|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
(331)
أمّا الثاني فظاهر. أمّا الأول فكما قيل في قوله :
وإن لم يكن المضاف إليه مذكوراً ولكن كان منوباً ، بًني على الضمّ لمشابهته الحرف في الاحتياج إلى معنى المضاف إليه. قال نجم الأئمة ( رض ) : فإن قلت : هذا الاحتياج حاصل مع وجود المضاف إليه فهلا بني معه كالموصلات تبنى مع وجود ما تحتاج إليه ( من صلتها ) (4) ؟ قلت : لأنّ ظهور الإضافة يرجّح جانب الاسمية ، لاختصاصها بالأسماء (5). وإنّما بني على الضّم. قيل : ليصلح عوضاً عن المحذوف فإنّه أمر معتدّ به والحاجة إليه شديدة فناسب أن تعوّض عنه الضمّة التي هي أثقل الحركات. 1 ـ لم يّذكر شيء عن نسبة هذا البيت إلا أنّه جاء عن الفراء أنه لبعض بني عقيل. وأزد شنؤة : إحدى قبائل اليمين ، شرح الرضي : 3 / 168 رقم 482 ، معجم البلدان للحموي : 1 / 86. 2 ـ لم ينسبه أحد ولم يذكروا شيئاً قبله ولا بعده ، وقال العيني : ان بيت الشاهد لعبد الله بن يعرب بن معاوية وكان له ثار فأدركه ، وهو منقول عن خزانة الأدب للبغدادي ، شرح الرضي : 1 / 253 وفيه « الحميم » بدل « الفرات ». 3 ـ الروم : 4. 4 ـ ما بين القوسين من الصدر. 5 ـ شرح الرضي : 3 / 168. (332)
وقيل : ليكون علماً في البناء فإنه إذا أُعرب لم يقبل من الحركات إلا الفتح والكسر.
وقيل : ليكمل له جميع الحركات ، فإنّه لا يقبل معرباً إلاّ حركتين. وقيل : في وجه إيثار البناء فيه على تعويض التنوين من المضاف إليه أنّه قليل التصرّف ، والبناء يناسب عدم التصرّف إذ معناه عدم التصرّف الإعرابي. وجميع ما قيل هنا جاري في جميع الظروف المقطوعة عن الإضافة المسماة بالغايات. وقد حكى الفرّاء عن بعض العرب من قبل بالكسر من غير تنوين وقبل بالفتح من غير تنوين. وقد قريء قوله تعالى : ( لله الامر من قبل ومن بعد ) (1) بالكسر من غير تنوين ، ولعلّه على نيّة ثبوت المضاف إليه كما قيل ليس غير بالفتح من غير تنوين فنية المضاف إليه على وجهين : أحدهما أن يقرب شديداً من الذّكر فيكون المضاف حينئذٍ بحكمه حين الذّكر ، والآخر أن يقرب من الحذف نسياً فحينئذٍ يبنى المضاف. « عزمة » فاعل أو مضاف إليه لفاعل محذوف حتى يكون الأصل كلام عزمة ، أو أمر عزمة ، أو مقالة عزمة أو ما أشبه ذلك ، والإضافة بأدنى ملابسة فإنّك قد عرفت أنّ الإتيان في المتعارف إنّما ينسب الى الكلام لا الى معناه ، وحينئذٍ يكون من المجاز بالنقصان وهو المسمّى عند القدماء بالمجاز في حكم الكلمة وهو الكلمة التي جوّز بها عن حكمها الأصلي بحسب الإعراب ، بحذف شيء من الكلام إمّا بحذف مضاف إليها وإقامتها مقامه وإعرابها بإعرابه كقوله تعالى : ( واسأل القرية ) (2) لكونه في الأصل « واسأل أهل القرية » فخرجت القرية عن 1 ـ الروم : 4. 2 ـ يوسف : 12. (333)
الجر الذي كان لها في الأصل إلى النصب.
