الوافية في اصول الفقه ::: 106 ـ 120
(106)
    وفي حديث آخر عنه أيضا : « فقلت لأبي جعفر عليه السلام فإن أصل النكاح كان عصيانا (1).
    فقال أبوجعفر عليه السلام : إنما أتى شيئا حلالا ، وليس بعاص لله ، وإنما عصى سيده ، ولم يعص الله ، إن ذلك ليس كإتيان ما حرم الله عليه من نكاح في عدة وأشباهه » (2).
    فإنهما يدلان على فساد النكاح إذا كان معصية لله تعالى.
    وفي الحسن : عن « محمد بن مسلم ، قال : قال أبوجعفر عليه السلام : من طلق ثلاثا في مجلس على غير طهر ، لم يكن شيئا ، إنما الطلاق : الذي أمر الله عزوجل به ، فمن خالف لم يكن له طلاق » (3).
    وجه الدلالة : أن الطلاق إذا كان منهيا عنه كان مخالفا لما أمر الله عزوجل به.
    والروايات فيما يدل على المطلوب أكثر من أن تعد وتحصى ، فتدبرها (4).
    الثاني : أن لزوم الآثار والاحكام للمعاملات ليس عقليا ، بل هو بمجرد جعل الشارع ، من قبيل الاحكام الوضعية الناقلة عن الاصل ، فلا يحكم به إلا مع العلم ، أو الظن الشرعي ، ومع تعلق النهي بمعاملة لا يحصل العلم ولا الظن بأن الشارع جعل تلك المعاملة المنهي عنها سببا ومعرفا لشيء من الاحكام ، نعم إن علم في معاملة أن الشارع جعلها معرفا لاحكام مخصوصة مطلقا ـ سواء أكانت منهيا عنها لنفسها أو لجزئها أو لوصفها أو لم تكن ـ أمكن الحكم بترتب آثارها عليها مع حرمتها ، بأحد الوجوه المذكورة ، لكن الظاهر أن مثل ذلك ليس واقعا في أحكامنا.
1 ـ كذا في النسخ ، وفي المصدر : عاصيا.
2 ـ التهذيب 7 / 351 ح 1431.
3 ـ التهذيب : 8 / 47 ح 146.
4 ـ كذا في أ ، وفي سائر النسخ : فليتدبرها.


(107)
    هذا ، ولو رجع النهي في المعاملة إلى أمر مقارن ، كالنهي عن البيع وقت النداء ، فهل يوجب الفساد أو لا ؟ والحق فيه ـ أيضا ـ : مثل ما مر في مثله في النهي في العبادات ، بأن يقال ـ مع اختصاص النهي ، وعدم العلم بعدم مانعية المنهي عنه في صحة المعاملة ـ : الظاهر كون المنهي عنه مانعا من ترتب أحكامها عليها ، ويجري فيه الدليل المذكور ، فتأمل.


(108)

(109)
    الباب الثاني
في العام والخاص
وفيه ايضا مقصدان


(110)

(111)
    الاول :
    العام : هو اللفظ المستغرق لما يصلح له بوضع واحد ، وقد وقع الخلاف في أن العام هل له صيغة تخصه ؟ بحيث إذا استعملت في الخصوص كانت مجازا ، أو لا ؟ والاكثر منا : على أن له صيغة كذلك (1).
    وأنكر السيد المرتضى ذلك ، وذهب إلى الاشتراك اللفظي بحسب اللغة ، ووافقهم بحسب الشرع (2).
    والجمهور من العامة ـ أيضا ـ : على أن له صيغة كذلك (3).
1 ـ عدة الاصول : 1 / 103 وما بعدها ، معارج الاصول : 81 ، تهذيب الوصول : 35 ، وقد نسبه المحقق الشخ حسن إلى جمهور المحققين بعد أن صرح باختياره : معالم الدين : 102.
2 ـ الذريعة : 1 / 198 ، 201.
3 ـ المستصفى : 2 / 48 ، المحصول : 1 / 356 ، المنتهى : 102 ـ 103 ، منهاج الوصول : 81 ـ 82.


