فوائد الاصول ـ الجزء الرابع ::: 766 ـ 780
(766)
الأئمة ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ فلا تعم تعارض الأقوال في سلسلة طرق الروايات ، كما إذا تعارض أقوال أهل الرجال في التوثيق والتعديل. وكذا لا تعم تعارض أقوال أهل اللغة في مداليل ألفاظ الروايات ، وذلك واضح.
    الثاني : الظاهر اختصاص أدلة التخيير بصورة تعارض الروايتين المرويتين عنهم ـ عليهم السلام ـ ولا تعم صورة اختلاف النسخ ـ كما حكي وقوع ذلك كثيرا في كتاب التهذيب ـ فان التعارض إنما جاء من قبل الكتاب ، فلا يندرج في قوله : « يأتي عنكما الخبران المختلفان » بل الظاهر أن أدلة التخيير لا تعم تعارض قول تلميذي الكليني في النقل عنه ، وإن كان المحكي عن بعض الاعلام اندراج ذلك في أدلة التخيير ، بدعوى : أن تعارض النقل عن الكليني ـ رحمه الله ـ يرجع إلى تعارض الخبرين.
    الثالث : لا يجوز الاخذ بأحد المتعارضين تخييرا إلا بعد الفحص عن المرجحات التي يأتي بيانها ، فإنه بناء على وجوب الترجيح يتعين الاخذ بالراجح ولا يكون المرجوح حجة شرعية ولا يجوز العمل به ، فالفحص عن المرجحات يرجع إلى الفحص عن الحجية ، كالفحص عما يعارض الأصول اللفظية والعملية ، ولا إشكال في وجوب الفحص عنه.
    الرابع : الأقوى كون التخيير في المسألة الأصولية أي في أخذ أحدهما حجة محرزة وطريقا إلى الواقع ، لا في المسألة الفقهية أي التخيير في العمل بمؤدى أحد الخبرين نظير التخيير بين القصر والاتمام في المواطن الأربعة ، فان الظاهر من قوله ـ عليه السلام ـ « بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك » (1) هو الاخذ بأحدهما ليكون حجية وطريقا مثبتا للواقع لا مجرد الاخذ في مقام العمل (2)
1 ـ الوسائل : الباب 9 من أبواب صفات القاضي ، الحديث 6.
2 ـ أقول : بل بعد فرض اقتضاء التعارض بين المدلول الالتزامي لكل واحد مع المطابقي للآخر في كثير من الموارد وانتهاء الامر إلى النقيضين لا معنى حينئذ للوجوب التخييري ، كالتخيير بين القصر


(767)
ولا ينافي ذلك إطلاق قوله ـ عليه السلام ـ « فتخير » كما في خبر غوالي اللآلي (1) فان قوله ـ عليه السلام ـ « فتخير » صالح لكلا الوجهين ، فلا يعارض ظهور قوله ـ عليه السلام ـ « بأيهما أخذت » في أخذ أحدهما حجة.
    نعم : ربما يتوهم دلالة قوله ـ عليه السلام ـ « موسع عليك بأية عملت » (2) ـ كما في رواية ابن مهزيار عن كتاب عبد الله بن محمد ـ على كون التخيير في المسألة الفقهية.
    ولكن الظاهر من قوله ـ عليه السلام ـ « بأية عملت » هو الاخذ بأحد المتعارضين حجة وطريقا إلى العمل ، لا مجرد العمل بمضمون أحدهما ، فتأمل جيدا.
    ويترتب على كون التخيير في المسألة الأصولية أو في المسألة الفقهية ثمرات مهمة
    منها : كون التخيير للمفتي في الفتوى بمضمون أحد الخبرين لو كان التخيير في المسألة الأصولية ، والتخيير للمستفتي في العمل بمضمون أحدهما لو كان التخيير في المسألة الفقهية ، إلا في مقام الترافع وفصل الخصومة ، فإنه لا معنى
والاتمام ، بل لا محيص من التخيير العملي محضا أو التخيير في المسألة الأصولية المنتجة بالآخرة تعين مدلول أحدهما المأخوذ عليه. وربما يرجح الثاني ظهور قوله : « بأيهما اخذت من باب التسليم وسعك » إذ هو ظاهر في أن طرف التخيير هو الاخذ بالخبر في مقام الاستطراق به الذي لازمه تعين مضمونه عليه بعد اخذه. ثم في كون التخيير في المسألة الأصولية شان المجتهد فقط فرع تخصيص دليله به ، وإلا فللمجتهد بعد الفحص عن المرجحات الفتوى بتخيير المقلد في الاخذ بأحد الخبرين أيضا ، كما أن كون التخيير على هذا بدويا لا شاهد له ، ولا أقل من الاستصحاب. وتوهم : عدم بقاء التحير بعد الاخذ فلا يكون الموضوع باقيا ، مدفوع بان الموضوع هو « المتحير لولا الاخذ » وهو باق ، إذ لا معنى لكون الحكم رافعا لموضوعه ، فتدبر كلماته ، فإنه لا يخلو من أنظار
1 ـ غوالي اللئالي : ج 4 ص 133.
2 ـ الوسائل : الباب 15 من أبواب القبلة ، الحديث 8.