أو بحذف حرف جرّ كقوله تعالى : ( واختار موسى قومه ) (1) فإنّه في الأصل « من قومه » أو « لقومه » فهو أيضاً خرج عن الإعراب الأصلي له ، أعني : الجرّ الى النصب. وقد لا يكون بين ما خرجت عنه الكلمة وما خرجت إليه افتراق في الصورة كأن يقال : عليك بسؤال القرية ، فإنّ القرية مجاز مع أنّها في الحالين مجرورة إلاّ أن الجرّ عند ذكر أهل بكونها مضافاً إليها الأهل ، وعند الحذف بكونها مضافاً إليها السؤال. أو نقول قد اختلف الحالان بالمحلّ ، فإنّ محلّها النصب الآن وعند ذكر أهل محلّها الجر وهو أولى من الأول كما لا يخفى ، والوجهان لا يجريان اذا جعل الجر فيها هو الذي كان ، فبقي بعد حذف الجار كقوله تعالى : ( والله يريد الآخرة ) (2) بالجر ، وقولهم : « الله لأفعلنّ » ، وقوله : « أشارت كُليبٌ بالأكفّ الأصابع » (3). قال الرازي في نهاية الايجاز : واعلم أنّه لا ينبغي أن يجعل وجه المجاز في ذلك مجرّد الحذف ، لأنّ الحذف إذا تجّرد عن تغيّر حكم من أحكام ما بقي بعد الحذف لم يسمَّ مجازاً ، ألا ترى أنّهم يقولون : زيد منطلق وعمرو فيحذف الخبر ، 1 ـ الأعراف : 155. 2 ـ الأنفال : 67. 3 ـ من بيت للفرزدق ، كامله :
(334)
ثم لا يوصف جملة الكلام من أجل ذلك بأنّها مجاز؛ لأنّه لم يؤد الى تغير حكم فيما بقي ، وأيضاً فالمجاز اذا كان معناه أن يجوّز بالشيء أصله ، فالحذف بمجرده لا يستحق الوصف بذلك ؛ لأنّ ترك الكلمة وإسقاطها من الكلام لا يكون نقلاً لها عن اصلها ، لأن النقل إنما يتصور فيما يدخل تحت النطق وإذا امتنع وصف المحذوف بالمجاز بقي القول فيما لم يحذف ، وما لم يحذف ودخل تحت الذّكر لا يكون زائلاّ عن موضعه حتى يتغير أحكامه. انتهى مقاله بلفظه.
وقال السكاكي : ورأيي في هذا النوع أن يعد ملحقاً بالمجاز ومشبهاً به لما بينهما من الشّبه ، وهو اشتراكهما في التعدي عن الاصل الى غير الاصل ، لا أن يعد مجازاً ، قال : وبسبب لم أذكر الحدّ يعني حد المجازً ًًًًًشاملاً له ولكن العهدة في ذلك على السلف. ثم تأنيث الفعل ان كان مؤنثا إما علىً تقدير عدم الحذف فوجهه ظاهر ، وكذا إذا كان المضاف المحذوف مؤنثاً كمقالة. وأما اذا كان المضاف المحذوف مذكرا فلأن من القواعد المقررة أنه اذا كان المضاف المحذوف مؤنثا وكان مضافاً الى مذكر ، أو مذكراً وكان مضافاً الى مؤنث فيجوز اعتبار التذكير والتأنيث ، يقال : فقيء زيد ، بتقدير « عين زيد » ، وجدعت هند وجدع هند ، على تقدير « أنف هند ». « من ربّه » : ظرف مستقرّ صفة ل « عزمة » أي عزمة كائنة من ربه أي مبتدئة منه آتية من جنابه ، والإضافة في ربه إن كن الرب مصدراً أو أسماً موضوعاً بمعنى اسم الفاعل ؛ فلفظية ، فإنّها الى المفعول. وإن كان صفة مشبّهة فمعنوية لامية حمله ليس لها مدفع إما صفة أخرى ل « عزمة » أو حال عنها. جملة المصراع الذي بعد ذلك عطف بيان ل « عزمة » ، او خبر لمبتدأ محذوف (335)
والتقدير هي : أبلغ. الخ.