(112)
    وعكس جمع منهم ، والقاضي منهم كالمرتضى (1).
    ونقل عن الآمدي : التوقف (2).
    [ وقيل : بالتوقف ] في الأخبار والوعد والوعيد ، دون الامر والنهي (3).
    والحق : المشهور.
    والصيغة الموضوعة (4) له عند المحققين هي هذه : ( من ) و( ما ) للشرط والموصول والاستفهام.
    و ( مهما ) و( أينما ) للشراط.
    و ( متى ) للزمان.
    و ( كل ) و( جميع ) ، مع عدم إرادة الهيئة الاجتماعية.
    والنكرة في سياق النفي ب‍ ( لا ) أو ( ليس ) أو ( لن ) أو ( بما ) على المشهور.
    وألحق البعض : النكرة في سياق الشرط ، كأن يقول : ( إن ولدت ولدا ، فأنت علي كظهر امي ) فيحصل الظهار بتوليد ولدين أو أكثر أيضا.
    وألحق آخره النكرة في سياق الاثبات ، إذا كانت للامتنان ، نحو : ( فيهما فاكهة ونخل ورمان ) (5) وابتنى عليه الاستدلال على العموم في قوله تعالى ( وينزل عليكم من السماء ماء‌ا ليطهركم به ) (6).
    وآخر : في سياق الامر ، نحو : ( اعتق رقبه ).
1 و2 و3 ـ حكى هذه الاقوال الإسنوي ، والظاهر اعتماد المصنف عليه في نسبة هذه الاقوال ، وما بين المعقوفين أخذناه من عبارة الإسنوي وقد خلت نسخ كتابنا هذا منه. انظر : التمهيد : 297.
4 ـ في ب : المخصوصة.
5 ـ الرحمن / 68.
6 ـ الانفال / 11.


(113)
    ومنها : الجمع المعرف باللام ، أو بالاضافة ، والمفرد كذلك عند الاكثر (1) ، نقله الآمدي عن الشافعي والاكثر (2) واختاره هو (3) ، ونقله الرازي عن الفقهاء والمبرد (4) ، ويظهر من الشارح الرضي عدم الخلاف فيه (5) ، وفي شرح العضدي نقله عن المحققين ، من غير إشعار بخلاف فيه بينهم ، إلا المنكر لاصل صيغة العموم (6).
    وقد ألحق بالعموم : الجميع بصيغة الامر ، نحو ( أكرموا زيدا ) (7).
    والدليل على العموم في جميع ذلك : تبادره من الصيغ المذكورة ، عند التجرد عن القرائن ، وهو علامة الحقيقة.
    وبعض من أنكر عموم المفرد ، اعترف به في الاحكام الشرعية ، معللا :
    بأن تعيين البعض غير معلوم ، والحكم على البعض غير المعين غير معقول ـ إذ لا معنى لتحليل بيع من البيوع ، وتحريم فرد من الربا ، وعدم تنجيس مقدار (8) الكر من بعض الماء ، في : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) (9) ، و: « إذا بلغ الماء قدر (10) كر لم ينجسه شيء » (11) ـ فتعين إرادة الجميع.
1 ـ اختاره الغزالي في المستصفى : 2 / 89.
2 ـ كما في التمهيد : 327.
3 ـ الاحكام : 2 / 421 ـ 422.
4 ـ المحصول : 1 / 382. وزاد فيه : والجبائي. ولكن الرازي نفسه اختار عدم افادته العموم.
5 ـ شرح الكافية : 2 / 129.
6 ـ شرح العضد : 1 / 215 ـ 216.
7 ـ ذكره في المحصول : 1 / 381.
8 ـ في ب وط زيادة كلمة ( من ) في هذا الموضع.
9 ـ البقرة / 275.
10 ـ كلمة ( قدر ) : ساقطة من الاصل ، وقد اثبتناها من باقي النسخ.
11 ـ كذا الحديث في النسخ ، ولكن المروي هو : « إذا كان الماء ... إلى آخره » الكافي : 3 / 2 ـ كتاب الطهارة / باب الماء الذي لا ينجسه شيء / ح 1. التهذيب : 1 / 39 ـ 40 / ح 107 ـ 109. وفي غوالي اللآلي : 1 / 76 و2 / 6 : « إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا ».