(768)
لتخيير المتخاصمين في العمل بأحدهما ، بل لابد للحاكم من اختيار مضمون أحدهما والحكم على طبقه ، لعدم فصل الخصومة إلا بذلك.
    ومنها : كون التخيير استمراريا إذا كان التخيير في المسألة الفقهية ، لأنه يكون كالتخيير بين القصر والامام في المواطن الأربعة ، فللمكلف أن يعمل بمضمون أحد المتعارضين تارة وبمضمون الآخر أخرى ، إلا أن يقوم دليل على خلاف ذلك. وبدويا إذا كان التخيير في المسألة الأصولية ، فان معنى كون التخيير في المسألة الأصولية هو التخيير في جعل أحد المتعارضين حجة شرعية وأخذ أحدهما طريقا محرزا للواقع ، ولازم ذلك وجوب الفتوى بما اختاره أولا وجعل مؤداه هو الحكم الكلي الواقعي المتعلق بأفعال المكلفين ، فلا معنى لاختيار الآخر بعد ذلك.
    وبالجملة : بعدما عرفت : من أن مقتضى القاعدة سقوط كل من المتعارضين عن الحجية وعدم شمول أدلة الاعتبار لهما ، فحجية أحدهما إنما تكون بمعونة أخبار التخيير ، وأدلة التخيير إنما تدل على اختيار أحدهما حجة ، وبعد اختيار أحدهما حجة يكون المجتهد محرزا للواقع ، ولا يبقى مجال لاختيار الآخر بعد ذلك حجة شرعية.
    وبما ذكرنا يظهر : أنه لا مجال لاستصحاب بقاء التخيير بعد اختيار أحدهما ، إذا بناء على كون التخيير في المسألة الفقهية يكون الحكم بالتخيير باقيا قطعا وبناء على كون التخيير في المسألة الأصولية يكون الحكم بالتخيير مرتفعا قطعا. ولا ينبغي الشك في البقاء على كل من الوجهين حتى يجري فيه الاستصحاب.
    نعم : يمكن فرض الشك في كون التخيير في أي المسألتين ، بدعوى : عدم استظهار أحد الوجهين من الاخبار ، فيشك في كون التخيير في المسألة الأصولية أو في المسألة الفقهية. ولكن إذا فرض الشك بهذا الوجه فلا مجال للاستصحاب ، للشك في موضوعه ، فإنه على أحد الوجهين يكون الموضوع باقيا ،


(769)
وعلى الوجه الآخر يكون الموضوع مرتفعا ، فالشك في أحد الوجهين يستلزم الشك في بقاء الموضوع. ولا جامع بين الوجهين حتى يجري فيه الاستصحاب ، فإذا لم يجر الاستصحاب وفرض الشك في أحد الوجهين فالامر يدور بين التعيين والتخيير ، لأنه على تقدير كون التخيير في المسألة الأصولية يتعين ما اختاره المكلف أولا ، وبناء على كون التخيير في المسألة الفقهية يكون المكلف مخيرا في اختيار أحدهما دائما ، وقد تقدم في مبحث البراءة : أنه مهما دار الامر بين التعيين والتخيير فالأصل العملي يقتضي التعيين (1) خصوصا في مثل المقام مما كان دوران الامر بين التعيين والتخيير في باب الطرق والامارات (2) فراجع ما ذكرناه في مبحث البراءة.

