة نظرهم في النزاع 1 ـ ادراك الحقائق عن روسيا ص 130. (287)
القائم بينهما ، وعرفه المشرع العراقي بان اتفاق بين الأجيرين كلهم أو أكثرهم في مشروع أو مشاريع عن التوقف عن العمل بشأن أمور تتعلق بشروط العمل والاستخدام واحوالهما (1).
وقد توسع مفهوم الاضراب فصار يشمل حالات أخرى من ايقاف العمل ، وإن لم يوجد ثمة نزاع بين المضربين ورب العمل ، ولكن إطلاقه مجاز على ذلك وعلى اضراب المستأجرين والمزارعين والطلاب والمساجين وغير ذلك. 2 ـ أسبابه ليس للاضراب سبب خاص بل له عوامل متعددة ، أهمها في الغالب هي زيادة الأجور وتقليل ساعات العمل ، أو الاحتجاج على المساس بالحرية النقابية ، أو الطلب باعادة العمال المسرحين : وقد لا يكون للعمال المضربين مطالب خاصة من اعلان الاضراب سوى مؤازرة إخوانهم المضربين في مشروع التعاطف أو التضامن ، وقد تعلن اضرابات ليس لها أغراض حرفية ، بل غرضها الضغط السياسي ، والاعراب عن المعارضة لسياسة 1 ـ قانون العمل العراقي لسنة 1958 ، المادة 50. (288)
الحكومة ، أو موقف المجالس النيابية ، وقد تكون المعارضة أحياناً ضد قرارات حكومة أجنبية ، وهذا النمط من الاضراب يعرف بالاضراب السياسي.
أما موقف التشريع الاسلامي من هذه الاسباب فانه يقر الاضراب عن العمل للمطالبة بزيادة الأجور أو لتقليل ساعات العمل وغير ذلك من الأمور التي تنشد صالح العامل ورفع مستوى معيشته ، فان للعامل الحرية التامة في ذلك فان الاضراب إن كان يتفق مع صالحه فليس لأحد سلطان عليه ، وليس للحكومة أن تقف ضده بل عليها أن تتدخل لحمايته وتنظر في مطاليبه. نعم اذا كان العامل مستأجراً على العمل في وقت خاص فليس له الاضراب عنه إلا أن يكون هناك غبن في إجارته فحينئذ يحق له الاضراب والامتناع عن العمل حتى يستجيب رب العمل الى انصافه ورفع الغبن عنه. وأما الاضراب لأجل التضامن مع العمال الآخرين فان ذلك سائغ ما لم يكن اضراب اولئك العمال على جهات غير مشروعة فانه يلزم من التضامن معهم معونتهم على الاثم والعدوان وهو محرم في الاسلام. (289)
وأما الاضراب السياسي الذي يقصد منه اعلان السخط على الحكم القائم ومعارضة المسؤولين فان كان باعثه اقدام الحكومة على زج البلاد في معاهدة استعمارية تضر بصالح المسلمين وتتنافى مع المصلحة العامة وتطوح باستقلال البلاد وجره تحت مناطق نفوذ الدول الاستعمارية الكافرة ، أو ان الحكومة تشرع من القوانين ما لا يقره الاسلام فان مقاومة ذلك الحكم من أفضل الواجبات ولا يختص بالعمال بل يكون واجباً على جميع المسلمين فان حفظ بيضة الاسلام والذب عن كرامة الدين والوطن واجب مقدس مسؤول عنه كل مسلم.
إن للعامل الحق في فسخ العقد لاسباب ، نقدم عرضاً لبعضها. 1 ـ اذا شرط العامل ذلك في متن العقد ، وهو المعبر عنه في اصطلاح الفقهاء بخيار الشرط فان له الخيار في فسخه متى شاء ، وإذا فسخ العقد فليس لأحد أن يجبره على الاستمرار في العمل. 2 ـ اذا ظهر غبن في الاجارة بأن أجر العامل نفسه في اليوم بنصف دينار وكان أجره يساوي اكثر من ذلك فان (290)
له أن يبادر الى فسخ العقد.
