« إن تغير الأساس الاقتصادي يزعزع كل البناء الفوقي والهائل عل صور مختلفة من السرعة أو البطء ... هذا الانقلاب الذي يشاهد بالضبط الخاص بعلوم الطبيعة وبين الأشكال الحقوقية والسياسية والدينية والفنية والفلسفية أو بكلمة مختصرة ، الأشكال الفكرية التي يتصور فيها الناس هذا النزاع ويكافحونه ... فينبغي تفسير هذا الوعي في المجتمع بالقوى المنتجة وعلاقات الانتاج ... » (1) |
« نحن اليوم نسير في جادة الزمن مع التقدم التكنولوجي (1) من دون أن نعير أهمية إلى الاحتياجات الأصلية للجسد والروح . ومع أننا نتخبط في المادة نعتبر أنفسنا بمعزل عنها ولا نحاول أن نفهم بأنه يجب ـ لأجل الاستمرار في الحياة ـ السير بمقتضى طبيعة الأشياء وطبيعة أنفسنا لا على طبق الأهواء والرغبات . أن البشرية المتمدنة تتردى منذ قرون طويلة في هذه الهوة السحيقة . وإن تاريخ الانحطاط الخلقي والابتعاد عن الروح الدينية يتفق تماماً مع تاريخ الخروج على القوانين الأصلية للطبيعة . إنه لا يمكن حصر النشاطات البشرية كلها في الجوانب المادية فقط إلا بعد تحطيم شخصية الانسان لأن الانسان لم يخلق للأكل والتكاثر بل أقدم منذ نعومة أظفاره على ابتداء التكامل بحب |
الجمال ، والاحساس الديني والنشاط الفكري ، والشعور بالتضحية والحياة البطولية ... » (1). « وإذا حددنا الانسان بنشاطه الاقتصادي فقط فكأننا فصلنا جزءاً كبيراً منه . وعليه فإن الليبرالية والماركسية تسحقان الرغبات الأصلية والنوازع الفطرية في النفس الانسانية » (2). « إن الفضيلة من القيم الانسانية القديمة ، ويمكن العثور عليها في العالم المتمدن ، إلا أنه يندر العثور عليها في الجماعات التي ترزح تحت نير النظم المادية ، إن المجتمع الذي يقدس الاقتصاد لا يعرف شيئاً عن الفضيلة . لأن الذي يريد الفضيلة لا بد وأن يبتغي إطاعة القوانين الحياتية . أما إذا قيد الانسان نفسه بالنشاط الاقتصادي فقط فلا يطيع القوانين الكونية والاجتماعية أصلاً » (3). |
« إنه لا يفوتني الادراك بأن الحب هو مركز الحياة ، وعليه |
فإن الناس يعللون كل فرح ونجاح بالحب والمحبوبية وهذا الوضع النفسي موجود عند الجميع . إن من المظاهر التي يظهر فيها الحب هو الحب الجنسي الذي يكسبنا حالة من الانجذاب والشعور باللذة . وفي النتيجة فإن هذه اللذة تكون قدوة ودليلاً لميلنا نحو السعادة . فأي شيء إذن أقوم من أن نسلك الطريق إلى السعادة في نفس الطريق الذي صادفناه أول مرة » (1). |
« إن حنان الأم ، الحب الأبوي والأخوي ، الصداقة والصحبة مشتقة من الجنس عند فرويد . وجميع الروابط الاجتماعية بين الأشخاص كالعلاقة بين المعلم والتلميذ ، والعلاقة بين الأم والطفل وما شاكل ذلك إما أن تمتاز بطابع جنسي من ذاتها أو ترجع إلى أصل جنسي في النتيجة » (2). |
« إن فرويد يثبت ـ بمعونة بعض الأمثلة ـ كيف أن الغريزة |