    المشهور بين الأصحاب : أن التخيير إنما هو في صورة تعادل المتعارضين وتكافئهما في المزايا المنصوصة ـ على ما سيأتي بيانها ـ فلا يجوز الاخذ بأحدهما
1 ـ أقول : بالله ! مسألة التعيين والتخيير إنما هو في صورة الدوران بين الوجوب التخييري أو وجوب أحدهما تعيينا ، ولقد عرفت : ان في باب التعارض المنتهى فيه الامر إلى التناقض في المدلول يستحيل الوجوب التخييري ، وإنما الممكن فيه هو التخيير العملي العقلي الذي هو نتيجة الإباحة ، وفي مثله عند الدوران بين الوجوب والإباحة من الذي يقول بالتعيين والوجوب ؟ وكأن المقرر خلط بين التخيير العملي الممكن في المقام وبين الوجوب التخييري وزعم في المقام هذا التخيير ـ بشهادة تمثيله بالتخيير بين القصر والاتمام ـ وغفل عن استحالة الثاني وان ما هو ممكن هو صرف التخيير عملا الذي هو مفاد الإباحة ، بل في مثله عند الدوران يتعين الاخذ بالإباحة ، لا التعيين.
2 ـ لا يخفى : أن دوران الامر بين التعيين والتخيير إنما يكون في مقام العمل ، وأما في مقام الفتوى : فالامر يدور بين المحذورين ، لأنه بناء على أحد الوجهين يتعين الفتوى بمضمون أحدهما بالخصوص ، وبناء على الوجه الآخر يتعين الفتوى بالتخيير ، فتأمل ( منه )


(770)
تخييرا (1) إلا عند فقد ما يقتضي ترجيح أحدهما.
    وقد حكي عن بعض : القول بالتخيير مطلقا ، لاطلاق أدلة التخيير وحمل أخبار الترجيح على الاستحباب.
    وأنت خبير : بأنه يجب الخروج عن إطلاق أدلة التخيير بظهور أدلة الترجيح في الوجوب ، فان المطلق مهما بلغ في الظهور لا يقاوم ظهور المقيد في التقييد ، القول باستحباب الترجيح ضعيف غايته.
    ويدل على المشهور جملة من الاخبار :
    منها : مقبولة عمر بن حنظلة ، قال : « سئلت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاء ، أيحل ذلك ؟ قال ـ عليه السلام ـ من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت » إلى أن قال : « قلت : فان كان كل رجل يختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما فاختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم ؟ قال ـ عليه السلام ـ الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر ، قلت : فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر ؟ قال ـ عليه السلام ـ ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع
1 ـ لا يخفى : أن في كلام الشيخ ( قدس سره ) في هذا المقام مواقع للنظر ، خصوصا قوله : « ومرجع التوقف أيضا إلى التخيير » فان مرجع التوقف إلى الاحتياط لا إلى التخيير ـ كما صرح بذلك قبل هذا ـ نعم : لو رجع التعارض إلى النفي والاثبات وكان الامر دائرا بين المحذورين وقلنا بعدم جواز الرجوع إلى الثالث ولو كان هو الأصل ، صح قوله : « ومرجع التوقف إلى التخيير » وأغرب من ذلك ! ما أفاده في ذيل قوله : « والتحقيق » من قوله : « وإن لم نقل بذلك بل قلنا باستفادة العمل بأحد الخبرين المتعارضين من نفس أدلة العمل بالاخبار » فإنه يرد عليه : أنه لا يعقل استفادة ذلك من أدلة الحجية بناء على الطريقية. وبالجملة : في عبارة الشيخ ( قدس سره ) في هذا المقام ما لا يخفى ، فراجع ( منه ).

(771)
عليه بين أصحابك ، فيؤخذ به من حكمهما ، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فان الجمع عليه لا ريب فيه » إلى أن قال : « قلت : فان كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم ؟ قال ـ عليه السلام ـ ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة ويترك ما خالف الكتاب والسنة ووافق العامة ، قلت : جعلت فداك ! أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة فوجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا بأي الخبرين يؤخذ ؟ قال ـ عليه السلام ـ ما خالف العامة ففيه الرشاد ، قلت : جعلت فداك ! فان وافقهما الخبران جميعا ؟ قال ـ عليه السلام ـ ينظر إلى ما هم أميل إليه حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر ، قلت : فان وافق حكامهم الخبرين جميعا ؟ قال : إذا كان ذلك فارجه حتى تلقى إمامك ، فان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات » (1).
    وظهور هذه الرواية الشريفة في وجوب ترجيح أحد المتعارضين بهذه المزايا مما لا يكاد يخفى.
    والاشكال عليها : بأن موردها اختلاف الحكمين في مستند حكمهما وفي مثله لابد من الترجيح ، لعدم قطع الخصومة بالتخيير ـ كما تقدم ـ فلا تعم الرواية موارد تعارض الروايات في مقام الفتوى (2)
1 ـ الوسائل : الباب 9 من أبواب صفات القاضي ، الحديث 1 مع اختلاف في بعض الألفاظ.
2 ـ أقول : عمدة الاشكال على الرواية ، هو ان في مقام تعارض الحكمين لا معنى للترجيح في مدركهما ، بل الحاكم بعدما اخذ بالرواية وحكم في الواقعة على وفق رأيه في الشبهات الحكمية لابد وان يتبع هذا الحكم ، ومع تعارضه بحكم آخر يرجح أحد الحكمين بأعلمية الحاكم وأعدليته وأوثقيته ، ولا مجال حينئذ لترجيح مدرك أحد الحكمين على مدرك الآخر ، إذ لا يكون المرجع في الواقعة بالنسبة إلى مجتهد آخر ـ فضلا عن المقلد ـ عند صدور حكم الحاكم إلا الحكم ، لأنه نقيض الفتوى ، فمهما كان الحكم ثابتا ـ ولو بترجيح الحكم بمرجحات الحاكم ـ لا مجال لرجوع المجتهد الثالث إلى مدرك الحكم


