|
|||
معارج الاصول
للمحقق الحلي
الشيخ نجم الدين
أبي القاسم جعفر بن الحسن الهذلي صاحب الشرائع 602 ـ 676 ه اعداد
محمد حسين الرضوي
(3)
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين.
عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( عرف الله سبحانه بفسخ العزائم وحل العقود ). وبعد ، فحين اطلعت على وجود النسخ الخطية لهذا السفر الجليل معارج الاصول في المكتبات القريبة مني بحيث يسهل علي الاستفادة منها يومئذ وعلمت بأنه لم يطبع طبعة جديدة ، بعد الطبعة الحجرية ، قررت أن أغتنم فرص الفراغ لتحقيقه واخراجه إلى المكتبة الاسلامية بثوب جديد ، وكان أملي هو مقارنة نسخه أولا ، ثم تخريج أحاديثه ، ثم نسبة الاقوال إلى أصحابها مشيرا إلى مواضع وجودها في كتبهم ، ولكن لم يحالفني التوفيق الا لانجاز المرحلة الاولى : ورغم ذلك رأيت تقديمه إلى الطبع حيث اني أفقد الامل فعلا في اتمام الخطوات ، متيحا بذلك الفرصة لمن يرغب في اكمال الاشواط ، وخشية من تعرضه للضياع والتلف ، والله ولي التوفيق. (4)
حياة المؤلف (1) :
هو أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن أبي زكريا يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلي المعروف بالمحقق وبالمحقق الحلي. مولده ووفاته : ولد سنة 602 وتوفي على قول ابن داود في رجاله في ربيع الآخر سنة 676 فيكون عمره 74 سنة. وفي توضيح المقاصد للشيخ البهائي انه توفي في 23 من جمادى الثانية من تلك السنة أ ه وعن بعضهم ان تاريخ وفاته يوافق بحساب الجمل ـ زبدة المحققين رحمه الله ـ. وفي لؤلؤة البحرين : قال بعض الاجلاء الاعلام من متأخري المتأخرين رأيت بخط بعض الافاضل ما صورته : في صبح يوم الخميس 13 ربيع الآخر سنة 676 سقط الشيخ الفقيه أبو القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد الحلي من أعلى درجة في داره فخر ميتا لوقته من غير نطق ولا حركة فتفجع الناس لوفاته واجتمع لجنازته خلق كثير وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السلام وسئل عن 1 ـ أخذنا هذه الترجمة من كتاب ( أعيان الشيعة ) للعلامة السيد الامين ( ج 15 ص 276 ـ 291 برقم 3064) بتصرف. (5)
مولده فقال : سنة 602.
وفي منهج المقال بعد نقله : الشائع ان قبره في الحلة وهو مزور معروف وعليه قبة وله خدام يتوارثون ذلك أبا عن جد وقد خرجت عمارته منذ سنين فأمر الاستاذ العلامة دام علاه ـ هو البهبهاني ـ بعض أهل الحلة فعمروها وقد تشرفت بزيارته قبل ذلك وبعده. أقول يمكن أن يكون دفن بالحلة أولا ثم نقل إلى النجف كما جرى للسيدين المرتضى والرضي والله أعلم. وحكى في اللؤلؤة أيضا عن بعض اجلاء تلامذة المجلسي انه ولد سنة 638 وتوفي ليلة السبت في محرم الحرام سنة 726 ه فعمره على هذا 88 سنة. والظاهران تاريخ الوفاة اشتباه بتاريخ وفاة العلامة الحلي فانه توفي بهذا التاريخ. والصواب في وفاته ما مر عن ابن داود تلميذه والمعاصر والمواطن له الذي هو اعرف بوفاته من كل أحد أما تاريخ ولادته فالظاهر ان صوابه 602 كما مر وان جعله 638 اشتباه والله أعلم. أقوال العلماء فيه : قال ابن داود في رجاله : جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي شيخنا نجم الدين أبو القاسم المحقق المدقق الامام العلامة واحد عصره كان ألسن أهل زمانه وأقومهم بالحجة وأسرعهم استحضارا قرأت عليه ورباني صغيرا وكان له علي احسان عظيم والتفات وأجاز لي جميع ما صنفه وقرأه ورواه و كل ما يصح روايته عنه توفي رحمه الله في شهر ربيع الآخر سنة 676 له تصانيف حسنة محققة محررة عذبة. (6)
قال العلامة في اجازته لابناء زهره : كان أفضل أهل عصره في الفقه وقال الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني : لو ترك التقييد بأهل زمانه كان أصوب إذ لا ارى في فقهائنا مثله.