(114)
    وأيضا : صحة الاستثناء دليل العموم ، إذ الاستثناء ـ عند الاكثر ـ : إخرج ما لولاه لوجوب الدخول (1) ، ولا يكفي الصلوح ، ولهذا لا يجوز : ( رأيت رجالا (2) إلا زيدا ).
    وليست صيغ العموم منحصرة فيما أوردناه ، فلتعلم (3).
    واعلم : أن الجمع المنكر لا يدل على العموم إلا في موضع يجري فيه ما ذكره المعترف في عموم المفرد في الاحكام ، لعدم فهم العموم منه ، وإفادة المعرف العموم ، إنما هي مع عدم تساوي احتمالي العهد والجنس ، وإلا فالعهد أظهر ، كما ذكره الاكثر ، ولا يتساوى الاحتمالان إلا مع تقدم (4) أمر يرجع إليه ، كقوله تعالى : ( فعصى فرعون الرسول ) (5).

    البحث الثاني :
    قيل : « ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال ، ينزل منزلة
1 ـ كذا في ط ، وقد اسقط الضمير من الاصل ، وفي أ وب : ما لو لا الاخراج لوجب الدخول.
2 ـ في ط : رجلا.
3 ـ هناك صيغ اخرى تفيد العموم ، وإن وقع في كثير منها الخلاف ك‍ ( سائر ) و( معشر ) و( معاشر ) و( عامة ) و( كافة ) و( قاطبة ) و( ما ) الزمانية نحو ( إلا ما دمت عليه قائما ) وكذا المصدرية مع الفعل المستقبل ، مثل ( يعجبني ما تصنع ) و( أي ) في الشرط والاستفهام وان اتصل بها ( ما ) ، و( متى ) و( حيث ) و( إن ) و( كيف ) و( اذا ) الشرطية اذا اتصلت بواحد منها ( ما ) ، و( ايان ) و( إذ ما ) و( كم ) الاستفهامية ، واسم جمع ك‍ ( الناس ) ، و( الرهط ) و( القوم ) ، والاسماء الموصولة ك‍ ( الذي ) و( التي ) ، وتثنيتهما وجمعهما ، واسماء الاشارة المجموعة مثل ( اولئك ) و( هؤلاء ) والنكرة في سياق الاستفهام الانكاري مثل ( هل تعلم له سميا ) ، واذا اكد الكلام ب‍ ( الابد ) أو ( الدوام ) أو ( دهر الداهرين ) أو ( عوض ) أو ( قط ) في النفي ، افاد العموم في الزمان ، واسماء القبائل مثل ( ربيعة ) و( مضر ) و( الاوس ) و( الخزرج ) ( منه رحمه الله ).
4 ـ في أ وب : مع تقدمه.
5 ـ المزمل / 16.


