|
|||
(331)
قابل ، فحدثتك بخلافه ، بأيهما كنت تأخذ ؟ قال : قلت كنت آخذ بالاخير ، فقال لي : رحمك الله » (1).
الخامسة عشرة : ما رواه بإسناد عن : « المعلى بن خنيس ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : إذا جاء حديث عن أولكم ، وحديث عن آخركم ، بأيهما نأخذ ؟ فقال : خذوا به حتى يبلغكم عن الحي ، فإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله » الحديث. وفي حديث آخر : « خذوا بالاحدث » (2). وهذه الروايات الثلاثة دالة على أن الواجب الاخذ بالرواية الاخيرة ، ولا أعلم أحدا عمل بها غير ابن بابويه في الفقيه في باب ( الرجل يوصي إلى رجلين ) حيث نقل خبرين مختلفين ، ثم قال : « لو صح الخبران جميعا ، لكان الواجب الاخذ بقول الاخير ، كما أمر به الصادق عليه السلام ، وذلك أن الأخبار لها وجوه ومعان ، وكل إمام أعلم بزمانه وأحكامه من غيره من الناس » انتهى (3). السادسة عشرة : ما رواه الكليني أيضا ، في باب الاخذ بالسنة وشواهد الكتاب ، في الصحيح أو الموثق ، عن : « عبد الله بن أبي يعفور ، قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن اختلاف الحديث ، يرويه من نثق به ، ومنهم من لا نثق به ؟ قال : إذا ورد عليكم : حديث ، فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وآله ، وإلا فالذي جاءكم به أولى به » (4). السابعة عشرة : قال ابن بابويه في كتاب الاعتقادات : « اعتقادنا في الحديث المفسر أنه يحكم على المجمل ، كما قال الصادق عليه السلام » (5) وراعى 1 ـ الكافي : 1 / 67 ـ كتاب فضل العلم / باب اختلاف الحديث / ح 8. 2 ـ الكافي : 1 / 67 ح 9 من الباب المذكور. 3 ـ الفقيه : 4 / 203 هامش الحديث 5472. 4 ـ الكافي : 1 / 69 ـ كتاب فضل العلم / باب الاخذ بالسنة وشواهد الكتاب / ح 2. 5 ـ كتاب الاعتقادات للشيخ الصدوق / باب الاعتقاد في الأخبار المفسرة والمجملة. ط حجري (332)
هذه القاعدة في كتاب من لا يحضره الفقيه ، في الجمع بين الاخبار.
والظاهر : أنه اراد بالمفسر : المخصص ، والمقيد ، والمبين ، والمفصل ، ونحوها ، وبالمجمل : خلافها. وهذه الروايات تدل على أنواع من العمل عند تعارض الأخبار : الاول : الترجيح باعتبار السند ، فترجح رواية الثقة ، والاوثق ، والافقه ، والاصدق ، والاورع ، على من ليس كذلك. وهذا تدل عليه : الرواية التاسعة ، والعاشرة. الثاني : الترجيح بشهرة الرواية : ونقل الاكثر إياها ، وندرة الاخرى ، وتدل عليه أيضا : التاسعة ، والعاشرة. الثالث : العرض على كتاب الله ، والعمل بالموافق ، وطرح المخالف. وهذا تدل عليه : التاسعة ، والحادية عشرة ، والثانية عشرة ، والسادسة عشرة. الرابع : العرض على سنة رسول الله صلى الله عليه وآله. وتدل عليه : الرواية التاسعة ، والسادسة عشرة. ولفظة ( أو ) في الاخيرة مؤيدة لكون ( الواو ) في الأولى بمعنى ( أو ). الخامس : العرض على مذهب العامة ، أو رواياتهم ، أو عمل حكامهم ، والاخذ بالمخالف ، وتدل عليه : الرواية الخامسة ، والسادسة ، والسابعة ، والثامنة ، والتاسعة ، والعاشرة ، والحادية عشرة. السادس : الاخذ بالاحدث ، وتدل عليه : الرابعة عشرة ، والخامسة عشرة ، مع رواية اخرى مذكورة فيها. السابع : التخيير في العمل بأيهما شاء المكلف ، وتدل عليه : الاربعة الاول ، والعاشرة ، والثانية عشرة ، والثالثة عشرة. الثامن : التوقف ، وعدم العمل بشيء منهما. وتدل عليه : الخامسة ، بلا ترقيم. (333)
والتاسعة ، والعاشرة ، والثالثة عشرة.
