|
|||
(16)
نجاسة الملاقي لاحد الانائين في المثال الأخير ، لعدم جريان استصحاب النجاسة فيهما ليحكم بنجاسة الملاقي لأحدهما ، وسيأتي في أواخر الاستصحاب مزيد توضيح لذلك مع بعض ما يرد عليه من النقوض والجواب عنها.
فتحصل مما ذكرنا : أن المانع من جريان الأصول التنزيلية في أطراف العلم الاجمالي ليس هو انتفاء الموضوع ولا المخالفة العملية ، بل لان المجعول فيها معنى لا يعقل ثبوته في جميع الأطراف. وأما الأصول الغير التنزيلية ـ كأصالة الطهارة والبرائة والحل ونحو ذلك ـ فلا ظرف شكه كيف ينافي مع العلم بعدم بقاء السابق بعنوانه الاجمالي ؟ إذ الاحراز التعبدي في كل مشكوك تفصيلي كيف ينافي مع إحراز عدمه بعنوانه الاجمالي ؟ فكما أن هذا الاحراز الوجداني لا ينافي الشك فيه ولا عدم إحرازه بعنوانه التفصيلي ولو كانا في الواقع متحدين وجودا ـ مع أن الشك واليقين من المتضادات ـ فكيف يضاد مثل هذا اليقين الوجداني الاجمالي ما هو من أحكام هذا الشك القائم بعنوانه التفصيلي المعبر عنه بالاحراز التعبدي. نعم : لو كان اليقين الاجمالي قابلا للسريان إلى العنوان التفصيلي واقعا ، كان لما أفيد وجه ، إذ الاحراز التعبدي لا يعقل مع إحراز عدم الحالة السابقة إجمالا في مورد واحد ، وأما بعد بداهة عدم السراية ـ بشهادة اجتماع الشك واليقين في وجود واحد خارجي بتوسط العناوين الاجمالية والتفصيلية ـ لا مجال لانكار الجمع بين إحراز نجاسة كل منهما تفصيلا تعبدا مع العلم بطهارة أحدهما بهذا العنوان الاجمالي ، وحينئذ لا مانع في مثل هذه الأصول أيضا إلا مجرد المخالفة العملية ، وسيجئ توضيح هذه الجهة أيضا عند تعرضه في محله حسب وعدته ( إن شاء الله تعالى ). وبالجملة نقول : إن ما أفيد من الجزم بانقلاب اليقين السابق بيقين بضده ، ومع هذا الجزم الوجداني كيف يعقل الحكم ببقاء اليقين السابق تعبدا في الطرفين ؟ يسئل منه : أن ما هو منقلب إلى اليقين بالخلاف هو اليقين بنجاسة كأس زيد أو اليقين بنجاسة كأس عمرو بعنوانهما التفصيلي ، حاشا ! بل المنقلب هو أحد اليقين أو اليقين بأحدهما بهذا العنوان الاجمالي. ومن المعلوم أيضا : أن موضوع الابقاء التعبدي ليس اليقين بأحدهما ولا أحد اليقينين بهذا العنوان الاجمالي بل الموضوع هو اليقين بكأس زيد واليقين بكأس عمرو ، وفي هذين لانقطع بانقلابه إلى اليقين بالخلاف، فلا وجه لعدم شمول دليل التعبد لهما بهذين العنوانين التفصيليين ، كما لا يخفى. (17)
مانع من جريانها في أطراف العلم الاجمالي إلا المخالفة القطعية العملية للتكليف المعلوم في البين ، فهي لا تجري إن لزم من جريانها مخالفة عملية للتكليف المعلوم بالاجمال ، وتجري إن لم يستلزم ذلك.