وفي توضيح المقاصد للشيخ البهائي : الشيخ المحقق المدقق سلطان العلماء في زمانه نجم الدين جعفر بن سعيد الحلي المعروف بالمحقق قدس الله روحه إليه انتهت رياسة الشيعة الامامية وحضر مجلس درسه بالحلة سلطان الحكماء والمتألهين الخواجة نصير الدين محمد الطوسي أنار الله برهانه و سأله نقض بعض المتكلمين ـ كذا ـ. وفي امل الامل : الشيخ الاجل المحقق جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلي حاله في الفضل وعظم القدر والثقة والجلالة والتحقيق والتدقيق والفصاحة والشعر والادب والانشاء وجمع العلوم والفضائل و المحاسن أشهر من ان يذكر وكان عظيم الشأن جليل القدر رفيع المنزلة لا نظير له في زمانه. وله شعر جيد وانشاء حسن بليغ وكان مرجع أهل عصره في الفقه وغيره. وفي لؤلؤة البحرين عند ذكر العلامة الحلي قال : وقد تلمذ على جملة من الافاضل الذين لا يفاضلهم مفاضل منهم بل هو أشهرهم ذكرا وأعلاهم فخرا الشيخ نجم الدين أبو القاسم جعفر بن أبي زكريا يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الملقب بالمحقق كان محقق الفضلاء ومدقق العلماء وحاله في الفضل والنبالة والعمل والفقه والجلالة والفصاحة والشعر والادب والانشاء أشهر من ان يذكر وأظهر من أن يسطر. وكفاه جلالة قدر اشتهاره بالمحقق فلم يشتهر من علماء الامامية على كثرتهم في كل عصر بهذا اللقب غيره وغير الشيخ علي بن عبد العالي العاملي (7)
الكركي وما أخذ هذا اللقب الا بجدارة واستحقاق.
وقد رزق في مؤلفاته حظا عظيما فكتابه المعروف بشرائع الاسلام هو عنوان دروس المدرسين في الفقه الاستدلالي في جميع الاعصار وكل من أراد الكتابة في الفقه الاستدلالي يكتب شرحا عليه كمسالك الافهام ومدارك الاحكام وجواهر الكلام وهداية الانام ومصباح الفقيه وصنف بعض العلماء شرحا لتردداته خاصة وعليه من التعليقات والحواشي عدد كثير ونسخه المخطوطة النفيسة لا تحصى كثرة وطبع طبعات كثيرة في ايران ولا يكاد يوجد واحد من العلماء أو طلبة العلوم الدينية ليس عنده منه نسخة وطبع في لندن عاصمة بلاد الانكليز ومختصره المسمى بالمختصر النافع عليه شروح كثيرة مثل كشف الرموز لتلميذه الابي اليوسفي والتنقيح الرائع للمقداد السيوري والبرهان القاطع وغيرها وعليه من التعليقات والحواشي شيء كثير لاجلاء العلماء. اخباره : في لؤلؤة البحرين : نقل غير واحد من أصحابنا ان المحقق الطوسي الخواجة نصير الملة والدين حضر ذات يوم حلقة درس المحقق بالحلة حين ورود الخواجة إليها فقطع المحقق الدرس تعظيما له واجلالا لمنزلة فالتمس منه اتمام الدرس فجرى البحث في استحباب التياسر قليلا لاهل العراق عن يمين القبلة فأورد المحقق الخواجة نصير الدين بأنه لا وجه لهذا الاستحباب لأن التياسر ان كان من القبلة إلى غير القبلة فهو حرام وان كان من غيرها إليها فهو واجب. فقال المحقق الحلي ( التياسر منها إليها ) فسكت المحقق الطوسي. (8)
وتوضيح هذا الجواب يرجع إلى ان ذلك مبني على ان الكعبة قبلة من في المسجد والمسجد قبلة من في الحرم والحرم قبلة من في الدنيا كما تدل عليه بعض الروايات ولما كان الحرم على يسار الكعبة أكثر منه عن يمينها لأنه عن يسارها ثمانية أميال وعن يمينها أربعة أميال استحب التياسر قليلا لكونه أقرب إلى الظن باستقبال الحرم فالتياسر في الحقيقة احتياط لتحصيل الظن بالاستقبال.