3 ـ لو شرط العامل على رب العمل في متن العقد أن يقوم ببعض الأمور التي له ارب فيها فلم يلتزم بذلك رب العمل فان للعامل خيار الفسخ. هذه بعض الأسباب التي يحق للعامل أن يفسخ العقد بموجبها ، وذكر الفقهاء صوراً أخرى لجواز فسخه ذكرت في الكتب الفقهية بالتفصيل. إن الاسلام حرم جميع ألوان الظلم ودعا الى التخلص من خطوبه ومآسيه ، ومن أظهر صور الظلم استغلال العمال ومنعهم أجرة عملهم فانه من أشد المحرمات ومن أظهر مصاديق أكل المال بالباطل فقد قال النبي (ص) : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة .. منهم ، رجل استأجر أجيراً فلم يوفه أجره (1) ولما استولى أمير المؤمنين علي عليه السلام على زمام الحكم بعث لينادى عنه باللعن على ثلاثة ( احدهم ) من خان أجيراً على أجرته. إن الاسلام حرم الاستغلال بجميع صوره وألوانه لأنه يحدث النزاع الطبقي ما بين العمال وأصحاب العمل والاسلام قد قضى على 1 ـ رواه ابن ماجة والبيهقي. (291)
الطبقية وحطمها وجعل التمايز انما هو بالتقوى والعمل الصالح.
إن فكرة العدل والمساواة والاخاء التي أعلنها الرسول الاعظم (ص) قد وقفت حائلاً من ظهور النزعة الطبقية ما بين العمال واصحاب العمل فلم نجد لها أثراً في صدر الاسلام لأن المجتمع كان يقدر الفرد بجهوده وخدماته وأعماله النافعة للجميع ـ فخير الناس من نفع الناس ـ ولم تكن حينئذ فكرة استغلال العامل بظاهرة في جميع أنحاء العالم الاسلامي. إن من أهم حقوق العامل تحديد أجور عمله فلا يجوز جهالتها لما في ذلك من الغرر والغبن ، وقد ورد عن الامام الصادق عليه السلام « من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يستعملن أجيراً حتى يعلمه ما أجره ». ان تحديد الأجور من أهم القضايا الاجتماعية ، وذلك لأن مستوى الأجر يحدد فعلا مستوى معيشة العامل فاذا كان عادلاً فانه يضمن له الحياة الكريمة وان لم يكن كذلك فانه يسبب بؤسه وشقائه ، ويفضي بالآخرة الى المنازعات والخصومات ما بين العمال ورب العمل ، وقد حرص الاسلام على أن تكون الاجور عادلة ولذلك حكم بخيار الفسخ فيما اذا تبين للعامل الغبن في أجوره كما حكم في كثير من مقامات فساد الاجارة باعطائه أجرة المثل وهي التي يقدرها العرف فلا يصيبه أي ظلم أو حيف. 1 ـ العامل ورب العمل بان يتفقا على تحديده : (292)
2 ـ النقابة فتتولى هي تحديد الاجور مع رب العمل بشرط أن يمنحها العمال الصلاحية لذلك.