والسر فيه : هو أن المجعول فيها مجرد تطبيق العمل على أحد طرفي الشك من دون تنزيل المؤدى منزلة الواقع المشكوك فيه ، كما كان هو المجعول في الأصول التنزيلية ، فان مفاد أصالة الإباحة هو مجرد الترخيص الظاهري وعدم المنع من الفعل والترك : ولا مانع من الترخيص الظاهري في كل واحد من الأطراف من حيث نفسه مع قطع النظر عن استلزامه المخالفة العملية ، فإنه لا يضاد نفس المعلوم بالاجمال ، لان الترخيص يرد على كل طرف بخصوصه في غير دوران الامر بين المحذورين ، وكل طرف بالخصوص مجهول الحكم ، فالموضوع للترخيص الظاهري محفوظ في كل واحد من الأطراف : وليس فيه جهة إحراز وتنزيل للواقع المشكوك فيه حتى يضاد الاحراز التعبدي في كل طرف للاحراز الوجداني بالخلاف في أحد الأطراف ، فينحصر المانع بالمخالفة العملية للتكليف المعلوم بالاجمال. ودعوى : أنه لا مانع من الترخيص الظاهري في المخالفة العملية واضحة الفساد ، فان المخالفة العملية مما لا يمكن أن تنالها يد الاذن والترخيص ، لأنها عبارة عن المعصية ، ولا يعقل الاذن في المعصية ، لاستقلال العقل بقبح المعصية كاستقلاله بحسن الطاعة وليست من المجعولات الشرعية : ولو فرض أنه ورد من الشارع الاذن في المخالفة للمعلوم بالاجمال فلابد من حمله على نسخ الحكم أو تقييده بصورة العلم التفصيلي ولو بنتيجة التقييد ، والكلام إنما هو بعد الفراغ عن إطلاق الحكم الواقعي وعدم تقييده بالعلم التفصيلي وانحصار جهة البحث في انحفاظ رتبة الحكم الظاهري من حيث إنه حكم ظاهري ، كما تقدم في صدر العنوان ، ومن المعلوم بالبداهة : أن نتيجة الجعل الظاهري وهي الجري العملي والترخيص الظاهري في جميع الأطراف تنافي العلم بالتكليف المنجز في البين (18)
بعد البناء على أن العلم الاجمالي كالتفصيلي يقتضي التنجيز ، فلا تكون رتبة الجعل الظاهري محفوظة بالنسبة إلى جميع الأطراف.
فتحصل من جميع ما ذكرنا : أن عدم انحفاظ رتبة الحكم الظاهري يكون لاحد أمور : إما لانتفاء الموضوع ، وينحصر ذلك في أصالة الإباحة عند دوران الامر بين المحذورين. وإما لقصور المجعول عن شموله للأطراف كما في الأصول التنزيلية ، سواء كانت نافية للتكليف المعلوم بالاجمال أو مثبتة له. وإما لعدم إمكان تطبيق العمل على المؤدى كما في الأصول الغير التنزيلية النافية للتكليف المعلوم بالاجمال ، كأصالة الإباحة والبرائة عند العلم بوجوب أحد الشيئين. وأما إذا كانت مثبتة للتكليف المعلوم فلا مانع من جريانها كما في أصالة الحرمة في باب الدماء والفروج والأموال (1) عند العلم بحرمة إراقة دم أحد الشخصين أو حرمة إحدى المرأتين أو المالين وحلية الآخر ، فان أصالة الحرمة في كل من الشخصين والمرأتين والمالين تجري من دون أن يلزم منها مخالفة عملية لان مؤداها موافق للمعلوم بالاجمال. هذا كله بحسب مقام الثبوت والجعل. وأما بحسب مقام الاثبات فأدلة الأصول العملية بقسميها من التنزيلية وغيرها تشمل أطراف العلم الاجمالي ، لما عرفت من أن الأصول إنما تجري في الأطراف ، وكل واحد من الأطراف مجهول الحكم ، فيشمله قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك » وقوله ـ صلى الله عليه وآله ـ « رفع 1 ـ أقول : لا نرى لأصالة الحرمة مدركا غير استصحاب عدم الحل في الأموال وغيرها ، فمع العلم بالانتقاض في أحد الطرفين يجيء ما ذكرت من الاشكال ، ولو كان لنا أصل آخر فعليه بالبيان. (19)
ما لا يعلمون » وقوله ـ عليه السلام ـ « كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه » (1) وقوله ـ عليه السلام ـ « كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه قذر » وغير ذلك من أدلة الأصول ، فان كل واحد من الأطراف مما يشك في بقاء الحالة السابقة فيه أو مما لا يعلم أو لا يعرف أنه حرام أو طاهر فتشملها أدلتها. فإذا لم يكن في مقام الثبوت مانع عن الجعل بأن كانت رتبتها محفوظة ـ بالتفصيل المتقدم ـ لم يكن في مقام الاثبات مانع عن شمول الأدلة لجميع الأطراف ، لعموم أدلة الأصول للشبهات البدوية والمقرونة بالعلم الاجمالي.