قال ثم ان المحقق الحلي ألف رسالة لطيفه في المسألة وأرسلها إلى المحقق الطوسي فاستحسنها. وقد أوردها الشيخ أحمد بن فهد في المهذب البارع في شرح المختصر النافع بتمامها وسيأتي ذكرها قريبا. وفي مجلد الصلاة من البحار : قد جرى في ذلك مراسلات بين المحقق صاحب الشرائع والمحقق الطوسي قدس الله روحيهما وكتب المحقق الاول في ذلك رسالة. ثم قال والذي يخطر في ذلك بالبال ان الأمر بالانحراف لأن محاريب الكوفة وسائر بلاد العراق أكثرها كانت منحرفة عن خط نصف النهار كثيرا مع ان الانحراف في أكثرها يسير بحسب القواعد الرياضية كمسجد الكوفة فان انحراف قبلته إلى اليمين أزيد مما تقتضيه القواعد بعشرين درجة تقريبا و كذا مسجد السهلة ومسجد يونس ولما كان أكثر تلك المساجد مبنية في زمن خلفاء الجور لم يمكنهم القدح فيها تقية فاكثروا بالتياسر وعللوا بتلك الوجوه الخطابية لاسكاتهم وعدم التصريح بخطأ خلفاء الجور وامرائهم وما ذكره أصحابنا من ان محراب المعصوم لا يجوز الانحراف عنه انما يثبت إذا علم ان الامام بناه ومعلوم انه عليه السلام لم يبنه وصلى فيه من غير انحراف وهو أيضا (9)
غير ثابت بل ظهر لنا من بعض ما سنح لنا من الاثار عند تعمير المساجد في زماننا ما يدل على خلافه مع ان الظاهر من بعض الاخبار ان هذا البناء غير البناء الذي كان في زمن أمير المؤمنين عليه السلام.
وقال في كتاب المزار ويؤيده ما ورد في وصف مسجد غني وان قبلته لقاسطة فهو يومي إلى ان سائر المساجد في قبلتها شيء على انه لا يعلم بقاء البناء الذي كان على عهد أمير المؤمنين عليه السلام بل يدل بعض الاخبار على هدمه وتغيره. رسالة المترجم في التياسر : قال أحمد بن فهد في المهذب البارع في شرح المختصر النافع : اعلم انه اتفق حضور العلامة المحقق خواجة نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه مجلس المصنف طاب ثراه ودرسه فكان فيما قرئ بحضوره درس القبلة فأورد اشكالا على التياسر فأجاب المصنف في الحال بما اقتضاه في ذلك الزمان ثم عمل في المسألة رسالة وبعثها إليه فاستحسنها المحقق حين وقف عليها وها انا موردها بلفظها : بسم الله الرحمن الرحيم جرى في اثناء فوائد المولى أفضل علماء الاسلام واكمل فضلاء الانام نصير الدنيا والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي ـ أيد الله بهمته العالية قواعد الدين ووطد أر كانه ومهد بمباحثه السامية عقائد الايمان وشيد بنيانه ـ اشكال على التياسر ، وحكايته : الأمر بالتياسر لاهل العراق لا يتحقق معناه لأن التياسر أمر اضافي لا يتحقق الا بالاضافة إلى صاحب يسار متوجه إلى الجهة وحينئد اما أن يكون الجهة محصلة واما أن لا يكون ويلزم من الاول التياسر عما وجب التوجه إليه وهو خلاف مدلول (10)
الآية ومن الثاني عدم امكان التياسر إذ تحققه موقوف على تحقق الجهة التي يتياسر عنها ثم يلزم من تحقق هذا الاشكال تنزيل التياسر على التأويل أو التوقف فيه حتى يوضحه الدليل.