3 ـ الدولة ، ويشترط في تدخلها أن لا تجحف بحقوق العامل ولا بحقوق رب العمل ، واذا حددت الاجور فان للعامل الحرية التامة في تقبله ورفضه من دون أن يلزم بشيء. ويجب على رب العمل أن يدفع الاجور الى العامل بعد انتهائه من العمل سواء أكان الاجر على أساس اليوم أو الاسبوع أو الشهر أو كان على أساس آخر فانه يجب دفع الاجر اليه مرة واحدة ، وقد أوصى الاسلام بالتعجيل في ذلك فقد ورد في الحديث « أعطوهم قبل أن يجف عرقهم ». إن تأخير دفع الاجور يسبب ضرراً بالغاً على العامل كما يوجب شل نشاطه ، وعدم رغبته في العمل. ثم ان دفع الاجر تارة يكون في محل العمل ، وأخرى في محل مجاور له ، ولا يكلف العامل بالذهاب الى مكان بعيد عن محل عمله ، كما ان دفع الاجور يجب أن يدفع بالعملة المتداولة ، ولا يصح الدفع بالبطاقات وما أشبهها لاستبدالها بالسلع من المخازن اللهم إلا أن يرضى العمال بذلك. على رب العمل أن يهيئ الوسائل الوقائية في المعمل لحماية العمال من (293)
التعرض للاصابات والامراض المهنية ، وذلك بالتحقق من سلامة الآلات والادوات التي يضعها تحت تصرفهم ، كما عليه أن يتخذ دائماً الاحتياطات الفنية لسلامة العمال خصوصاً في المعامل المحتاجة الى ذلك كمعامل الفسفور والمناجم والزئبق والبترول ومشتقاته ، فان اللازم في مثل هذه الاعمال وقاية محل العمل من تسرب الغاز اليهم ، وقد ذكر المعنيون بهذه البحوث الوسائل التي يلزم ايجادها في المعامل لتقي العمال من الاخطار والاصابات والاسلام يقرها ، ويلزم أرباب العمل بايجادها للحفاظ على صحة العمال.
إن الاسلام يقرر حق الراحة للعامل يقول (ع) : إن لنفسك عليك حقاً ، وان لجسدك عليك حقاً وإن لزوجك عليك حقاً ، وان لعينك عليك حقاً (1) ويقول (ع) : « روحوا القلوب ساعة بعد ساعة ». ان للعامل الحق في الراحة الاسبوعية والشهرية ، وغيرهما حسب الاتفاقية التي بينه وبين رب العمل ولا يجوز له أن يرهق نفسه فيعمل فوق طاقته فان ذلك القاء للنفس في التهلكة وهو محرم في الاسلام. ان الغاية من الضمان الاجتماعي هي مسؤولية الدولة عن تأمين وسائل العيش والراحة للمواطنين وايجاد الطرق لوقايتهم من التعرض للحاجة ، 1 ـ رواه البخاري وغيره. (294)
وامداد المعونة لهم طوال الحياة عند العجز الدائم ، وقد جاء ايضاحاً لمعناه في المادة الخامسة والعشرين من اعلان حقوق الانسان الذي صادقت عليه الجمعية العمومية لمنظمة الامم المتحدة ما نصه :
« إن لكل شخص الحق في مستوى لائق كاف من المعيشة لتأمين صحته وسعادته وعائلته خاصة من حيث الغذاء والكساء والمأوى والخدمات الطبية والاجتماعية الضرورية ، وله الحق في الضمان في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وفقد وسائل العيش الاخرى نتيجة الظروف الخارجة عن إرادته كما ان للأمومة والطفولة الحق في الاعانة والمساعدة اللازمة المخصوصة (1). وعرفه رجال الاقتصاد والقانون بتعاريف أخرى ، وهي تتفق على مسؤولية الدولة عن حماية الافراد من الفقر والاعواز وعلى ضمان معيشتهم عند العجز عن العمل. لقد حفل بجميع ذلك الضمان الاجتماعي في الاسلام فانه يقوم باعانة كل معدم غير قادر على العمل ، ويقضي على جميع ألوان البؤس والفاقة. إن الضمان الاجتماعي الذي أعلنه الاسلام حافل بمعالم الخير ، وزاخر بكل مقومات النهوض ، وهو يشمل المواطنين 1 ـ الضمان الاجتماعي : ص 4 ـ 5. (295)
وعلينا أن نشير الى بعض خطوطه الرئيسية وهي كما يلي :
1 ـ توفير العمل إن الدولة الاسلامية ملزمة بتوفير العمل للمواطنين وذلك بتهيئة جميع الوسائل المؤدية له من المعامل والمصانع ، والمشاريع العامة التي تنتعش بها الحياة الاجتماعية والفردية ، ويشير الى ذلك ما أعلنه الامام أمير المؤمنين عليه السلام في بعض خطبه بقوله : « أيها الناس : إن لي عليكم حقاً ، ولكم على حق ، فأما حقكم علي : فالنصيحة لكم وتوفير فيئكم عليكم » ، والفيء الذي يوفره الامام على رعيته هو الخراج ، وما يحويه بيت المال ، ومن الظاهر ان توفير ذلك إنما يكون بتهيئة جميع وسائل العمل وميادين الانتاج ، وأعلن الامام (ع) ذلك بوضوح في دستوره الخالد الذي بعثه لمالك الاشتر لتسير علي ضوئه الدولة الاسلامية بجميع أقاليمها يقول (ع) : « وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة » ويقول : « ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ولم يستقم أمره إلا قليلاً وانما يؤتى خراب (296)
الأرض من اعواز أهلها ».