هذا ، ولكن يظهر من بعض كلمات الشيخ ـ قدس سره ـ عدم شمول أدلتها للشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي ، بدعوى : أنه يلزم من الشمول مناقضة صدر الدليل لذيله حيث قال ـ قدس سره ـ في آخر مبحث الاستصحاب عند تعارض الاستصحابين ما هذا لفظه : الثانية : أنه إذا لم يكن مرجح ، فالحق التساقط دون التخيير ، لا لما ذكره بعض المعاصرين. إلى أن قال بل لان العلم الاجمالي هنا بانتقاض أحد الضدين يوجب خروجهما عن مدلول « لا تنقض » لان قوله : « لا تنقض اليقين بالشك ولكن تنقضه بيقين مثله » يدل على حرمة النقض بالشك ووجوب النقض باليقين ، فإذا فرض اليقين بارتفاع الحالة السابقة في أحد المستصحبين فلا يجوز إبقاء كل منهما تحت عموم حرمة النقض بالشك ، لأنه مستلزم لطرح الحكم بنقض اليقين بمثله. إلى أن قال : وقد تقدم نظير ذلك في الشبهة المحصورة : وأن قوله ـ عليه السلام ـ « كل شيء حلال حتى تعرف أنه حرام » لا يشمل شيئا من المشتبهين. انتهى موضوع الحاجة من كلامه ، زيد في علو مقامه. ومراده مما تقدم : هو ما ذكره في أول الشك في المكلف به ، فإنه قد أطال 1 ـ أقول : هذا سهو من قلمه الشريف ، وإلا فبهذا المضمون ليس في الاخبار. (20)
الكلام في وجه عدم شمول قوله ـ عليه السلام ـ « كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه » لموارد العلم الاجمالي ، وأن لفظة « بعينه » لا دلالة لها على الشمول.
ومن ذلك كله يظهر : أن المانع عنده من جريان الأصول في أطراف العلم الاجمالي هو جهة الاثبات وعدم شمول أدلة الأصول للشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي ، لا جهة الثبوت ، فإنه لو كان المانع هو عدم إمكان الجعل ثبوتا لم يكن موقع لإطالة الكلام في شمول لفظة « بعينه » للأطراف وعدم شمولها ، فان لفظة « بعينه » ـ كانت في هذه الأخبار أولم تكن ـ لا دخل لها بمقام الجعل ، فالبحث عن دلالة لفظة « بعينه » وعدم دلالتها ينحصر وجهه بمقام الاثبات لا الثبوت. نعم : يظهر من كلامه في حجية القطع عند البحث عن حرمة المخالفة الالتزامية الموارد العلم الاجمالي أن المانع من جريان الأصول في الأطراف هو لزوم المخالفة العملية ، ويظهر منه ذلك أيضا في مواضع اخر من الكتاب. وبالجملة : قد اختلفت كلمات الشيخ ـ قدس سره ـ في وجه عدم جريان الأصول العملية في أطراف العلم الاجمالي. فمن بعضها يظهر أن. المانع هو لزوم المخالفة القطعية العملية للتكليف المعلوم في البين. وهذا يرجع إلى مقام الجعل ، حيث لا يعقل جعل ما يؤدي إلى المخالفة القطعية. ومن بعضها يظهر أن الوجه في ذلك هو قصور الأدلة وعدم شمولها للشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي. وعلى كل حال : إن رجع كلامه ـ قدس سره ـ إلى مقام الثبوت والجعل وان المانع من جريان الأصول في الأطراف هو لزوم المخالفة العملية فهو حق في خصوص الأصول الغير التنزيلية النافية للتكليف ، وأما الأصول التنزيلية فالمانع من جريانها ليست هي المخالفة العملية ، بل هو قصور المجعول فيها لان يعم (21)
الأطراف : لأنه لا يمكن الحكم بالبناء العملي على بقاء الواقع في كل من الأطراف مع العلم الوجداني بعدم بقائه في بعضها ، على ما تقدم بيانه.