(115)
العموم في المقال » (1).
    وقيل : بل حكايات الاحوال إذا تطرق اليها الاحتمال كساها ثوب الاجمال ، وسقط بها الاستدلال (2) ، واختاره العلامة في التهذيب (3).
    والحق أن يقال : إنه أقسام :
    الاول : أن يسأل عن واقعة دخلت في الوجود ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أو الامام عليه السلام ، مطلع عليها.
    والحق فيه : عدم اقتضاء العموم ، لان الجواب ينصرف إلى الجهة الخاصه للواقعة المخصوصة ، ولا يتناول غيرها.
    الثاني : أن يسأل عنها بعينها ، مع احتمال اطلاعه عليه السلام على جهتها.
    والحق فيه : القول الثاني ، مع عدم مرجح لاحد الاحتمالين.
    الثالث : أن يسأل عن الواقعة لا باعتبار وقوعها.
    والحق فيه (4) أن يقال : إن الواقعة إن كانت لها جهة شائعة تقع غالبا عليها ، فالجواب إنما ينصرف إليها ، فلا يستدل به على غيرها.
    وإن كانت جهات وقوعها واحتمالاته متساوية ، لا مرجح لشيء منها في عصرهم عليهم السلام ، فالظاهر : العموم ، إذ عدم الانصراف إلى شيء منها يوجب إلغاء (5) الدليل ، والصرف إلى إلبعض ترجيح بلا مرجح ، فينصرف إلى
1 ـ القاتل هو الشافعي واللفظ له ، حكاه عنه الفخر الرازي في : المحصول : 1 / 392 ، ثم قال : مثاله أن ابن غيلان اسلم على عشر نسوة ، فقال عليه الصلاة والسلام : « أمسك أربعا ، وفارق سائرهن » ولم يسأله عن كيفية ورود عقده عليهن في الجمع ، أو الترتيب ، فكان اطلاقه القول دالا على أنه لا فرق بين أن تتفق تلك العقود معا وعلى الترتيب.
2 ـ المستصفى : 2 / 60 ، المحصول : 1 / 393.
3 ـ كذا في ط ، وفي سائر النسخ : واختار الاول العلامة. وهو خطأ ، فإن العلامة تنظر في الاول بعدما ذكره : تهذيب الوصول : 38 : فتأمل.
4 ـ في أ : فيها.
5 ـ في أ : القاء.


(116)
الكل ، وهو معنى (1) العموم.
    والظاهر من المرتضى رحمه الله في الذريعة : القول بالعموم بترك الاستفصال ، فإنه قال : « إذا سئل عليه السلام عن حكم المفطر ، فلا يخلو جوابه من ثلاثة أقسام : إما أن يكون عام اللفظ ، نحو أن يقول : كل مفطر فعليه الكفارة.
    والقسم الثاني : أن يكون الجواب في المعنى عاما ، نحو أن يسأل عليه السلام عن رجل أفطر ، فيدع الاستكشاف عما به أفطر ، ويقول عليه السلام : عليه الكفارة ، فكأنه عليه السلام قال : من أفطر فعليه الكفارة.
    والقسم الثالث : أن يكون السؤال خاصا ، والجواب مثله ، فيحل (2) محل الفعل » (3).
    فكلامه يدل على أن ترك الاستكشاف بمنزلة العموم ، إلا أن مثاله في تنقيح المناط ، والظاهر أنه لا خلاف في العموم حينئذ ، كما سيجيء في بحث الادلة العقلية إن شاء الله تعالى وتقدس.

    البحث الثالث :
    تخصيص حكم العام بمبين ، لا يخرجه عن الحجية (4) في الباقي ، سواء خص بمتصل أو بمنفصل ، عقل أو نقل ، وسواء قلنا بأن ذلك العام حينئذ حقيقة ـ كما هو الحق في أغلب صور التخصيص بالمتصل ـ أو قلنا إنه مجاز ،
1 ـ في ط : مقتضى.
2 ـ في أ : فيحمل. وفي ب : فجعل.
3 ـ الذريعة : 1 / 292.
4 ـ في ط : الحجة.


