نهاية الافكار ـ الجزء الاول والثاني ::: الف ـ و

نهاية الأفكار
« في مباحث الألفاظ »
تقرير أبحاث العلامة المحقق آية الله العظمى
الشيخ آغا ضياء الدين العراقي ( قدس سره )
تأليف الفقيه المحقق والأصولي المدقق
الشيخ محمد تقي البروجردي النجفي ( طاب ثراه )
الجزء الأول والثاني
مؤسسة النشر الاسلامي ( التابعة )
لجماعة المدرسين بقم المشرفة ( إيران )



بسمه تعالى
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله المصطفى وآله الغر الميامين. وبعد فإن الانسان انسان بفكره وثقافته. والأمم حية بحياة أفكارها وعلومها. والعلماء هم أصحاب الدور الأسمى في قيادة الأمة والحفاظ على حياتها الفكرية واحياء تراثها العلمي وإثراه.
    والأمة الاسلامية ـ بفضل ثقافة القرآن الإلهية وتربية الرسول الأعظم والمعصومين من آله ـ امتازت بعلماء فطاحل ومفكرين عظام ، إرتووا من معين الحق الذي لا ينضب ، وخلدتهم دروسهم بألسنتهم وأقلامهم بما جسدته كتبهم من ثقافتهم وأفكارهم.
    وتراثنا العلمي الاسلامي الثر في مختلف الفنون خير شاهد على ما نقول ، بالرغم من ضياع كثير مما حبرته أقلام علمائنا الكرام.
    ومنذ سنوات ، قامت مؤسسة النشر الاسلامي بمهمة احياء تراثنا العلمي العظيم في المجالات العلمية الاسلامية وكرست جهودها لابرازه بما يتناسب وروح العصر في عالمي الطباعة والتحقيق ونشره على صعيد يحفظه من الضياع والتلف. واليوم تقدم هذه المؤسسة للأمة الاسلامية والحوزات العملية خدمة جديدة وعطاء ثمينا لعظيم من علمائنا المحققين في علم أصول الفقه هو آية الله الشيخ المحقق الآغا ضياء الدين العراقي ( قدس سره ) صاحب الفكر الثاقب الذي ربى جيلا من العلماء العظام ومنهم تلميذه المدقق الحجة الشيخ محمد تقى البروجردي النجفي ( قدس سره ) فإنه بتقريراته هذه وقد أحيا دقائق أفكار أستاذه وأعان على حل معضلات بيانه.
    ونشكر العلامة الجليل الحجة الشيخ محمد المؤمن والعلامة الجليل الحجة الشيخ محمد مهدى الآصفي على ما بذلاه من جهد وافر في هذا المجال بتهيئة النسخة المخطوطة وتصحيحها وبالتقديم لها فلله تعالى درهما وعلى الله أجرهما ، ولهما منا ومن الأمة الاسلامية والحوزات العلمية جزيل الشكر. ونسأله تعالى ان يوفقهما وإيانا لمواصلة الدرب انه خير معين.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة
لجماعة المدرسين بقم المشرفة ( إيران )




(الف)
بسم الله الرحمن الرحيم
    مقدمة
    هذا الكتاب واحد من كتب معدودة تمثل قمة الفكر الأصولي عند الشيعة الامامية ، في مجال أصول الاستنباط.
    فقد اعطى انفتاح باب الاجتهاد في الفقه فرصة طيبة لنمو حركة الاجتهاد ونمو العلوم المرتبطة بهذه الحركة ، وفى مقدمتها على أصول الفقه في الحوزات العلمية الامامية. وهيأ الله تعالى لهذا العلم في العصور الأخير أبطالا من فحول العلماء عمقوا أبحاث هذا العلم ، ومتنوا قواعده وأحكموا أسسه ، ووضعوا أصوله على أسس متينة قوية ، واكتشفوا آفاقا جديدة من هذا العلم ، لم يفتحه الله تعالى على من سبقهم من العلماء من قبل ، وذلك من أمثال الوحيد البهبهاني ، وشريف العلماء ، والشيخ الأنصاري ، والخراساني ( ملا محمد كاظم ) ، والشيخ محمد حسين الأصبهاني ، والميرزا النائيني ، والشيخ ضياء الدين العراقي.
    وفى عصر العلمين الأخيرين بلغ علم الأصول ذروته. وكانا بحق مدرستين في الفكر الأصولي المعاصر ، تخرج عليهما بصورة مباشره أو غير مباشرة الكثير من علمائنا المعاصرين ، ولا تزال آراؤهما في الأصول مدارا للبحث والتحقيق ، ومحورا للمناقشات والرد والايجاب في الدراسات الأصولية العليا ( أبحاث الخارج ).
    والكتاب الذي بين أيدينا من ثمرات هذه المدرسة الأصولية ، القى مطالبه الأستاذ المحقق العراقي ، وقرره وكتبه تلميذه المحقق الشيخ محمد تقى البروجردي ، رحمهما الله ، وفى هذه الأسطر القليلة في مقدمة الكتاب أود ان أشير إلى بعض الجوانب البارزة من حياة العلمين الفقيدين : الأستاذ والمقرر رحمهما الله راجيا أن يوفقني الله تعالى لتقديم هذا