ثم إن كان المراد من العزمة الكلام المشتمل عليها كان لفظ الجملة البيانية بياناً لها ولكن على سبيل الحكاية بالمعنى ، فكأنه قيل إنّها كلام معناه معنى هذا الكلام. وكذلك إن قدر مضاف الى عزمة كانت هذه الجملة بياناً لذلك المضاف بذلك الاعتبار. وإن لم يكن شيء من الامرين كان البيان معنى تلك الجملة ، فكأنه قال : هي طلب الإبلاغ والوعيد بأنه ان لم يبلغ لم يكن مبلغاً ، وهذا الاحتمال جاري على تقدير المضاف أيضا ، بأن تكون الجملة بياناً للمضاف إليه لا المضاف. « أبلغ » جملة فعلية مفعولها محذوف أي أبلغ ما انزل إليك من أن غايتهم ومفزعهم بعدك وخليفتك عليهم من هو. الجملة الشرطية استئناف أو اعتراض ، وفعل الشرط محذوف أي إلا تبلغ ذلك. وجملة الجواب إما استقبالية أو ماضية ، فإن مبلغاً إما أن يكون منزلا منزلة اللازم والمعنى لم يكن موصوفاً بصفة الإبلاغ أي الرسالة فكأنه قيل : وإن لم تبلغ ذلك لم تكن رسولاً أي خرجت عن الرسالة ، وحينئذٍ فالجملة استقبالية. وإما أن يكون مفعوله مقدرا والتقدير : وإلا لم تكن مبلغاً لما أبلغته من الرسالات ، وحينئذ فالجملة ماضية ويكون المراد بها :لم يتعد بما أبلغته من الرسالات لتصير مستقبلة ، كما يؤول نحو : لم يعتد بما أبلغته من الرسالات لتصير مستقبلة ، كما يؤول نحو : إن اكرمتني الآن فقد أكرمتك أمس. وإما أن يكون التقدير : وإلا لم تكن مبلغا لما يجب عليك ان تبلغه ، اي ان لم تبلغ هذا الامر العظيم فلا تبلغ غيره ، وحينئذٍ فالجملة مستقبلة ، ولكنها محتملة لوجهين : أحدهما : ما هو الظاهر المتبادر منها : من أنك ان لم تهتم بهذا فأولى أن لا (336)
تهتم بغيره.
والآخر : نظير معنى متلوه : من أنك إن لم تبلغ هذا لم يعتد بما تبلغه من غيره. وإما أن يكون التقدير : وإلا لم تكن مبلغا لشيء ، بمعنى لم يعتد بإبلاغك لشيء مما مضى ومما سيأتي. المصراع الآخر استئناف آخر ، كأنه قال : كيف أُبلغ ذلك وإني من الخوف منهم على الحد الذي تعلم ، او اعتراض ، او حال عن فاعل أبلغ ، وهذا على تقدير كون الشرطية معترضة. « الله » مبتدأ خبره « عاصم ». « منهم » متعلق به . « يمنع » إما بفتح النون ؛ ومفعولاه مقدران ، أي : يمنعهم منك ، أو منزل منزلة اللازم ، أي : من شأنه منه الأذى ، أو بضم النون ، أي : يمنع. فعلى الأول : جملة « يمنع » إما خبر أخر ، او حال عن « الله » ، أو عن ضميره الذي في « عاصم » ، أو بيان للجملة الاسمية؛ كأنه قال : اي يمنع أذاهم منك ، أو صفة مؤكدة ل « عاصم ». وعلى الثاني : تجري تلك الوجوه إلا كونها بياناً وإلا كونها مؤكدة ، بل إن كانت صفة كانت مقيدة. وكذا على الثالث. « فعندها » الى تمام ثلاثة أبيات : عطف على جملة « أتته بعد ذا عزمة » ان كانت الفاء للعطف والظرف متعلق ب « عزمة » ، فإن كان المراد منها الايجاب الحتمي فالامر ظاهر ، وان كان المراد بها الكلام الدال على ذلك فالمراد عند اتيانها اما بتقدير المضاف ، أو بعنايته ، أو الضمير عائد اليها ، بمعنى الايجاب على طريق الاستخدام. ويحتمل إرجاع الضمير الى الساعة (337)
المفهومة من الكلام ، أي « في تلك الساعة » ، والاتيان بهذا الظرف لمجرد التوكيد لما يفهم من الفاء من معنى التعقيب بلا إمهال أن كانت الفاء عاطفة وإلا فهو تأسيس.