وإن رجع كلامه إلى مقام الاثبات وأن أدلة الأصول لا تشمل الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي ، فيرد عليه : أولا : ما عرفت من أن الأصول العملية إنما تجري في الأطراف وكل واحد من الأطراف مجهول الحكم ، فلم يحصل ما اخذ في الأدلة غاية للتعبد بمؤدى الأصول وهو العلم بالخلاف في كل واحد من الأطراف ، ومجرد العلم بالخلاف وانتقاض الحالة السابقة في بعض الأطراف على سبيل الاجمال لا يوجب خروج كل واحد من الأطراف عن كونه مجهول الحكم ، وإلا انقلب العلم الاجمالي إلى العلم التفصيلي (1). 1 ـ أقول : لا يخفى أنه بعد تقريره إشكال شيخنا العلامة بأحسن بيان كيف يتوجه عليه إيراد هذه الوجوه ؟ إذ مرجع كلامه ـ قدس سره ـ بعدما كان إلى مناقضة حرمة النقض لكل واحد من الشكين مع وجوب النقض باليقين الشامل للاجمالي ، بلا توهم انصرافه إلى اليقين بما تعلق به الشك ، إذ ليس الغرض نقض الشك باليقين كي يتوهم الانصراف إلى ما تعلق به ، بل الغرض نقض اليقين به ، وفيه لا مجال لدعوى الانصراف المزبور ، وحينئذ مع كونهما في رتبة واحدة لا يبقى مجال لترجيح الحرمة على الوجوب ، لا أن مجرد العلم الاجمالي كان غاية للأصل ، كي يرد بأنه ليس على الخلاف في كل واحد من الطرفين ، كما أن ظاهر وجوب النقض يقتضي انحصار مورده بصورة العلم بالتكليف ، وإلا فمع العلم الاجمالي بغيره لا يقتضي ذلك وجوب نقضه ، وذلك هو النكتة الفارقة بين صورة لزوم المخالفة العملية وغيره ، كما أن إطلاق وجوب النقض ربما يزاحم الترخيصات المطلقة الشاملة للطرفين ، خصوصا مع قوله : « بعينه » في بعضها ، فلا أقل من التساقط المانع عن الشمول في مقام الاثبات : فتأمل كي لا يتوهم بأنه بعد ابتلائه بصدر الخبر من حرمة النقض ومعارضته يصير مجملا ولا يصلح أن يزاحم المطلقات المنفصلة عنه ، إذ يمكن أن يقال : إن وجوب النقض بالعلم بالخلاف ارتكازي عقلي غير قابل لاحتمال التصرف فيه ، بخلاف حرمة نقض اليقين بالشك ، فإنه يصلح أن يكون مغيا بما هو موضوع لوجوب النقض ، وحينئذ لا يكون الصدر موجبا لاجماله ، وبعده فكما كان مقدما على صدر الرواية كان مقدما على بقية المطلقات المنفصلة أيضا ، كما لا يخفى. ولعل بهذا البيان أمكن إثبات تساقط الأصول (22)
نعم : هذا إنما يتم في خصوص الأصل الذي يضاد مؤداه نفس المعلوم بالاجمال ، وذلك منحصر بأصالة الإباحة عند دوران الامر بين المحذورين كما تقدم بيانه ، وأما ما عدا ذلك فليس شيء من مؤديات الأصول تقابل نفس المعلوم بالاجمال وتضاده ، لان مؤدياتها هي حلية كل واحد من الأطراف أو طهارته أو عدم وجوبه ـ على اختلاف الأصول ـ ولم يحص العلم بالخلاف بالنسبة إلى كل واحد منها وإن حصل العلم بالخلاف بالنسبة إلى واحد منها على سبيل الاجمال والترديد. فلا فرق بين الشبهات البدوية والمقرونة بالعلم الاجمالي في شمول الأدلة لهما وكونهما مندرجين تحت العموم على نسق واحد ، ولا يلزم من الشمول مناقضة صدر الدليل لذيله.
وثانيا : أنه لو كان المانع من عدم جريان الأصول في الأطراف هو قصور الأدلة وعدم شمولها لها لأجل حصول الغاية في بعض الأطراف ، على ما زعمه ـ قدس سره ـ فأي فرق بين ما يلزم من جريانها مخالفة عملية وما لا يلزم ؟ فان شمول الدليل وعدمه لا دخل له بالمخالفة العملية وعدمها ، إذ العلم بانتقاض الحالة السابقة في بعض الأطراف لا على التعيين إن أوجب حصول ما اخذ في الدليل غاية ففي الجميع يوجب ذلك كانت هناك مخالفة عملية أو لم تكن ، وإن كان العلم بانتقاض الحالة السابقة في بعض الأطراف لا يوجب حصول ما اخذ غاية ففي الجميع لا يوجب ذلك ، مع أنه ـ قدس سره ـ قد صرح في مواضع من الكتاب بجريان الأصول العملية في أطراف العلم الاجمالي إذا لم يلزم منها المخالفة العملية. فراجع كلامه في حجية القطع عند البحث عن المخالفة الالتزامية. وثالثا : أن مناقضة الصدر للذيل ـ على تقدير تسليمه ـ إنما يختص ببعض من الاطلاق ، حتى على اقتضاء العلم بلا انتهاء النوبة إلى التخيير ، فتدبر. (23)
اخبار الاستصحاب الذي اشتمل على الذيل ، فإنه هو الذي يمكن أن يتوهم منه أن حصول يقين آخر وإن لم يتعلق بعين ما تعلق به اليقين السابق يوجب عدم شمول الصدر للأطراف وإلا ناقض صدره ذيله.