(772)
    ضعيف غايته ، فان الترجيح إنما يكون في مقابل التخيير ، وقد عرفت أن التخيير إنما يكون في المسألة الأصولية ، ومعنى الترجيح في المسألة الأصولية : هو أخذ الراجح حجة شرعية وطريقا محرزا إلى الواقع. وعليه : لا يمكن أن يفرق بين باب الحكومة وبين باب الفتوى ، بل نفوذ حكم من وافق حكمه الراجح إنما هو لأجل موافقة فتواه له.
    وبالجملة : بعد البناء على كون التخيير والترجيح في المسألة الأصولية لا معنى للتفرقة بين باب الحكومة وبين باب الفتوى ، فإنه كما يلزم الحكم على طبق الراجح لأنه هو الحجة والطريق دون غيره ، كذلك يلزم الفتوى والعمل على طبقه.
    وكأن من استشكل على الاستدلال بالرواية لوجوب الترجيح في مطلق المتعارضين غفل عن كون الترجيح في المسألة الأصولية ، أو بنى على كونه في المسألة الفقهية ، وقد تقدم ضعفه.
    هذا كله ، مضافا إلى أن صدر الرواية سؤالا وجوابا وإن كان في مورد الحكومة ، إلا أن الظاهر من قوله ـ عليه السلام ـ « ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا » إلى آخر الرواية ، هو أن الامام ـ عليه السلام ـ صار بصدد بيان الوظيفة الكلية عند تعارض مطلق الاخبار.
    فالانصاف : أن التأمل في الرواية يوجب القطع بكون الترجيح لمطلق
، وحينئذ فلا محيص من الالتزام باعراض الأصحاب عن ذيل الرواية.
    كما أن المرفوعة أيضا مطعون في سنده ، فلا يبقى مجال لوجوب الترجيح بالمرجحات المذكورة في الروايتين. وتسمية الأولى « مقبولة » من جهة كون صدوره مورد تسلم الأصحاب ، لا هو بتمامه ، بل لم يلتزم أحد برجوع الثالث عند تعارض الحكمين إلى مدركهما. وظني انه استشكل شيخنا الأعظم بهذا البيان في رسائله ، فراجع.
    نعم : لا بأس بالترجيح بمخالفة العامة وموافقة الكتاب ، كما هو أيضا ديدن الأصحاب ، وفي غاية البعد أيضا حمل اخبار الترجيح بهما على الاستحباب.


(773)
تعارض الروايات ، فلا ينبغي الاشكال عل الاستدلال بها على وجوب الترجيح في مقام العمل والفتوى :
    كما لا ينبغي الاشكال على الاستدلال بها بأن الظاهر من قوله في الذيل : « إذا كان ذلك فارجه حتى تلقى إمامك » كون الترجيح بتلك المزايا إنما هو في زمان الحضور فلا دليل على وجوب الترجيح بها في زمان الغيبة ، فان اختصاص التوقف بزمان الخصوص لا يقتضي اختصاص الترجيح به.
    وكذا لا ينبغي الاشكال بمعارضة الرواية لرواية « الاحتجاج » عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : « قلت لأبي عبد الله عليه السلام يرد علينا حديثان ، واحد يأمرنا بالأخذ به ، والآخر ينهانا ؟ قال عليه السلام لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأل. قلت : لابد أن يعمل بواحد منهما ، قال ـ عليه السلام ـ خذ بما فيه خلاف العامة » (1).
    وجه المعارضة : هو أنه في المقبولة كان التوقف بعد فقد المرجحات ، وفي رواية « الاحتجاج » الامر بالعكس يكون الترجيح بمخالفة العامة بعد عدم إمكان التوقف ، لحضور وقت العمل أو غير ذلك.
    هذا ، ولكن الأصحاب لم يعملوا برواية « الاحتجاج » بل عملهم على طبق ما في المقبولة ، فلا تصلح رواية الاحتجاج للمعارضة.
    وبالجملة : دلالة المقبولة على وجوب الترجيح بالمزايا المذكورة في غاية الوضوح ، وجميع الاشكالات الواردة على الرواية يمكن الذب عنها ، وقد عمل بمضمونها الأصحاب واعتمدوا عليها ، ولذلك سميت بالمقبولة ، مضافا إلى اعتضادها بروايات اخر قد استقصاها الشيخ ـ قدس سره ـ في « الفرائد » أجمعها بعد المقبولة مرفوعة زرارة ، قال : « سئلت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ فقلت : جعلت
1 ـ الوسائل : الباب 9 من أبواب صفات القاضي ، الحديث 42.