« قام » ان كان بمعنى انتصب أو وقف ، كان « النبي » فاعلاً له ، وجملة « يخطب » حالا عنه. وان كان بمعنى طفق كان « النبي » اسمه والجملة خبره ، أو الجملة ايضا حال والخبر جملة « يقول » الخ. الموصول بصلته صفة مدح للنبي إن كانت « ما » في « بما يأمره » موصولة كان العائد عليه محذوفا ، أي « بما يأمره به ». وان كانت مصدرية ، فلا تقدير وهذا الجار والمجرور أعني : بما يأمره ، متعلق ب « يصدع » ان كانت الباء للتعدية ، وان كانت للسببية أو الاستعانة كان الظاهر ذلك. واحتمل التعلق بكان على مذهب من جوز ذلك وجملة « يصدع » خبر كان. ثم ان كانت الباء للسببية أو الاستعانة كان ل « يصدع » مفعول محذوف ، أي : يصدع الحق والباطل ، اي كلا منهما عن الآخر ، أو جماعاتهم. « مأموراً » حال عن فاعل « يخطب » ، أو قام ومفعوله الثاني المقرون بالباء محذوف ، أي مأموراً بالخطبة أو القيام أو بهما أو بالإبلاع أو بالجميع ، والجملة بعده حال أخرى عنه والظرف مستقر رافع ل « كف علي ». ويحتمل اسمية الجملة على رأي كما عرفت. « ظاهراً » حالاً عن « كف علي » ان كان فاعلا للظرف ، وان كان مبتدأ فإما حال عنه أو عن ضميره الذي في الظرف. وان كان بمعنى « عالياً » لزم تقدير متعلق له ، أي عالياً على كفه أو على (338)
سائر الأكف ، وتذكيره مع تأنيث الكف مبني على تأويلها بالعضو ، ومما وقع فيه تذكير الكف بخصوصها للتأويل المذكور ، قوله :
ويجوز أن يُقرأ « يلمع » مبنيّاً للمفعول ، وحينئذٍ فإما حال عن « كفه » أو عن : « كف علي » فإن كان الأول كان المعنى يلمع بها ، وإن كان الثاني كان المعنى يلمع إليها. وعلى التقديرين ففيه حذف وإيصال. وعلى الأول فمفعوله الثاني مقدر. وعلى الثاني يقدر مفعوله الأول. أو حال عن علي ، أي بلغ إليه ، وحكمه حكم الثاني. « رافعها » منصوب حال أخرى عن فاعل « يخطب » ، أو « عن كفه » او عن ضمير كفه ، ولما كانت الإضافة فيه لفظية جاز أن يقع حالأ. لا يقال : كيف تكون لفظية واسم الفاعل بمعنى الماضي. لأنّا نقول : إمّا على مذهب الكسائي فإنّه يجوز العمدة مطلقاً ، تمسّكاً بقوله 1 ـ البيت للأعشى ، يهجو عمرو بن المنذرين عيدان ، ويعاتب بني سعد بن قيس ، ( ديوانه : 8 ). (339)
تعالى : ( جعََلَ اللَّيل سكناً ) (1). ( وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد ) (2) ونحوهما.
وإما على حكاية الحال الماضية ، ومعنى حكاية الحال أن يقدر ان ذلك الفعل الماضي واقع في الحال ، كما في قوله تعالى : ( فلم تقتلون أنبياء الله ) (3) وقد أجاز يونس والبغداديون وقوع الحال معرفة على أنه ربما وقعت الحال بصورة المعرفة فيأولها الذين يشترطون التنكير الى النكرة كفعلته جهدي ، وأرسلها العراك ونحوهما ، فيجوز هنا أيضا أن يقال انه معرفة قائم مقام النكرة. ثم ان ما احتملناه من وقوع الحال عن ضمير « كفهّ » ، أوعن « علي » مبنيّ على ماذهب إليه المالكي من جواز وقوع الحال اذاكان المضاف اليه المضاف جزءاً له كقوله تعالى : ( َوَنزعنا