وهذا الاشكال مما لم تقع عليه الخواطر ولا تنبه له الاوائل والاواخر ولا كشف عن مكنونه الغطاء لكن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وفرض من يقف على فوائد هذا المولى الاعظم من علماء الانام ان يبسطوا له يد الانقياد والاستسلام وان يكون قصاراهم التقاط ما يصدر عنه من جواهر الكلام فانها شفاء انفس الانام وجلاء الافهام غير انه ـ ظاهر الله جلاله ولا أعدم اولياء فضله وافضاله ـ سوغ لي الدخول في هذا الباب واذن لي ان اورد ما يحضرني في الجواب ما يكون صوابا أو مقاربا للصواب. فأقول ممتثلا لامره مشتملا ملابس صفحه وعفوه انه ينبغي أن يتقدم ذلك مقدمة تشتمل على بحثين. الاول لفقهائنا قولان : أحدهما ان الكعبة قبلة لمن كان في الحرم ومن خرج عنه والتوجه إليها متعين على التقديرين فعلى هذا لا تياسر أصلا والثاني انها قبلة لمن كان في المسجد والمسجد قبلة لمن كان في الحرم والحرم قبلة لمن خرج عنه وتوجه المصلي على قول هذا القائل من الآفاق ليس إلى الكعبة حتى ان استقبال الكعبة في الصف المتطاول متعذر لأن عنده جهة كل واحد من المصلين غير جهة الآخر إذ لو خرج من وجه كل واحد منهم خط مواز للخط الخارج من وجه الآخر لخرج بعض تلك الخطوط عن ملاقاة الكعبة فحينئذ يسقط اعتبار الكعبة بانفرادها في الاستقبال ويعود الاستقبال مختصا باستقبال ما اتفق من الحرم. لا يقال هذا باطل بقوله تعالى ـ فول وجهك شطر المسجد الحرام ـ و (11)
بأنه لو كان كذا لمن وقف على طرف الحرم في جهة الحل أن يعدل عن الكعبة إلى استقبال بعض الحرم.
لأنا ـ نجيب عن الاول بأن المسجد قد يطلق على الحرم كما روي في تأويل قوله تعالى ـ سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام ـ وقد ورد انه كان في بيت ام هانئ بنت ابي طالب وهو خارج عن المسجد ولاننا نتكلم عن التياسر المبني على قول من يقول بذلك. ونجيب عن الثاني بأن استقبال جهة الكعبة متعين لمن تيقنها وانما يقتصر على الحرم من تعذر عليه التيقن بجهتها ثم لوضويقنا جاز أن نلتزم ذلك تمسكا بظاهر الرواية. البحث الثاني : من شاهد الكعبة استقبل ما شاء منها ولا تياسر عليه وكذا من تيقن جهتها على التعيين اما من فقد القسمين فعليه البناء على العلامات المنصوبة للقبلة لكن محاذاة كل علامة من العلامات بالعضو المختص بها من المصلي ليس يوجب محاذاة القبلة بوجهه تحقيقا إذ قد يتوهم المحاذاة ويكون منحرفا عن السمت انحرافا خفيفا خصوصا عند مقابلة الشيء الصغير. إذا تقرر ذلك ، رجعنا إلى الاشكال اما كون التياسر امرا اضافيا لا يتحقق الا بالمضاف فلا ريب فيه واما كون الجهة اما محصلة أو غير محصلة فالوجه انها محصلة وبيان ذلك ان الشارع نصب علامات اوجب محاذاة كل واحدة منها بشيء من أعضاء المصلي بحيث تكون الجهة المقابلة لوجهه حال محاذاة تلك العلامة هي جهة الاستقبال فالتياسر حينئذ يكون عن تلك الجهة القابلة لوجه المصلي ، واما انه إذا كانت محصلة كانت هي جهة الكعبة والانحراف عنها يزيل التوجه إليها ، فالجواب عنه انا قد بينا ان الفرض هو استقبال الحرم لا نفس الكعبة فان العلائم قد يحصل الخلل في مسافتها فالتياسر حينئذ استظهار (12)