التاسع : العمل بالاحوط منهما. وتدل عليه : الرواية العاشرة. العاشر : العمل بالحديث المفسر ، وحمل المجمل عليه ، كما تدل عليه الرواية الاخيرة ، ولكن هذا ضرب آخر من العمل ، ليس فيه طرح أحد الخبرين. واعلم : أن ظاهر الرواية التاسعة أن الترجيح باعتبار السند ، من اوثقية الراوي ونحوها وكثرته ، مقدم على العرض على كتاب الله. وعلى هذا ، فإذا تعارض حديثان ، ويكون راوي أحدهما أوثق وأفقه وأورع من راوي الآخر (1) ـ يكون العمل بالاول متعينا ، وإن كان مخالفا للقرآن. و (2) لكن ظاهر كثير من الروايات : أن العرض على كتاب الله مقدم على جميع أقسام التراجيح ، بل روى الكليني في باب الاخذ بالسنة وشواهد الكتاب (3) ، أخبار كثيرة دالة على أن الخبر غير الموافق لكتاب الله فهو زخرف ، وغير مقول النبي صلى الله عليه وآله ، ويلزم طرحه ، وإن لم يكن له معارض أصلا. وعلى هذا ، فإذا تعارض حديثان : ينبغي عرضهما على القرآن أو السنة المقطوع بها ، والعمل بالموافق لهما. وإن لم تعلم الموافقة والمخالفة لهما ، فالترجيح : باعتبار الصفات المذكورة للراوي. ومع التساوي فيها ، فالترجيح : بكثرة الراوي ، وشهرة الرواية. ومع التساوي ، ف : بالعرض على روايات العامة ، أو مذاهبهم ، أو 1 ـ كذا في أ وب وط ، وفي الاصل : الاخير. 2 ـ حرف العطف ساقط من الاصل ، وقد اثبتناه من سائر النسخ. 3 ـ الكافي 1 / 69. (334)
عمل حكامهم ، والعمل بالمخالف لها. وتأخر هذا عما قبله مما صرح به في التاسعة والحادية عشرة.
وإن لم تعلم الموافقة أو المخالفة للعامة ، ف : العمل بالاحوط منهما ، للرواية العاشرة ، وللروايات الاخر الدالة على الاحتياط مع عدم العلم ، كصحيحة عبدالرحمن بن الحجاج ، في كفارة الصيد ، عن أبي الحسن عليه السلام ، وفي آخرها : « إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا ، فعليكم بالاحتياط » (1) وقوله عليه السلام في مكاتبة عبدالله بن وضاح : « أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة ، وتأخذ بالحائطة لدينك » (2) رواهما الشيخ في التهذيب ، وغير ذلك من الروايات الدالة على الاخذ بالجزم. والاحتياط إنما يتأتى فيما لو (3) لم يكن أحد احتمالية التحريم. وأما في المردد بين التحريم وحكم آخر فلا احتياط. فإن لم يتيسر العمل بالاحوط ، ف : التوقف ، وعدم العمل بشيء منهما ، إن أمكن ذلك ، لما في الروايات الدالة على التوقف عند فقد المرجح. فإن لم يكن بد إلا العمل بواحد منهما ، فالحكم : التخيير ، لانه عليه السلام جعل التوقف في الرواية الخامسة مقدما على العرض على مذهب العامة ، وهو مقدم على التخيير على ما في كثير من الروايات ، وفيه نظر. وتقديم التوقف على التخيير ، وكذا عكسه ، محل تأمل. وجعل بعضهم (4) التخيير مخصوصا بالعبادات المحضة ، والتوقف بغيرها 1 ـ التهذيب : 5 / 466 ح 1631. 2 ـ التهذيب : 2 / 259 ح 1031. 3 ـ كلمة ( لو ) : زيادة من ط. 4 ـ هو الأمين الاسترآبادي : الفوائد المدنية : 192 / الفائدة الرابعة ، وكذا في ص 273 ، وذهب إلى هذا الجمع أيضا الحرّ العاملي في الوسائل : 18 / 77. وقد تقدمت الاشارة إلى ذلك. (335)
ـ فظاهر الروايات يأباه ، سيما الرواية الخامسة ، فإنها ظاهرة في العبادات مع الامر بالتوقف فيها.