ما ِفي ُُصدوِِرهم من ِغّل إخواناً ) (4) أو كجزء ، كقوله تعالى : ( واتَّبَعَ مِلّةَ إِبراهيمَ حَنيفاً ) (5). وجوز بعضهم الحال عنده مطلقاً كقولك : جاءني غلام هند ضاحكة. [ أكرم ] (6) صيغة افعل به ، صيغة تعجب ، واتفقوا على أنه فعل الا ابن الانباري فقد نص على انه اسم. ثم اختلفوا فذهب جمهور البصريين الى ان صورته صورة الامر ومعناه خبر ، والهمزة للصيرورة ، فمعنى احسن بزيد : احسن زيدٌ ، اي صار حسناً ، والباء زائدة وما بعدها فاعل ، وزيادة هذه الباء لازمة الا قبل « إن » أو « أن » كما قال الشريف الرضي الموسوي رضي الله عنه : 1 ـ الانعام : 96. 2 ـ الكهف : 18. 3 ـ البقرة : 91. 4 ـ الحجر : 47. 5 ـ النساء : 125. 6 ـ أضفناها ، لوضوح سقوطها ، كما يدل عليه السياق والشرح. (340)
والباء زائدة وما بعدها مفعول. واختلفو في فاعله فقال ابن كيسان وتبعه ابن الطرواة أنه ضمير عائد الى المصدر ، كأنه قيل يا حسن أحسن بزيد ، أي ألزمه ودم به. وقيل : بل الفاعل ضمير المخاطب ، ولم يختلف بأختلافه إفراداً وتثنية وجمعاً وتذكيراً وتأنيثاً ، لأنه جرى مجرى المثل ، فمعنى أحسن بزيد : اجعل زيداً حسناً ، أي صفه بالحسن كيف شئت فإن فيه من الحسن كل ما يمكن ان يكون في شخص ، كما قال :
1 ـ ديوان الشريف الرضي : 1 / 652. وهو من ابيات قالها في الغزل ، وأولها :
3 ـ لسان العرب : 11 / 881 ونسبه الى أوس بن حجر. 4 ـ البيت للمتنبي من أبيات يمدح فيها سيف الدولة ويعتذر. ( ديوان المتنّبي : 254 / 3 ). (341)
وقد يؤكد بالنون فيقال : أحسنن بزيد.
وقد يحذف معموله اذا علم ، كقوله تعالى : ( أسمع بهم وأبصر ) (1). والجملة التعجبية في البيت اعتراض او حال عن فاعل « رافعها » ومفعوله ، أو عن « الكفين » ان كان رافعها حالا عن كفه ، وذلك بالتأويل الى الاخبار ، اي مقولا في شانهما كذا ، أو متعجبا من شأنهما. « يقول » اما خبر ل « قام » او حال اخرى عن فاعل يخطب ، او بيان ل « يخطب » على ان يكون المراد بالخطبة مطلق الكلام ، او حال اخرى عن فاعل « قام » ان كان فعلا تامّاً و « يخطب » حالا عن فاعله ، أو حالا أولى عنه ان كان ناقصاً و « يخطب » خبره او خبر بعد خبر ل « قام » او معطوف على « يخطب » وقد حذف العاطف. وقد حكى ابو زيد : اكلت خبزاً لحماً تمراً ، وأبو الحسن : أعطه درهماً درهمين ثلاثة. وقد خرج على نحو ذلك ( وُجُوهٌ يَومَئِذٍ ناعِمَةٌ ) (2) ، و ( إِنَّ الدَّينَ عِندَ الله الإسلام ) (3) على قراءة فتح « أن » ، ( ولا على الذّيِنَ إذا أتوكَ لِتَحمِلَهُم قلت لا أَجِدُ ) (4) أي وقلت. وقوله :
1 ـ مريم : 38. 2 ـ الغاشية : 8. 3 ـ آل عمران : 19. 4 ـ التوبة : 92. 5 ـ من أبيات للحطيئة يهجو فيها الزبرقان. ( ديوانه : 14 ) (342)
وعن ابن جني والسهيلي المنع من ذلك. وللمانعين تأويلات لامثال تلك الأمثلة مناسبة للمقام ؛ فيحملون المحكيين على الأضراب والآية الأولى على الفصل والثانية على البدل ، ومن أن الأولى مع صلتها أو من القسط.