وأما مالا يشتمل منها على هذا الذيل من أخبار الاستصحاب وغيرها حتى قوله ـ عليه السلام ـ « كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه » أو « منه بعينه » ـ على اختلاف الأخبار الواردة في ذلك ـ فهو سالم عن إشكال مناقضة الصدر للذيل. أما ما كان من قبيل قوله ـ صلى الله عليه وآله ـ « رفع ما لايعلمون » مما لم يذكر فيه الغاية ، فواضح. وأما ما كان من قبيل قوله ـ عليه السلام ـ « كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه » ، وقوله ـ عليه السلام ـ » كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه قذر » وغير ذلك مما اشتمل على ذكر الغاية فلظهوره أيضا في وحدة متعلق الشك والغاية ، لظهور الضمير في ذلك. وفي الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي لا يتحد متعلق الشك والغاية ، فان متعلق الشك هو كل واحد من الأطراف بعينه ، ومتعلق الغاية هو أحد الأطراف لا بعينه ، فكل واحد من الأطراف يندرج في الصدر بلا أن يعارضه الذيل. فتحصل : أن دعوى عدم شمول أدلة الأصول للشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي خالية عن الشاهد بل ظاهر الأدلة خلافها : ولابد من رفع اليد عن ظاهرها في كل مورد لا يمكن التعبد بالمؤدى لعدم انخفاظ رتبة الحكم الظاهري بأحد الأمور المتقدمة : إما لانتفاء الموضوع من الشك والجهل الذي اخذ موضوعا في الأصول العملية ، وإما لقصور المحمول وما هو المجعول فيها عن شموله لموارد العلم الاجمالي ، وإما للزوم المخالفة القطعية العملية للتكليف المعلوم بالاجمال ، وفيما عدا ذلك فالأصول تجري في الأطراف ويعمها الأدلة بلا معارض. (24)
وحينئذ لا يبقى موقع لاتعاب النفس وإطالة الكلام فيما يستفاد من لفظة « بعينه » الواردة في أخبار أصالة الحل بعد فرض كون أخبار أصالة الحل كسائر أدلة الأصول إنما وردت لبيان الحكم الظاهري وجعل الوظيفة للجاهل بالموضوع أو الحكم الواقعي ، أو خصوص الجاهل بالموضوع ولا تشمل الجاهل بنفس الحكم ابتداء ، على اختلاف الوجهين فيما يستفاد من أخبارها من أنها تختص بالشبهات الموضوعية أو تعم الحكمية أيضا.
نعم : لو كانت الاخبار بصدد بيان الحكم الواقعي وتقييده بصورة العلم بالموضوع أو الحكم لكان للبحث عن مقدار دلالتها من حيث إنها تقتضي التقييد بخصوص العلم التفصيلي بالموضوع أو الحكم أو تعم العلم الاجمالي أيضا مجال ، إلا أن ذلك مع كونه خلاف الفرض ـ لان المبحوث عنه في المقام هو جريان الأصول العملية المتكفلة للأحكام الظاهرية ـ يأباه ظاهر الاخبار ، فان الظاهر منها أنها وردت لبيان وظيفة الجاهل بالحكم أو الموضوع بعد الفراغ عن إطلاق الحكم الواقعي. ومن جميع ما ذكرنا ظهر الوجه في حرمة المخالفة القطعية للتكليف المعلوم بالاجمال وعدم جواز الاذن فيها إلا بنسخ الحكم الواقعي أو تقييده بصورة العلم التفصيلي. وأما الجهة الثانية : ـ أعني وجوب الموافقة القطعية ـ فالأقوى وجوبها أيضا ، لأنه يجب عقلا الخروج عن عهدة التكليف المعلوم بالاجمال ، وهو لا يحصل إلا بالاجتناب عن جميع الأطراف ، إذ لو لم يجتنب المكلف عن الجميع وارتكب البعض فلا يأمن من مصادفة ما ارتكبه لمتعلق التكليف المعلوم في البين ، فيكون قد ارتكب الحرام بلا مجوز عقلي أو شرعي ، فيستحق العقوبة : وذلك كله واضح بعد البناء على أن (25)
العلم الاجمالي كالتفصيلي يقتضي التنجيز.