والعمل بالروايات الدالة على العمل بالاحدث ـ في الأحاديث النبوية ـ قريب ، لما ورد من أن الأحاديث ينسخ بعضها بعضا (1). وأما في أخبار الائمة عليهم السلام بالنسبة إلى مكلفي هذه الاعصار ـ فمشكل غاية الاشكال. والحادي عشر من أقسام الادلة : التعارض بين خبر الواحد والاجماع. فإن كان قطعيا : فتقديمه ظاهر. وإن كان ظنيا : فيحتمل تقديم الخبر ، لان النسبة إلى المعصوم عليه السلام فيه أظهر وأصرح ، ويحتمل تقديم الاجماع ، لبعد التقية فيه ، وكونه بمنزلة رواية كثرت رواتها (2) ، ويحتمل كونه كتعارض الخبرين الواحدين في الحكم ، وقد مر. الثاني عشر : بين خبر الواحد والاستصحاب ، فإن كان أصل الاستصحاب ثابتا بخبر الواحد ، فالظاهر : تقديم الخبر ، وإلا فمحل تأمل. وحكم القياس ـ على تقدير حجيته ـ وكذا المفاهيم ، لا يزيد على حكم الاستصحاب فيما ذكرنا. الثالث عشر : بين الاجماعين. والحكم مع الاختلاف في القطعية والظنية : ظاهر ومع التماثل : فحكمه ما مر في تعارض الخبرين من أخبار الآحاد. وتوهم كثير من الاصوليين ، أنه لا يمكن تعارض اجماعين قطعيين. وهو باطل ، لان مرادنا بالاجماع ، هو اتفاق جماعة على حكم ، علم من حالهم وعادتهم أنهم لا يتفقون إلا لما بلغهم من إمامهم عليه السلام. فإذا حصل 1 ـ الكافي : 1 / 64 ـ كتاب فضل العلم / باب اختلاف الحديث / ح 1 ، 2. 2 ـ في ط : روايتها. (336)
العلم باتفاق مثل زرارة ، والفضيل بن يسار ، وليث المرادي ، وبريد بن معاوية العجلي ـ فلا شك في حصول العلم القطعي بدخول قول المعصوم ، أو إشارته ، أو تقريره في هذا الاتفاق ، ولما كانت فتاوى الائمة صلوات الله عليهم كثيرا ما تورد على جهة التقية ونحوها ، فلا بعد في اتفاق جماعة كذلك على أمر ، واتفاق جماعة اخرى كذلك على خلافه ، غاية الامر أن يكون مستند أحد الاجماعين واردا على سبيل التقية ، ولما كانت كتب كثير من فضلاء أصحاب الائمة عليهم السلام موجودة في زمن المرتضى رحمه الله ، والشيخ ، وتلامذتهما ، والمحقق ، والعلامة ، إلى زمان الشهيد (1) ، رحمهم الله ـ فيمكن اطلاعهم على الاجماعات المتعارضة ، كالاخبار المتعارضة بتواتر الكتب بعينها ، فلا يجوز نسبه الغلط (2) إليهم بسبب نقلهم الاجماعات المتخالفة المتناقضة.