والثالثة على أن « قلت » هو الجواب وقوله « تولوا » استئناف بياني ، والبيت على أن الجملة الثانية صفة. « الأملاك » مبتدأ. « من حوله » ظرف مستقر خبره ، والجملة حال من فاعل « يقول ». جملة : « والله فيهم شاهد » إما حال أخرى عن فاعل « يقول » او حال عن ضمير « الأملاك » المستكن في « من حوله » أو معترضة أو معطوفه على الجملة الأولى الحالية. « الله » مبتدأ و « فيهم » إما خبر و « شاهد » خبر أخر ، أو « شاهد » خبر و « فيهم » متعلق به ، أو حال عن الله أو عن ضمير الذي في « شاهد » وعلى الثاني لا يكون « شاهد » إلاّ بمعنى حاضر. وعلى البواقي تحمله وأن يكون ، بمعنى متحمّل للشهادة ؛ وعلى هذا الاحتمال يكون له متعلّق مقدّر ، أي شاهد عليهم أو شاهد بما قاله ، وان كان الجملة معترضة يحتمل أن يكون « شاهد » نازلا منزلة اللازم بمعنى « عالم » أي من شأنه العلم ، أو بمعنى متحمل للشاهدة ، وعلى هذا يكون كل منه ومن فيهم خبراً. « يسمع » ان أُبقي على التعدي كان مفعوله مقدراً ، أي : يسمع ما قاله ، وان نزل منزلة اللازم كان بمعنى « سميع » اي ذو العلم بالمسموعات ، وهو على التقديرين خبر آخر للمبتدأ أو صفة لشاهد. وعلى الأول يحتمل ان يكون حالا عن ضمير « شاهد » أو عن « الله ». وعلى الثاني أيضا يحتمل الحالية لكنها تكون من الاحوال الثابتة. (343)
جملة : « من كنت مولاه فهذا له مولى » مقول القول ، وفي الحكاية أدنى تغيير لضرورة الوزن كما سيظهر ان شاء الله.
« من » مبتدأ « كنت مولاه » صلته أو صفته. « هذا » مبتدأ آخر « له مولى » : خبره. والجملة خبر « من له » إما متعلق بمولى ؛ لكونه في الاصل مصدرا ويجوز تقديم معمول المصدر عليه اذا كان ظرفا لشدة الاتساع فيه والاكتفاء فيه برائحة من الفعل ، او لكونه اسماً موضوعا لمن قامت به الولاية ، فانه حينئذٍ بمعنى اسم الفاعل او الصفة المشبهة او ظرف مستقر و « مولى » خبر للعامل المقدر للظرف ان قدر كائن او يكون ، او حال عن الضمير المستقر في الظرف من ذلك العامل ، اي موجود ، او حاصل له مولى كما يقال : فلان موجود شاعراً ، أو ظرف مستقرّ حال عن مولى ان جاز وقوع الحال عن الخبر ، أو صفة لمولى تقّدمت عليه ان جاز تقدم الصفة على الموصوف فإنّ منهم من جوّزه على ضعف وهذا أوفق معنى من الكل ، فانه لا شبهة في أنّ اصل الكلام : فهذا ؛ لما اراد تقديم المضاف اليه على المضاف ولم يمكن مع بقاء الاضافة ردّ المضاف اليه إلى أصله الذي كان مقروناً بلام الاختصاص وكان صفة للمضاف. جملة « فلم يرضوا » عطف على جملة : « قام » إلخ ، ومعمول الرضا مقدر ، اي فلم يرضوا بذلك ، وكذا « لم يقنعوا ». ـ المعنى : ثم جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد ما ردّهم بما مرّ ما يتضمن ايجاباً محتوماً ، أو جاء ايجاب محتوم كائن مبتدئ من جانب ربّه من صفته أنّه ليس له دفع ، أو مكان دفع ، أو زمان دفع ، أو حال كونه لا مدفع له وذلك الايجاب المحتوم ، او الكلام الدال عليه أبلغ إليهم أنّ مفزعهم بعدك من هو وإلاّ تبلّغ إليهم ذلك فلا تبلّغ شيًئاً ممّا يُوحى (344)
اليك ، أو فلا تعتد بما تبلغه بما بلغته ، او فلا تكون مرسلا اي تخرج عن مرتبة الرسالة ، وإن خفت منهم فألله حافظٌ منهم مانعٌ منك أذاهم وشرورَهم ، أو من شأنه منع الاذى أو منيع عزيز ، فعند ذلك الايجاب أو إتيانه أو إتيان الكلام المشتمل عليه انتصب أو وقف النبيّ الذي كان يصدع بما يأمره به ربّه أو يأمر ربه إيّاه.