(ب)
العلمين رحمهما الله إلى الوسط العلمي في دراسة موسعة ان شاء الله.
    المحقق العراقي
    آية الله الفقيه الأصولي المحقق الشيخ ضياء الدين العراقي ـ ولد في مدينة عراق ( أراك ) وانتقل في بداية شبابه إلى أصفهان للدراسة ، وتخرج على يد علمائها ، وانتقل بعد ذلك إلى النجف الأشرف لاستكمال دراساته واعمال العلمية.
    يقول تلاميذه : ان المحقق العراقي جاء إلى النجف الأشرف مجتهدا حضر دروس المحقق السيد محمد الفشاركي ، ودروس المحقق الخراساني ( صاحب الكفاية ) حضور تحقيق ، وكان فيهما من ابرز الفضلاء يومذاك.
    واستقل بعد ذلك في التدريس على مستوى الدراسات العليا ( الخارج ) ، واستمر في التدريس على هذا المستوى في الفقه والأصول قرابة ستين سنة في النجف الأشرف ، وتخرج على يده خلال هذه الفترة حدود ثلاثة آلاف من الفقهاء والمجتهدين والعلماء. ولا نعرف في فقهائنا في الادوار الأخيرة من امضى ستين عاما في التدريس على مستوى الخارج ( الدراسات العليا ).
    ودرس الأصول دورات عديدة خلال هذه الفترة كما درس أهم أبواب الفقه : ( الصلاة دورة كاملة ، والإجارة ، والقضاء ، والشهادات ، والغصب ، والمكاسب ، وغير ذلك من الكتب الفقهية ).
    ولما كان المحقق العراقي رحمه الله بعيدا عن أجواء الزعامة الدينية فقد أتاح الله تعالى له فرصة مباركة للتفرغ للعلم تحقيقا وتدريسا وتأليفا.
    وقد نشأ على يده في هذه الفترة نخبة من فقهائنا المعاصرين الكبار نذكر منهم المرحوم آية الله اليثربي ، وآية الله السيد محمود الشاهرودي ، وآية الله السيد أبو القاسم الخوئي ، وآية الله السيد محسن الحكيم ، وآية الله الشيخ موسى الخونساري ، وآية الله الشيخ حسين الحلى ، وآية الله الشيخ محمد تقى البروجردي ، وآية الله السيد يحيى اليزدي وآية الله الميرزا حسن اليزدي ، وآية الله السيد حسن البجنوردي ، وآية الله الميرزا هاشم الآملي ، وآية الله السيد عبد الله الشيرازي ، وآية الله الشهيدي التبريزي ، وآية الله الشيخ