(774)
فداك ! يأتي عنكم الخبران والحديثان المتعارضان فبأيهما آخذ ؟ فقال ـ عليه السلام ـ يا زرارة ! خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر ، فقلت : يا سيدي ! إنهما معا مشهوران مأثوران عنكم ؟ فقال ـ عليه السلام ـ خذ بما يقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك ، فقلت : إنهما معا عدلان مرضيان موثقان ؟ فقال ـ عليه السلام ـ انظر ما وافق منهما العامة فاتركه وخذ بما خالف ، فان الحق فيما خالفهم ، قلت : ربما كانا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع ، قال ـ عليه السلام ـ إذن فخذ بما فيه الاحتياط لدينك واترك الآخر ، قلت : فإنهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له فكيف أصنع ؟ فقال ـ عليه السلام ـ إذن فتخير أحدهما فتأخذ به ودع الآخر » (1).
    وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة رواها ابن أبي جمهور الأحسائي في كتاب « غوالي اللآلي » عن العلامة مرفوعا إلى زرارة ، وقد طعن صاحب الحدائق ـ رحمه الله ـ في الكتاب ومصنفه ، مع عدم وجود الرواية في كتب العلامة ـ قدس سره ـ إلا أنها تصلح لان تكون مؤيدة لمقبولة « عمر بن حنظلة » مضافا إلى سائر الروايات ، وبعد هذا لا ينبغي التأمل والاشكال في وجوب الترجيح بين الروايات المتعارضة.
    نعم : يبقى الاشكال في وجوب الاقتصار على المرجحات المذكورة في الروايات ، أو أنه يجب التعدي عنها إلى كل مرجح لسند أحد المتعارضين أو لمضمونه ، وقد اختلفت في ذلك كلمات الاعلام. والأقوى : وجوب الاقتصار على المرجحات المنصوصة وعدم جواز التعدي عنها ، فان الأصل وإن كان يقتضي وجوب الاخذ بكل ما يحتمل أن يكون مرجحا لاحد المتعارضين ، للشك في حجية الآخر والأصل عدمها ، إلا أنه
1 ـ غوالي اللئالي : ج 4 ص 133 ح 229 ( تحقيق مجتبى العراقي ) مع تفاوت.

(775)
يحب الخروج عما يقتضيه الأصل باطلاقات أدلة التخيير (1) فان المتيقن من تقييدها هو ما إذا كان في أحد المتعارضين أحد المزايا المنصوصة ، ولا يستفاد من أدلة الترجيح وجوب الاخذ بكل مزية تقتضي أرجحية أحدهما سندا أو مضمونا ، فالقول بوجوب التعدي عن المرجحات المنصوصة خال عن الدليل.
    نعم : يمكن أن يستدل له بقوله ـ عليه السلام ـ في مقبولة « عمر بن حنظلة » في وجه الترجيح بالشهرة : « فان الجمع عليه مما لا ريب فيه » وبقوله في وجه الترجيح بمخالفة العامة : « فان الرشد في خلافهم ». بتقريب : أن المراد من « المجمع عليه » ليس هو الاجماع المصطلح ، بحيث تكون الرواية مما قد أجمع الأصحاب ورواة الأحاديث على روايتها ، وإلا كانت الرواية متواترة مقطوعة الصدور ، بل المراد منه هو كون الرواية مشهورة بين الأصحاب معروفة بين الرواة وإن كانت من أخبار الآحاد ، ولا منافاة بين كون الرواية من أخبار الآحاد وبين اشتهارها بين أرباب الحديث وتدوينها في الأصول والكتب والمجامع ، ويقابلها الرواية الشاذة التي لم تكن معروفة عند الرواة ولم يشتهر نقلها وتدوينها في الأصول وكتب الأحاديث ، ومن المعلوم : أنه لا يصح حمل عدم الريب بقول مطلق على مثل هذه الرواية التي يجامعها احتمال عدم الصدور ، فان الخبر الواحد مهما بلغ في الاشتهار لا يكون مقطوع الصدور ، فلابد وأن يكون المراد من قوله ـ عليه السلام ـ « ممالا ريب فيه » هو عدم الريب بالإضافة إلى الرواية الشاذة التي لم تكن معروفة عند أصحاب الحديث ، فان الرواية المشهورة تكون أقرب إلى الصدور من الرواية الشاذة ، فيكون الريب المحتمل في الرواية الشاذة
1 ـ أقول : بعد الجزم بمرجعية أحدهما وتردد بين التعيين والتخيير ، وإلا فالأصل يقتضي التساقط لا الترجيح ، وحينئذ يبقى الكلام في هذا الجزم بعد إطلاقات أدلة التخيير الحاكمة بعدم الترجيح ، فتدبر.