(117)
وفاقا لمن تكلم في هذه المسألة من أصحابنا (1) ، ولجمهور العامة (2).
    وعند البلخي : إن خص بمتصل (3).
    والبصري : إن أنبأ لفظ العموم عنه قبل التخصيص ، لا مثل ( والسارق والسارقة ... ) (4) غير المنبئ عن النصاب والحرز (5).
    و عبدالجبار : إن كان منبئا [ عنه ] (*) قبل التخصيص ، لا مثل ، ( وأقيموا الصلاة ) (6) المفتقر إلى البيان قبل إخراج مثل الحائض (7).
    وقيل بحجيته (8) في أقل الجمع (9).
    وقال أبوثور : ليس بحجة مطلقا (10).
    لنا وجوه :
    الاول : تبادر كل الباقي من (11) العام المخصص (12) ، وظهوره فيه
1 ـ عدة الاصول : 2 / 4 ، معارج الاصول : 97 ، تهذيب الوصول : 39 ، معالم الدين : 116.
2 ـ المستصفى : 2 / 57 ، المنخول : 153 ، المحصول : 1 / 402 ، المنتهى : 107 ، منهاج الوصول : 86 ، التمهيد : 414.
3 ـ المنتهى : 107 ، الابهاج : 2 / 139.
4 ـ المائدة / 38.
5 ـ المنتهى : 107 ، الابهاج : 2 / 139. (*) [ عنه ] : اضافة اثبتناها للتوضيح ، أخذناها من : المنتهى : 107.
6 ـ البقرة / 43.
7 ـ المنتهى : 107 ، الابهاج : 2 / 140.
8 ـ في أ : الحجية ، وفي : ط : بحجية.
9 ـ وهو قول الشيخ صفي الدين الهندي الارموي. كما في الابهاج : 2 / 140.
10 ـ الابهاج 2 / 138 ، المنتهى 107 ، وزاد فيه : وأبان.
11 ـ كذا الظاهر ، وفي النسخ : عن. بدل : من.
12 ـ هذا الدليل عبارة عن تطوير فني دقيق لما استدل به المحقق ، فقد استعاض بمصطلح التبادر عن قول المحقق : « لنا أن اللفظ متناول إلى آخره » : معارج الاصول : 97.


(118)
كظهوره في الكل قبل (1) التخصيص ، فإن المدار في المحاورات على إيراد العمومات المخصصة من دون نصب قرينة اخرى غير التخصيص ، ولا يتوقف المخاطب في الحكم بالمراد حينئذ ، ولا يحكم بإجمال كلام المتكلم ، بل لا يخطر بباله غير إرادة كل الباقي ، والمنكر مكابر.
    الثاني : أنه إذا قال : ( أكرم بني تميم ، وأما فلان فلا تكرمه ) ، فترك إكرام غير المخرج ، عد عاصيا ، ولو لا الظهور لما عصى به (2).
    الثالث : استدل العلماء قديما وحديثا بالعامات المخصوصة من غير نكير (3) ، وقد وقع في كلام أهل البيت عليهم السلام ، فليطلب.
    احتج الخصم بوجهين :
    الاول : أن متعلق الحكم ليس هو المعنى الحقيقي للعام ، لانه المفروض ، والمجازات كثيرة ، وكل منها محتمل (4) ، وتمام الباقي أحد المجازات ، فلا يحمل عليه إلا بقرينة ، وبدونها يبقى مجملا (5).
    والجواب : منع احتمال كل واحد من المجازات ، بل المتبادر ، والظاهر ، الاقرب إلى الحقيقة ، هو : كل الباقي ، كما ذكرنا.
    الثاني : أنه بالتخصيص خرج عن كونه ظاهرا ، وما لا يكون ظاهرا لا يكون حجة (6).
1 ـ في ط : تبادر كل الباقي بعد التخصيص إلى آخره.
2 ـ المنتهى : 108 ، معالم الدين : 117.
3 ـ ذكر هذا الاستدلال في : المستصفى : 2 / 57 ، المحصول : 1 / 403 ، 404 مع زيادة : بل الصحابة أيضا.
4 ـ في أ : يحتمل.
5 ـ المستصفى : 2 / 56 ، المحصول : 1 / 404 ، المنتهى : 108 ، معالم الدين : 117.
6 ـ معالم الدين : 117.