(ج)
آقا بزرگ الشاهرودي ، وآية الله السيد عباس الأصفهاني ( نجل استاده السيد محمد فشاركي ) ، وغيرهم من الفقهاء المعاصرين وفحول المحققين ، وأساطين الفقه والأصول.
    وخلف المحقق العراقي من بعده مجموعة من المؤلفات العلمية في حقلى الفقه والأصول تتميز جميعا بالدقة ، والعمق ، والاصالة ، والمتانة العلمية ، نذكر فيما يلي بعضها :
    1 ـ دورة فقهية استدلالية كاملة بعنوان شرح التبصرة.
    طبع منها كتاب الطهارة ، والصلاة ، والزكاة ، والخمس ، والصوم ، والاعتكاف ، والقضاء ، والشهادات ، والمكاسب. ويصدر قريبا ان شاء الله سائر مجلدات هذه الدورة الفقهية.
    2 ـ حاشية استدلالية على العروة الوثقى مخطوطة.
    3 ـ حاشية موسعة على كفاية الأصول لأستاذه المحقق الخراساني يتعرض فيها لآراء صاحب الكفاية.
    4 ـ حاشية على كتاب فوائد الأصول تقريرات بحث المحقق النائيني بقلم المحقق الكاظمي.
    وفى هذه التعليقات يتناول المحقق العراقي نقاط الاختلاف في الرأي بينه وبين المحقق النائيني. وهذا الكتاب يعتبر مصدرا أساسيا لدراسة وجوه الاختلاف بين المدرستين الأصوليين المعاصرين ( مدرسة المحقق العراقي ومدرسة المحقق النائيني ).
    5 ـ مقالات الأصول : خلاصة وافية لآراء المحقق العراقي في الأصول في مجلدين.
    6 ـ تعليقه على رسائل الشيخ الأنصاري يتعرض فيها لآراء الشيخ الأنصاري الكبير ( قدس الله سره ).
    ومما يلفت النظر ان المحقق العراقي يطرح في هذه الكتب الأربعة آراءه الأصولية في أربعة قوالب علمية مختلفة تماما وان كان الرأي والتصورات واحدة في الأغلب ، وليس في هذه الكتب الأربعة تكرارا للعرض.
    7 ـ كما صدر من تقارير أبحاثه رحمه الله في الأصول ( نهاية الأفكار ) الكتاب الحاضر لآية الله الشيخ محمد تقى لآية الله شيخ محمد تقى البروجردي رحمه الله و ( بدائع الأفكار ) لآية الله الشيخ الميرزا هاشم الآملي حفظه الله من فقهاء الحوزتين العلميتين النجف الأشرف وقم المقدسة


(د)
وأساتذتهما البارزين.
    وقد كان رحمه الله كثير الاشتغال ، عميق النظر والرأي ، يعد في القمة من فقهائنا المعاصرين من أمثال شريف العلماء بحاثا ، قوى الحجة ، دؤوبا في الاعمال العلمية دائم التفكير ، يستغرق في التفكير العلمي ، مربيا من الناحية العلمية. لا يفارقه العمل العلمي تفكيرا ، أو تدريسا ، أو تأليفا ، الا في أوقات العبادة والراحة. وكان في حياته الشخصية زاهدا قانعا باليسير من أسباب الحياة المادية ، معرضا عن الدنيا وزينتها ، مقبلا على أعماله العلمية ، ورعا تقيا في حدود الله ، حلو المعاشرة ، خفيف الروح ، عذب البيان.
    وقد وافاه الاجل في النجف الأشرف 1361 ه‍. ق ودفن في الضلع الغربي من الصحن الحيدري الشريف.
    المحقق البروجردي
    اما المقرر فهو آية الله المحقق الفقيه الشيخ محمد تقى البروجردي رحمه الله ، ولد في بروجرد ، وتلقى مبادئ العلم في بروجرد ، ثم انتقل إلى النجف الأشرف في بدايات شبابه ، وتلمذ أساتذتها في السطح.
    ثم حضر في أبحاث الخارج دروس المحقق العراقي والمحقق النائيني ، وآية الله السيد أبو الحسن الأصفهاني رحمهم الله وكان حضوره في هذه الدروس حضور تحقيق ، وكان أكثر استفادته من المحقق العراقي في الأصول وآية الله الأصفهاني في الفقه.
    كان رحمه الله بحاثا ، معروفا بقوة الرأي ، ودقة النظر ، وسلامة الفكر في مسائل الفقه والأصول. وكان كثير النقاش لاستاذيه العراقي والأصفهاني في مجالس الدرس.
    حضر الأصول على المحقق العراقي رحمه الله أكثر من أربع دورات كاملة وكتب أبحاث المحقق العراقي في الأصول ثلاث دورات ، كما كتب تقارير أبحاث أستاذيه الآخرين المحقق النائيني وآية الله الأصفهاني في الفقه والأصول بصورة متفرقة.
    له من المؤلفات :