نعم : للشارع الاذن في ارتكاب البعض والاكتفاء عن الواقع بترك الآخر كما سيأتي بيانه ، ولكن هذا يحتاج إلى قيام دليل بالخصوص عليه غير الأدلة العامة المتكفلة لحكم الشبهات ، من قبيل قوله ـ عليه السلام ـ « كل شيء لك حلال » أو « كل شيء طاهر » قوله « لا تنقض اليقين بالشك » وقوله ـ صلى الله عليه وآله. « رفع ما لايعلمون » وغير ذلك من أدلة الأصول العملية ، لان نسبتها إلى كل واحد من الأطراف على حد سواء : ولا يمكن أن تجري في الجميع لأنه يلزم المخالفة القطعية ، ولا في الواحد المعين لأنه يلزم الترجيح بلا مرجح ، ولا في الواحد لا بعينه لان الأصول إنما تجري في كل طرف بعينه : ومقتضى ذلك هو سقوط الأصول بالنسبة إلى جميع الأطراف ، من غير فرق بين الأطراف التي يمكن ارتكابها دفعة واحدة وبين الأطراف التي لا يمكن ارتكابها إلا تدريجا ، لاتحاد مناط السقوط في الجميع : ويبقى حكم العقل بوجوب الخروج عن عهدة التكليف المعلوم على حاله. فان قلت : نعم وإن كانت نسبة الأصول إلى كل واحد من الأطراف على حد سواء ، إلا أن ذلك لا يقتضي سقوطها جميعا ، بل غاية ما يقتضيه هو التخيير في إجراء أحد الأصلين المتعارضين ، لأنه بعد الاعتراف بعموم أدلة الأصول وشمولها للشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي ـ كما تقدم ـ تكون حال الأصول العملية حال الامارات على القول بالسببية فيها. وتوضيح ذلك : هو أن التخيير في باب الامارات المتعارضة على ذلك القول إنما هو لأجل وقوع المزاحمة بينهما في مقام الامتثال ، لعدم القدرة على الجمع بين الامارات المتضادة في المؤدى : ولابد حينئذ إما من تقييد إطلاق الامر بالعمل بمؤدى كل من الامارتين المتعارضتين بحال عدم العمل بالأخرى ـ إن لم يكن أحد المؤديين أهم وأولى بالرعاية من الآخر ، وإلا فيقيد إطلاق أمر المهم فقط ويبقى إطلاق أمر الأهم على حاله ـ واما من سقوط الامرين معا واستكشاف العقل حكما تخييريا لأجل وجود (26)
الملاك التام في متعلق كل من الامارتين على الوجهين المذكورين في باب التزاحم : من أن التخيير بين المتزاحمين هل هو لأجل تقييد إطلاق الخطاب من الجانبين مع بقاء أصله ؟ أو هو لأجل سقوط الخطابين واستكشاف العقل حكما تخييريا ؟.
والأقوى : هو الوجه الأول ، لان التزاحم إنما ينشأ من عدم القدرة على الجمع بين المتزاحمين في مقام الامتثال ، والمقتضي لايجاب الجمع إنما هو إطلاق كل من الخطابين لحال امتثال الآخر وعدمه ، إذ لو لم يكن للخطابين هذا الاطلاق وكان كل منهما مشروطا بعدم امتثال الآخر لما كاد يحصل إيجاب الجمع الموجب لوقوع التزاحم بينهما ، ومن المعلوم : أن الذي لابد منه هو سقوط ما أوجب التزاحم وليس هو إلا إطلاق الخطابين : فلا موجب لسقوط أصلهما ، لان الضرورات تتقدر بقدرها. وقد أوضحنا الكلام في ذلك بما لا مزيد عليه في محله : والمقصود في المقام مجرد التنبيه على المختار : من أن التخيير بين المتزاحمين إنما يكون لأجل تقييد إطلاق الامر من الجانبين. ومن جملة أفراد التزاحم : تزاحم الامارات المتعارضة على القول بالسببية فيها ، لأنه على هذا القول تندرج الامارات المتعارضة في صغرى التزاحم : ولابد من الحكم بالتخيير في الاخذ بإحدى الامارتين لتقييد إطلاق الامر بالعمل بكل منهما بحال عدم العمل بالأخرى ، وحينئذ يستقيم تنظير باب الأصول العملية بباب الامارات ، بتقريب : أن حجية كل أصل عملي إنما تكون مطلقة بالنسبة إلى ما عداه من سائر الأصول لاطلاق دليل اعتباره ، وهذا الاطلاق يكون محفوظا في الشبهات البدوية والمقرونة بالعلم الاجمالي إذا لم يلزم من جريان الأصول في الأطراف مخالفة عملية لعدم التعارض بينها ، فلا موجب لتقييد إطلاق حجيتها : وأما إذا لزم من جريانها في الأطراف مخالفة عملية فلا يمكن بقاء إطلاق الحجية لكل من الأصول الجارية في الأطراف ، لان بقاء الاطلاق (27)
يقتضي صحة جريانها في جميع الأطراف ، والمفروض عدم صحة ذلك ، لأنه يلزم من جريانها في الجميع مخالفة قطعية عملية ، فلابد من رفع اليد عن إطلاق الحجية. ولكن هذا لا يوجب سقوط أصل الحجية من كل أصل في كل واحد من الأطراف ، بل غاية ما يلزم هو تقييد إطلاق حجية كل من الأصلين المتعارضين أو الأصول المتعارضة بحال عدم جريان الأصل الآخر في الطرف المقابل. ونتيجة هذا التقييد هو التخيير في إجراء أحد الأصلين لا سقوطهما رأسا ، فان المانع من إجراء الأصلين معا ليس هو إلا المخالفة العملية ، وهي لم تلزم من نفس حجية الأصلين ، بل من إطلاق حجيتها لحال إجراء الآخر وعدمه ، إذ لو كان حجية كل أصل مشروطا بحال عدم إجراء الأصل الآخر لم تحصل المخالفة العملية ، فالمخالفة العملية انما نشأت من إطلاق الحجية لكل من الأصلين المتعارضين ، فلابد من تقييد حجية كل من الأصلين بحال عدم إجراء الآخر ، كتقييد الامر بالعمل بكل من الامارتين المتعارضتين بحال عدم العمل بالأخرى من غير فرق بينهما ، سوى أن الموجب للتقييد في الامارتين المتعارضتين هو عدم القدرة على العمل بهما جمعا ، وفي الأصلين المتعارضين هو لزوم المخالفة العملية من جرائهما معا.