(776)
أقرب من الريب المحتمل في الرواية المشهورة ، لأنه يحتمل فيها مالا يحتمل في الرواية المشهورة فيصح حمل عدم الريب الإضافي على الرواية المشهورة ، ولازم ذلك هو التعدي إلى كل مزية تقتضي أقربية صدور ذي المزية من الفاقد لها ، فان قوله ـ عليه السلام ـ « فان المجمع عليه مما لا ريب فيه » يكون من منصوص العلة وبمنزلة الكبرى الكلية ، فيكون مفاد التعليل : هو الامر بأخذ كل خبر لا ريب فيه بالإضافة إلى الخبر الآخر وأقرب صدورا منه. وهذا كما ترى يقتضي وجوب الاخذ بكل مرجع صدوري ولو لم يكن من مقولة الشهرة. هذا كله في قوله ـ عليه السلام ـ « فان المجمع عليه ممالا ريب فيه ».
    وأما قوله ـ عليه السلام ـ « فان الرشد في خلافهم » فتقريب الاستدلال به على وجوب التعدي إلى كل مزية : هو أن التعليل بذلك إنما هو لأجل أن مضمون الخبر المخالف للعامة أقرب إلى الواقع من الخبر الموافق لهم ، لأنه يحتمل في الموافق أن يكون قد صدر تقية ، وليس المراد من قوله ـ عليه السلام ـ « فان الرشد في خلافهم » هو أن كل ما يكون مخالفا للعامة فهو الحق الموافق للواقع وكل ما يكون موافقا لهم فهو الباطل المخالف للواقع ، بداهة أن كثيرا من الاحكام الموافقة لرأي العامة ليست من الباطل ، فلابد وأن يكون المراد من قوله ـ عليه السلام ـ « فان الرشد في خلافهم » هو أقربية مضمون الخبر المخالف للعامة من الخبر الموافق لهم ، لأنه يحتمل في الموافق مالا يحتمل في المخالف ، فيكون حاصل التعليل : هو وجوب الاخذ بكل ما يكون مضمونه أقرب إلى الواقع من الخبر الآخر. ولازم ذلك هو التعدي إلى كل مزية تقتضي ذلك ولو لم تكن من مقولة مخالفة العامة. هذا غاية ما يمكن أن يستدل به للقول بوجوب التعدي عن المزايا المنصوصة.
    ولكن للنظر فيه مجال. أما في قوله ـ عليه السلام ـ « فان المجمع عليه مما لا ريب فيه » فلانه لا شاهد على كون المراد منه عدم الريب بالإضافة إلى الغير ، بل ظاهره عدم الريب بقوله مطلق. ولا ملازمة بين كون الخبر مما لا ريب


(777)
فيه بقول مطلق وبين كونه مقطوع الصدور ، بل يصح حمل عدم الريب على الخبر المشهور المدون في كتب الأحاديث المعروف عند الرواة وأرباب الحديث ، فان مثل هذا الخبر مما تطمئن النفس بصدوره ويحصل الركون إليه بحيث لا يلتفت إلى احتمال عدم صدوره ولو كان موجودا في خزانة النفس ، فيصح أن يقال : إنه مما لا ريب فيه بقول مطلق ، بخلاف الخبر النادر الشاذ الذي لم يدون في كتب الأصحاب ولم يكن مشهورا عند أرباب الحديث ، فإنه لا تطمئن النفس بصدوره ، بل ولا يحصل الظن به.
    فدعوى : أن المراد من قوله : « ما لا ريب فيه » هو عدم الريب بالإضافة إلى غيره ، مما لا شاهد عليها حتى يقتضي التعدي إلى كل مزية تقتضي أقربيه صدور أحد المتعارضين عن الآخر ، بل قصارى ما يقتضيه التعليل : هو التعدي إلى كل مزية تقتضي الاطمينان بالصدور وركون النفس إليه.
    وأما قوله ـ عليه السلام ـ « فان الرشد في خلافهم » فالامر فيه أوضح ، فان التعليل لا ينطبق على ضابط منصوص العلة ولا يصلح أن يكون كبرى كلية ، لان ضابط منصوص العلة ـ على ما أوضحناه في محله ـ هو أن تكون العلة على وجه يصح ورودها وإلقائها إلى المكلفين ابتداء بلا ضم المورد إليها ، كما في قوله : « الخمر حرام لأنه مسكر » فإنه يصح أن يقال : « كل مسكر حرام » بلا ذكر الخمر ، وكما في قوله ـ عليه السلام ـ « فان المجمع عليه مما لا ريب فيه » فإنه يصح أن يقال : « خذ بكل ما لا ريب فيه ».
    وهذا بخلاف قوله ـ عليه السلام ـ « فان الرشد في خلافهم » فإنه لا يصح أن يقال : « خذ بكل ما خالف العامة » لما عرفت : من أنه كثير من الاحكام الحقة توافق قول العامة ، فلا يمكن أن يرد قوله ـ عليه السلام ـ « فان الرشد في خلافهم » دستورا كليا للمكلفين بحيث يكون بمنزلة الكبرى الكلية ، بل لابد