في مقابلة الحرم الذي يجب التوجه إليه في كل من حالتي الاستقبال والمتياسر يكون متوجها إلى القبلة المأمور بها اما في حال الاستقبال فلانها جهة الاجزاء من حيث هو محاذاة لجهة من جهات الحرم تغليبا مستندا إلى الشرع واما في حال التياسر فيتحقق محاذاة جهة الحرم ولهذا تحقق الاستحباب في طرفه لحصول الاستظهار به. ان قيل : هنا ايرادات ثلاثة :
الاول ـ النصوص خالية عن هذا التعيين فمن اين صرتم إليه ؟ـ. الثاني ـ ما الحكمة في التياسر عن الجهة التي نصب العلائم عليها فان قلتم لاجل تفاوت مقدار الحرم عن يمين الكعبة ويسارها قلنا ان اريد بالتياسر وسط الحرم فحينئذ يخرج المصلي عن جهة الكعبة يقينا وان اريد تياسر لا يخرج به عن سمت الكعبة فحيئنذ يكون ذلك قبلة حقيقية ثم لا يكون بينه وبين التيامن اليسير فرق. الثالث ـ الجهة المشار إليها ان كان استقبالها واجبا لم يجز العدول عنها والتياسر عدول فلا يكون مأمورا به ـ. قلنا ـ اما الجواب عن الاول فانه وان كانت النصوص خالية عن تعيين الجهة نطقا فانها غير خالية من التنبيه عليه إذا لم يثبت وجوب استقبال الجهة التي دلت عليها العلائم ويثبت الأمر بالتياسر بمعنى انه عن السمت المدلول عليه. وعن الثاني بالتفصي عن ابانة الحكمة في التياسر فانه غير لازم في كل موضع بل غير ممكن في كل تكليف ومن شأن الفقيه تلقي الحكم مهما صح المستند ، أو نقول اما ان يكون الأمر بالتياسر ثابتا ، واما ان لا يكون فان كان لزم الامتثال تلقيا عن صاحب الشرع وان لم يعط العلة الموجبة للتشريع وان لم يكن ثابتا فلا حكمة ويمكن ان نتكلف ابانة الحكمة بأن نقول لما كانت الحكمة متعلقة (13)
باستقبال الحرم وكان المستقبل من اهل الآفاق قد يخرج من الاستناد إلى العلامات عن سمته بأن يكون منحرفا إلى اليمين وقدر الحرم يسير عن يمين الكعبة فلو اقتصر على ما نظر انه جهة الاستقبال امكن ان يكون مائلا إلى جهة اليمين فيخرج عن الحرم وهو يظن استقباله ومحاذاة العلائم على الوجه المحرر قد يخفى على المهندس الماهر فيكون التياسر يسيرا عن سمت العلامة مفضيا إلى سمت المحاذاة.
ويشهد لهذا التأويل ما روي عن ابي عبد الله عليه السلام وقد سئل عن سبب التحريف عن القبلة ذات اليسار فقال ان الحرم عن يسار الكعبة ثمانية اميال وعن يمينها اربعة اميال فإذا انحرف ذات اليمين خرج عن حد القبلة وإذا انحرف ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبلة. وهذا الحديث يؤذن بأن المقابلة قد يحصل معها احتمال الانحراف. واما الجواب ـ عن الثالث فقدمر في اثناء البحث وهذا كله مبني على ان استقبال اهل العراق إلى الحرم لا إلى الكعبة وليس ذلك بمعتمد بل الوجه الاستقبال إلى جهة الكعبة إذا علمت أو غلب الظن مع عدم الطريق إلى العلم سواء أكان في المسجد أو خارجه فيسقط حينئذ اعتبار التياسر والتعويل في استقبال الحرم انما هو على اخبار آحاد ضعيفة وبتقدير ان يجمع جامع بين هذا المذهب وبين التياسر يكون ورود الاشكال عليه أتم. وبالله العصمة والتوفيق انه ولي الاجابة. قال ابن فهد : هذا آخر رسالة المصنف قدس الله روحه ثم قال : وأعلم ان غير المصنف أجاب عن هذا الاشكال بمنع الحصر لأن حاصل السؤال ان التياسر أما إلى القبلة فيكون واجبا لا مستحبا وأما عنها فيكون حراما ، و الجواب منع الحصر بل نقول التياسر فيها وجاز اختصاص بعض جهات القبلة (14)
بمزيد الفضيلة على بعض أو حصول الاستظهار بالتوسط بسبب الانحراف.