والقول بأن أصحاب الائمة عليهم السلام لم يكن لهم الفتاوى ، بل كتبهم منحصرة في الروايات ـ قول تخميني ، فإن في كتب الروايات كثيرا ما تذكر الفتاوى عن زرارة ، وابن أبي عمير ، ويونس بن عبدالرحمن ، وغيرهم ، وفي كتاب الفرائض ، من كتاب من لا يحضره الفقيه ، أورد كثيرا من فتاوى يونس والفضل بن شاذن (3) ، وكيف لنا بمجرد هذا (4) التخمين ، نسبة الغلط إلى كثير من فحول العلماء ؟! كالسيد ، والشيخ ، والمحقق ، والعلامة ، وغيرهم ، مع قطعنا بأن الكتب التي كانت عندهم ليست موجودة في هذا الزمان ، بل هذا من بعض الظن ! الرابع عشر : بين الاجماع والاستصحاب. وحكمه : يعلم مما سبق بأدنى تأمل. 1 ـ في ط : زمن الشهيدين. 2 ـ كلمة ( الغلط ) : ساقطة من الاصل ، وقد اثبتناها من سائر النسخ. 3 ـ الفقيه : 4 / 267 ، 270 ، 276 ، 286 ، 295 ، 320. 4 ـ كلمة ( هذا ) : ساقطة من الاصل ، وقد اثبتناها من سائر النسخ. (337)
الخامس عشر : بين الاستصحابين.
والحكم : التوقف ، وعدم العمل بشيء منهما ، إن أمكن ، وإلا فيعمل بما وافق الاصل ، لعدم العلم بالناقل عنه. ولا يبعد ترجيح ما أصله راجح ، بإحدى المرجحات المذكورة. وعليك بإمعان النظر في المرجحات المذكورة في كتب الاصول ، فما رجع إلى أحد من المرجحات المنصوصة ، أو قام عليه دليل قطعي ، فهو مقبول ، وإلا فعدم الالتفات إليه أحوط وأولى. والعلم عند الله ، والتكلان في المهمات على الله ، وهو حسبي ونعم الوكيل ، وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين. هذا آخر ما اختصرناه (1) من المطالب الاصولية ، المبرهنة بالنصوص والادلة القطعية (2). وأنا العبد المذنب الراجي : عبدالله بن حاجي محمد البشروي الخراساني. وقد وقع الفراغ منه يوم الاثنين ، ثاني عشر أول الربيعين في تاريخ سنة ( 1059 ). 1 ـ في ط : اقتصرنا. 2 ـ في ب : العقلية. (338)
(339)
جاء في نهاية نسخة الاصل ما يلي :
وقع الفراغ من كتابة هذه الرسالة الشريفة على يد العبد المفتقر إلى الله الغني ، بهاء الدين محمد بن ميرك موسى الحسيني التوني ، في سابع وعشرين شهر ذي القعدة الحرام ، المنخرط في شهور إحدى وعشرين وماءة بعد الالف من الهجرة النبوية. على هاجرها ألف سلام وتحية. رب وفقني للعمل في يومي لغدي قبل أن يخرج الامر من يدي آمين. وجاء في نهاية نسخة أما يلي. هذا آخر كلام المصنف رحمه الله. تمت الرسالة الموسومة بالوافية في علم الاصول التي هي من تصانيف العلامة المحقق والحبر المدقق خلاصة العلماء المتأخرين ومحيي آثار الائمة المعصومين مولانا عبدالله الشهير بالتوني حشره الله مع أوليائه وأدخله في قرب احبائه محمد وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. في ظهيرة يوم السبت من العشر الثاني من الشهر الثامن من السنة الرابعة من الماءة الثانية من الالف الثاني على يد احوج المربوبين إلى الله الغني المغني ابن محمد صادق محمد باقر الحسيني (340)
والحمد لله اولا وآخرا وظاهرا وباطنا سنة 1134. [ كذا جاء فيها. فلاحظ هذا الاختلاف ].
وجاء في نهاية نسخة ب ما يلي : قد فرغت من تسويد هذه النسخة الشريفة في يوم الخامس من شهر شوال المكرم في سنة 1256. وأنا العبد الاقل المحتاج إلى رحمة الله الغني محمد علي بن زين العابدين الطباطبائي الخراساني. |
|||
|