(778)
وأن يكون التعليل بذلك لبيان حكمة التشريع ، وليس من العلة المنصوصة ، فلا يجوز التعدي عنها إلى كل مزية تقتضي أقربية مضمون أحد المتعارضين للواقع. فالانصاف : أنه لم يظهر من الأدلة جواز التعدي عن المرجحات المنصوصة ، فالأقوى : هو الاقتصار عليها ، فتأمل جيدا.

    المرجحات المنصوصة أربعة :
    منها : ما يكون مرجحا لسند أحد المتعارضين ، كموافقة أحدهما للشهرة وككون الراوي لأحدهما أوثق أو أعدل أو أصدق ونحو ذلك مما يرجع إلى صفات الراوي.
    ومنها : ما يكون مرجحا لجهة الصدور ، ككون أحد المتعارضين مخالفا للعامة (1).
1 ـ أقول : بعدما كانت حجية الجهة والدلالة من آثار الكلام الواقعي بحيث يكون بالنسبة إلى التعبد بالسند من قبيل الحكم الواقعي لموضوع قامت [ الامارة على ثبوته كقيام ] الامارة على ثبوت الموضوع لوجوب إكرام زيد بالنسبة إلى دليل التعبد باكرامه ما لمراد من كون الترجيح بمخالفة العامة من المرجحات الجهتية ؟ فان أريد منه ان دليل وجوب الاخذ بالمخالف وطرح الموافق إنما هو لترجيح مجرد الجهة الثانية لأحدهما في ظرف صدور الكلام الواقعي على الجهة الأخرى كلية بلا نظر منه إلى حيث صدور ذي المرجح ، فلازمه عدم انتهاء النوبة إليه بعد تساقط عموم الحجية في إثبات الكلام الواقعي ، إذ حينئذ لا يحرز الكلام حتى ينتهي النوبة إلى ترجيح جهته ، ومجرد اقتضاء الحجية لا يكفي في هذا الترجيح الوارد على الكلام ما لم يحرز الكلام الواقعي بدليل تعبده فعلا. وإن كان الغرض ان دليل المرجح الجهتي أيضا ناظر إلى اثبات السند فلازمه كونه مرجحا سنديا ، كالأوثقية ، إذ لازم التعبد بسند ذي الجهة طرح سند الآخر ، إذ لا معنى للاخذ بسند ما اطرح جهته ، فلا نعني بالمرجح السندي إلا هذا. وحينئذ فالتحقيق ان جميع المرجحات يرجع إلى الترجيح في السند. نعم : وجه ترجيح السند ربما

(779)
    ومنها : ما يكون مرجحا لمضمون أحد المتعارضين ، ككون أحدهما موافقا للكتاب. وقد وقع الكلام في ترتب هذه المرجحات وتقدم بعضها على بعض.
    فقيل : إنها غير مترتبة ، بل كلها مرجحة في عرض واحد ، فلو كان أحد المتعارضين واجدا لبعضها وكان الآخر واجدا لبعضها الآخر وقع التزاحم بينها فيقدم ما هو الأقوى مناطا ، وإلا فالتخيير. وهو الذي اختاره المحقق الخراساني ـ قدس سره ـ.
    وقيل : بتقديم المرجح الراجع إلى جهة الصدور على المرجح السندي والمرجح المضموني ، فلو كان أحد المتعارضين مخالفا للعامة وكان الآخر موافقا للشهرة أو للكتاب قدم ما يخالف العامة. وهذا القول منسوب إلى الوحيد البهبهاني ـ قدس سره ـ.
    وقيل : بتقديم المرجح السندي على المرجح الجهتي والمرجح المضموني ، فيقدم الخبر المشهور على الخبر المخالف للعامة أو الموافق للكتاب. وهذا هو الأقوى ، فان التعبد بجهة الصدور متأخر في الرتبة عن التعبد بأصل الصدور. وقد تقدم في حجية الظن ما ينفع المقام ، ولا بأس بإعادته.
    فنقول : إن استنباط الحكم الشرعي من الخبر الواحد يتوقف على أمور :
    الأول : كون الخبر صادرا عن الامام ـ عليه السلام ـ والمتكفل لاثبات هذا الامر هو أدلة حجية الخبر الواحد.
    الثاني : كون ظاهرا في المعنى ، والمتكفل لاثباته هو العرف واللغة.
    الثالث : كونه صادرا لبيان الحكم الواقعي لا لجهة أخرى : من تقية ونحوها ، والمتكفل لاثبات ذلك بناء العقلاء على حمل الكلام على كونه صادرا لبيان إفادة المراد النفس الأمري ، لان الظاهر من المتكلم نوعا هو أن يكون كلامه
يختلف : من كونه قوة احتمال الصدور أو الجهة أو المضمون ، كما لا يخفى ، فتدبر.