مشايخه في القراءة والرواية : (1) نجيب الدين محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما الحلي الربعي (2) السيد فخار بن معد الموسوي (3) والده الحسن بن يحيى بن الحسن ابن سعيد وفي أمل الامل يروي عن أبيه عن جده يحيى الاكبر (4) الشيخ مفيد الدين محمد بن جهم الحلي وغيرهم. تلاميذه : (1) الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي الشهير بالعلامة الذايع الصيت وهو ابن اخت المحقق (2) الحسن بن داود الحلي صاحب الرجال (3) السيد غياث الدين عبد الكريم بن أحمد بن طاوس صاحب فرحة الغري (4) السيد جلال الدين محمد بن علي بن طاوس الذي كتب أبوه لاجله كتاب البهجة لثمرة المهجة (5) جلال الدين محمد بن محمد الكوفي الحارثي شيخ الشهيد (6) صفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلي الشاعر المشهور (7) الشيخ عز الدين الحسن ابن أبي طالب اليوسفي الابي صاحب كشف كشف الرموز (8) الوزير شرف الدين أبو القاسم علي ابن الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي (9) الشيخ شمس الدين محفوظ بن وشاح بن محمد الحلي (10) جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي صاحب الدر النظيم في مناقب الائمة اللهاميم (11) صفي الدين محمد بن نجيب الدين يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد وهو ابن ابن عم المحقق لأن أباه يحيى صاحب الجامع ابن عم المحقق (12) شمس الدين محمد بن صالح السيبي القسيني (13) جمال الدين أبو جعفر محمد بن (15)
علي القاشي (14) رضي الدين علي بن يوسف صاحب العدد القوية أخو العلامة الحلي (15) فخر الدين محمد ابن العلامة الحلي كما يستفاد من اجازة تلميذه الشيخ علي بن عبد الحميد النيلي لاحمد بن فهد الحلي (16) نجم الدين طمان ابن أحمد العاملي الشامي ، ففي اجازة الشيخ حسن صاحب المعالم عند ذكر الشيخ طمان هذا انه قد ورويت عن الفقيه المعظم السعيد الشيخ نجم الدين جعفر بن سعيد جميع ما صنفه وألفه ورواه وكنت في زمن قراءتي على شيخنا الفقيه نجيب الدين محمد بن نما أتردد إليه أواخر كل نهار وحفظت عليه كتابه المسمى نهج الوصول إلى معرفة علم الاصول في اصول الفقه وشرحه قال و قرأت كتاب الجامع في الشرايع تصنيف الفقيه السعيد المعظم شيخ الشيعة في زمانه نجيب الدين أبي زكريا يحيى بن أحمد بن سعيد عليه أجمع الخ ..
مؤلفاته : 1 ـ رسالة التياسر في القبلة. وهي الرسالة التي أوردناها سابقا. 2 ـ شرائع الاسلام في مسائل الحلال والحرام مطبوع في ايران طبعات كثيرة وطبع في لندن. وطبع في لبنان والنجف ، وهو أوسع المتون الفقهية وأحسنها جمعا للفروع وقد ولع به الاصحاب منذ تأليفه إلى الان ، ولا يزال يعد من الكتب الدراسية في المعاهد الدينية وقد اعتمد عليه الفقهاء خلال هذه القرون العديدة فجعلوا بحوثهم ودراساتهم على أساس منه ، كما لهم شروح وتعليقات عليه (1). نسخة منه تحتوي على النصف الاول ، بخط الشيخ محمد بن اسماعيل 1 ـ الذريعة (13 / 47). |
|||
|