إن الدولة اذا شاركت في عمارة الأرض واصلاحها مجاناً فقد توفر العمل للعمال ، وبتوفيره يتوفر الخراج الذي تستند اليه ميزانية الدولة « والناس كلهم عيال على الخراج » على حد تعبير الامام عليه السلام. إن الدولة الاسلامية ملزمة بالقضاء على الفقر وابعاد شبحه عن واقع الحياة وهو لا يكون إلا بتوفير وسائل العمل أما كيفية توفيرها كماً ونوعاً فان ذلك يناط بالظروف والملابسات الزمنية للمجتمع. 2 ـ مكافحة البطالة إن الاسلام كافح البطالة وذلك بحثه على العمل وايجابه له ، وقد تقدم الكلام في بيان ذلك على نحو التفصيل. 3 ـ رفع الضرائب عن الضعفاء ويقضي الاسلام برفع الضرائب عن كواهل الطبقة الفقيرة وقد أعلن ذلك الامام أمير المؤمنين (ع) في دور حكومته التي تمثلت فيها العدالة الاجتماعية الكبرى يقول (ع) : « ولا تبيعن للناس في الخراج كسوة الشتاء ، ولا الصيف ولا رزقاً يأكلونه ، ولا دابة يعملون عليها » وأضاف يقول (297)
ولا تبع لاحد منهم عرضاً في شيء من اخراج وانما أمرنا أن نأخذ منهم بالعفو ».
ومن الطبيعي أن هذه الاجراءات تستأصل الفقر ، وتقضي عليه ، ولا تبقي له أي ظل في البلاد. 4 ـ تسديد الاعواز إن العامل الذي لا تكفيه أجرة عمله عن القيام بشؤونه فانه يأخذ بقية نفقته ، ونفقة عياله وما يحتاج اليه من بيت المال ، وكذا غيره من أصناف المجتمع فيما اذا قصرت مؤنتهم عن سد حاجاتهم فان الدولة هي التي تتولى دفع الباقي. 5 ـ وفاء الدين إن العمال وغيرهم إذا استدانوا لوجه مشروع كالدين للزواج ، أو لشراء مسكن ، أو لبنائه ، وغير ذلك من الجهات المشروعة ، وعجزوا عن تسديده فان الخزينة المركزية للدولة الاسلامية هي التي تقوم بدفعه ، وقد ورد في الحديث « من توفي فترك ديناً فعليّ قضاؤه » (1). يقول الامام موسى بن جعفر (ع) : « من طلب هذا الرزق من حله ليعود به على نفسه 1 ـ البخاري 17 ـ 29. (298)
وعياله كان كالمجاهد في سبيل اللّه ، فان غلب عليه فليستدن على اللّه وعلى رسوله ما يقوت به عياله فان مات ولم يقضه كان على الامام قضاؤه ، فان لم يقضه ـ أي الامام ـ كان عليه وزره إن اللّه عز وجل يقول : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين ، الى قوله تعالى : والغارمين ، وهذا فقير مسكين مغرم » (1).