(780)
على طبق مراده ، وهذا أصل عقلائي يرجع إليه عند الشك في جهة الصدور.
    الرابع : كون مضمونه تمام المراد لا جزئه ، والمتكفل لاثبات ذلك أصالة عدم التقييد والتخصيص وقرينة المجاز ، ونحو ذلك من الأصول اللفظية التي عليها بناء العقلاء عند الشك في إرادة التقييد والتخصيص والحقيقة.
    ولا يخفى : أن التعبد بجهة الصدور فرع التعبد بالصدور والظهور (1) كما أن التعبد بكون المضمون تمام المراد فرع التعبد بجهة الصدور ، بداهة أنه لابد من فرض صدور الخبري لبيان حكم الله الواقعي حتى يتعبد بكون مضمونه تمام المراد ، لا جزئه. نعم : ليس بين التعبد بالصدور والتعبد بالظهور ترتب وطولية ، فإنه كما لا يصح التعبد بصدور كلام غير ظاهر ، كذلك لا يصح التعبد بظهور كلام غير صادر ، فالتعبد بكل من الصدور والظهور يتوقف على الآخر ، ولذلك
1 ـ أقول : لا يخفى ان حجية الدلالة والجهة لما كانتا من لوازم كلام الامام ـ عليه السلام ـ فدليل حجية السند بالنسبة إليهما بمنزلة الأصل المنقح لموضوع الأثر الواقعي ، فيكون نسبة حجية الدلالة والجهة بالنسبة إلى حجية السند بمنزلة الحكم الواقعي بالنسبة إلى الحكم الظاهري ، فهما بحسب الرتبة مقدمان على حجية السند ، كتقدم الأثر الواقعي لموضوع قامت الامارة على إثباته ظاهرا ، وحينئذ لا يكون المرجع بدوا إلا دليل التعبد بالسند ، ولا مجال للرجوع إلى التعبد بالدلالة بدونه ، ومن هذه الجهة كان المرجع عندهم بدوا دليل التعبد بالسند ، ثم بذلك يترتب على صدوره آثاره : من حجية دلالته وجهته ، لا أن وجهه تقدم حجية السند على حجية الدلالة رتبة ، كيف ! والثاني بالنسبة إلى حجية السند من قبيل الحكم الواقعي المقدم رتبة على الحكم الظاهري ، فليس التعبد بالجهة فرع التعبد بالصدور ، بل وصوله إلى المكلف فرعه ، كما هو الشأن في كل حكم واقعي بالنسبة إلى حجية الامارة على موضوعه ، بل ولئن دققت النظر ترى التعبد بالسند فرع التعبد بالجهة ، لأنه ما لم يكن للكلام اثر لا معنى لوجوب ترتيب اثر صدوره ، كما لا يخفى. نعم : لا ترتيب بين التعبد بالدلالة والتعبد بالجهة ، إذ هما أثران عرضيان للكلام الواقعي ، ولكن بينهما فرق ، فان طرح الجهة يلازم غالبا طرح تمام السند ، بخلاف طرح الدلالة في مقام الجمع ، فإنه مستلزم لطرح مقدار من الدلالة ، وهو لا يستلزم طرح السند رأسا ، وهذه الجهة هو النكتة في ديدنهم على تقديم الجمع على الحمل على التقية في مقام الترجيح ، لا ان الوجه تقدم رتبة الجهة على الدلالة ، كما هو ظاهر ، فتدبر فيما ذكرنا كي ترى ما في كلماته مواقع النظر !.
فوائد الاصول ـ الجزء الرابع ::: فهرس