وحاصل الكلام : أن حجية كل أصل عملي إنما تكون مشروطة بانخفاظ رتبة الأصل كاشتراط كل تكليف بالقدرة على متعلقه ، وكما أنه في باب التكاليف الواقعية تكفي القدرة على امتثال أحد التكليفين المتزاحمين في الحكم بالتخيير بينهما ، فكذلك في باب الأصول العملية يكفي انحفاظ رتبة أحد الأصلين المتعارضين في الحكم بالتخيير بينهما ، ولا إشكال في انحفاظ رتبة كل من الأصلين عند عدم إجراء الآخر ، فلا وجه لسقوطهما معا. قلت : هذا غاية ما يمكن أن توجه به مقالة التخيير ، وقد ذهب إليه بعض الأعاظم في حاشيته على الفرائد وتبعه بعض أعيان أهل العصر. (28)
ولكن الانصاف : أن القول بالتخيير في الأصول المتعارضة في غاية الوهن والسقوط ، لأنه قول بلا دليل ولا يساعد عليه العقل ولا النقل ، فان التخيير في إعمال أحد الأصلين المتعارضين لابد وأن يكون لاحد أمرين : إما لكون المجعول في باب الأصول العملية معنى يقتضي التخيير في تطبيق العمل على أحد الأصلين المتعارضين ، وإما لأجل اقتضاء أدلة الحجية ذلك ، ومن الواضح أن المجعول في الأصول ودليل حجيتها لا يقتضي التخيير في إجراء أحد الأصلين المتعارضين ، وقياس الأصول العملية بالامارات في غير محله ، فان التخيير في الاخذ بإحدى الامارتين المتعارضتين على القول بالسببية فيها إنما هو لأجل كون المجعول في الامارات معنى يقتضي التخيير في الاخذ بإحدى الامارتين المتعارضتين.
وتوضيح ذلك : هو أن الموارد التي نقول فيها بالتخيير مع عدم قيام دليل عليه بالخصوص لا تخلو عن أحد أمرين : أحدهما : اقتضاء الكاشف والدليل الدال على الحكم التخيير في العمل. ثانيهما : اقتضاء المنكشف والمدلول ذلك وإن كان الدليل يقتضي التعيينية (1). 1 ـ أقول : إطالة الكلام ربما يوجب اغتشاش ذهن المبتدين وذهاب أصل المطلب من البين ، والأولى تلخيصا في الجواب هو أن عموم دليل الأصل بعدما يقتضي الشمول لكل واحد من الطرفين ، فافرض هذا العموم بمنزلة « أكرم العلماء » في المثال ، ثم افرض المخصص العقلي في المقام بمنزلة العلم بخروج إكرام عمرو وزيد ، فنقول : وإن علمنا بخروج كأس زيد المشكوك وكأس عمرو المشكوك المقرونين بالعلم الاجمالي ، ولكن لا نعلم بخروج كل منهما في جميع الحالات أو خروج كل منهما في حال إتيان الاخر ، بحيث يكون وجود كل منهما تحت عموم الحلية في حال دون حال ، فكما أن بعموم « أكرم العلماء » تعين خروج كل واحد من الفردين في حال دون حال ، وكذلك بعموم دليل الحلية لكل واحد من الشكين أيضا تثبت خروج كل واحد من الشكين في حال دون حال ، فعليك حينئذ بابداء الفرق بين المقامين إلى يوم القيامة !. وأيضا لنا أن نقرر المطلب ببيان آخر ، وهو : ان العقل في مورد المتزاحمين ليس له وجه لرفع اليد عن إطلاق الدليلين عن الفعلية أو دليل واحد (29)
فمن الأول : ما إذا ورد عام ، كقوله : « أكرم العلماء » وعلم بخروج زيد وعمرو عن العام ، ولكن شك في أن خروجهما هل هو على وجه الاطلاق بحيث لا يجب إكرام كل منهما في حال من الأحوال ؟ أو أن خروجهما ليس على وجه الاطلاق بل كان خروج كل منهما مشروطا بحال عدم إكرام الآخر ؟ بمعنى أن يكون عدم وجوب إكرام كل منهما مقيدا بحال إكرام الآخر بحيث يلزم من خروج أحدهما عن العموم دخول الآخر فيه.