(هـ)
    1 ـ نهاية الأفكار
    وهو دورة كاملة لدروس أستاذه العراقي في الأصول ، طبع منه في حياته رحمه الله المباحث العقلية ( ضمن الجزئين الثالث والرابع من الكتاب ) ، وتحت الطبع الان الجزء الأول والثاني من الكتاب في مباحث الالفاظ ، ويمتاز هذا الكتاب بالاستيفاء الكامل والدقيق لمطالب المحقق العراقي مع سلاسة التعبير ووضوح البيان وهو من هذه الناحية من أفضل الكتب الأصولية التي تجمع بين سلاسة وسهولة التعبير وعمق دقة المحتوى.
    وهذا الكتاب منذ أن صدر منه الجزء الثالث والرابع في النجف الأشرف إلى اليوم موضع اهتمام وعناية أساتذة البحث الخارج والفضلاء والطلاب في الحوزات العلمية في الدراسات الأصولية.
    2 ـ حاشية استدلالية واسعة على العروة الوثقى
    صدر منه الجزء الأول في النجف الأشرف والجزء الثاني في بيروت ونسأل الله تعالى التوفيق لطبع بقية مجلداته. وهذا الكتاب يمثل خلاصة آرائه رحمه الله في الفقه.
    وفى هذا الكتاب تتجلى مكانة المؤلف الفقهية وقدرته العلمية ، كما يتضح للقاري من هذا الكتاب ذوق المؤلف السليم والصافي في الاستنباط والاجتهاد ، وقد انهى رحمه الله هذه التعليقات إلى كتاب الحج. وتوفى فجأة اثر عارض قلبي عند اشتغاله بكتابة هذه التعليقات فسقط القلم من يده ، وأسلم روحه الله تعالى. ولما زرت مكتبته الشخصية رحمه الله أحببت ان أقرأ آخر كلمة صدرت من قلمه قبل ان يسقط القلم من يده ، فتصفحت التعليقة فوجدت ان الكلمة الأخيرة التي كتبها قبل ان يسقط القلم من يده ، هي : ( وقضى امده وانتهى ) وتأتى هذه الجملة بمناسبة طبيعية ضمن الكلام ، وبهذه الجملة ينتهى امده رحمه الله في هذه الدنيا ويمضى إلى ربه الغفور الرحيم.
    3 ـ حاشية فتوائية ، فارسية على توضيح المسائل مخطوطة
    4 ـ رسالة في الرد على الفرقة البابية ، مخطوطة.
    5 ـ رسالة في منجزات المريض ، مخطوطة.
    6 ـ رسالة في الاجتهاد والتقليد ، مطبوعة.
    وقد قرأ المرحوم آية الله البروجردي هذه الرسالة قبل الطبع فاعجب بها كثيرا ، وكان يثنى عليها في مجالسه.


(و)
    7 ـ رسالة في إرث الزوجة من الأراضي والعقار ، مطبوعة.
    وغيرها من المؤلفات الناقصة والكاملة.
    وقد عاش ردحا طويلا من عمره الشريف في النجف الأشرف طالبا ، ثم محققا ، وعالما ، ثم مدرسا على مستوى الدراسات العليا ـ الخارج ـ ثم هاجر إلى قم ، وزوال التدريس في الحوزة العلمية في قم.
    وكان يحضر أبحاثه نخبة من الفضلاء ثم هاجر إلى طهران وتوفى فيها في 24 ذق 1391 ه‍. ق ودفن في مدينة قم بمقبرة أبو حسين.
    وقد كان رحمه الله دؤوبا على الدراسة والتحقيق ، قوى الحجة في المناقشة ، سليم الرأي ، بحاثا ثاقب النظر ، عذب البيان.
    كما كان معروفا بالتقوى والاعراض عن الدنيا والزهد فيها ، شأنه في ذلك شأن أستاذه رحمه الله ، خفيف الروح ، لا يعطى من وقته ونفسه للتكلفات التي يتكلفها الناس عادة في مثل وضعه وظروفه. وكان كثير الذكر لله كثير التلاوة لكتاب الله. لا يفوته التهجد في آناء الليل ، طويل الجلوس في مجالس العبادة والدعاء والذكر ، غيورا على حدود الله ومعالم وأصول طريقة أهل البيت عليهم السلام ، أبي النفس ، مترفعا عن مغريات الحياة الدنيا ، متواضعا جم التواضع.
    رحمه الله وتغمده برحمة ، وأسكنه فسيح جنانه ، ونفعنا به.
محمد مهدى الآصفي
قم المقدسة في 1 محرم 1405
نهاية الافكار ـ الجزء الاول والثاني ::: فهرس