الجنسية التي هي أقوى وأعمق القوى الروحية عند الانسان قد تكيفت بصورة مجهولة عبر الزمن ، وظهرت بمظاهر الميول المختلفة والأشكال المتباينة ، بحيث إذا واجه طبيب اختلالاً روحياً ـ مهما كان جزئياً ـ يتمكن من أن يحكم بصورة قطعية على أن حادثة غير طبيعية قد طرأت على الجهاز الجنسي والرغبات الجنسية للمريض وعليه فإنه يرجعه إلى حالته الأولى بصورة تدريجية حسب التعاليم النفسية الدقيقة ، ويقلص من إطار مسؤوليته شيئاً فشيئاً حتى يصل إلى نقطة الاختلال الباعثة على الانحراف في جهازه الجنسي ، هذه هي خلاصة نظرية ( فرويد ) في العلاج النفسي ... » (1) |
« إذا واجه طبيب اختلالاً روحياً ـ مهما كان جزئياً ـ يمكن أن يحكم بصورة قطعية على أن حادثة غير طبيعية قد طرأت على الجهاز الجنسي والرغبات الجنسية للمريض ... » |
« إن كثيراً من العلاجات النفسية تكون ذات منظار ضيق ، وحتى التحليل النفساني الذي يؤدي إلى نتائج مرضية في كثير من الأحيان نجده يحصر بحثه على الغرائز فقط . هذه الطريقة توجه همها إلى أن ترضي الغرائز بصورة اتباع مبدأ اللذة . وهذا المبدأ لا يعنى بالجانب الأخلاقي ولا يتحدث عن الهدف الأصلي للشخصية وعلاقاتها الخيرة والشريرة عند تفاعلها بالتكافؤ الاجتماعي ولهذا السبب فلو غضضنا الطرف عن الفشل الذي يلاقيه التحليل النفساني بالنسبة إلى حرية بعض الرغبات والميول المتطرفة ، فإن العلاج النفسي الصحيح يجب أن يكون له هدف أسمى هو رفع شخصية الفرد ـ بعد ملاحظة أسس الشخصية ـ وتحقيق الرفاه للفرد والمجتمع على السواء ... » (1) |
« ومنذ حل الخلق النفعي مكان الخلق الديني والنفسي ، فإن الفضيلة لا تعتبر أمراً ضرورياً في نظر المتمدنين ، بحيث يرى ( رومن ) أنه لا داعي لنا أصلاً لأن نكون أتقياء ، وإن اختيار الفضيلة سينحصر في علاقتها بالنفع واللذة الفرديين فقط ... » (1). |
« كان أكثر الفلاسفة وعلماء الأخلاق قبل فرويد ينبذون الغرائز ، أي أنهم كانوا يصرحون أحياناً ويلمحون أحياناً أخرى بأنها عوامل تجر الانسان إلى الخصائص الحيوانية وكانوا يؤكدون على أن التمدن الصحيح لا يمكن أن يتحقق في المجتمع إلا بالصراع العنيف مع تلك الغرائز التي كانوا يعتبرونها ( أرواحاً حيوانية ) . وبعبارة أخرى فان هؤلاء المفكرين كانوا يقولون بأن هذه الغرائز تمنع البشرية من التكامل ، ولو كان يمكن أن تفقد من المجتمع بالمرة ، كان من السهل إيجاد حياة اجتماعية متكافئة ومتزنة » . (1) |
« إنه لا ينكر أن الاستجابة للميول الغريزية توجب الشعور باللذة عند الانسان ، ولكن في الغالب تصطدم هذه الاستجابة بآلام وليدة ظلم الطبيعة . إذن فالحياة حتى لو شابهت حياة الحيوانات في الحرية فإنها لا توجب السعادة ، ولهذا فإن الفلاسفة وعلماء الأخلاق يرجحون أن يصرفوا بحوثهم في إيجاد الأساليب التي تهدىء الآلام وترفع المصاعب عن طريق الحياة ، فنرهم قد وصلوا إلى هذه النتيجة ، وهي : أن كل ألم معلول لا دراك معين ، وعليه فيجب السعي لا زالة أو تخفيف العلل الروحية والبدنية التي تؤدي إلى ذلك الادراك ولذلك فإن أول علاج يجده الانسان في هذا السبيل هو استعمال المواد الكحولية والمخدرة الأخرى » (1) |