وبعبارة أوضح : يدور أمر المخصص بين أن يكون أفراديا وأحواليا لو كان خروج الفردين على وجه الاطلاق ، أو أحواليا فقط لو كان خروج أحدهما في حال دخول الآخر. والوظيفة في مثل هذا الفرض هو التخيير في إكرام أحد الفردين وترك إكرام الآخر ، ولا يجوز ترك إكرام كل منهما ، لان مرجع الشك في ذلك إلى الشك في مقدار الخارج عن عموم وجوب إكرام العلماء ، ولابد من الاقتصار على المتيقن خروجه وهو التخصيص الأحوالي فقط ، لأنه لو قلنا بخروج الفردين مطلقا في جميع الأحوال يلزم زيادة تخصيص على ما إذا كان الخارج كل منهما مشروطا بدخول الآخر ، فإنه على هذا يدخل أحد الفردين تحت العموم على كل حال ، فلا محيص عن القول بالتخيير في إكرام أحدهما وعدم إكرام الآخر مع التزاحم في فرديته ، إلا عدم إمكان الجمع بين الفعلين للتكليف بما لا يطاق ، وإن فرض مقامنا أيضا حكم العقل بامتناع الجمع بين الحليتين لا يقتضي هذا المانع إلا رفع اليد عن أحدهما لا كليهما ، سواء كان ذلك من جهة التزامه بالتقيد الحالي في إطلاق « كل شيء لك حلال » مثلا ، أو من جهة كشف العقل عن الحلية التخييرية بعين كشفه في باب المتزاحمين ، وحينئذ ليس لك أن تقول بعد التطويل الممل : إن التخيير في المقام ممكن ليس له دليل. ونسئل عنك بأن تطبيق ما ذكرت في الأمثلة بعينه في المقام بلا زيادة ونقصان ، ولا تظن سوء بذوي الافهام ، ولا تظن لرفع هذه الغائلة على مذهب إطلاق الاخبار والاقتضاء في منجزية العلم بالنسبة إلى الموافقة القطعية ، وحينئذ فعليك بتنقيح علية العلم حتى في هذا المقام ، أو الالتزام بمعارضة مطلقات أدلة الأصول مع عموم وجوب النقض باليقين في ذيل أخبار الاستصحاب ، كما أشرنا ، فتدبر فإنه دقيق نافع. (30)
ولكن الحكم بالتخيير في مثل هذا الفرض إنما نشأ من اجتماع دليل العام وإجمال دليل الخاص بضميمة وجوب الاقتصار على القدر المتيقن في التخصيص ، فان اجتماع هذه الأمور أوجب التخيير في العمل ، وليس التخيير فيه لأجل اقتضاء المجعول ذلك ، بل المجعول في كل من العام والخاص هو الحكم التعييني ، والتخيير فيه إنما نشأ من ناحية الدليل لا المدلول ، بالبيان المتقدم.
ومن الثاني : ما إذا تزاحم الواجبان في مقام الامتثال لعدم القدرة على الجمع بينهما ، فان التخيير في باب التزاحم إنما هو لأجل أن المجعول في باب التكاليف معنى يقتضي التخيير في امتثال أحد المتزاحمين ، لأنه يعتبر عقلا في المجعولات الشرعية القدرة على امتثالها لقبح تكليف العاجز ، والمفروض حصول القدرة على امتثال كل من المتزاحمين عند ترك امتثال الاخر ، ولا موجب لتعين صرف القدرة في امتثال أحدهما بالخصوص ، لان كلا من المتزاحمين صالح لان يكون معجزا مولويا وشاغلا عن الآخر ، إذ كل تكليف يستدعي نفي الموانع عن وجود متعلقه وحفظ القدرة عليه ، وحيث لا يمكن الجمع بينهما في الامتثال ، فالعقل يستقل حينئذ بصرف القدرة في أحدهما تخييرا ، إما لأجل تقييد التكليف في كل من المتزاحمين بحال عدم امتثال الآخر ، وإما لأجل سقوط التكليفين معا واستكشاف العقل حكما تخييريا لوجود الملاك التام في كل منهما ، على اختلاف المسلكين في ذلك ، كما تقدمت الإشارة إليهما. وعلى كل حال : التخيير في باب التزاحم لم ينشأ من ناحية الدليل الدال على وجوب كل من المتزاحمين ، بل نشأ من ناحية المدلول والمنكشف ، لما عرفت : من أن المجعول في باب التكاليف إنما يقتضي التخيير في امتثال أحد التكليفين عند تعذر الجمع ، بالبيان المتقدم. وقد استقصينا الكلام في ذلك في محله. والفرق بين التخيير الجائي من قبل الدليل والتخيير الجائي من قبل المدلول ، هو أن التخيير في الأول ظاهري وفي الثاني واقعي ، كما لا يخفى وجهه. |
|||
|