(119)
    وجوابه : منع عدم ظهوره ، بل هو ظاهر في الباقي ، بعد ملاحظة المخصص (1).
    والمذاهب المذكورة ، كلها اعتقادات فاسدة ، مبتنية (2) على خيالات واهية ، تنحل شبههم بأدنى تأمل ، بعد ملاحظة ما مر.

    البحث الرابع :
    الحق أن الخطابات الواردة بصيغة النداء ، وكلمة الخطاب ـ كالكاف والتاء ، وغير ذلك مما خلقه الله تعالى في الملك ، ونحوه ، وأمره (3) بإنزاله إلى السماء الدنيا في مدة ، أو في ليلة القدر ، ومنها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مدة مديدة بالتدريج ، ليبلغ هو وأوصياؤه من عترته صلوات الله عليهم أجمعين إلى امته ، إلى يوم القيامة ـ ليست مختصة بالموجودين في زمن الوحي ، بحيث يكون كل خطاب منها مختصا بمن استجمع شرائط التكليف في حين نزوله ، و(4) لا يكون شاملا لمن تأخر ، كالخطابات المكية لمن تولد حين توطن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة.
    ولا مختصة بحاضري مجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قراء‌تها (5).
    خلافا للاكثر ممن صنف في الاصول من الشيعة (6) ، والنواصب (7) ،
1 ـ معالم الدين : 117.
2 ـ في أ وب وط : مبنية.
3 ـ في ط : فأمره.
4 ـ الواو اضافة من ط وب.
5 ـ وفاقا للحنابلة حيث ذهبوا إلى عمومها في الجميع ، كما في : المنتهى : 117.
6 ـ تهذيب الوصول : 38 ، معالم الدين : 108.
7 ـ المستصفى : 2 / 83 ، المحصول : 1 / 393 ـ 394.


(120)
حيث جعلوها مختصة بالموجودين في زمن الخطاب ، أو بحاضري مجلس الوحي ، وجعلوا ثبوت حكمها لمن بعدهم بدليل آخر كإجماع ، أو نص ، أو قياس.
    لنا : مساعدة الظواهر ـ من غير معارض ، إلا الشبهة (1) الواهية للخصم ـ وهي (2) امور :
    الاول : احتجاج العلماء قديما وحديثا حتى الائمة ( عليهم السلام ) بتلك الخطابات ، من غير ذكر إجماع أو نص أو قياس على الاشتراك ، مع أن الخصم معترف بعدم ظهور مستند الشركة ـ ولذا اختلفوا ، فقيل : مستنده الاجماع ، وقيل : بل القياس ـ ولو لم تعم تلك الخطابات ، لم يصح ذلك إلا بعد إيراد ما هو العمدة من الاجماع أو القياس.
    ودعوى : ظهور المستند بحيث يعلمه كل أحد من الخصوم (3).
    مما تحكم البديهة (4) بفساده ، وكيف يخفى هذا الخفاء ما كان ظاهرا هذا الظهور ؟! وكيف يجوز على الله تعالى إخفاء مستند كل تكاليف من وجدد بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
    الثاني : ورود الروايات ـ في كثير من تلك الخطابات ـ بأنها نزلت في جماعة نشأوا بعد زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
    الثالث : ورودها ـ في كثير منها ـ بأنها نزلت في الائمة عليهم السلام ، وأن الخطاب إليهم (5).
1 ـ كذا في ط ، وفي الاصل وأ وب : الشبه. والصواب ما اثبتناه في المتن ، لانها شبهة واحدة سيأتي المصنف على ذكرها فيما بعد في قوله : « احتج الخصم » إلى آخره.
2 ـ فيه اضطراب ، حيث جعل الخامس منها الظواهر ، فلاحظ.
3 ـ الدعوى للمحقق الشيخ حسن : معالم الدين : 109.
4 ـ في ب : البديهية ، وفي ط : البداهة.
5 ـ كقوله تعالى : ( ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) رواه
الوافية في اصول الفقه ::: فهرس