6 ـ الانفاق على العاجز إن العاجر عن العمل لمرض أو شيخوخة وغير ذلك ، ولم يكن له مال ولا ولد ينفق عليه فان الدولة هي التي تقوم بالانفاق عليه لئلا يبقى في المجتمع متسول أو شحاذ. 7 ـ الاهتمام بالضعفاء إن الاسلام يهتم قبل كل شيء بالضعفاء والمعوزين ، وقد الزم المسؤولين في الدولة أن يقدموا لهم المبرات والمعونات ، ويتعاهدوهم بالعطف والحنان ، وقد أعلن ذلك الامام أمير المؤمنين عليه السلام في عهده لمالك الاشتر يقول (ع) : « ثم اللّه اللّه في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم من 1 ـ حياة الامام موسى بن جعفر (ع) 1 ـ 233. (299)
المساكين والمحتاجين وأهل البؤس والزمنى (1) فان في هذه الطبقة قانعاً ومعتراً (2) واحفظ اللّه ما استحفظك من حقه فيهم ، واجعل لهم قسماً من بيت مالك ، وقسماً من غلات صوافي الاسلام في كل بلد (3).
ويؤكد الامام طلبه على بذل المزيد من الاهتمام بهم فيقول : « فلا يشغلنك عنهم بطر (4) فانك لا تعذر بتضييعك التافه (5) لاحكامك الكثير المهم فلا تشخص همك عنهم (6) ولا تصعر خدك لهم ، وتفقد أمور من لا يصل اليك منهم 1 ـ البؤس : بضم اوله ـ شدة الفقر ، الزمنى : ـ بفتح اوله ـ جمع زمين وهم ارباب العاهات المانعة لهم من الاكتساب. 2 ـ القانع : السائل : المعتر المتعرض للعطاء بلا سؤال. 3 ـ صوافي الاسلام : جمع صافية وهي ارض الغنيمة. 4 ـ البطر : طغيان النعمة. 5 ـ التافه : القليل والمراد إنك لا تعذر بتضييعك القليل وان احكمت الكثير المهم من امورك. 6 ـ لا تشخص : أي لا تصرف همك ـ أي اهتمامك ـ عن ملاحظة شؤونهم. (300)
ممن تقتحمه العيون (1) وتحقره الرجال ، ففرغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية والتواضع فليرجع اليك أمورهم ثم اعمل فيهم بالاعذار الى اللّه يوم تلقاه فان هؤلاء من الرعية أحوج الى الانصاف من غيرهم.
ويعرض الامام صنفاً آخر من المعوزين فيأمر بمساعدتهم والعطف عليهم يقول (ع) : وتعهد أهل اليتم وذوي الرقة (2) في السن ممن لا حيلة له ، ولا ينصب للمسألة نفسه ، وذلك على الولاة ثقيل والحق كله ثقيل (3). وقد احتوت هذه الفقرات من عهد الامام على جميع صنوف الرحمة وانواع البر بالطبقة الضعيفة ، ولم نعهد أن هناك مذهباً من المذاهب الاجتماعية أو ديناً من الأديان قد أمر بمثل هذا العطف والحنان على الفقراء والمحرومين. الى هنا ينتهي بنا الحديث عن بعض المعالم الرئيسية في الضمان الاجتماعي الذي جاء به الاسلام وهو من أروع الضمانات الاجتماعية التي شرعت في العصور الحديثة فانه قد 1 ـ تقتحمه العيون : أي تكره النظر اليه احتقاراً له. 2 ـ ذوو الرقة ـ المتقدمون في السن. 3 ـ نهج البلاغة محمد عبده 3 ـ 111 ـ 112. |
|||
|