ومناسبة الوقوف لكونه في أثناء سيره من مكة الى المدينة شرفهما الله تعالى ، والحال أنّه كان يخطب أو طفق يخطب حال كونه مأموراً بذلك ؛ والحال أنّ في كفّه كفّ عليّ عليه السلام ظاهرة أو عالية على كفّه أو سائر الأكف ؛ والحال أنّها تضيء أو بارزة ، أو أنها يشار إليها ؛ أو والحال أن علّياً يشار إليه ؛ أو أنّه صلى الله عليه وآله وسلّم يشير بكفّه الى عليّ ، او أنّ كفه يشير إليه ؛ والحال أنه صلى الله عليه وآله وسلّم أو أنّ كفّه رافع لكفّ عليّ عليه السلام. ثمّ اعترض بالتعّجب عن كرم الكفّين كف الرافع وهو النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم والكف المرفوعة وهو كفّ علي عليه السلام. ثمّ قال : والحال حين خطبته أو حين قيامه أنّه كان يقول أو بيّن خطبته بأنّه كان يقول أو ويقول ، أو طفق حال كونه يخطب يقول ؛ والحال أنّ الملائكة أو الملوك مبتدئون من حوله ، أي مبدأ صفوفهم حوله ، أو أنّهم حوله أو في حواليه أو عند حواليه أو ممّن حوله والله حاضر فيهم ، أو كائن فيهم وحاضر عندهم أو وشاهد عليهم ، أو بما قاله ، أو ومن شأنه الحضور أو الشهادة ، أو وعالم بما قاله ، أو ومن شأنه العلم ، أو والله حال كونه فيهم شاهد ، أو شاهد حال كونه فيهم وحال كونه يسمع ما قاله أو سميعا ، أو والله يسمع ما قاله ، أو سميعٌ أو والله شاهد يسمع أو سميع. ثم بيّن المقول وهو « من كنت مولاه فهذا له مولى » أي الذي أو شخص أي : (345)
كلّ من كنت أولى به من كلّ أحد ومن نفسه فهذا ـ أي عليّ ـ أولى به من كلّ أحد غيري ومن نفسه ، فلم يرض الأصحاب الذين هم بدأوه بالسؤال عن المفزع ، بما قاله ولم يقنعوا بذلك ، فإن كلاً منهم أراد أن ينص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كونه الخليفة والمفزع.
وتفصيل هذا الإجمال : أنه روى صاحب الاحتجاج فقال : حدّثني السّيّد العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي حرب العلوي الحسيني (1) ( رض ) قال : أخبرنا أبو عليّ الحسن بن الشيخ السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ( رض ) قال : أخبرنا الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر قدس الله روحه ، قال : أخبرني جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري قال : أخبرنا أبو عليّ محمد بن همام ، قال : أخبرنا عليّ السيوري قال : أخبرنا أبو محمد العلوي (2) من ولد الأفطس ـ وكان من عباد الله الصالحين ـ قال : حدّثنا محمد بن موسى الهمداني ، قال : حدّثنا محمد بن خالد الطيالسي ، قال : حدّثنا سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً عن قيس بن سمعان ، عن علقمة بن محمد الحضرمي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام أنه قال : حجّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة وقد بلَّغ جميع الشرائع قومه غير الحج والولاية ، فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد إن الله عزّ وجّل يقرؤك السلام ويقول 1 ـ ذكره الحر العاملي بن أمل الآمل : ج 2 / 377 برقم 1013 قال : السيد الجليل أبو جعفر مهدي بن أبي الحرب الحسيني المرعشي كان عالماً فاضلاً فقيهاً ورعاً يروي عن الشيخ ابي علي بن محمد بن الحسن الطوسي عن أبيه ، وروى عن جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي عن أبيه محمد عن محمد بن علي بن الحسين بن بابويه. 2 ـ يحيى المكنى أبا محمد العلوي من بني زيارة ، علوي سيد متكلم فقيه من أهل نيشابور ، له كتب كثيرة ، منها كتاب في المسح على الرجلين وفي ابطال القياس ، وكتاب في التوحيد. رجال النجاشي : ص 345. |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|